حين يتحوّل السكن إلى أزمة .. مغالاة الإيجارات في إب وغياب آليات الضبط الرسمية
ولا يقتصر الأمر على ارتفاع الأرقام، بل يمتد إلى ما يصفه البعض ب"شروط قاسية": دفع عدة أشهر مقدمًا، ودون عقد قانوني منصف، في ظل محدودية التدخل المؤسسي لحماية حقوق المؤجر والمستأجر معًا.
فراغ تشريعي أم قصور في التنظيم؟
الواقع يُظهر أن ما يجري في سوق الإيجارات ليس بالضرورة نتيجة قرار سياسي، بل قد يكون انعكاسًا لفراغ تشريعي، وغياب آليات ضابطة للسوق العقاري، في مرحلة طارئة تمر بها البلاد، أضعفت فيها الحرب القدرة الإدارية للدولة وأثّرت على فاعلية أجهزتها الخدمية.
لقد أتاح هذا الفراغ – عن قصد أو عن غير قصد – الفرصة لعدد من الملاك والدلالين لفرض رسوم عالية، تصل أحيانًا إلى نصف مليون ريال كمبلغ أولي لاستئجار شقة صغيرة، تشمل الإيجار، التأمين، و"دلالة" السمسار.
وما يزيد من صعوبة الوضع، اشتراط ضمانات تجارية لا تتوفر إلا لفئة محددة، ما يفتح الباب لممارسات تمييزية غير مقصودة ضد محدودي الدخل، ويجعل من أزمة السكن أزمة مركبة تمس الكرامة المعيشية والاجتماعية للمواطن.
الأجهزة الرقابية مدعوّة للتدخل الإيجابي
في ظل هذا الواقع، تُطرح تساؤلات مشروعة عن دور الأجهزة الرقابية والتنظيمية، وسبل تفعيل مبدأ التوازن بين الحقوق والواجبات في سوق السكن.
إذ يُفترض – بحسب قواعد الإدارة العامة – أن يكون للدولة دور تنظيمي لا يتعارض مع اقتصاد السوق، لكنها تُسهم في حماية المستأجر من الاستغلال، كما تحمي المؤجر من التعثر، عبر تشريعات واضحة وآليات تطبيق فعالة.
السكن مسؤولية اجتماعية قبل أن يكون سلعة
ما ينبغي التذكير به أن السكن ليس مجرد معاملة تجارية، بل هو أحد أساسيات الحياة الكريمة، ومؤشر على مدى التماسك الاجتماعي. وارتفاع الإيجارات بشكل غير منضبط قد يقود إلى آثار اجتماعية واقتصادية سلبية، لا تتوقف عند اضطراب معيشة الفرد، بل تمتد إلى تهديد الاستقرار الأسري والمجتمعي.
ويأمل المواطنون أن تبادر الجهات المختصة لوضع معايير عادلة تحد من الانفلات السعري، بما يراعي الظرف الاقتصادي الاستثنائي للبلد، ولا يُثقل كاهل المواطن البسيط، ولا في الوقت نفسه يجحف بحقوق المالك.
نحو مراجعة شاملة
اطّلعت قناة بوابة القانون والقضاء اليمني على نماذج من عقود إيجار وُصفت بأنها تفتقر إلى التوازن القانوني، حيث يُفرض على المستأجر شروط تجديد سنوية تُمكّن المؤجر من رفع الإيجار أو إنهاء العلاقة التعاقدية بسهولة، دون ضمانات كافية للطرف الأضعف.
ويُضاف إلى ذلك ما يُتداول عن امتناع بعض الملاك عن تأجير مساكنهم لموظفي الدولة، ومنهم القضاة، خشية تعثرهم في السداد في ظل توقف المرتبات. هذا ما يستدعي – من باب المسؤولية الوطنية – تدخلًا من الجهات المعنية لإعادة الثقة بين جميع أطراف المعادلة.
خسارة لا تُقاس بالمال
لطالما كانت محافظة إب مهوى أفئدة الزائرين، تُستقبل بالترحاب كما تُستقبل الغيوم، ويُحتفى بالضيف فيها كما يُحتفى بالقَطر بعد القحط. كانت تُعرف بكرمها لا بأسواقها، وبأهلها لا بعقاراتها، وكانت تُضرب بها الأمثال في الضيافة لا في المضاربة.
أما اليوم، ومع تفشي المغالاة في الإيجارات، وغياب التراحم بين السكان، تفقد إب تدريجيًا هذه السمعة التي كانت تاجًا على جبينها. لم تعد المحافظة كما كانت؛ الوجه الباسم لليمن، بل تحوّلت عند البعض إلى سوق مغلقة على الربح المجرد، لا تسأل من الذي يدفع، ولا كيف.
وهذه خسارة لا تُقاس بالريال، بل تُقاس بما يتسرّب من القيم، وبما يتفتت من المروءات في زحمة اللهاث وراء العائد السريع. فالمكان الذي يفقد صفاته الأخلاقية، يفقد معه تاريخه، وهويته، ومكانته في وجدان الناس.
أخلاق الاستثمار
ليس السكن مجرد استثمار عقاري، وليس العائد الإيجاري مكسبًا صرفًا في ظرف كهذا. في بيئة يعيش فيها غالبية المواطنين تحت خط الحاجة، يتحوّل التسعير المجحف إلى فعل خارج عن نطاق التوازن المدني، ويقترب – وإن لم يُقصد – من حدود الاستغلال البشري.
في مدينة إب ، وغيرها من المدن، أصبحت القيمة الإيجارية المفروضة على الشقق السكنية تُقتطع لا من فائض الدخل، بل من أساسيات الحياة: من ثمن الرغيف، ودواء الطفل، ونفقة المرأة، ومصاريف الدراسة. فالأجرة الشهرية التي تُقرّ بعين المالك من الخارج، تُجمع هنا من قوت الداخل، على هيئة دين، أو إذلال، أو حرمان.
من هنا، فإن المسؤولية لم تعد قانونية فقط، بل أخلاقية قبل كل شيء. فمن يملك العقار، يملك – بحكم الواقع – جزءًا من مصير من يسكنه، وعليه أن يدرك أن كل تسعيرة مبالغ فيها قد تعني ليلة جوع، أو انسحاب طفل من المدرسة، أو أمًا مضطرة لتختار بين دوائها وإيجار سقف يؤويها.
وليس من المقبول – في بلد تخلّت فيه الدولة مرحليًا عن ضبط السوق – أن يتحول غياب القانون إلى مبرر لتغوّل الأسعار. فحيث يغيب التنظيم الرسمي، يجب أن يُستدعى الضمير. وحيث تتعطل الرقابة، ينبغي أن يحكم المالك ضميره لا شهوته في الربح.
وهنا تبرز الإشارة – بلا تعميم – إلى بعض المغتربين من ملاك العقارات، ممن يتلقون تحويلاتهم شهريًا دون أن يسألوا أنفسهم: كيف دُفعت؟ وما الذي اقتُطع من حياة الناس ليُرسل إليهم هذا العائد؟ في بلد كاليمن ، الاستثمار العقاري لا يخلو من وجه اجتماعي، ومن يرفض رؤيته، ينتهي به الأمر – من حيث لا يدري – إلى المتاجرة بأوجاع الناس.
والدعوة ليست للإعفاء ولا للتبرع، بل للحد من المغالاة، وللتفكير بمفهوم الربح المعقول، الذي يحترم كرامة الإنسان، ويضمن استقرار المجتمع، ويمنح المستثمر ربحه دون أن يسلب من الآخرين شرط بقاءهم.
ما تحتاجه اليمن اليوم ليس فقط استثمارًا في المال، بل استثمارًا في الأخلاق.
والأوطان لا تُبنى بجدران تملؤها الأرباح، بل بضمائر تُبقي الإنسان في صلب المعادلة.
المصدر: قناة بوابة القانون والقضاء اليمني على التلغرام

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد
منذ 14 دقائق
- المشهد
سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. استقرار حذر وترقب للتحركات المقبلة
في ظل أجواء من الترقب والحذر، لم يشهد سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء اليوم الجمعة 4 يوليو 2025 أي تغيّر يُذكر، وسط احتمالات بارتفاع جديد، مدفوعًا بتقدم ملحوظ في المحادثات الجارية بين الحكومة والشركاء الدوليين بشأن إعادة الإعمار. ويواصل " المشهد" في هذا التقرير، رصد سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء، بالتوازي مع تتبّع حركة أسعار الصرف الرسمية. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء اليوم الجمعة 4 يوليو 2025: استقر سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء اليوم عند 734 جنيهًا سودانيًا، وسط ترقّب لأي تغيّرات مفاجئة قد تعيد تشكيل السوق في الأمد القريب. في المقابل، واصل الدولار الأميركي تماسكه أمام الجنيه السوداني في السوق الموازية، مستقرًا عند 2,753 جنيهًا. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء اليوم الجمعة 4 يوليو 2025، بمبالغ محددة: سجل اليوم سعر 1 ريال سعودي 734 جنيهًا سودانيًا. سجل اليوم سعر 5 ريالات سعودية 3,670 جنيهًا سودانيًا. سجل اليوم سعر 10 ريالات سعودية 7,340 جنيهًا سودانيًا. سجل اليوم سعر 15 ريالًا سعوديًا 11,010 جنيهات سودانية. سجل اليوم سعر 50 ريالًا سعوديًا 36,700 جنيهًا سودانيًا. سجل اليوم سعر 100 ريال سعودي 73,400 جنيه سوداني. سجل اليوم سعر 250 ريالًا سعوديًا 183,500 جنيه سوداني. سجل اليوم سعر 500 ريال سعودي 367,000 جنيه سوداني. سجل اليوم سعر 1000 ريال سعودي 734,000 جنيه سوداني. سجل اليوم سعر 5000 ريال سعودي 3.670 ملايين جنيه سوداني. سجل اليوم سعر 10000 ريال سعودي 7.340 ملايين جنيه سوداني. سعر الريال السعودي في عدد من البنوك السودانية: سعر الريال السعودي في بنك الخرطوم يبلغ سعر الريال في بنك الخرطوم 609.68 جنيهات سودانية. سعر الريال السعودي في بنك العمال الوطني يبلغ سعر الريال في بنك العمال الوطني 520 جنيهًا سودانيًا. سعر الريال السعودي في بنك أم درمان يبلغ سعر الريال في بنك أم درمان 573.33 جنيهًا سودانيًا. سعر الريال السعودي في بنك فيصل يبلغ سعر الريال في بنك فيصل 575.4 جنيهًا سودانيًا. سعر الريال السعودي في بنك النيل يبلغ سعر الريال في بنك النيل 576.2 جنيهًا سودانيًا. سعر الريال السعودي في بنك تنمية الصادرات يبلغ سعر الريال في بنك تنمية الصادرات 157.2 جنيهًا سودانيًا. سعر الريال السعودي في البنك السوداني المصري يبلغ سعر الريال في البنك السوداني المصري 159.8 جنيهًا سودانيًا. سعر الريال السعودي في بنك النيلين يبلغ سعر الريال في بنك النيلين 158.13 جنيهًا سودانيًا. سعر الريال السعودي في البنك السوداني السعودي يبلغ سعر الريال في البنك السوداني السعودي 570 جنيهًا سودانيًا. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني اليوم الجمعة في السوق السوداء: سعر صرف الدولار الأميركي اليوم في السودان 2,753 جنيهًا سودانيًا. سعر صرف اليورو اليوم في السودان 3,238 جنيهًا سودانيًا. سعر صرف الجنيه الإسترليني اليوم في السودان 3,771 جنيهًا سودانيًا. سعر صرف الدرهم الإماراتي اليوم في السودان 750.13 جنيهًا سودانيًا. سعر صرف الدينار الكويتي اليوم في السودان 8,880 جنيهًا سودانيًا. سعر صرف الريال القطري اليوم في السودان 756.32 جنيهًا سودانيًا. سعر صرف الريال العماني اليوم في السودان 7,244 جنيهًا سودانيًا. سعر صرف الجنيه المصري اليوم في السودان 55.66 جنيهًا سودانيًا. توقعات سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني: تشير التوقعات إلى أن سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء، مرشح للاستمرار في مسار الاستقرار الحذر، وسط تحركات العرض والطلب التي قد تهيئ الأرضية لارتفاعات قادمة، في ظل تزايد الإقبال على العملات الأجنبية، واستمرار سيطرة السوق الموازية على حركة التداول، بالتزامن مع تنامي النقاشات الحكومية مع الشركاء الدوليين بشأن مشروعات الإعمار والاستثمار. وأعلنت شركة "هواوي" الصينية نيتها تنفيذ مشروعات لإنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة إنتاجية تصل إلى ألف ميغاواط من الكهرباء، ضمن خطة موسّعة لتعزيز البنية التحتية للطاقة في السودان. وبحسب بيان صادر عن وزارة الطاقة والنفط السودانية، طرحت "هواوي" مقترحات فنية لدعم شبكة الكهرباء في مدينة بورتسودان، مع التركيز على تعزيز استخدام مصادر الطاقة النظيفة في شرق البلاد. وتُقدّر السلطات السودانية احتياجات إعادة الإعمار بنحو 300 مليار دولار للعاصمة الخرطوم، و700 مليار دولار لتأهيل بقية مناطق البلاد، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها الحكومة في هذه المرحلة. الاقتصاد الوطني.


صحيفة عاجل
منذ 24 دقائق
- صحيفة عاجل
منصة المساعدات السعودية تكشف عن أعلى الدول تلقّيًا للمساعدات من المملكة حتى الآن
كشفت منصة المساعدات السعودية عبر موقعها الإلكتروني عن أعلى الدول تلقّيًا للمساعدات من المملكة حتى الآن. وبحسب موقع منصة المساعدات السعودية الإلكتروني بلغ إجمالي المساعدات التي قدمتها المملكة 528.40 مليار ريال سعودي، أي نحو 140.90 مليار دولار أمريكي. وتصدرت مصر واليمن وباكستان وسوريا والعراق وفلسطين على التوالي قائمة أعلى دول مستفيدة من المشاريع.


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
إقتصاد : قطاع النقل يدفع التنمية في المدينة المنورة ويجذب المستثمرين ورواد الأعمال
السبت 5 يوليو 2025 04:20 مساءً نافذة على العالم - الرياض - مباشر: يشهد قطاع النقل والخدمات اللوجستية في منطقة المدينة المنورة وتيرةً تصاعديةً وتوسّعًا مستمرًا في الأنشطة المرتبطة به، بناءً على ما أكدته الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة، في ظل تنامي الطلب على خدمات النقل والتخزين، واتساع النشاط التجاري والسياحي في المنطقة. وأشارت الغرفة -وفقًا لتقريرها الاقتصادي- إلى أن القطاع يشهد تناميًا متزايدًا وإقبالًا من المستثمرين وروّاد الأعمال، بما يُسهم في تقديم حلول لوجستية مرنة تدعم التجارة والخدمات والضيافة، ومنها خدمات النقل السياحي، لا سيما في ظل تسجيل إشغال فنادق بنسبة (76.9%) في المدينة المنورة حتى نهاية يونيو 2025, ويُعد القطاع عاملًا مشتركًا بين العديد من الأنشطة الحيوية، ومحرّكًا مباشرًا للنمو المحلي في المدينة ومحافظاتها. وسجّلت منطقة المدينة المنورة مبيعات نقاط بيع بلغت نحو (404) ملايين ريال خلال الأسبوع الماضي، وتسهم المنطقة بنحو (6.6%) في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، مما يعكس استمرار الطلب المحلي على السلع والخدمات المرتبط بالحركة التجارية، التي يُعد قطاع النقل والخدمات اللوجستية من أعمدتها الأساسية. وأوضحت الغرفة أن قطاع النقل يمثل ركيزة أساسية تدفع عجلة التنمية الاقتصادية في المنطقة، من خلال دعم الأنشطة الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية، ورفع كفاءة سلاسل الإمداد. ويُسهم هذا الحراك الاقتصادي المتسارع في خلق بيئة جاذبة للاستثمار، وتوفير فرص عمل جديدة، وتنمية الخدمات الداعمة في مجالات النقل والتخزين والخدمات اللوجستية، مما يعزّز من مكانة المدينة المنورة مركزًا اقتصاديًا ولوجستيًا مهمًا على مستوى المملكة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا ترشيحات "أوبك+" يقرر رفع إنتاجه النفطي 548 ألف برميل يومياً في أغسطس