
"بوتين" يتحدى "ترامب" ويتمسك بأهدافه في أوكرانيا.. هل تتحول موازين الصراع؟
يحافظ الكرملين على هدوء ظاهري إزاء تهديدات ترامب، حيث امتنع بوتين وكبار المسؤولين عن توجيه انتقادات مباشرة، لكن خلف هذا الصمت، تسود مشاعر الإحباط مع قبول بحتمية التوتر، وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لصحيفة "الجارديان" البريطانية، كانت موسكو تأمل في تعزيز علاقتها مع ترامب، لكنها استعدت دائمًا لمواجهة عقوبات أمريكية أشد وتدفق مستمر للأسلحة إلى أوكرانيا. ويرى محللون، مثل تاتيانا ستانوفايا، أن بوتين يضع أهدافه في أوكرانيا – التي يعتبرها مسألة وجودية – فوق أي تقارب محتمل مع الولايات المتحدة.
ورغم محاولات ترامب التواصل المباشر مع بوتين عبر مكالمات هاتفية، لم تُثمر هذه الجهود عن تقدم ملموس، بل على العكس، استمرت الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية، وهو ما وصفه مسؤول سابق في الكرملين بـ"الخطأ الاستراتيجي" الذي أثار استياء ترامب، الذي شعر بالإهانة الشخصية، ورغم تهديداته بفرض عقوبات وتقديم مساعدات عسكرية جديدة لكييف، بما في ذلك أنظمة باتريوت للدفاع الجوي، يرى المسؤولون الروس أن مهلة الـ50 يومًا تمنحهم فرصة لتكثيف عملياتهم، والتقدم البطيء للقوات الروسية نحو مدينة بوكروفسك الاستراتيجية، بدعم من هجمات الطائرات المسيرة، يعزز هذه الثقة.
ويتمسك بوتين بشروط سلام صلبة تشمل ضمانات ضد توسع الناتو شرقًا، وحياد أوكرانيا، والتسليم بالمكاسب الإقليمية الروسية، وهذه المطالب، التي تهدف إلى تقويض سيادة أوكرانيا، تعكس إصرارًا على تحقيق "نصر حقيقي"، كما يؤكد مصدر مقرب من الكرملين، ويرى فيودور لوكيانوف المحلل السياسي البارز، أن القيادة الروسية لا تستجيب للضغوط الخارجية، مما يدفع بوتين لمضاعفة جهوده العسكرية بدلاً من التراجع، وهذا الموقف يعكس هاجسًا بتجنب أي مظهر من مظاهر الضعف، حتى في مواجهة تهديدات ترامب.
وفئة من النخبة الروسية كانت تأمل أن يؤدي إعجاب ترامب الواضح ببوتين إلى تخفيف العقوبات وإعادة إحياء العلاقات التجارية مع الغرب، لكن هذه الآمال تتضاءل مع تصاعد التوترات، وفي المقابل، تكتسب الفصائل المتشددة في موسكو نفوذًا، معتبرة الصدام مع الولايات المتحدة أمرًا لا مفر منه، وبينما يظهر دعم شعبي روسي متزايد لإنهاء الحرب، فإن شروط بوتين الصارمة تجعل التوصل إلى تسوية بعيد المنال، مما يُضعف آمال هذه الفئة في تحقيق انفراج اقتصادي.
ومع استمرار روسيا في تكثيف هجماتها، خاصة عبر أسراب الطائرات المسيرة والهجمات الجوية على المدن الأوكرانية، تتجه الأنظار نحو رد واشنطن المقبل، حيث يشعر ترامب بالإهانة الشخصية من رفض بوتين لوقف إطلاق النار، واصفًا ذلك بأنه إساءة شخصية، وإصرار الزعيم الروسي على مطالب قصوى – مثل عدم توسع الناتو، وحياد أوكرانيا، والتسليم بالمكاسب الإقليمية – يؤكد رفضه للتسوية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
«كارتل الشمس» في مرمى الاتهامات.. واشنطن تضرب فنزويلا بعقوبات جديدة
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على مجموعة فنزويلية يُزعم أن الرئيس نيكولاس مادورو يقودها، متهمة إياها بدعم عصابات المخدرات الدولية. وصنّف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة هذه المجموعة المعروفة باسم «كارتل الشمس» كياناً إرهابياً عالمياً. ووفقاً لبيان وزارة الخزانة، تُتهم المجموعة بتقديم دعم مادي لعصابتي «ترين دي أراجوا» و«سينالوا»، وهما عصابتان إجراميتان كبيرتان تصنفهما الولايات المتحدة كجماعات إرهابية، وأشار البيان إلى أن المجموعة، التي يُزعم أن مادورو ومسؤولين فنزويليين كبار يقودونها، تلعب دوراً رئيسياً في تسهيل أنشطة تهريب المخدرات عبر الحدود. تأتي هذه العقوبات في سياق توتر طويل الأمد بين الولايات المتحدة وفنزويلا، حيث فرضت واشنطن سلسلة عقوبات على مسؤولين وكيانات فنزويلية منذ وصول مادورو إلى السلطة في عام 2013 خلفاً لهوغو تشافيز، وتتهم الولايات المتحدة مادورو بقيادة نظام استبدادي يقمع المعارضة، ويعرقل الانتخابات النزيهة، ويتورط في أنشطة غير قانونية، بما في ذلك تجارة المخدرات. وفي عام 2020، وجهت الولايات المتحدة اتهامات رسمية لمادورو ومسؤولين كبار بتهريب المخدرات، مع عرض مكافأة قدرها 15 مليون دولار للقبض عليه، كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قطاع النفط الفنزويلي، وهو العمود الفقري لاقتصاد البلاد، بهدف الضغط على مادورو للتنحي. وتتهم الولايات المتحدة «كارتل الشمس» بالتورط في شبكات تهريب المخدرات عبر الحدود، ما يساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي. وتأتي هذه العقوبات في أعقاب اتهامات متكررة لنظام مادورو بالفساد ودعم الجريمة المنظمة، وهي الاتهامات التي ينفيها مادورو بشدة، واصفاً إياها بـ«العدوان الإمبريالي» من قبل الولايات المتحدة. وتشمل العقوبات تجميد الأصول في الولايات المتحدة، وحظر التعاملات المالية مع الأفراد والكيانات المستهدفة، ومن المتوقع أن تزيد هذه الخطوة الضغوط الاقتصادية على فنزويلا، التي تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية حادة، مع ارتفاع معدلات التضخم ونقص المواد الأساسية. وقال مسؤول بوزارة الخزانة الأمريكية: «إن هذه العقوبات تهدف إلى محاسبة نظام مادورو على دوره في دعم الجريمة المنظمة وزعزعة الاستقرار الإقليمي»، في المقابل، أدانت الحكومة الفنزويلية العقوبات، واصفة إياها بـ«العدوان غير القانوني»، وتعهد مادورو بالرد من خلال تعزيز العلاقات مع حلفاء مثل روسيا والصين. أخبار ذات صلة


قاسيون
منذ ساعة واحدة
- قاسيون
أكسيوس: ترامب لا يضغط على نتنياهو في غزة بل يشجعه على المزيد
ووفق الموقع فقد قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي بدا عليه «الإحباط»، لمجموعة من عائلات الأسرى «الإسرائيليين» (ما يسمى الرهائن) يوم الجمعة بعد فشل الجولة الأخيرة من محادثات غزة: "علينا إعادة التفكير بجدية". ونقل "أكسيوس" عن مصدر مطلع أنه أثناء اجتماعه مع عائلات الأسرى في وزارة الخارجية الجمعة، قال روبيو عدة مرات إن الإدارة بحاجة إلى "إعادة النظر" في استراتيجيتها بشأن غزة و"تقديم خيارات جديدة للرئيس". وبحسب ما أورد "أكسيوس"، فإنه "بعد ستة أشهر من رئاسته، لا يزال الرئيس ترامب بعيدا كل البعد عن إنهاء الحرب في غزة. والأزمة الإنسانية أسوأ من أي وقت مضى، والمفاوضات متعثرة، والولايات المتحدة و«إسرائيل» تزدادان عزلة دوليا." وذكر الموقع الأمريكي، أن "انهيار محادثات وقف إطلاق النار قد يكون نقطة تحول لسياسة الإدارة تجاه حرب غزة". ولفت إلى أن "المسؤوين «الإسرائيليين» غير متأكدين مما إذا كان حديث ترامب عن "القضاء على حماس" تكتيكا تفاوضيا أو ضوءا أخضر لنتنياهو لاستخدام تدابير عسكرية أكثر تطرفا". وأشار "أكسيوس" نقلا عن مسؤولين «إسرائيليين» إلى أن "مسؤولي البيت الأبيض يقولون إن ترامب منزعج من قتل الفلسطينيين ويريد إنهاء الحرب، لكنه لم يمارس أي ضغط على نتنياهو لفعل ذلك، كما أن ترامب قال لنتنياهو "افعل ما عليك فعله في غزة" في معظم المكالمات والاجتماعات، وفي بعض الحالات، شجعه على التعامل بقوة أكبر مع حماس".


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
لماذا تستثمر إيران في تزويد الحوثيين بالقدرات العسكرية؟
على الرغم من الضربات الإسرائيلية المتكررة والحملة الجوية الأميركية في عهدي بايدن وترمب، ما زالت الجماعة الحوثية تنفّذ هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة وتستهدف سفناً تجارية في البحر الأحمر، ما يجعلها رأس حربة متقدمة للأجندة الإيرانية. تثير هذه القدرة الحوثية على مواصلة الهجوم على الرغم من الردود العسكرية والاستخباراتية الغربية تساؤلات متجددة حول أسباب إصرار إيران على الاستثمار العسكري المستمر في هذه الجماعة دون سواها في الوقت الراهن. ففي الوقت الذي تتعرض فيه طهران لضغوط داخلية وخارجية، مع تراجع نفوذها في سوريا ولبنان والعراق، يبدو أنها وجدت في الحوثيين الورقة الأهم على طاولة اللعب الإقليمي مع انخفاض التكلفة وتجنب المواجهة المباشرة. ولا يعود ذلك فقط، بحسب ما يقرأه المراقبون للمشهد اليمني، لقوة الجماعة العسكرية بل أيضاً إلى الموقع الجغرافي بأبعاده المختلفة، حيث التضاريس الصعبة، والمناطق الواسعة التي تسيطر عليها الجماعة، فضلاً عن السيطرة على جزء كبير من الساحل اليمني على البحر الأحمر. جانب من شحنة أسلحة إيرانية اعترضتها القوات اليمنية وكانت في طريقها إلى الحوثيين (إ.ب.أ) وإلى جانب البعد العقائدي ذي المرجعية الأصولية التاريخية الذي يربط إيران بالحوثيين، يبدو أن طهران تريد أن تأكل الثوم بفم الجماعة دون التورط من جديد في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، كما حدث في حرب الـ12 يوماً في يونيو (حزيران) الماضي. ويرى صالح البيضاني المستشار الإعلامي في السفارة اليمنية بالرياض أن إيران استثمرت لسنوات طويلة في الحوثيين باعتبارها ذراعاً عسكرية تتحرك وفق أجندة المصالح الاستراتيجية لطهران. ويجزم البيضاني بأن حاجة النظام الإيراني لهذه الذراع زادت بعد الضربة التي تعرضت لها أذرعه في لبنان وسوريا، وفي ظل المؤشرات المتزايدة على احتمال تحجيم الجماعات المسلحة التابعة لإيران في العراق. في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، يرى محمود شحرة، الباحث في المعهد الملكي البريطاني «شاتام هاوس»، أن طهران تعوّل على الحوثيين حالياً بشكل يفوق أي ذراع أخرى في المنطقة. ويقول: «كان هناك اعتقاد بأن إيران ستكون مشغولة بترميم وضعها الداخلي عوضاً عن دعم أبرز أذرعها مثل الحوثيين، ولكن الحقيقة أن إصرار إيران اتضح أنه أكثر، وأنها لن تتخلى عن استثمارها فيهم». ويضيف: «الحوثيون ليسوا مجرد أداة دفاع عن إيران بل هم ذراع هجوم مباشر عنها. هم الأجرأ والأكثر مغامراتية بين حلفائها. لا يقيّدهم قانون أو حسابات دبلوماسية». ويصف دور الجماعة بأنه «هجوم بالنيابة»، في وقت تتراجع فيه قدرة طهران على استخدام أذرعها التقليدية كـ«حزب الله» في لبنان، أو الميليشيات في العراق وسوريا. الحوثيون يستثمرون هجماتهم ضد إسرائيل لتعميق مشروعهم الانقلابي في اليمن (إ.ب.أ) وخلال الأسبوع الحالي، أعلن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أن قواته نفّذت «11 هجوماً» بين صواريخ فرط صوتية وطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية، في كل من تل أبيب وأسدود والنقب وإيلات، مؤكداً أن ميناء إيلات «عاد إلى الإغلاق التام»، واصفاً الأمر بأنه «هزيمة كبيرة للعدو الإسرائيلي». أشار الباحث اليمني فارس البيل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «إيران تنظر إلى اليمن كموقع استراتيجي يضمن لها أوراق ضغط إقليمية ودولية هائلة، لا سيما مع إطلالته على باب المندب والبحر الأحمر». ويضيف: «عبر دعم الحوثيين، تضمن طهران خلق حالة دائمة من التوتر في أحد أهم الممرات البحرية في العالم، ما يجعلها لاعباً لا يمكن تجاهله في أي معادلات إقليمية أو مفاوضات مع الغرب». وفي سياق ما تدعيه الجماعة من مناصرة للفلسطينيين في غزة، قال زعيمها عبد الملك الحوثي، في أحدث خطبه الخميس الماضي، إنها نفّذت منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 نحو 1679 هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيرة، والزوارق المفخخة. صاروخ باليستي كرر الحوثيون إطلاق أعداد منه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي) وعلى الرغم من الحملتين الأميركيتين والغارات الإسرائيلية الانتقامية لا تزال قدرات الجماعة الصاروخية قائمة، إذ يعتقد أن خبراء إيرانيين ومن «حزب الله» اللبناني هم مَن يتولون الإشراف على إعادة تجميع الأسلحة المهربة ومن ثم إطلاقها. وبحسب مراقبين عسكريين، فإن طبيعة تضاريس محافظات صعدة وعمران وصنعاء، والتنظيم المغلق للجماعة الحوثية، يُعقّدان من عمليات الرصد والاستهداف. وبالنظر إلى تفوق إسرائيل الاستخباراتي، إلا أنها تواجه صعوبات في تحديد أماكن إطلاق الصواريخ أو مواقع مخازن السلاح. وهذا يُفسّر استمرار إطلاق الصواريخ والمسيّرات، وقدرة الحوثيين على الاستمرار في شن الهجمات بغض النظر عن الأثر العسكري المباشر. ومع إصرار الحوثيين على ربط عملياتهم بملف غزة، يسعون من جهة ثانية إلى تسويق هذه المواجهة على أنها معركة وجودية مع إسرائيل، بما يخدم تعبئتهم الداخلية وأجندتهم الانقلابية على المستويين السياسي والإعلامي. تؤكد الحكومة اليمنية أن شحنات أسلحة متطورة لا تزال تصل إلى الجماعة الحوثية عبر الحرس الثوري الإيراني، تتضمن منظومات دفاع جوي وصواريخ بحرية وأخرى أرض- جو، ورادارات متقدمة، وطائرات مسيّرة، تم اعتراض بعضها خلال الأشهر الأخيرة والأيام القليلة الماضية. وفي حين تنفي طهران علاقتها بذلك، تشير التقارير الغربية إلى أن إيران لم تُوقف عمليات التهريب، بل زادت من وتيرتها بعد حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل في يونيو الماضي. صواريخ ضمن شحنة أسلحة إيرانية اعترضتها القوات اليمنية في البحر الأحمر (إ.ب.أ) ويقول فارس البيل: «تهريب الأسلحة للحوثيين لم يتوقف، بل يتم تطويره. اليمن أصبح ساحة لاختبار تقنيات إيرانية عسكرية في مجال الصواريخ والطائرات من دون طيار، واستعراض قدرات طهران عبر وكلائها». وتواصلاً لهذه الهجمات، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع تنفيذ 3 عمليات في الساعات الماضية استهدفت أهدافاً إسرائيلية في إيلات وعسقلان والخضيرة»، زاعماً أنها حققت أهدافها، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض صاروخاً واحداً. وأطلقت الجماعة نحو 54 صاروخاً باليستياً وعدداً غير محدد من المسيّرات منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، كما تسببت هجماتها في البحر الأحمر بين 6 و8 يوليو (تموز) الحالي، في غرق سفينتين يونانيتين ومقتل 5 بحارة واحتجاز آخرين، ليصبح عدد السفن الغارقة 4 سفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وتعاني إسرائيل رغم تفوقها العسكري في التعامل مع الحوثيين بسبب نقص المعلومات الاستخبارية الدقيقة حول مواقع قياداتهم أو منصات إطلاق الصواريخ، ما يدفعها إلى تكرار قصف البنى التحتية في الحديدة وصنعاء، دون القدرة على تحجيم قدراتهم فعلياً. طائرة من دون طيار أطلقها الحوثيون من مكان مجهول باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي) واستأنفت الجماعة الحوثية هجماتها في مارس (آذار) الماضي بالتزامن مع الحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة، والتي نجحت في إجبار الحوثيين على التوقف عن استهداف السفن الأميركية، وفق اتفاق رعته سلطنة عمان في السادس من مايو (أيار)، لكنه لم يشمل إسرائيل. ويتهم الوسط السياسي الموالي للحكومة اليمنية الجماعة الحوثية بأنها تسعى لاستخدام الهجمات ضد إسرائيل كـ«أداة دعاية» لتثبيت نفسها كلاعب إقليمي في محور المقاومة الذي تقوده إيران، رغم محدودية الأثر العسكري لهجماتها. الحوثيون يمثلون، اليوم، إحدى أكثر الأدوات فاعلية بيد إيران. فهم لا يكلّفونها جندياً واحداً على الأرض، لكنهم يحققون مكاسب استراتيجية. يقول شحرة: «إيران تقوم بما يمكن تسميته توزيع الأحمال. تريد نقل الجبهة إلى اليمن، بحيث تنقل التركيز والمعركة على الحوثيين بدلاً من أن تتحملها في طهران أو بيروت أو دمشق». ويوضح أن الدعم الإيراني للحوثيين لا ينبع من دافع آيديولوجي فقط، بل من حسابات واقعية. «هم ورقة ضغط على الغرب، ومصدر استنزاف لجيران طهران، وأداة ابتزاز للتأثير على مسارات التفاوض النووي، ورفع العقوبات، وتوسيع دائرة النفوذ». سفينة شحن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (المهمة الأوروبية أسبيدس) في كل هذه التحولات المتسارعة، يرى صالح البيضاني أن الجماعة الحوثية باتت «الرهان الناجح لابتزاز العالم ومقايضة الأمن الإقليمي والدولي بمصالح إيران، في ظل الانقياد الكامل الذي تبديه الجماعة بعيداً عن أي حسابات قد تمس مصالح اليمنيين «وهو نموذج يتوافق تماماً مع احتياجات طهران السياسية والأمنية»، بحسب قوله. ووفق الأكاديمي اليمني فارس البيل، فإن هذا الدعم للحوثيين «يمنح إيران القدرة على شن حرب استنزاف غير مكلفة ضد الغرب». ويضيف: «كلما زادت قدرات الحوثيين العسكرية، زادت قيمة هذه الورقة في يد طهران». من جهة أخرى، يعتقد مراقبون يمنيون أن تحجيم نفوذ الحوثيين لن يتم عبر العقوبات أو الضربات الجوية فقط، بل يتطلب تحركاً دولياً لدعم «عملية عسكرية برية شاملة»، وهي رؤية الحكومة اليمنية ذاتها، إذ لا تنفك عن المطالبة المستمرة بدعم عسكري مباشر لاستعادة الدولة وإنهاء انقلاب الجماعة الحوثية. مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ) وفي ضوء آراء المحللين اليمنيين والباحثين، يبدو أن إيران وجدت في الحوثيين أداة مثالية لإدارة حروبها بالوكالة، حيث يوفرون لها ذراعاً عسكرية فاعلة في جنوب الجزيرة العربية، وقاعدة بحرية متقدمة تتيح لها تهديد خطوط الملاحة الدولية بما يخدم صراعها الدولي المرتبط أساساً بملفها النووي وبرنامجها الصاروخي. ولذلك، لا يبدو أن إيران ستتخلى عن دعم الحوثيين في المستقبل القريب، بل على العكس، فكل المؤشرات تشير إلى أن طهران تنقل اليوم مركز ثقلها الإقليمي من شمال الجزيرة العربية إلى جنوبها، حيث باتت الجماعة رأس الحربة الأكثر طواعية والأقل تكلفة لتنفيذ أجندة النظام في طهران.