
وزع شوكولاته وطعمينا!
كغيري من الأردنيين، أتابع ما يصدر يومياً من قوائم تكليف أو تنصيب أو تنفيع، هنا وهناك، لأسماء تتسلّم زمام وزارات وإدارات وهيئات ومجالس وبلديات وشركات، وأمناء عامين، إما بمباركة حكومية، أو بـ»دفشة» اهتمام ومحبة من عضو حكومي أو نائب تشريعي. نرى في بعضها القرار الصحيح، وفي غيرها أسماء تسجّل أكبر خبراتها قربها من المعني، وأدنى خبراتها أنها ذُكرَت في «الوقت والمكان الصحيحين»، على قولة المسؤول البارز! ودليل ذلك عدد التعديلات الوزارية في أي تشكيل.
وهنا، يُطرح سؤال مباشر من دون تردد لصاحب الولاية لأي موقع: شو رأيك؟ وهل ما تستقبله من تنسيبات يلبي ما تتطلبه المرحلة؟ ومتى يمكن أن نختار من يضمن الإنجاز، ويكون ضمن قائمة من يملكون قدرة وجرأة التنفيذ لما يتم تشريعه وإقراره؟
عندما أجلس مع أقران، منهم من يستحق موقعاً بارزاً، ومنهم من لا يستحق، وعندما أجلس مع نفسي وأُحدثها كثيراً، أشعر أن هناك منهجاً حقيقياً لتحقيق إزاحة كاملة لأشخاص ذوي إمكانيات مكتملة الوعي والهمة والخبرة والأمانة والشخصية الواضحة، واستبدالهم بقوائم وإن كانت، إلى حد ما، كما يقال، مميزة، ولكن أغلبها لا يصنع تغييراً إيجابياً، بل أتباعاً وتبعية. وقد تتحقق نتائج بلا شك، لكن من المستفيد؟ الوطن.. أم أمزجة وشلة أصدقاء؟
ما يقلقني مؤخراً هو أن نشهد حضوراً وحصصاً وظيفية ذات جودة ومواقع متقدمة، لكنها في شكلها، إلى حد ما، وكأنها كانت من نصيب حزب محدد، قد يكون بما يملكه من أدوات في مواقع مهمة، وأثر ذلك في نشر أعضائه لمستقبل الحزب، لا البرنامج، مع غياب، أو تغييب، فرصة لأحزاب أخرى أثبتت مكانتها وقولها ومشاركتها في خدمة رسالة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتمتلك في البرلمان كتلة واسعة! فهل الاستثناء يقع ضمن بند: أنهم وطنيون مهنيّون مؤدبون حضوراً وتفاعلاً ومشاركة، فلن يُغضِبوا؟ أم استثناء لضمان عدم إعطاء فرصة في تمثيل فاعل لمستقبل أكثر وضوحاً لأحزاب أخرى؟
في الإصلاح السياسي ونجاح المستقبل، نحتاج حصصاً حقيقية وتكون بمسافة واحدة من الجميع لمن حققوا تمثيلاً مجتمعياً واسعاً في خدمة الفكرة وأدواتها وإدارتها، ممن يحملون راية الوطن. فمن حقق شروط الترخيص لحزب، ويعمل ضمن الأنظمة والسياسة العامة للوطن، وله تمثيل وممارسة واضحة وملموسة لخدمة مستقبل الأردن، يستحق أن يكون في مواقع تنفيذية تضمن إنفاذاً واعياً لما قدّمه أقرانه في مرحلة الدور التشريعي من كتل تمثيل في البرلمان. ولنعطِ الفرصة للتنافس الشريف في الخدمة والمنصب، ولا نتعامل مع الفرص والمواقع كأننا أمام «إحالة عطاء مناصب»، تم تلزيمه لمزود خدمة واحد!
فالحصرية -حتى في القانون الأردني- مرفوضة، وفي الوطن قوائم وأحزاب ونقابات فيها من الخبرة والكفاءة والتنوع ما يعطي الفرصة لعدالة سياسية، كما هو بحثُنا عن عدالة اجتماعية.
وزادها وضوحاً ما رأيناه، مثلا، في حل مجالس البلديات وإعادة تشكيلها حتى بمن توفاه الله -إن صدق الخبر- متجاوزا الوعي الديمقراطي ونقل ملف وتبعيات ما يقع فيه العضو المنتخب من أخطاء في المجالس السابقة كنا نحاسبه عليها، ليسجله العضو الجديد خلال عام قادم خطأ في حضن الحكومة كونها من عينتهم ليزيد من عبئها، وهنا أدعو دولة الرئيس لمناقشة ذلك مع الوزير المختص!
وأختم بمقولة أكررها منذ مدة، في كل مرة نسمع فيها تلك التعيينات وأطربنا بها الفنان السوري الكبير أيمن رضا في أحد أبرز أدواره التي لا تغيب عن أذهاننا وهو يقول: «وزّع شوكولاته وطعمينا»، عند توزيع المناصب، وأضيف: ولا تنسَ تكتب يا ريس أسامينا… -ولا أقصد نفسي- بل من تحدثت بلسانهم في المقال، فالوطن للجميع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
'العقل الاستراتيجي' الأردني في اختبار تاريخي
تشهد محافظة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية في جنوب سوريا، تطورات أمنية متسارعة تعكس حجم التوتر الكامن في العلاقة بين المكوّن الدرزي والحكم المركزي في دمشق. ما يجري هناك لا يمكن قراءته فقط من زاوية محلية، بل ينبغي النظر إليه ضمن شبكة معقّدة من التفاعلات الإقليمية، تمتدّ من الجولان إلى الجنوب السوري، وتصل خيوطها إلى الحسابات الأردنية الدقيقة والمعقّدة، بين ضرورات الأمن القومي الأردني، وموقع الأردن في لعبة التوازنات الإقليمية الجديدة، التي تعاد صياغتها بلغة النار والدم في غزة، وبتكتيكات الاستيطان والضم في الضفة الغربية. السويداء، تاريخياً، لم تكن رقماً هامشيًا في معادلة الجنوب السوري. العلاقة الأردنية مع الطائفة الدرزية تعود عقوداً إلى الوراء، ومبنية على قنوات عميقة من الثقة والاحترام المتبادل. وفي أكثر من محطة، كان الأردن هو الجسر السياسي الهادئ الذي وفّر للدروز مظلة دعم غير معلن، لا تتقاطع بالضرورة مع منطق «التمرد» أو «الانشقاق»، ولكنها تنسجم مع فلسفة أردنية أوسع: الحفاظ على وحدة سوريا، وتفويت الفرص على الأطراف الخارجية، بخاصة إسرائيل، التي تسعى إلى تفكيك النسيج السوري، وتوظيف الأقليات في مشاريعها الاستراتيجية، كما فعلت في مناطق أخرى. من هنا، فإنّ الموقف الأردني ليس محصوراً في مربع «الحياد»، بل أقرب إلى استراتيجية الحذر المسؤول. الأردن معنيّ مباشرةً بأمن الجنوب السوري، ليس فقط خشية من الفوضى، بل لأنّه يمتلك أدوات تأثير ناعمة وتاريخية في هذه المنطقة، ويستطيع – إن أراد – أن يلعب دور الوسيط النزيه بين قيادات درزية وحكومة دمشق، لتفكيك التصعيد وتهيئة الأرضية لحلول تحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف. هذا الدور ليس ترفًا سياسيًا، بل ضرورة استراتيجية أردنية صريحة. لكن من المهم عدم عزل هذا الملف عن السياق الإقليمي المتفجّر، الذي يضغط على الأردن من كل الاتجاهات. في غزة، ما تزال المجازر الإسرائيلية تتواصل، وملف «اليوم التالي» يتجاوز حدود القطاع ليطال معادلة توزيع الأدوار في المنطقة، وتشكيل خريطة النفوذ والشرعية والفاعلية الإقليمية. أما الضفة الغربية، فهي الملف الأكثر حساسية بالنسبة لعمان، ليس فقط بسبب الجغرافيا والتاريخ والديموغرافيا، بل لأنّ كلّ تطوّر فيها ينعكس مباشرةً على الداخل الأردني، أمنيًا وسياسيًا ومجتمعيًا. إنشاء إسرائيل لفرقة «جلعاد»، وتحركاتها المريبة قرب حدود الأردن، ليست مجرد ترتيبات دفاعية. هناك إدراك أردني متزايد أنّ إسرائيل تستعد لمرحلة جديدة في الضفة الغربية، قد تشمل ترحيلًا قسريًا أو انهيارًا للسلطة الفلسطينية أو تمددًا غير مسبوق للمستوطنات، وكل ذلك يمسّ بشكل مباشر بـ»المصلحة العليا» الأردنية، التي لا يمكن أن تظلّ رهينة الحسابات المرحلية. في الشرق، المشهد العراقي لا يقل تعقيدًا. العراق، الذي شكل تاريخياً عمقًا استراتيجيًا للأردن، بات اليوم ساحة صراع نفوذ بين إيران والولايات المتحدة، ومرآة لتحديات الطائفية والسيادة المتآكلة. وهو ما يفرض على صانع القرار الأردني تطوير أدوات تحليل جديدة لفهم هذا الفضاء المتغير والتعامل معه بسياسات مرنة وغير تقليدية. أمام هذا المشهد المتداخل، لا يمكن لعمان أن تواصل إدارة الملفات الإقليمية بذات النمط السابق القائم على الفزعة والاجتهادات الفردية. ثمة حاجة ماسة لتأسيس فرق مهمات استراتيجية (Task Forces) لكل ملف إقليمي حساس، تضم ممثلين عن الأجهزة الأمنية، ووزارة الخارجية، والجيش، والمراكز البحثية، لرسم خرائط المصالح الوطنية، وتقدير المواقف، وتقديم سيناريوهات واضحة، تسند القرار السياسي وتوجهه. كما يجب تفعيل مسار «الدبلوماسية الثانية» (Track II) التي تتيح بناء علاقات غير رسمية مع فاعلين إقليميين ومعارضين ومجتمعات محلية مؤثرة. خلاصة القول: نحن نعيش لحظة تحوّل استراتيجي عميقة في الإقليم، لا تحتمل التردد ولا الاسترخاء السياسي. الأردن مطالب اليوم بإعادة تعريف دوره الإقليمي، ليس كردّ فعل على الأزمات، بل كمبادر وشريك فاعل في إعادة تشكيل ملامح ما بعد الحروب. السويداء، والضفة، وغزة، والعراق… ليست مجرد عناوين ملفات، بل دوائر تماس مباشرة مع مستقبل الأردن، وأمنه القومي، ودوره الذي إما أن يُصمَّم بعناية أو يُفرض عليه كأمر واقع.


رؤيا نيوز
منذ 2 ساعات
- رؤيا نيوز
الإخوان.. ثروة بلا دعوة
من جديد، يعود السؤال المشروع الذي يتكرر في كل جلسة حوار، أو تحليل اقتصادي وسياسي، بل وحتى في الهمس الشعبي، من أين لجماعة الإخوان المحظورة كل هذه الأموال؟ وهل هم دعاة فعلا ام مستثمرين في الهم والدم؟ وهذه الاسئلة تنشط مع كل خروج تحقيقات موثقة حول نشاطاتهم المالية المشبوه، فاين هي الاموال ولمن تذهب؟. أفضل إجابة على هذه الأسئلة جاءت من التحقيقات الأخيرة، التي وضعت 'يد الدولة' على ملف ظل يتضخم بصمت لسنوات، فالتحقيقات أكدت أن الجماعة ومن خلال شبكة مالية معقدة تمكنت من جمع 30 مليون دينار عبر مصادر متعددة، من ابرزها تبرعات غير مراقبة من جمعيات غير مرخصة، اشتراكات شهرية، وعوائد استثمارات مخفية تتكشف شيئا فشيئا. الخطير جدا ان هذه الأموال يكمن باستخدامها، فقد تبين أن جزءا منها استخدم في تمويل أنشطة ذات طابع سياسي، كـ'الحملات الانتخابية' وتحريك الاحتجاجات والدفع للمشاركين فيها، وتمويل اليافطات والهتيفة، بل والأخطر، أن بعض هذه الأموال ذهب لدعم خلايا إرهابية أحيلت إلى القضاء، وتم ضبط 4 ملايين دينار نقدا مخبأة في مستودعات وشقق. الجماعة لم تكتف بذلك، بل انها استغلت أحداث غزة لجمع تبرعات دون رقابة وبملايين الدنانير، ومع أن ما وصل إلى الهيئة الخيرية الهاشمية لم يتجاوز 413 ألف دينار، ومع ذلك، لم تعرف الية التوزيع، ولا ظهرت أي شفافية في التصرف بهذه الأموال، فاستثمروا في الدم، وجمعوا التبرعات، وكانوا بالمقابل يزاودون على الجميع. هذه الأموال لم تُدر بعفوية، بل خضعت لدورة مالية سرية، شملت 'تحويلات' غير قانونية، و'تهريب' نقدي عبر محلات صرافة محلية وخارجية، بأسماء وهمية، والاهم ان جزءا كبيرا من هذه الأموال استُثمر بعقارات خارجية وفي دول اقليمية، وبعوائد مالية كبيرة يتم توجيهها لدعم أدوات إعلامية وحملات سياسية منظمة ضد الاردن وعبر الذباب الإلكتروني. خلاصة القول: ما نشهده اليوم هو لحظة مكاشفة حقيقية، وسقوط أخير لـ'ورقة التوت' عن من كانوا يدعون الطهر والنقاء، والدعوة ومناصرة قضايا الأمة، الا ان الحقيقة عكس ذلك تماما وتتضح وتتكشف بالتحقيقات المثبته فالدولة لم تعد قادرة على تجاهل هرطقاتهم واستغفالهم لـ'الرأي العام'، فالحقيقة باتت موثقة، والأموال لم تعد توضع في صناديق المساجد، بل في مستودعات مشبوهة. ويبقى السؤال الذي لا يسقط بالتقادم، من أين لكم كل هذه الأموال؟ وهل أنتم دعاة أم مستثمرون؟ وأين ذهبت تبرعات غزة؟.


رؤيا نيوز
منذ 2 ساعات
- رؤيا نيوز
دولة أم شركة مساهمة عامة!
مسارات دول كثيرة وخاصة دول الإقليم او عالمنا العربي التي اخذت بعض الدول إلى الفوضى او التفكيك او تعدد السلطات والبنادق والرايات كان مدخلها ان تتعدد الجهات التي تحمل السلاح وتصدر التعليمات وتتقاسم مع الدولة القرار، وليس هناك من دولة دخلت هذا النفق ولم تسترجع سيادتها على السلاح والقرار إلى فقدت صفة الدولة وتحولت إلى شكل دون مضمون وأصبح كل جزء من هذه الدولة يبحث عن الأمان بسلاحه او بطائفته او قبائله او ميليشياته. والاخطر في تلك التجارب المأساوية عندما تفقد الدولة قرار الحرب والسلم وتضطر إلى تحمل نتائج حسابات كل ميليشيا او مجموعة مسلحة خاصة إذا ركبت هذه المجموعات موجة الدين او العروبة والدفاع عن القضايا الكبرى. واي مجموعة سياسية او دينية او عرقية او طائفية تحمل السلاح ستحتاج إلى رعاية من جهة خارجية، رعاية وحماية سياسية وتمويل لتأمين السلاح ورواتب المقاتلين وكل مستلزمات وجود قوة عسكرية، وسيطبق القانون الكبير 'من يدفع يملك امر المقاتلين ومن يقودهم' وتصبح تلك القوة العسكرية او الميليشيات أداة للدولة التي تمول وتحمي. الأمثلة حولنا كثيرة منذ عشرات السنين، والدولة الحقيقية هي التي تقطع الطريق أمام اي محاولة لتعدد البنادق والرايات واخذ الدولة إلى أن تكون ساحة لمن يمول بغض النظر عن الغطاء الوطني او الديني او العروبي لهذه الميليشيات.. نحن في الاردن نمتلك ذاكرة من المحاولات التي استهدفت الدولة والحكم وهوية البلد، محاولات كانت ترفع شعارات لا يختلف عليها اثنان لكن الفعل كان يصل بنا إلى أن تتحول الدولة إلى شركة مساهمة عامة في قرارها السياسي والعسكري مع دول وتنظيمات ممن يمولون تلك التنظيمات او الخلايا، لكن الاردن بفضل الله وحزم قيادته وقوة مؤسساته كان يغلق الأبواب ويواجه بناء تنظيمات مهما كان عنوانها لأنهم في النهاية يريدون الاردن دولة لهم ويردون أن يكون ساحة لمشاريع الممولين. تجارب الأشقاء في الدول التي أصبحت الميليشيات شريكة في حكمها وقرارها واضحة للعيان، وحتى محاولات التخلص من تلك الأوضاع تحتاج احيانا حروبا وربما لن تستطيع.