
السيسي والشرع وحكام آخرين في لافتة عبرية مثيرة للجدل
أطلق 'الائتلاف الإسرائيلي للأمن الإقليمي'، الذي يضم أكثر من مئة شخصية بارزة من النخب السياسية والأمنية في الاحتلال الإسرائيلي، حملة إعلانية واسعة النطاق في مختلف أنحاء البلاد، تحت شعار 'تحالف أبراهام'.
وظهرت على اللوحات الدعائية صور عدد من القادة العرب، من بينهم شخصيات لا تُعد حتى الآن جزءاً من اتفاقيات التطبيع المعروفة بـ'اتفاقات أبراهام'٬ مثل الرئيس السوري أحمد الشرع٬ والرئيس اللبناني جوزيف عون.
وتهدف الحملة، وفق ما أعلنته إحدى مؤسسات الائتلاف، ليان بولاك دافيد، إلى استثمار ما وصفته بـ'النجاحات العسكرية' التي حققها الاحتلال الإسرائيلي في حربه الأخيرة ضد إيران، لتحويل هذا الزخم إلى مسار دبلوماسي يُفضي إلى تشكيل 'تحالف إقليمي جديد' يضم الاحتلال الإسرائيلي ودولاً عربية أخرى وصفتها بـ'المعتدلة'، لمواجهة إيران ووكلائها، إضافة إلى ما تسميه تل أبيب 'المنظمات الإرهابية الإقليمية'.
وجاء في بيان صادر عن الائتلاف: 'الإنجازات العسكرية ضد إيران تفتح نافذة نادرة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، وإقامة تحالف أبراهام، وهو تحالف إقليمي بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة. والخطوة الأكثر إلحاحاً لاغتنام هذه الفرصة تتمثل في إنهاء الحرب في غزة وإعادة جميع الرهائن إلى ديارهم. بإمكان إسرائيل، ويجب عليها، أن تترجم النجاح العسكري إلى تقدم دبلوماسي. هناك وقت للحرب، ووقت للحل. وقد حان وقت تحالف أبراهام'.
وفي هذا الإطار، عُرضت لوحات دعائية في تل أبيب ومدن أخرى، ضمت صوراً لزعماء إقليميين بارزين، إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحت عبارة: 'تحالف أبراهام: آن أوان شرق أوسط جديد'. وتشير هذه الحملة إلى تصاعد الرهانات الإسرائيلية على تطبيع موسع مع دول مثل السعودية ولبنان وسوريا، على الرغم من غياب مؤشرات رسمية من هذه الدول بشأن الانضمام لمثل هذا التحالف.
ووفقاً لموقع التحالف الإلكتروني، فإن 'الائتلاف الإسرائيلي للأمن الإقليمي' يسعى إلى بناء نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط يشكّل درعاً حديدياً ضد ما يسميه 'التهديد الإيراني'، مؤكداً أن خطة 'درع أبراهام' تهدف إلى استثمار الزخم الدبلوماسي الحالي لتحقيق الأمن والاستقرار لإسرائيل على المدى الطويل.
وتتزامن هذه الحملة مع ما أعلنه الممثل الخاص للرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، من أن واشنطن تعتزم إصدار إعلان 'هام' خلال الفترة القريبة المقبلة بشأن انضمام دول جديدة إلى اتفاقيات 'إبراهيم' وتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مقابلة مع شبكة 'سي إن بي سي' الأمريكية، أمس الأربعاء، قال ويتكوف إن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخراً بين إيران وإسرائيل أنهى صراعاً كان مرشحاً للتحول إلى حرب طويلة الأمد، معرباً عن أمله في التوصل إلى 'اتفاق سلام شامل' بين الطرفين، مؤكداً أن هناك 'إشارات قوية' تُفيد بإمكانية حدوث ذلك، وأن لديه 'اعتقاداً شخصياً' باستعداد طهران للانخراط في مفاوضات من هذا النوع.
وأضاف ويتكوف أن الإدارة الأمريكية تستعد لإعلان قريب يتعلق باتفاقيات 'إبراهيم'، مشيراً إلى أن واشنطن تتوقع انضمام 'عدد من الدول' قريباً إلى مسار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وتُعد اتفاقيات 'إبراهيم'، التي أُبرمت أواخر عام 2020، بمثابة أول تطبيع علني للعلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي وعدد من الدول العربية في القرن الحادي والعشرين، وشملت حتى الآن كلاً من الإمارات، والبحرين، والمغرب، والسودان، وسط رفض شعبي عربي واسع، واعتبارها خروجا عن الإجماع العربي بشأن القضية الفلسطينية.
وفي سياق متصل، حذّر ويتكوف من أن استئناف إيران أنشطة تخصيب اليورانيوم يمثل 'خطاً أحمر' بالنسبة للإدارة الأمريكية، قائلاً: 'التسلّح النووي بعد التخصيب هو الخط الأحمر الحقيقي بالنسبة لنا. لن نسمح لإيران بذلك، لأن هذا من شأنه أن يهدد استقرار المنطقة بأسرها'.
ويأتي هذا التصعيد الدبلوماسي في أعقاب العدوان الإسرائيلي، المدعوم أمريكياً، على إيران في 13/ يونيو الجاري، والذي استمر 12 يوماً، واستهدف منشآت عسكرية ونووية ومدنية، وأسفر عن مئات القتلى والجرحى.
وردت طهران بقصف مواقع عسكرية واستخبارية إسرائيلية، ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة لتهاجم منشآت نووية إيرانية يوم الأحد الماضي، ما دفع إيران إلى قصف قاعدة 'العديد' العسكرية الأميركية في قطر. وفي الثلاثاء الماضي، أعلنت واشنطن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران.
تجدر الإشارة إلى أن مسار التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي بدأ رسمياً باتفاقية 'كامب ديفيد' بين مصر والاحتلال عام 1979، تلتها اتفاقية 'وادي عربة' مع الأردن في 1994، في حين ظل معظم العالم العربي رافضاً للاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي حتى إعلان 'اتفاقيات إبراهيم' عام 2020، والتي جرت برعاية أمريكية وبدفع من إدارة الرئيس دونالد ترامب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 3 ساعات
- سكاي نيوز عربية
إيران تلمّح إلى إمكانية نقل اليورانيوم المخصب إلى دولة أخرى
وحسب موقع "المونيتور"، فقد أوضح إيرواني أن نقل اليورانيوم المخصب بنسبة 20% و60% لا يعد خطا أحمر بالنسبة لطهران، مضيفا أن البديل لذلك هو أن يبقى هذا المخزون داخل إيران تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومع ذلك، شدد إيرواني على أن إيران لن تتنازل عن حقها في إنتاج اليورانيوم محليا، وهو شرط ترفضه الولايات المتحدة بشدة. كما استبعد أي قيود على برنامج إيران للصواريخ الباليستية، وأكد أن أي اتفاق جديد سيعتمد، إلى جانب شروط أخرى، على رفع العقوبات الدولية المفروضة على بلاده. وتأتي تصريحاته بعد ساعات من منشور لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على منصة "إكس" مساء الجمعة، أعلن فيه أن إيران مستعدة من حيث المبدأ لاستئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، لكنه دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تهدئة لهجته. وقال عراقجي: "إذا كان الرئيس ترامب جادا في رغبته بالتوصل إلى اتفاق، فعليه أن يتخلى عن لهجته المهينة وغير المقبولة تجاه خامنئي، وأن يتوقف عن الإساءة لملايين من أتباعه المخلصين". وأضاف: "حسن النية يولّد حسن النية، والاحترام يولد الاحترام". وكان ترامب قد صرح مؤخرا بأن محادثات جديدة مع إيران ستُعقد "الأسبوع المقبل"، دون أن يقدم أي تفاصيل إضافية. وكانت جولات سابقة من المفاوضات بين واشنطن وطهران قد فشلت في التوصل إلى اتفاق.


سبوتنيك بالعربية
منذ 4 ساعات
- سبوتنيك بالعربية
الحرس الثوري الإيراني: لقد نجحنا وسنواصل نجاحنا
الحرس الثوري الإيراني: لقد نجحنا وسنواصل نجاحنا الحرس الثوري الإيراني: لقد نجحنا وسنواصل نجاحنا سبوتنيك عربي قال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، العميد إسماعيل قاآني، اليوم السبت، إنه "نجحنا حتى الآن، وسنواصل نجاحنا من الآن فصاعدا". 28.06.2025, سبوتنيك عربي 2025-06-28T18:31+0000 2025-06-28T18:31+0000 2025-06-28T18:31+0000 الحرس الثوري الإيراني إيران العالم الأخبار وأفادت وكالة مهر للأنباء، مساء اليوم السبت، بأن تصريحات العميد إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي، جاءت خلال "تشييع الشهداء القادة".وقال القائد العسكري الإيراني إنه "إذا تكاتف الجميع خلف سماحة السيد القائد، فسيكون كل شيء على ما يرام. إن مسيرة الشهداء مستمرة بقوة. لقد نجحنا حتى الآن، وسنواصل نجاحنا من الآن فصاعدًا". وفي سياق متصل، أعلن مساعد الرئیس الإيراني للشؤون القانونیة، مجيد أنصاري، اليوم السبت، "تشكيل فريق عمل قانوني خاص لملاحقة عدوان الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في المحافل الدولية". ونقلت وكالة إرنا، مساء اليوم السبت، عن أنصاري "تشكيل مجموعة عمل متخصصة من الخبراء والقانونيين لدراسة الجوانب القانونية للعدوان العسكري وانتهاك السيادة الإيرانية، والتهديد لوحدة أراضي البلاد، والقتل الجماعي للمواطنين، واغتيال العلماء والمدافعين عن الأمن والقادة رفيعي المستوى".وفي 13 يونيو/ حزيران الجاري، شنت إسرائيل ضربات جوية مفاجئة في عملية أطلقت عليها اسم "الأسد الصاعد"، استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت نووية في إيران، أهمها منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم.وأدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل عدد من العلماء النوويين والقادة العسكريين البارزين والمسؤولين الإيرانيين أبرزهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس أركان الجيش محمد باقري، وقائد القوات الجوية والفضائية في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده.وردت إيران، بضربات جوية ضد إسرائيل، في عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "الوعد الصادق 3"، استهدفت خلالها عشرات المواقع العسكرية والقواعد الجوية في إسرائيل، مؤكدة أن العملية ستتواصل طالما اقتضت الضرورة.وبررت إسرائيل هجماتها بأن إيران وصلت إلى "نقطة اللاعودة" في تخصيب اليورانيوم وتقترب من امتلاك سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران وتصر دائما على أن أنشطتها النووية مخصصة لأغراض سلمية فقط. إيران سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي الحرس الثوري الإيراني, إيران, العالم, الأخبار


البوابة
منذ 5 ساعات
- البوابة
اتجاهات الحسم.. استراتيجية أمريكية واقعية للتعامل مع تطورات الحرب الإيرانية الإسرائيلية
وقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مواجهة أخطر اختبار جيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط للإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، لينهى مسار التصعيد العسكري الذي امتد لمدة ١٢ يوما بينهما، متجنبًا اتساع رقعة الصراع الإقليمي. فلم تكن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران قائمة على تغيير النظام بالقوة، بل على أساس الانفصال الاستراتيجي عن النظام وإعادة التواصل مع الشعب، وذلك دون نشر وحدات برية أمريكية، ودون ضغوط الدبلوماسية البيروقراطية؛ حيث أعلن ترامب تحقيق ما تم النظر إليه على أنه مستحيل، من خلال تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية وفرض وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، وهو الأمر لم يكن هذا ثمرة إجماع متعدد الأطراف، بل تم فرضه بالقوة بحزم وفق ما ما قاله ترامب. وما يجعل هذا الإجراء أكثر أهمية، يتمثل في تنوع الجهات الفاعلة التي اتحدت تحت الضغط، ووجد كل من البنتاجون ووزارة الخارجية نفسيهما يتفاعلان بوتيرة لم يتم تحديدها، كما أدرك رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن الطريق إلى الأمام قد رُسم بالفعل، وقبلت إسرائيل وقف إطلاق النار ليس لأنه كان مناسبًا، بل لأن التصعيد كان يُنذر بتفاقم الوضع وخروجه عن السيطرة. وترك إعلان ترامب عن اتفاق الهدنة عددا من التساؤلات الكبيرة، واكتفى الطرفان الإيراني والإسرائيلي بإعلان التزامهما طالما أحجم كل منهما على مهاجمة الثاني، ولم يكشف أي من الأطراف الثلاثة عن شروط الاتفاق أو بنوده، وحتى تغريدات ترامب الحماسية على وسائل التواصل الاجتماعي لم تشر إلا إلى وقف إطلاق النار الكامل والشامل، ولم تتحدث لا عن إحياء مفاوضات البرنامج النووي الإيراني ولا عن مصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب ولا عن موعد محتمل للقاءات مستقبلية، إلا أنه يمكن إرجاع أسباب هذا الإعلان إلى شعور إدارة الرئيس ترامب أن الوقت حان لوضع حد للتصعيد قبل أن تنجر المنطقة إلى صراع إقليمي أوسع نطاقًا. اتجاهات عديدة إن استمرارية أي اختراق في هذا الملف لا تعتمد على بدايته بل على مدى قدرة هذا التوجه على الصمود والتحكم في أطراف الصراع، وعلى الرغم من أن خطوة الرئيس ترامب أنهت بصورة مؤقتة المواجهة العسكرية، إلا أن ذلك دفع ببروز مجموعة من التساؤلات والمتعلقة بمسارات هذا الإجراء وما إذا كان وقف إطلاق النار يُشير إلى إعادة توازن إقليمي، أم أنه يُؤجل المواجهة التالية فحسب؟ ففي إسرائيل، لاقت النتيجة ترحيبًا، ولكن لم يُنظر إليها على أنها حل، لقد أكدت الحرب مجددًا ضرورة حماية استقلالية مؤسسات الأمن القومي الإسرائيلي، وخاصة الموساد، من الآثار المدمرة للاستقطاب السياسي الداخلي؛ حيث لعب اختراق الموساد الهادئ للبنية التحتية العسكرية الإيرانية دورًا حاسمًا في التأثير على مجريات العمليات العسكرية الإسرائيلية في الداخل الإيراني بالإضافة إلى دوره في مواجهة القوى التابعة لإيران في المنطقة، فلم يشكل الموساد المحرك الاستراتيجي الذي ساهم في وقف إطلاق النار فحسب، بل عطّل بشكل حاسم منظومة وكلاء طهران، وغيّرَ موازين القوى في الشرق الأوسط. على الجانب الآخر، لم يتم تدمير الحرس الثوري الإيراني، لكنه تعرض لانتكاسة واضحة؛ حيث حُيدت منشآته الرئيسية، وتعرضت شبكاته للخطر، وخسارة كوادره، وفي إطار إعادة بناء ذلك، يمكن أن تتجه طهران شرقًا إلى موسكو وبكين. لكن أيًا منهما لم يُقدِّم مساعدة غير مشروطة؛ حيث ستطالب روسيا بحقوق في القواعد العسكرية ووصول أعمق إلى البنية التحتية الإيرانية، كما ستسعى الصين للحصول على شروط تفضيلية في أسواق الطاقة وممرات العبور. سيعتمد بقاء الحرس الثوري الإيراني كقوة إقليمية الآن على تقديم تنازلات للرعاة الأجانب، وهو واقع يُضعف استقلاليته وموقعه الاستراتيجي. اتجاهات التعامل الأمريكي تنظر واشنطن إلى الخيارات الإيرانية باعتبارها مهددًا للاستراتيجية الأمريكية، ففي حال لم تتحرك واشنطن، سينمو النفوذ الروسي في إيران والقوقاز بلا رادع، كما سيترسخ نفوذ الصين في الموانئ وخطوط الأنابيب الإيرانية. وهو ما دفع الدبلوماسية الأمريكية إلى البحث عن التنسيق الإقليمي من الخليج إلى آسيا الوسطى؛ حيث يمكن للقيادة الأمريكية أن تخفف من وطأة هذا التغيير قبل أن يتفاقم. ومع ذلك، لا تزال عقيدة الحرب غير المتكافئة التي تنتهجها إيران قائمة، ولم يُسلّم وكلاؤها - حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والميليشيات في العراق- أسلحتهم. ولا تزال هذه الجهات الفاعلة، التي لم يمسها وقف إطلاق النار، بمثابة الذراع الأمامية لطهران. فهي تُتيح الإنكار والمرونة والتهديد المستمر. ولم يُغيّر وقف إطلاق النار الكثير في هذا الصدد؛ وقد يبدأ معها اندلاع الحرب القادمة. وفي ضوء ذلك، برزت مجموعة من التساؤلات في أوساط الرأي العام والمؤسسات الأمريكية والمتعلق بإمكانية القدرة على تغيير النظام في إيران، وإن كان كذلك، فما هي الشروط، ولعل السبب وراء ذلك يتمثل في أن الجمهورية الإسلامية أكثر هشاشة من أي وقت مضى فهي مُنهكة اقتصاديًة ومُشرذمة سياسيًا، وعلى الرغم من ذلك فإن التغيير لن يأتي من غارات جوية أو إطلاق الشعارات، بل يجب أن ينبع من الداخل. وهذا يعني دعم الإعلام المستقل والالتفاف على سيطرة النظام على الاتصالات، وبناء آليات اقتصادية طويلة الأمد تُمكّن المجتمع المدني من مواجهة النظام، وهذا الأمر وفق الرؤية الأمريكية ليس تغييرًا للنظام بالقوة، بل هو فك ارتباط استراتيجي بالنظام وإعادة تواصل مع الشعب الإيراني. على الجانب الآخر، فإن ما حققه الرئيس ترامب لا يمكن إنكاره استراتيجيًا، فقد أوقف صراعًا قبل أن ينتشر، وقبل أن تجرّه قوى خارجية، وقبل أن يصبح التصعيد الإقليمي حتميًا، وقد فعل ذلك دون احتلال، ودون استسلام، ودون جرّ أمريكا إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط. ومع ذلك، لا يُعلن السلام أبدًا، بل يُبنى ببرامج وتخطيط. وسواءٌ أكان وقف إطلاق النار هذا يُمثل توازنًا إقليميًا جديدًا أم مجرد استراحةٍ قصيرةٍ في عاصفةٍ مستمرة، فإن ذلك سيعتمد ليس فقط على إيران أو إسرائيل، بل على مدى استعداد الولايات المتحدة وحلفائها للقيادة برؤيةٍ وانضباطٍ واستعدادٍ لاغتنام الفرصة التي تُتيحها هذه اللحظة. صناعة السلام الإقليمي والاختبار الصعب في أعقاب الهجوم العسكري الإسرائيلي على طهران، أصدرت دول المنطقة إداناتٍ وحشدت جهودها لتمهيد الطريق لخفض التصعيد ووقف إطلاق النار المحتمل. وسعيًا للتوسط في الصراع أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالات هاتفية مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وترامب، كما أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالين هاتفيين منفصلين مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لتأكيد الدعوات المصرية لوقف إطلاق النار. بالإضافة إلى ذلك وخلال السنوات الأخيرة، سعت دول الخليج، إلى جانب قوى مؤثرة أخرى في الشرق الأوسط، إلى تعزيز مكانتها كقنوات للدبلوماسية وخفض التصعيد وحل النزاعات. ومن الأمثلة على هذه الاستراتيجية، محاولة قطر ومصر التوسط في الصراع بين إسرائيل وحماس، ودور تركيا والمملكة العربية السعودية في استضافة محادثات أوكرانيا وروسيا. إلا أن النتائج كانت متباينة، إذ لم يتم التوصل إلى تسوية تفاوضية في أيٍّ من مسرحي الصراع. ولا يُعزى هذا إلى نقص البراعة الدبلوماسية أو الالتزام بالسلام من جانب المحكمين. فالصراعات، بمجرد أن تدخل في مسار تصعيدي، يصعب تغيير مسارها. وبالتالي، من الأفضل للإدارة الأمريكية أن تتعاون مع هذه الأطراف في إيجاد اتفاقًا تفاوضيًا يُلزم إيران بالوفاء بمعايير تخصيب أقل، ومراقبة دولية قابلة للتحقق، والتزامات بمنع الانتشار. وهذا من شأنه أن يُجرد إيران من قدرتها على الردع التي قد تُمكّنها من أن تصبح دولة نووية. وتحاول الولايات المتحدة إثبات أنها القوة الدولية الوحيدة القادرة على حسم الصراعات في الشرق الأوسط، وشريك أساسي في توجيهها بما يتفق مع سياساتها ويخدم مصالحها، وذلك مقارنةً بالدور المحدود لكل من روسيا والصين، ومن المُرجح أن واشنطن سوف تسعى لفرض وجهة نظرها على طهران في القضايا محل الخلاف مثل تخصيب اليورانيوم، ودور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الرقابة والتفتيش؛ وذلك مقابل حوافز مالية واقتصادية، بالإضافة إلى ذلك فإن استئناف المفاوضات لا يعني نهاية التوتر بل قد يكون تمهيدًا لمرحلة تفاوضية جديدة تندمج فيها الأبعاد الأمنية والسياسية والاقتصادية، وسط استمرار الغموض في المواقف الأمريكية والإسرائيلية تجاه البرنامج النووي الإيراني.