
رئيس جامعة الأزهر يوجه التحية لأهل غزة ويؤكد:الحرية لا تنال إلا بالتضحية
وقد بدأ المؤتمر بالسلام الوطني، ثم تلاوة آيات من القرآن الكريم، وخلال كلمته نقل فضيلة الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس الجامعة، للحضور تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخِ الأزهرِ الشريف، مشيدًا بجهود فضيلته في جمع كلمة المسلمين تحت راية واحدة.
ووجه رئيس الجامعة التحية لصمود أهل غزة التي يُظلم أهلها منذ ما يقرب من عامين من آلة البطش الصهيوني الهمجي على مرأى من العالم ومسمع دون أن يرحمها العالم الذي يزعم أنه متحضر، لافتًا أن الحرية لا تنال إلا بالتضحية والفداء أو كما قال أحمد شوقي:
بِـــــــلادٌ مـــــاتَ فِتيَتُها لِتَــــحيا وَزالــــوا دونَ قَـــــومِهِمُ لِيَبــقوا
وَقَفتُـــم بَينَ مَــــــوتٍ أَو حَيـاةٍ فَإِن رُمتُــم نَعيـــمَ الدَهرِ فَاِشقوا
وَلِلأَوطـــانِ في دَمِ كُــلِّ حُـــــرٍّ يَــــــدٌ سَلَفَت وَدَيــنٌ مُستَـــــحِقُّ
وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا إِذا الأَحـــــرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا
وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا وَلا يُــــدني الحُقـــــوقَ وَلا يُحِقُّ
فَفي القَتلى لِأَجيــــــــالٍ حَياةٌ وَفي الأَسرى فِدى لَهُمو وَعِتقُ
وَلِلحُـــرِّيَّـــــةِ الحَمـــــراءِ بابٌ بِكُــلِّ يَــــدٍ مُضَـــــرَّجَـــةٍ يُــــدَقُّ
إن الله جلت قدرته قادر على أن يخرج من أصلاب المحنة منحة، فالمحنة تتبعها المنحة، وما ضاق أمر إلا اتسع، قال ابن زريق في عينيته السائرة:
عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِب فَرَجاً فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ
وأوضح رئيس الجامعة أن الثقافة العربية بحر محيط متلاطم الأمواج، ويتعذر الإحاطة به في قرن واحد من الزمان، فكيف بستة قرون كانت ملأى تَغَصُّ بالعلماء والنوابغ في كل علم وفن، وعلومُ العربية من أوسع العلوم، والمؤلفاتُ فيها عدد نجوم السماء.
وبيَّن رئيس الجامعة أنه حاول أن يجمع ما بين يديه مما دنا من متناوَلُه في مكتبته الصغيرة المتواضعة فكان الأمر صعبا جدا، موضحًا أن عالما واحدا من نوابغ هذه القرون حقيقٌ وحده أن يكون مادة خصبة لمؤتمر علمي، تُقَدَّمُ فيه الرؤى والدراسات المتأنية، وتنهض على شرف خدمة تراثه جمهرة من البحوث والدراسات الجادة، فهل ترى الإمام المتفرد عبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة 471 هـ مؤسس علم البلاغة تحيط بجوانب العظمة في فكره بحوثُ مؤتمر واحد؟ وقُلْ مثل ذلك في العلامة جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ الذي ترك نحو ستمائة مؤلَّف، كثيرٌ منها في الثقافة العربية،
وقل مثل ذلك في العلامة أبي الفرج ابن الجوزي المتوفى سنة 597 هـ الذي قالوا عنه: إنه ترك نحو خمسين ومائتي كتاب، وقل مثل ذلك في العلامة أبي بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هـ، ذكر أبو الأشبال الأستاذ المحقق الكبير السيد أحمد صقر في مقدمة تحقيق كتاب: «إعجاز القرآن» أن الباقلاني هو الذي قالوا عنه: إنه هو المجدد على رأس المائة الرابعة من الهجرة، وكان من عادته أنه إذا صلى العشاء وقضى وِرْدَه وضع دواتَه بين يديه، وكتب خمسا وثلاثين ورقة، فإذا صلى الفجر دفع إلى بعض أصحابه ما صنفه ليلته، وأمره بقراءته عليه، وأملى عليه من الزيادات ما يلوح له، وألف نيفا وخمسين كتابًا لم يصل إلينا منها إلا عدد قليل.
وأشار رئيس الجامعة أنه ظهر في هذه القرون عدد من الموسوعات الكبرى في الثقافة العربية، كل موسوعة منها قام بها مؤلِّفُ واحد، ولو اجتمعت في زماننا هذا لجنة ذات عدد من المؤلفين ما أطاقت أن تنجز موسوعة واحدة منها، وهذا دليل على علو همم علماء هذه الموسوعات وصدقهم وعكوفهم وانقطاعهم للعلم حتى بارك الله تعالى لهم في الوقت والعمر والعلم والعمل، فخلدوا للأجيال هذه الموسوعات التي تفتخر بها المكتبة العربية وتفاخر، ومن هذه الموسوعات: «صبح الأعشى في صناعة الإنشا» لأبي العباس القلقشندي المتوفى سنة 821 هـ الذي يقع في أربعة عشر مجلدا وهو من أجمع الموسوعات الأدبية والتاريخية والاجتماعية للأمة العربية، وكان القلقشندي مهموما برفع مستوى الكتاب الذي تردى في زمانه وهو في زماننا هذا أكثر ترديا ، حتى قال عبارته المشهورة: «لقد ظهر في زماننا كتاب لو أنصفوا لردوهم إلى الكتاب».
وأوضح رئيس الجامعة أن إرثنا الثقافي فيه كتب تدور حول موضوع واحد أو تجمع أبوابا متشابهة، ولكنها مع ذلك كما قال علماؤنا لا يغني فيها كتابٌ عن كتاب؛ لأن كل كتاب ينفرد بأشياء لا توجد في غيره، والقارىء اللبيب هو من يفطن إلى هذه المبتكرات التي ينفرد بها كل كتاب ويجعلها في سويداء قلبه، ويحاول أن يبني عليها ويخطو بعدها خطوة أو خطوات، حتى نملأ الفجوات التي تركها لنا من قبلنا من العلماء، وقضوا نحبهم وبادرهم الأجل ولم يفتحوا أبوابها ويعبدوا دروبها، وهكذا يتلقى الخلف الراية من السلف:
نجوم سماء كلما غاب كوكب بدا كوكبٌ تأوي إليه كواكبُهْ
وهذا العلامة ابن هشام المتوفى سنة 761 هـ الذي قالوا عنه: إنه أنحى من سيبويه، يجعل كتابه: «مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب» منبهة للعلماء ومأدبة تتبارى فيها أفهامهم ليقول لكل جيل: إن في النحو دقائق لا يفطن إليها إلا اللبيب؛ ولذا نص في عنوان كتابه على كلمة «اللبيب»؛ لأنه يخاطب بكتابه هذا الباحث الذكي المتوقد الفطن، وليس البليد الذي لا يفطن إلى المعاني، وتأمل أنه أراد بكتابه أن يغني القارىء عن جميع كتب الأعاريب، وحسبُك كتابا يغنيك عن غيره في علمه، مع يقيني أنه لا يغني كتاب عن كتاب. ولا يزال هذا الكتاب مأمًّا يقصده العلماء جيلا بعد جيل، ووجه رئيس الجامعة التحية إلى قسم اللغويات في الكلية العامرة أن اتخذه زاد مجالسه وأنس مؤانسه وسمير مُدَارِسه؛ فأدار عليه رحى المجالس، ورحم الله أياما قضيتها مع أعلام هذا القسم في مذاكرة كتاب سيبويه، ومع أعلام قسم البلاغة في مذاكرة كتاب: ثلاث رسائل في الإعجاز، ومع أعلام قسم الأدب في مدراسة كتاب: الكامل، ومع أعلام قسم أصول اللغة في مدارسة كتاب: الخصائص، ومع أعلام قسم التاريخ في مدارسة: مقدمة ابن خلدون، وكانت هذه التجربة في كليتي هي إمامي ورائدي في تعميمها على جميع الأقسام العلمية في الجامعة التي صار لها في مجالس العلم دوي كدوي النحل.
كما أوضح رئيس الجامعة أن عرض منائح الله -جل وعلا- لعلمائنا في هذه القرون أمر دونه خرط القتاد، ولكن "رب عجلة وهبت ريثا".
على أن الغاية التي نصبوا إليها هي أن تكون قراءاتُنا لتراث أسلافنا قراءة منتجة لمعرفة جديدة تتخذ من عطائهم أساسا تبني عليه، وتستلهم من أفكارهم أفكارا نضيىء بها دروب حياتنا المظلمة، ونفتح بها آفاق المعرفة في بيداء العولمة وصراع الهيمنة وغلبة القوي المتغطرس على الضعيف العاجز.
وبين رئيس الجامعة أن النقاط المضيئة التي تتفتح عنها أكمام العقول في تثوير المعرفة هي التي تتقدم بها العلوم والمعارف، ولم يعد هناك مجال لمن يكرر غيره أو يعيش في جلباب أبيه؛ وقال بعض علمائنا : " إذا رأيت الكاتب وليس له فضل من عقله فاتركه".
وقال رئيس الجامعة: أقتبس من متنبي العصر الحديث شاعرنا الكبير محمود حسن إسماعيل قوله:
خُلِقْتُ لأَرْتادَ رُوْحَ الحياة
وأَسْتَلَّ أعماقَها للوُجود
ومهما سَرَى قبلىَ السائرون
فإنى على كل خَطْوٍ جديد
وتلك هى الغاية العظمى أن يكون عطاء كل منا نورا يكشف السر البعيد، وأن لا يقف مع الظواهر الطافية على سطح الوجود.
وأوضح رئيس الجامعة أنه إذا خرجت جامعاتنا من كلياتها ومؤتمراتها ومحاضراتها ومسامراتها بتوصية واحدة هي: "إنتاج المعرفة" فقد خرجنا بيد ملآى بالخير كله؛ لأن إنتاج المعرفة هو قاطرة التقدم وامتلاك القوة في العلم، ورحم الله الشيخ الغزالي الذي قال: «إن درسا في الكيمياء عبادة خاشعة لله».
وختم رئيس الجامعة كلمته بوقفة مع صاحب العمدة المتوفى في القرن الخامس الهجري الذي كان يغرف من بحره ويأبى أن يكون صورة من غيره مهما كثرت في البحر الدلاء كما قال حسان رحمه الله:
لساني صارمٌ لا عيبَ فيه وبحري لا تكدره الدلاء
وقال في صدر كتابه الفريد: «العمدة» بعدما ذكر اختلاف الناس في الشعر: "وكل واحد قد ضرب في جهة، وانتحل مذهبا هو فيه إمامُ نفسه، وشاهدُ دعواه، فجمعت أحسن ما قاله كل واحد منهم في كتابه ليكون العمدة في محاسن الشعر وآدابه إن شاء الله، وعولت فيه على قريحة نفسي، ومعين خاطري، خوف التكرار ورجاء الاختصار»، وهذا نص جليل لابن رشيق يبعث في النفس خواطر كثيرة من اختلاف علمائنا في الحكم على الشعر وكثرة مذاهبهم فيه واجتهاد كل صاحب مذهب حتى صار "إمام نفسه وشاهد دعواه، يعول فيه على قريحة نفسه، ومعين خاطره"، وما أحوجنا في هذا الزمان الذي ضعفت فيه رياح التجديد إلى طبقات من العلماء يكون كل عالم منهم إمام نفسه وشاهد دعواه، ويأبى أن يكون رجع صدى لغيره وذيلا تابعا لسهواه.
وحين يُذْكَرُ كتابُ العمدة أُحِبُّ أن أنوه بعالمين جليلين من علماء الأزهر في زماننا قاما على شرف خدمة هذا السفر النفيس: الأستاذ الدكتور النبوي عبد الواحد شعلان أتم الله عليه نعمة العافية الذي عكف على تحقيقه سنين عددا، حتى أخرجه أحسن ما يكون، فعلا كتاب العمدة بتحقيقه علوا كبيرا، وشيخنا العلامة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى الذي نثر من كنانته شرحا لبعض درر هذا الكتاب في سفره النفيس: «من التراث النقدي» أحيا به فكر ابن رشيق إحياء وأضاء أفكاره وشب ناره وأعلى مناره، فكان شرحه له طرازا فريدا ونمطا جديدا في فقه هذا الكتاب، وتنزيل أفكاره على واقع حياتنا الأدبية والبلاغية وساحاتنا الفكرية والثقافية، وأدعو زملائي وأبنائي الباحثين وطلاب العلم أن يتخذوا من شرح الشيخ أنموذجًا يقاس عليه، ومثلا يحتذي في طريقة تعاملنا مع تراثنا وإرثنا الفكري والحضاري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

24 القاهرة
منذ ساعة واحدة
- 24 القاهرة
المفتي: الأزهر هبة إلهية وسُنّة كونية وسيظل البيت المعمور الذي تتجه إليه القلوب والعقول
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الأزهر الشريف هبة إلهية وسُنّة كونية، وقبلة لطالبي العلم من شتى بقاع الأرض، وسيظل البيت المعمور الذي تتجه إليه القلوب والعقول طلبًا للعلم والمعرفة، موضحًا أن الأزهر ليس مجرد مؤسسة تعليمية، بل منارة حضارية ترسّخ مفاهيم الوسطية والانفتاح، وتحتضن علوم الشريعة واللغة والإنسان. جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها فضيلته في الاحتفالية الكبرى التي نظّمتها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بمناسبة ختم شرح كتاب "علل الترمذي" للإمام ابن رجب الحنبلي، والذى قام بشرحه فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد معبد عبدالكريم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بحضور رسمي وعلمي رفيع، وتحت رعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر. وأوضح مفتي الجمهورية، أن علم الحديث يُعد من أبرز مفاخر الأمة الإسلامية التي اختصها الله بمنهج نقدي فريد، يميز الصحيح من السقيم، ما يجعل العناية به واجبًا حضاريا في ظل التحديات الفكرية المعاصرة وأن ختم شرح "علل الترمذي" في الجامع الأزهر يُمثّل تتويجًا لمسيرة علمية أصيلة، تُظهر استمرار المدرسة الأزهرية في أداء دورها التاريخي في صيانة السنة وترسيخ العلم الشرعي، وإبراز الجهود الفردية التي تسهم في نهضة الأمة العلمية والمعرفية. مفتي الجمهورية يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 30 يونيو مفتي الجمهورية يزور محافظ المنوفية ويتوجه لتعزية أسر شهداء حادث الطريق الإقليمي بكفر السنابسة المفتي: الأزهر هبة إلهية وسُنّة كونية وسيظل البيت المعمور الذي تتجه إليه القلوب والعقول وبين فضيلته، أن تناول السنة النبوية يتطلب صفاء في الفطرة، وسموًا في الفهم، وعلوًا في الهمة، بما يعكس أصالة المنهج الأزهري القائم على الجمع بين عمق النقل ونور العقل معتبرا أن هذه المجالس تجسد امتدادًا حقيقيًا لدور الأزهر العلمي في تثبيت مكانة العلوم الشرعية في وعي الأجيال الجديدة، وإحياء تقاليد المجالس الكبرى التي درج عليها علماء الأمة عبر العصور. ووجه مفتي الجمهورية الشكر لفضيلة الإمام الأكبر على رعايته لهذه المجالس العلمية التي تُعد من أبرز ملامح الدور الحضاري للأزهر، وتعبيرًا حيًّا عن استمرارية رسالته العلمية والتربوية موضحا أن انعقاد هذه الفعالية في رحاب الجامع الأزهر يحمل دلالة رمزية بالغة، لما يمثله الجامع الأزهر من كونه مركز إشعاع علمي وتاريخي محافظا على تواصل الأجيال عبر القرون، وجامعا للعلماء والطلاب على موائد العلم المتين، ضمن تقاليد علمية أصيلة تعكس هوية الأمة وترسّخ وحدة المرجعية سائلا المولى عز وجل أن يبارك الله في جهود العلماء، وأن يحفظ الأزهر الشريف منارة للعلم ونبراسا للوسطية. وشهدت الاحتفالية حضورًا رفيعا من كبار العلماء وقيادات الأزهر الشريف، في مقدمتهم فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، والأستاذ الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، الشريف والأستاذ الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر، والأستاذ الدكتور محمد عبدالدايم الجندي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، وعدد من أعضاء هيئة كبار العلماء، فضلًا عن حشد من أعضاء هيئة التدريس، والعلماء، والباحثين، وطلاب جامعة الأزهر، في أجواء علمية جسدت تواصل الأجيال، وعمق الانتماء لتراث الأمة.


نافذة على العالم
منذ 3 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : مكتب حقوق الإنسان بريمة: جريمة الحوثيين بحق الشيخ حنتوس تكشف الوجه الحقيقي للإرهاب الحوثي
الأربعاء 2 يوليو 2025 12:20 مساءً أدان مكتب حقوق الإنسان بمحافظة ريمة، بأشد العبارات الجريمة المروعة التي ارتكبتها جماعة الحوثي اليوم الثلاثاء، والتي تمثلت في محاصرة منزل الشيخ صالح حنتوس، ودار تحفيظ القرآن الكريم التابعة له، بالإضافة إلى الاعتداء على المسجد الملحق بالدار، في قرية "كحلة عزلة بني نفيع" مديرية السلفية. وذكر المكتب في بيان صحافي، نشرته وكالة سبأ الرسمية أن جماعة الحوثي، هاجمت منزل الشيخ حنتوس باستخدام أكثر من 50 طقماً وآلية عسكرية، في عملية وصفها بـ"الهمجية"، وهو ما أسفر عن إصابة الشيخ حنتوس، البالغ من العمر 75 عامًا، وزوجته المسنة، المعلمة والداعية، إلى جانب تدمير الشق العلوي من منزله، وإحراق منازل مدنيين مجاورين، وسط أنباء عن تلغيم المسجد تمهيدًا لتفجيره. وأكد البيان، أن المسعفين ورجال الوساطة مُنعوا من الوصول إلى المنزل لإسعاف الضحايا، ما يُعدّ انتهاكًا صارخًا لكافة القوانين والأعراف الإنسانية والدولية. وأشار المكتب، إلى أن الشيخ حنتوس لم يكن طرفًا في أي صراع سياسي أو مسلح، بل كان أحد رموز الإصلاح المجتمعي والتعليم القرآني في المنطقة..مشددًا على أن استهدافه يُعد استهدافًا للقيم الدينية والإنسانية. وطالب المكتب بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل في الجريمة، واعتبارها "جريمة حرب مكتملة الأركان"..داعيًا المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى التحرك لإدانة الحادثة والعمل على حماية المدنيين، كما دعا إلى إدراج مليشيا الحوثي في قوائم الإرهاب الدولية.


الدستور
منذ 4 ساعات
- الدستور
رئيس جامعة الأزهر: الهجرة النبوية معجزة متكاملة الأركان تجسّد عظمة النبى
نظم الجامع الأزهر احتفالية كبرى بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، في أجواء إيمانية وروحانية مهيبة، وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيه من الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وبحضور لفيف من علماء الأزهر وقياداته، يتقدمهم الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف العام على الرواق الأزهري، وسط حضور طلابي وجماهيري واسع ملأ جنبات الجامع الأزهر. وأكد رئيس جامعة الأزهر، أن الهجرة النبوية ليست حادثة تاريخية نمرّ بها مرور الكرام، بل هي معجزة متكاملة الأركان تجسّد عظمة النبي ﷺ وصبره وتوكله على الله، موضحًا أن النبي خرج من أحب البلاد إلى قلبه، تاركًا وراءه كل شيء، لأنه على يقين بأن الله ناصره، حتى لو تخلّى عنه الناس، وهذه ثقة لا يعرفها إلا أصحاب العقيدة الراسخة. وأوضح الدكتور "داود"، أن رحلة الهجرة تمثل خريطة حياة للمؤمنين، فهي تعلمنا أن طريق النصر ليس مفروشًا بالورود، بل إنه طريق مملوء بالامتحانات، مبينا أن الهجرة كانت انتقالًا من الاستضعاف إلى التمكين، ومن الحصار إلى بناء الدولة، مضيفًا أن الهجرة تعلمنا أن النصر لا يرتبط بكثرة عدد أو عدة، بل بالإيمان الصادق والعمل المتقن والتوكل الحق على الله، وأن من يتوكل على الله حق التوكل فلن يضيّعه، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾، موضحا أن كل تفصيلة في الهجرة كانت لحكمة ربانية ونعمة عظيمة. من جانبه، أشار الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إلى أن الهجرة النبوية تمثل مدرسة نبوية شاملة في القيادة، والتخطيط، وإدارة الأزمات، والتعامل مع الأعداء، موضحا أن النبي ﷺ، رغم كونه نبيًّا، لم يهمل الأسباب، بل خطط للهجرة بدقة، ورتّب لكل خطوة، حتى خرج من مكة بأمان، وبلغ المدينة بسلام، مؤسسًا أول دولة في الإسلام. وبيّن الجندي أن من أعظم دروس الهجرة قيمة "المؤاخاة"، التي أقامها النبي ﷺ بين المهاجرين والأنصار، فحوّل المجتمع من قبائل متنازعة إلى أمة واحدة، فكانت انطلاقة لمشروع النهضة الإسلامي الذي حمل لواءه النبي ﷺ وصحابته الكرام، وعلمتنا أن التحول لا يتم دون معاناة وصبر وثبات على المبادئ، مؤكدا أن الهجرة ليست فقط فرارًا من الظلم، بل هي بناءٌ للأمل، وانطلاقة نحو التمكين، ودعوة لتجديد العلاقة مع الله عز وجل في كل زمان ومكان. وفي ذات السياق، قال الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف العام على الرواق الأزهري، إن الهجرة النبوية لم تكن مجرد رحلة انتقال من مكة إلى المدينة، بل كانت تحوُّلًا حضاريًّا وفكريًّا، إذ قاد النبي ﷺ مشروعًا إلهيًّا هدفه إخراج البشرية من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان، ومن عبادة البشر إلى عبادة رب البشر، مبينا أن كل موقف في الهجرة يمثل درسًا مستقلًا في الإيمان والصبر والتخطيط. وأوضح المشرف العام على الرواق الأزهري، أن النبي ﷺ، برغم ما لاقاه من عنتٍ وأذى، ظل ثابتًا على دعوته، يحمل رسالة الله للناس جميعًا، ويدعوهم بالتي هي أحسن، مبينا أن من أهم معاني الهجرة: الإخلاص لله، والتجرد من المطامع الدنيوية، والاستعداد للتضحية من أجل العقيدة، مؤكدًا أن كل مسلم مطالب بأن تكون له "هجرة" من المعصية إلى الطاعة، ومن الغفلة إلى الوعي، ومن التواكل إلى التوكل. يأتي ذلك وفق توجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر، وباعتماد أ. د محمد الضويني وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، ود. هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر.