logo
حل المجالس المحلية بالأردن.. إصلاح إداري أم تراجع عن الإرادة الشعبية؟

حل المجالس المحلية بالأردن.. إصلاح إداري أم تراجع عن الإرادة الشعبية؟

الجزيرةمنذ 17 ساعات
عمان ـ في خطوة أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والشعبية، قررت الحكومة الأردنية حل جميع المجالس البلدية ومجالس المحافظات، إضافة إلى مجلس أمانة عمان الكبرى، بدءا من صباح الاثنين، وذلك في إطار ما وصفته بأنه "خطوة إصلاحية تهدف إلى تحديث تشريعات الإدارة المحلية والعمل البلدي، وتعزيز الشفافية ، والاستعداد لقانون انتخابات محلية جديد".
ورغم أن القرار رُوّج له باعتباره مقدمة لإعادة هيكلة القطاع المحلي وتمهيدا لمرحلة جديدة من الانتخابات، فإن العديد من الأطراف حذرت من أن الحل قد يمس بمبدأ استقرار الهيئات المنتخبة، ويكرس هيمنة السلطة التنفيذية على الإدارات المحلية، في ظل غياب جدول زمني واضح لإجراء الانتخابات المقبلة.
وبموجب القرار، ستتولى لجان مؤقتة إدارة شؤون البلديات وأمانة عمان الكبرى خلال المرحلة الانتقالية، حتى يتم إقرار القوانين الجديدة وتنظيم الانتخابات المحلية المقبلة. وتشمل آلية التعيين الجديدة اشتراط اختيار رؤساء هذه اللجان من خارج مناطق البلديات التي يديرونها، بهدف ضمان العدالة في توزيع الخدمات وتفادي تضارب المصالح والاعتبارات الانتخابية.
ورحب البعض بالقرار واعتبروه خطوة في مسار "الإصلاح الحقيقي" وتحديث الإدارة المحلية، في حين أبدى آخرون قلقهم من احتمال إطالة أمد عمل اللجان المؤقتة، بما قد ينعكس سلبا على استقرار الخدمات وتسيير شؤون المواطنين، خاصة في المناطق التي تعاني أصلا من ضعف في البنية التحتية والخدمات الأساسية.
قانون جديد
وبحسب معلومات حصلت عليها الجزيرة نت، فإن الحكومة الأردنية تعمل منذ أشهر على إعداد قانون جديد للإدارة المحلية يعرض لاحقا على مجلس الأمة لمناقشته وإقراره. ومن بين المقترحات التي تتم دراستها، تعيين رؤساء البلديات الكبرى بدلا من انتخابهم، على أن تتوفر فيهم الخبرة الإدارية والشهادات العلمية اللازمة، بينما يواصل المواطنون انتخاب بقية أعضاء المجالس.
ويمثل هذا الطرح تحولا في فلسفة الحكم المحلي، يضع علامات استفهام حول مستقبل التجربة الديمقراطية في البلديات، خاصة أن الأردن بدأ منذ عام 2015 في تطبيق نظام اللامركزية، وأجريت أول انتخابات لمجالس المحافظات في 2017، بهدف تعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار التنموي، وتقليص الفجوة مع الحكومة المركزية.
لكن هذه التجربة لم تحقق الأهداف المرجوة، وفق تقييمات رسمية وشعبية، إذ اصطدمت بتداخل الصلاحيات بين المجالس البلدية والمحافظات، وضعف التنسيق مع الحكومة، مما قيّد قدرتها على الإنجاز والتأثير الفعلي في القرارات المحلية.
مصادرة إرادة الناخبين
وفي تعليقه على القرار، قال الدكتور أنيس الخصاونة، أستاذ الإدارة المحلية ونائب رئيس جامعة اليرموك، إن تجربة الانتخابات المحلية الأردنية تعد من التجارب الرائدة في المنطقة، وتعبر عن عمق الديمقراطية في البلاد، مشددا على أن حل المجالس المنتخبة قبل نهاية ولايتها يعد مساسا بالإرادة الشعبية التي منحت هذه المجالس شرعية التمثيل.
وأضاف الخصاونة، في حديثه للجزيرة نت، أن الأصل في الأنظمة الديمقراطية احترام دورة الهيئات المنتخبة حتى نهايتها القانونية، و"أي اختزال لهذه المدة يعني تعبيرا عن أزمة في الثقة بين الحكومة والمجالس المنتخبة، أو محاولة لإعادة ضبط المشهد المحلي بطريقة فوقية".
ومن جهته، تساءل نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور ممدوح العبادي عن توقيت القرار الحكومي، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت أن "الأصل أن تجرى الانتخابات، لا أن يتم تعيين الرؤساء"، خاصة في ما يتعلق بالبلديات الكبرى وعلى رأسها أمانة عمان.
العبادي الذي شغل سابقا موقع أمين عمان خلال الفترة من 1993 إلى 1998 أعرب عن رفضه لفكرة تعيين رؤساء البلديات الكبرى، معتبرا أن الممارسة الديمقراطية هي حجر الزاوية في بناء المجتمعات، وأن الدول المتقدمة تعتمد التعيين في القضايا الأمنية والسياسية الخارجية، أما في الشأن المحلي فإن الانتخاب المباشر من المواطنين هو السبيل الأمثل.
جدول زمني
ودعا العبادي الحكومة إلى الإعلان عن جدول زمني واضح لإجراء الانتخابات البلدية، وعدم ترك الأمور مفتوحة على احتمالات التمديد غير المعلن للجان المؤقتة، مشيرا إلى أن الاستمرار في الإدارة المؤقتة يفقد المجالس مصداقيتها وقدرتها على العمل الفعال.
أما عاطف الغويري، العضو السابق في مجلس بلدية الزرقاء، فحمل جزءا من مسؤولية القرار إلى سوء إدارة بعض رؤساء البلديات، وارتفاع مديونية العديد من البلديات في مختلف المحافظات، مما انعكس سلبا على الخدمات الأساسية.
وقال الغويري للجزيرة نت إن "الكثير من رؤساء البلديات لم يكونوا أمناء في تمثيل جميع المواطنين، بل ركزوا خدماتهم في مناطق مؤيديهم الانتخابيين"، معربا عن أمله بأن يتجه المواطنون في المرحلة المقبلة إلى اختيار الأكفأ لا الأقرب عشائريا أو جغرافيا.
لكنه أبدى تحفظه على آلية تعيين لجان مؤقتة، مؤكدا أن هؤلاء المعينين سيكونون موظفين بعيدين عن معاناة الناس الحقيقية، لا سيما أنهم لا يسكنون في المناطق التي يديرونها، وهو ما يعيق تفاعلهم مع الواقع المحلي. وشدد على ضرورة الإسراع في إجراء الانتخابات لأنها "العمود الفقري للحكم المحلي".
نص قانوني
ويستند القرار الحكومي إلى المادة (34) من قانون الإدارة المحلية، التي تتيح لمجلس الوزراء حل المجالس البلدية قبل انتهاء مدتها بناء على طلب من الوزير، مع بيان الأسباب والمبررات. وتنص المادة ذاتها على تشكيل لجنة مؤقتة تتولى إدارة البلدية إلى حين انتخاب مجلس جديد.
إعلان
وكشفت دراسة حديثة أجراها مركز "راصد" لمراقبة الأداء الحكومي عن ضعف الثقة الشعبية بأداء المجالس المحلية، إذ رأى 59% من الأردنيين أن المجالس غير فعالة في تقديم الخدمات، في حين وصف 30.3% أداءها بـ"المقبول فقط"، واعتبر 10.7% فقط أن الأداء كان "عاليا".
وأشارت الدراسة إلى أن 81% من المواطنين المستطلعة آراؤهم يرون أن رؤساء المجالس يتفردون بالقرارات، ويقصون بقية الأعضاء من المشاركة، وطالب المواطنون بضرورة إعادة هيكلة هذه المجالس على أسس تمنع سيطرة الاعتبارات الجهوية والعشائرية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

شاهد.. المقاومة تفكك أجهزة تجسس زرعها الاحتلال وعملاؤه بغزة
شاهد.. المقاومة تفكك أجهزة تجسس زرعها الاحتلال وعملاؤه بغزة

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

شاهد.. المقاومة تفكك أجهزة تجسس زرعها الاحتلال وعملاؤه بغزة

بثت الجزيرة صورا حصرية لأجهزة تجسس مخصصة للتنصت والتصوير زرعها الاحتلال الإسرائيلي وعملاء له بين الركام والأنقاض والجدران بمناطق مختلفة في قطاع غزة خلال الحرب الحالية. وكشف مسؤول أمني في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للجزيرة أن المقاومة نجحت في السيطرة على هذه الأجهزة وإعادة استخدامها في عملياتها، لافتا إلى أن مسيّرات " كواد كابتر" متعددة المهام زرعت هذه الأجهزة لأغراض تجسسية وعسكرية. وفي التفاصيل، زرع الاحتلال جهاز تنصت مفخخ بعد تمويهه على شكل وعاء بلاستيكي مهترئ على قارعة طريق بمحيط مركز إيواء مركزي في مدينة غزة. ووفق المسؤول الأمني، فإن مهندسي المقاومة فككوا هذا الجهاز وحددوا آلية عمله والهدف من ورائه، وهذا قاد لعمليات أوسع سيطرت المقاومة عبرها على مزيد من الأجهزة. كما ضبطت المقاومة جهاز تتبع عن بعد بالقرب من مكان مكتظ شهد مراسم تسليم أسرى الاحتلال في صفقة التبادل الثانية. وأكد المسؤول الأمني في تصريحات للجزيرة أن هذا الجهاز يجري تشغيله بواسطة تطبيق إلكتروني عبر خاصية "واي فاي" أو من خلال إرسال رسائل نصية إلى شريحة الاتصال الموجودة داخله. وكذلك، ضبطت المقاومة جهاز تجسس مموه داخل كتلة أسمنتية كان الاحتلال قد زرعه عبر أحد العملاء في ساحة مستشفى جنوبي القطاع بغرض التنصت وجمع المعلومات. كما ضبطت المقاومة جهاز بث وتسجيل فيديو كان مموها بين ركام المباني في منطقة حيوية، وكان من المفترض أن يلتقط صورا ويسجل مواد فيلمية عند اكتشاف أي حركة في المنطقة، ليلا ونهارا، ثم يرسلها عبر الإنترنت لقواعد الجمع والتحليل التابعة لاستخبارات جيش الاحتلال. فضح الاحتلال ولم تكتفِ المقاومة بالسيطرة على هذه الأجهزة وتعطيلها فحسب، بل تمكنت من فضح ما وثقته الأجهزة ضد الاحتلال، إذ أظهرت صور قتل جنود الاحتلال سيدة فلسطينية ترفع يديها وتحاول العبور عبر شارع في وادي غزة في محاولتها للانتقال من جنوب القطاع إلى شماله. وأكد المسؤول في أمن المقاومة للجزيرة نجاح فصائل المقاومة في إعادة استخدام أجهزة التجسس المضبوطة لأغراض عسكرية واستخبارية، في إطار الحرب المفتوحة مع الاحتلال، داعيا السكان لإدامة اليقظة والانتباه، كما حذر من أن تكون الأجهزة مفخخة. وفي هذا السياق، يقول الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن هدف الاحتلال يبقى دائما الاستعلام، إذ ترتكز عقيدته العسكرية الإستراتيجية الكبرى على الإنذار المبكر والحسم السريع والردع. ووفق هذه العقيدة، تبرز أهمية الحصول على المعلومات المسبقة على الصعد الإستراتيجية أو العملياتية أو التكتيكية. وخلص الخبير العسكري -في حديثه للجزيرة- إلى أن هذه الوسائل والأجهزة تعد إحدى أدوات جيش الاحتلال للحصول على المعلومات وجمعها.

نتنياهو: التقيت وزير الخارجية روبيو وأجريت معه محادثة هامة جدا
نتنياهو: التقيت وزير الخارجية روبيو وأجريت معه محادثة هامة جدا

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

نتنياهو: التقيت وزير الخارجية روبيو وأجريت معه محادثة هامة جدا

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من البيت الأبيض: التقيت وزير الخارجية روبيو وأجريت معه محادثة هامة جدا بشأن تعزيز تحالف إسرائيل والولايات المتحدة بحثت مع وزير الخارجية الأمريكي التحديات المشتركة التي نواجهها على الصعيدين الإقليمي والدولي أعبر عن امتنان جميع الإسرائيليين وإعجابهم بقيادة ترمب للعالم الحر طواقمنا معا توفر فريقا رائعا والرئيس ترمب يرسم السلام في المنطقة الرئيس ترامب تحدث عن حرية الاختيار وإذا أراد سكان من قطاع غزة المغادرة لهم ذلك ومن أراد يمكنه البقاء بإمكان الفلسطينيين حكم أنفسهم ولكن ليس تهديدنا بإمكاننا تحقيق سلام واسع في الشرق الأوسط يشمل كل جيراننا الرئيس الأميركي دونالد ترامب:

تلغراف: مركز أبحاث بلير عمل على خطة "ريفييرا ترامب" لغزة
تلغراف: مركز أبحاث بلير عمل على خطة "ريفييرا ترامب" لغزة

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

تلغراف: مركز أبحاث بلير عمل على خطة "ريفييرا ترامب" لغزة

عمل معهد أبحاث توني بلير (تي بي آي) على خطة "ريفييرا ترامب" لغزة، وتضمنت فكرة مشابهة لما أورده مقطع فيديو مثير للجدل نشره الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت مبكر من هذا العام مستوحى من دبي. وقالت صحيفة "تلغراف" البريطانية إن المعهد عمل على مشروع بقيادة رجال أعمال إسرائيليين، وناقش إنشاء منطقة تصنيع تحمل اسم إيلون ماسك. كما ساهم موظفو المعهد في مشروع "الثقة الكبرى" لمجموعة بوسطن الاستشارية (بي سي جي)، وتضمنت إحدى الوثائق التي كتبها موظف في المعهد فكرة "ريفييرا غزة" بجزر اصطناعية. وقالت صحيفة "فايننشال تايمز"، التي كانت أول من نشر الخطة، إن الوثيقة اقترحت مبادرات تجارية تعتمد على العملات المشفرة و"مناطق اقتصادية خاصة" ذات أنظمة ضريبية منخفضة، مضيفة أن الحرب في غزة، التي قتل فيها عشرات الآلاف من الأشخاص، خلقت "فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في القرن لإعادة بناء غزة". وأشارت الوثيقة إلى أن القطاع سيكون قادرا على المضي قدما كـ"مجتمع آمن وحديث ومزدهر". وفي الأسبوع الماضي، ظهر أن مجموعة بوسطن الاستشارية كانت قد أعدت نموذجا مسبقا لتكلفة نقل الفلسطينيين من غزة، وأثار الأمر ردود فعل غاضبة، إذ شاركت المجموعة في تأسيس مؤسسة غزة الإنسانية، التي حظيت بدعم إسرائيل والولايات المتحدة. ثم نأت مجموعة بوسطن الاستشارية بنفسها عن المشروع لاحقا. وقال متحدث باسم بلير إن رئيس الوزراء السابق لم يتحدث إلى الأشخاص الذين أعدوا الخطط ولم يعلق عليها، مضيفا "يتحدث فريق (تي بي آي) إلى العديد من المجموعات والمنظمات المختلفة التي لديها "خطط" لما بعد الحرب في غزة، لكن لم يكن له أي علاقة بتأليف هذه الخطة. وأضاف: "الوثيقة المشار إليها هي وثيقة داخلية تابعة لـ (تي بي آي) تنظر في المقترحات التي قدمتها أطراف مختلفة وتغطي جميع الجوانب المختلفة لما يمكن أن تبدو عليه غزة بعد الحرب، ولكنها لم تُنتج فيما يتصل بعمل ( بي سي جي) ولم تُسلم إليها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store