
حينما يختلط الثأر والإنتقام بالطاغوت والمقدس
وبسبب غياب الدولة الوطنية الجامعة بوصفها مؤسسة المؤسسات السياسية ظلت المؤسسة الثأر التقليدية القبلية العشائرية الجاهلية حية وفاعلة في مختلف الاقطار العربية فالسياسة تؤثر في حياة الناس بأشد مما تؤثر فيهم تقلبات الظروف الطبيعية (الاحوال المناخية التي منها: الرياح والحر والبرد والخصب والجدب والعواصف والفيضانات والإعصار والزلازل والبراكين والأوبئة حسب بول فاليري. وما حدث في سوريا وفلسطين واليمن والعراق وليبيا وفي غيرها من البلدان العربية يعد أسوأ بما لايقاس مما يمكن أن تفعله أشد الكوارث الطبيعية فتكا. فما أخطر السياسية وما أفدح شرورها إذ تركت تمشي على حل شعرها؟! ربما كان الفرق بين الكوارث الطبيعية والشرور الاجتماعية يكمن في أن الطبيعية لا تفرق بين الكائنات الحية وغير الحية التي تفتك بها بينما الشرور الاجتماعية والسياسية تستهدف ضحاياها بمبررات ايديولوجية عبثية لم ينزل الله بها من سلطان. الطبيعية تعيد الإنسان إلى حالته البيولوجية الأولى بوصفه كائنا أرضيا بين الكائنات الأخرى التي تقع على درجة متساوية من الظلم والضرر لأنها ببساطة بلا قلب ولا عيون! بينما السياسة والايديولوجيا تختار ضحاياها بقسوة لا مثيل لها بل إن السياسة تؤثر في حياة الناس تأثيرات بعيدة المدى وفادحة النتائج ويبلغ تأثيرها الغائر الطبقات العميقة للذاتية الاجتماعية والفردية. ولسنا بحاجة إلى التذكير هنا بمدى ذلك الأثر الفاجع الذي أحدثته شرور السياسية في حياة مجتمعاتنا العربية الراهنة والحالة السورية هي أحد أبرز تجليات تلك الكارثة السياسية. إذ إن أقل عنف يمكن أن يدفع الى تصاعد كارثي لا سيما في مجتمعنا المساواتي وفِي ظل غياب الدولة والمؤسسات العامة، فنحن جميعا نعرف إن مشهد العنف له شيء من (العدوى) ويكاد يستحيل احيانا الهروب من هذه العدوى، فاتجاه العنف يمكن بعد التمحيص يظهر التعصب مدمرا كالتسامح، وعندما يصبح العنف ظاهرا، يوجد إناس ينساقون اليه بعفوية وحماسة لاشعورية، ويوجد أخرون منهم يعارضون نجاحاته ولكن هولاء المعارضون السلبيون هم ذاتهم غالبا الذين يتيحون له الفرصة والشيوع والهيمنة. ويشبه رينيه جيرار في كتابه المهم (العنف المقدس) يشبه العنف في المجتمعات التقليدية الثأرية كمجتمعنا الراهن (باللهب الذي يلتهم كل ما يمكن أن يُلقي عليه بهدف إطفائه).
'بدأت المواجهات في السويداء منذ عشرة أيام بعد سلب تاجر درزي سيارة خضار وهو عائد إلى السويداء على طريق دمشق العام، ثم تبادل بين الطرفين: اختطاف أبناء طائفة من الأحيمر وخطف عشرة أفراد من قبل فصائل درزية كردّ على ذلك إذ تصاعد العنف المتبادل بشكل سريع في بين الدروز والعشائر البدوية مع تدخل الجيش والأمن واسرائيل ذاتها التي مهدت السبيل لبلوغ سوريا هذا الحال والمآل: عمليات انتقامية وتقابلية على الهويات الطائفية والعشائرية والقبلية والعنصرية، حيث فتحت النار جماعات مسلحة من الطرفين، ما أدى إلى سقوط قتلى وإصابات عديدة، إضافة لتضرر المدنيين. الاستخدام المكثف للأسلحة المتوسطة والثقيلة ساهم في ارتفاع عدد الضحايا.. مشاهد العنف الذي يجري بين الأطراف المتناحرة في سوريا اليوم شديدة القسوة والفظاعة فليس هناك ما هو اخطر ولا افظع من العنف المقدس، العدوان متأصل في طبيعة الانسان ولا مهرب من ذلك، لكن يظل العنف معقول وممكن في حدود الطبيعة البشرية منذ أن قام قابيل بقتل اخوه هابيل ، وهذا هو معنى' من يفسد في الارض ويسفك الدماء' كما جاء في التنزيل الكريم.
والعنف في هذه الحالة يكتسب صيغة بشرية بوصفه عنفا بين الاخوة الاعداء, بين أشخاص متخاصمين , بين ذات وأخر , لكن الخطر يكمن حينما يتحول إلى عنف مقدس بين ملائكة وشياطين ! كما هو حال حروب الطوائف المشتعلة اليوم في العراق وسوريا واليمن وغيرها, هنا يخرج العنف عن حدود معقوليته ويتحول إلى حالة ما قبل متوحشة, حيث ينشب المحاربين مخالبهم بعضهم ببعض كاسراطين البحر حتى الموت ّّ!.
ومن هنا يمكن لنا فهم حجم القسوة المهول الذي يتميز به هذا النمط من انماط العنف المقدس, انه لا يكتفي فقط بهزيمة الخصوم , لأنه غير موجودين هنا , بل هو سعي محموم لتخليص العالم من (شر مستطير) هو الشيطان الرجيم عدو (الله سبحانه وتعالى برحمته عما يصفون) ومن يعتقد انه تمكن من الامساك بالشيطان , ماذا تريده أن يفعل به؟ مع الشياطين كل شيء مباح ولا حرمات يمكنها ايقاف الغل المخزون من الاندياح. لكن المسألة تكمن في عدوى العنف وانتشاره مثل النار بالهشيم. إذ إن العنف الثأري المتبادل بين طائفتين كل منها تعتقد انها ملاك والأخر شيطان , يشبه اللهب الذي يلتهم كل شيء يلقي عليها بغرض اطفاءه . انه غل مركب من الثأر الجاهلي والتعصب الطائفي.
وفي سبيل فهم ما يحدث في سوريا اليوم لابد من تسليط الضوء والبحث العميق في البنية الثقافية الكلية لمجتمعنا التقليدي والشروط التي تجعل من هذا السلوك المدمر قابلاً للوجود والحضور والازدهار والسؤال هنا: ليس ماذا يفعل الناس ويقولون ويفكرون؟ بل: لماذا يفعلون ما يفعلونه؟ ويعتقدون ما يعتقدونه؟ ويقولون ما يقولونه؟ وذلك في سياق ممارستهم اليومية الحي المباشرة الفورية؟! وذلك لان العنف والثأر يوجدان في صميم الطقوس والأساطير والقيم والمعتقدات التي تشكل حياة وسلوك الناس في بلادنا ذات البنية الاجتماعية القبلية ، فما هو الثأر ؟ وكيف يمكن لنا اجتثاث عروقه الشريرة ؟ يرى الباحث الأنثروبولوجي ((لويس مير)) إن للثار معاني متعددة أهمها:
1. العداء الناجم عن اعتداء.
2. شعور المعتدى عليه بوجوب الثأر لنفسه.
3. شعور أفراد جماعة المعتدى عليه أن الاعتداء قد وقع على كل فرد من أفرادها ،لذلك يتوجب على كل فرد فيها أن يثأر لنفسه.
4. إمكانية تكرار الاعتداء باعتداء مقابل هذا معناه إن الثأر مرتبط ارتباطا حميما بالبينة الواقعية لحياة الإنسان في المجتمعات القرابية فالفرد في مجتمعنا لا يتمتع بشخصية فردية متميزة أو كيان شخصي قانوني مستقل، بل يتصرف ويعمل وينظر أليه على إنه عضواً أو جزءاً من جماعة معينة سواء كانت هذه الجماعة قبيلة أو قرية أو منظمة سياسية الخ.
فالقاتل حين يقتل شخصا ما في مجتمعاتنا العربية التقليدية فإن عمله لا يعتبر جريمة في نظر المجتمع ككل ، بل جريمة موجهة إلى الوحدة الاجتماعية التي ينتمي أليها القتيل ، فلا ينصب الأهتمام أكثر ما يكون على المذنب وإنما على الضحايا الذين لم يثأر لهم.
وبالنتيجة فإنه للعمل على وقف الثأر كما للعمل على وقف الحرب لا يكفي إقناع الناس أن العنف كريه وخطير ومدمر ذلك لإنهم مقتنعون بأنهم يصنعون لانفسهم واجبا للثأر منه. إذ أن تضامن الجماعة هنا هو القانون الأعلى فما دام لا يوجد جهاز ذو سيادة ومستقل كي يحل محل المعتدى عليه وكي يوقف الثأر ، فإن خطر التصاعد اللامتناهي يستمر.
إن الجهود لمعالجة الثأر وتحديده وايقافه تبقى وقتية وعابرة، بدون نظام قضائي عادل يحتويه من جدوره وستمضي سنين طويلة قبل أن يكشف الناس إنه لا يوجد فارق بين مبدأ العدالة العامة والقضاء المستقل ومبدأ الثأر التقليدي الخاص. فالمبدأ هو نفسه النافذ في الحالتين؛ (مبدأ التبادل العنيف بين الجريمة والعقاب) كما يقول رينيه جيرار . وهذا المبدأ أما أن يكون عادلاً وتكون العدالة آنئذ مائلة في عقاب المجرم وأما أن لا توجد أي عدالة عامة وهنا يشبه الثأر العام الثأر الخاص ولكن يوجد فارق ضخم بين الثأرين على المستوى الاجتماعي : الثأر الذي لا ثأر له ، أي ثأر القضاء العادل وجهاز السلطة العام الذي يتكفل بآخذ القصاص العادل من المجرم فالعملية بذلك تنتهي ويسود الأمن والسلام ، وحينها يكون خطر التصعيد العنيف أسُتبعد الى الأبد . والثأر اللا متناهي هو الثأر التقليدي الخاص الذي يريد أن يكون انتقاما وكل انتقام يستدعي انتقامات جديدة ، ومضاعفة الانتقامات هي المغامرة المهلكة التي تهدد وجود وسلام واستقرار المجتمع كله، ولهذا فان الثأر يشكّل في أي مكان من دول العالم المتحضر موضوع تحريم صارم جدا.
هكذا إذا كان الثأر عملية لانهاية لها كما نعرف بالتجربة الحياتية فلا يمكن أن نطلب منه احتواء العنف، وفي الحقيقة هو ما يجب احتواءه، ولا توجد أي وسيلة ناجحة لذلك غير المؤسسة القضائية أي الدولة والقانون، المتعارف عليها جميع المواطنيين الذين يخضعون للسلطتها بقناعتهم.
أن النظام القضائي العادل، لا يلغي الثأر بل يعقلنه، فلا فرق بين نظام قضائي عادل ومبدأ الثأر فالإصرار على عقاب المجرم ليس له من معنى أخر غير الأخذ بالقصاص بحق الضحية من المجرم المذنب.
فالسلطة القضائية التي وكلت من الجميع بشكل كامل والتي ليست شيئا أخر سوى ذاتها ولاتعود إلى شخص ولا تنحاز إلى جماعة، هي وحدها التي يجب أن تحتكر الثأر احتكارا مطلقا، وهي وحدها القادرة على خنق الثأر ولجم شهوة العنف. فهل عرفنا ألان البؤرة التي تتطّلع منها رؤوس الأفاعي والشرور الاجتماعية و منها العنف الثأر والثأر المضاد؟ إنها العدالة الغائبة بسبب غياب الدولة والقانون. الم يحن الاوان لتفعيل عمل المؤسسات القضائية والأمنية وأعلى شأن القانون الذي يجب أن يكون سيد الجميع بلا استثناء وبلا قلب ولا عيون.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 22 دقائق
- اليمن الآن
حضرموت.. خفر السواحل تعلن العثور على جثة الشاب المفقود على ساحل مدينة الشحر
أعلنت قوات خفر السواحل في محافظة حضرموت، الخميس، عن العثور على جثة الفتى المفقود البالغ من العمر 14 عامًا، الذي جرفته التيارات البحرية أثناء تواجده في مياه البحر قبالة سواحل مدينة الشحر، وذلك بعد جهود بحثية مكثفة استمرت لساعات طويلة. وأفاد مكتب التوجيه المعنوي بقوات خفر السواحل في بيان رسمي، بأن مواطنين عثروا على الجثة فجر اليوم الخميس على الشاطئ الرملي بالقرب من شركة المرجان، حيث تم على الفور إبلاغ غرفة عمليات خفر السواحل، التي باشرت التنسيق مع الجهات الأمنية والطبية المختصة، وقامت بنقل الجثمان إلى مستشفى الشحر العام لاستكمال الإجراءات القانونية والطبية اللازمة. وأعرب مكتب التوجيه المعنوي عن خالص تعازيه ومواساته لأسرة الطفل المكلومة، داعيًا الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. وأكد المكتب أن الحادثة أثارت مشاعر الحزن والأسى بين أوساط المجتمع المحلي في مدينة الشحر، مشيدًا بالجهود الكبيرة التي بذلتها فرق البحث والتمشيط التابعة لخفر السواحل، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، في سبيل الوصول إلى الجثة وإنقاذها من مياه البحر التي شهدت اضطرابًا في الحالة الملاحية خلال الساعات الماضية. وفي سياق متصل، جدد مكتب التوجيه المعنوي بخفر السواحل دعوته لأبناء المجتمع والزوار إلى ضرورة الالتزام التام بالإرشادات والتوجيهات التي تصدرها الفرق الميدانية، وتجنب السباحة في الأماكن غير المخصصة أو في أوقات اضطراب البحر، مشددًا على أن السلامة العامة هي مسؤولية جماعية، وأن الالتزام بالتعليمات يُعد أول طوق نجاة يحمي الأرواح من خطر الغرق أو المخاطر البحرية. ودعا المكتب المواطنين إلى التعاون مع رجال خفر السواحل والتقيد بالتحذيرات التي تُبث عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في فصل الصيف الذي تزداد فيه معدلات التردد على الشواطئ، مؤكدًا استمرار قوات خفر السواحل في تنفيذ المهام الإنسانية والإنقاذية على مدار الساعة، وفقًا لتوجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة . وتُعد هذه الحادثة تذكيرًا مؤلمًا بأهمية اليقظة والانتباه عند التعامل مع مخاطر البحر، خاصة مع الأطفال واليافعين، حيث تُناشد قوات خفر السواحل أولياء الأمور بمزيد من الرقابة والمتابعة على أبنائهم خلال التواجد بالقرب من السواحل والمياه العميقة

اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
١٧ يوليو.. الذكرى العاشرة لتحرير عدن واستعادة الجمهورية وشرعيتها الدستورية
في مثل هذا اليوم المجيد من عام 2015، سطر أبناء اليمن الأحرار صفحه خالده في سفر النضال الوطني، حين انتصرت الإرادة الشعبية وتحررت العاصمة المؤقتة عدن من قبضة الانقلاب الحوثي، وارتفعت راية الجمهورية من جديد على أيدي رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فارتقوا شهداء في سبيل استعادة الدولة، وصون الكرامة، وحماية الهوية اليمنية الأصيلة. إن الذكرى العاشرة لتحرير عدن ليست مجرد مناسبة عابرة في روزنامة الأحداث، بل محطة فاصلة في الذاكرة الوطنية، لا تقل أهمية عن مناسبتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين، تستدعي وقفة إجلال لصناع النصر، ومراجعة صادقة لمسؤوليتنا الجمعية تجاه الوطن، وتأملًا عميقا في المسار الذي سلكناه منذ لحظة الانعتاق من قيد الانقلاب. في هذه الذكرى الوطنية الخالدة، نترحم على أرواح الشهداء الأبرار من أبناء اليمن، ونخص بالتحية والوفاء أشقاءنا من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، ودولة قطر، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية السودان، الذين امتزجت دماؤهم الزكية على تراب اليمن الطاهر، في ملحمة التحرير الكبرى لعدن. لهم، ولأسرهم، ولذويهم، كل العزاء والامتنان، وعهد لا ينكث بأن تبقى تضحياتهم نبراسا نهتدي به في معركة استعادة الدولة، واستكمال بناء مؤسساتها. كما نوجه في هذا المقام تحية إجلال وإكبار لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي وقف في وجه العاصفة، وتمسك بشرعية الدولة، وواجه الانقلاب من ميدان المسؤولية لا من هامش التاريخ، فكان رمزا للصمود، وقائدا للعبور نحو لحظة التحرير. ولا يسعنا، في لحظة صدق كهذه، إلا أن نُعبر عن أسفنا العميق لما واجهه كثير من الشرفاء، من عسكريين ومدنيين، ممن خاضوا غمار المعركة وشاركوا في صناعة النصر، من تهميش وإقصاء غير مبرر، وحرمان من التكريم المستحق، رغم تضحياتهم الجليلة التي ستبقى محفورة في ضمير الوطن. إننا اليوم، ومع حلول الذكرى العاشرة، نؤكد تمسكنا بالمبادئ التي ارتقى لأجلها الشهداء، وعلى رأسها: ترسيخ الأمن، وبناء الدولة، واستعادة السيادة، وتوحيد الصف الوطني، والارتقاء بحقوق المواطن وحماية مكتسبات الجمهورية، والانطلاق بثقة نحو مستقبل يليق بتضحيات أبناء اليمن. وبهذه المناسبة، نبارك للقيادة السياسية، ممثلة بفخامة الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وإخوانه أعضاء المجلس، ونتطلع إلى نجاح الحكومة الجديدة برئاسة الأستاذ سالم بن بريك، في ترجمة طموحات الشعب، وتفعيل مؤسسات الدولة، وتحسين الأداء الخدمي والأمني والقضائي. كما نحث البرلمان ومجلس الشورى على القيام بدورهما التشريعي والرقابي بكل مسؤولية وشفافية. والمسؤولية هنا لا تتوقف على مؤسسات الدولة الثلاث، بل تتخطاها الى دور الأحزاب و القوى السياسية غير المهيكلة، والتي تسعى للمحاصصة في سلطات الدولة، و ينخفض دورها جدا في تصويب اعمال ممثليها في الحكومة او بقية المؤسسات في الدولة، والتي من الواجب عليها عبر التكتل الوطني للأحزاب و القوى السياسية، ان تتيح الفرصة فعليا للقوى السياسية غير المهيكلة للانضمام لهذا التكتل ، كي تعزز من تواجد القوى الوطنية الحقيقية التي في الساحة السياسية، وان لا تكرر العمل السياسي النمطي الذي اسقط البلد في الماضي القريب. لقد كانت لحظة التحرير تتويجًا لوحدة الإرادة، وصلابة الموقف، وصدق الانتماء. وما أحوجنا اليوم إلى استحضار ذات الروح، وتوحيد الطاقات، وتوظيف الكفاءات الوطنية المؤهلة، لوضع رؤية استراتيجية تنهض باليمن، وتعيد ثقة المواطن بدولته، وتؤسس لشراكة فاعلة ومستدامة مع الأشقاء في الخليج، تقوم على الإدراك العميق لتفاصيل الواقع اليمني، وتراعي أمنه القومي وخصوصياته الوطنية، في إطار من الاحترام المتبادل والتكامل البنّاء. كما نُعرب عن تقديرنا العالي للمواقف الدولية، وفي مقدمتها موقف الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، في حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والتصدي للانتهاكات الحوثية التي تمس الأمن الاقتصادي العالمي، وتفاقم من معاناة شعبنا، عبر تعطيل التجارة ورفع كلفة السلع والخدمات. وفي هذه اللحظة المفصلية، نذكر بأن الوفاء للشهداء لا يكون بالشعارات، بل بالسياسات المسؤولة، وأن الحفاظ على نصر عدن هو امتحان للقيادة، ومعيار للشرعية، وأمانة أمام الله، ثم أمام الشعب والتاريخ. رحم الله شهداءنا الأبرار، وشفى جرحانا، وحفظ يمننا الغالي من كل شر، وجعل من تضحيات أبنائه جسراً نحو الحرية والكرامة والدولة العادلة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أ.د. محمد علي مارم مدير مكتب رئاسة الجمهورية الأسبق ممثل القائد الأعلى في قيادة وتحرير العاصمة عدن 17يوليو 2025م


وكالة الصحافة اليمنية
منذ 2 ساعات
- وكالة الصحافة اليمنية
أبو عبيدة: إخوان الصدق أنصار الله فرضوا على العدو جبهة فاعلة أقامت الحجة الدامغة على القاعدين والخانعين
Prev Post عاجل | أبو عبيدة: نتوجه بالتحية لشعبنا العزيز في يمن الحكمة والإيمان ولقواته المسلحة ولإخوان الصدق أنصار الله