
التحليل المجتمعي.. هل نحن بحاجة إلى مختبر؟
وفقًا لتقرير "المنتدى الاقتصادي العالمي" لعام 2024، فإن 67 ٪ من المجتمعات في الدول النامية شهدت تغيرات ملموسة في البنية الأسرية، وأنماط العمل، والقيم الثقافية خلال العقد الأخير، دون وجود آليات بحثية واضحة لرصد هذه التحولات، هذا الرقم لا يعكس مجرد تغيير، بل يشير إلى فجوة متنامية بين الواقع المجتمعي والسياسات العامة، وهي فجوة لا يمكن ردمها إلا بأدوات تحليل دقيقة ومستمرة.
يرى عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو أن "الواقع الاجتماعي ليس معطى جاهزًا بل يُبنى"، ما يعني أن الفهم الحقيقي للمجتمع لا يتم تلقائيًا، بل يحتاج إلى أدوات علمية تسبر أغواره وتفكك تعقيداته، والمختبر المجتمعي هنا لا يُقصد به مكانًا فيزيائيًا فحسب، بل منظومة تحليلية شاملة، تجمع بين رصد الظواهر وتحليلها باستخدام مناهج علم الاجتماع، والإحصاء، والأنثروبولوجيا، وتكنولوجيا البيانات، من خلال هذا الإطار، يمكن تحليل التغيرات في القيم، وفي أنماط الحياة، والتفاعل مع القضايا المعاصرة مثل الانتماء، والهوية، والتحولات الرقمية.
أما المفكر الألماني يورغن هابرماس فقد أشار إلى أن "التواصل هو جوهر الفعل الاجتماعي"، وهي إشارة إلى ضرورة أن يكون المختبر المجتمعي أداة حوارية تشاركية، لا مجرد مركز للرصد الأكاديمي، بل يجب أن يُدمج فيه صوت الشارع، وتحليلات الخبراء، وقراءة الخطاب العام، ليصبح فضاءً لفهم المجتمع من داخله، وليس من خارجه فقط. المختبر، بهذا المعنى، يعزز من قدرة صناع القرار على تبني سياسات واقعية، تستند إلى فهم سليم للمزاج المجتمعي وتحولاته.
إن إنشاء مختبرات للتحليل المجتمعي هو استثمار في الوعي، وفي الحصانة الثقافية والفكرية للمجتمع، فحين نفهم ما الذي يتغير فينا، ولماذا، نصبح أقدر على التكيف مع المستقبل، وعلى التخطيط له لا الانقياد إليه.. إنها دعوة لإعادة التفكير في كيفية رؤيتنا لأنفسنا كمجتمعات، للمزيد من الفهم والتحسين.. دمتم بخير.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مباشر
٠٧-٠٧-٢٠٢٥
- مباشر
الصين تجدد معارضتها لاستخدام سلاح الرسوم الجمركية
مباشر- جددت وزارة الخارجية الصينية اليوم الاثنين التأكيد على معارضة البلاد لاستخدام الرسوم الجمركية أداة لفرض السياسات على الآخرين، وذلك بعد أن هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية بعشرة في المئة على الدول التي تتبنى سياسات مجموعة بريكس للدول النامية. وقالت ماو نينغ المتحدثة باسم الوزارة في مؤتمر صحفي دوري إن استغلال الرسوم الجمركية لا يخدم أحدا. جمعت بريكس في قمتها الأولى عام 2009 قادة البرازيل وروسيا والهند والصين. وضمت لاحقا جنوب أفريقيا. وضمت بعد ذلك لعضويتها كلا من مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والإمارات.


الشرق الأوسط
٠٧-٠٧-٢٠٢٥
- الشرق الأوسط
«بريكس» تقدم نفسها بديلاً للغرب
دعت مجموعة «بريكس» إلى إصلاح النظام المالي العالمي، وزيادة حصة الدول النامية، من خلال إصلاح صندوق النقد الدولي. وقال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، خلال انطلاق القمة الـ17 المنعقدة في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، إنه «في مواجهة عودة سياسات الحماية التجارية، يعود الأمر للدول الناشئة للدفاع عن نظام التجارة المتعدد الأطراف، وإصلاح هياكل المؤسسات المالية الدولية». من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته عبر الفيديو، إن النموذج الليبرالي للعولمة «عفى عليه الزمن». وتمثل «بريكس» حالياً ما يزيد على نصف سكان العالم و40 في المائة من الناتج الاقتصادي. وتشمل البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، ومصر، والسعودية، والإمارات، وإثيوبيا، وإيران، وإندونيسيا. وأبدت أكثر من 30 دولة اهتمامها بالمشاركة في المجموعة بالعضوية الكاملة أو الشراكة، وسط مخاوف من غضب ترمب.


العربية
٣٠-٠٦-٢٠٢٥
- العربية
خاص "الأمم المتحدة" للعربية: أزمة ديون تهدد الاقتصاد العالمي.. وخيارات صعبة أمام الدول الناشئة
حذّر محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية ، من تفاقم أزمة المديونية على مستوى العالم، مؤكدًا أنها لم تعد مقتصرة على الدول النامية، بل باتت تؤثر بشكل مباشر على دول كبرى مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. وقال محيي الدين في مقابلة مع "العربية Business" إن هذه الأزمة مرشحة لتفاقم الضغوط التضخمية نتيجة اتساع عجز الموازنات العامة، مما يرفع من توقعات التضخم ويدفع باتجاه تثبيت أو رفع أسعار الفائدة، وهو ما ينعكس سلبًا على دول الجنوب التي تعاني أصلًا من صعوبة الوصول إلى تمويل ميسّر ومستدام. وأوضح محيي الدين أن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية يضاعف أعباء خدمة الديون على الدول النامية، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من الديون الجديدة في تلك البلدان لا يُستخدم لتمويل مشروعات إنتاجية أو استهلاكية، بل يُوجَّه لإعادة تمويل ديون سابقة، مما يضعف النمو ويزيد هشاشة الاقتصادات. وأضاف: "التقلبات في سعر صرف الدولار، سواء مقابل العملات المحلية أو من خلال كلفة استخدامه المرتفعة، قد تبدو فرصة في بعض اللحظات، لكنها تُحمّل هذه الدول كلفة عالية للتحوّط ضد المخاطر، خاصة في ظل غياب أدوات فعالة لإدارة هذه التقلبات". وفيما يتعلق بتصنيف الدول المتأثرة، لفت محيي الدين إلى أن الأزمة لم تعد مقتصرة على البلدان منخفضة الدخل، موضحًا أن 31 من أصل 55 دولة إفريقية تُعد من فئة الدول متوسطة الدخل، وكثير منها يواجه الآن معضلة صعبة بين الاستمرار في سداد الديون أو التخلي عن تمويل التنمية. الحلول المقترحة وقال: "الحلول المقترحة يجب أن تستهدف جميع الدول النامية، سواء كانت منخفضة أو متوسطة الدخل، بما في ذلك عدد من الدول العربية التي تواجه تحديات مشابهة". وأكد محيي الدين أن معالجة الأزمة تتطلب جهدًا مزدوجًا، يبدأ من الداخل من خلال تعزيز القدرات المالية الوطنية، وتنسيق السياسات النقدية والمالية، وتطوير مؤسسات إدارة الدين، وتوسيع دور القطاع الخاص في التمويل، وتقليل الاعتماد على الدولة، وتعميق دور الأسواق المالية المحلية. وأضاف أن نماذج النمو الحالية في كثير من الدول النامية تحتاج إلى مراجعة شاملة، إذ لا تزال تعتمد بشكل مفرط على التمويل الحكومي بدلًا من تحفيز الشراكة مع القطاع الخاص. وفي الشق الدولي، شدد محيي الدين على أن قدرة المؤسسات المالية الدولية على تمويل التنمية قد تراجعت بشكل ملحوظ خلال العقود الماضية. وقال إن رؤوس أموال هذه المؤسسات، مثل البنك الدولي وصندوق النقد، لم تُرفع منذ سنوات، مشيرًا إلى أن آخر زيادة في رأس مال البنك الدولي كانت في عام 2015، ولم تشهد هذه المؤسسات تطورًا يتماشى مع حجم التحديات الحالية. ودعا إلى زيادة رؤوس أموال هذه المؤسسات بثلاثة أضعاف على الأقل، بما يتيح لها تقديم تمويل أوسع وأكثر فاعلية للدول النامية. وفي ظل عدم وضوح الرؤية بشأن استجابة المجتمع الدولي لتلك الدعوات، دعا محيي الدين إلى تعزيز دور المؤسسات المالية الإقليمية، مثل البنك الإسلامي للتنمية وبنك التنمية الإفريقي، باعتبارها أدوات أكثر مرونة وأقرب إلى خصوصيات الدول الأعضاء. وأكد أنه من المهم كذلك توجيه التمويل نحو صناديق متخصصة في تخفيف أعباء الديون، بما يساعد على خلق توازن بين خدمة الدين وتمويل مشاريع التنمية المستدامة. وأكد محيي الدين على أن مواجهة أزمة المديونية تتطلب حلاً متكاملاً يشمل إصلاحات داخلية جادة، وتعاونًا دوليًا حقيقيًا، ومراجعة شاملة لمنظومة التمويل العالمي، حتى تتمكن الدول النامية من تحقيق أهداف التنمية دون أن تقع في فخ الديون المتراكمة.