logo
رئيس النيابة العامة في المغرب يؤكد أن قانون العقوبات البديلة يخدم الأطفال المتابعين قضائياً

رئيس النيابة العامة في المغرب يؤكد أن قانون العقوبات البديلة يخدم الأطفال المتابعين قضائياً

المغرب اليوممنذ 3 أيام
قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن "القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة جاء بتصور حديث لمعالجة القضايا التي تستوجب العقوبات السالبة للحرية المرتبطة بالأطفال".
وأضاف بلاوي ضمن كلمته خلال اللقاء الوطني حول تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال، اليوم الاثنين بالصخيرات، أن هذا القانون يساهم في منح القضاء صلاحية استبدال العقوبات الحبسية النافذة بتدابير بديلة تتيح للطفل في نزاع مع القانون قضاء عقوبته في بيئة طبيعية ومألوفة، مما يسهم في تقويم سلوكه وتيسير إدماجه في المجتمع، بالإضافة إلى ضمان استمرارية مساهمته في الحياة الاقتصادية والاجتماعية".
وأورد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة أن "الملك محمد السادس، نصره الله، يؤكد على ضرورة النهوض بالرأسمال البشري وتأهيل الإنسان وحماية حقوقه، كما دعا في غير ما مرة إلى ضرورة الاعتناء بالطفل باعتباره المخزون الاستراتيجي والرأسمال اللامادي لبلادنا، وإلى ضرورة اعتماد سياسة عمومية يكون الطفل في صلبها".
وتابع: "حرصت النيابة العامة منذ تأسيسها على إيلاء فئة الأطفال عناية خاصة عبرت عنها من خلال مجموعة من الدوريات والمناشير الموجهة إلى قضاة النيابة العامة تحثهم فيها على الاهتمام بقضايا الأطفال وتفعيل المقتضيات القانونية، مع الحرص الدائم على تحري مصلحتهم الفُضْلَى".
وأردف بلاوي أن رئاسة النيابة العامة دعت في الدورية رقم 18 بتاريخ 11 دجنبر 2024 إلى استغلال الفترة السابقة لدخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ "لفتح نقاش لتدارس أحكامه، وتحديد الطرق المثلى لتنفيذه، واستشراف الصعوبات التي يمكن أن تُثَار بهذا الشأن".
وفي هذا السياق، وارتباطا بهذا اللقاء الوطني، أوضح المتحدث أن "الهدف هو تجديد القراءة السليمة لغاية المشرع من هذا القانون وتسليط الضوء على أنجع السبل للموازنة بين سلامة تطبيق القانون والحفاظ على مصالح الأطراف المعنيين به، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأطفال في طور التنشئة وبناء الذات، وهو الأمر الذي اهتمت به الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل"، وفق تعبيره.
وزاد: "إن الفلسفة التي تُبْنَى عليها عدالة الأطفال تقتضي اعتبار جميع الأطفال في تماس مع القانون سواء كانوا ضحايا أو جانحين أو في وضعية صعبة أو في وضعية إهمال، أطفال يحتاجون للحماية بالنظر لكونهم ضحايا عوامل وظروف شخصية وعائلية واقتصادية واجتماعية أثرت على حياتهم ودفعت بهم إلى التماس مع القانون".
وفي هذا الصدد، ذكر المتحدث أن الإيداع بالمؤسسات السجنية هو آخر ملاذ يُمكن اللجوء إليه، لذا يقتضي الأمر مناقشة مختلف بدائل العقوبات السالبة للحرية كالعمل لفائدة المنفعة العامة أو التدابير الرقابية الخاصة بالأحداث الجانحين، وغيرها من البدائل التي تتيح وفقا للقانون الجديد تفادي سلب حرية الأطفال.
"وهذا يجعل من العقوبات البديلة أحد الحلول الناجعة التي باتت تفرض نفسها اليوم، ليس فقط كوسيلة للتخفيف من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، ولكن أيضًا كوسيلة لتحقيق العدالة الإصلاحية والإنسانية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال. فالسجن، كما نعلم جميعًا، وسيلة لإعادة التأهيل، لكنه في حالات كثيرة، خصوصًا بالنسبة للأطفال، قد يتحول إلى بيئة للتطبيع مع السلوك الإجرامي نتيجة تأثير الأقران والاختلاط معهم، الشيء الذي قد يغذي فيهم مشاعر التمرد والانفصال عن المجتمع"، يورد المتحدث، مبينا أن "مفهوم العقوبات البديلة في قضايا الأطفال ليس مجرد خيار قانوني فحسب، إنما خيار حضاري وأخلاقي يعكس مدى نضج المجتمع وحرصه على بناء مستقبل أفضل لأطفاله".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أغلبية مجلس جهة سوس ماسة تنتفض على تدبير الرئيس.. بلوكاج إداري ممنهج أم خلل في القيادة؟
أغلبية مجلس جهة سوس ماسة تنتفض على تدبير الرئيس.. بلوكاج إداري ممنهج أم خلل في القيادة؟

برلمان

timeمنذ 6 ساعات

  • برلمان

أغلبية مجلس جهة سوس ماسة تنتفض على تدبير الرئيس.. بلوكاج إداري ممنهج أم خلل في القيادة؟

الخط : A- A+ إستمع للمقال وجّه أعضاء من الأغلبية المسيرة في سابقة داخل مجلس جهة سوس ماسة، خلال الدورة الاستثنائية المنعقدة اليوم الخميس 24 يوليوز 2025 بقاعة الاجتماعات بعمالة أكادير إداوتنان، انتقادات شديدة اللهجة إلى قسم الصفقات العمومية بالجهة، متهمين إياه بالتقصير، بل وبالتسبب في نوع من 'البلوكاج' غير المعلن، الذي يعرقل تنزيل عدد من المشاريع الحيوية، خصوصاً في قطاعي الماء الصالح للشرب والبنية الطرقية. المداخلات الصادرة عن كل من سعيد الماسي، رئيس جماعة احمر لكلالشة وعضو مجلس الجهة عن حزب الأصالة والمعاصرة، وعبد العزيز البهجة، رئيس جماعة أولاد برحيل ورئيس الفريق الاستقلالي بالمجلس، لم تخلُ من نبرة احتجاج واضحة، تعكس مستوى التوتر داخل الأغلبية، وتضع رئيس الجهة كريم أشنكلي في مواجهة تساؤلات جوهرية حول فعالية الإدارة الجهوية، ومدى احترامها لمبدأي التدبير التشاركي وربط المسؤولية بالمحاسبة. ففي مداخلة غاضبة، قال سعيد الماسي بالحرف: 'السيد الرئيس، أنا جيت كانسول فالمسؤول على قسم الصفقات على ملفات ديال الماء الصالح للشرب مبلوكيين 8 شهور، ولو جرة قلم كاينة عندو فشي ضوسي ديال جماعة احمر لكلالشة أو جماعات الإقليم، في إشارة لإقليم تارودانت. الضوسي اللي جا عندو كايحطو، وجيت أنا عندو كانسولُ وكايقوليا ليس لك الحق فالمعلومة، وتايناقشني بالحق ديالو هو كموظف، ولكن حنا كرؤساء ولا كمسؤولين كانمارسو المهام ديالنا اللي استثناهم كلياً'. وأضاف: 'فلهذا، السيد الرئيس، بغيتك تفتح تحقيق، راه مابغيناش نديرو شي خطوة أو نجروه للقضاء، ولكن هو راه قام بإهانتي وكنت دخلت عندو للبيرو وناض خلاني فالبيرو وخرج'. بدوره، لم يتردد عبد العزيز البهجة في توجيه انتقادات صريحة لأداء قسم الصفقات العمومية، قائلاً: 'اليوم، لنكن واضحين، لدينا مشكل في قسم الصفقات بالجهة، هناك صفقات متعلقة بحل إشكالية الماء الصالح للشرب، منذ سنة ونصف وسنتين، ولم تُطلق ولم تُنجز، وكذلك الشأن بالنسبة لصفقات الطرق المقبلة'. وتابع: 'إما أن يكون هذا القسم بمستوى الجهة، التي من المفروض أن تُعطي القدوة، أو أن يُعاد النظر في أدائه، لقد أصبح دون مستوى الجماعات القروية! صفقة بمليون أو مليوني درهم تمر سنة أو سنة ونصف وهي مبرمجة، ولكن حين نتابعها مع القسم لا تنجز'. وتُعدّ مداخلة رئيس الفريق الاستقلالي بمثابة رسالة سياسية غير مباشرة إلى رئيس الجهة، الذي يُعتبر وفق القانون المسؤول الأول عن الإدارة، بما فيها قرارات الموظفين الذين لا يمكنهم التصرف بشكل مستقل دون تفويض أو إذن مسبق منه، خاصة وأن هذه المشاريع تخص جماعات يقودها حزبا الاستقلال والأصالة والمعاصرة، ما يُلقي بظلال حزبية على قضايا من المفروض أن تُدار بمنطق المصلحة العامة. رئيس الجهة يُرجع المشكل إلى 'الهيكلة' ويوكل المشاريع إلى الوكالة الجهوية في رده على المداخلتين، قال رئيس الجهة كريم أشنكلي: 'سنشرع في تنفيذ تغيير هيكلي تنظيمي شامل، سيشمل جميع الأقسام والمصالح، وفي انتظار ذلك، فإن هذه المشاريع المهمة والموجودة حالياً سنقوم بإحالتها إلى الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، حتى لا نُعطّلها، إلى حين استكمال إعادة التنظيم الهيكلي لـ(أورغانيغرام) الجهة، إن شاء الله'. لكن من المعلوم قانوناً أن الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، باعتبارها آلية تنفيذية خاضعة لوصاية الجهة عبر لجنة الإشراف والمراقبة، لا يمكنها الانخراط في أي مشروع إلا بعد مصادقة المجلس عليه خلال دورة رسمية، ما يعني الانتظار إلى دورة أكتوبر المقبلة. كما أن المصادقة من طرف وزارة الداخلية على مقررات الدورة قد تستغرق وقتاً إضافياً، مما يُنذر بتأخر إضافي في إنجاز المشاريع، في وقت تشهد فيه الساحة السياسية 'تسخينات انتخابية' تجعل كل حزب يسعى لتسجيل النقاط لفائدة الجماعات التي يُدبرها. هذا التبرير من رئيس الجهة يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة بشأن دور وموقع الأقسام التقنية والمالية وأقسام الصفقات العمومية داخل الجهة، التي تُكلّف الميزانية الجهوية مصاريف ضخمة من حيث الأجور والتعويضات، في وقت تُحال فيه بعض المشاريع مباشرة على الوكالة، ما يُفرغ البنية الإدارية من وظيفتها، ويجعل وجودها أقرب إلى 'الهيكل الإداري المُعلّق' في انتظار الهيكلة الموعودة. قراءة قانونية وسياسية من منظور قانوني، يُثير هذا الوضع تساؤلات حول نجاعة التدبير الإداري داخل مؤسسة الجهة، التي يفترض فيها أن تقود التنمية الجهوية، وفقًا لمبادئ الجهوية المتقدمة، والحكامة الجيدة، والتوازن المجالي. وعندما تأتي هذه الانتقادات من داخل الأغلبية نفسها، فالأمر يتجاوز مجرد سوء تدبير تقني، ليبلغ حد الخلل المؤسسي الذي يستوجب تدخلًا هيكليًا عاجلاً. كما يستند مطلب فتح تحقيق الذي أثاره العضو سعيد الماسي إلى مقتضيات القانون التنظيمي للجهات 111.14، الذي يُلزم الرئيس بضمان حسن سير المرافق الإدارية والتنسيق بين مصالح الجهة. أما رفض تزويد عضو بالمجلس بمعلومة تدخل في نطاق اختصاصه، فيُعد خرقًا واضحًا لمقتضيات القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، ويُفهم أيضًا على أنه مَسّ غير مبرر بصفة تمثيلية منصوص عليها في الدستور. يبقى السؤال الجوهري المطروح اليوم، هل نحن فعلاً أمام حالة 'بلوكاج' تقني بسبب تقييد وتكبيل الموارد البشرية داخل قسم الصفقات العمومية؟ أم أن الأمر يُخفي خللاً بنيويًا في منظومة التدبير الجهوي؟

قراءة في تقرير مؤسسة الوسيط برسم 2024: تحولات المعمار الإداري تحت مجهر التحليل
قراءة في تقرير مؤسسة الوسيط برسم 2024: تحولات المعمار الإداري تحت مجهر التحليل

بالواضح

timeمنذ 6 ساعات

  • بالواضح

قراءة في تقرير مؤسسة الوسيط برسم 2024: تحولات المعمار الإداري تحت مجهر التحليل

بقلم: ياسين كحلي (.) في سياق وطني مطبوع بتحولات مؤسساتية عميقة، وبنزوع متسارع نحو إعادة بناء العلاقة بين المواطن والدولة على أسس الإنصاف والمساءلة والشفافية، يبرز التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2024، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 7423 مكرر بتاريخ 22 يوليوز 2025، كوثيقة محورية تعكس نبض الإدارة المغربية في تفاعلها مع انتظارات المرتفقين. فهو ليس مجرد تقرير دوري، بل يمثل تمثيلا دقيقا لرؤية مؤسساتية تتقاطع فيها الوظيفة التوفيقية مع الأفق الإصلاحي، كما يتيحها الإطار القانوني المنظم للمؤسسة، وعلى وجه الخصوص المادة 47 من القانون رقم 14.16، التي تخول للوسيط رفع هذا التقرير إلى جلالة الملكمحمد السادس نصره الله وأيده، باعتباره أعلى سلطة ضامنة لتوازن السلط وحامية للحقوق والحريات. ينبني التقرير على بنية علمية متكاملة تستحضر الأبعاد التفاعلية والاجتماعية والقانونية للطلب على الوساطة، كما يتوزع على كتابين أساسين، الأول يتناول اختلالات المرافق العمومية في ضوء الطلب المتزايد على الوساطة، والثاني يتطرق إلى آفاق تفعيل الوساطة المؤسساتية كأداة استراتيجية في تحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن. وقد تمحورت مقاربة التقرير حول ثلاثية تحليلية واضحة: تتبع تدفق المطالب؛ تقييم الأداء المؤسساتي؛ وقياس الأثر الاجتماعي والإداري لهذه التدخلات. وقد بلغ مجموع ملفات التظلم التي عالجتها المؤسسة سنة 2024 ما مجموعه 5774 ملفا، مقابل 5448 خلال السنة التي سبقتها، ما يعكس تصاعدا في الطلب الاجتماعي على مؤسسة الوسيط، وتحولها من مجرد جهاز تظلمي إلى فاعل مؤسساتي مركزي في ضبط اختلالات الإدارة المغربية. وبالموازاة مع هذه التظلمات، تلقت المؤسسة ما يناهز 2182 طلبا للتوجيه، و11 طلبا للتسوية الودية، وهو معطى يحمل دلالات واضحة وقوية على تصاعد وعي المرتفق المغربي بأهمية المساطر التوفيقية والوسائل البديلة لحل النزاعات الإدارية، ويكشف من جهة أخرى عن حاجة ملحة لتوسيع ثقافة الوساطة داخل الإدارة. أما على مستوى مضمون الملفات، فقد تصدرت القضايا ذات الطابع الإداري مجمل التظلمات بنسبة كبيرة، تلتها الملفات ذات الطبيعة المالية والعقارية. وقد تم تسجيل تركز عال للتظلمات في مجالات تنفيذ الأحكام القضائية، وملفات ناتجة عن الأضرار المرتبطة بالكوارث الطبيعية، كما هو الشأن بالنسبة لزلزال الحوز، ما يدل على استمرار التعثر الإداري في الاستجابة للالتزامات القانونية والتنظيمية، ويطرح علامات استفهام كبرى حول نجاعة بعض المؤسسات الترابية والإدارية. وفي مجال تفاعل مؤسسة الوسيط مع التوصيات، تم إصدار 146 توصية جديدة سنة 2024، في حين تم تنفيذ %70.15 من مجموع التوصيات التراكمية البالغ عددها 992 توصية، وهو مؤشر مهم، لكنه في الآن ذاته يعكس تفاوتا مقلقا في تجاوب القطاعات الوزارية والجماعات الترابية، لا سيما جماعة الدار البيضاء التي جاءت في مؤخرة الترتيب من حيث التفاعل. هذا التفاوت يشير إلى الحاجة الملحة إلى مراجعة آليات التنسيق المؤسساتي وتفعيل الطابع الإلزامي للتوصيات بشكل أكثر صرامة، وحماية لحقوق المرتفقين وضمانا لمبدأ استمرارية المرفق العمومي ومبدأ المساواة أمامه. أبرز التقرير كذلك الحضور المكثف لمؤسسة الوسيط على مستوى المشهد الإعلامي الوطني والدولي، حيث عرفت سنة 2024 تغطية نوعية من قبل المنابر الصحفية، كما شكلت لحظة تنظيم المؤسسة لاجتماع مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمانبتاريخ 22 نونبر 2024 محطة دبلوماسية مؤسساتية عكست انخراط الوسيط المغربي في الحراك العالمي للوساطة، ورسخت موقعه ضمن التجربة المغربية في العدالة الإدارية. ولم تغفل المؤسسة في تقريرها الإشارة إلى بعض المبادرات النوعية التي تم الاضطلاع بها، سواء عبر إصدار ثلاثة تقارير خاصة موجهة لرئاسة الحكومة وفق ما تسمح به المادة 42 من القانون رقم 14.16 المنظم لمؤسسة الوسيط، أو من خلال تتبعها لتظلمات تتعلق ببرامج عمومية كبرنامج 'فرصة'، الذي أثار موجة من التظلمات الجماعية اعتبرتها المؤسسة ذات طبيعة فردية تستوجب المعالجة التقديرية وفق الخصوصية. أما على مستوى الأفق المؤسساتي، عبر التقرير عن تطلع واضح لتعزيز أدوار مؤسسة الوسيط برسم الفترة 2025-2027، من خلال توسيع قدراتها التحليلية، وتقوية أثرها في تطوير علاقة الدولة بالمواطن، مع التأكيد على الانتقال من منطق التوصيف إلى منطق التأثير، وهو توجه يقتضي ليس فقط دعما سياسيا واضحا، بل إرادة إدارية حقيقية في الانفتاح على الوساطة كأداة تطوير لا كآلية امتصاص للغضب الاجتماعي. إن القراءة الدقيقة لمضامين هذا التقرير، بكل ما تحمله من مؤشرات كمية ونوعية، معطيات وأرقام رسمية، تضعنا أمام صورة مركبة لوضعية الإدارة المغربية: إدارة تظل حبيسة أعطاب بنيوية في التواصل والتفاعل والتنفيذ، رغم محاولات الإصلاح المتعددة، وتكشف في الآن ذاته عن حاجة ماسة لإعادة صياغة فلسفة المرفق العمومي، على قاعدة الإنصاف والمحاسبة وضمان جودة الخدمة العمومية. إن مؤسسة الوسيط، بهذا التقرير، لا تكتفي بمهمة الرصد والتتبع، بل تقدم نفسها كفاعل في قلب الدينامية الديمقراطية، وكقوة اقتراحية تشتغل على الحد الفاصل بين الفعل الإداري وحقوق المرتفق، وتساهم بفاعلية في إعادة تشكيل المعادلة بين السلطة والمساءلة في مغرب يتغير ببطء، لكنه يسير بثبات نحو ترسيخ دولة الحق والمؤسسات. ولا شك أن المتأمل في مضامين هذا التقرير، إذا أحسن الإصغاء لنبضه التحليلي، سيدرك أنه لا يقرأ كوثيقة سنوية إدارية فحسب، بل كمرافعة مؤسساتية راقية لصالح إقرار العدالة الإدارية، وبناء مشهد إداري أكثر نجاعة، وأكثر عدلا، وأكثر قربا من المواطن. (.) مستشار قانوني وباحث في العلوم القانونية

800 مليون تُفجر الجدل.. اتهامات ثقيلة للناصيري بالتلاعب في مالية الوداد
800 مليون تُفجر الجدل.. اتهامات ثقيلة للناصيري بالتلاعب في مالية الوداد

الجريدة 24

timeمنذ 6 ساعات

  • الجريدة 24

800 مليون تُفجر الجدل.. اتهامات ثقيلة للناصيري بالتلاعب في مالية الوداد

تتواصل أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء وقائع واحدة من أكثر القضايا الجنائية تعقيدًا في المغرب خلال السنوات الأخيرة، والمعروفة إعلاميًا بملف "إسكوبار الصحراء"، والتي أصبحت محل اهتمام واسع للرأي العام الوطني، بالنظر إلى تشعباتها القانونية وتورط أسماء وازنة في ميادين السياسة والرياضة والمال. القضية، التي يتابع فيها 28 متهمًا، تتعلق بشبكة يشتبه في ضلوعها في عمليات التهريب الدولي للمخدرات وتبييض الأموال، وسط مؤشرات على وجود روابط قوية بين العقل المدبر المفترض للشبكة، والذي يحمل لقب "إسكوبار الصحراء"، وبين عدد من المسؤولين العموميين ورجال الأعمال وشخصيات سياسية ورياضية بارزة. ويبرز من بين المتابعين في هذا الملف اسم سعيد الناصيري، البرلماني السابق والرئيس الأسبق لنادي الوداد الرياضي، إلى جانب رئيس جهة سابق وعدد من الأسماء النافذة في عالم المال والأعمال. ووسط ترقب إعلامي واسع، شهدت جلسة الخميس الأخيرة أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء تطورًا لافتًا تمثل في الاستماع إلى شهادة البرلماني عبد الواحد شوقي، عن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي تم استدعاؤه كشاهد في القضية. وقد أدى شوقي اليمين القانونية أمام هيئة الحكم، قبل أن يدلي بشهادته التي وُصفت بالمفصلـة والمثيرة، لما تضمنته من معطيات مالية حساسة، وكذا لما تحمله من أبعاد تتجاوز الطابع الشخصي لتلامس ممارسات التدبير المالي داخل نادي الوداد خلال مرحلة معينة من تسييره. وكشف الشاهد، أن الناصيري زاره بمكتبه قبل حوالي ثلاثة أشهر من توقيفه، وطلب منه التوقيع على وثيقة تُقر بتسلم إدارة الوداد الرياضي مبلغ 800 مليون سنتيم نقدًا، كمساهمة شخصية منه تعود لسنة 2014. وفي معرض شهادته، كشف شوقي أنه قدم دعمًا ماليًا مباشرًا لفريق الوداد البيضاوي بقيمة 400 مليون سنتيم، وُجهت كمساهمة دعائية من إحدى شركاته الخاصة، مؤكدًا أن نصف المبلغ لم يتم تقييده بالصندوق المالي الرسمي للنادي، وهو ما اعتبره اختلاسًا صريحًا من قبل الرئيس آنذاك سعيد الناصيري. وقال شوقي أمام هيئة المحكمة: "قدمت هذا المبلغ دعمًا للوداد، ولم أجد له أثرًا في وثائق الفريق أو محاسباته، وأحمل الرئيس السابق المسؤولية الكاملة عن مآله". وسارع سعيد الناصيري إلى نفي كل ما ورد على لسان الشاهد، واصفًا إياه بمحاولة لتزييف الحقائق وتوجيه اتهامات باطلة بدافع تصفية حسابات شخصية أو سياسية. ولم يخف الشاهد عبد الواحد شوقي، خلال حديثه أمام المحكمة، العلاقة الوطيدة التي كانت تجمعه بسعيد الناصيري، مشيرًا إلى أنها امتدت لأزيد من ثلاثين سنة، وتوطدت بشكل خاص خلال الاثني عشر عامًا الأخيرة بعد انضمامه إلى المكتب المسير لفريق الوداد. غير أنه شدد، في المقابل، على أن "الصداقة شيء وشهادة الزور شيء آخر"، مؤكدًا أنه لا يحمل أي نية للإساءة إلى الناصيري، لكنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن تصريحاته، وأن ما يدلي به هو الحقيقة التي يقر بها أمام الله والقانون. ويعكس هذا المسار من الجلسات حجم التعقيد الذي يطبع الملف، لا سيما في ظل تقاطع الأبعاد السياسية والرياضية والمالية في أطواره، مما يعطي للقضية طابعًا خاصًا داخل الساحة القضائية المغربية. كما يكشف عن درجة التداخل بين مناصب المسؤولية والمصالح الشخصية، ويطرح تساؤلات عميقة حول حدود الشفافية والمساءلة في تدبير المؤسسات الرياضية، التي تحولت في بعض الأحيان إلى منصات نفوذ بدل أن تكون فضاءات للممارسة النزيهة. ويُنتظر أن تتواصل جلسات المحاكمة خلال الأيام المقبلة، وسط ترقب لما ستسفر عنه التحقيقات القضائية الجارية، خاصة في الشق المتعلق بتتبع مسارات الأموال موضوع الاتهام، وعلاقات المتهمين بمختلف الفاعلين الذين وردت أسماؤهم في هذا الملف، الذي يتوقع أن يستمر في إثارة الجدل لفترة طويلة بالنظر إلى ثقل الأسماء المتابعة فيه، وتشعب علاقاتها داخل أروقة المال والسياسة والرياضة في المغرب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store