
من سحب السلاح إلى تجفيف التمويل: اقتصاد "الحزب" يتصدّع؟
في وقت بات فيه المطار منطقة «تماس دولي»، ليس لكونه بوابة سفر فقط، بل بسبب الأنظار الدولية المتزايدة عليه، باعتباره يُرجّح أن يُستخدم كممرّ تمويلي لأنشطة يُحتمل ارتباطها بـ «حزب الله».
في حين، أكد مصدر مطّلع لـ «نداء الوطن» أن مديرية الجمارك لم تتحقّق بعد من مصدر المبالغ المالية الكبيرة والوجهة التي ستتخذها حتى الساعة، أفاد المصدر بأن هذه الأموال محجوزة حاليًا لصالح النيابة العامة التي ستتولى البتّ بمصيرها في ضوء التحقيقات القائمة.
وفي أحدث تلك العمليات، ضُبط مبلغ 8.2 ملايين دولار نقدًا داخل 3 حقائب وصلت عبر رحلتين من كينشاسا واسطنبول.
مصدر قضائي، أكد أنه «تم توقيف 3 لبنانيين اعترفوا بنقل الأموال لصالح رجال أعمال من الجنسية اللبنانيّة ينشطون في أفريقيا»، هذا على حد تعبير هذا المصدر، الذي شدد على أن «الأنشطة والأعمال والحوالات المالية من أفريقيا معروفة لصالح من تكون...».
وفي حادثة منفصلة، ضُبط مبلغ نحو 7 ملايين دولار نقدًا في مطار بيروت الدوليّ داخل حقائب السفر وصلت على متن طائرة قادمة من إحدى الدول الأفريقية، وينتمي أصحاب الحقائب إلى بلدة جنوبية تعرضت للقصف الإسرائيلي في الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
وهنا سأل المصدر: «هل لهذه الأموال علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتمويل إعادة الإعمار في بعض القرى الحدوديّة جنوب لبنان؟».إذًا، التحقيقات انطلقت سريعًا بتكليف من مكتب الجرائم المالية، وبتوجيه من حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، الذي وجّه بإيداع الأموال في خزنة تابعة للبنك المركزي.
الحادثتان تأتيان ضمن سلسلة حوادث متكررة، فقد ضُبط قبلها 2.5 مليون دولار مع رجل وصل من تركيا، وأُحبطت محاولة تهريب أكثر من 22 كيلوغرامًا من الذهب، وجميعها رُبطت بحسب معلومات متقاطعة بـ «حزب الله».
في المضمون، ما يحصل اليوم هو امتداد لحرب أوسع بدأت فصولها منذ تراجع دور النظام السوري كرافعة مالية ولوجستية لـ «الحزب»، وازدادت وتيرتها مع العقوبات الأميركية والدولية، ثم بلغت ذروتها مع انفجار الحرب الإيرانية – الإسرائيلية.
لكن الأبرز، أن مطار بيروت نفسه بات مادة خلاف داخلي وضغط خارجي. هددت إسرائيل مرارًا باستهداف المطار في حال لم تُضبط الحركة داخله، لا سيما بعد إجماع على سيطرة شبه تامة لـ «حزب الله» على المطار قبل حرب الإسناد في 8 تشرين الأول، في حين تُختبر جدية الدولة اللبنانية في منع المطار من أن يكون نقطة عبور.
بالمختصر، تعكس الحادثة محاولة متجددة لضبط شرايين التمويل، بعدما تكررت سواء عبر الذهب، العملات، أو الصرافات وشركات تحويل أموال تعمل تحت غطاء نشاط تجاري مشروع، وفق مصدر مطّلع.
علمًا أن «حزب الله» أنشأ في السنوات الأخيرة، استنادًا للمصدر، منظومة تمويل رديفة، تُغنيه جزئيًا عن التحويلات الإيرانية المباشرة. وهو ما أجبر «الحزب» على بناء شبكات اقتصادية وتجارية منتشرة في سوريا ولبنان وأفريقيا، وحتى أميركا اللاتينية وأوروبا.
في موازاة ذلك، ومنذ اغتيال رئيس «صادق» للصرافة هيثم بكري، وظهور لائحة من شركات الصرافة المتهمة بتحويل الأموال لـ «الحزب»، دخلت المعركة في نطاق أوسع: شلّ قدرة «الحزب» المالية، وبالتالي إعادة بناء هيكليته، سواء التنظيمية - الاجتماعية أو القتالية - العسكرية.
ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي الآلية الإيرانية لتحويل الأموال إلى «حزب الله» وأرفقها بلائحة لصرافات لبنانية اتّهمها بتحويل الأموال له، واضعًا صورة أبنيتها ومنوّها باسم محال الصرافة والمعنيّين وهم: «الصادق» بإدارة هيثم عبدالله بكري، «مكتف» بإدارة رامز مكتف، «يارا» بإدارة محمد بدر بربير، «مليحة» بإدارة حسين شاهين، «الإنصاف» بإدارة علي حسن شمس و«عيّاش» بإدارة حسن محمد حسين عياش.
من هنا، تأتي هذه الحادثة لتؤكد أن الأولوية الإسرائيلية – الأميركية اليوم لم تعد فقط في ميدان المواجهة العسكرية، بل في ضرب القدرة التمويلية لـ «حزب الله». فكما لا عسكر بلا سلاح، لا سلاح بلا تمويل.
وإذا كانت هناك دعوات سياسية تطالب بسحب سلاح «الحزب»، فالخنق المالي هو طريق التنفيذ الواقعي لهذه المطالب، أو في الحد الأدنى، تحجيم نفوذه ومنعه من تجديد قدراته، حسبما بيّن المصدر.
يعتبر تجفيف الموارد إشارة واضحة إلى أن مستوى الضغط تغيّر، ما يتقاطع مع مسار الضغط الأميركي، الذي يقوده توم برّاك، عبر تمرير ورقة ضغط عبر الرؤساء الثلاثة في لبنان للدخول في مسار تفاوضي يُفضي إلى نزع السلاح مقابل مهلة زمنية محددة.
ومع استمرار هذا الضغط، لم يتبقَّ لـ «الحزب» سوى استخدام الخطاب كوسيلة دفاع، فتارة يُهدّد بإعادة ترميم «المقاومة»، وتارة ينصاع إلى «الدولة» ويدعوها إلى التحرّك.
مع تصاعد الحصار المالي، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح سياسة خنق التمويل بمنع «حزب الله» من إعادة تموضعه، أم أنه سيجد لنفسه طرقًا رديفة لإعادة رسم موازين القوى داخليًا وخارجيًا؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 44 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
"حزب الله" ينفذ أمر عمليات غامض... 48 ساعة حاسمة
يتسارع الحراك السياسي الداخلي عشية وصول المبعوث الأميركي إلى بيروت، من أجل إعداد ورقة موحدة حول الأجوبة اللبنانية على الورقة الأميركية المتعلقة بسلاح "حزب الله". ويكشف الكاتب السياسي والمحلل نبيل بومنصف عن "تشاؤمٍ" يلف المشهد العام، مستبعداً أي انفراجات حتى إشعار آخر في الساعات ال48 المقبلة والحاسمة، على الرغم من كل الترويج "الإيجابي" الأخير. ويلفت إلى "أمر عمليات غامض" ينفذه الحزب الذي يحاول إحراج الدولة اللبنانية و"حشرها مرةً جديدة في مكان سيء جداً"، قبل وصول السفير برّاك. يؤكد الكاتب بومنصف أن الترويج قبل 48 ساعة لمناخ إيجابي حول تحقيق اختراقٍ، هو معاكس للوقائع والمعطيات الفعلية والجدية التي تعبر عنها المواقف والتحركات في الشارع والتي كان آخرها الإستعراض المسلّح في بيروت. ولا يرى بومنصف أي ارتباط بالتطورات الأخيرة بما يحصل في غزة، وإن كان يشير إلى نوع من العلاقة ما بين الحرب الإسرائيلية في غزة وما يحصل في المنطقة. لكنه يوضح أن المسار اللبناني منفصل عن مسار غزة، لأن الوضع اللبناني محكوم بحصار خانق لا مجال للهرب منه. وعن المعادلة التي يفرضها هذا الحصار يقول بومنصف، إن المعادلة هي "إمّا نزع سلاح حزب الله أو المزيد من الحصار المالي والعمليات الإسرائيلية، لأن كل المساعدات الخارجية مرهونة بنزع السلاح في الوقت الذي لا يبدو فيه أن الحزب لا يتجه وكما هي العادة، لأن يكون واقعياً هذه المرة، بل على العكس فهو يواصل سياسة التحدي وسياسة الإنكار للواقع". ويعزو بومنصف موقف الحزب إلى أكثر من احتمال، كأن يكون الحزب "يسعى إلى كسب الوقت أو المزيد من الربح، أو أنه ينفذ أمر عمليات إيراني جديد أو يعتمد سياسة معاندة الواقع من أجل تحقيق المزيد من المكاسب السياسية، أو أنه لا يحسب ما يمكن أن تقوم به إسرائيل مجدداً في لبنان، أو كل هذه الإحتمالات مجتمعة، كون ما من تفسير منطقي لمواقف حزب الله". وعن المظاهر المسلحة لعناصر من الحزب في بيروت، يقول بومنصف، أنها "أكثر من دعائية ولا تقتصر فقط على شدّ العصب، خصوصاً وأن كل المعطيات تؤكد أن الحزب لم يسلم الدولة حتى الساعة أي موقف أو قرار يعطي الحكم اللبناني ورقة قوة مقنعة لتسليمها إلى برّاك الإثنين". وعلى عكس التوقعات، يتحدث بومنصف عن طرحٍ للحزب يشير إلى أن رده على الورقة الأميركية هو "تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار أولاً ثم بدء المفاوضات حول الخطوات اللاحقة، وهو ما سيكون مرفوضاً أميركياً ودولياً وعربياً، لأن هذه الأطراف ستعتبر أن الحزب وإسرائيل ينتهكان اتفاق 27 تشرين الثاني الماضي، وبالتالي فإن الجواب الأميركي سيكون نزع السلاح مقابل الإنسحاب الإسرائيلي". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 44 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
برّاك في بعبدا في هذا الموعد و 3 نقاط أساسية تم الإتفاق عليها
أكد مصدر سياسي مطلع أن موعد الموفد الرئاسي الأميركي الى لبنان توم براك في القصر الجمهوري هو عند الحادية عشرة من قبل ظهر يوم غد الإثنين ، وسيسبق هذا اللقاء اجتماع ثلاثي بين رئيس الجمهورية جوزاف عون، والرئيسين نبيه بري ونواف سلام من أجل وضع اللمسات الأخيرة على الورقة التي ستسلم الى براك بإسم الدولة اللبنانية. وقال المصدر: "هناك ثلاث نقاط أساسية تم الإتفاق عليها وستكون الولايات المتحدة الضامن لها، وهي: أولًا: تسليم سلاح حزب الله كاملاً، وكل سلاح غير شرعي، ولن يكون هناك سلاح خارج الدولة. ثانياً: إنسحاب إسرائيل من التلال الخمس بالموازاة مع الجدية في التسليم وبتنسيق من "اللجنة الامنية الخماسية" وإشراف الجيش واليونيفيل والولايات المتحدة. ثالثاً: وقف كل الإعتداءات الإسرائيلية بضمانة أميركية دولية، كونه لا مبرر للإعتداء طالما ان السلاح قد سلم، اضافة الى الضمانات الجدية في ملف إعادة الإعمار، وهذه الضمانات ستكون أميركية سعودية وستناقش بين الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 44 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
خطة لسحب السلاح خلال 6 أشهر؟
في لحظة سياسية مفصلية، يترقب لبنان زيارة المبعوث الأميركي الخاص توم برّاك، المقررة غداً، وسط أجواء مشحونة بالتوتر واحتمالات مفتوحة على سيناريوهات تصعيد أو تسوية. الزيارة تأتي في إطار مساعٍ أميركية لإعادة هيكلة المشهد السياسي والأمني اللبناني، مع تركيز خاص على ملف سلاح «حزب الله»، الذي تعتبره واشنطن عائقاً أمام استقرار الدولة واندماجها مجدداً في النظامين المالي والسياسي الدوليين. برّاك استبق زيارته بجملة مواقف مفصلية، أوضح فيها اعتماد واشنطن مقاربة «العصا والجزرة» تجاه بيروت، والتهديد بعقوبات اقتصادية وعدم إطلاق المساعدات، مقابل إغراءات تتعلق بدعم مالي واستثمارات وإعادة الإعمار، في حال تم التجاوب مع الطرح الأميركي القاضي بسحب سلاح «حزب الله». وذهب المبعوث الأميركي أبعد من ذلك، ملمّحاً إلى أن الجيش اللبناني مهمته تفتيش البيوت لمصادرة السلاح، وهو ما يضع الدولة أمام اختبار سيادي وأمني حساس. وفي تصريح يعكس البعد الرمزي والسياسي للرسائل الأميركية، اعتبر برّاك أن «هذه لحظة تاريخية لتجاوز الطائفية وبناء دولة موحدة بجيش وشعب واحد»، لكن خلف هذه العبارات يلوح تحذير واضح بأن المهلة المتاحة أمام لبنان لوضع آلية لسحب السلاح ليست مفتوحة، وأن الفشل في الالتزام بها سيقود حتماً إلى تصعيد إسرائيلي، بحسب مصادر دبلوماسية. في المقابل، بات الموقف اللبناني الرسمي أكثر وضوحاً، ويتمثل في تأكيد حصرية السلاح بيد الدولة، وامتلاكها وحدها قراري الحرب والسلم، مقابل مطالبة بانسحاب إسرائيل من الأراضي المتبقية في الجنوب ووقف الخروقات والانتهاكات، مع الحصول على ضمانات بذلك. وكان يفترض، بعد اتفاق الرؤساء الثلاثة على جواب برّاك، أن يعقد لقاء قبل أن يتخذ مجلس الوزراء قراراً واضحاً بحصر السلاح بيد الدولة ضمن مهلة زمنية محددة. ووفق المعلومات، من المتوقع أن توضع خطة واضحة لسحب السلاح في غضون 6 أشهر، على أن تُنفذ خلال سنة، فيُسحب السلاح كاملاً من جميع الأراضي اللبنانية، وطُرحت في المقابل أفكار أخرى تقضي بوضع إطارٍ مرحلي لسحب السلاح، أي البدء بالمنطقة الواقعة بين شمال نهر الليطاني ونهر الأولي، فضلاً عن البدء بسحب السلاح من البقاع، على أن تشمل المرحلة الثانية بيروت وضواحيها. من جهته، ينفي «حزب الله» استعداده لتسليم أسلحته الثقيلة، لاسيما الصواريخ الدقيقة أو البالستية والطائرات المُسيَّرة، في مقابل الاحتفاظ بالسلاح الخفيف. وعلى حدّ تعبير أحد المعنيّين في الحزب: «لو وافقنا على ذلك لانتهت المشكلة، فهل الإسرائيليون يريدون أسلحة خفيفة من نوع كلاشنيكوف؟»، يدرك حزب الله أن الضغط كبير وجدي، إلا أنه يعتبر أن ما يُعرَض عليه هو ورقة استسلام يستحيل عليه قبولها. وقد حمل استعراض مسلح للحزب في منطقة زقاق البلاط، قُبيل زيارة برّاك، رسالة رفض واضحة لسحب السلاح، مما دفع الحكومة إلى إعطاء أوامر للتحرك، واعتقال عدد من المشاركين، في مؤشر على تغيّر في آلية التعاطي الرسمي مع الحزب. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News