
المفتي دريان: نحن جزء من هذه الدولة ولا دولة من دوننا
شارك مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في احتفال عقد قران نجل النائب اشرف ريفي الدكتور كريم في منتجع الميرامار – القلمون.
وقد حضر المناسبة، إلى جانب مفتي الجمهورية ، كل من مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، ومفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا، رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، رئيس أساقفة طرابلس والشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر، رئيس المحاكم الشرعية الإسلامية في لبنان الشيخ الدكتور محمد عساف، المفتي الدكتور مالك الشعار، إلى جانب النواب فيصل كرامي، ميشال معوض، طه ناجي، إيهاب مطر، فادي كرم، حيدر ناصر، ايلي خوري، وجورج عطالله، الوزير السابق بسام مولوي ولفيف من الشخصيات الرسمية والدينية والاجتماعية ورجال الأعمال ونواب ووزراء سابقين وقضاة ونقباء المهن الحرة ورؤساء بلديات ومخاتير وأقرباء العروسين وأنسباؤهما.
والقى ريفي كلمة عبّر فيها بكثير من الشفافية والعاطفة عن فرحته الغامرة بهذه المناسبة العائلية، معتبرًا أن هذا اليوم هو من أسعد أيام حياته. وتوجّه بالتحية إلى الحضور، وقال: 'وجودكم بيننا اليوم، من أصحاب السماحة والمعالي، وعلى رأسهم سماحة مفتي الجمهورية، ومفتي طرابلس والشمال، ومفتي عكار، وسعادة دولة الرئيس مصطفى الكاظمي، والأصدقاء من لبنان والعالم العربي، هو شرف كبير لنا وللعائلتين. أنتم تُغنون هذه المناسبة بحضوركم وقلوبكم، وبهذا الحضور الكريم نستشعر عمق الأُلفة والتآخي بين اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، ونجدّد الإيمان بأن هذا الوطن سيظلّ وطنًا للعيش المشترك، وطنًا للعدالة، وطنًا يليق بكل أبنائه.'
وأضاف ريفي: 'سماحة المفتي، إن صوتكم الأخير هو صوتنا. كلمتكم تُعبّر عن وجدان الناس، عن كرامتهم وحقوقهم، ونحن نقف إلى جانبكم بكل ما نمثّله، من أجل بناء دولة العدالة والمؤسسات، دولة لا تُقصي أحدًا، بل تحتضن كل مكوناتها، مسلمين ومسيحيين، لأن لبنان لا يُبنى إلا بشراكة حقيقية، في ظلّ احترام متبادل وتوازن عادل، هذا هو لبنان الرسالة، وهذا ما نؤمن به ونناضل من أجله.'
ولم يغفل اللواء ريفي في كلمته الإشارة إلى البعد العربي للمناسبة، قائلاً: 'إن حضور دولة الرئيس الكاظمي اليوم يضيف إلى عرسنا بعدًا عربيًا نعتز به، وهو تأكيد أن لبنان، رغم كل أزماته، باقٍ في قلب أمّته، متجذّر في علاقاته، قويٌّ بأشقائه ومحبيه'.
ثم ألقى دريان كلمة قال فيها: 'عندما يأتي الإنسان اللبناني إلى طرابلس، يشعر بالفخر والاعتزاز، لأنه أتى إلى أهله وأحبّته في طرابلس والشمال. هذه المدينة هي العاصمة الثانية للبنان، ولها مكانة كبيرة في قلوبنا جميعًا، رغم كلّ المحاولات التي تسعى إلى شيطنتها. لكنّها تبقى مدينة الاعتدال، مدينة الوسطية، مدينة العلم والعلماء. نحن اليوم نجتمع من أجل بناء أسرة جديدة، أسرة إسلامية مبنيّة على القيم الإيمانية والأخلاقية. فالحياة الزوجية هي حياة مبنيّة على الحب والمودة والرحمة، وعلى تقوى الله عزّ وجلّ قبل كل شيء'.
واردف: 'لن أخلط السياسة بهذه المناسبة الاجتماعية، لأن ما قلناه بالأمس يغني عن الشرح والتفصيل. لكن، وبحكم مسؤوليتنا، نؤكد أننا نتحدّث عن تنظيم أمورنا كمسلمين، وكجزء من هذه الدولة اللبنانية. وهذا حق مكتسب لا نقاش فيه مع أحد. من أعجبه الكلام، فذلك جيّد، ومن قدّم ملاحظات، فنحن نصغي إليها. لكن منذ أن تولّينا مسؤوليات الإفتاء في لبنان، نذرنا أنفسنا أن نكون صمّام أمان لهذا الوطن. وقلتها مرارًا وتكرارًا: ليس لدينا أي مشروع خارج إطار الدولة. نحن جزء من هذه الدولة، ولا دولة من دوننا، ولا دولة بدون أي مكوّن أساسي في هذا البلد'.
وتابع: 'هذا الكلام أكرّره اليوم من طرابلس، المدينة العزيزة على قلوبنا. وأوصيكم يا أهلي، يا أبناء طرابلس، أن تحافظوا على مدينتكم، وأن تضربوا بيد من حديد على كل من يريد الإساءة إليها'.
وختم: 'هذه المدينة، بفضلكم ومتابعتكم، ستكون من أفضل مدن لبنان. أشدّ على أيديكم جميعًا، في المحافظة على طرابلس، وعلى أهلها، وعلى العيش المشترك فيها.فنحن في لبنان أهل العيش المشترك، ونتمسّك به بكلّ قوة'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 6 ساعات
- الرأي
... الدور على غزة!
أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بما لا يدع مجالاً للشك دفاعه المستميت عن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي نتنياهو، بل وتمسكه به للحفاظ على بقائه بالحكومة ضد المعارضة الداخلية التي تسعى لإسقاطه وإحالته للمحكمة، خاصة بعد أن انتهت الحرب (الإسرائيلية-الإيرانية) ولا يوجد جديد يشغل الشارع الإسرائيلي! وقد أكد ذلك بدفاعه عنه الأسبوع الماضي ضد محاكمته بقضايا فساد وطالب بالغائها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «ستكون الآن من سينقذه» كما «أنقذت إسرائيل»! الآن بدأت مهمة ترامب الثانية في إنقاذ حكم وحكومة نتنياهو، فبعد أن تدخل وعطل البرنامج النووي الإيراني بعد ضرب المنشآت النووية لتخصيب اليورانيوم في (فوردو) و(نطنز) و(أصفهان) جاء دوره لحماية حكمه من المعارضة الداخلية بالتركيز على إنهاء الحرب على غزة! ليس حباً في أهل غزة أو في إحلال السلام، لكن من أجل عقد صفقة مفاوضات مع المقاومة الفلسطينية تنتهي بإخراج جميع الأسرى الإسرائيليين، وبالتالي يكون قد (ضرب أكثر من عصفور بحجر) أخمد نيران المعارضة وأسقط محاولة محاكمته وأوقف الحرب ونال قبول الشارع وأهالي الأسرى ليبقى في سدة الحكم! هذا السيناريو جعل ترامب، يتحدث عن ضرورة إيقاف الحرب في غزة خلال أسبوعين! المتوقع في المقبل من الأيام زيادة الضغط على المقاومة الفلسطينية لإخراج الصهاينة أحياء أم جثثاً بأي طريقة، المهم إيقاف الحرب بأي ثمن حتى لو تطلب ذلك تدخل الطائرات الأميركية لضرب غزة... والله المستعان! على الطاير: • تخيلوا... الاتحاد الاوروبي فرض 18 حزمة عقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا! • لكن لم يتمكن من فرض عقوباته على إسرائيل التي خرقت المادة الثانية لحقوق الإنسان ضمن اتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، ولم يطبق عقوباته الاقتصادية مكتفياً بالتنديد والتهديد رغم عقد 13 اجتماعاً أوروبياً لقادته واجتماعات شهرية لوزراء خارجيته منذ بداية الحرب على غزة! • حتى البيان الختامي الأخير لقادته أجل الحسم في موضوع فرض العقوبات بسبب غير معلن... هو وجود (ترامب)! ومن أجل تصحيح هذه الأوضاع، بإذن الله نلقاكم! email:[email protected] twitter: bomubarak1963


اليوم الثامن
منذ 7 ساعات
- اليوم الثامن
مبادئ الفلسفة الوجودية ومفهوم الحرِّية
"لقد خلقنا الله أحرارًا ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا"، تلك الجملة الخالدة التي نطق بها بكل قوَّة وثقة الزعيم المصري "أحمد عرابي" في وجه "الخديوي توفيق" عام 1881—لم يكن يعلم أبدًا أنها أحد أهم مبادئ الفلسفة الوجودية، وعلى وجه الخصوص واحدة من أهم الموضوعات التي تناولها لاحقًا الفيلسوف الفرنسي "جون بول سارتر" Jean-Paul Sartre (1905-1980)، في كتابه "الوجود والعدم" (1943)، والتي بها أشعل نيران النداء بحرية الإنسان ليس فقط في أوروبا، بل أيضًا امتد لظاها إلى جميع أرجاء العالم. ويعد السبب الأوَّل في تفشي الإيمان بحرِّية الفرد في ذاك الوقت، بالتحديد أثناء الحرب العالمية الثانية، هو المحاولة الدؤوبة للتخلُّص، قبل أي شيء، من جميع ألوان القيود الاجتماعية التي تكون أقوى من أي قيد ديني أو سياسي؛ فخوف البشر من نظرة بعضهم للآخر يفوق أي سُلطة أخرى, فالتأثير المباشر الفوري لآراء الآخرين يخلق ضربًا من ضروب السُّلطة التي قد تجعل أي شخص قد يتبنَّى سلوكًا ليس "أصيلًا"، أو بالأحرى لا يتوافق مع طبيعته، لمجرَّد الخشية من التعرَّض للانتقاد أو فقد القبول الاجتماعي. والفلسفة الوجودية انتشرت في جميع أرجاء العالم منذ منتصف القرن الماضي تقريبًا، ولا زالت تحظى بالعديد من المؤيدين؛ بسبب أنها لم تتبِّع المنهاج التقليدي للتيَّارات الفلسفية، بوجه عام، والتي تحاول تفسير السلوك البشري من خلال منظور موضوعي ومجرَّد. فالفلسفة الوجودية، والتي أيضًا تعنى بدراسة البشر، اختارت دراسة الأفراد وسلوكهم بشكل مستقل عن الثقافة والتقاليد والقوانين، أي أنها تعنى بالإنسان ووجوده ككائن حي بعيدًا عن أي جدليات أو قيود. وبما أن الفلسفة الوجودية تؤكِّد أن الإنسان حرّ وله مطلق الحرِّية في جميع أفعاله، فبدراسة سلوك البشر لوحظ أن الإنسان يعتقد أن تلك الحرِّية هي عبء يُثقِل كاهله، ويود التخلُّص منه في كثير من الأحيان كي يحظى بالقبول الاجتماعي ولا يتعرَّض للانتقادات. وتلك الظاهرة قد أطلق عليها "سارتر" ما يسمى ب"سوء المعتقد" Mauvaise foi، وهي ظاهرة نفسية تجعل الفرد يتصرَّف بشكل غير أصيل؛ أي منافي لطبيعته التي جبله الله عليها، وهذا لاستسلامه للظروف الاجتماعية الخارجية. وينجم عن ذلك تبني الفرد لقيم زائفة، والأدهي من ذلك، التبرُّأ من حريته الفطرية التي جعلت منه كيان بشري واعي. أضف إلى هذا، فإن حالة "سوء المعتقد" تنشأ أيضًا من اقتران الفرد بمفاهيم تجعله يخدع ذاته، أو يساير آخرين بالشعور بالامتعاض ورفض بعض الأمور والسلوكيات ظاهريًا؛ خشية من مخالفة الرأي السائد، مما قد يجعله هو ذاته محور الانتقاض والازدراء. ووفقًا لسارتر، "الواقع البشري هو ما ليس عليه، وهو ليس ما هو عليه". تلك الجملة الملغزة تعني أن الإنسان يُدرك تمامًا أن إدراكه بذاته وقدراته وأراءه التي يحبسها بداخله لا تعكس أبدًا هذا السلوك أو إدراك الذات الذي يتبنَّاه ظاهريًا كي يصير مقبولًا اجتماعيًا. فالإنسان لم يُخلق ليكون "شيئًا مقصودًا" Intentional Thing، مما يعني أنه يجب أن يخضع للقيود الخارجية التي يفرضها الواقع الشخصي، أو الجسدي، أو التاريخي أو حتى المسئولية الموضوعية. فعلى سبيل المثال، تبعًا ل"سارتر"، قد يقول البعض أنهم لا يودون الاستمرار في وظيفة ما، لكن ما يكبِّلهم هو وجوب العيش طبقًا لمستوى اجتماعي معيَّن حتى لا يفقدوا احترام الآخرين لهم، أو لكي يفوا بالتزاماتهم الاجتماعية إزاء، على سبيل المثال، عائلتهم. ففي كلا الحالتين يجنح الفرد لكبح حريته الشخصية خشية نظرة الآخرين له، والحكم عليه بأنه قد هجر إلتزاماته من أجل السعي وراء متطلَّباته الشخصية. ولعل ذاك هو السبب الذي يجعل الأفراد يزعمون بأريحية أن التقاليد، أو أي شكل من أشكال النواميس الاجتماعية، تفرض عليهم أمر ما ؛ لأن ذلك يجعلهم يشعرون براحة أكثر، لعدم الرغبة في تحمُّل مسئولية حرِّية تصرفاتهم. فتحمُّل عبء الحرِّية الفردية التي منحها الخالق لأي إنسان هي أمر مُرعب. ووفقًا لذلك، فإن مبدأ "إرادة القوَّة" الذي كان ينادي به الفيلسوف الألماني "فريديريك نيتشه" صعب التطبيق ومرعبًا للكثيرين، بل أن "نيتشه" جاوز هذا بالتوكيد بأن من استطاع تطبيق إرادته الحرَّة يصبح نموذجًا ل"الفوق إنسان" أو كما يترجمه البعض ال"سوبرمان". وبما أن تلك المعضلة لا يمكن تجاوزها، فإن "سارتر" يحزم الجدل بقوله أن أفضل تعريف للشخص هو تعريفه من منظور سلبي، باعتباره "ما ليس عليه"، وهذا النفي هو التعريف الإيجابي الوحيد لـ "ما هو عليه". لقد ألقى الإنسان بنفسه في خضم جحيم الآخرين عندما اعتبر نظراتهم تجاهه ورأيهم فيه، أي أنه قايض وعيه الأصيل بنفسه بوعي الآخرين الزائف به، الذي حتمًا قد يتغيَّر تبعًا لتغيير حالتهم المزاجية أو حتى مواقفهم تجاهه؛ أي أنه يتبنى لنفسه "سوء المعتقد" كي يتخلَّص من عبء الحرِّية التي قد تكشف "ماهو عليه" والذي قد يكون حقًا صادمًا له شخصيًا. ولقد عبَّر "جون-بول سارتر" عن تلك الفكرة بكل وضوح وعبقرية في مسرحيته الموجزة "خلف الأبواب الموصدة" Hui Clos (1944)، وهذا العنوان مستعارًا من اللغة اللاتينية ويستخدم في المحاكم عندما تكون الجلسات الجنائية تستبعد حضور العامة وتقصر الجلسات على المدَّعين والدفاع والقاضي؛ أي أن الانطباع الرئيسي هو وجود محكمة وحساب. ولقد وصف النقَّاد تلك المسرحية بأنها من الأعمال الجيدة التي يجب أن يراها كل فرد؛ فهي تدور حول فكرة فريدة من نوعها؛ وهي مسألة الحساب بعد الموت. وعلى عكس وصف حساب الآخرة وجهنم، كما ورد في "الكوميديا الإلهية" عند "دانتي" أو في حتى الكتب السماوية، جاء حساب الآخرة في مسرحية "خلف الأبواب الموصدة" بشكل محتلف تمامًا. عقاب جهنم يأتي في هيئة حبس ثلاثة أفراد مع بعضهم البعض في حجرة حديثة الأثاث ويجب على كل واحد فيهم تحمُّل الآخر، والأصعب تحمُّل نظرته له ورأيه فيه. في بادئ الأمر، يحاول "جارسين" الصحفي و"إيستيل" الجميلة اللعوب إخفاء حقيقتهما، بل أن "إيستيل" تدعي أنها قدمت لهذا المكان عن طريق الخطأ، وهذا ضمن محاولة يائسة منهما لتحسين صورتهما. وعلى النقيض، "إيناز" تعترف بخطاياها بكل شجاعة، وتعلن بأن وضعهم في تلك الغرفة المغلقة هو مخطط جهنمي؛ فلن يوجد جلادًا يلقون عليه اللوم أو يستريحون لمجرَّد أن خطاياهم لسوف تظل مستترة ومخفية عن عيون الآخرين، فالعذاب الحقيقي هو تعذيب كل منهم للآخر للأبد. حتى عندما تم فتح الباب، لم يستطع أي منهم الخروج بالرغم من الشعور بالضجر الشديد؛ وهذا خشية أن ينتشر خبر آثامهم وفشلهم في الحياة، مما يعطي إنطباع سيء عنهم أمام جمهور أكبر. المعضلة الرئيسية أنهم حتى بعد الموت لا يدركون أن نظرة الآخرين لهم أصبحت لا قيمة لها، لكن العذاب الحقيقي أن الإنسان يسجن نفسه في "سوء المعتقد" بمحض إرادته. في مسرحية "خلف الأبواب الموصدة" أُطلقت العبارة الشهيرة "الجحيم هو الآخرين"، والتي لا تزال متداولة حتى الآن. والمدهش أن الإنسان لم يكتفِ بزيف شخصه وسوء معتقده للدوائر المحيطة به، بل أنه في عصر وسائل التواصل الاجتماعي يحاول نشرهما على مدى أوسع، ويضع لنظرة الآخرين العديد من الاعتبارات. فالإنسان الحديث يسعد عندما يجمع أكبر عدد من المشاهدات وعلامات الإعجاب والتعليقات على منشوراته. لكن مصدر سعادته تلك تنقلب لشقاء عندما تكون المشاهدات لفضيحة أو كلام مسيء، وتتحوَّل علامات الإعجاب لعلامات غضب، والتعليقات إلى سباب. وكثيرًا ما يقع معتنقي "سوء المعتقد" في مشكلات كبرى قد تتحوَّل إلى محاكمات جنائية وتتطور إلى عقوبات بالسجن أو الغرامة أو كليهما، وهذا سعيًا وراء تصدُّر "الترند". وبعد هذا يشتكي الفرد من الظلم الواقع عليه، بل وتأتي الشكوى بنفس الطريقة التي يأمل أن تجعل منه "ترند" وقد تعرضه للسباب. أي أن الإنسان أصبح يدور في دائرة مفرغة لا فرار منها. وعندما يصبح الجحيم هو الآخرين، فيجب أن يعلم أي شخص أنه هو من فتح بوابات الجحيم عندما قايض حريته ب "نظرة الآخرين" واعتبار آرائهم. فجميع المخلوقات قد جُبِلَت على الحرِّية حتى ولو كانت حبيسة أعتى السجون أو واقعة تحت أشد أنواع القهر، لكن يأتي كبح تلك الحرية من سجن الفرد لنفسه بمحض اختياره.


الوطن الخليجية
منذ 7 ساعات
- الوطن الخليجية
قوات الإحتلال تأمر بإخلاء شمال غزة وتكثف ضرباتها الجوية وسط دعوة ترامب لاتفاق ينهي الحرب
أصدر الجيش الإسرائيلي يوم الأحد أوامر جديدة بإخلاء مناطق واسعة في شمال قطاع غزة، بما في ذلك جباليا وأجزاء كبيرة من مدينة غزة، في خطوة تمهد لتوسيع العمليات العسكرية ضد حركة حماس. وجاءت هذه التطورات بالتزامن مع دعوة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب، عبر منشور على منصة 'تروث سوشيال' كتب فيه: 'أبرموا اتفاق غزة، واستعيدوا الرهائن'، في إشارة إلى مساعٍ جديدة لوقف إطلاق النار قد تكون قيد النقاش خلف الكواليس. ووفقاً لمصادر أمنية إسرائيلية، من المقرر أن يترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعاً في وقت لاحق من اليوم الأحد لتقييم تقدم العملية العسكرية في غزة. وأشار مسؤول أمني كبير إلى أن الجيش سيبلغ نتنياهو بأن الحملة تقترب من تحقيق أهدافها، لكنه سيحذر في الوقت ذاته من أن توسيع العمليات إلى مناطق جديدة قد يهدد سلامة الرهائن المتبقين لدى حماس. في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي نداءات عبر منصة 'إكس' (تويتر سابقاً) وعبر رسائل نصية مباشرة إلى سكان شمال القطاع، مطالباً إياهم بالتوجه نحو منطقة المواصي في خان يونس، والتي تصنفها إسرائيل بأنها 'منطقة إنسانية آمنة'. غير أن مسؤولين فلسطينيين وممثلين عن الأمم المتحدة جددوا التأكيد بأنه 'لا يوجد أي مكان آمن في غزة'، في ظل استمرار الغارات والقصف في كل أرجاء القطاع. وقال الجيش الإسرائيلي في بيانه: 'قوات الدفاع تعمل بقوة شديدة جداً في هذه المناطق، وستتوسع الأعمال العسكرية غرباً باتجاه مركز مدينة غزة، بهدف تدمير قدرات المنظمات الإرهابية'. ويُعتقد أن العمليات الحالية تهدف إلى تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس، وإضعاف قدرتها على إطلاق الصواريخ واحتجاز الرهائن. في جباليا شمال غزة، أفاد مسعفون وسكان محليون بأن القصف الإسرائيلي اشتد خلال ساعات الصباح الأولى، ما أدى إلى تدمير عدة منازل واستشهاد ستة أشخاص على الأقل قبل أن يطلب جيش الإحتلال بإخلاء شمال غزة. وفي خان يونس جنوباً، قُتل خمسة أشخاص جراء غارة جوية استهدفت مخيماً قريباً من منطقة المواصي. كما أسفرت غارات متفرقة وإطلاق نار في أنحاء القطاع عن استشهاد ما لا يقل عن 12 شخصاً آخرين، لترتفع بذلك حصيلة ضحايا اليوم إلى 23 شهيداً على الأقل، بحسب ما أكدته مصادر طبية. وفي مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، احتشدت عائلات الضحايا لتقديم واجب العزاء قبل دفن الشهداء. وقال زياد أبو معروف، أحد سكان خان يونس، إن ثلاثة من أطفاله قُتلوا وأصيب رابعهم في غارة استهدفت منزلهم في المواصي، التي سبق أن طلبت إسرائيل من الفلسطينيين التوجه إليها باعتبارها منطقة آمنة. وأضاف أبو معروف في حديثه لوكالة 'رويترز': 'قبل شهر، قالوا لنا اطلعوا على المواصي، رحنا وقعدنا هناك شهر. الآن ضربوا المواصي. وين نروح؟'، قبل أن يوجه نداءً مؤثراً قائلاً: 'نرجو من الله ثم من العرب إنهم يتحركوا، ينهوا الاحتلال هذا والظلم اللي بيصير'. في ظل استمرار العمليات الإسرائيلية وتصاعد أعداد الضحايا المدنيين، تتزايد الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وإيجاد ممرات آمنة للمدنيين. ومع غياب أي أفق سياسي واضح، يبقى سكان غزة عالقين في دوامة حرب تتجدد فصولها يوماً بعد يوم، وسط تحركات دبلوماسية خجولة لا تزال بعيدة عن تحقيق أي اختراق حقيقي.