logo
الكريكيت: قصة عصا الراعي التي تحولت إلى لعبة شعبية في مختلف أنحاء العالم

الكريكيت: قصة عصا الراعي التي تحولت إلى لعبة شعبية في مختلف أنحاء العالم

BBC عربية١٠-٠٥-٢٠٢٥

في خضم التصعيد العسكري بين الهند وباكستان، اتخذ مجلس مراقبة الكريكيت في الهند قراراً غير مسبوق بتعليق الدوري الهندي الممتاز لمدة أسبوع، وذلك بعد اتهامات هندية لباكستان بشن هجمات بالطائرات المُسيرة والصواريخ على ثلاث قواعد عسكرية، وهو ما نفته إسلام آباد.
ومن جانبها، أعلنت السلطات الباكستانية أن الهند شنت غارات جوية على الأراضي الباكستانية، بما في ذلك الجزء الخاضع لسيطرة باكستان من كشمير، مما أسفر عن مقتل 31 شخصاً وإصابة 57 آخرين.
وفي شهر أبريل/ نيسان الماضي، قتل 26 مدنياً في الشطر الهندي من كشمير، ووجهت نيودلهي أصابع الاتهام إلى باكستان بدعم الجماعات المسلحة، وهو ما نفته الأخيرة، لتتصاعد التوترات ليل الثلاثاء الماضي حين أعلنت الهند تنفيذ سلسلة من الغارات ضد باكستان تحت اسم "عملية سيندور".
وتأثر الدوري الهندي الممتاز بشكل مباشر بهذه التوترات، حيث أُلغيت مباراة بين فريقي بنجاب كينغز ودلهي كابيتالز أثناء اللعب في دارامسالا، بسبب عطل في الأضواء الكاشفة، لكن التقارير تشير إلى أن السبب الحقيقي يرتبط بالوضع الأمني المتدهور، خصوصاً مع المسافة القريبة التي تفصل المدينة عن منطقة كشمير المتنازع عليها.
وأعلن مجلس مراقبة الكريكيت في الهند أنه سيتم إجلاء اللاعبين والطاقم الإعلامي من المدينة، ونقل ما تبقى من مباريات البطولة إلى مواقع أمنة، في انتظار "تقييم شامل للوضع بالتشاور مع الجهات المعنية".
أما في باكستان، فقد تم نقل مباريات الدوري الباكستاني الممتاز إلى الإمارات العربية المتحدة في خطوة اعتُبرت إجراءً احترازياً، لا سيما بعد التصعيد الميداني وتزايد احتمالات امتداد التوتر إلى الملاعب. ومن المتوقع مشاركة لاعبين أجانب، من بينهم 7 لاعبين من إنجلترا، في بقية مباريات البطولة.
ضربة قوية
ويمثل قرار مجلس مراقبة الكريكيت في الهند بتعليق الدوري ضربة قوية لمشروع حقوق البث المشترك بين ريلاينس وديزني، فضلًا عن عشرات الشركات التي خصصت ميزانيات ضخمة للإعلانات.
و سبق وأن أُقيمت مباريات الدوري الهندي الممتاز خارج البلاد، حيث أُقيمت نسخة 2009 في جنوب أفريقيا عقب الهجوم على المنتخب السريلانكي في لاهور، وكذلك نسخة 2020 وجزء من نسخة 2021 في الإمارات بسبب جائحة كوفيد-19، إلا أن هذا التعليق الأخير يأتي في سياق أكثر خطورة حيث يرتبط بتوتر عسكري فعلي وتبادل اتهامات بالمسؤولية عن أعمال عنف متزايدة.
ويُعتبر الدوري الهندي الممتاز، الذي انطلق عام 2008، أغنى دوري كريكيت في العالم، ويجذب أفضل لاعبي العالم بعقود خيالية، ويُشارك فيه لاعبون من إنجلترا، وأستراليا، وجنوب أفريقيا، ونيوزيلندا، وغيرها، ومن بين المشاركين في نسخة هذا العام جوس باتلر، وغوفرا آرتشر، وجاكوب بيثيل، وهو ما يعكس الطابع العالمي للبطولة، وقد علمت بي بي سي سبورت أن هؤلاء اللاعبين سيغادرون الهند، وقد غادر بعضهم بالفعل.
وتمثل رياضة الكريكيت في شبه القارة الهندية أكثر من مجرد لعبة، فهي جزء من الهوية الوطنية، وساحة تنافس رمزية بين جارين تجمعهما علاقات تاريخية شائكة منذ انفصال الهند وباكستان عام 1947.
من أين جاءت الكريكيت؟
لكن قبل أن تصبح لعبة الكريكيت جزءًا من السياسة والهوية الوطنية، كانت مجرد لعبة نشأت في مروج إنجلترا منذ قرون.
ويعود أصل لعبة الكريكيت إلى العصور الوسطى، وتحديداً إلى جنوب شرق إنجلترا، حيث كان الرعاة يضربون الحجارة بعصي منحنية "كريك" أمام بوابات الحظائر، وهو ما يُعتقد أنه شكل النواة الأولى للعبة.
ووفقاً لبعض النظريات، فإن اسم اللعبة ربما اشتُق من كلمة "كريك"، التي كانت تُستخدم لوصف العصا المنحنية أو من الكلمة الفلمنكية "كريكستويل"، وهي قطعة أثاث يُركع عليها للصلاة في الكنيسة.
وظهرت أولى الإشارات إلى لعبة تشبه الكريكيت في غيلدفورد عام 1598، كما فُرضت غرامات على من تغيبوا عن الكنيسة للعب الكريكيت في أواخر القرن السابع عشر.
ومع تطورها، أصبحت اللعبة أكثر تنظيماً، خاصة بعد أن أنشأ نادي ماريليبون للكريكيت قوانينها الأولى في عام 1788، ومنذ ذلك الحين، أصبح نادي ماريليبون، ومقره ملعب لوردز في العاصمة البريطانية لندن، المرجع الرئيسي لقوانين اللعبة.
وعلى مر القرون، تطورت الكريكيت إلى أكثر من مجرد رياضة محلية، ففي ظل الإمبراطورية البريطانية، انتقلت اللعبة إلى مستعمرات بعيدة مثل الهند، وأستراليا، وجنوب أفريقيا، ومنطقة الكاريبي، حيث اكتسبت شعبية كبيرة وتطورت بأساليب محلية مميزة.
وقد كانت إحدى لحظات التحول الكبرى في تاريخ الكريكيت هي هزيمة إنجلترا على يد أستراليا عام 1882، وهو ما دفع صحيفة "سبورتينغ تايمز" إلى نشر نعي ساخر للعبة في إنجلترا، واعتبارها قد "ماتت" في ملعب أوفال.
وبرز في عشرينيات القرن الماضي لاعبون أسطوريون، من أبرزهم السير دون برادمان الأسترالي، الذي بلغ متوسطه في الاختبارات 99.94 نقطة، وهو رقم لا يمكن تحطيمه كما يرى كثيرون.
وخلال أواخر سبعينيات القرن الماضي، انقسمت اللعبة إلى قسمين في بطولة منفصلة، ​​سُميت "سلسلة العالم"، وهي بطولة رعتها جهات إعلامية وتجارية، مما أدخل الكريكيت في طور جديد من الاحتراف والتسويق.
وبحلول القرن الحادي والعشرين، بدأت لعبة الكريكيت تأخذ طابعاً عالمياً، وانتشرت في بلدان جديدة، لاسيما الدول الآسيوية، مثل الهند وباكستان وسريلانكا وبنغلاديش.
ورغم هيمنة جنوب أفريقيا على اللعبة في القارة السمراء، فقد انتشرت لعبة الكريكيت كالنار في الهشيم في جميع أنحائها خلال السنوات الماضية حيث نجحت فرق صغيرة مثل كينيا في الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم.
وكانت جزر الهند الغربية الفريق الوحيد الذي فاز بلقبين عالميين في كأس العالم حتى عادلت أستراليا ذلك الرقم القياسي في عام 1999.
ورغم قلة عدد سكان منطقة البحر الكاريبي فقد أنتجت نجوماً عالميين في اللعبة من أمثال كلايف لويد، فيفيان ريتشاردز، وبراين لارا، مما أسهم في تعزيز الطابع المتعدد الثقافات للكريكيت.
وعلى الرغم من الجدل المثار حولها، إلا أن لعبة الكريكيت تتطور تدريجياً لتصبح واحدة من أكثر الألعاب انتشاراً في العالم.
قواعد اللعبة
وتُلعب الكريكيت على ملعب عشبي دائري أو بيضاوي الشكل، يتراوح قطره عادةً بين 137 و150 متراً، وفي وسطه يقع الملعب المستطيل المعروف باسم "البيتش"، والذي يبلغ طوله حوالي 20.12 متراً وعرضه 3.05 أمتار، وعلى كل طرف من طرفي البيتش يوجد "الويكيت"، وهو هيكل مكون من 3 جذوع خشبية تعلوها قطعتان صغيرتان تُعرفان باسم الكفالات.
ويتألف كل فريق من 11 لاعباً، ويتبادل الفريقان الأدوار بين الضرب والرمي، إذ تبدأ المباراة برمي عملة لتحديد الفريق الذي ستكون له ضربة البداية.
وتنقسم اللعبة إلى "جولات"، ويضرب خلالها أفراد من الفريق الأول ويحاول الفريق الثاني إبعادهم، وتُحتسب النقاط من خلال الجري بين طرفي البيتش، أو بضرب الكرة خارج حدود الملعب، مما يمنح الفريق 4 أو 6 نقاط وفقاً للمسافة التي قطعتها الكرة.
ويُمنح كل رامي 6 كرات في ما يُعرف بـ "أوفر"، ويمكن أن تُضاف رميات أخرى إذا كانت الرمية غير قانونية، ويُعتبر الضارب خارجاً إذا تمت إزالة الكفالات من الويكيت أثناء محاولته الضرب أو الركض، أو إذا التُقطت الكرة بعد ضربها دون أن تلمس الأرض.
وتمثل كأس العالم للكريكيت، التي تُنظم كل أربع سنوات، التتويج الأهم في عالم اللعبة، وقد شهدت هيمنة دول مثل أستراليا التي فازت بها 5 مرات، فيما فازت الهند بهذه البطولة مرتين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أ ف ب: أمريكا توافق على بيع معدات توجيه قنابل للاحتلال بـ510 ملايين دولار
أ ف ب: أمريكا توافق على بيع معدات توجيه قنابل للاحتلال بـ510 ملايين دولار

رؤيا

timeمنذ 29 دقائق

  • رؤيا

أ ف ب: أمريكا توافق على بيع معدات توجيه قنابل للاحتلال بـ510 ملايين دولار

واشنطن: الصفقة المقترحة تهدف إلى تعزيز قدرة تل أبيب على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية أعلنت الولايات المتحدة، الاثنين، موافقتها على صفقة بيع معدات توجيه قنابل وخدمات دعم متصلة بها للاحتلال الإسرائيلي، بقيمة تبلغ 510 ملايين دولار، وذلك في ظل استمرار التوتر الإقليمي على خلفية الحرب الأخيرة مع إيران. وذكرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية، في بيان، أن "الصفقة المقترحة تهدف إلى تعزيز قدرة تل أبيب على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية، من خلال تحسين قدراتها الدفاعية لحماية حدودها، والبنية التحتية الحيوية، والمراكز السكانية". وأضافت الوكالة أن "الولايات المتحدة ملتزمة بأمن "إسرائيل"، وترى أن دعم قدرة تل أبيب على الدفاع عن نفسها أمر حيوي للمصالح الوطنية الأمريكية". وبحسب البيان، فإن وزارة الخارجية الأمريكية صادقت على الصفقة، وقدمت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الإخطار اللازم إلى الكونغرس الذي لا يزال بحاجة إلى إقرارها رسميًا. وتأتي الصفقة في أعقاب الحملة الجوية الواسعة للاحتلال، التي انطلقت في 13 حزيران/يونيو، واستهدفت منشآت نووية وعلماء وقادة عسكريين إيرانيين، في محاولة لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، الذي تقول طهران إنه لأغراض سلمية، بينما تصر واشنطن وقوى غربية أخرى على أنه يسعى لتطوير أسلحة نووية. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد اتبع مسارًا دبلوماسيًا لأسابيع في محاولة للتوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، لكنه قرر لاحقًا تنفيذ ضربات عسكرية أمريكية استهدفت ثلاثة مواقع نووية داخل إيران. وأسفر اتفاق لوقف إطلاق النار عن إنهاء القتال الأسبوع الماضي، لكن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد أن بلاده لن تسمح لطهران بإعادة بناء منشآتها النووية، ما يعيد احتمال اندلاع نزاع جديد إلى الواجهة.

مؤشر الدولار الأميركي يسجّل أسوأ أداء نصف سنوي منذ 1973
مؤشر الدولار الأميركي يسجّل أسوأ أداء نصف سنوي منذ 1973

الشرق للأعمال

timeمنذ 30 دقائق

  • الشرق للأعمال

مؤشر الدولار الأميركي يسجّل أسوأ أداء نصف سنوي منذ 1973

تراجع مؤشر الدولار الأميركي خلال الأشهر الستة الأولى من العام، مسجلاً أسوأ أداء نصف سنوي له منذ عام 1973، حين كان ريتشارد نيكسون رئيساً للولايات المتحدة. انخفض مؤشر الدولار الأميركي بنحو 10.8% منذ بداية العام، مقارنة بتراجع بلغ 14.8% في النصف الأول من عام 1973. وقد ألقى الغموض المحيط بسياسات الرئيس دونالد ترمب التجارية والجمركية، إلى جانب دعواته المتكررة لخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، بثقله على العملة الأميركية. وقال بريندن فاغن، استراتيجي العملات الأجنبية المقيم في نيويورك: "يبدو أن الدولار الأميركي يتجه نحو مزيد من الخسائر، بعد أن انزلق إلى أدنى مستوى له في عدة سنوات، في ظل تسعير الأسواق لتوجّه متساهل من الفيدرالي، وبيانات اقتصادية ضعيفة، وارتفاع درجة عدم اليقين في السياسات".

«جوبي».. لمسة جديدة
«جوبي».. لمسة جديدة

صحيفة الخليج

timeمنذ 30 دقائق

  • صحيفة الخليج

«جوبي».. لمسة جديدة

لا شك أن قطاع النقل يعتبر عصب الحياة في العالم أجمع، وله أهمية كبيرة في مجالات متعددة، تنعكس على مجمل قطاعات الحياة، فهو إذ يُسهِّل حركة الأفراد والبضائع، فهو يعزز أيضاً النمو الاقتصادي، ويساهم في التبادل الثقافي، ويؤثر بشكل مباشر في التنمية الاجتماعية والحضرية. وأياً كانت وسلية النقل، سواء الجوية أو البرية أو البحرية، فإن لكل منها أهميتها في مجالها، فإن كانت الوسيلة الأولى تختص أكثر بالسفر ونقل الركاب، فإن النقل البحري يعتبر شريان التجارة ونقل البضائع بين الدول والقارات، ويبقى النقل البري هو الأساس الذي تقوم عليه التنمية الحضرية الحقيقية لأي دولة أو مدينة، ويقاس مدى نجاحها وتطورها بقدرتها على تطوير بنية النقل لديها، وتحديداً حركة السيارات والركاب في الطرقات، ومواكبة قدراتها الاستيعابية وحركة النمو والتطور الحاصلة فيها. في دبي، يشمل قطاع النقل مجموعة متنوعة من وسائل النقل العام والخاص، بما في ذلك مترو دبي، وحافلات النقل العام، وتاكسي دبي، والترام، وخدمات النقل البحري، بالإضافة إلى مشاريع مبتكرة مثل التاكسي الجوي ذاتي القيادة. الأهمية الكبرى في وسائل النقل العام هو تمددها داخل شرايين المدينة، وانضباط مواعيدها، وتعدد أشكالها، وهو فعلاً ما باتت توفره دبي بشكل واضح، لإدراكها أن النقل السليم يساهم في دعم النمو الاقتصادي، وتسهيل حركة التجارة والسياحة. بالأمس أضافت دبي لمسة جديدة إلى قطاعات النقل المتوفرة لديها، حيث أعلنت هيئة الطرق والمواصلات إطلاق أول رحلة تجريبية للتاكسي الجوي «جوبي»، وقال سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي: «من دبي، صانعة المستقبل وحليفة الريادة، نعلن نجاح إطلاق أول رحلة تجريبية للتاكسي الجوي (جوبي) في المنطقة.. إنجاز جديد يختصر المسافات، ويعزز جودة الحياة في دبي، ويعيد رسم ملامح التنقل الحضري المستدام والصديق للبيئة». «التاكسي الجوي» سيوفر خدمة جديدة لسكان وزوار دبي، الراغبين في التنقل السهل والسريع والآمن، ويُتوقع أن تستغرق الرحلة من مطار دبي الدولي إلى نخلة جميرا قرابة 10 دقائق، بدل 45 دقيقة بالسيارة. «التاكسي الجوي»، وإن كان ينظر إليه اليوم على أنه رفاهية أو حاجة غير ملحة، سيصبح خلال زمن قريب، ضرورة، وسيشهد ازدحاماً، لأن كل ما تقدمه البشرية من خدمات لرفاهية الناس وراحتهم سيكون له مريدوه، خاصة في مدينة مثل دبي، باتت قبلة للمستثمرين ورجال الأعمال والباحثين عن حياة هانئة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store