logo
١٢ عامًا على ثورة 30 يونيو..  الإخوان فى الشتات.. تنظيم يتآكل ونفوذ يتلاشى

١٢ عامًا على ثورة 30 يونيو.. الإخوان فى الشتات.. تنظيم يتآكل ونفوذ يتلاشى

مع حلول الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو 2013، التى خرج فيها ملايين المصريين مطالبين بإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين، تعود الأنظار مجددًا إلى مستقبل الجماعة التى كانت فى يومٍ من الأيام القوة السياسية الأكثر تنظيمًا وانتشارًا فى البلاد. الثورة لم تُسقط حكم الجماعة فحسب، بل دشّنت مرحلة طويلة من الملاحقة والتفكيك، طالت بنيتها التنظيمية وأطاحت برموزها القيادية، ليدخل التنظيم فى نفق مظلم لم يخرج منه حتى اليوم.
بعد أكثر من عقد من سقوطهم المدوي، تُجمع التقارير والتحليلات على أن جماعة الإخوان تمر بحالة غير مسبوقة من التآكل الذاتي. فبين شتاتٍ متنازع فى الخارج، وقيادات محاصَرة أو معتقلة فى الداخل، وتراجع شعبى واسع، لم تعد الجماعة تمثل سوى ظل باهت لما كانت عليه. بنيتها التنظيمية مهترئة، وقنوات تمويلها تعرضت للجفاف، فيما تحول خطابها السياسى إلى حالة من التكرار والعجز عن مواكبة المتغيرات المحلية والدولية.
هذا التقرير يسلّط الضوء على أبرز ملامح المشهد الإخوانى بعد 30 يونيو: الانقسامات التنظيمية التى عصفت بقيادتها فى الخارج، تراجع الحاضنة الشعبية وفقدان التأثير فى الداخل، الضغوط السياسية والقانونية التى تطارد عناصرها فى المنافي، وكيف تحولت الجماعة من لاعب سياسى رئيسى إلى مجرد "ظاهرة صوتية" فى الفضاء الإعلامي. كما يستعرض التقرير التأثير العميق لثورة 30 يونيو على مصير الجماعة، ويقدّم قراءة فى حاضرها المرتبك ومستقبلها الغامض، فى ضوء المعطيات الحالية.
منذ لحظة فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة فى أغسطس ٢٠١٣، دخلت جماعة الإخوان المسلمين مرحلة اضطراب وجودى غير مسبوقة. فرار عدد كبير من قياداتها إلى الخارج لم يكن كافيًا لحماية التنظيم أو إعادة هيكلته. على العكس، أدى الشتات إلى تعميق الأزمة بدلًا من احتوائها، إذ وجدت الجماعة نفسها ممزقة بين مراكز نفوذ متباينة وقيادات متنافسة، ما أفقدها الحد الأدنى من الانسجام التنظيمي.
الأزمة بلغت ذروتها بعد وفاة القائم بأعمال المرشد العام، إبراهيم منير، فى نوفمبر ٢٠٢٢، حيث انفجرت صراعات كانت مؤجلة تحت السطح. فقد برز صراع صريح على القيادة بين جبهة لندن، التى كانت تمثلها مجموعة من القيادات التاريخية، وجبهة إسطنبول، بقيادة محمود حسين وآخرين. وبينما تزعم كل جبهة أنها تمثل الامتداد الشرعى للتنظيم، وجد أنصار الإخوان أنفسهم أمام مشهد انقسامى غير مسبوق، زاد من تفكك الصفوف وأضعف مركز القرار.
الانقسام لم يقتصر على الصراع الإدارى أو التنافس على المواقع، بل شمل أيضًا خلافات جوهرية فى الرؤية الفكرية والسياسية. إذ برز اتجاه داخل الجماعة، وخصوصًا بين الأجيال الشابة وبعض المفكرين الإصلاحيين، يدعو إلى مراجعة شاملة للمشروع السياسى للإخوان، خاصة فكرة "التمكين" والاستحواذ السريع على السلطة، التى يحمّلها كثيرون مسئولية السقوط المدوى للجماعة. فى المقابل، لا تزال التيارات التقليدية متمسكة بخطاب المظلومية والمواجهة، رافضة الاعتراف بأخطاء الماضى أو تقديم مراجعات جادة.
هذا الانقسام المتعدد المستويات – تنظيميًا وفكريًا – خلق حالة من الشلل الداخلي. فلم تعد الجماعة قادرة على إنتاج خطاب موحد، أو حشد أنصارها حول مشروع واضح. وبدلًا من أن تكون فى طور استعادة تماسكها، غرقت فى حالة من التنازع المزمن، ما يجعل الحديث عن "تنظيم عالمى متماسك" أقرب إلى الأسطورة منه إلى الواقع، ويطرح تساؤلات عميقة حول قدرة الجماعة على البقاء أصلًا فى السنوات المقبلة.
الحاضنة الشعبية تتبخر
تعيش جماعة الإخوان المسلمين اليوم واحدة من أعمق أزماتها الشعبية، خاصة داخل مصر، حيث فقدت الجماعة معظم رصيدها الجماهيرى الذى كانت تتكئ عليه لعقود. فخلال عام واحد من الحكم، بين ٢٠١٢ و٢٠١٣، أخفقت الجماعة فى تلبية تطلعات الشارع، وبدت عاجزة عن إدارة الدولة، مما رسّخ انطباعًا واسعًا بعدم كفاءتها وافتقارها للخبرة السياسية والإدارية. هذا الأداء الضعيف مهّد الطريق لنقمة شعبية شاملة، عبّر عنها ملايين المصريين فى ثورة ٣٠ يونيو، التى أسقطت أول تجربة حكم للإخوان.
وسرعان ما تعزز هذا الانطباع الشعبى السلبى بحملات إعلامية مكثفة قادتها مؤسسات الدولة، عملت على تفكيك صورة الإخوان فى الوعى الجمعي، وربطت خطابهم بالتحريض والفوضى والتخريب. ومع مرور الوقت، بدأت الجماعة تفقد موقعها فى الوجدان الشعبي، لا فقط كفاعل سياسي، بل حتى كحالة اجتماعية وتنظيمية، وخصوصًا فى الأوساط الشبابية التى باتت ترى فيها جماعة من الماضي، لا تحمل أى أفق لمستقبل مختلف.
فى ظل هذا التراجع الحاد، حاولت الجماعة اللعب على وتر "المظلومية"، وتقديم نفسها كضحية للانقلاب والقمع، لكنها لم تعد تنجح فى استثارة التعاطف الشعبى كما فى السابق. فقد بدا للجمهور أن هذه السردية أصبحت مستهلكة، وأن الجماعة تُراهن على استدرار العاطفة دون تقديم مراجعات حقيقية أو الاعتراف بأخطائها. حتى رمزية "الضحية" التى طالما استثمرت فيها الجماعة فى لحظات الانكسار، بدأت تتآكل بفعل الواقع والتجربة العملية.
أما فى الخارج، حيث كانت تأمل الجماعة فى الحفاظ على بعض قواعدها ضمن الجاليات العربية والمسلمة، فقد واجهت تراجعًا مشابهًا. الخطاب الإخوانى بات مضطربًا، يتأرجح بين التهديد والشكوى، بين الثورة والدعاء، ما أفقده المصداقية والتماسك. كما أن كثيرًا من المتعاطفين التاريخيين مع الإخوان، خاصة من المثقفين أو رموز الجاليات، بدأوا يراجعون مواقفهم بعد أن لمسوا حجم التناقض بين شعارات الجماعة وممارساتها، ليجد الإخوان أنفسهم فى عزلة مزدوجة: من الداخل والخارج على حد سواء.
ضغوط سياسية وقانونية فى المنافي
لم تعد المنافى التى لجأ إليها قادة الإخوان بعد سقوطهم فى مصر تشكّل ملاذًا آمنًا كما كانت فى السنوات الأولى. ففى دول مثل تركيا وقطر، حيث كانت الجماعة تحظى سابقًا بدعم سياسى وإعلامى غير مباشر، بدأت السلطات تتعامل معها بحذر متزايد، خاصة فى ظل التحولات الإقليمية والتقارب المتصاعد بين القاهرة وتلك العواصم. هذا التحول انعكس فى سلسلة من الإجراءات التى استهدفت الحد من تحركات الإخوان، أو إنهاء وجودهم التنظيمى العلني.
أبرز هذه الإجراءات كان فى تركيا، التى شكّلت مركزًا محوريًا لقيادات الخارج بعد ٢٠١٣. غير أن تحسن العلاقات المصرية – التركية، لا سيما بعد المصالحة الإقليمية ضمن مسار "إعادة التموضع" فى شرق المتوسط، دفع أنقرة إلى اتخاذ خطوات لخفض منسوب التوتر مع القاهرة. شملت هذه الخطوات التضييق على القنوات الإعلامية التابعة للإخوان، وتقليص النشاط السياسى العلني، وصولًا إلى سحب الجنسية التركية من بعض القيادات البارزة، مثل محمود حسين، والطلب من آخرين مغادرة البلاد أو تجميد أنشطتهم بالكامل.
فى قطر، ورغم استمرار العلاقات القديمة بين الجماعة وبعض مؤسسات الدولة، لم تعد الأمور كما كانت. فالدوحة، الواقعة تحت ضغوط متشابكة من شركائها الخليجيين، بدأت تنأى بنفسها عن الجماعة، وتقيّد تحركات عناصرها، خاصة بعد اتفاق العلا فى يناير ٢٠٢١، الذى أعاد ترتيب أولويات السياسة القطرية. وعلى الرغم من أن بعض القيادات ما تزال مقيمة هناك، إلا أنها تعيش فى ظل رقابة مشددة، ولا يُسمح لها بالقيام بأى دور سياسى أو تنظيمى فعّال كما فى السابق.
وسط هذا المشهد، يعيش العديد من قادة الإخوان اليوم فى حالة من "اللا استقرار الدائم"، يتنقلون بين العواصم فى محاولة للعثور على مأوى سياسى جديد. ولكن تلك المحاولات تصطدم برفض متزايد من الدول التى باتت تنظر للجماعة بوصفها عبئًا لا ورقة ضغط. تقارير متعددة وصفتهم بأنهم "مشردون سياسيًا"، بعد أن ضاقت بهم المنافي، وتبخّرت الامتيازات التى حصلوا عليها فى سنوات الفوضى. أصبحوا محاصرين قانونيًا وملاحقين أمنيًا، فيما لا يملكون بديلًا تنظيميًا قادرًا على تجاوز هذه العزلة القاتلة.
من لاعب سياسى إلى ظاهرة صوتية
فى ظل ما تعانيه جماعة الإخوان المسلمين من انهيار تنظيمى داخلى وفقدان للحاضنة الشعبية، لم يتبقَّ أمامها سوى الفضاء الرقمى كمنصة أخيرة لمحاولة البقاء فى المشهد. فقد تحولت وسائل الإعلام، خاصة تلك الممولة من الخارج، ومنصات التواصل الاجتماعى إلى الوسيلة الأساسية للجماعة للتعبير عن نفسها والتواصل مع جمهورها المتبقي. ومع غياب أى وجود فعلى على الأرض، باتت هذه المنصات الملاذ الأخير الذى تُبثّ عبره رسائل دعائية، ومحاولات مستمرة لاستعادة الزخم المفقود.
ومع ذلك، فإن الاعتماد على هذه الوسائل لم ينجح فى تحقيق اختراق سياسى أو اجتماعى مؤثر. الخطاب الإخوانى الرقمى يعانى من التكرار، والانفصال عن الواقع، ومحدودية الانتشار. فبدلًا من أن يكون خطابًا تعبويًا أو مُلهِمًا، أصبح فى كثير من الأحيان مجرد صدى لمواقف أيديولوجية متقادمة، تُعيد إنتاج نفس مفردات "المظلومية" و"المؤامرة"، دون أن تقدم طرحًا جديدًا أو قراءة نقدية للتجربة الماضية.
وقد أطلق بعض المحللين على الجماعة وصف "الظاهرة الصوتية"، فى إشارة إلى الفجوة الواسعة بين الحضور الإعلامى والغياب العملي. فهى لا تزال تنشط فى برامج تليفزيونية تبث من الخارج، ومن خلال حسابات منظمة على مواقع التواصل، لكن دون أن يكون لهذا النشاط أى أثر ملموس على الواقع المصرى أو حتى على المجتمعات التى تتواجد فيها عناصرها. بات الخطاب بمثابة ضجيج إعلامى غير قادر على التأثير فى المشهد السياسى أو تغيير المعادلات القائمة.
هذه الحالة كشفت عن عمق الأزمة التى تعيشها الجماعة: من تنظيم سياسى ذى امتداد شعبى ونفوذ داخل المؤسسات، إلى كيان يعيش على أطلال الماضي، ويكتفى بالتغريد خارج السرب. فقد الإخوان القدرة على المبادرة والتفاعل مع الواقع، وباتوا يراهنون على أدوات إعلامية فقدت تأثيرها تدريجيًا فى ظل تصاعد الوعى الشعبي، وتراجع الثقة بخطاب الإسلام السياسى عمومًا. بذلك، تحولت الجماعة من "لاعب سياسى مركزي" إلى "معلق على الأحداث" لا يمتلك القدرة على تغييرها.
السقوط الكبير
جاءت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لتشكّل لحظة مفصلية فى تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، ونقطة تحول حاسمة فى مسارها السياسي. فبعد عام واحد فقط من تولى الرئيس الأسبق محمد مرسى سدة الحكم، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع فى واحدة من أكبر موجات الحراك الشعبى فى التاريخ الحديث، رافضين استمرار حكم الجماعة، ومتهمين إياها بالفشل فى إدارة الدولة ومحاولة فرض أجندة أيديولوجية على مؤسساتها. هذه الاحتجاجات لم تكن مجرد رفض لسياسات حكومة، بل تعبير عميق عن الخوف من مشروع كان يهدد الهوية الوطنية للدولة المصرية.
إطاحة الجماعة من الحكم لم تكن نهاية مرحلة سياسية فحسب، بل كانت بداية تفكيك منهجى لبنيتها التنظيمية داخل مصر. فمع تدخل الجيش استجابة لمطالب المتظاهرين، انطلقت سلسلة من الإجراءات الأمنية والقانونية التى استهدفت البنية التحتية للجماعة: تم اعتقال كبار قادتها، من بينهم محمد بديع، وخيرت الشاطر، ومحمد مرسى نفسه، إلى جانب آلاف الأعضاء والكوادر التنظيمية، فى أكبر حملة استهداف للإخوان منذ تأسيسهم عام ١٩٢٨.
إلى جانب الضربات الأمنية، تبنّت الدولة مسارًا قانونيًا حاسمًا لتجفيف منابع تمويل الجماعة، شمل مصادرة الشركات والمؤسسات التى كانت تمثل الأذرع الاقتصادية للإخوان، وإغلاق المدارس والمستشفيات والجمعيات التابعة لهم. كما صدرت قرارات باعتبار الجماعة "إرهابية"، ما شكّل ضربة معنوية وتنظيمية قاسية، دفعت بالجماعة إلى حالة من الشلل الداخلي، ومنعت أى قدرة على إعادة التمركز داخل الدولة أو المجتمع.
هذه التطورات لم تُنهِ فقط وجود الإخوان السياسى فى مصر، بل ضربت فى الصميم فكرتهم المركزية حول "التمكين"، التى كانت تقوم على التدرج فى السيطرة على مؤسسات الدولة والمجتمع. ٣٠ يونيو أجهضت هذا الحلم، وأكدت أن الجماعة، برغم امتدادها التاريخي، غير قادرة على الحفاظ على الحكم إذا لم تكن جزءًا من التوافق الوطنى العام. وهكذا تحولت الثورة إلى محطة السقوط الكبير، التى لم تتمكن الجماعة من التعافى منها حتى اليوم.
حاضر مضطرب ومستقبل غامض
بعد مرور اثنى عشر عامًا على عزل جماعة الإخوان المسلمين من الحكم فى مصر، يواجه التنظيم واحدة من أكثر مراحله ضبابية منذ تأسيسه فى العام ١٩٢٨. فالجماعة التى كانت تُوصف لعقود بأنها "تنظيم القرن"، والممتدة فى أكثر من سبعين دولة، تجد نفسها اليوم فى حالة من الكمون القسري، لا حركة فعلية على الأرض، ولا مشروع واضح للمستقبل، ولا حتى قيادة مركزية قادرة على توجيه الأتباع أو استنهاض الصفوف. إنها أشبه بجسد ضخم فقد جهازه العصبى بالكامل.
الضعف البنيوى الذى أصاب التنظيم لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة تراكمات ممتدة بدأت منذ ما بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣، لكنه بلغ ذروته فى السنوات الأخيرة، خاصة بعد وفاة بعض الرموز وتفكك القيادة، وتصاعد الانقسامات الداخلية بين أجنحة الخارج، إضافة إلى تراجع التمويل التقليدى من مصادر كان يُعتمد عليها لسنوات. هذه العوامل تضافرت لتجعل التنظيم غير قادر على العمل حتى فى أبسط مستوياته، من تجنيد أو تنسيق أو توجيه إعلامى موحد.
ورغم ذلك، لا تزال الجماعة تحاول البقاء حاضرة عبر أدواتها الإعلامية وبعض الشخصيات الناشطة فى المنافي، مستخدمة خطابًا تحريضيًا موجهًا ضد الدولة المصرية ومؤسساتها. لكن هذه المحاولات، التى تقوم أساسًا على منصات الخارج، غالبًا ما تصطدم بسقف وعى شعبى مختلف، وتجابه ببيئة داخلية أكثر صلابة، وجهاز دولة بات أكثر احترافية فى التعامل مع التهديدات الناعمة والخشنة. وما عادت الجماعة قادرة على تحريك الشارع أو استقطاب قواعد جديدة.
أمام هذا الواقع، تبدو الخيارات أمام الإخوان محدودة للغاية: فإما أن تستمر فى حالة الكمون التى قد تفضى إلى الذبول التام والانتهاء التدريجي، أو أن تدخل فى موجة مراجعات جذرية قد تُنتج كيانًا جديدًا لا يشبه الشكل القديم للتنظيم. وفى كل الأحوال، تبدو العودة إلى سابق عهدها – كقوة سياسية مؤثرة – أمرًا بعيد المنال، فى ظل التحولات العميقة التى شهدتها مصر والمنطقة، وغياب أى بيئة حاضنة للمشروع الإخوانى كما كان فى العقود الماضية.
مسار انحدارى
منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وجدت جماعة الإخوان المسلمين نفسها فى مسار انحدارى لم تستطع الفكاك منه. فقد مثّلت الثورة ضربة قاصمة لمشروعها السياسي، الذى بُنى لعقود على التمكين التدريجى والسيطرة من داخل مؤسسات الدولة. ومع مرور الوقت، لم تنجح الجماعة فى إعادة التموضع أو إنتاج قيادة بديلة قادرة على استعادة الزخم، بل تورطت فى مزيد من التشرذم الداخلي، والانفصال عن الواقع المصرى والإقليمي. الشتات لم يكن فرصة لإعادة البناء، بل كاشفًا لانهيار البنية الأيديولوجية والتنظيمية.
اليوم، وبعد ١٢ عامًا من السقوط، تبدو الجماعة فى حالة من "الكمون القسري"، تتأرجح بين محاولات التحريض الإعلامي، وتثبيت خطاب الضحية، دون أى قدرة حقيقية على التأثير فى الداخل أو العودة للمشهد السياسي. تنظيمها فقد قدرته على التعبئة، وشعبيتها تآكلت، وامتداداتها الدولية أصبحت عبئًا على من يحتضنها. حتى الحضور الرقمي، الذى ظنّت الجماعة أنه ملاذ أخير، بات فى كثير من الأحيان مجرد ضجيج فارغ يفتقر للمصداقية والتأثير.
فى هذا السياق، تبرز توصيات مهمة للجانب المصري، حكومة ومجتمعًا، لضمان استقرار المشهد وتعزيز المكاسب الوطنية التى تحققت منذ ٣٠ يونيو. فعلى الدولة أن تواصل بناء مؤسساتها على أسس الشفافية والكفاءة، وتحصين المجال العام من أى اختراق أيديولوجى متطرف. كما أن استمرار الاستثمار فى الوعى المجتمعي، من خلال التعليم والإعلام والثقافة، يمثل خط الدفاع الأول ضد عودة الخطاب الشعبوى أو المتاجر بالدين.
أما على المستوى الشعبي، فإن الحفاظ على مكتسبات ٣٠ يونيو لا يقتصر على الذاكرة التاريخية، بل يتطلب وعيًا دائمًا بمخاطر التراخى فى مواجهة الخطابات المتطرفة، مهما بدت ناعمة أو مموّهة. فالجماعة وإن ضعفت، لم تتخلّ عن مشروعها، ولا تزال تراهن على لحظات ضعف أو فجوات فى النسيج الوطني. ومن هنا، تأتى أهمية بناء مجتمع قوى ومتماسك، يدرك أن المعركة مع التطرف لا تُحسم فقط فى ميادين السياسة، بل فى العقول والبيوت والمدارس أيضًا..

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

امانة بغداد توضح الملابسات الحقيقية بشأن "مول العراق"
امانة بغداد توضح الملابسات الحقيقية بشأن "مول العراق"

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 29 دقائق

  • وكالة أنباء براثا

امانة بغداد توضح الملابسات الحقيقية بشأن "مول العراق"

أوضحت امانة بغداد، اليوم الثلاثاء (1 تموز 2025)، الملابسات الحقيقية بشأن مول العراق، مشيرة إلى أن الإجراءات التي اتخذتها دوائرها المختصة بشأن إيقاف اعمال المول، جاءت بسبب تجاوز إدارته اعمال انشاءات طالت الأرصفة دون استحصال موافقات تصميمية رسمية حسب القانون البلدي. وقالت الأمانة في بيان إن "هناك مخاطبات ولجان رسمية مشتركة بين دوائر امانة بغداد والجهة المنفذة لمول العراق، تضمنت توقيع محاضر رسمية لالتزام إدارة المول بمد شبكة صرف صحي بعد إتمام دائرة مجاري بغداد اعمال مد خطوطها الرئيسة الى جانب تنفيذ وحدة معالجة ومحطة خاصة بما لا يؤثر على مستوى خدمات الصرف الصحي الخاصة بالمنطقة المحيطة بالمول ". وأضاف البيان ان "الجهة المنفذة للمول خالفت التعليمات وأقدمت على مد شبكة تصريف دوّن استحصال موافقة دائرة مجاري بغداد، التي كانت موافقتها المبدئية مشروطة بإكمال اعمالها قبل اعمال المول ". وأشار الى ان "اللجان المختصة أشرت مخالفة أخرى استدعت إيقاف اعمال تنفيذ مجسمات تشجير على الأرصفة، تم تنفيذها بشكل مخالف ودون استحصال الموافقات التصميمية والقانونية لإتمام الاعمال بشكل صحيح ورسمي". وتابع البيان ان "الإجراءات المتبعة من قبل امانة بغداد جاءت وفق القوانين والتعليمات البلدية التي يجب تطبيقها من قبل جميع الجهات من دون استثناء حفاظاً على سلامة البنى التحتية والتصميم الأساس للمدينة". وبينّ ان "امانة بغداد تدعو الجهة المنفذة لمول العراق والقائمين عليه الى مراجعة دوائر الأمانة المختصة لاستكمال الإجراءات الرسمية والقانونية بشأن تنفيذ الأعمال المتبقية للمول على وفق التعليمات والقوانين النافذة ".

الصمت أمام الإرادات السيئة !
الصمت أمام الإرادات السيئة !

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 29 دقائق

  • وكالة أنباء براثا

الصمت أمام الإرادات السيئة !

خالد القيسي في بلدي يبدو لا تستقيم حياة ناسه الا في امرين ، قبل .. إما قبضة حديد الدكتاتورية للحزب القائد والحاكم الواحد لتمشي ان للحيطان آذان ، بعد ..أو انتشار فوضى فهم الحرية ، غياب القانون ، ضعف المحاسبة، لتنهار شرعية الحق والعدل والكفاءة في اغلب مفاصل الدولة ونذهب الى المستوى ألهابط أو الذباب الالكتروني في ادارة الدولة ، ولا نعرف ومن حقنا ان نعرف كيف تدارمؤسسات الدولة بوصول الانتهازية الفاسدين اليها وبحراسة زمر حرامية المال والجهل والتطرف عندما ينجح هؤلاء بتمرير الارادات السيئة امام صمت اوضعف من ينفذ القانون او التهرب من من يُعزل ومن يُحاسب وبخاصة استرداد الاموال المنهوبة العامة من اسماء معروفة علت وسطعت في جريمة الاختلاس العلني وفي طرق ملتوية في الخفاء ، يعرفها ويعلنها بدقة شرفاء ونجباء البلد من على الصحف وشاشات فضاءيات متعددة مختلفة القصد والمنهج بعضها في استضافة الحق وبعضها اعلامي ، ولا نرى ونسمع فقط شعارات محاربة الفساد من بعض مسؤولين اضعف الايمان . في ظل هكذا واقع لا نفاجيء بصعود البعض من لا يملك الحد الادنى من الكفاءة والشهادة والخبرة في ادارة مسارات الدولة بعيد عن معايير الوطنية والنزاهة . . أليس بالغريب ان نسمع ان دولة بمكونها العربي الكبير رئيسها ليس عربي ووزير خارجيتها يعكس سياسة اقليم يحاول جاهدا مع اسرائيل وامريكا للانفصال ، وآخر متهم ومشارك في بيع خور عبد الله جزء العراق الى دويلة الكويت ، من أًعطي حقوقه كاملة وزيادة لا يرفع علم الدولة الرسمي، ويدخل اليه السائح الوطني الاصيل بوصل اقامة بحجة الامن والاسرائيلي ( يُرفع علمه ) والامريكي وغيره يسرح ويمرح !! لا يدفع عائد تصدير النفط للحكومة الاتحادية ولا فوائد المعابر والمنافذ بل يسبب الكثير من الازمات الامنية والاقتصادية والمالية بتصرفات تثير الشك والقلق ولا تبعث على الاطمئنان مع وضع تتحرك فيه اصابع أخرى تحد من طموح الخيريين للخروج من ركام الحروب والفساد والجهل واغتيال الكفاءة والخبرة وكشف المخربين

بتهمة التجسس لصالح إيران.. اعتقال زوجين في إسرائيل
بتهمة التجسس لصالح إيران.. اعتقال زوجين في إسرائيل

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 30 دقائق

  • وكالة أنباء براثا

بتهمة التجسس لصالح إيران.. اعتقال زوجين في إسرائيل

أعلنت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الشاباك (الأمن العام) في إسرائيل اليوم الثلاثاء، اعتقال زوجين في مدينة رعنانا وسط البلاد، بتهمة التجسس لصالح إيران. ونقل موقع "واينت" العبري، عن بيان أمني مشترك، أن الشرطة اعتقلت اليوم تحت إشراف الشاباك، زوجين من رعنانا، في الثلاثينيات من العمر، للاشتباه في التجسس ضد إسرائيل لصالح إيران. وبحسب البيان، فقد فتشت الشرطة شقة الزوجين وصادرت عدة هواتف وأجهزة كمبيوتر وأجهزة تكنولوجية، بالإضافة إلى المراسلات المشتبه بها بين الزوجين والمشغل. ولفت الموقع إلى أنه سيتم أخضاع المشتبه بهما، اللذين لم يتم الكشف عن هويتهما، لجلسة استماع لتمديد احتجازهما.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store