
كيف استفاد بوتين من قصف إسرائيل لإيران؟
بالمعنى الواسع، أدى اندلاع حرب أخرى في الشرق الأوسط إلى صرف الانتباه والطاقة والموارد عن أوكرانيا، تاركًا بوتين حرّ التصرف. حتى في قمة الناتو الأخيرة، تم تجاهل الهدف الأساسي من التعهد بزيادة الإنفاق الدفاعي – إلى مستويات لا يبررها إلا التهديد الروسي – فلم يرغب أحد في إغضاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال احتفاله بالنصر'.
تابعت:' بشكل أكثر تحديدًا، لم تتمكن إسرائيل من كبح جماح وابل الصواريخ الذي شنته الجمهورية الإسلامية إلا باستهلاك جزء كبير من مخزون دفاعها الجوي، بالإضافة إلى بعض مخزون الولايات المتحدة، التي قدمت المساعدة باستخدام أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على متن السفن. وبالمثل، لم تتمكن الولايات المتحدة من التدخل إلا بعد أن تتأكد من امتلاكها ما يكفي من بطاريات باتريوت لحماية قواعدها العسكرية في المنطقة. ربما يكون هذا التهديد قد انحسر حاليًا، لكن المخططين في البنتاغون ملزمون بافتراض استئناف الحرب والحاجة إلى مزيد من الدفاع الجوي، مما يقلل من توافره لأوكرانيا.
بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، مؤكدين مؤخرًا أنهم أوقفوا المساعدات العسكرية المقررة لأوكرانيا، بما في ذلك إمدادات الدفاع الجوي. وذكر بيان صادر عن البنتاغون أن القرار يضع المصالح الأميركية في المقام الأول، وأن 'قوة القوات المسلحة الأميركية لا تزال غير قابلة للشك – فقط اسألوا إيران'.
أكملت:' كان شعار ترامب زائفًا. لقد وضعت وزارة الدفاع مصالح روسيا في المقام الأول؛ ولا يمكن للولايات المتحدة أن تستفيد من هزيمة القوات الأوكرانية وما قد ينجم عنها من زعزعة استقرار أوسع في أوروبا.
كان التصعيد الكبير الأخير في ضربات الصواريخ والطائرات المسيرة الروسية على أوكرانيا في توقيت مناسب. ففي ليلة 30 حزيران، شنت روسيا أكبر وابل من الصواريخ منذ بداية الحرب، شمل 477 طائرة مسيّرة وطائرة وهمية، بالإضافة إلى 60 صاروخًا باليستيًا تتطلب صواريخ اعتراضية عالية المستوى، مثل صواريخ باتريوت. ومنذ ذلك الحين، شنت روسيا هجمات جوية أثقل. ويُعد فقدان أوكرانيا لطائرة إف-16 وطيارها أثناء محاولتهما إسقاط جزء من وابل الصواريخ مؤشرًا واضحًا على الضغط الذي تتعرض له أنظمة الدفاع الجوي في البلاد'.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه 'كانت هجمات الأيام السابقة أقل حدةً بقليل، لذا ساد جوٌّ من اليأس حول طلب الرئيس فولوديمير زيلينسكي المزيد من صواريخ باتريوت الاعتراضية خلال لقائه بنظيره الأمريكي في حلف الناتو. وكانت تعليقات ترامب لاحقًا صادقة أيضًا. قال إنه أخبر زيلينسكي أنه سينظر في ما يمكن للولايات المتحدة فعله، لكن من الصعب الحصول على صواريخ باتريوت، لأننا 'بحاجة إليها أيضًا. كنا نزود إسرائيل بها'. في غضون ذلك، كان البنتاغون يقطع حتى الإمدادات المخطط لها.
هذا ما يهم بوتين، أكثر بكثير من الصورة الخارجية لفشله في مساعدة إيران. فهذه الحرب ستُحدد إرثًا يراه في سياق بناء الإمبراطورية الروسية على مر القرون. أو كما قال وزير خارجيته، سيرجي لافروف، مازحًا عام ٢٠٢٢، فإن رئيسه لديه ثلاثة مستشارين فقط: 'إيفان الرهيب، بطرس الأكبر، وكاترين العظيمة'.
ولفتت الصحيفة إلى أنّه 'لم يُضعف أيٌّ مما حدث خلال السنوات الثلاث الماضية هذه الرؤية لاستعادة روسيا العظمى. بالنسبة لبوتين، ليس مجرد وجود أوكرانيا إهانةً فحسب، بل إن إعادة استيعاب مواردها – البشرية والاقتصادية والعسكرية – في روسيا الأم هو الشرط الأساسي لقدرة موسكو على البقاء على رأس النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي يراه بديلاً للهيمنة الغربية. وهذا هو السبب الذي جعل خطة أوكرانيا لتوقيع معاهدة تجارية مع الاتحاد الأوروبي تُثير غضبه الشديد عام ٢٠١٣؛ إذ كانت تعني أن كييف لن تنضم إلى مجموعته المنافسة، الاتحاد الأوراسي'.
تحول ترامب مؤخرًا من لوم أوكرانيا على غزوها إلى التذمر من عدم اهتمام بوتين بمحادثات السلام. لكن عليه أن يفعل ما هو أفضل من ذلك بكثير. عليه أن يعترف، على الأقل لنفسه، بأن بوتين قد تلاعب به. فقد استغل عميل المخابرات الذي يدير الكرملين استماتة ترامب في التوصل إلى وقف إطلاق النار لتعزيز أهداف روسيا الحربية، في وقت يعاني فيه هو أيضًا من نقاط ضعف متزايدة، بما في ذلك أزمة ائتمان وشيكة.
قد تمر سنوات قبل أن يجزم أحد بنجاح التدخل العسكري الأمريكي في إيران أو فشله. لكن إذا كان هناك استنتاج واحد يمكن لترامب استخلاصه من نجاحه في فرض وقف إطلاق النار على إسرائيل وإيران، فهو أن السلام من خلال القوة يتطلب أولًا إظهار القوة. وهذا ما فشل فيه فشلًا ذريعًا في تعاملاته مع الكرملين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 2 ساعات
- ليبانون 24
البيت الأبيض: ترامب يوقّع أمراً تنفيذياً يمدّد الموعد النهائي لفرض رسوم جمركية أعلى إلى الأول من آب
البيت الأبيض: ترامب يوقّع أمراً تنفيذياً يمدّد الموعد النهائي لفرض رسوم جمركية أعلى إلى الأول من آب Lebanon 24


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
وزير الخارجية الروسي: هناك تمرد داخل حلف الناتو العسكري
قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اليوم الإثنين خلال حضور قمة بريكس الاقتصادية في البرازيل بإن هناك تمرد سيظهر قريبا على سطح سفينة حلف الناتو العسكري. وأضاف لافروف بإن هذا التمرد يظهر في سعى المزيد من دول العالم للإنضمام لتجمع بريكس الاقتصادي الجديد لتحقيق مصالحها الوطنية،وعدم الإنصياع لسياسات مفروضة عليها. في إتجاه آخر دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال استمرار الحرب الروسية الأوكرانية،وفي عامها الثاني لإنشاء حلف عسكري أوروبي جديد خارج حلف الناتو العسكري ليقوم ذلك الحلف الجديد بتأمين القارة الأوروبية. وعدم التورط في صراعات حلف الناتو العسكري الذي تقوده أمريكا،وذلك خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق جوبايدن المنتمي للحزب الديمُقراطي. بينما تغيرت السياسة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنتمي للحزب الجمهوري،والذي دعا لتحقيق التهدئة،وإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية التي سيؤدى استمرارها لإندلاع الحرب العالمية الثالثة.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
أمريكا تستعد لإطلاق TikTok جديد خاص بها بعد صفقة بيع محتملة للتطبيق
في تطور جديد ومثير في ملف TikTok داخل الولايات المتحدة، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مؤخرًا أن لديه مجموعة من "الأشخاص الأثرياء جدًا" على استعداد لشراء عمليات TikTok داخل البلاد، في خطوة تهدف لإنهاء أزمة أمنية طال أمدها تتعلق بالتطبيق الصيني الشهير. تطبيق أمريكي منفصل في الطريق وفقًا لتقرير مدفوع المصدر، من المتوقع أن يحصل المستخدمون في الولايات المتحدة على تطبيق TikTok جديد تمامًا في 5 سبتمبر المقبل، ليكون بوابة منفصلة عن النسخة العالمية الحالية من التطبيق. ورغم أن النسخة الحالية من TikTok ستظل تعمل حتى مارس 2026، إلا أن المستخدمين الجدد داخل الولايات المتحدة سيتعين عليهم تحميل النسخة الجديدة للوصول إلى الخدمة. وبعد هذا الموعد، ستتوقف النسخة الحالية داخل أميركا، ما يعني أن الولايات المتحدة ستكون لها بوابة TikTok منفصلة عن باقي دول العالم. TikTok والتهديدات الأمنية تواجه TikTok منذ سنوات اتهامات بأنها تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، إلى جانب اتهامات باستخدامها كمنصة للدعاية الصينية. وفي ضوء هذه المخاوف، أمرت الحكومة الأمريكية ببيع عمليات TikTok في الولايات المتحدة إلى جهة غير صينية، وإلا فستواجه الشركة حظرًا تامًا من العمل داخل البلاد. الرئيس ترامب كان قد مدد المهلة النهائية للصفقة 3 مرات سابقًا، ويبدو الآن أنه واثق بأن الصفقة ستتم قريبًا، خصوصًا مع التلميحات إلى تطوير تطبيق منفصل. تشابه مع السياسة الرقمية الصينية اللافت في هذا السيناريو هو المفارقة الرقمية؛ فبينما طالما انتقدت الولايات المتحدة الصين لفصلها الإنترنت المحلي عن العالمي وتطوير بدائل محلية لمنصات عالمية، تقوم الآن الولايات المتحدة بخطوة مماثلة عبر إطلاق تطبيق TikTok محلي خاص بها، منفصل عن النسخة العالمية. ورغم الانقسام التقني، من المتوقع أن التطبيق الأمريكي لن يختلف كثيرًا في الشكل أو المضمون عن النسخة الحالية، إلا أن البعض يتوقعون أن تشهد النسخة الأمريكية مزيدًا من المحتوى المتماشي مع سياسات الإدارة الحالية. هل الصفقة حقيقية هذه المرة؟ حتى اللحظة، لم يتم الإعلان رسميًا عن هوية "الأثرياء" الذين سيشترون عمليات TikTok في الولايات المتحدة، لكن وجود خطة لتطبيق منفصل يشير إلى أن الصفقة قد تكون أقرب من أي وقت مضى. وإذا تم الأمر، فإن TikTok سيكون قد نجح في البقاء داخل السوق الأمريكية، رغم التهديدات المستمرة بالحظر، وهو ما قد يشكل خيبة أمل كبيرة لمنافسين مثل Instagram، الذين كانوا يراهنون على خروج التطبيق من المشهد.