logo
وسام كيروز يكتب لـ«الرجل»: تستطيع أن تلمس الموسيقى.. لتحبها أكثر!

وسام كيروز يكتب لـ«الرجل»: تستطيع أن تلمس الموسيقى.. لتحبها أكثر!

الرجلمنذ 17 ساعات
لو سألنا الناس ما هي الأغنية التي كانت حديث العالم في صيف 2023 مثلًا، لن يتذكر أحد على الأرجح. هذا لأن الموسيقى أصابتها كل أمراض زمننا: الاستهلاكية، التعب السريع، قصر الانتباه، الوفرة، سرعة الرواج والأفول، والأسوأ ربما، فقدان الجسد المادي!
ابنتي البالغة من العمر 15 عامًا، حاولت أن تفسر لي لماذا تهوى شراء أسطوانات السي دي، وتبحث عن موسيقى من زمن آخر، مسجلة على وسائط من زمن آخر، وتخزنها في خزائن من زمن آخر. ابنتي قالت لي: "أحب الموسيقى أكثر عندما أستطيع أن ألمسها"!
للمفارقة، وقبل أسابيع فقط، اتصلت بي الوالدة حفظها الله لتسألني ما إذا كان يجب أن تتخلص من آلاف أشرطة الكاسيت التي أحتفظ بها في منزلها، ذلك المنزل حيث أمضيت طفولتي بين الأشرطة والتسجيلات، وحيث كنت أنتظر أغانيّ المفضلة ليبثها الراديو فأسجلها –مقتطعة في بدايتها بالتأكيد– وذلك في ممارسة لن يفهمها إلا من عايشوا زمن ما قبل الإنترنت.
كانت جملة ابنتي دافعًا لأعاود الاتصال بوالدتي، وأطلب منها أن تتحمل كل ذلك الغبار المتراكم فوق أشرطة الكاسيت، لأن في ذلك الغبار شيئًا من قصتي، وذكرياتي، وإرثي، وعواطفي، وعشقي للموسيقى، ووعدتها بأنني سأنقلها إلى مكان آخر.. لعله يليق بها.
الحقيقة أننا فقدنا مع الموسيقى تلك العلاقة العضوية، تمامًا كما فقدناها مع الصور. الصورة كانت مقتنى محبوبًا، نحمله في طيات كتبنا، يسافر معنا ليحفظ وجوه من نحب.. كانت الصورة نادرة وثمينة، وأصبحت كثيرة وبلا قيمة..
بالعودة للموسيقى، نتساءل ماذا سيبقى من موسيقى زمننا للمستقبل، فبعد 60 سنة، لا تزال أغاني أم كلثوم تعيش وتلهم، وما زالت أغاني فيروز تحرك مشاعر الناس. لن يبقى الكثير من أغاني زمننا، لكن سيبقى القليل، وعلى الأرجح، لن تبقى الأغاني الضاربة. سيأتي بعدنا من يكتشف أجمل ما لدينا، والذي لم يحظ بفرصة في زحمة الحسابات والخوارزميات.
وفي هذا البحث عن العلاقة العاطفية الضائعة مع الموسيقى، قد تكون وصفة ابنتي هي الترياق لسموم الزمن: احتفظ بموسيقاك في الأشرطة، في الأسطوانات، وفي ديسكات الفينيل، ولذلك الخيار أسباب مقنعة، تراوح من الروحي إلى الفكري مرورًا بالعملي.
فمن ناحية تقنية، هناك غطاء سحري في صوت الموسيقى الذي يصدر من الأشرطة والأسطوانات. فالفينيل مثلًا، سيعيد تقديم الموسيقى كما لو أنك تجلس في حضرة الموسيقيين، وكأن المغني يجلس على الطرف الآخر من غرفتك. تجربة الحواس هنا تأخذ بُعدًا آخر وأعمق مقارنة بكل تلك الموسيقى المخزنة في الغيوم الرقمية.
وعند اقتناء الموسيقى بهذه الطرق التي تبدو قديمة بالنسبة للكثيرين، أنت تستثمر في الارتباط العاطفي مع الأغنية أو العمل الموسيقى. تصبح الأسطوانة هيكلًا للحنين، ومسكنًا لكل تلك الذكريات التي تحفظها الموسيقى، أو للمشاعر التي ولدتها منذ اللحظة الأولى لأول استماع. تصبح الأغنية ملكك بشكل غريب، وكأنها عصفورك السجين!
هذا الخيار أيضًا يحولك إلى مقتنٍ لخيارات لامتناهية من الأغلفة الخاصة، والإصدارات النادرة. ستسافر من مدينة إلى مدينة بحثًا عن ذلك الألبوم الذي ستجده عند بائع متجول على قارعة النهر في باريس، أو براغ، أو في أحد المتاجر القديمة في المدن العربية، والتي غالبًا لا يعي صاحبها أن بحوزته كنوزًا حقيقية، وبقيمة مادية كبيرة.
وفي النهاية، كثيرون يقتنون الساعات واللوحات والسيارات الكلاسيكية، لكن الموسيقى أيضًا يمكن أن تصبح جزءًا من إرثك، من تركتك التي تبقى للأجيال القادمة. تذكر أن أسطوانة الفينيل يمكن أن تحفظ الموسيقى لأربعمئة سنة لو كانت محفوظة في الظروف المناسبة.. فنحن سنرحل، وتبقى الموسيقى.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مثقفون يبعثون رسائل امتنان لتركي الحمد في مشفاه
مثقفون يبعثون رسائل امتنان لتركي الحمد في مشفاه

عكاظ

timeمنذ 2 ساعات

  • عكاظ

مثقفون يبعثون رسائل امتنان لتركي الحمد في مشفاه

التفت مثقفون وكتّاب إلى الدور الثقافي والإنساني للرائد التنويري الدكتور تركي الحمد؛ الذي يمر بوعكة صحية أبعدته عن المشهد منذ أعوام. ولأن الغياب وإن طال لا يهضم حق «أبو طارق» فهو كاتب وطني لا يُنسى، ومن هنا يبعث مثقفون رسائل إلى أكثر الأسماء (التنويرية) جدلاً وإلهاماً في المشهد الفكري الحديث؛ فقامة وقيمة تركي الحمد، كبيرة وممنونة، فهو الكاتب السياسي، والمفكّر العصريّ، والروائي المُلهم، ولم يكن يوماً عابراً في وعي قرائه، ولا طيفاً مؤقتاً في مدارات الجدل، بل أحد أعمدته الراسخة، فهو الكاتب الذي قال ما لا يُقال، وكتب ما لا يُكتب، ولامس المسكوت عنه بمبضع الفكر لا بهتاف المنابر، فكان في نظر محبّيه علامة على الحريّة الفكرية، وفي عيون خصومه خصماً لا يُستباح إلا افتراء. وهنا مشاعر وعبارات منصفين، يستنطقون الغياب بكلماتٍ لا تسأل عن الرأي بقدر ما تسأل عن الرجل، لا تعاتب الصمت بقدر ما تستحثّ الكلمة، إنها رسائل إلى من لا يزال في القلب والعقل، وإلى من نأمل أن يعود قريباً، لا ليكتب ما يُرضي، بل ليكتب ما يُوقظ. فبعض الحضور لا يُعوّض، وبعض الغياب لا يُطاق! عبدالله الغذامي: لا تغلق بابك أبا طارق عزيزي أبا طارق، أعرف أنك ترانا وتسمعنا وتتحدث معنا ولكن هذا لا يكفينا منك، فلقلمك وعد معنا وعهد عليك لنا، وليس لك أن تغيب والكل ينتظرك، ورسالتي إليك هي مخاطبة القلب للقلب والعقل للعقل، بأن تطلق قلمك وتسمح له باللعب معنا كما كنا نلعب في الحارة مع أطفال الجيران، ونحن كلنا أطفال القلم والورق، وما زلنا كذلك مهما كبرت بنا السن، ولقلمك عليك حق ولنا عليك حق، وقد طال الانتظار وحان موعد الوعد والعهد وها هي «عكاظ» تركض نحوك فلا تغلق دونها بابك، تناول قلمك إذن.. واكتب لنا وللوطن وللثقافة، ولك من القلب تحيةٌ ومن العقل موقفٌ. حمزة المزيني: تحيّة إلى الشخصية الوطنية النموذجية ظل الزميل الصديق الدكتور تركي الحمد سنين طوالاً في مقدمة الصفوف للدفاع عن الوطن بإسهاماته في كتابة المقالات الصحفية وفي مشاركاته في النقاشات السياسية والاجتماعية الكثيرة داخل المملكة وخارجها. وكان الدكتور الحمد في كل ذلك يمثِّل السَّويَّة التي كِدنا نفقدها في خضم التشدد الاجتماعي والفقهي الذي آل في ما بعد إلى الهيجان الأصولي لأكثر من عقدين من السنين. وكان ذلك الهيجان يهدف في تلك الفترة، في حقيقته، إلى إثارة التنازع بين مكونات الوطن وزعزعة استقراره وإشاعة الفوضى لصرف الوطن عن متابعة إنجازاته في المجالات كلها التي كان يسعى دائباً لتحقيقها. وظل الدكتور الحمد طوال جهوده المشهودة ثابتاً لا يلين في مواجهة المناوئين للوطن رغم ما كان يناله من أذى يتمثل في خطاب عنيف لا يقيم للأخلاق وزناً إذا اختصم مع أحد. وكانت مجافاة ذلك الخطاب للأخلاق وشرف الخصومة تتمثل في التأويلات المغرِضة لعبارة واحدة وردت في سياق سرد أدبي اتُّخذت على أنها تمثل موقف الدكتور تركي. ولو أراد أولئك الحق لوجدوا مخارج قريبة لتأويل تلك العبارة، لكنه الهوى ومجافاة الحق وحسب. ومما يشار إليه ويُذكر من إسهامات الدكتور الحمد إسهامُه الواضح في المجال الأدبي في بلادنا برواياته المتعددة التي يمكن أن يُنظر إليها على أنها سيرة ذاتية له وسيرة للوطن في فترات حاسمة أيضاً. وسبق ذلك كله إسهامُه في التدريس في جامعة الملك سعود حيث كان يبث أفكاره الوطنية التي كان يرى أنها تسهم في تأسيس نهضة الوطن على أسس علمية وفكرية سليمة. والمؤكد أن طلابه الذين درسوا على يديه ما زالوا يذكرون له تلك الدروس المختلفة في مضمونها عن كثير من المواد الدراسية الباهتة التي لا توقظ ذهناً ولا تحرك تطلُّعاً ولا تؤسس لاستشراف لمستقبل يليق بالمملكة بين الأمم. ونحمد الله تعالى أنَّ تطلعات الدكتور الحمد لم تذهب هباءً، بل تحققت في السنوات القليلة الماضية بكفاءة وحسْم، وهو ما جعل المملكة الآن مثالاً للدول الناهضة التي تسعى لسيادة السلام والاستقرار والتنمية والسوية الفكرية والاجتماعية والفقهية. ليهنأ الزميل الصديق الأستاذ الدكتور الحمد، كما هنئنا جميعاً، بتحقيق تطلعاته التي صارت واقعاً ننعم به جميعاً، وكان يُنظر إليها على أنها بعيدة المنال قبل سنوات قليلة. لقد أدى الأستاذ الدكتور الحمد واجب الوطن عليه بكفاءة وإخلاص، وسيحتفظ له التاريخ بسجل إسهاماته المتميزة في ما اهتم به من مجالات فكرية واجتماعية وثقافية وعلمية. أدعو الله للزميل العزيز الدكتور تركي الحمد شفاء عاجلاً وحياة هانئة سعيدة. قينان الغامدي: لا أحد يضارعك في مقالك أستاذنا الكبير تركي الحمد أرجو أن تقرأ رسالتي هذه وأنت بأتم الصحة، فقد افتقدناك كثيراً، افتقدتك ككاتب ومفكر قل أن يجود الزمن بمثله، وافتقدتك صديقاً وأخاً وإنساناً فذّاً قل نظيره بين أصدقائي! لا يكاد يمر يوم دون أن أتذكرك، أتذكرك من خلال منصة «X» التي شهدت آخر إطلالاتك البهية منذ نحو 32 شهراً، وأتذكرك كلما قرأت فكرة بهية لمفكر كبير من السابقين، إذ أجدك نسجت ماهو أبلغ منها وأجمل، وأتذكرك كلما قرأت مقالاً في السياسة، إذ لا أحد يضارعك في ذلك، وأتذكرك كلما رأيت رواية جديدة، لأن ما بعد ثلاثيتك لا أراه إلا صدى لبعض صفحاتها، وأتذكرك كلما سمعت قهقهة تخرج من روح صاحبها، حيث أجدك علامة مميزة في الحديث والضحك، وأتذكرك كلما جئت الى العاصمة، حيث كان مجيئي مقترناً بلقائك، والآن أصبحت شبه مقيم في الرياض، لكن لسوء حظي لم أرَكَ فيها! حزين أنا يا أبا طارق، لأنك لست هنا، لست في الرياض، ومنذ أكثر من عام قرأت لأحدهم نظماً مرفقاً بصورة يظهر فيها بجوارك أثناء رحلتك الاستشفائية، وشممت رائحة التشفي والشماتة في نظمه الركيك، لكني قلت في نفسي: تركي أكبر من هذا السخف، وقد كنت فعلاً أكبر منه ومن ركاكته، وبقيت في علوك ورفعتك، وستظل كذلك! لقد كانت فضيلة ذلك الركيك الوحيدة، أن طمأنني على صحتك وأنك تتحسن بسرعة، ومذ ذاك لم أسمع ولم أقرأ عنك كلمة واحدة، سألت أصدقاء وأحبة مشتركين لكنهم مثلي يسألون، وفهمت غيابياً أن هذه عزلة اختيارية، وهي تعد لمشروع فكري لا يتقن مفاجأته أحد غير تركي الحمد! سيدي، أريد فقط الاطمئنان على صحتك وأين أنت؟ ودمت بخير دائماً. منصور النقيدان: حاضر لا يغيب ونقيّ لا يعرف المكائد سمعت باسمه أول مرة عام 1997، كنت في زنزانتي في السجن في بريدة، وكنت أتابع برنامجاً سياسياً على الراديو من إذاعة قطر، وتركي الحمد واحد من ضيوفه. أثار اهتمامي من لحظتها. ولأني كنت بعد خروجي في طور التحول ومعنياً تلك الأيام بقصة الدين والعلمانية والليبراليين والشريعة، وكان تركي حاضراً في النقاش لا يغيب ذكره. وأذكر أني قرأت أول رواية له «شرق الوادي»، ثم قرأت «العدامة»، وقرأت له مقالات في الشرق الأوسط، وسلسلة مقالات لذيذة عن نهاية الألفية، الأحداث الكبرى والأعلام. وقابلته أول مرة صيف 2003 في اجتماع مع وزير الداخلية الأمير المرحوم نايف بن عبدالعزيز، إذ دُعيت مع عشرات الصحفيين وشارك تركي بتعليق جريء حول الفلسطينيين، ودور السعودية تجاه قضيتهم. بعدها زرته لتعزيته في رحيل زوجته أم طارق رحمها الله. وقرأت رواية له ذلك العام اسمها «ريح الجنة»، لم تعجبني، وندمت على قراءتها. وبعد قرابة سنتين تلقيت منه رسالة واحدة على جوالي، بعدما عُرض فيلم وثائقي عني على قناة «العربية» نوفمبر 2005، كتب فيها: «لم أعرف أنك متزوج» وكان ابني يوسف وقتها في شهره الثالث. أما لقائي الأخير عام 2009 فكان في حفل جائزة الشيخ زايد للكتاب في أبوظبي. ضحكنا فيها وتبادلنا النكات، وكان مساء بارداً حنوناً من ليالي نوفمبر. السنوات اللاحقة تابعت بعض لقاءاته، وبعضاً مما يكتبه. حيث بدأ ألقه الفكري يضعف، ومستوى كتابته يتراجع، وتغريداته على تويتر/ إكس كانت متفاوتة، وعام 2014 قرأت وأنا في زيارة لمكتب المدير العام للمباحث في الرياض رسالة كتبها تركي عن الوطن، عن المملكة ومجدها وملوكها العظام، وهي المرة الأولى التي أرى خطه. أهداها للوطن ونالت الحفاوة ومكانها اللائق بها على طاولة شمالك وأنت متجه إلى مكتب الرئيس. شعرت نحوه بفيض في جوانحي يتعاظم مع السنين، مزيج من المحبة والرحمة والتقدير، وبعض شعور من الأسى جرّاء ما مرّ به في السنوات الثلاثين الأخيرة من فقد للأحبة ورحيل للأبناء، وبيانات تكفير، وتهديد بالقتل، وتعريض بإصدار حكم بردّته، وشماتة الأعداء جراء ما ناله من كروب. رأيت فيه على الدوام إنساناً نزيهاً نقياً لا يعرف المكائد ولا الطعن في الظهر، وزادته عزلته، وندرة حضوره في العلن، وقلّة أصدقائه، ألقاً وجاذبية وغموضاً لدى معجبيه وقرائه. وحين كتب العام الماضي تغريدته الأخيرة يُطمئن فيها متابعيه والسعوديين أنه بخير قرأها الملايين وعلق عليها الآلاف. ويبدو أن من يحبه أضعاف من لا يحملون له الودّ. علمت بمرضه قبل عام تقريباً، فانتابني ما يعصف بكل إنسان لفت انتباهه شخص مثل تركي. إنسان لطالما تمنيت لو كان لي صديقاً. رأيت صورة له قبل سنة تقريباً وهو في رحلة علاجه، فانقبض قلبي وران صمت في داخلي، وشيء ثقيل قاتم جثم على صدري. ربما أنني رأيت فيه نفسي، ومآل أمري، وغروب حياتي. تركي الحمد، قصته، شاب حركي عابر في شبابه الباكر، ثم كاتب مثير للجدل، مفكر، وروائي، تركي بآلامه وأفكاره وتأثيره في جيلي، وملحمة صعوده، ثم ذبول عطائه في العقدين الأخيرين، ولحظات تضعضعه. وحين يسدل الستار، بعد آخر شروق شمس سيكون شاهداً عليه، مبحراً في غموض الأبدية، محلقاً بجناحيه نحو دياره الأولى، تاركاً بعده قلوباً مكسورة ومهجاً خفقت بحبه، حينها سيدوي الدهر متحشرجاً بتأبين جوهرة عبرت عالمنا. تركي الإنسان الذي أحببناه، والذي ظل مخلصاً لوطنه وولاة أمره. مانع اليامي: علامة فارقة في مشهدنا انقطاع الحمد عن المشهد الاجتماعي والثقافي، الانقطاع الاختياري يثير الجدل مثلما كان وما زال يثير الجدل حضوره الموزون على سعة المعرفة وحب الوطن، كقارئ أفتقد الدكتور تركي الحمد الإنسان.. المفكر والروائي المرموق، أبو طارق علامة فارقة في المشهد الاجتماعي والثقافي وله علم وخبرة في مواجهة التطرف والغلو بأدوات الفكر النيّر والمعهود عنه أنه لا يميل للواقع الاجتماعي المغلف بأدوات المثالية غير أنه لطيف يسير على الأرض ولا يجدف في الهواء حين يعقد العزم على ملامسة المسكوت عنه اجتماعياً، الصدقية في الطرح المؤسس على سلامة المقاصد وسعت دائرة قبوله عند العقلاء. والواضح مقابل كل ذلك أنه لم يسلم من تهمة التجاوزات إما لقصور فهم عند البعض وإما لغرض في نفس يعقوب، وفي النهاية لا تذكر الذاكرة الرقمية أن أحداً وقف أمامه وفي مستوى ريادة فكره مقارعاً الحجة بالحجة، أتمنى ألا يطول غيابه مع دعواتي له دائماً بدوام الصحة. أحمد الأسود: عقل ناقد وقلب عاشق في غيابك الطويل، شعرنا أنّ المساحات البيضاء اتّسعت في المشهد، وأنّ التغريدة التي كنا ننتظرها كلّ صباح قد غابت مع انطفاء قنديل العقل الحرّ. لم تكن يوماً مجرّد كاتب، بل ضميراً ثقافيّاً ظلّ يوقظ فينا الأسئلة الحرجة، ويُذكّرنا بأن التفكير فضيلة لا جريمة. نفتقد حضورك، لا في الجدل وحده، بل في التوازن الذي كنت تجسّده بين عقلٍ ناقد وقلبٍ عاشقٍ لوطنه، وطن طالما حلمت به مدنيّاً، حرّاً، عادلاً. وكم نحن بحاجة، اليوم، إلى عودتك؛ لنتأمّل في صراعاتنا الفكرية من جديد، ونستأنف حواراتنا المؤجلة. لا نعرف من المرض إلا صمته، لكننا نؤمن أنّ الأرواح الكبيرة لا تُهزم بسهولة. فانهض يا صديق الكلمة، وأعد إلينا دفء الحضور، ولو بكلمة واحدة تطمئننا. باسم المحبّين جميعاً، نقول لك: «أنت الغائب الذي لا يُنسى، والحاضر الذي لا يُغني عنه أحد». أخبار ذات صلة

السقا يعود إلى منطقته المفضلة عبر فيلم «أحمد وأحمد»
السقا يعود إلى منطقته المفضلة عبر فيلم «أحمد وأحمد»

الشرق الأوسط

timeمنذ 4 ساعات

  • الشرق الأوسط

السقا يعود إلى منطقته المفضلة عبر فيلم «أحمد وأحمد»

استقبلت دور العرض السينمائية في مصر (الأربعاء) الفيلم السينمائي الجديد «أحمد وأحمد» الذي يتقاسم بطولته أحمد السقا مع أحمد فهمي وهما الثنائي الذي تحدث لسنوات عن رغبتهما في العمل معاً. وعلى مدار 95 دقيقة هي مدة أحداث الفيلم، نشاهد «أحمد» (أحمد السقا) وهو يجسد شخصية «مُدرس كيمياء» صاحب شخصية ضعيفة، فيما يعود من السعودية نجل شقيقته «أحمد» (أحمد فهمي). الذي يجد خاله «أحمد السقا» قد فقد الذاكرة بشكل كامل ويجد نفسه متورطاً معه في أزمة كبيرة على خلفية ترؤسه لعصابة من أجل تنفيذ عملية سرقة للوحة تاريخية، وبينما لا يتذكر «الخال» أو أحمد السقا أي شيء ويستمر في محاولة كشف الخيوط يرافقه طوال الأحداث نجل شقيقته «فهمي»، وخطيبته التي تقوم بدورها الفنانة جيهان الشماشرجي. السقا وفهمي بطلا فيلم «أحمد وأحمد» - الشركة المنتجة ولا يتوقف السقا طوال الأحداث عن انتصاره في مشاهد الأكشن، حيث يطلق عليه خلال الفيلم لقب «الساموراي»، نظراً لقدرته على الهرب بسرعة بجانب القضاء على ملاحقيه أو الوقوع في قبضتهم. وعبر العديد من المطاردات والمواقف الكوميدية يواصل الثلاثي رحلتهم لفك غموض الماضي بشأن اللوحة. يكتشف أحمد فهمي الكثير عن خاله في كل محطة يتوقفون عندها مع تعرضهم لخطر القتل عدة مرات والملاحقات التي تجري من جانب أصحاب المصلحة الذين يتكشفون واحداً بعد الآخر. وتشهد الأحداث ظهور عدد من الفنانين ضيوف شرف؛ من بينهم طارق لطفي، غادة عبد الرازق، حاتم صلاح، علي صبحي، رشدي الشامي، والفيلم أشرف على كتابته أحمد عبد الوهاب وكريم سامي، فيما قام بتأليفه أحمد درويش مع محمد عبد الله سامي، ومن المقرر طرحه في دور العرض السعودية يوم 17 يوليو (تموز) الحالي. غادة عبد الرازق خلال العرض الخاص للفيلم (الشركة المنتجة) وأبدى الفنان أحمد فهمي سعادته بتحقيق حلمه في العمل مع أحمد السقا بفيلم سينمائي مؤكداً في تصريحات صحافية على هامش الاحتفال بالعرض الخاص للعمل أن السقا «أحد أكثر الفنانين المجتهدين والمخلصين في عملهم، حيث يحرص على الاهتمام بأدق التفاصيل». فيما تحدث السقا عن سعادته بالتجربة وخروجها للجمهور بعد المجهود الكبير الذي بذله خلال التحضير للفيلم على مدار أكثر من عام. ورغم ذلك، يرى الناقد طارق الشناوي أن «الفيلم يعاني من مشكلة في السيناريو على الرغم من وجود أكثر من كاتب للعمل بالإضافة إلى نمطية أداء السقا لمشاهد الأكشن بالطريقة المعتادة نفسها التي يقدمها منذ ما يزيد على 25 عاماً رغم اختلاف اللياقة البدنية وزيادة وزنه نسبياً وهو أمر كان يتطلب طريقة مغايرة لتقديم الأكشن». أبطال الفيلم خلال «العرض الخاص» - الشركة المنتجة وأضاف الشناوي لـ«الشرق الأوسط» أن «الفيلم على الرغم من كونه بطولة مشتركة بين السقا وفهمي، لكنه من الناحية العملية معتمد على السقا بشكل أساسي بعدّه المحرك الرئيسي في الأحداث، والذي تدور حوله جميع الأحداث من البداية للنهاية». ولفت إلى أن «بعض الفنانين ضيوف الشرف أو أصحاب الظهور الخاص لم ينجحوا في ترك بصمة بأدوارهم على غرار غادة عبد الرازق التي حاولت الظهور بشكل مختلف عبر منح دورها لمسة كوميدية»، على حد تعبيره. ويشير الشناوي إلى أنه «على الرغم من رهان الفيلم على الأكشن بشكل كبير بجانب مساحة الكوميديا التي أضافها وجود أحمد فهمي فإن هذه المشاهد لم تُقدم بالشكل المنشود خصوصاً في ظل كونها جزءاً رئيسياً من الأحداث لا يمكن إغفاله»، لكن الشناوي يرى في الوقت نفسه أن الفيلم أمامه فرصة جيدة بشباك التذاكر لتحقيق إيرادات جيدة. ومن أبرز أفلام السقا التي تنتمي إلى الأكشن «الجزيرة» الذي يُعد من أبرز أفلامه وأكثرها نجاحاً، بالإضافة إلى أفلام «شورت وفانلة وكاب»، و«تيمور وشفيقة»، و«عن العشق والهوى»، و«حرب إيطاليا». وانشغل السقا خلال السنوات الماضية بالدراما التلفزيونية على حساب السينما وقدم مسلسلات اجتماعية عدة من بينها «العتاولة» و«نسل الأغراب» و«وِلد الغلابة» وهي أعمال لم تخل من بعض مشاهد الأكشن. وشغل اسم السقا الرأي العام في مصر بالآونة الأخيرة بعد إعلانه الانفصال عن زوجته الإعلامية مها الصغير بعد زواج استمر 25 عاماً.

الفيلم قبل المخرج
الفيلم قبل المخرج

الشرق الأوسط

timeمنذ 4 ساعات

  • الشرق الأوسط

الفيلم قبل المخرج

> لعل الناقد البريطاني الراحل رايموند دورغنات، في مقالة له نشرتها مجلة «فيلمز آند فيلمينغ» سنة 1968، كان أول من لاحظ أن نقاد مجلة «كاييه دو سينما» (تلك التي أنجبت في ذلك الوقت مخرجي الموجة الفرنسية الجديدة) قد تبنّوا المخرج روبرت ألدريتش في البداية، استناداً إلى أفلامه (مثل Kiss Me Deadly وAttack)، لكن حين بدأ في تقديم أفلام أقل قيمة، تجاهلوا هذا الانحدار وواصلوا مدحه عوضاً عن التراجع عن تأييدهم له. > في عالمنا اليوم، ما زال مثل هذا الموقف قائماً. نحن مستعدون لنثر المديح على عدد من المخرجين الذين نالوا إعجاب من سبقونا في النقد، من دون النظر إلى أن أفلام معظم هؤلاء المخرجين، عرباً كانوا أم أجانب، قد تختلف. ربما هي طبيعة بعضنا الجاهزة للتصفيق، كنتيجة لإعجاب بالمخرج قبل الفيلم. > على سبيل المثال، لا يجرؤ معظم النقاد اليوم على نشر إعادة تقييم لأي من أفلام المخرج يوسف شاهين الشهيرة إن كانت تتناقض مع ما سبق قوله عنها. نعم، «باب الحديد» كان أيقونة بين الأفلام وما زال، لكن «جميلة»، عن المناضلة الجزائرية، مليء بالهفوات. أما «حدوتة مصرية»، فقد يكون نقداً ذاتياً، لكنه يسير في اتجاهات متضاربة. حتى «الأرض»، وهو فيلم جيد بلا ريب، فيه ما يمكن طرحه اليوم من ملاحظات ليست في صالحه. > وهناك سواه. وبعض ذلك يعود إلى الصداقة الشخصية، لكن الكثير منه كان نتيجة اتجاه سينما المخرج إلى ما هو مختلف عن السائد، وهو ما قد يكون أمراً كافياً في بعض الأحيان، لكنه ليس شاملاً لكل الأفلام. > التخلّص من هذه المشكلة المتكرّرة يتطلّب النظر إلى الفيلم بحياد تام، لا تشوبه الآراء الخاصّة أو الاعتبارات العاطفية. وبهذا يمكن إطلاق حكم نقدي لا يمنح الفيلم أكثر مما يستحق، ولا يبخسه حقّه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store