logo
السلطة، اللاعب الغائب والمنتظر

السلطة، اللاعب الغائب والمنتظر

جريدة الاياممنذ 16 ساعات
المؤكد ثمة لاعب فاعل، وهو اللاعب الأهم كما يفترض المنطق، غائب بشكل شبه كامل عن النقاش حول مستقبل غزة، أقصد هنا السلطة الفلسطينية بما تمثله من ذراع دولة فلسطين ومنظمة التحرير لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة. ورغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها السلطة، والخطط المختلفة التي طورتها الحكومة الفلسطينية منذ زمن حكومة الدكتور محمد إشتية، إلا أن المجتمع الدولي والمقررين بشأن مستقبل غزة لم يأخذوا مثل هذه الخطط على محمل الجد، كما أن النقاش حول مستقبل غزة لا يشمل الطرف الشرعي والممثل الحقيقي للشعب الفلسطيني، وعادة ما يتم هذا الأمر بقصد وضمن رؤى ممنهجة. كما أن كل الجلسات بخصوص مستقبل غزة لا تشمل السلطة باستثناء اللقاء السداسي الذي لم يعد قائماً وضم وقتها الأطراف العربية بما في ذلك السلطة. التوجه العام بأن يتم حصر النقاش بين «حماس» وإسرائيل حتى لا يتعدى الأمر النقاش حول المساعدات وتوزيعها والخطوط داخل غزة، وليس انسحاب إسرائيل بشكل كامل وتجسيد الدولة الفلسطينية.
لا أحد يريد السلطة. كل الأطراف مجتمعة ولأسباب مختلفة تريد أن تختصر هذا الدور أو تشطبه. بالنسبة لـ»حماس» فهي تفضل، وستظل تفضل، حرباً بلا نهاية؛ على أن تقول إن السلطة صاحبة الولاية، وإن على المجتمع الدولي وعلى إسرائيل أن يتحدثا معها حول مستقبل غزة. فقيادة «حماس» طرقت كل أبواب العالم من مشرقه إلى مغربه، وخطبت ود كل من له علاقة بالصراع ومن يمون عليه أو كل من يتدخل فيه، حتى أنهم استخدموا رهينة دفع أهل غزة ثمن احتجازها آلاف الشهداء والجرحى ومئات آلاف المباني للتقرب زلفى لترامب، وتسولوا أمام القاصي والداني من أجل وقف الحرب التي لم تكن قبل ذلك، ويقاتلون من أجل خطوط وهمية صنعتها دبابات العدو في المعركة ولن يتمكنوا من حمايتها في اليوم التالي للهدنة، كل ذلك و»حماس» تعرف الإجابة المختصرة لكل ذلك، لكنها لن تفعل.
نتنياهو ليس بعيداً عن هذا الوعي والمنطق الحمساوي، بل إنه يشاركهم إياه بالكامل. وربما لو اتفقوا على شيء سيكون على استبعاد السلطة؛ هذا الاستبعاد هو القاسم المشترك الذي جعل حقائب الدولار يتم إرسالها عبر سيارات «الشاباك» للحاجز حتى يتم نقلها لـ»حماس». نتنياهو يعرف أن وجود السلطة يعني استعادة النقاش حول حل الدولتين. يعرف أن «حماس» يهمها أنبوب الأكسجين حتى تتنفس، فلا برنامج سياسياً لها خارج إطار البرامج الكبرى والربانية للإخوان المسلمين، بمعنى أنها ليست حركة تحرير تنضبط وفق برنامج كفاحي يستخدم كل الوسائل من أجل «الإطاحة» بالاحتلال ليس كوجود بل كفكرة وممارسة أيضاً. على النقيض من ذلك، يعرف أن أي لقاء مع الرئيس عباس يعني الاستعداد أكثر لفكرة الدولة الفلسطينية ونقاش ملف اللاجئين. نتنياهو يعرف عميقاً منظمة التحرير والرئيس عباس بالنسبة لهم، فإن أصل الصراع ما حدث عام 1948 في دير ياسين وغيرها، وليس ما حدث على محور موراج كما تظن «حماس».
كذلك الأمر بالنسبة لترامب، الرجل الهائج الذي تنطبق عليه مقولة «جعجعة بلا طحن». ترامب ليس صهيونياً أكثر من نتنياهو، لكن لشدة حماقته فإنه يصعب الحديث عن سياسة خاصة يتبعها. وإذا كانت كونداليزا رايس وزمرة المحافظين الجدد قد ابتدعوا زوراً «الفوضى الخلاقة»، فإن ترامب ابتدع «خلق الفوضى» في كل شيء. ومع ذلك فإن ترامب مثل «حماس» ومثل نتنياهو لا يريد أن يسمع كلمة دولة فلسطينية، وهو يعرف أن وجود محمود عباس في أي صورة يعني النقاش حول حل الصراع، الأمر الذي يعني موقفاً واضحاً من حل الدولتين. تخيلوا أنه لم يجب عن السؤال حول الدولة الفلسطينية، وأحال الموضوع لنتنياهو في إشارة إلى أن الموضوع لا يعنيه. وجود السلطة في غزة لا يعني أنها طرف في مستقبل غزة فقط، بل إن الدولة الفلسطينية يتم وضعها من جديد على طاولة القرار الأممي.
في ظل هذا السياق، فإن المطلوب أن تقوم السلطة بخطوات أكثر وأبعد من مجرد خطة خدماتية، بل خطة سياسية تقوم على فرض سيادة دولة فلسطين على قطاع غزة. المشكلة الحقيقة بالنسبة للعالم تكمن حقيقة في سياسات إسرائيل أولاً، وثانياً في عدم وضوح معالم اليوم التالي للحرب، اليوم الذي سيعود الناس من خيامهم ليجدوا ركام بيوتهم المسكن الأنسب بالنسبة لهم. العالم لا يعرف من سيكون في غزة في اليوم التالي، وعليه فلا يمكن له الحديث أو الضغط من أجل اليوم التالي. وحين لا يعرف العالم من هي الجهة التي ستدير قطاع غزة، فإنه لن يضغط كثيراً من أجل تسريع نهاية الحرب والوصول لذلك اليوم التالي غير المعلوم. إن وجود جهة فلسطينية يتم تشكيلها بعيداً عن رغبات الأطراف الثلاثة الرافضة لدور السلطة («حماس» وإسرائيل وواشنطن) ودون مشاورتها، والقول إن هذه الجهة هي التي تقود غزة الآن، وتباشر عملها في داخل غزة، وتصطدم مع أي جهة تعيق عملها وتكون محمية بأطر شعبنا، إن وجود هذه الجهة هو فقط من يجعل السلطة عنواناً في النقاش حول مستقبل غزة.
نتنياهو يرى الأزمة بأنها أزمة اقتصادية وليست أكثر من ذلك، وحتى النقاش بين أوروبا وإسرائيل يتم فيه تثبيت هذه المقولة من خلال وقف العقوبات الإسرائيلية مقابل مزيد من الشاحنات لغزة. فقط السلطة الفلسطينية وإجراءاتها وتثبيت أذرعها في غزة دون مشاورة أحد وخطتها السياسية التي يتم تبنيها من قبل المجتمع الدولي، يمكن لها أن تعيد النقاش حول جوهر مستقبل غزة السياسي واستعادة دورها كجزء من دولة فلسطين. هذا الدور لن يمنحه أحد للسلطة، بل يجب أن تنتزعه وتفرضه عبر إرادة سياسية واضحة، وإذا لم تقم بذلك فلن يعطيها إياه أحد؛ وسيظل دوراً مفقوداً ومنتظراً.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسيحيّو فلسطين يَعَوْن لعبة الطائفية ويرفضونها
مسيحيّو فلسطين يَعَوْن لعبة الطائفية ويرفضونها

قدس نت

timeمنذ ساعة واحدة

  • قدس نت

مسيحيّو فلسطين يَعَوْن لعبة الطائفية ويرفضونها

بقلم: هند شريدة بقلم هند شريدة / قاتلة الأطفال، المجرمة "إسرائيل" تحاول بث نار الطائفية، باستعراضها الرخيص بأنها "حامي الحمى" في البلدان العربية، مصوّرة نفسها بأنها المنقذة من الشدائد، الحافظة الأمينة للتعددية من براثن "الإرهاب الأصولي". فتقدّم نفسها بدناءة غير مخفية أنها الحريصة على حقوق الأقليات كالدروز، وتستخدمهم لنيل مُرادها تحت إطار الدمقرطة والحقوق، هي ذاتها الحقوق التي لطالما انتهكت أختها، وأسقطتها سقوطاً حرّاً في غزة. كما تشيع "إسرائيل" بغباء مفضوح دعاية أنها تميّز مع المسيحيين، من أجل تبيّيض صفحتها مع الغرب الاستعماري، وحاشية ترامب من الصهيونية المسيحية. وبالتزامن تعمل جاهدة وبوضاعة على صناعة امتداد لحديّ لمذهبية هجينة (لن أسميها لكي لا أكسبها رواجا لا تستحقه)، مدّعين أنهم جماعة مسيحية، تحمل الأضداد بكفّيها: صليب السيد المسيح، رمز فدائنا، والعلم الإسرائيلي، رمز الظلامية والطغيان والاحتلال الذي ينتهك كل شبر من فلسطيننا، مشيعة أن هذين الضادين سيان. نصرخ بوجه"إسرائيل" وحفنة الدجّالين الذين لا يمتّون لمسيحيتنا المشرقية بصلة على الإطلاق، سوى أنهم زوائد طفيلية، تتغذى على معاونة الاحتلال، فهم لا يمثلون إلا أنفسهم. كلّ نعيق ل "إسرائيل" بطرحها البخس، لا طائل منه ولا جدوى. فمهما حاولت البروباغندا الصهيونية ترويج نفسها بلوثة بيضاء وسط دمويتها، وتلطيف صورتها لدواعٍ تسويقية بوردية مقبولة، إلا أننا نعي تماما حقيقتها، فهي: كيان استعماري إحلالي، ودولة تطبق نظام فصل عنصري بامتياز (أبهارتايد)، تتلاعب بتأويل آيات من الكتاب المقدس، وتسييسها حسب مصالحها لأغراض سرقة الأرض وطرد الفلسطينيين منها، مسلمين ومسيحيين على حد سواء. إن الوجود العربي الفلسطيني المسيحي، عضوي في فلسطين، وهو صامد على الأرض منذ آلاف السنين، قدّم وما زال يقدّم، وسيبقى صوتاً وطنياً على الدوام. أما استهداف الاحتلال الإسرائيلي الأخير لكنيسة العائلة المقدسة بغزة، ومن ثم الاعتذار والتبجح بالأخطاء، فهو ليس القصف الأول من نوعه، وما هو إلا "استهبال" كما علّق عليه الدكتور القسّ منذر اسحق.. استهبالٌ لا نشتريه أبدا. رسالتنا أننا سنظل شوكة في حلق الاحتلال، نتكلم دائما بهويتنا العروبية والوطنية المنتمية بكل جوارحها لأهلنا وناسنا، مهما أبدى المستعمر تعاطفه الطائفي والخبيث لقصف كنيسة أو استشهاد لفسطينيين-حدث وأن كانوا مسيحيين- أو اعتداء مستوطنين وتدميرهم لقرية فلسطينية-حدث أنّ سكانها مسيحيين. ربما الأجدى للمتصهين مايك هاكابي، المروّج لاسم "يهوذا والسامرة" بدلاً من الضفة الغربية، أن يتوقف عن توريد هِبات الأسلحة الأمريكية للجيش الذي يمتهن قصف الكنيسة والمسجد معاً، والذي قتل بعتاد الأنكل سام 60 ألفا من أهل غزة في جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، أو يجدر به -لشراء حسن النيّة- وضع حدّ للمجاعة المهندسة على المباشر، أو التوقف عن تسليح المستوطنين الذي اعتدوا على قرية الطيبة بأسلحة made in U.S.A بدلاً من التضامن المتكلّف ومسرحية "فتح تحقيق إسرائيلي جاد"، وشراء الوقت لارتكاب المزيد من الجرائم. نتطلع يا هاك المتمدن والمتحضر لمساءلة الاحتلال ومحاسبته على جميع جرائمه دون انتقائية. فهل تَسَعُ مسيحيتك المتصهينة لذلك؟ جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت

بيبي تصرف كالمجنون": مستشارو ترامب قلقون بشأن سلوك إسرائيل الاجرامي في المنطقة
بيبي تصرف كالمجنون": مستشارو ترامب قلقون بشأن سلوك إسرائيل الاجرامي في المنطقة

معا الاخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • معا الاخبارية

بيبي تصرف كالمجنون": مستشارو ترامب قلقون بشأن سلوك إسرائيل الاجرامي في المنطقة

بيت لحم معا- قال ستة مسؤولين أمريكيين كبار إن أحداث الأيام الأخيرة في سوريا أثارت قلقًا بالغًا في البيت الأبيض بشأن سياسة الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام القوة العسكرية في المنطقة. ونجحت إدارة ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع في التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا ووقف القتال بين الدروز والبدو في مدينة السويداء، لكن أحداث الأيام الأخيرة تسببت في قلق كبير في البيت الأبيض بشأن سياسة حكومة نتنياهو فيما يتعلق باستخدام القوة العسكرية في المنطقة. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض: "بيبي يتصرف كالمجنون. فهو يقصف باستمرار كل ما يتحرك. وهذا قد يُخرب ما يحاول ترامب فعله في سوريا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام". كما أشار مسؤول كبير آخر في الإدارة الأمريكية إلى مقتل الأمريكي الفلسطيني سيف المسلط في الضفة الغربية وتفجير كنيسة في غزة ، مما دفع الرئيس ترامب إلى الاتصال بنتنياهو وطلب توضيحات، كأحداث أثارت تساؤلات كثيرة حول السياسة الإسرائيلية. وقال المسؤول الأمريكي نفسه: "يبدو أن كل يوم جديد. ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم؟" قال مسؤول أمريكي كبير ثالث إن هناك تشككًا متزايدًا في إدارة ترامب تجاه نتنياهو، وشعورًا بأنه لا يُحسن التصرف. وأضاف: "أحيانًا يكون نتنياهو كطفل لا يعرف كيف يتصرف". وتأتي الانتقادات التي وجهها كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية لسلوك إسرائيل في سوريا بعد أيام قليلة من زيارة نتنياهو الناجحة إلى واشنطن ، حيث التقى مرتين مع ترامب، وبدا الاثنان أقرب من أي وقت مضى في ضوء إنجازات الحرب مع إيران. ورغم القلق والإحباط اللذين سمعا في البيت الأبيض، فقد امتنع الرئيس الأميركي حتى الآن عن انتقاد تصرفات إسرائيل في سوريا علانية، ومن غير الواضح ما إذا كان يشارك مستشاريه مشاعرهم تجاه نتنياهو. يوم الثلاثاء، قصفت إسرائيل قافلة دبابات للجيش السوري كانت في طريقها إلى مدينة السويداء، في محاولة لتهدئة اشتباكات عنيفة بين قبائل درزية وبدوية في المنطقة. وقد أسفرت الاشتباكات عن مقتل أكثر من 700 شخص بحلول يوم السبت، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان. وطلب المبعوث الأميركي توم براك من نظرائه الإسرائيليين الثلاثاء وقف الهجمات لإتاحة المجال أمام التوصل إلى حل دبلوماسي، وتعهد الإسرائيليون بالقيام بذلك، بحسب مسؤول أميركي كبير. لكن بعد هدوء نسبي، صعّدت إسرائيل هجماتها. يوم الأربعاء، أسقطت إسرائيل قنابل على مقرّ للجيش السوري ومنطقة قرب القصر الرئاسي في دمشق. فاجأت الهجمات الإسرائيلية على سوريا الرئيس والبيت الأبيض. فالرئيس لا يروق له أن يفتح التلفاز ويرى القنابل في بلد يسعى فيه إلى إحلال السلام، بعد أن أصدر إعلانًا تاريخيًا عن نيته المساعدة في إعادة إعماره، كما قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى. يوم الأربعاء، اتصل وزير الخارجية ماركو روبيو بنتنياهو ومساعده رون ديرمر، وطلب منهما وقف الهجمات. وافق نتنياهو مقابل انسحاب الجيش السوري من السويداء. ولكن في هذه الأثناء، أرسلت دول مثل تركيا والمملكة العربية السعودية رسائل غاضبة إلى إدارة ترامب بشأن تصرفات إسرائيل، كما اشتكى عدد من كبار المسؤولين الأميركيين مباشرة إلى الرئيس الأميركي من نتنياهو. كان الرأي السائد في البيت الأبيض في الساعات والأيام التي أعقبت الهجمات الإسرائيلية في سوريا هو أن نتنياهو أمر بالقصف بسبب ضغوط سياسية داخلية من الأقلية الدرزية في إسرائيل واعتبارات سياسية أخرى. وقال مسؤول أمريكي كبير: "إن الأجندة السياسية لنتنياهو هي التي تحركه. وهذا سيكون خطأً فادحاً على المدى الطويل". قال مسؤول أمريكي كبير آخر إن تل أبيب لا تدرك تمامًا الضرر الذي لحق بسمعتها في واشنطن خلال الأسبوع الماضي. وأضاف: "على الإسرائيليين أن يُخرجوا رؤوسهم من مؤخراتهم". فوجئت إسرائيل بالانتقادات الأمريكية للضربات في سوريا. وصرح مسؤول إسرائيلي بأن ترامب، في الأسابيع الأولى من ولايته، شجع نتنياهو على الاحتفاظ بأجزاء من سوريا، ولم يُبدِ أي قلق أو انتقاد لأنشطة إسرائيل في البلاد. وقال مسؤول أميركي كبير إن إسرائيل، خلافا لما تريده حكومة نتنياهو، لا ينبغي لها أن تقرر ما إذا كانت الحكومة السورية قادرة أو غير قادرة على ممارسة السيادة على مواطنيها وأراضيها.

السلطة، اللاعب الغائب والمنتظر
السلطة، اللاعب الغائب والمنتظر

قدس نت

timeمنذ 5 ساعات

  • قدس نت

السلطة، اللاعب الغائب والمنتظر

بقلم: عاطف أبو سيف بقلم عاطف أبو سيف / المؤكد ثمة لاعب فاعل، وهو اللاعب الأهم كما يفترض المنطق، غائب بشكل شبه كامل عن النقاش حول مستقبل غزة، أقصد هنا السلطة الفلسطينية بما تمثله من ذراع دولة فلسطين ومنظمة التحرير لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة. ورغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها السلطة، والخطط المختلفة التي طورتها الحكومة الفلسطينية منذ زمن حكومة الدكتور محمد إشتية، إلا أن المجتمع الدولي والمقررين بشأن مستقبل غزة لم يأخذوا مثل هذه الخطط على محمل الجد، كما أن النقاش حول مستقبل غزة لا يشمل الطرف الشرعي والممثل الحقيقي للشعب الفلسطيني، وعادة ما يتم هذا الأمر بقصد وضمن رؤى ممنهجة. كما أن كل الجلسات بخصوص مستقبل غزة لا تشمل السلطة باستثناء اللقاء السداسي الذي لم يعد قائماً وضم وقتها الأطراف العربية بما في ذلك السلطة. التوجه العام بأن يتم حصر النقاش بين «حماس» وإسرائيل حتى لا يتعدى الأمر النقاش حول المساعدات وتوزيعها والخطوط داخل غزة، وليس انسحاب إسرائيل بشكل كامل وتجسيد الدولة الفلسطينية. لا أحد يريد السلطة. كل الأطراف مجتمعة ولأسباب مختلفة تريد أن تختصر هذا الدور أو تشطبه. بالنسبة لـ»حماس» فهي تفضل، وستظل تفضل، حرباً بلا نهاية؛ على أن تقول إن السلطة صاحبة الولاية، وإن على المجتمع الدولي وعلى إسرائيل أن يتحدثا معها حول مستقبل غزة. فقيادة «حماس» طرقت كل أبواب العالم من مشرقه إلى مغربه، وخطبت ود كل من له علاقة بالصراع ومن يمون عليه أو كل من يتدخل فيه، حتى أنهم استخدموا رهينة دفع أهل غزة ثمن احتجازها آلاف الشهداء والجرحى ومئات آلاف المباني للتقرب زلفى لترامب، وتسولوا أمام القاصي والداني من أجل وقف الحرب التي لم تكن قبل ذلك، ويقاتلون من أجل خطوط وهمية صنعتها دبابات العدو في المعركة ولن يتمكنوا من حمايتها في اليوم التالي للهدنة، كل ذلك و»حماس» تعرف الإجابة المختصرة لكل ذلك، لكنها لن تفعل. نتنياهو ليس بعيداً عن هذا الوعي والمنطق الحمساوي، بل إنه يشاركهم إياه بالكامل. وربما لو اتفقوا على شيء سيكون على استبعاد السلطة؛ هذا الاستبعاد هو القاسم المشترك الذي جعل حقائب الدولار يتم إرسالها عبر سيارات «الشاباك» للحاجز حتى يتم نقلها لـ»حماس». نتنياهو يعرف أن وجود السلطة يعني استعادة النقاش حول حل الدولتين. يعرف أن «حماس» يهمها أنبوب الأكسجين حتى تتنفس، فلا برنامج سياسياً لها خارج إطار البرامج الكبرى والربانية للإخوان المسلمين، بمعنى أنها ليست حركة تحرير تنضبط وفق برنامج كفاحي يستخدم كل الوسائل من أجل «الإطاحة» بالاحتلال ليس كوجود بل كفكرة وممارسة أيضاً. على النقيض من ذلك، يعرف أن أي لقاء مع الرئيس عباس يعني الاستعداد أكثر لفكرة الدولة الفلسطينية ونقاش ملف اللاجئين. نتنياهو يعرف عميقاً منظمة التحرير والرئيس عباس بالنسبة لهم، فإن أصل الصراع ما حدث عام 1948 في دير ياسين وغيرها، وليس ما حدث على محور موراج كما تظن «حماس». كذلك الأمر بالنسبة لترامب، الرجل الهائج الذي تنطبق عليه مقولة «جعجعة بلا طحن». ترامب ليس صهيونياً أكثر من نتنياهو، لكن لشدة حماقته فإنه يصعب الحديث عن سياسة خاصة يتبعها. وإذا كانت كونداليزا رايس وزمرة المحافظين الجدد قد ابتدعوا زوراً «الفوضى الخلاقة»، فإن ترامب ابتدع «خلق الفوضى» في كل شيء. ومع ذلك فإن ترامب مثل «حماس» ومثل نتنياهو لا يريد أن يسمع كلمة دولة فلسطينية، وهو يعرف أن وجود محمود عباس في أي صورة يعني النقاش حول حل الصراع، الأمر الذي يعني موقفاً واضحاً من حل الدولتين. تخيلوا أنه لم يجب عن السؤال حول الدولة الفلسطينية، وأحال الموضوع لنتنياهو في إشارة إلى أن الموضوع لا يعنيه. وجود السلطة في غزة لا يعني أنها طرف في مستقبل غزة فقط، بل إن الدولة الفلسطينية يتم وضعها من جديد على طاولة القرار الأممي. في ظل هذا السياق، فإن المطلوب أن تقوم السلطة بخطوات أكثر وأبعد من مجرد خطة خدماتية، بل خطة سياسية تقوم على فرض سيادة دولة فلسطين على قطاع غزة. المشكلة الحقيقة بالنسبة للعالم تكمن حقيقة في سياسات إسرائيل أولاً، وثانياً في عدم وضوح معالم اليوم التالي للحرب، اليوم الذي سيعود الناس من خيامهم ليجدوا ركام بيوتهم المسكن الأنسب بالنسبة لهم. العالم لا يعرف من سيكون في غزة في اليوم التالي، وعليه فلا يمكن له الحديث أو الضغط من أجل اليوم التالي. وحين لا يعرف العالم من هي الجهة التي ستدير قطاع غزة، فإنه لن يضغط كثيراً من أجل تسريع نهاية الحرب والوصول لذلك اليوم التالي غير المعلوم. إن وجود جهة فلسطينية يتم تشكيلها بعيداً عن رغبات الأطراف الثلاثة الرافضة لدور السلطة («حماس» وإسرائيل وواشنطن) ودون مشاورتها، والقول إن هذه الجهة هي التي تقود غزة الآن، وتباشر عملها في داخل غزة، وتصطدم مع أي جهة تعيق عملها وتكون محمية بأطر شعبنا، إن وجود هذه الجهة هو فقط من يجعل السلطة عنواناً في النقاش حول مستقبل غزة. نتنياهو يرى الأزمة بأنها أزمة اقتصادية وليست أكثر من ذلك، وحتى النقاش بين أوروبا وإسرائيل يتم فيه تثبيت هذه المقولة من خلال وقف العقوبات الإسرائيلية مقابل مزيد من الشاحنات لغزة. فقط السلطة الفلسطينية وإجراءاتها وتثبيت أذرعها في غزة دون مشاورة أحد وخطتها السياسية التي يتم تبنيها من قبل المجتمع الدولي، يمكن لها أن تعيد النقاش حول جوهر مستقبل غزة السياسي واستعادة دورها كجزء من دولة فلسطين. هذا الدور لن يمنحه أحد للسلطة، بل يجب أن تنتزعه وتفرضه عبر إرادة سياسية واضحة، وإذا لم تقم بذلك فلن يعطيها إياه أحد؛ وسيظل دوراً مفقوداً ومنتظراً. جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store