
"المدينة الإنسانية" في غزة: ما الهدف من إنشائها؟
فمنذ إعلان كاتس عن خطته، اتضحت طبيعتها والهدف "الإسرائيلي" منها، إذ إن من يدخل إلى هذه المدينة لن يخرج منها إلى القطاع، إنما إلى خارج حدوده، وهو ما يعني ترحيلًا مباشرًا وخنقًا لما تبقى من الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، ضمن إستراتيجية ممنهجة تستهدف التصفية الصامتة.
في هذا السياق، كشف موقع "كاونتر بانش" عن تقرير صادم يسلط الضوء على خطة "إسرائيلية" وُصفت بأنها "الأكثر وقاحة" في مسار الإبادة الجماعية الحديثة، وتقضي بإنشاء ما يسمى "مدينة إنسانية" جنوب قطاع غزة، ولكن خلف هذا الاسم الخادع، تكمن نوايا مرعبة بترحيل مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرًا إلى معسكر اعتقال مقنع، لا يهدف إلى النجاة، بل إلى التمهيد لتطهير عرقي شامل.
ونقل التقرير، استنادًا إلى صحيفة "هآرتس"، أن وزير حرب كيان الاحتلال، كاتس، يقترح تهجير نحو 600 ألف فلسطيني إلى منطقة محاطة بالأسوار تُقام على أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وتُصنف هذه المدينة بأنها "إنسانية".
لكن الخطة تتضمن فرزًا لسكان غزة، وفصل مَن يُشتبه بانتمائهم لحركة المقاومةالإسلامية "حماس"، تمهيدًا لترحيل المدنيين قسرًا إلى خارج القطاع، والاستيلاء على المناطق، ونزع السلاح من قطاع غزة، وتنفيذ خطة التهجتر التي سبق أن عرضها دونالد ترمب.
ووفقًا لكاتس أيضًا، يقود نتنياهو محاولات للبحث عن دول تستوعب الغزيين، ومع ذلك، كشف مصدر "إسرائيلي" أن تداعيات الخطة السياسية والقضائية والاقتصادية تجعل تنفيذها صعبًا، وذلك في رأي أكثر من مسؤول مطلع عليها.
وأوضح المصدر نفسه أن متخذي قرار هذه الخطة أدركوا أن صعوبتها الرئيسية تكمن في عدم استعداد أي دولة من الدول التي توجهت إليها "إسرائيل" لاستيعاب سكان من غزة.
ويحذر "كاونتر بانش" من أن الهدف ليس إعادة توطين السكان، بل محو وجودهم تمامًا من الجغرافيا الفلسطينية، وهو ما يمثل امتدادًا مباشرًا لفكر صهيوني لطالما حلم بالسيطرة الكاملة على غزة دون فلسطينيين، أما من يُحشرون في تلك "المدينة"، فلن يُسمح لهم بمغادرتها ولا بالعودة إلى منازلهم المدمرة، وسيظلون محاصرين في منطقة عسكرية مغلقة تحت التهديد المستمر، إلى حين ترتيب خروجهم النهائي.
وتشير الخطة إلى انتهاك صارخ للقانون الدولي، فالترحيل القسري لسكان أرض محتلة يُعد جريمة حرب وتطهيرًا عرقيًا وفقًا لمواثيق الأمم المتحدة، ومع ذلك، يبدو أن كاتس، مدفوعًا بهوس "الحل النهائي"، لا ينوي التراجع، بل أعلن عن بدء البناء خلال فترة وقف إطلاق النار المتوقعة، في إشارة إلى تسريع محموم لفرض واقع جديد قبل أي تسوية محتملة.
في العالم العربي، الوضع أشدّ مأساوية، فالأنظمة تمضي قُدمًا نحو التطبيع وعقد الصفقات، بينما يُترك الفلسطينيون فريسة للجوع والموت والتهجير. ويتساءل موقع "كاونتر بانش": أين الخطوط الحمراء التي لطالما لوّحت بها العواصم الرسمية؟
يوجه التقرير اتهامًا مباشرًا إلى المجتمع الدولي، الذي لم يكتفِ بالصمت بل شارك بفاعلية في المذبحة الجارية منذ 20 شهرًا، من خلال الدعم العسكري والغطاء الدبلوماسي. فقد سقط أكثر من 55 ألف شهيد فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، تحت نيران القصف "الإسرائيلي" الذي استهدف المستشفيات والمخابز والمساجد والمدارس ومخيمات اللاجئين.
لم يكتفِ الاحتلال بالتدمير، بل استخدم التجويع كسلاح، فمنع وصول المساعدات، وهاجم القوافل الإغاثية، وأنشأ نقاط توزيع للمساعدات سرعان ما تحولت إلى كمائن مميتة، واستكمالًا لهذه الصورة القاتمة، أُنشئت "مؤسسة غزة الإنسانية" بدعم أميركي، تهدف إلى تحويل الإغاثة إلى أداة للضغط والسيطرة، بعيدًا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات المستقلة، ويتساءل التقرير بمرارة: كيف لحكومة قامت على أنقاض المحرقة أن تنشئ اليوم معسكر اعتقال جماعي؟
وكيف تستمر واشنطن في تزويدها بالسلاح، ومنع المساءلة في الأمم المتحدة، ومعاقبة كل من يجرؤ على قول الحقيقة، مثل المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي؟
أما في العالم العربي، فالوضع أشدّ مأساوية، فالأنظمة تمضي قُدمًا نحو التطبيع وعقد الصفقات، بينما يُترك الفلسطينيون فريسة للجوع والموت والتهجير. ويتساءل موقع "كاونتر بانش": أين الغضب العربي؟
وأين الخطوط الحمراء التي لطالما لوّحت بها العواصم الرسمية؟
إذا لم تنهض الأمة العربية والإسلامية والعالم الآن، فلن يكونوا مجرد متفرجين على الإبادة، بل شركاء فيها، فلا وقت للتردد، ولا مكان للحياد
على الرغم من الصورة القاتمة، يضيء التقرير بارقة أمل تتمثل في الاجتماع طارئ الذي عقدته "مجموعة لاهاي" يومي 15 و16 يوليو/ تموز في كولومبيا. وهدف هذا الاجتماع إلى دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جريمة إبادة جماعية.
ويدعو الموقع جميع الدول التي تدّعي التزامها بالعدالة إلى الانضمام الفوري لهذه الدعوى، وممارسة ضغط حقيقي لوقف مخطط الاحتلال الكارثي.
كما يطالب الموقع أعضاء الكونغرس الأميركي بإعلان موقف واضح وفوري، والكف عن الخطابات المزدوجة وتمويل القنابل التي تهدم المدارس على رؤوس الأطفال والنساء، والتوقف عن الصمت إزاء ارتكاب أبشع المجازر على مرأى ومسمع من العالم.
فإذا لم تنهض الأمة العربية والإسلامية والعالم الآن، فلن يكونوا مجرد متفرجين على الإبادة، بل شركاء فيها، فلا وقت للتردد، ولا مكان للحياد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 9 دقائق
- الجزيرة
بالفيديو.. الجزيرة نت داخل سفينة حنظلة المتجهة لكسر حصار غزة
غاليبولي- على رصيف الميناء بمدينة غاليبولي الإيطالية، رست سفينة "حنظلة" بهدوء حذر، وكأنها تنتظر عاصفة مؤجلة. وقبل ساعات من انطلاقها في رحلتها الإنسانية الجريئة نحو قطاع غزة المحاصر، فتح لنا طاقمها أبوابها لجولة استثنائية. وقد رافقتنا الناشطة الإيرلندية كويفا باترلي، وهي إحدى الشخصيات البارزة في حملات كسر الحصار، في ممرات السفينة الصغيرة التي تحولت لمساحة للتضامن العالمي ومقاومة الصمت. عين على غزة بدأت جولتنا من سطح السفينة بالقرب من غرفة القيادة حيث خرائط البحر المتوسط مفروشة فوق طاولة خشبية قديمة، وإشارات الملاحة موضوعة بعناية لتجنّب نقاط الخطر. وقالت باترلي "لا نرسم هنا المسارات فقط، بل خطوط الأمل والسلام، لأن كل من شارك في تنظيم هذه الرحلة يعلم جيدا أن كل ميل بحري ستقترب منه حنظلة من غزة خطوة باتجاه العدالة وكسر الحصار". وخلال الجولة، وصل طلاب مدارس ثانوية إيطاليون لزيارة السفينة والتعرف على تاريخ فلسطين وأهمية الرسام الفلسطيني ناجي العلي ومعلومات عن "حق العودة" حتى يساهموا هم أيضا في تحدي تواطؤ الحكومات الأوروبية، وفق الناشطة الإيرلندية. وتعتبر "حنظلة" القارب رقم (37) من بين المهمات التي تم تنظيمها لكسر حصار غزة، وقد وصلت منها 5 بينما تعرض الباقي للهجوم أو التخريب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. ممرات ضيقة وأحلام واسعة هنا، لا مجال للترف أو الراحة، السفينة صغيرة نسبيا لكنها تكفي لحمل ركابها من الناشطين والبرلمانيين الذين قرروا أن يعبروا بأجسادهم حدود الحصار المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني منذ عام 2007. وانتقلنا إلى الطابق السفلي حيث توزع 12 سريرا بطابقين مصنوعة من الخشب. وجدير بالذكر أن الاستحمام محدود للغاية على متن السفينة إذ سيضطر النشطاء إلى الاعتماد على المناديل المبللة لعدم وجود مياه تكفي 20 شخصا طوال الرحلة. وأوضحت باترلي "هذه سفينة صيد نرويجية، ورغم أنها تبدو صغيرة جدا فإنها تحتوي على مساحة واسعة لتخزين المساعدات الإنسانية، فضلا عن صور وألعاب أطفال أرسلت لأطفال غزة". وفي مؤخرة السفينة، يوجد قارب نجاة، وهو واحد من ثلاثة موجودة على متن "حنظلة" بالإضافة إلى طاولة وكراسي خشبية يستخدمها الطاقم للاجتماعات عند غروب الشمس وفي المساء. وفي المطبخ الصغير، ستقوم النرويجية فيكتيس، البالغة من العمر 70 عاما، بتحضير الطعام لكل طاقم السفينة الذي يلقبها بـ"جدة العالم". رسومات وهدايا وفي كل مكان على جدران السفينة، عُلقت لوحات فنية لأطفال إيطاليين يرغبون في وصولها إلى أطفال غزة في أقرب وقت ممكن، فضلا عن توقيعات الأشخاص الذين زاروا السفينة قبل انطلاقها بمهمتها الإنسانية، وربما لم يزوروا فلسطين من قبل لكنهم آمنوا بقضيتها. ومن بين هذه الهدايا الرمزية، كُتب اسم "عائشة وإيناس ولورا" وهن فتيات لعائلة تونسية إيطالية جئن بكل مدخراتهن في 3 جرار صغيرة مليئة بالعملات المعدنية وطلبن إيصالها إلى غزة. وبالقرب منها، توجد رسائل من العاملين بمجال الرعاية الصحية وخاصة من الدكتورة سوي آنغ التي كانت مسعفة على متن أسطول العودة عام 2018، وهي إحدى مؤسسي جمعية "العون الطبي لفلسطين". وفي الغرفة المخصصة للطعام أو الاجتماعات، أشارت باترلي إلى كتاب النرويجي مادس جيلبرت، وهو طبيب قضى سنوات عديدة في غزة "التقيت به هناك عامي 2008 و2009 عندما كان يعمل بالمستشفيات وكنت أعمل مسعفة مع الهلال الأحمر الفلسطيني". كما تحدثت الناشطة عن مزارعة إيطالية أحضرت لهم نبتة صبار الليلة الماضية، وأوصتهم بزراعتها في قطاع غزة عند وصول السفينة لتكون تذكارا لهم من إيطاليا. ليس مجرد اسم قبل أن نغادر، وقفت باترلي على سطح السفينة وقالت "حنظلة هو ضمير العالم حين يدير ظهره للعدوان. نحن نحمله معنا، ليس فقط لأنه رمز فلسطيني، بل لأنه تذكير دائم بإنسانيتنا وبكل ما لا يجب أن ننساه". وتابعت "ما نشعر به على متن هذا القارب هو الازدواجية التي يحملها الناس هنا، مزيج من الحزن، والرعب، والغضب الذي نشعر به جميعا ونحن نشاهد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، والتطهير العرقي، والاحتلال، ودولة الفصل العنصري التي يعيش الناس في ظلها، ولكن هناك أيضا الكثير من الأمل". وبعد ما يقرب من عامين على تنظيم المظاهرات في شوارع العواصم الأوروبية، تعتقد باترلي أن سفينة الحرية تأسر مخيلة الجمهور لأنها ترى فيها خطوة للتصعيد، قائلة "علينا تحمل بعض المخاطر التي يخوضها الفلسطينيون لمجرد البقاء على قيد الحياة كل يوم، وهذه هي مهمتنا". وأضافت الناشطة الإيرلندية "نهدف إلى إظهار التضامن مع النضال الفلسطيني من أجل الحرية، ونركز على أطفال غزة، تلك الأرواح الجميلة والثمينة التي لا تُعوّض لكنها تُزهق يوميا. لذا، نأمل أن ينال الأطفال الفلسطينيون في غزة وفي جميع أنحاء فلسطين المحتلة ليس الحرية والحقوق فحسب، بل الفرح أيضا".


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
إسرائيل تستهدف صيادين حاولوا دخول بحر غزة
أطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية النار بشكل مباشر تجاه مراكب الصيادين الفلسطينيين في عرض بحر مدينة غزة ، قبل أن تحاصرهم وتعتقل عددا منهم. ووفقا لشهود عيان، وقع الحادث أمس السبت بينما كان الصيادون يحاولون ممارسة مهنتهم لتأمين الطعام لهم ولعائلاتهم، في ظل المجاعة المتفاقمة التي تعصف بالقطاع منذ عدة أشهر. واضطر كثير من السكان مؤخرًا إلى التوجه نحو البحر بحثًا عن مصادر بديلة للغذاء. ووثّق الشهود مشاهد تظهر لحظات اقتراب الزوارق الحربية من مراكب الصيادين، حيث أطلقت النار بكثافة لترهيبهم، قبل أن تقوم بمحاصرتهم واعتقال عدد منهم. واليوم، لم يعد بمقدور الفلسطينيين توفير الحد الأدنى من مقومات البقاء، حيث فقد غالبيتهم الدقيق اللازم لصناعة الخبز، بينما ترتفع أسعار الكميات القليلة المتوفرة منه في السوق السوداء، بشكل لا يمكن الفلسطينيين المجوعين الحصول عليه. ومنذ الثاني من مارس/آذار 2025، تغلق إسرائيل جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، مما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع. ويمنع الجيش الإسرائيلي الصيد في مياه غزة، ويستهدف بالرصاص أو الاعتقال من يحاول النزول للبحر، رغم أن الصيد بات وسيلة شبه وحيدة للحصول على الغذاء في ظل الانهيار الإنساني الواسع. ورغم التحذيرات والمخاطر، لا يزال بعض الصيادين يخوضون البحر لمسافات قصيرة لا تتجاوز أمتارًا معدودة، في محاولات محفوفة بالخطر والموت، لتأمين الحد الأدنى من الغذاء لعائلاتهم. كما شكل البحر على مدار أشهر الإبادة متنفسا وحيدا لفلسطيني قطاع غزة، حيث لجؤوا إليه خاصة في أوقات ارتفاع درجات الحرارة. إعلان والسبت الماضي، توعد الجيش الإسرائيلي بالتعامل مع أي انتهاك للقيود المفروضة على المنطقة البحرية المحاذية للقطاع. وقال متحدث الجيش أفيخاي أدرعي في بيان: "نذكركم أنه فرضت قيود أمنية صارمة في المنطقة البحرية المحاذية للقطاع حيث يحظر الدخول إلى البحر، وقوات جيش الدفاع ستتعامل مع أي انتهاك لتلك القيود". والجمعة، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إن عدد الأطفال الذين استشهدوا بسبب سوء التغذية ارتفع إلى 69 طفلا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وأضاف أن عدد الوفيات في صفوف الفلسطينيين بسبب نقص الغذاء والدواء ارتفع أيضا إلى 620 شخصا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
تقديرات إسرائيلية بقرب التوصل لاتفاق بغزة وعائلات الأسرى تطالب بصفقة شاملة
ذكرت تقارير إسرائيلية أن المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة قد تتوج باتفاق في غضون أسبوعين، وأكدت أن المفاوضات تتناول لأول مرة موضوع نهاية الحرب، في حين ذكرت مصادر أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تدرس خرائط جديدة تسلمتها من الوسطاء. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين أن التوصل إلى اتفاق بشأن غزة ممكن خلال أسبوعين وأن من المتوقع وصول المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى الدوحة في غضون أيام. وذكرت الصحيفة أن حماس أبدت تحفظات على عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم مقابل كل محتجز إسرائيلي، غير أن الوساطة القطرية ساهمت في تقريب وجهات النظر. وقال دبلوماسي عربي في تصريحات لهيئة البث إن "الفجوات بشأن خريطة انتشار القوات الإسرائيلية تقلصت"، وإن ما تبقى "مجرد عقبات محدودة". واعتبر أن اللقاء الأخير بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كان "مهما جدا لتقدم المحادثات"، وأن واشنطن "راضية عن التطورات حتى الآن". في غضون ذلك، قال مصدر سياسي مطلع على المفاوضات لصحيفة هآرتس إن إسرائيل تجري لأول مرة محادثات مع حماس بهدف إنهاء الحرب. وأوضح المصدر أن المفاوضات تختلف عن الصفقات السابقة التي تناولت تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث تتطرق هذه المرة فعليا إلى مسألة إنهاء الحرب وهو ما يجعلها متشابكة ومعقدة للغاية. وأكد المصدر أن الوفد الإسرائيلي في المفاوضات "يتمتع بهامش واسع ومرونة كافية للتوصل إلى اتفاق دون المساس باحتياجات إسرائيل الأمنية". وتزامن ذلك مع ضغط متواصل من عائلات الأسرى الإسرائيليين على الحكومة لإبرام صفقة، إذ تظاهر آلاف في ميدان الرهائن وسط تل أبيب وذلك في إطار الاحتجاجات الأسبوعية المطالبة بإنجاز صفقة شاملة تعيد جميع الأسرى دفعة واحدة. وعمت المظاهرات مدنًا عدة وشارك فيها آلاف الإسرائيليين، وناشدت عيناف تسنغاوكر والدة أحد الأسرى المحتجزين في غزة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بألا يسمح بانهيار مفاوضات الدوحة، وأن يمنح الفريق الإسرائيلي تفويضا بإنهاء الحرب. كما دعته للكف عن الانتقائية وأن يسعى لإعادة جميع الرهائن. وتطالب العائلات نتنياهو بالكف عن إفشال الصفقات وقتل الفرص والمضي مع الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب وإعادة الرهائن. خرائط جديدة في المقابل، ذكر مصدر فلسطيني لوكالة الأناضول أن حركة حماس تسلمت من الوسطاء خرائط جديدة تظهر مناطق السيطرة الإسرائيلية في قطاع غزة، وبدأت دراستها. وأوضح المصدر المطلع على مجريات المفاوضات في الدوحة أن حماس "تسلمت خرائط من الوسطاء تظهر استمرار سيطرة جيش الاحتلال على مناطق واسعة من قطاع غزة، بما في ذلك معظم مدينة بيت حانون (شمال)، ونصف مدينة رفح و(بلدتا) خزاعة وعبسان في (محافظة) خان يونس (جنوب)، وأجزاء واسعة من حي الشجاعية (بمدينة غزة)". وأضاف أن الحركة "شرعت بدراسة المقترح في أطرها القيادية، وتجري مشاورات مع الفصائل الفلسطينية حول كيفية التعامل معه". وتشير الخرائط السابقة التي طرحت على حماس خلال المفاوضات الحالية، إلى سيطرة كاملة للجيش الإسرائيلي على بيت حانون، وأجزاء كبيرة من بيت لاهيا شمالي القطاع، وكامل مدينة رفح، وأجزاء واسعة من خان يونس، ومناطق حدودية كبيرة، وهو ما رفضته الحركة. وتصر حماس على العودة إلى مناطق الانسحاب التي نصت عليها تفاهمات اتفاق يناير/ كانون الثاني 2025، التي انسحب فيها الجيش الإسرائيلي لمسافة بعمق يتراوح بين 390 و1100 متر. وعلى مدى أكثر من 21 شهرا، عقدت جولات عدة من مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس، لوقف الحرب وتبادل أسرى. وخلال هذه الفترة، تم التوصل إلى اتفاقين جزئيين، الأول في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، والثاني في يناير/ كانون الثاني 2025. وتهرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، من استكمال الاتفاق الأخير، واستأنف حرب الإبادة على غزة في 18 مارس/ آذار الماضي. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 199 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.