logo
تحف يمنية نادرة تُعرض في مزاد فرنسي وسط غموض بشأن مصدرها

تحف يمنية نادرة تُعرض في مزاد فرنسي وسط غموض بشأن مصدرها

العربيةمنذ 10 ساعات

كشف خبير الآثار اليمني عبدالله محسن عن عرض أربع قطع أثرية يمنية نادرة للبيع في مزاد "الفن القديم" الذي تنظمه دار "بلاكاس" الفرنسية في التاسع من يوليو المقبل، وسط غياب معلومات دقيقة حول كيفية خروجها من اليمن.
وقال محسن في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك" إن القطع الأثرية نُسبت، بحسب المزاد، إلى جامع آثار أوروبي اقتناها في ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن تنتقل بالوراثة إلى مالكها الحالي، دون توفر أي وثائق توضح مكان اكتشافها أو ظروف تهريبها.
وتضم القطع المعروضة تمثالاً نادراً من المرمر يُعتقد أنه توأم لتمثال شهير عُثر عليه في وادي بيحان بمحافظة شبوة، ويشابه في ملامحه تمثالاً محفوظاً في المتحف الوطني للفن الآسيوي التابع لمؤسسة "سميثسونيان" في واشنطن.
وقال محسن إن التمثال يفتقر إلى بيانات واضحة عن مكان الاكتشاف وتاريخ الخروج من اليمن، داعياً إلى توضيحات من المؤسسة الأميركية التي كانت تدير بعثات استكشافية إلى اليمن منتصف القرن الماضي.
كما يعرض المزاد تمثالاً أنثوياً من المرمر مزوداً بقرط من الذهب، يُعتقد أنه يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ويتميز بوجود نقش بخط المسند على القاعدة، إضافة إلى تفصيلات دقيقة للشكل والملامح وفق وصف المزاد.
وتتضمن القطع المعروضة أيضاً لوحة تذكارية (شاهد قبر) من الحجر الجيري، تصور شخصية واقفة داخل إطار فني يحيط بها صف من الوعول وزخارف حيوانية وهندسية، فيما تُظهر القطعة الرابعة رأس رجل منحوت من المرمر الشفاف يعود للقرن الأول قبل الميلاد، ويعكس ملامح النحت اليمني القديم في دقته وتجريديته.
وحذر محسن من أن استمرار عرض وبيع آثار يمنية في المزادات العالمية دون مساءلة قانونية أو شفافية بشأن المصدر، يهدد التراث الثقافي اليمني، داعياً الحكومة اليمنية إلى التدخل العاجل للتفاوض أو شراء القطع إذا تعذرت استعادتها قانونياً.
وتتعرض الآثار اليمنية منذ سنوات لعمليات تهريب ممنهجة، خصوصاً بعد اندلاع الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي نهاية 2014، ما أدى إلى فقدان آلاف القطع الأثرية وظهور العديد منها في مزادات دولية من دون وثائق ملكية أو تصاريح تصدير رسمية، بحسب ما ينشره الخبير محسن من وقت لآخر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد القصف الإسرائيلي والأميركي… نشاط محدود للمتسللين الإلكترونيين الإيرانيين
بعد القصف الإسرائيلي والأميركي… نشاط محدود للمتسللين الإلكترونيين الإيرانيين

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

بعد القصف الإسرائيلي والأميركي… نشاط محدود للمتسللين الإلكترونيين الإيرانيين

بعد أن قصفت القوات الإسرائيلية والأميركية أهدافا نووية إيرانية، دق المسؤولون في إسرائيل والولايات المتحدة ناقوس الخطر بشأن هجمات إلكترونية مدمرة قد ينفذها متسللون إلكترونيون تابعون لإيران. لكن مع صمود وقف إطلاق النار الهش، يقول مسؤولو الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة وإسرائيل إنهم لم يروا حتى الآن سوى القليل من الأمور غير العادية، وفقاً لوكالة «رويترز». ولم تكن هناك مؤشرات على وقوع هجمات إلكترونية تخريبية والتي كثيراً ما يجري التطرق إليها خلال المناقشات عن قدرات إيران الرقمية، مثل عمليات الاختراق الأمني لملاهٍ ليلية أو مرافق مياه أميركية. وقالت نيكول فيشباين، الباحثة الأمنية الكبيرة في شركة «إنتيزر» الإسرائيلية: «حجم الهجمات منخفض نسبياً فيما يبدو. والتقنيات المستخدمة ليست متطورة كثيراً». وتباهت مجموعات من المتسللين الإلكترونيين يقول محللون أمنيون إنها تعمل بتوجيه من إيران، باختراق سلسلة من الشركات الإسرائيلية والغربية في أعقاب الغارات الجوية. وأعلنت مجموعة قرصنة إلكترونية تطلق على نفسها اسم «حنظلة» مسؤوليتها عن سلسلة من عمليات سرقة البيانات والاختراق، لكن «رويترز» لم تتمكن من التحقق من صحة أحدث تصريحاتها المتعلقة بإعلان هجمات تسلل إلكتروني. ويقول باحثون إن المجموعة، التي ظهرت في أعقاب هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تعمل على الأرجح انطلاقاً من وزارة المخابرات الإيرانية. وقال ريف بيلينج، الباحث الرئيسي في مجال التهديدات المخابراتية في شركة الأمن الإلكتروني البريطانية «سوفوس»، إن تأثير نشاط القرصنة ضئيل على ما يبدو. وأضاف: «على حد علمنا، فإنه المزيج المعتاد من الفوضى غير الفعالة من مجموعات القرصنة الحقيقية والهجمات محددة الهدف من الشخصيات المرتبطة بإيران والتي من المحتمل أن تحقق بعض النجاح، لكنها تبالغ أيضاً في حجم تأثيرها». ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك على طلب التعليق. وتنفي إيران عادة تنفيذ حملات قرصنة إلكترونية. وقالت شركة «تشيك بوينت سوفت وير» الإسرائيلية إن حملة قرصنة تربطها بـ«الحرس الثوري» الإيراني أرسلت في الأيام القليلة الماضية رسائل تصيد احتيالي إلى صحافيين ومسؤولين أكاديميين إسرائيليين وآخرين. والتصيد الاحتيالي هو هجوم إلكتروني يهدف إلى خداع الأفراد وسرقة معلوماتهم الشخصية أو المالية، مثل كلمات المرور وأرقام بطاقات الائتمان. ويحدث ذلك عادة عن طريق إرسال رسائل إلكترونية أو رسائل نصية أو مكالمات هاتفية تبدو وكأنها صادرة من جهات موثوق فيها، مثل البنوك أو الشركات الكبرى، ولكنها في الواقع تأتي من محتالين. وأفاد سيرغي شيكيفيتش، مدير مجموعة التهديدات المخابراتية في «تشيك بوينت»، بأن في إحدى الحالات، حاول المتسللون استدراج هدف إلى اجتماع شخصي في تل أبيب. وأضاف أن دوافع الاجتماع المقترح لم تكن واضحة. وأوضح شيكيفيتش أن محاولات جرت لتدمير البيانات لدى أهداف إسرائيلية، أحجم عن تحديدها، فضلاً عن زيادة كبيرة في محاولات استغلال ثغرة أمنية في كاميرات مراقبة مصنوعة في الصين؛ وذلك لتقييم أضرار القصف في إسرائيل على الأرجح. وعمليات القرصنة الإلكترونية التي ينفذها موالون لإيران غير متماثلة في الطبيعة والنطاق مع تلك التي يقوم بها مؤيدون لإسرائيل والمرتبطة بالحرب الجوية التي بدأت في 13 يونيو (حزيران). ومنذ بدء الصراع، قال قراصنة يشتبه بأنهم إسرائيليون إنهم دمروا بيانات في أحد أكبر البنوك الحكومية الإيرانية وحرقوا عملات مشفرة (سحبوا رموزها من التداول) بقيمة نحو 90 مليون دولار وذكروا أنها مرتبطة بأجهزة الأمن الحكومية. ولم ترد الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني في إسرائيل على رسالة من أجل الحصول على تعليق. وقال محللون إن الوضع متقلب وإن أنشطة التجسس الإلكتروني الأكثر تطوراً ربما تكون جارية دون رصدها. وحث مسؤولون إسرائيليون وأميركيون القطاع على توخي الحذر. وحذرت نشرة صادرة عن وزارة الأمن الداخلي الأميركية في 22 يونيو (حزيران) من أن الصراع الدائر يزيد بيئة التهديد في الولايات المتحدة، وأن جهات فاعلة إلكترونية تابعة للحكومة الإيرانية قد تشن هجمات على الشبكات الأميركية. ورفض مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) التعليق على أي أنشطة إلكترونية إيرانية محتملة في الولايات المتحدة. وشبّه يليسي بوهوسلافسكي، المؤسس المشارك لشركة «ريد سينس» لجمع المعلومات والبيانات وتحليلها ونشرها، العمليات الإلكترونية الإيرانية ببرنامجها الصاروخي. وتسببت الصواريخ الإيرانية التي أطلقت نحو إسرائيل خلال الصراع في مقتل 28 شخصاً وتدمير آلاف المنازل، لكن معظمها تسنى اعتراضه ولم يلحق أي منها أضراراً جسيمة بالجيش الإسرائيلي. وقال بوهوسلافسكي إن عمليات القرصنة الإيرانية تعمل بالطريقة نفسها فيما يبدو. وأضاف: «هناك كثير من المبالغات، وهناك كثير من الاستهداف العشوائي للمدنيين، لكن على أرض الواقع ليست هناك نتائج كثيرة».

نجاحات «الموساد» داخل إيران مهّدت لإسرائيل السيطرة على سمائها
نجاحات «الموساد» داخل إيران مهّدت لإسرائيل السيطرة على سمائها

الشرق الأوسط

timeمنذ 4 ساعات

  • الشرق الأوسط

نجاحات «الموساد» داخل إيران مهّدت لإسرائيل السيطرة على سمائها

بدأ اهتمام الموساد بالعمل في إيران، عام 2003، عندما قرر رئيس الوزراء (يومذاك) أرئيل شارون، وضع الخطط اللازمة لتدمير المشروع النووي الإيراني. في ذلك العام، كان دافيد برنياع ضابطاً متميزاً وحصل على أول «وسام تفوّق» إثر عملية سريّة ناجحة نفّذها مع قائده يوسي كوهن. ثم نتيجة للنشاطات التي نفذها الموساد خلال السنوات السبع التالية، توصّل إلى قناعة بأن إيران تتمتّع بقدرات عسكرية وأمنية كبيرة، إلا أنها بعيدة عن الوصول إلى التسلح النووي، وأن اختراقها أمنياً يحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد. وعندما طلب نتنياهو ووزير دفاعه (أنذاك) إيهود باراك، عام 2011 الإعداد لحرب على إيران، قال لهما مئير دجان، إن حرباً كهذه «تُشن فقط عندما نشعر بأن السكين على الرقبة... وفي الوقت الحاضر السكين ليست على الرقبة». وفي حينه، وافقه على ذلك كل من قيادة الجيش والمخابرات. وهكذا تفجّرت «حرب» بين الطرفين، وبدأ اليمين الإسرائيلي التحريض على هذه القيادات ويستخف بالجنرالات. في تلك الأثناء أخذ الموساد ينظم حرباً أخرى على إيران، البعض يسميها «حرب الظلال». ووفق يوسي ميلمان، فإن إيران نظمت عمليات اغتيال لشخصيات دبلوماسية في الخارج وتنظيم اعتداءات على السفارات والإسرائيلية والمؤسسات اليهودية وحتى السياح الإسرائيليين (في مدينة بورغاس البلغارية مثلاً). وخلال الفترة التي قاد فيها كوهن وبرنياع الجهاز بدأ «التفتيش» عن الأشخاص الذين ينظمون هذه العمليات في «الحرس الثوري» الإيراني. وتحت هذا العنوان بدأ العمل داخل الأراضي الإيرانية. هنا نشأت الحاجة إلى خبراء في تجنيد العملاء. ولكن وفق مراسل لصحيفة «مكور ريشون»، لم تكن تلك مهمة صعبة «لأن النظام الإيراني أدار سياسة قمع وبطش وعنف تسبّبت في خلق مجموعات كبيرة من الأعداء له، الذين كانوا يريدون الانتقام لكرامتهم ولكرامة أفراد عائلاتهم من ظلم السلطة وظلامها». مع هذا، تجنيد عدد كبير من العملاء، ما كان السبيل الوحيد. فأجهزة الأمن الإسرائيلية لا تثق بعملائها، وهي أيضاً خلقت لنفسها أعداء كثيرين في كل مكان في العالم، وبالأخص، في العالمين العربي والإسلامي. لذا؛ راح «فرع الموساد في طهران» يسعى لاستخدام الوسائل التكنولوجية والذكاء الاصطناعي. ونشر نشاطه على أماكن عدة في أرجاء إيران كي لا يقتصر عمله على طهران. وهكذا، مع التعمّق أكثر في الدوائر الإيرانية أخذت تتطور فكرة اغتيال علماء النووي وتصفية قادة الدوائر الذين يخططون العمليات ضد إسرائيل. وأسس ما سمّي «جيش الدراجات النارية»، الذي ضم عملاء في الموساد ينفذون عمليات تفجير عن طريق إلصاق قنابل على السيارات المستهدفة، و«قافلة الشاحنات» التي كانت تطلق صواريخ وطائرات مسيّرة لاغتيال شخصيات إيرانية من داخل إيران وغيرها. وحقاً، في أواخر يناير (كانون الثاني) من عام 2018، عندما كان برنياع نائباً لرئيس الجهاز، اقتحم عشرات العناصر التابعين للموساد منشأة تخزين في منطقة صناعية على بعد 30 كلم من العاصمة طهران، حملوا الأرشيف النووي خلال أقل من سبع ساعات، ونقلوه إلى إسرائيل. يومها كانت زنة الغنيمة نصف طن من المحفوظات النووية السريّة، وغادروا المكان من دون أن يخلفوا وراءهم أي أثر. كانت تلك واحدة من أكثر عمليات السرقة جرأة في تاريخ إيران، لكن المسؤولين الإيرانيين التزموا الصمت وتكتّموا عليها بشكل كامل، إلى أن كشف الأمر نتنياهو، بعد ثلاثة شهور، في إطار معركته الانتخابية. بعدها، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، تعرّض موكب يقلّ محسن فخري زاده، شيخ علماء الذرّة، لإطلاق نار. فقُتل بسلاح رشاش يعمل بالتحكّم عن بعد بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي. وكان لافتاً أن زوجته التي رافقته إلى رحلة استجمام، لم تصب وكذلك السائق والمرافقون. باراك (آ ف ب) وخلال الفترة التي تولى فيها برنياع منصب الرئيس، شهد الاهتمام بإيران قفزة في عمل الموساد كان عنوانها «اختراق العمق الإيراني والعمل هناك من داخل الداخل». وكان من أبرز عمليات الموساد، غير المألوفة، دخول ضابطه إلى إيران واعتقال عنصر في «فيلق القدس» اسمه منصور رسولي، والتحقيق معه داخل منزل تابع للموساد حول عمليات اغتيال أحد الموظفين في القنصلية الإسرائيلية في إسطنبول وجنرال في الجيش الأميركي في ألمانيا وصحافي فرنسي. ولقد وثَّق الموساد التحقيق، وفيه روى رسولي أنه قبض مبلغ 150 ألف دولار لتنفيذ مهمته، وأدلى بأسماء أعضاء الخلايا الذين وافقوا على تنفيذ المهمات الثلاث... وقد اعتُقلوا كلهم. وكانت هذه الحادثة حافزاً لبناء علاقات تعاون مع المخابرات التركية، أدى إلى كشف خلايا إيرانية أخرى تخطّط لتنفيذ عمليات إرهاب ضد السيّاح الإسرائيليين وغيرهم في تركيا. كان الغرض أيضاً من هذا الكشف، التأثير على المفاوضات التي بدأتها إدارة الرئيس الأميركي (في حينه) جو بايدن مع إيران لأجل إبرام اتفاق نووي جديد بدلاً من الاتفاق الذي كان الرئيس باراك أوباما وقادة الدول الكبرى قد أبرموه مع إيران في 2025، لكن الرئيس دونالد ترمب انسحب منه عام 2018. الهدف الإسرائيلي في حينه كان التأثير على الأميركيين لمنعهم من التوصل لاتفاق، وإن رفضوا فالتأثير كي يضعوا شروطاً قاسية في الاتفاق تتعلق ليس فقط بالنووي، بل أيضاً بالصواريخ وبدعم الميليشيات في المنطقة، وكذلك التأكيد على أن إيران تدعم الإرهاب. وجنباً إلى جنب مع هذا النشاط، وقعت سلسلة اغتيالات جديدة لعلماء إيرانيين وبعض قادة «الحرس الثوري»، وجرت تجربة إطلاق طائرات مسيّرة على مواقع تابعة لـ«الحرس الثوري». وفي غضون شهور، اتسع نطاق عمليات أفراد الموساد على الأراضي الإيرانية، حتى باتوا على امتدادها يشكلون فرعاً كبيراً وقوياً، لديه مقار سرية وسيارات وشاحنات ومصانع لتركيب المسيرات وأنواع عدة من الأسلحة. ووفق مصدر عسكري إسرائيلي، فإنه لولاها لما تمكنت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي من تنفيذ غاراتها وإصابة أهدافها. وتابع المصدر أن «الطيران في سماء إيران كان، بفضل الموساد، أكثر أمناً من الطيران في سماء سوريا والعراق».

نكهة سورية مسيحية للمبدئية
نكهة سورية مسيحية للمبدئية

الشرق الأوسط

timeمنذ 4 ساعات

  • الشرق الأوسط

نكهة سورية مسيحية للمبدئية

هذا الجاني الذي اقتحم كنيسة مار إلياس في دمشق مساء الأحد الماضي، أثناء تأدية المصلين الصلاة، مُطْلقاً النار عشوائيّاً، ومفجِّراً نفسه بواسطة سترة ناسفة، ما أسفر عن مقتل 22 مصلِّياً، وإصابة العشرات بجراح بينهم أطفال وإشاعة الذعر في الكنيسة... هذا الجاني لو كان بدل الشحن التكفيري له قد وجد مَن يرشده إلى سواء السبيل، ويشجعه على أن يعرف ما التعايش الطوائفي، لما ارتكب هذا الإثم الذي مآله النار في الآخرة. هذه الواقعة المؤلمة التي ذهب ضحيتها رجال ونساء مسنون، تجعلنا نستحضر من الذاكرة، ومن أوراق ووثائق ومحاضر جلسات ومؤلفات، كيف أن حقبة مضيئة من تاريخ سوريا الأربعينات والخمسينات كانت الطائفة المسيحية شريكة كل الطوائف، وتستوقفنا بالذات حالة، بل ظاهرة فارس الخوري المسيحي، الذي وُلد في بلدة الكفير اللبنانية، المتكئة على سفح جبل حرمون، المنتقل مع العائلة، بسبب ظروف الفتن والاحتراب، إلى سوريا، التي تشاء الأقدار -وكان قد بات جامعياً وحقوقياً وسياسياً- أن ينخرط في العمل السياسي زمن ازدهار التعدد الحزبي في سوريا، وبالذات «الكتلة الوطنية» و«الحزب الشيوعي»، وسجّل من المواقف التي تتسم بالتوازن، ما جعل المعادلات السياسية في رئاسات متنوعة المشارب تختاره لكي يترأس الحكومة. بل لعله أكثر السياسيين الذين ترأسوا حكومات في عهد الرئيس شكري القوتلي وعهد الرئيس هاشم الأتاسي، وهذا الترؤس للحكومة سبقه اختياره وزيراً للمعارف ثم للمالية. وأما المحطة اللافتة فتمثلت في أن أعضاء البرلمان السوري انتخبوه في ثلاثة مجالس نيابية رئيساً لهم. لكن تبقى محطته الأممية ذات أهمية نوعية، فهو في مناسبة لمناقشة صيغة تقسيم فلسطين مع بعض التعديلات خلال انعقاد جلسة للهيئة العامة للأمم المتحدة (23-9-1947) قال ردّاً على المندوب الأميركي المؤيد للتقسيم: «اليهود لا علاقة لهم بفلسطين منذ عشرين قرناً، أما صلتهم العاطفية بها فيشاركهم فيها المسلمون والنصارى أيضاً، عدا ذلك فاليهود لم يُشكِّلوا دولتهم قديماً إلَّا في جزء من فلسطين، والحضارة التي ادّعوا أنها حضارتهم أخذوها عن جيرانهم الكنعانيين والفلسطينيين والمصريين والبابليين...». وكان فارس الخوري، الذي ترأَّس حكومات سورية، وشغل مناصب وزارية عروبياً ووطنياً ولا طائفياً بامتياز -لعل البعض في لبنان يتأملون في العبر التي ما أكثرها وأقل الاعتبار تجاهها- تناول في كلمات ألقاها في إحدى مداولات أممية بين باريس ونيويورك موضوع حائط المبكى، وتستوقفنا في هذا الصدد العبارة التالية له «بينما كانت اعتداءات اليهود وخرْقهم للهدنة ومهاجمتهم منطقة النقب تمهيداً للاستيلاء عليها وتشريد نصف مليون فلسطيني تستوجب النظر في هذه الأمور، فإن ممثل اليهود أخذ يتكلّم عن حائط المبكى! هل احتل اليهود هذا الحائط وهل يحتله العرب الآن؟ إن هنالك أحجاراً قائمة وهي لا تزال هناك منذ العصور القديمة ولا يمسها أحد... فماذا يريدون؟ إنها في مدينة القدس القديمة، ولا تزال في مكانها هناك...». وتناول فارس الخوري في الموضوع نفسه دعوى اليهود ضد الجيوش المصرية التي تجتاز حدود فلسطين، واصفة ذلك بأنه اعتداء، فقال «إن الجيوش المصرية تدخل فلسطين من أراضي مصر المتاخمة لأسباب تبرر دخولها، أما الجيوش اليهودية فمن أين أتت؟ لقد عبرت جيوش اليهود البحار والمحيطات والجبال، وتهافتت من كل بلاد العالم لتهاجم فلسطين ولتوطد أقدامها فيها، فهل يمكن اعتبار أولئك المعتدين الذين أتوا لغزو شعب مسالم في عقر داره أنهم يعملون بحق... بينما يُعتبر القادمون إلى إخوانهم ليوطدوا الأمن ويعيدوا اللاجئين إلى أوطانهم جماعة معتدين!». وما هو أكثر لفْتاً للانتباه، أنه بعد انتهاء عضوية سوريا في مجلس الأمن الدولي (نهاية 1948) عاد فارس الخوري إلى دمشق، ومن دون أن يخطر في باله أنه سيلقى هذا الاستقبال الرسمي، الشعبي؛ حيث إن الجماهير زحفت صباح يوم الاثنين (10-1-1949) للمشاركة في استقباله، والذي بلغ مستوى غير مسبوق، إذ إن رئيس الجمهورية شكري القوتلي ورئيس الحكومة خالد العظم ونائبي رئيس مجلس النواب والوزراء والرؤساء السابقين ورموز أهل الفكر والثقافة والأدب، شاركوا في الاستقبال. ويروي الإعلامي محمد الفرحاني الذي استندْنا إلى كتاب ألَّفه عن فارس الخوري (إضافة إلى أوراق ذكريات جمعتْها الحفيدة الأديبة المتألقة كوليت خوري) أنه بعدما انتهى «الابن البار» من تحية مستقبليه، سأل ولده عن طربوشه، وكان قد أوصاه بأن يحضره معه إلى المطار في كتاب بعث به إليه، ولكن الابن نسي، فما كان من العلَّامة المسلم الشيخ بهجت البيطار إلَّا أن رفع عمامته بكلتا يديه، ووضعها على رأس فارس الخوري السوري المسيحي، ووسط التهليل والتصفيق ركب إلى يسار الرئيس القوتلي في الطريق إلى القصر الجمهوري، وبعد ذلك إلى منزله. في أواخر الخمسينات أصيب هذا السياسي المسيحي الظاهرة في الحياة السياسية السورية - العربية - الأممية بتوّعك، انتهى بمضاعفات على أنواعها في الجسم، وتوفي عام 1962 عن 85 عاماً، وأقيمت له جنازة رئاسية، وتقدَّم المشيعين رئيسُ الجمهورية ناظم القدسي، والرئيس السلف شكري القوتلي. لعل وعسى يُعيد رموز جماعات التطرف النظر في مفاهيم وشحن مذهبي، والتأمل بعقل منفتح في الظاهرة النموذج للمبدئية الوطنية والعروبية الثابتة وللتعايش الإسلامي - المسيحي في الوطن، الذي كانت عليه سوريا قبْل ثلاثة أرباع القرن، ترأَّس الحكومة فيها مرات عدة المسيحي فارس الخوري، فضلاً عن وقفات تتصل بالقضية الفلسطينية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store