
'تقارير المربع' الرابحون والخاسرون من قرار ترامب التاريخي بإلغاء غرامات الانبعاثات واستهلاك الوقود
هذا القرار التاريخي لم يكن مجرد تعديل تقني في لوائح هيئة السلامة المرورية، بل هو نقطة تحوّل تُعيد رسم ملامح سوق السيارات الأمريكي والعالمي، وتطرح سؤالًا صريحًا: من الرابح ومن الخاسر؟
أولاً: الرابحون من قرار ترامب — شركات السيارات الكبرى تعود للتحكّم باللعبة
في طليعة المستفيدين تأتي الشركات الأمريكية الثلاث الكبرى: جنرال موتورز، فورد، وستيلانتس. هذه الشركات كانت تُواجه ضغوطًا متزايدة من برنامج CAFE الذي فرض عليها، خلال العقدين الماضيين، تقليص أحجام المحركات، تقليل أوزان السيارات، واعتماد حلول هجينة أو كهربائية مُكلفة، فقط لتجنّب دفع مئات ملايين الدولارات كغرامات سنوية.
القرار الجديد يُحرّر هذه الشركات من تلك القيود، ويفتح أمامها باب العودة إلى إنتاج سيارات كبيرة بمحركات قوية تستهلك وقودًا أكثر، وهي الفئة التي تُحقق فيها أرباحًا مضاعفة، خاصةً في أسواق مثل أمريكا والخليج.
جنرال موتورز وحدها كانت تُواجه غرامات تفوق 300 مليون دولار عن موديلات 2022 و2023 فقط، بحسب تقديرات إدارة سلامة الطرق السريعة. الآن، تم شطب هذا المبلغ بالكامل.
الرابح الثاني هي شركات السيارات اليابانية والكورية مثل تويوتا، نيسان، وهيونداي التي اضطرت لتسعير بعض موديلاتها الهجينة بأسعار خاسرة لتلتزم بمتوسط الانبعاثات المطلوب. في ظل الإلغاء الجديد، تستطيع هذه الشركات إعادة تقييم استراتيجياتها في السوق الأمريكي بعيدًا عن ضغوط الامتثال.
ثانيًا: الخاسرون — الصناعة الكهربائية وسوق الائتمان الكربوني في مهب الريح
في الجهة الأخرى، يقف الخاسر الأكبر: صناعة السيارات الكهربائية، وعلى رأسها تسلا. منذ أكثر من عقد، اعتمدت تسلا على بيع أرصدة الانبعاثات (Carbon Credits) إلى شركات أخرى غير ممتثلة للوائح CAFE، ما شكّل مصدر دخلٍ تجاوز مليار دولار سنويًا في بعض السنوات.
بإلغاء الغرامات، لم تعد تلك الأرصدة ذات قيمة، ما يعني خسارة مباشرة في الإيرادات. شركات مثل ريفيان ولوسيد، التي لم تدخل الربحية بعد، كانت تُراهن على بيع الأرصدة أيضًا، وستتأثر بشدة بهذا التحول.
كما يُعد القرار ضربة لقطاع البنية التحتية الكهربائية الذي راهن على تسارع التحول إلى السيارات الكهربائية. وقف الحوافز، ثم إلغاء الغرامات، ثم خفض التمويل الفيدرالي لمحطات الشحن – كلها إشارات تُظهر أن الدولة لم تعد تُراهن على الكهرباء كمسار إلزامي.
ثالثًا: ضحايا غير مباشرين — المستثمرون وصناديق المناخ
القرار لم يهز فقط أركان صناعة السيارات، بل وصل تأثيره إلى بورصة نيويورك. بعد الإعلان، تراجعت أسهم تسلا بنحو 6%، كما هبطت أسهم شركات مثل ChargePoint وEVgo التي تُعنى بمحطات الشحن. أما صناديق الاستثمار التي ركزت على أدوات مالية مرتبطة بالتحول المناخي (Green ETFs)، فقد أعادت تقييم حيازاتها بعد أن تراجعت القيمة السوقية للقطاع الكهربائي.
رابعًا: 50 عاماً من السياسات تُطوى بجرة قلم
برنامج CAFE وُلد عام 1975 بعد أزمة النفط، وكان يهدف لتقليل اعتماد أمريكا على النفط الأجنبي. تطوّر لاحقًا ليصبح أداة بيئية بامتياز، تُستخدم لفرض واقع صناعي جديد. والآن، بإلغائه بأثر رجعي، تُبعث رسالة واضحة: الاعتبارات الاقتصادية – وليس البيئية – ستقود المرحلة المقبلة.
الإجراء لا يُلغي فقط غرامات سابقة، بل يُعيد تعريف العلاقة بين الصناعة والدولة، ويُعطي الشركات صلاحية أكبر في تحديد ما تُنتجه، بعيدًا عن الحسابات السياسية والتنظيمية.
الخلاصة: مرحلة جديدة تنطلق
ما بين الرابحين والخاسرين، يتّضح أن قرار إدارة ترامب بإلغاء غرامات الانبعاثات ليس مجرد 'تخفيف تنظيمي' أو أداة محدودة لتبسيط اللوائح البيئية القاسية، بل تحوّل جذري في فلسفة السوق الأمريكي. الشركات التقليدية ربحت حرية الحركة، بينما تلقت الصناعة النظيفة ضربة في العمق.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تتبع أوروبا نفس النهج؟ أم أن القرار سيعمّق الفجوة بين السياسات البيئية عبر الأطلسي؟.. الزمن فقط كفيل بالإجابة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مباشر
منذ 25 دقائق
- مباشر
مؤشر "تاسي" يغلق مرتفعاً 1.3% بدعم القطاعات الكبرى.. وسط تحسن بالسيولة
الرياض ـ مباشر: أنهى سوق الأسهم السعودية "تداول" تعاملات جلسة اليوم الأربعاء بارتفاع ملحوظ، بدعم قطاعاته الرئيسية، بقيادة الطاقة والبنوك، وسط تحسن السيولة. وأغلق المؤشر العام للسوق "تاسي" مرتفعا بنسبة 1.3%، بمكاسب بلغت 140.73 نقطة، ارتفع بها إلى مستوى 10,983.93 نقطة. وارتفعت قيم التداول إلى 5.34 مليار ريال مقابل 4.93 مليار ريال، من خلال 564.8 مليون سهم مقارنة بكمية بلغت 515.7 مليون سهم، بنهاية جلسة أمس الثلاثاء. وعلى صعيد أداء القطاعات ، جاءت القطاعات القيادية مرتفعة بنحو جماعي، بصدارة قطاع الاتصالات الذي صعد 2.89 %، وارتفع قطاع البنوك بنسبة 1.71%، وبلغت مكاسب قطاع المواد الأساسية نحو 1.33%، كما ارتفع قطاع الطاقة 0.88%. وشملت المكاسب 207 سهماً، بصدارة سهم "الأندية للرياضة" الذي ارتفع 18.6%، واقتصرت الخسارة على 46 سهماً، تصدرها سهم "سيكو السعودية ريت" الذي انخفض 5.13% . وتصدر سهم "الأندية للرياضة" نشاط الأسهم من حيث القيمة، بـ 884 مليون ريال، وكانت أعلى الكميات لسهم "شمس" بكمية تداول بلغت 299 مليون سهم. وفيما يخص أداء السوق الموازي، أغلق مؤشر (نمو حد أعلى) مرتفعا 0.14%، ليربح 38.14 نقطة إلى قيمته، ارتفع به إلى مستوى 26,778.15 نقطة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام ترشيحات: الاستثمارات السعودية المباشرة في الخارج ترتفع إلى 236.9 مليار دولارالسعودية تدشن المرحلة التطبيقية الأولية للمركبات ذاتية القيادة السفارة السعودية في دمشق تتيح تراخيص السفر للراغبين من رجال الأعمال والمستثمرين


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
لوتنيك: اليابان اشترت خفض الرسوم الجمركية بتمويل استثمارات أمريكية
قال "هوارد لوتنيك" وزير التجارة الأمريكي، إن اليابان وافقت على تمويل مشروعات صناعية داخل الولايات المتحدة، في خطوة وصفها بأنها أشبه بشراء خفض الرسوم الجمركية. وأوضح "لوتنيك" في تصريحات لوكالة "بلومبرج"، الأربعاء، أن طوكيو لن تكون المشغّل المباشر للمشروعات، بل سيقتصر دورها على التمويل، مع تسليم هذه المشروعات لاحقًا لمشغّلين أمريكيين يتولون إدارتها. وأشار إلى أن أحد الأمثلة على هذه الشراكة يشمل بناء منشآت لإنتاج المضادات الحيوية داخل الولايات المتحدة، وهي أدوية لم تعد تُصنَّع محليًا منذ سنوات، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي يدعم هذه المبادرة لتوطين الصناعة الحيوية. وبحسب الاتفاق، سيتم تقاسم الأرباح بنسبة 90% لصالح الولايات المتحدة، و10% فقط تذهب لليابان، وهو ما اعتبره "لوتنيك" التزامًا استراتيجيًا من طوكيو يبرر خفض الرسوم على صادراتها.


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
ارتفاع أسعار المنازل في أمريكا إلى مستوى غير مسبوق بسبب نقص العرض
تراجعت مبيعات المنازل القائمة في الولايات المتحدة خلال يونيو، بعد سنوات من عجز في المعروض أدى إلى زيادة الأسعار لمستوى غير مسبوق. أظهرت بيانات صدرت الأربعاء عن الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، انخفاض مبيعات المنازل القائمة بنسبة 2.7% على أساس شهري إلى 3.93 مليون وحدة في يونيو، مقارنة بتوقعات تراجعها بنحو 1% فقط، ويعد هذا أدنى مستوى لها في 10 أشهر. وذكر "لورانس يون" كبير الاقتصاديين لدى الرابطة، أن عجز المعروض على مدار عدة سنوات دفع الأسعار للارتفاع إلى مستويات قياسية، وأن معدلات البناء أقل من وتيرة النمو السكاني. وورد في البيانات أن متوسط سعر المنزل القائم ارتفع بنسبة 2% على أساس سنوي غير معدل وفقاً للتضخم، ليسجل 435.3 ألف دولار الشهر الماضي، ويعد هذا مستوى غير مسبوق منذ بدء الرصد في عام 1999. وأوضح أن هذين العاملين يمنعان المشترين من الدخول إلى السوق، مُشدداً على الحاجة لزيادة المعروض من أجل رفع نسبة المشترين لأول مرة، رغم أن بعض الأسواق تبدو مُشبعة في الوقت الراهن.