
سويسرا تُحيى أشباح "بريكست" لتعزيز الوصول إلى السوق الأوروبى
لكن هذه الدولة تجد نفسها أمام خيار سياسي حاسم: إما الانضمام إلى الاتحاد والحفاظ على الوصول إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، مقابل تقديم مساهمات مالية، واستقبال مهاجرين، والتنازل عن بعض السلطات القضائية.. وإما الرفض.
لكن هذه المرة، القضية لا تخص بريطانيا.. بل سويسرا.
فبعد أكثر من عقد من المفاوضات الشاقة مع بروكسل، توصلت الدولة الواقعة في جبال الألب إلى اتفاق من شأنه الحفاظ على وصولها إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي وتحسينه.
غير أن الاتفاق، الذي سيُطرح لاستفتاء شعبي، يتضمن جميع القضايا الشائكة نفسها التي عقدت علاقة المملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي، مثل المساهمات في الميزانية، وسياسات الهجرة، ودور القضاة الأجانب، حسب ما نقلته صحيفة 'فاينانشيال تايمز' البريطانية.
ويشمل الاتفاق الجديد، الذي كُشف عن تفاصيله الشهر الماضي عقب توقيعه في ديسمبر، نحو ألف صفحة، من شأنها ترسيخ العلاقة بين سويسرا وأكبر سوق موحدة في العالم.
لكن حتى الاتفاقات الستة المتعلقة بالوصول إلى السوق، والتي تهدف إلى تنظيم التعقيدات السابقة، تأتي فوق أكثر من 120 اتفاقاً قطاعياً آخر ما تزال قائمة.
وفي حال الموافقة على الاتفاق، سيُلزم الإطار الجديد سويسرا بمحاكاة التعديلات التي تطرأ على تشريعات الاتحاد الأوروبي في مجالات تشمل تنظيم السلع والهجرة والكهرباء والنقل، أو مواجهة تدابير انتقامية.
ورغم أن بيرن، سيكون لها نفوذ محدود في كيفية صياغة هذه القوانين، فإنها ستكون مجبرة على دفع 375 مليون يورو سنوياً إلى ميزانية الاتحاد الأوروبي.
كما أن الاتفاق سيفتح الباب أمام إعادة انضمام سويسرا كعضو مشارك في برنامج 'هورايزون يوروب' للأبحاث العلمية، ويمنحها إمكانية المشاركة في هيئة 'يوروأتوم' للطاقة النووية، وبرنامج 'إيراسموس' لتبادل الطلاب.
ويوازي هذا الاتفاق في نواحٍ كثيرة صراع بريطانيا مع فكرة الموازنة بين السيادة الوطنية والوصول إلى السوق الأوروبية.
ففي مايو الماضي، وافق الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة على سلسلة من التعديلات تتعلق بقطاعات مثل الصيد والطاقة، في إطار ما وُصف بأنه 'إعادة ضبط' للعلاقة بين الجانبين.
وقال مسئول سويسري: 'شهدنا اهتماماً متزايداً من البريطانيين بشأن المفاوضات التي نجريها مع بروكسل'.
وتأتي هذه المفاوضات أيضاً في وقت تسعى فيه كل من لندن وبيرن إلى تعميق علاقاتهما الدفاعية والأمنية مع التكتل، وذلك بعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب الضمانات الأمريكية التي شكلت ركيزة أمن أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال أنطون سبيساك، الزميل في مركز الإصلاح الأوروبي، إن 'الموقف العلني للاتحاد الأوروبي لطالما كان أن المفاوضات مع سويسرا والمملكة المتحدة منفصلة، لكن في الواقع كان المفاوضون الأوروبيون حريصين على عدم خلق سوابق في أحد المسارين قد تؤثر على الآخر'.
وأضاف سبيساك أنه 'ليس من المفاجئ' أن يكون نفس المسؤولين الأوروبيين مشاركين في مفاوضات سويسرا وفي عملية إعادة ضبط العلاقة مع المملكة المتحدة.
فقد جاءت النتائج متطابقة تقريباً في قضايا مثل سلامة الأغذية والحَوْكمة في كلا الاتفاقين.
أما بالنسبة لسويسرا، فهي الآن أمام خيار القبول أو الرفض لهذا الاتفاق، في عملية يُتوقع أن تمتد لعدة سنوات.
في البداية ستُجرى مشاورات عامة حتى الخريف المقبل، ثم يُحال النص – مع احتمال إدخال تعديلات عليه – إلى البرلمان لبدء المناقشات العام المقبل.
وتعتزم الحكومة إجراء الاستفتاء بحلول يونيو 2027، وإلا فإن الانتخابات الوطنية المقررة في وقت لاحق من نفس العام قد تؤجل التصويت إلى 2028.
وتتضمن الآلية المسماة 'المواءمة الديناميكية' – أي التبني التلقائي لتعديلات قوانين الاتحاد الأوروبي – ستة مجالات رئيسية: الاعتراف المتبادل بمعايير السلع، والكهرباء، وسلامة الأغذية، والنقل الجوي والبري، وحرية التنقل.
ويمكن لبيرن الضغط على بروكسل والدول الأعضاء خلال صياغة التحديثات، لكنها لن تملك صوتاً في القرار النهائي، وستواجه عقوبات إن لم تنفذ التعديلات.
وهذا الأمر سيكون مقلقاً للكثير من السويسريين الذين يعتزون بنظامهم الديمقراطي المباشر الراسخ.
وقال أحد ممولي زيورخ: 'السويسريون دأبوا على اتباع هذه التحديثات على أي حال. لكنهم يريدون القدرة على اتخاذ القرار بأنفسهم. هذه هي النقطة الفارقة بالنسبة لنا'.
يحتوي الاتفاق أيضاً على بند تحكيم يضمن حل النزاعات من خلال لجنة مستقلة، وليس من جانب واحد من قبل محاكم الاتحاد الأوروبي، ما يراعي مخاوف سويسرا بشأن السيادة والاستقلال القانوني.
لكن في حال كان النزاع مرتبطاً بتشريع أوروبي، يتعين على لجنة التحكيم إحالة المسألة إلى محكمة العدل الأوروبية – أعلى سلطة قضائية في التكتل – للحصول على تفسير ملزم.
ورأى كارل بودنباخر، المحامي والخبير في القانون التجاري الدولي، أن محكمة العدل الأوروبية ستكون فعلياً السلطة القانونية الحقيقية خلف الكواليس.
وقال بودنباخر إن 'التحكيم ملزم قانوناً بطلب رأي محكمة العدل الأوروبية في أهم القضايا، وحكم المحكمة ملزم قانوناً للجنة التحكيم. هذا أشبه بالتمويه في جوهره'.
وكما هو الحال في بريطانيا، أصبحت ولاية محكمة العدل الأوروبية و'التبني الديناميكي' لتشريعات الاتحاد الأوروبي محوراً رئيسياً لحركة الرفض الأوروبي في سويسرا.
وقال فيليب إيرزينجر، الرئيس التنفيذي لحركة 'كومباس/أوروبا'، المناهضة للاتحاد الأوروبي والتي أسسها عدد من أصحاب رؤوس الأموال ورواد الأعمال: 'التبني الديناميكي لقوانين الاتحاد الأوروبي وأحكام محكمة العدل الأوروبية يغيران في نهاية المطاف نظام الديمقراطية المباشرة في سويسرا. هذا يقلل من تنافسيتنا'.
وأضاف إيرزينجر: 'على سبيل المثال، لا تحتاج إلى اتفاق حول حرية تنقل الأشخاص لتوظيف أفراد من دول أجنبية'.
ويعارض حزب الشعب السويسري اليميني المتطرف الاتفاق، رغم أنه حظي بدعم من بعض اليساريين.
أما الأحزاب الوسطية مثل الليبراليين، فلم تعلن بعد عن موقفها.
وتثور أيضاً تساؤلات حول العواقب إذا صوّت الشعب السويسري بالرفض.
ففي عام 2021، عندما انسحبت سويسرا من المفاوضات، رد الاتحاد الأوروبي بخفض مستوى مشاركة سويسرا في برنامج 'هورايزون يوروب'، وقد يتكرر الأمر إن لم يُصدق على الاتفاق بحلول نهاية عام 2028.
ورفض مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش التعليق على الإجراءات المحتملة، لكن مسؤولين أوروبيين قالوا لصحيفة 'فاينانشيال تايمز' إن الحفاظ على الوضع الراهن لم يعد خياراً.
ويقول مسئولون سويسريون إن تآكل الاتفاقات الثنائية الحالية قد يحمل تبعات خطيرة على المدى الطويل، مثل التأثير على قدرات التصدير السويسرية، والأمن، والنقل بين سويسرا ودول الاتحاد الأوروبي.
وقال أحد المسئولين المطلعين على الموقف في بروكسل: 'إذا جاءت النتيجة بـ (لا)، فإن الاتحاد الأوروبي يرى أن ذلك ينبغي أن يمثل نهاية الطريق للنهج الثنائي والمعاملة الخاصة لسويسرا'.
لكن في المقابل، يرى آخرون أن الوقت قد حان لعقد اتفاق مع الشريك التجاري الأكبر لسويسرا.
وقال جان كيلر، مدير شركة إدارة الأصول 'كويرو كابيتال' ومقرها جنيف: 'نعيش في ظل هذه الدراما منذ التسعينيات. أوروبا هي أكبر شريك تجاري لنا، وعلينا أن نحل هذه الإشكالية بطريقة مؤسسية، لا على أساس قطاعي'.
وأضاف كيلر: 'نعم، علينا أن نضمن حماية حقوق العمال وغيرها من القضايا الاجتماعية، لكن التوصل أخيراً إلى إطار دائم يتيح لنا العمل بحرية في السوق الأوروبية أمرٌ بالغ الأهمية'.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 33 دقائق
- الدستور
الذهب يتجه لتحقيق أول مكاسب أسبوعية منذ أسبوعين وسط تصاعد المخاوف المالية
ارتفعت أسعار الذهب عالميًا ومحليًا خلال تعاملات اليوم الجمعة 4 يوليو 2025، مدعومة بتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة، في ظل تنامي المخاوف المالية عقب موافقة الكونجرس الأمريكي على مشروع قانون خفض الضرائب والإنفاق المقدم من الرئيس دونالد ترامب، بالتوازي مع استمرار تراجع الدولار الأمريكي. وسجلت أونصة الذهب في السوق العالمي صعودًا بنسبة 0.5% لتصل إلى 3345 دولارًا، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من أسبوعين، بعدما افتتحت تداولات اليوم عند 3324 دولارًا، ويتم تداولها حاليًا قرب 3342 دولارًا للأونصة. ويأتي هذا الأداء رغم تراجع المعدن الثمين أمس بنسبة 0.9% عقب صدور بيانات أقوى من المتوقع لسوق العمل الأمريكي، مما عزز التوقعات بثبات أسعار الفائدة. ووفقًا للبيانات الصادرة أمس الخميس، أضاف الاقتصاد الأمريكي نحو 147 ألف وظيفة في يونيو، مع انخفاض معدل البطالة إلى 4.1%، ما دعم موقف الفيدرالي في الإبقاء على السياسة النقدية دون تغيير، وبالتالي شكل ضغطًا مؤقتًا على الذهب كونه أصلًا لا يدر عائدًا. لكن المعدن الأصفر تلقى دفعة قوية مع تمرير قانون ترامب الجديد، والذي يُتوقع أن يضيف ما يقرب من 3.4 تريليون دولار إلى الدين العام الأمريكي خلال العقد المقبل، ما أثار مخاوف المستثمرين بشأن تفاقم العجز المالي، ودفعهم لزيادة حيازاتهم من الذهب كأداة تحوط ضد تراجع الدولار والمخاطر الاقتصادية. في الوقت ذاته، استمر مؤشر الدولار في التراجع متجهًا نحو تسجيل خسائر للأسبوع الثاني على التوالي، مما جعل الذهب أكثر جاذبية لحائزي العملات الأخرى. وزاد من وتيرة المخاوف إعلان ترامب بدء إصدار إشعارات رسمية بفرض رسوم جمركية جديدة على صادرات الدول الكبرى، تتراوح بين 20% و30%، في إطار توجه للحد من الاتفاقات التجارية والاكتفاء بصفقات ثنائية مع دول محدودة مثل المملكة المتحدة وفيتنام. هذه التطورات تعزز احتمالات الضغط على الدولار، ما قد يفتح المجال لمزيد من الصعود في أسعار الذهب عالميًا، خاصة مع اقتراب موعد 9 يوليو الذي حدده ترامب لتنفيذ الرسوم. وفي هذا السياق، أفاد مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية أضافت صافي 20 طنًا إلى احتياطياتها من الذهب خلال مايو، رغم تباطؤ وتيرة الشراء مقارنة بالشهور السابقة. وتصدر بنك كازاخستان المركزي القائمة بإجمالي 7 أطنان، تلاه كل من تركيا وبولندا بـ6 أطنان لكل منهما، فيما باعت سنغافورة نحو 5 أطنان من احتياطياتها. الذهب محليًا: تحرك صعودي محدود وسط ضغط الدولار على الصعيد المحلي، ارتفعت أسعار الذهب في السوق المصرية بالتزامن مع الصعود العالمي، رغم استمرار الضغط الناتج عن تراجع سعر الدولار أمام الجنيه. وسجل سعر جرام الذهب عيار 21 – الأكثر تداولًا – نحو 4650 جنيهًا وقت إعداد التقرير الفني لجولد بيليون، مقارنة بـ4645 جنيهًا أمس، أي بارتفاع طفيف قدره 5 جنيهات. وكان الذهب المحلي قد فقد نحو 30 جنيهًا خلال تعاملات الخميس، متأثرًا بهبوط الأونصة عالميًا، إلا أن تعافي السعر العالمي اليوم ساعد في استعادة بعض الزخم داخل السوق المحلي. ورغم هذا الارتفاع، فإن تراجع الدولار في البنوك المصرية يُعد عاملًا ضاغطًا على أسعار الذهب المحلية، إذ يحد من سرعة وتيرة الصعود ويؤثر سلبًا على تسعير المعدن. وفي سياق متصل، أشار صندوق النقد الدولي إلى عزمه إجراء المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج التمويل المصري خلال خريف 2025، مشيدًا بتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، لا سيما في ملف التضخم والاحتياطي النقدي. التحليل الفني: الذهب يختبر المقاومة العالمية والمحلية فنيًا، تراجع الذهب العالمي أمس إلى مستوى 3325 دولارًا للأونصة، وهو مستوى تصحيحي يمثل 38.2% من موجة الصعود الأخيرة، قبل أن يرتد اليوم ليقترب من مستوى المقاومة 3350 دولارًا. ويترقب المستثمرون إغلاق الأسبوع لتأكيد اتجاه السعر على المدى القصير. محليًا، حافظ الذهب عيار 21 على تماسكه فوق مستوى 4650 جنيهًا للجرام، مدعومًا بتحسن الأونصة عالميًا، إلا أن استمرار هبوط الدولار يظل عائقًا أمام أي ارتفاعات قوية في السوق المحلي.


الدستور
منذ 33 دقائق
- الدستور
ترامب يعتزم تقييد تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي لماليزيا وتايلاند لمنع تهريبها للصين
ذكرت قناة NDTV الهندية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخطط لفرض قيود على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة – خاصة من شركة إنفيديا – إلى كلا من ماليزيا وتايلاند، ضمن جهود واشنطن للحد من تهريب أشباه الموصلات إلى الصين عبر دول وسيطة. وقالت NDTV في تقرير لها، اليوم الجمعة، إن وزارة التجارة الأمريكية تعمل على صياغة قاعدة جديدة تمنع وصول تلك الرقائق إلى بكين من خلال دول جنوب شرق آسيا، وهي خطوة تأتي امتدادًا لقيود سابقة فرضتها إدارة بايدن قبل مغادرته المنصب. وأوضحت القناة أن هذه القاعدة لا تزال قيد الصياغة وقد تخضع لتعديلات. وأضافت القناة نقلًا عن مصادر مطلعة، أن المسؤولين الأمريكيين يعتزمون ربط القيود المقترحة بإلغاء رسمي لقاعدة "انتشار الذكاء الاصطناعي" التي كانت قد أثارت اعتراضات من حلفاء واشنطن وشركات التكنولوجيا مثل إنفيديا، ما يعني أن القيود ستُفعل ضمن إطار أوسع لإصلاح السياسات التنظيمية السابقة. مساعي أمريكية لعرقلة وصول رقائق إنفيديا إلى الصين وتسعى الولايات المتحدة للحفاظ على الحظر المفروض منذ عام 2022 على تصدير أشباه الموصلات المتطورة إلى الصين، والذي شُدد لاحقًا ليشمل أكثر من 40 دولة، وسط مخاوف متزايدة من استغلال تلك الرقائق في تعزيز القدرات العسكرية والتقنية الصينية. واعتبر التقرير، أن هذه الخطوة تمثل أول إجراء رسمي ضمن سياسة ترامب الجديدة لنشر الذكاء الاصطناعي، والتي أعلنت عنها وزارة التجارة في مايو، إلا أنها لا تُقدم حتى الآن بديلًا كاملًا لسياسات الإدارة السابقة، ولا توضح على وجه التحديد الشروط الأمنية الخاصة باستخدام الرقائق الأمريكية في مراكز بيانات خارجية، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط. ورغم الطلب المتزايد عالميًا على رقائق إنفيديا، تخشى واشنطن من إمكانية وصول هذه التكنولوجيا إلى الصين سواء بشكل مباشر أو من خلال أنظمة الحوسبة السحابية في دول أخرى. وفي هذا السياق، صرح وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، خلال جلسة استماع في الكونجرس، بأن بلاده "ستسمح لحلفائها بشراء رقائق الذكاء الاصطناعي بشرط أن تُدار من قبل مشغل بيانات أمريكي معتمد، وتعمل عبر سحابة تديرها جهة أمريكية أيضًا". وامتنعت كل من إنفيديا، والحكومتين التايلاندية والماليزية وفقا للتقرير عن التعليق على الخطط الأمريكية، بينما أكدت ماليزيا في وقت سابق ضرورة وجود سياسات واضحة ومستقرة في قطاع التكنولوجيا. وسبق للرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جنسن هوانغ، أن صرح بعدم وجود دليل على تهريب الرقائق إلى جهات غير مصرح بها. ويُذكر أن جنوب شرق آسيا تُعد نقطة تركيز رئيسية للولايات المتحدة، في ظل استثمارات كبرى من شركات مثل "أوراكل" في مراكز البيانات بالمنطقة، وتصاعد الشحنات إلى ماليزيا مؤخرًا. وتشمل مسودة القيود إجراءات تهدف لتقليل التأثير على الشركات الكبرى، بما في ذلك استثناءات مؤقتة تسمح باستمرار الشحنات من الشركات الأمريكية ودول حليفة لبضعة أشهر بعد تطبيق القاعدة الجديدة. كما سيتم السماح ببعض الاستثناءات لتجنب الإضرار بسلاسل التوريد العالمية، نظرًا لاعتماد شركات كثيرة على مرافق التصنيع في جنوب شرق آسيا، لاسيما في عمليات التغليف والتجميع.


النهار المصرية
منذ 33 دقائق
- النهار المصرية
3 مواعيد فيصلية في إدارة الرئيس الأمريكي خلال صيف 2025.. ما هي؟
3 مواعيد نهائية وفيصلية خلال صيف عام 2025 في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ينتظرها العالم، ستعكس بوضوح الكيفية التي تنظر بها إدارته إلى مكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، فوفق معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، هذه التواريخ تشمل قرارات حول الرسوم الجمركية، ومشاركة واشنطن في المنظمات الدولية، وسقف الدين العام، والتي تحمل في طياتها دلالات سياسية واقتصادية قد تُعيد تشكيل المشهد العالمي. مفاوضات تجارية ثنائية تنتهي فترة السماح البالغة 90 يومًا التي منحها ترامب لإجراء مفاوضات تجارية ثنائية بشأن الرسوم الجمركية الجديدة، التي أُطلقت تحت مسمى «يوم التحرير»، في الثامن من يوليو، تلك الرسوم التي أثارت توترًا كبيرًا في الأسواق العالمية، تهدد بعرقلة سلاسل التوريد وزعزعة الاقتصاد الدولي. رغم إشارات ترامب إلى تمديد الموعد النهائي للدول التي «تتفاوض بحسن نية»، مثل الاتحاد الأوروبي واليابان والهند، إلا أن التقدم الملموس في المحادثات يبقى محدودًا، وتؤكد التقارير أن التفاهمات الراهنة لا تتجاوز كونها أُطرًا أولية لمزيد من المحادثات، دون وجود اتفاق شامل. وفي الأثناء، عرقلت المحاكم الأمريكية تنفيذ تلك الرسوم، ويدور جدل دستوري حول ما إذا كان ترامب قد تجاوز صلاحيات الكونجرس، ومن المرجح أن تصل هذه القضية إلى المحكمة العليا في الخريف، فيما يشير محللو "تشاتام هاوس" إلى أن هذه التطورات تعزز حالة عدم الاستقرار التجاري العالمي، دون أي بوادر لعودة قريبة إلى نظام تجاري عالمي منظم. توجهات متشددة داخل الإدارة أما عن الموعد الثاني، ففي الثالث من أغسطس، تنتهي مراجعة أطلقتها إدارة ترامب لجميع المعاهدات والمنظمات الدولية التي تشارك فيها الولايات المتحدة، هذه المراجعة التي أمرت بها وزارة الخارجية الأمريكية في فبراير الماضي، تهدف إلى تقييم مدى توافق التزامات واشنطن مع مصالحها الوطنية، وما إذا كانت قابلة للإصلاح. وتشير مؤشرات أولية إلى توجهات متشددة داخل الإدارة، فمشروع الجمهوريون 2025 يدعو إلى انسحاب أمريكي كامل من مؤسسات رئيسية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كما يوصي بالانسحاب من معاهدات دولية لم يصادق عليها الكونجرس. في المقابل، يقترح مشروع ميزانية ترامب لعام 2026 تخفيضات كبيرة في التمويل الأمريكي للمنظمات الدولية، تشمل خفضًا بنسبة 39% لمؤسسات مالية دولية، وتخفيضًا أكبر بنسبة 83% في تمويل الأمم المتحدة، مع إلغاء تمويل عمليات حفظ السلام و"يونيسف" وصندوق السكان، حتى منظمات مثل تحالف اللقاحات ومنظمة الصحة للبلدان الأمريكية تم استبعادها بالكامل. ورغم أن هذه التخفيضات تُعد حتى الآن مجرد مقترحات، إلا أن محاولات سابقة لعرقلة خفض التمويل فشلت، ما يعكس تحولًا جذريًا في موقف واشنطن من النظام التعددي الدولي، وفق ما جاء في تحليل «تشاتام هاوس». رفع سقف الدين بحلول منتصف أغسطس، يتوقع أن تعلن وزارة الخزانة الأمريكية بلوغ الولايات المتحدة الحد الأقصى المسموح به للاقتراض، ما يستدعي من الكونجرس رفع سقف الدين أو تعليقه قبل عطلة الصيف التشريعية. ويرتبط سقف الدين بشكل مباشر بالميزانية التي وضعتها إدارة ترامب، والتي تفترض زيادة في الإيرادات من الرسوم الجمركية، وتخفيضات كبيرة في الإنفاق الدولي، لكن الخلافات القانونية حول الرسوم قد تؤخر تحصيل العائدات المتوقعة، ما يزيد الضغط على الخزانة الأمريكية. يشدد التقرير على أن إدارة الدين الأمريكي بشكل منظم أمر ضروري للحفاظ على مكانة الدولار ونفوذ واشنطن المالي، وأي تعثر في هذا الملف قد يُضعف ثقة الأسواق في الاقتصاد الأمريكي، ويمسّ بعمق أسس القوة الأمريكية في النظام المالي العالمي. يرى «تشاتام هاوس» أن الأحداث المتوقعة هذا الصيف قد تُمثل نقطة تحول في العلاقة بين الولايات المتحدة والنظام العالمي الليبرالي الذي أسسته بعد الحرب العالمية الثانية، فما كان يُعد من ثوابت العلاقات الدولية مثل الالتزام بالتجارة الحرة، والمشاركة في المؤسسات الدولية، والاستقرار المالي لم يعد مضمونًا. فبعض المنظمات الدولية قد تُترك دون تمويل أمريكي، بينما سيواجه آخرون مسؤولين أمريكيين يساومون على استمرار التمويل مقابل تغييرات سياسية وجوهرية، وفي ظل تصاعد النزعة القومية، وتراجع التعددية، قد تجد واشنطن نفسها في مواجهة خيارات تعيد تعريف دورها كقوة عظمى. بحسب تقييم معهد «تشاتام هاوس»، لا يبدو أن إدارة ترامب تتجه نحو عزلة أمريكية كاملة، بل نحو إعادة تعريف للمشاركة العالمية، وفق منطق الانتصارات السياسية لا الالتزامات المؤسسية، لكن هذه الإستراتيجية، المبنية على فرض النفوذ وتحدي المعايير الدولية، قد تُفضي إلى إضعاف تلك الأدوات نفسها التي عززت القوة الأمريكية لعقود. في خضمّ الرسوم الجمركية المتجددة، وقطع التمويلات الدولية، ومعارك سقف الدين، يواجه العالم صيفًا حاسمًا في علاقته مع الولايات المتحدة. وهو صيف قد يُعيد تشكيل موازين القوة، ليس فقط في واشنطن، بل في النظام العالمي بأسره.