
بيت حانون… تصحيح لغوي لمصطلح 'التفوّق العسكري'!نضال بن مصبـاح
بقلم: نضال بن مصبـاح
ليست معركة. ليست حتى 'حادثة أمنية'. ما جرى مساء أمس في بلدة الشمال الدموي ليس قابلاً للضبط في نشرات جيش الاحتلال، ولا في بيانات الناطق بلسان الذل. ما جرى هو درس ميداني مكتمل: كيف يُزرع الموت في لحظة صمت، وكيف تُرتّب الجنازات قبل صدور الأوامر.
تمام العاشرة، بقوائم متعبة من تكرار الاجتياح، دخلت كتيبة 'نتسح يهودا' إلى مساحة ظنّتها مطهّرة، ومضت في خطى الغزاة الواثقين. لم يُطلق رصاص، لم يُرفع نداء. وحده الانفجار تكفّل بالإعلان.
عبوة واحدة قالت لهم: هذه الأرض ليست صامتة.
ثم ثانية أكدت: ودمكم ليس غاليًا.
جيش الكيان اعترف بخمسة جنود تحوّلوا إلى أشلاء، وأربعة عشر إصابة متفاوتة، بينهم ضابط كبير.
لكن المنصات العبرية تتحدث اليوم عن عشرين جثة تم دفنها في قبر جماعي، لأن الأشلاء اختلطت ببعضها، ولا تزال الرقابة العسكرية – كالعادة – تتكتم، فيما تتداول بعض المصادر عبارة: 'فقدنا الاتصال بثلاثة جنود'…
لكن حماس لم تكن تحتفل بعد.
فورًا، ومن خلف الظلال، انطلقت زخّات النار.
ليس للقتل فحسب، بل للتشويش، ولخلط المشهد، لبعثرة الجنود، وكأن الاشتباك كُتب بسيناريو محكم، مصوَّر بزوايا دقيقة، أشبه بفيلم لم يجد فيه العدو دور البطولة، بل دور الضحية.
الهجوم لم يكن تكتيكًا عابرًا، بل أطروحة ميدانية في فنّ الغرز في قلب العدو.
عبوات زُرعت في أرض قصفتها الطائرات مرارًا، ورآها المحتلون من الأقمار والدرون.
ومع ذلك، انفجرت عليهم كما لو أنها فجّرت تاريخهم كله في وجوههم.
ثم جاء الجزء الأصعب…
لم يفر المقاومون. لم يعودوا إلى قواعد خلفية، لم يختبئوا في أنفاق أو يلتقطوا أنفاسهم.
بل أطلقوا الرصاص على فرق الإجلاء!
أرعبوا المنقذين، وشوّشوا الميدان، وأربكوا 'النجدة'.
لم يكن اشتباكًا فقط… بل إعادة برمجة لارتباكهم الميداني، وسيناريو كتبه الفلسطيني بقلم من نار.
بيت حانون لم تعد 'معبرًا' بين موتين، بل أصبحت فاصلًا لغويًا بين الاجتياح والانتحار.
بلدة كأنها لعنة تمشي على ساقين. يدخلها الجنود بالعربات، ويخرجون منها بالنعوش.
وكلما توغّلوا، وجدوا فيها وجوهًا لم تَمُت، وأيادي لم تُكسر، وألغامًا لم تُرسم على الخرائط.
قالوا إنهم يستخدمون الرؤية الليلية…
حسناً، هل رأوا عبواتهم وهي تُحصد؟
قالوا إنهم 'يُطهرون الأرض'…
فهل شاهدوا من طهّرهم منها؟
منذ مارس، سقط أكثر من 70% من قتلى الكيان الصهيوني بفعل عبوات المقاومة.
هذا رقم لا تتداوله حماس، بل تنشره 'إسرائيل' على استحياء.
من بين 38 قتيلاً منذ أيار، 27 طارت أجسادهم بفعل التفجير.
كمين بعد كمين. شارع بعد شارع. مبنى بعد مبنى.
ولا شيء يتغير… سوى لون الشارة الطبية التي تأتي لتلملم ما تبقى من الجنود في أكياس سوداء.
ما جرى في بيت حانون لم يكن مجرد رد…
بل كان إملاءً جديدًا لقواعد الاشتباك:
أن تُهاجَم حين تعتقد أنك آمن.
أن تنزف دون أن تعرف من أين جاء الرصاص.
أن يُدفن جنودك دون أن تستطيع تصوير جثثهم.
أن تُكسر هيبتك في كل طلعة، وكل محاولة 'تقدُّم'.
بيت حانون تقول للجيش:
لا تعبث في الأرض كثيرًا… فكل شبرٍ منها فيه أحد أبنائنا نائم، أو مستيقظ، أو يستعد للمفاجأة القادمة.
غزة اليوم لا تقاتل فقط، بل تعيد تعريف الجغرافيا العسكرية…
تحوّل كل منطقة إلى شرك، كل زاوية إلى فخ، كل نافذة إلى شاهد، وكل صمت إلى تمويه.
في غزة، لا تُعلّق البطولات على الجدران… بل تُخَطّ بالدم.
وفي بيت حانون، لا يُعدّ عدد الاشتباكات… بل يُعدّ عدد التوابيت العائدة.
في بيت حانون… لم تكن العبوة من معدنٍ فقط، بل من يقينٍ تربّى في قلب أمٍ نذرت ابنها ليُفجِّر كذبة التفوّق.
هناك، لا يُزرع المتفجرات وحسب، بل يُزرع الإيمان، ويُروى بالغضب، ويُقطف على هيئة شهيد يُعيد ترتيب الخريطة.
هناك، لا يموت المقاومون… بل يصعدون على سلالم الانفجار إلى الله.
وهناك، لا تنكسر البيوت… بل تُبنى في السماء شُققًا للشهداء.
'في غزة، لا يُخطّط المجاهدون وحدهم… فالله معهم ، يُرشدهم متى يضغطون الزر،
ويُربك من في أبراج المراقبة،
ويُبقي الحجارة حيّة،
والعبوات ذكية،
والشهداء عائدين باسم جديد… ووعدٍ قديم.
وعدٌ لا يُلغى.
نارٌ لا تُخمد.
وقلبٌ لا يهادن.
وفي كل اشتباك تتجلّى حقيقة واحدة:
'وما رميتَ إذ رميت… ولكن الله رمى
2025-07-12
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 4 دقائق
- شفق نيوز
تعرف على أكثر البلدان الأوروبية بأيام العطل الرسمية
شفق نيوز- متابعة لفت موقع "كل شيء عن أوروبا"، الذي يصف نفسه بأنه "أول موقع فرنكفوني تعليمي عن الاتحاد الأوروبي"، الأنظار حول عدد أيام العطل الرسمية في البلدان الأوروبية بعد ما أثير من جدل في فرنسا حول ذلك الموضوع. واقترح رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا بايرو، يوم أمس الثلاثاء، خلال عرضه مشروع الموازنة العامة للعام 2026، إلغاء يومي عطلة رسميين "اثنين الفصح" و"الثامن من مايو"، الأمر الذي أثار الجدل بشكل واسع لدى الفرنسيين، ما يطرح السؤال، هل فرنسا هي فعلا أكثر البلدان الأوروبية من حيث عدد العطل الرسمية؟. وبحسب الموقع الأوروبي، لا تتصدر فرنسا ترتيب البلدان القارة العجوز في عدد العطل الرسمية سنويا. وكتب الموقع في مقال خاص حول الموضوع إن "الرقم القياسي لعدد أيام العطل الرسمية الممنوحة للموظفين تحتفظ به قبرص بإجمالي 15 يوما وتأتي بعد ذلك كرواتيا وإسبانيا وسلوفاكيا وبلغاريا ورومانيا ومالطا بـ14 يوما". وماذا عن البلدان الأخرى؟، يضيف الموقع "الأمر نفسه (أي مثل فرنسا) بالنسبة لإستونيا والسويد والمجر وإيطاليا واليونان ولوكسمبورغ"، مشيراً إلى أن "البلدان ذات السجلات الأسوأ هي هولندا وألمانيا والدانمارك، حيث تبلغ عطلها الرسمية 9 إجازات رسمية". فيما يتعلق بالحد الأدنى من الأيام في الإجازة السنوية المدفوعة الأجر التي يكفلها القانون، "كان لدى إسبانيا ومالطا في 2025 أكبر عدد من الأيام، حيث بلغ عددها 30 يوما في السنة. وفي فرنسا، يضمن القانون لكل موظف إجازة مدفوعة الأجر لمدة 25 يوما كحد أدنى".


شفق نيوز
منذ 4 دقائق
- شفق نيوز
أول موقف كوردي من أحداث السويداء "الدامية": تصلنا مناشدات من أهلنا الدروز
شفق نيوز- دمشق دعا قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، يوم الأربعاء، إلى ضرورة وقف الأعمال العدوانية في السويداء فوراً، مؤكداً أن سوريا لن تنهض بـ"الثأر"، بل بالحوار والعقل. وذكر عبدي في تدوينة على منصة "إكس" تابعتها وكالة شفق نيوز، "تصلنا مناشدات من أهلنا في السويداء لتأمين ممرات آمنة للمدنيين ووقف الهجمات التي تستهدفهم". وشدد، أن "قتل النساء والأطفال والاعتداء على الرموز الدينية جريمة بحق الإنسانية وقيم السوريين، ويجب وقف هذه الأعمال العدوانية فوراً ومحاسبة المسؤولين عنها". وأضاف "بعد 14 عاماً من الحرب، آن الأوان لوقف نزيف الدم، فإن سوريا لن تنهض بالثأر، بل بالحوار والعقل". واختتم بالقول إن "قضية أهلنا الدروز قضية وطنية، وحلّها يجب أن يكون دستوريًا وعبر الاحتكام للحوار". هذا وأعلن فصيل درزي ووزارة الداخلية في سوريا، الأربعاء، عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء.


شفق نيوز
منذ 4 دقائق
- شفق نيوز
الزعيم الروحي للدروز يعلن الاستمرار بالقتال ضد الجيش السوري
شفق نيوز- دمشق أعلن الزعيم الروحي للدروز في سوريا، الشيخ أبو سلمان حكمت الهجري، يوم الأربعاء، استمرار القتال ضد الجيش السوري، رافضا أي تفاوض او اتفاق. وقال الهجري في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، إن "نُحيي فيكم روح البطولة والكرامة، ونُهيب بكم مواصلة التصدي للعصابات الإرهابية المسلحة الإجرامية، التي أتت لتفتك بأهلنا وتُبيد وجودنا، فارتكبت أبشع الجرائم من قتل وسرقة ونهب، وأحرقت البيوت والمشافي ودور العبادة دون تمييز من دين أو ضمير، ودون تمييز بين صغير أو كبير، بين رجل أو امرأة". وأضاف "إننا في الرئاسة الروحية نؤكد على ضرورة الاستمرار في الدفاع المشروع، واستمرار القتال حتى تحرير كامل تراب محافظتنا من هذه العصابات دون قيد أو شرط، ونعتبر ذلك واجبًا وطنيًا وإنسانيًا وأخلاقيًا لا تهاون فيه". وتابع "ندعو ما تبقى من فلول هذه العصابات إلى إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم لشبابنا الأبطال. ونُشدد على أبنائنا، أن من يسلّم سلاحه فهو في عهدتنا، فلا يُهان ولا يُنكّل به، فهذا من شيمنا وأخلاقنا التي تربّينا عليها، ولا نقابل الباطل بمثله، بل نرتقي عليه بثبات الحق وعدالة القيم". وشدد على أنه "كما نؤكد للرأي العام المحلي والدولي، أنه لا يوجد أي اتفاق أو تفاوض أو تفويض مع هذه العصابات المسلحة التي تُسمّي نفسها زورًا حكومة. ونُحذّر من أن أي شخص أو جهة تخرج عن هذا الموقف الموحّد، وتقوم بالتواصل أو الاتفاق من طرف واحد، ستُعرض نفسها للمحاسبة القانونية والاجتماعية دون استثناء أو تهاون". وقبل قليل، أعلنت الطائفة الدرزية ووزارة الداخلية في سوريا، عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء. وقال زعيم طائفة الموحدين الدروز بالسويداء الشيخ يوسف جربوع، في بيان له: نوافق على تنظيم السلاح الثقيل بما يضمن إنهاء مظاهر السلاح خارج الدولة. وتابع "انسحاب الجيش إلى ثكناته وتفعيل الأمن الداخلي وحواجزه من أبناء المحافظة"، مبينا "طريق دمشق - السويداء وتأمينه وضمان سلامة المواطنين من مهام الدولة". وأكد "تشكيل لجنة لتقصي حقائق والتحقيق في الانتهاكات التي حصلت وتعويض المتضررين". كما نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا"، عن مصدر في وزارة الداخلية: تم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء ونشر حواجز أمنية في المدينة واندماجها الكامل ضمن الدولة السورية.