
لبنان بين الشائعات والواقع: رهان على الاستقرار والحقيقة الغائبة
في خضم هذا التعقيد، برزت مواقف صريحة نقلها مصدر سياسي لبناني رفيع لـ «الأنباء»، حاول من خلالها تفكيك الصورة النمطية التي رسمت عن البلاد خلال الأشهر الماضية، مسلطا الضوء على ملامح التقدم الحذر وسط الضجيج المفتعل.
منذ فبراير الماضي، وبحسب المصدر، «شهد لبنان سلسلة تطورات لا يمكن إغفالها: تشكيل حكومة جديدة، اجراء تعيينات اساسية امنية وعسكرية ومالية وقضائية، وإنجاز الانتخابات البلدية في موعدها. هذه الخطوات، وإن بدت اعتيادية في دول مستقرة، إلا أنها في لبنان تعبر عن استعادة جزئية للدينامية المؤسساتية، في لحظة كانت توصف بأنها أقرب إلى الانهيار الكامل. وبينما يستمر الخطاب المتشائم في تجاهل هذه المحطات، يرى المصدر أن المنظومة السياسية، على تعقيداتها، أظهرت قدرة على إنتاج حلول مرحلية على الأقل».
وفي موازاة هذه الإشارات، لم تغب العلاقة اللبنانية - العربية عن خارطة التحسن، إذ يشير المصدر إلى أن «عودة هذه العلاقات إلى مسارها الطبيعي ليست تفصيلا ديبلوماسيا، بل ركيزة أساسية في مسعى تثبيت الاستقرار السياسي والاقتصادي للبنان. لكنه يسجل بأسف إصرار البعض على تصدير صورة سوداوية، تغلب الفشل على الإنجاز، وتقزم أي تقدم لصالح خطاب الإحباط الشعبي».
في الملف الأمني، يكشف المصدر عن «استمرار التنسيق الوثيق بين لبنان وسورية، على مستوى الأجهزة الأمنية كما على صعيد وزارات الدفاع، بدعم ومتابعة من أطراف إقليمية وازنة، لاسيما المملكة العربية السعودية. الهدف الأساسي لهذا التنسيق، هو منع الانفلات على الحدود المشتركة، وإرساء منظومة أمنية تحصن الداخل اللبناني من تداعيات الفوضى العابرة للحدود. وفي هذا السياق، فإن الشائعات التي تتحدث عن توترات أو مواجهات في مناطق حدودية هي جزء من حملة تضليل منهجية لا صلة لها بالوقائع الميدانية».
أما فيما يتصل بملف الفساد، الذي يشكل محورا مركزيا في النقاش السياسي والشعبي، فيؤكد المصدر أن «مكافحة الفساد تمضي في طريقها من دون غطاء طائفي أو حزبي، وأن الملفات المفتوحة تطال شخصيات من أطياف متعددة، ما يعد دليلا على جدية المقاربة، لا مجرد استخدام ظرفي للملف في سياقات سياسية. مع التشديد على أهمية حماية استقلالية القضاء وتمكينه من أداء دوره بلا تدخلات».
وعلى جبهة السيادة الوطنية، تتجه الأنظار إلى الورقة اللبنانية التي قدمت للموفد الدولي توماس باراك، والتي تطالب بانسحاب إسرائيل من التلال الخمس واحترام متكافئ لاتفاق وقف إطلاق النار. ووصف المصدر هذه الورقة بأنها «واضحة وصريحة ولا تقبل التأويل أو المساومة، وأن أي تأخير أو مماطلة في الرد الدولي لا يخدم الاستقرار في المنطقة، ويضع علامات استفهام حول النيات».
الملف الأمني لا يغيب عن الواجهة، فمع تصاعد التوترات الإقليمية وعودة الحديث عن تمدد الجماعات المتطرفة، يجمع المسؤولون الأمنيون، بحسب المصدر، «على أن الاستقرار اللبناني لايزال ممكنا مادام القرار السياسي والأمني موحدا. والأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها في ملاحقة الخلايا الإرهابية وتفكيكها في مراحلها المبكرة، مع التحذير من خطابات التحريض والتهويل التي تغذي الانقسام ولا تخدم سوى الأجندات العابرة للوطن».
وفيما يخص سلاح «حزب الله»، يلفت المصدر إلى «وجود تواصل مباشر مع الجهات المعنية، وأن المفاوضات في هذا الملف تتقدم وإن ببطء، باتجاه إيجاد صيغة توازن بين ضرورات الأمن وثوابت السيادة. وكل النقاشات تتم في إطار سياسي مباشر، بعيدا من الأطر الرسمية».
الاستحقاق الانتخابي بدوره لم يغفل في هذا السياق، إذ جدد المصدر «التزام الدولة بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، وتأمين هذا الحق يشكل امتدادا للديمقراطية الدستورية التي لا يزال لبنان متمسكا بها رغم العواصف».
وعند الحديث عن حقوق المودعين، لم يخف المصدر الواقع المالي الصعب، معتبرا «أن الأزمة لن تجد طريقها إلى الحل إلا بعد إقفال الفجوة المالية الكبرى».
وفي خاتمة مواقفه، شدد المصدر على أن «بناء الدولة لا ينجز بخطابات أو وعود لحظية، بل هو مسار طويل ومتشعب، يتطلب إرادة ومثابرة. ومن يعتقد أن التغيير يصنع في ليلة واحدة، يتجاهل تعقيدات البنية اللبنانية. ما يبنى بصمت، يهدد بالضجيج، لكن الرهان الحقيقي يبقى على من يعمل، لا على من يصرخ».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
منذ 6 ساعات
- الأنباء
«المحاسبة» ترأس اجتماع وكلاء دواوين المراقبة والمحاسبة بدول «التعاون»
ترأس ديوان المحاسبة الاجتماع السادس والعشرين لوكلاء دواوين المراقبة والمحاسبة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي عقد أمس عبر تقنية الاتصال المرئي، برئاسة وكيل الديوان يوسف المزروعي، وبمشاركة الوكيل المساعد للشؤون الإدارية والمالية وتقنية المعلومات بالإنابة د.سعود الزمانان. استهل المزروعي الاجتماع بكلمة أكد فيها على أهمية هذا الاجتماع الذي يعقد في إطار التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي، آملا أن يسهم الاجتماع في تعزيز القدرات الرقابية وتكامل الجهود المشتركة. وأضاف أنه تمت مناقشة الخطة الاستراتيجية للتدريب والتطوير، والتي تعد ركيزة أساسية في رفع كفاءة الكوادر البشرية ومواكبة التطورات المهنية في مجال التدقيق والرقابة المالية والإدارية. وأشار المزروعي إلى التزام الأجهزة بمواكبة المستجدات في المعايير الدولية والأساليب الحديثة في تعزيز كفاءة أداء المدقق والمراجع، وضمان الاستخدام الأمثل للمال العام من خلال إعداد واستحداث العديد من الأدلة الرقابية. وأثنى على مقترحات ودراسات الأجهزة التي من شأنها الارتقاء بآليات العمل، وتحقيق الأهداف بأفضل الممارسات الممكنة، آملا الخروج بتوصيات بناءة تسهم في دفع مسيرة العمل الخليجي المشترك. من جهة أخرى، قال د.سعود الزمانان إن الاجتماع ناقش عددا من الموضوعات المهمة، من أبرزها توصيات ومخرجات الخطة الاستراتيجية للتدريب للفترة 2023-2025، بالإضافة إلى استعراض مسودة الخطة الاستراتيجية للتدريب للفترة المقبلة (2026-2028)، ونتائج مسابقة مجلس التعاون في مجال الرقابة والمحاسبة للبحوث والدراسات السادسة. كما أشار إلى أن الاجتماع تضمن مقترح جهاز الإمارات للمحاسبة بشأن «حوكمة آلية مراجعة حسابات الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية»، بالإضافة إلى مناقشة مسودة اللائحة التنظيمية لجائزة التميز الوظيفي في دواوين الرقابة المالية والمحاسبة الخليجية لعامي 2026-2027.


الأنباء
منذ 6 ساعات
- الأنباء
تدور حول تقنيات تطبيقات الذكاء الاصطناعي وفن التحدث أمام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والاستدامة وجودة الأداء في العمل الحكومي
قالت مصادر لـ«الأنباء» إن ديوان الخدمة المدنية سينظم ثلاثة برامج تدريبية مخصصة لوكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين ومن في مستواهم الوظيفي، خلال الفترة من سبتمبر إلى ديسمبر المقبل. وتتضمن البرامج الثلاثة برنامجا بعنوان«تقنيات تطبيقات الذكاء الاصطناعي»، ويعقد خلال الفترة من 29 سبتمبر حتى 1 أكتوبر. ويهدف هذا البرنامج إلى التعرف على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والأداء والانتاجية في العمل وكيفية استخدام تلك التقنية في عملية اتخاذ القرارات من خلال تحليل البيانات والمعلومات وتوليد أفكار وحلول مبتكرة. الأهداف التدريبية: في نهاية البرنامج التدريبي سيتمكن المشارك من: •التعرف على التطبيقات الحديثة في الذكاء الاصطناعي. • تعريف مفهوم الذكاء الاصطناعي وآلية العمل به. • التعرف على نماذج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. • بيان المبادئ والأخلاقيات العامة في التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي والاعتبارات الأمنية لاستخدامها. •تطبيقات عملية. وحسب المصادر، سيكون البرنامج الثاني بعنوان«فن التحدث أمام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي»، ويعقد خلال الفترة من 3 حتى 5 نوفمبر، ويهدف هذا البرنامج إلى تعزيز قدرات القياديين الخطابية وكيفية إيصال الرسائل الفاعلة والتحدث أمام الجمهور وكيفية إدارة المقابلات (الصحافية - التلفزيونية - الاذاعية - ووسائل التواصل الاجتماعي) وقيادتها في الاتجاه الأفضل وإصدار التصريحات لأجهزة الإعلام المختلفة. الأهداف التدريبية: في نهاية البرنامج التدريبي سيتمكن المشارك من: • التعرف على السياسات الإعلامية في دولة الكويت وأسس التعامل مع المقابلات الصحافية والإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة. • التمكن من الإلمام بأنواع المقابلات والحوارات الصحافية وكيفية التحضير الجيد والاستعداد لها. • معرفة أسس الخطابة وفن الإلقاء. • عقد المؤتمرات الصحافية والإعلامية الناجحة. - كيفية التعامل مع أسئلة الإعلاميين المعتادة أو المفاجئة في المقابلات الصحافية وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. • كيفية تحسين وتطوير مهارات القيادة الرقمية للقياديين بإستخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق نجاح المؤسسة الحكومية في الإعلام الرقمي. •تطبيقات عملية. ويأتي البرنامج الثالث بعنوان»الاستدامة وجودة الأداء في العمل الحكومي، ويعقد خلال الفترة من 1 حتى 3 ديسمبر. ويهدف هذا البرنامج إلى التعرف على المفاهيم الأساسية للاستدامة وكيفية تحقيقها من خلال وضع سياسات واضحة، وتطبيق تقنيات مبتكرة، وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني مما يساعد على تحقيق الأهداف المرجوة وضمان جودة الأداء في الخدمات الحكومية. الأهداف التدريبية: في نهاية البرنامج التدريبي سيتمكن المشارك من: التعرف على مفهوم الاستدامة وأهميته في الجهات الحكومية. • تحديد معايير جودة الأداء وآلية قياسها، وكيفية استخدام نماذج تقييم الأداء المعتمدة مثل نموذج (EFQM))و (ISO). • إستخدام مؤشرات أداء رئيسية لقياس الاستدامة وجودة الأداء، وكيفية متابعة وتحليل تلك المؤشرات. • التعرف على كيفية دمج الاستدامة في استراتيجيات العمل الحكومي. • التمكن من تحفيز فرق العمل على الالتزام بمعايير جودة الأداء وأساليب التحسين المستمر في الأعمال. • تشجيع التفكير الابتكاري في تطوير الخدمات الحكومية. •تطبيقات عملية.


الأنباء
منذ 7 ساعات
- الأنباء
وزير الخارجية السوري التقى نظيره الروسي في موسكو: نريد علاقة سليمة بين البلدين قائمة على التعاون والاحترام المتبادل
أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أثناء زيارته إلى موسكو أن دمشق ترغب في أن تقف روسيا إلى جانبها، فيما دعا إلى «الاحترام المتبادل» بين البلدين. وقال الشيباني لنظيره الروسي سيرغي لاڤروڤ: «نمر بمرحلة مليئة بالتحديات وهناك فرص كبيرة لسورية ونطمح لأن تكون روسيا بجانبنا»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا». وأضاف: «نحن هنا اليوم لنمثل سورية الجديدة حيث نريد أن نفتتح علاقة صحيحة وسليمة بين البلدين قائمة على التعاون والاحترام المتبادل». من جهته، قال لاڤروڤ إن روسيا «مستعدة لتوفير كل المساعدة الممكنة لإعادة الإعمار في سورية بعد النزاع».