منذ 5 أيام
السياحة في الأعمال الدرامية
للدعاية الإعلامية تأثير يشبه فِعل السحر، والصورة تغني عن ألف كلمة، والدعاية الإعلامية مألوفة ومعروفة منذ فجر التاريخ لدى الأفراد والكيانات، ولقد استخدمتها الدول قديماً وحديثاً أداة ضمن أدوات قوتها الناعمة، والنعومة في كثير من الأحيان تفعل ما لا تستطيع الخشونة فعله، وتستخدم الدعاية الإعلامية عبر الكلمة والصورة على نطاق واسع في المجال الحربي والسياسي والثقافي لتوجيه الناس إلى فكرة محددة للوصول إلى هدفٍ مقصود، ولأن القطاع السياحي في أي دولة يعد ذراعاً من أذرعتها الاقتصادية والثقافية فقد كانت الدعاية الإعلامية حاضرة بوضوح وذكاء للترويج السياحي.
في إحدى الدول المشهورة بالسياحة لوحظ أن السائحين يتوافدون على أحد الأحياء القديمة هناك للتجول فيه والتقاط الصور التذكارية.
التوافد الكثيف على هذا الحي الذي لم يكن جاذباً للسائحين ولا معروفاً لديهم من قبل كان بسبب مسلسل شهير صُوّرت معظم أحداثه في هذا الحي القديم، لكن الدعاية الإعلامية غير المباشرة المخفية ضمن أحداث المسلسل رسخته في وجدان المتابعين فعدوه مكاناً تفضل زيارته، ولولا هذه الدعاية التي اختبأت بذكاء بين أحداث المسلسل لما عرفه أحد.
وفي إحدى القرى السويسرية يتواجد السياح الهنود بشكل لافت ومستغرب؛ لكن الاستغراب يزول بعد ما نعلم أن السبب هو الدعاية الإعلامية الواردة في القصة الآنفة الذكر.
كان منتجو الأفلام الهندية يصورون أحداث الأفلام في منطقة كشمير الجبلية ذات الطبيعة الخضراء الجميلة. وعندما قامت الحرب في كشمير انتقل المنتجون لتصوير أفلامهم إلى إحدى مناطق سويسرا لأن طبيعتها الجبلية وتضاريسها الجميلة تشبه جبال كشمير وتضاريسها.
تصوير الأفلام والمسلسلات في أي منطقة والتركيز على مكامن الجمال فيها بالتصوير الاحترافي البديع هو دعاية غير مباشرة لهذه المنطقة ودعوة ذكية لزيارتها واكتشافها، والنتيجة المؤكدة انتعاش اقتصادي وتلاقح ثقافي يحقق في نهايته مصالح أخرى تعد ولكنها لا تحصى. ما أود قوله: لماذا لا يقوم منتجو المسلسلات السعودية الشهيرة ذات الشعبية الكبيرة بتصوير أحداثها في المناطق السياحية في المملكة والتركيز على مكامن الجمال فيها، وإبراز خصائصها الفريدة وتنوعها الثقافي والتاريخي وعاداتها الاجتماعية الغنية بالتفاصيل الجميلة كما تفعل المسلسلات والأفلام العربية والأجنبية الأخرى.
في كل جهات السعودية الأربع كنوزٌ سياحية مخبوءة تنتظر المكتشفين، وأخرى مُكتشفة تنتظر المعلنين. كنوز في الشمال يعانق فيها الجمال عراقة التاريخ، وفي صيف الجنوب جمال أخضر يتوشح بالضباب ويلتحف السحاب، والشتاء الرطب البارد على الشواطيء شرق البلاد وغربها يسر الناظرين. هذه الأماكن الباذخة الجمال، والكنوز البالغة الكمال تبحث عن منتجين يجيدون توظيف الدعاية السياحية بذكاء داخل الأعمال الدرامية، والذكاء سمة السعوديين.