
أغرب مطارات العالم: إبداع هندسي يرحب بالمسافرين
مطار شانغي سنغافورة: حديقة داخلية وشلالات آسرة
عند الحديث عن أغرب وأجمل المطارات من حيث التصميم، لا يمكن تجاهل مطار شانغي سنغافورة (Changi Airport SIN). يُعد هذا المطار أيقونة معمارية تُعرف بجمالها الخلاب وخدماتها الفاخرة التي تتجاوز التوقعات التقليدية للمطار. أبرز ما يميز تصميمه هو مجمع "جويل شانغي"، وهو هيكل زجاجي فولاذي يربط بين مباني المطار، ويضم:
شلال راين فورتكس (Rain Vortex): أطول شلال داخلي في العالم، يتساقط الماء فيه من ارتفاع 40 متراً، ليُشكل مشهداً بصرياً وصوتياً مدهشاً.
غابات استوائية: يحيط بالشلال غابة داخلية خضراء مورقة تضم آلاف الأشجار والنباتات، مما يُضفي شعوراً بالهدوء والسكينة في قلب المطار.
متاهة الضباب وأنشطة ترفيهية: يُقدم جويل شانغي أيضاً مناطق لعب فريدة، مثل متاهة الضباب، وشبكات للتنزه، مما يجعله وجهة ترفيهية بحد ذاته وليس مجرد صالة انتظار.
تصميم المطار يُعطي الأولوية للضوء الطبيعي والمساحات المفتوحة، مما يُقلل من الشعور بالازدحام ويُعزز من تجربة المسافر، ويُبرز رؤية سنغافورة كمدينة حدائق.
مطار بكين داشينغ الدولي: نجم البحر العملاق
يُعتبر مطار بكين داشينغ الدولي (Beijing Daxing International Airport PKX) في الصين تحفة معمارية أخرى تُلفت الأنظار بتصميمها الغريب والمذهل. صُمم المطار من قبل المعمارية الشهيرة زها حديد، ويتخذ شكلاً فريداً يُشبه نجمة البحر العملاقة أو العنقاء ذات الأجنحة المفتوحة. هذا التصميم ليس جمالياً فحسب، بل هو وظيفي للغاية:
الكفاءة التشغيلية: الفروع الخمسة التي تنطلق من مركز المطار تُقلل من مسافات المشي للمسافرين، وتُسهل عمليات الانتقال بين البوابات، مما يُحسن من تجربة المسافر بشكل كبير.
الإضاءة الطبيعية: تُوفر القباب الزجاجية الكبيرة في سقف المطار إضاءة طبيعية وافرة، مما يُقلل من استهلاك الطاقة ويُعطي شعوراً بالاتساع.
التصميم الانسيابي: الخطوط المنحنية والسوائل في التصميم الداخلي تُضفي شعوراً بالحداثة والتطور، وتُحول المطار إلى عمل فني بحد ذاته.
يُظهر مطار داشينغ كيف يُمكن للوظيفة أن تلتقي بالفن، ليُصبح المطار رمزاً للابتكار الصيني وقدرته على تحقيق مشاريع عملاقة ومذهلة.
مطارات أخرى بتصاميم غير تقليدية: تجارب معمارية فريدة
بالإضافة إلى شانغي وداشينغ، تُوجد مطارات أخرى حول العالم تبرز بتصاميمها غير التقليدية التي تُضيف بعداً جمالياً وتجريبياً لرحلة السفر:
مطار دنفر الدولي: يُعرف المطار بخيام التيفلون البيضاء التي تُغطي سقفه، والتي تُحاكي جبال روكي الثلجية، مما يمنحه مظهراً أيقونياً ومميزاً في الأفق.
مطار مراكش المنارة: يجمع تصميمه بين الحداثة والتراث المغربي الأصيل، مع عناصر هندسية إسلامية وأنماط تقليدية تُضفي عليه طابعاً فريداً ودافئاً.
مطار مدريد باراخاس: يُتميز المطار بألوانه الزاهية وتصميمه المتموج الذي يُشبه أمواج البحر، مع استخدام واسع للزجاج والخشب لخلق مساحات مشرقة ومرحبة.
هذه المطارات تُبرهن على أن التصميم المعماري يُمكن أن يُلعب دوراً كبيراً في تعزيز تجربة السفر. فهي لا تقتصر على كونها مراكز نقل فحسب، بل تُصبح معالم جذب سياحي بحد ذاتها، تُقدم للمسافرين لمحة عن الإبداع البشري وتُحفز الحواس قبل حتى الوصول إلى الوجهة النهائية.
في الختام، تُعيد أغرب مطارات العالم من حيث التصميم تعريف مفهوم السفر الجوي. لم تعد المطارات مجرد أماكن للانتظار والعبور، بل أصبحت وجهات تُبهرنا بجمالها وإبداعها الهندسي. من الشلالات الداخلية والحدائق الاستوائية في سنغافورة، إلى هياكل نجمة البحر العملاقة في بكين، تُقدم هذه المطارات تجارب بصرية لا تُنسى، وتُحول ساعات الانتظار الطويلة إلى مغامرة فريدة. إنها شهادة على أن الفن والوظيفة يُمكن أن يتلاحما ليُشكلا مساحات تُثير الإلهام وتُجعل بداية ونهاية رحلتنا لا تُنسى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيلي عربية
منذ 14 ساعات
- إيلي عربية
تفاصيل واسرار One of a Kin في مقابلة حصرية مع مؤسسّة العلامة نايلة حدّدة
في مقابلة حصرية أجرتها مجلّة Elle Arabia مع مؤسسة علامة One of a Kin نايلة حداد، غصنا في عالم هذه العلامة التي أعادت تعريف راحة النوم. حيث تحدّثت حداد في المقابلة عن شرارة الإلهام التي بدأت بقماش ناعم يشبه الغيوم، إلى ابتكار بيجامات تحمل دفء الانتماء، وكشفت كيف جمعت بين الاستدامة، الجودة، والقصة في كل تفصيلة. حدّاد اللبنانية الأصل، كشف كيف التقى التراث اللبناني بالتصميم الهادئ، وكيف يمكن للراحة أن تكون فعل حب وعناية. وفي هذه المقابلة تتحدّث عن التحديات وعن الخطوات المستقلبلية. إليك أدناه المقابلة كاملة. ما الذي ألهمك لإطلاق علامة One of a Kin؟ هل كانت هناك لحظة حاسمة أطلقت هذه الفكرة؟ بدأ كل شيء من قماش. أثناء إجازتي، صادفت خامة ناعمة للغاية، لم أتمكن من التوقف عن لمسها. كانت أشبه بارتداء غيمة، وفكرت فورًا: "لماذا لا تُستخدم هذه الخامة في ثياب النوم؟ خصوصًا لجميع أفراد العائلة؟" ومن هنا بدأت الشرارة. النوم جزء أساسي من رفاهيتنا، وأردت أن أرتقي به، ليس فقط من خلال الراحة، بل من خلال النية أيضًا. تلك اللحظة زرعت بذرة One of a Kin: علامة تجارية تضع الراحة الواعية في صميم الحياة العائلية. الاسم ملفت للانتباه، ماذا يعني لك شخصيًا وإبداعيًا؟ هذا أكثر سؤال نُسأل عنه، ونحب الإجابة عليه. الاسم يحمل معانٍ عدة ، لكن ببساطة هو لعبة لغوية على عبارة "one of a kind" (فريد من نوعه)، ومع استخدام "kin" (بمعنى الأقارب)، يكتسب عمقًا إضافيًا. هو عن العائلة، القرب، والانتماء. بالنسبة لي، هو يعكس جوهر العلامة: قطع مدروسة وشخصية، مصمّمة لتمنح الراحة لكل فرد من أفراد الأسرة. وهو أيضًا تذكير لطيف بأن التفرّد لا يعني العزلة، بل الانتماء لشيء له معنى. قطعكِ تبدو شخصية للغاية. هل تصمّمين وأنتِ تفكرين في إمرأة معيّنة أو إحساس معيّن؟ بالتأكيد، كل قطعة تبدأ من إحساس. أفكر في تلك اللحظة قبل النوم، ليس فقط للنساء، بل لكل شخصية من عملائنا: نساء، رجال، أطفال، ورضّع. إنها لحظة الهدوء، والاسترخاء، وراحة التواجد في المنزل. أصمّم لأولئك الذين يتوقون إلى النعومة (حتى إن لم يدركوا ذلك بعد)، ليس فقط في القماش، بل في أسلوب الحياة. أريد لكل من يرتدي منتجاتنا أن يشعر بأنه مُحتضن، لا فقط مُرتدٍ لثياب. كيف أثّر إرثكِ اللبناني على ذوقكِ الجمالي والقيم التي تقوم عليها العلامة؟ أن تكون لبنانيًا يعني أنك نشأت في ثقافة تمزج بين الصلابة والجمال، والكرم والنية. هناك دفء معين في أسلوب حياتنا، في الضيافة والعطاء والإبداع، وهذا ينعكس في كل ما أقوم به One of a Kin . تحمل هذه الروح: الغنى العاطفي، عقلية "العائلة أولًا"، والإيمان بأن الفخامة يجب أن تكون حميمية وليست بعيدة المنال. الجودة والاستدامة عنصران أساسيان في عالم الموضة اليوم، كيف توازنين بينهما من دون التضحية بالأناقة؟ بالنسبة لنا، الاستدامة ليست قائمة مهام، بل قيمة جوهرية. نبدأ باستخدام خامة TENCEL™ Modal x Micro لأنها ناعمة بشكل استثنائي ومُنتجة بشكل مسؤول. انبعاثاتها الكربونية أقل بنسبة 50% وتُستخرج من أشجار الزان المُدارة بشكل مستدام. لكنها قبل كل شيء، تُشعرك بروعة فورية. لا نساوم أبدًا على الجودة، فمنتجاتنا مصممة لتدوم، ولتُحب منذ اليوم الأول. كما نعيد استخدام الأقمشة المتبقية لصنع بطانيات مريحة للأطفال تحت اسم 'Sleep Buddy'، وتذهب أرباحها بالكامل لمؤسسة "دبي العطاء" لدعم تعليم الأطفال عالميًا. إنها طريقتنا في إغلاق الحلقة، بيئيًا وعاطفيًا. هل تتعاونين مع حرفيين أو صُنّاع محليين؟ وكيف تؤثر هذه العلاقات على تصاميمكِ؟ حتى الآن، لم نتعاون مع حرفيين أو صانعين محليين، لكن هناك شيء قادم في الطريق لا يمكنني الكشف عنه الآن، ترقّبوا! ما التحدي غير المتوقع الذي واجهتهِ خلال رحلتكِ كرائدة أعمال؟ بصراحة؟ إدارة النجاح والتوسع. عندما بدأت المبيعات بالارتفاع، خصوصًا بعد برنامج "Shark Tank"، اضطررنا أن نتعلّم كيفية النمو بسرعة من دون فقدان الإيقاع. إدارة المخزون أصبحت رقصة. أزياء النوم منتج حميم، وبناء علامة تجارية حول شيء لا يُستعرض غالبًا على وسائل التواصل الاجتماعي كان تحديًا بحد ذاته. وأيضًا، منتجنا يتمتع بنعومة لا تُصدّق، لا يمكن فهمها إلا من خلال اللمس. ما يصعّب إيصال الشعور عبر الإنترنت، خصوصًا أننا ما زلنا نعمل إلكترونيًا. لكننا بقينا متمسكين بالسرد القصصي، والمجتمع، وجودة المنتج. وكل عقبة زادت العلامة قوة ودقة. يبدو أن السرد القصصي جوهري في تصاميمكِ، كيف تدمجين الحكاية في عمليتكِ الإبداعية؟ نحن لا نصنع بيجامات فحسب، بل نصنع قطعًا تنقل إحساسًا. سواء من خلال لون مهدّئ يريح ذهنك قبل النوم، أو لمسة خالية من العلامات تتيح لك النوم بلا إنزعاج، كل تفصيلة تروي قصة عن العناية. شراكتنا الأخيرة مع "Calm" مثال جميل: كل بيجاما تحتوي على رمز QR يفتح قائمة موسيقية للنوم. الهدف هو توسيع طقس ما قبل النوم ليشمل الحالة المزاجية، الذهنية، والذاكرة. ما الذي تأملين أن تشعر به النساء عندما يرتدين One of a Kin؟ آمل أن يشعر كل من نصمم لهم، سواء نساء أو غيرهم، بأنهم مرئيون ومقدَّرون على تعبهم اليومي. لحظة ارتداء البيجاما في نهاية اليوم يجب أن تُشعرك بأنك عدت إلى ذاتك. أريد لعملائنا أن يشعروا بالراحة، والثقة، والقليل من الدلال. وكأنهم أخيرًا يسكبون شيئًا من الرعاية داخل أنفسهم بعد أن أعطوا الكثير للعالم من حولهم. ما الجديد للعلامة؟ هل هناك مشاريع أو توسعات أو تغييرات إبداعية مقبلة؟ نعمل على إطلاقات جميلة وجديدة توسّع من فلسفة الراحة والنوم لدينا، ابتكارات دافئة وراحة متقدمة. من حيث التوسّع، نطمح للتوجّه إلى ما هو أبعد من الخليج، وندرس الدخول إلى الأسواق العالمية، مع الحفاظ على روحنا. وبالطبع، سنستمر في مفاجأة مجتمعنا بتعاونات مدروسة ومنتجات تجعل من الراحة طقسًا وليس مجرد عادة.


إيلي عربية
منذ 19 ساعات
- إيلي عربية
لعاشقات اللون الأسود 7 تنسيقات جذابة لاعتمادها هذا الصيف
خلال فصل الصيف، يُحتفى عادة بالألوان الزاهية والطبعات الحيوية، إلا أن اللون الأسود يبقى خياراً أنيقاً لا يخضع لقواعد الموضة الموسمية، فهو لون الجرأة والرقي، يعبّر عن أسلوب متفرّد. وإن كنتِ من عاشقات الأسود حتى في عزّ الصيف، فعليك أن تدركي أن سرّ نجاح إطلالاتك يكمن في اختيار القصّات والخامات التي تمنحك إطلالة صيفية مريحة دون أن تتخلي عن طابعك الجمالي. إليكِ 7 تنسيقات أنيقة لتجعلي الأسود رفيقك هذا الموسم. نزهة إلى الحديقة لا يحتاج تنسيقك اليومي في نزهة إلى الحديقة لأكثر من توب ضيق باللون الأسود مع سروال خفيف وواسع، يُفضل أن يكون بخصر مطاطي كي تشعري بالراحة في ظلّ الأجواء الحارة. أضيفي لمستك الشخصية مع حقيبة صغيرة من الرافيا ونظارات شمسية داكنة، لإطلالة مريحة وعصرية في آن. لعطلة نهاية الأسبوع اجمعي بين خامات الصيف المفضّلة في إطلالة واحدة: دانتيل مطرّز، كتان، وصندل جلي شفاف أو أسود. يمكنك اختيار تنورة ميدي دانتيل مع بلوزة خفيفة من الكتان، وأكملي اللوك بحقيبة من القش الأسود لمظهر غير متوقّع وذي طابع فني. إطلالة العمل تخلّي عن البليزر الكلاسيكي والسروال الرسمي، وبدلاً منهما، اختاري قميصاً أسود واسعاً وشورت برمودا بقصّة هندسية. هذه الإطلالة المينيمالية مثالية لأيام المكتب الحارّة، خاصة عند تنسيقها مع حقيبة كروشيه كبيرة تسع كل مستلزماتك. رحلة إلى الشاطئ إذا كنت تعتقدين بأن اللون الأسود لا يناسب رحلات الشاطئ، فعليك التفكير مجدداً. بدلاً من الكيمونو الملوّن، اعتمدي شالاً أسود شفاف، ونسّقيه مع مايوه باللون نفسه وقبّعة كبيرة داكنة. هذه الإطلالة تضيف لمسة غموض وأناقة لوجودك على البحر. إطلالة شبه رسمية اختاري بدلة سوداء من الكتان ذات خصر محدّد، مؤلفة من بليزر أنثوي وسروال واسع. هذه الإطلالة ليست فقط مريحة، بل تنقلك بسلاسة من اجتماع المكتب إلى موعد عشاء أنيق دون الحاجة لتغيير ملابسك. موعد ليلي الفستان الأسود الطويل بقصّة الأكتاف المكشوفة هو بطل هذه الإطلالة. اختاري واحداً بتفاصيل ناعمة كالطيات أو اللمعان الخفيف، وأضيفي إليه حقيبة خرز صغيرة وصندل بكعب صغير فضي أو أسود لتحصلي على إطلالة رومانسية وراقية دون مجهود. للتمارين الرياضية حتى في طريقك إلى صف اليوغا أو تمارين البيلاتس، يمكنك اختيار الأسود. نسّقي شورت رياضي قصير مع حمالة صدر رياضية بتفاصيل متقاطعة، وأضيفي كنزة كاجوال سوداء واسعة. هذه الإطلالة تجمع بين الراحة والأناقة بأسلوب عصري.


إيلي عربية
منذ يوم واحد
- إيلي عربية
حياة مليئة بالأكاذيب
دخَلَ فراس أخي حياتي مِن جديد بعد سنوات انقطاع، ولَم أعرِف كيف أشعُر حيال ذلك. فالواقِع أنّ أخي كان إنسانًا مزاجيًّا ذا سلوك لَم يعتَد أيّ فرد مِن عائلتنا عليه، ولطالما هو فاجأنا بأمور وتصرّفات رفضناها وخجِلنا منها، وقد فعَلَ ما يحلو له مُتحَجِّجًا بأنّها حياته ويُريد عَيشها كما يُريد. وفي آخِر المطاف، سافَرَ فراس إلى الخارج، وتنقَّلَ مِن بلَد لآخَر حتّى اختفى تمامًا. للحقيقة، لَم ينشَغِل بالي عليه، لأنّني تزوّجتُ وأنجَبتُ وباتَت عائلتي الصغيرة هي همّي الوحيد، خاصّة وحيدي مازن الذي عنى لي الكثير، لأنّ الأطبّاء قالوا لي إنّني لن أنجِبَ غيره على الاطلاق. مرَّت السنوات بهدوء وكنتُ سعيدة. لَم أتكلّم كثيرًا عن أخي خلال زواجي، ولَم يكن زوجي يعرفُ الكثير عن فراس سوى أنّه مُغامِر سافَرَ ولَم يعُد. فعندما إتّصَلَ بي فراس قائلًا إنّه في البلَد وطالِبًا رؤيتي وعائلتي، تحمَّسَ زوجي وطلَبَ أن أدعوه لتناول العشاء عندنا، ليسمَع منه قصصًا إستدعَت فضوله. لَم أشارِك زوجي حماسه، فبعد كلّ هذه السنوات شعرتُ أنّ أخي باتَ إنسانًا غريبًا عنّي، فكان بإمكانه الاتّصال بي أو بأهلي مِن حين إلى آخَر بدلًا مِن ذلك الانقطاع الكلّيّ. لكنّ المُسامِح كريم ولذلك دعوتُه إلى بيتنا. تفاجأتُ بأخي عندما وقَفَ قُبالتي عند الباب، إذ أنّه بدا لي نحيلًا وأكبَر مِن سنّه بسنوات، لكنّني لَم أقُل له شيئًا، بل استقبلتُه بحرارة واضِحة، وكذلك زوجي. نادَيتُ مازن ليُلقي التحيّة على خاله، ثمّ جلَسنا كلّنا في الصالون وبدأ فراس بالكلام عن نفسه وسفراته. إهتّمّ ابني كثيرًا بكلامه، لأنّه كان مُراهِقًا يُحبّ المغامرات كأبيه... وخاله! فوجدتُ نفسي الوحيدة التي لَم تتأثّر بتلك القصص التي وجدتُها أقرَب إلى الخيال. فهكذا كان فراس، يُحبّ أن يُضفي على الأمور قسمًا مِن الخيال ليجعلها أكثر جاذبيّة. إنتهى العشاء وغادَرَ فراس، وقبَل أن نخلد للنوم، قالَ لي زوجي: ـ أنتِ قاسية بعض الشيء على أخيكِ، إنّه رجُل مُميّز، وأودّ رؤيته مُجدّدًا خاصّة أنّ مازن أحبَّه. ألّا تعتقدين أنّ مِن حقّه أن يتعرّف أكثر على خاله؟ لَم أمانِع لكنّني لَم أكن مسرورة أيضًا، فمَن أكثر منّي يعرفُ أخي؟ أعطَيتُه فرصة ليُثبِتَ أنّه مُخالِف للفكرة الموجودة لدَيّ عنه، وهكذا صارَ فراس يزورُنا باستمرار في المساء ونصطحبُه معنا حين نخرج ليلًا. في الفترة الأولى، بدأتُ أرى جوانِب إيجابيّة لعلاقة فراس بنا، ففي آخِر المطاف هو كان أخي، أي إنسان كبرتُ معه في بيت واحِد. إضافة إلى ذلك، هو أعطى لعائلتي فرَحًا وحماسًا كان ينقصُنا، فباتَ زوجي وكأنّه مُراهِق وهو برفقته، ومازن وكأنّه وجَدَ بطَلَه. لكن بعد فترة، صِرتُ أرى الجوانب السلبيّة لعلاقتنا بأخي، إذ أنّ مازن بدأ يتصوَّر أنّ الحياة هي سهلة ومُريحة ومرِحة، ولا ينبغي عليه أن يتكبَّد أيّ عناء للوصول إلى مُبتغاه، بل كلّ ما يجب فعله هو المُغامرة مِن دون خطّة مُسبقة، فبدأت علاماته في المدرسة تتراجَع وباتَ يرفضُ أن يدرس كما في السابق. أمّا في ما يخصّ زوجي، فتغيّرَت طريقة لبسه ومشيَته وأولويّاته، ولَم أعُد أتعرّف على الرجُل الذي اخترتُه زوجًا لي. فهو بدا لي وكأنّه يستعيد الأيّام التي سبقَت زواجنا، فأهمَل ابنه واتبعَدَ عنّي شيئًا فشيئًا. لِذا قرّرتُ أن أُبعِد فراس عنّا، لأنّه بالفعل بدأ يخرِب الذي بنَيتُه مع عائلتي. لكنّ زوجي وابني اعترضا بقوّة على قراري، وصوّراني وكأنّني أمنعُهما مِن الفرَح والمرَح والاستمتاع بالحياة. وقال لي زوجي بِنبرة لن أنساها: ـ لطالما كنتِ هكذا... جدّيّة فوق الحاجة ولا تعرفين كيف تعيشي حياة لن نحظى بها إلّا مرّة واحِدة... أجل، أنتِ تُعكّرين علينا مزاجنا... لا أفهم كيف نحن مُتزوّجان، فكلّ شيء فيكِ مُختلِف عنّي. بكيتُ في تلك الليلة لأنّني فهمتُ أنّني على وشك أن أخسرَ زوجي وابني. لِذا قرّرتُ في اليوم التالي أنّ عليّ أن أثبتَ لهما أنّ الحياة التي يعيشُها فراس ليست مثاليّة كما يتصوّران، بل حلمًا باعَه أخي لهما ليدخل حياتنا ولا يبقى وحيدًا. إحتَرتُ مَن أسأل عن فراس، فوالدَيّ كانا قد توفّيا وباقي أفراد العائلة الكبيرة غير قريبين منّا، فاستنتَجتُ أنّ الطريقة الوحيدة لمعرفة المزيد كانت أن أُراقِبه بنفسي. تردّدتُ كثيرًا، لأنّني شعرتُ أنّ الأمر ليس لائقًا لسيّدة مثلي، كما أنّه غير عمَليّ، إذ أنّني كنتُ امرأة عامِلة ولدَيّ التزامات. لكنّني استطعتُ أخذ إجازة صغيرة مِن الشركة التي أنا موظّفة فيها، وبدأتُ ألحَق فراس أينما ذهب. كِذبتُ على زوجي ولَم أكن فخورة بذلك، لكنّني كنتُ مُصمِّمة على إنقاذ زواجي وعائلتي. فشيء في داخلي قالَ لي إنّ زوجي بدأ يندَم على اختياره لي، على الأقلّ قليلًا، وقد ينوي إيجاد امرأة أخرى "أكثر فرَحًا" منّي. وإبني هو الآخَر صارَ يجِدُني "مُزعِجة"، وكان على شفير الرسوب في المدرسة وتدمير مُستقبله. وأثناء مُراقبتي لأخي، وجدتُ أنّه لا يفعلُ شيئًا خلال أيّامه سوى الذهاب إلى مطعم يقضي نهاره فيه، ربّما لِلقاء أناس يُشبهونَه، أيّ لا عمَل لدَيهم. كنتُ أودّ دخول ذلك المكان ورؤية ما يفعله هناك، لكنّني خفتُ أن يراني ويوبّخني، أو يقولَ لزوجي إنّني ألحقُ به فيغضب منّي. لِذا دبّرتُ أن أدعو فراس إلى بيتنا خلال النهار على غير عادة، حين كان زوجي في إجازة مرضيّة ليقضي الرجُلان بعض الوقت سويًّا ويتسنّى لي الذهاب إلى ذلك المطعم. دخلتُ المكان فوجدتُه ظريفًا، وجلَستُ إلى إحدى الطاولات وطلَبتُ طبَقًا أُحبُّه. كانت النادِلة لطيفة معي فمزَحتُ معها ثمّ سألتُها: ـ دلََّني صديق لي على هذا المكان، ولَم يكن مُخطئًا عندما قالَ لي إنّه مطعم جيّد. إسمه فراس م. هل تعرفينَه؟ إنّه مُتواجِد هنا باستمرار. ـ فراس م.؟ بالطبع! فهو يعمَل هنا! لكنّه أخَذَ إجازة اليوم. ـ إنّه نادِل مثلي. للحقيقة، أنا جئتُ به إلى هذا المطعم، بعد أن عمِلنا سويًّا لسنوات في مطعم آخَر في منطقة تقَع في شمال البلاد. ـ لسنوات... ظننتُه كان مُسافِرًا بعيدًا، فانقطعَت أخباره لفترة. ـ هاهاها... هذا هو فراس! يُحِبّ اختراع القصص والمُغامرات، إسألي الكلّ عنه! لكنّه اعترفَ لي أنّه لَم يخرج مِن البلَد قط! يا لخياله الواسِع! وهذا بالذات ما كان سبب ترك زوجته له. ـ زوجته؟!؟ ـ ألّا تعلمين أنّه كان مُتزوِّجًا ولدَيه أولاد؟!؟ قلتِ إنّه صديقكِ. ـ بلى، بلى... لكنّني لا أعرفُ ما حلّ بهم. ـ عائلته تعيش في الشمال حيث هو كان. هل تريدين بعض الحلوى أم فنجان قهوة؟ خرَجتُ مِن المطعم مذهولة، فحياة أخي كانت كذبة كبيرة أحزنَت قلب والدَيّ، إذ أنّهما ماتا مِن دون أن يرياه مع أنّه كان يعيش في البلَد نفسه! كيف هو لَم يقُل لهما ولي إنّه تزوّجَ وأنجَبَ؟ هل لأنّه أرادَ ان يُحافِظ على صورة المُغامِر الحرّ التي رسمَها لنفسه؟ لكن بأيّ ثمَن؟ وعمَله البسيط الذي مارسَه منذ سنوات والذي لَم يتقدّم به أبدًا؟ أين طموحه؟ هل أنّ خياله استحوَذَ على حياته لدرجة أنّه صارَ يُصدِّق كذبه؟ إنتظَرتُ أن يُغادِر فراس بيتنا ويعود ابني مِن المدرسة، لأقول له ولأبيه ما اكتشفتُه عن أخي. في البدء، هما وبّخاني على ما فعلتُه، لكنّني قلتُ لهما: ـ أعطاكما فراس صورة عن حياة بعيدة كلّ البُعد عن الحقيقة، وذلك بانتحال شخصيّة مُغامِر سعيد فهِمَ الحياة وعاشَها بطولها وعرضها، بينما هو بالفعل إنسان عاديّ لَم تطأ قدمُه مكانًا واحِدًا خارج الحدود. إضافة إلى ذلك، هو دمَّرَ زواجه بسبب كذبه... الأمر الذي أرادَ فعله بنا. لا تُناقشاني مِن فضلكما! أنتَ يا زوجي العزيز... أنظُر إلى نفسكَ، تظنّ أنّكَ مُغامِر شابّ وتتضايَق مِن وجودي الذي تجِده مُزعِجًا، وكأنّني عثرة في طريقكَ إلى السعادة. وأنتَ يا إبني، تظنّ أنّ خالكَ وجَدَ الوصفة السحريّة لتجنّب أيّ عناء تفرضه علينا الحياة للوصول إلى ما يتمنّاه المرء. كلاكما على خطأ طبعًا، لِذا إضطرِرتُ لفعل ما فعلتُه، لأثبِتَ لكما أنّه تمّ تلاعب بكما وكأنّكما ولدان صغيران. لقد خذلتُماني فانقلبتُما عليّ بسرعة فائقة، وكأنّني العدوّ الذي يجب إبعاده بأسرع وقت. إسمَع يا زوجي، إن لَم تكن سعيدًا معي فبإمكانكَ الرحيل، فأنا لَم أتغيّر، بل بقيتُ المرأة نفسها التي أحبَبتها وتوسَّلتَ إليها لتتزوّجكَ. وإسمَع يا مازن، لن أترككَ تُدمّر مُستقبلكَ، بل سأظلّ أقومُ بواجباتي معكَ لأنّني أمّكَ وأحبّكَ، فستذهب الآن إلى غرفتكَ وتبدأ بالدرس. وإن لَم تفعل، فسيكون عقابكَ كبيرًا! هيّا بكما أنتما الاثنان! عادَ الهدوء إلى البيت وزوجي إلى صوابه وابني إلى درسه في غضون أسبوع، بعد أن فهِما لعبة فراس تمامًا. أمّا بالنسبة لهذا الأخير، فطردتُه نهائيًّا بعد أن أخبرتُه بما عرفتُه عنه. وبعد فترة، ترَكَ أخي المطعم واختفى مِن جديد. لا أظنُّ أنّه فهِمَ الدرس وعادَ إلى شمال البلاد ليسترجِع عائلته، بل هو راحَ يبحث عن جمهور جديد يُصدّق قصصه، ويُعطي أهمّيّة لحياته التي يعتبِرُها مِن دون طَعم أو لون. مسكين أنتَ، يا فراس!