
قمة فرنسية – بريطانية بأجندة معقدة.. قضايا الدفاع المشترك تتصدر المشهد
في خطوة تعكس بداية مرحلة جديدة من التقارب الأوروبي البريطاني بعد سنوات من التوتر، يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة تاريخية إلى المملكة المتحدة هذا الأسبوع، هي الأولى من نوعها لرئيس دولة من الاتحاد الأوروبي منذ خروج بريطانيا من التكتل (بريكست).
وتأتي الزيارة بدعوة من الملك تشارلز الثالث وتستمر لمدة ثلاثة أيام، تتخللها مأدبة رسمية في قصر ويندسور وخطاب مرتقب لماكرون أمام البرلمان البريطاني، على غرار خطابات تاريخية ألقاها سابقاً الزعيمان الفرنسيان شارل ديغول وفرنسوا ميتران. لكن البعد البروتوكولي لهذه الزيارة يبدو ثانوياً أمام الأجندة السياسية الثقيلة التي ستهيمن على القمة الفرنسية البريطانية السابعة والثلاثين، والمقرر عقدها الخميس في لندن، بمشاركة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذي يسعى لتعزيز موقعه السياسي داخلياً وخارجياً بعد توليه رئاسة الحكومة.
وتمثل الزيارة فرصة استراتيجية لحكومة ستارمر التي تحاول إعادة الدفء إلى العلاقات البريطانية الأوروبية التي توترت بشدة بعد البريكست، لاسيما في ملفات التجارة والهجرة. ويعكس تناغم الرؤى بين حزب العمال البريطاني الحاكم وتحالف يسار الوسط الفرنسي بقيادة ماكرون توجهاً مشتركاً نحو إعادة بناء الثقة بين لندن والعواصم الأوروبية.
ويُنظر إلى هذه الزيارة باعتبارها اختباراً لمرحلة ما بعد البريكست، حيث يسعى الطرفان لتجاوز الملفات العالقة وفتح قنوات تعاون جديدة في مجالات الدفاع والاقتصاد والأمن، دون العودة عن قرار الانفصال الأوروبي.
وتتصدر القمة قضايا الدفاع المشترك والدعم العسكري المستقبلي لأوكرانيا، خاصة في ظل تقلص الدعم الأميركي لكييف. ومن المنتظر أن يشارك في المحادثات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
وسيبحث القادة الأوروبيون مقترحات لإنشاء قوة دولية محتملة تُنشر في أوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا، مع التأكيد على ضرورة تصعيد الضغط الدبلوماسي على موسكو.
في المقابل، يتوقع أن يواجه رئيس الوزراء البريطاني ضغوطاً داخلية بشأن ملف الهجرة غير النظامية عبر بحر المانش، والذي تحوّل إلى قضية رأي عام في بريطانيا، فقد سجلت السلطات البريطانية منذ بداية العام أكثر من 21 ألف مهاجر قادمين من شمال فرنسا عبر القوارب المطاطية، بزيادة تقارب 48% مقارنة بالعام الماضي.
هذا الملف الحساس يضع حكومة ستارمر أمام تحديات قانونية وسياسية، خصوصاً مع صعود حزب الإصلاح اليميني بزعامة نايجل فاراغ في استطلاعات الرأي، والذي يطالب بتشديد إجراءات الهجرة.
ويأمل ستارمر في انتزاع المزيد من التعاون الفرنسي للحد من تدفق المهاجرين، من خلال السماح لقوات الأمن الفرنسية بالتدخل لوقف القوارب في نطاق 300 متر من الشواطئ الفرنسية، وهو اقتراح يثير جدلاً واسعاً في باريس بشأن مسؤوليات الإنقاذ وحماية حقوق الإنسان.
كما أشارت مصادر دبلوماسية إلى دراسة مقترح مشترك بين لندن وباريس لتطبيق آلية 'واحد مقابل واحد'، يتم بموجبها استقبال بريطانيا لبعض المهاجرين الأكثر ضعفاً مقابل إعادة مهاجرين آخرين إلى فرنسا، مع تطلع باريس إلى توسيع هذه الآلية لتشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي.
وتعوّل حكومة ستارمر على زيارة ماكرون لتشكيل انطلاقة جديدة في العلاقات مع أوروبا، مع الحفاظ على استقلالية القرار البريطاني بعد البريكست. ويُنظر إلى التناغم الشخصي بين ماكرون وستارمر على أنه قد يسهم في تسهيل التعاون في ملفات معقدة تشمل الاقتصاد والدفاع والهجرة.
القمة المرتقبة بين باريس ولندن تمثل فرصة حقيقية للطرفين لإعادة صياغة العلاقة وفق أسس جديدة تتجاوز إرث البريكست وتستجيب للتحديات الأمنية والاقتصادية الملحة في أوروبا اليوم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ 2 ساعات
- الوئام
الاتحاد الأوروبي يسعى لاتفاق تجاري مع واشنطن لتجنب تصاعد الرسوم الجمركية
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي يعمل 'بلا توقف' للتوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأمريكية يُخفّض الرسوم الجمركية ويجنب الأسواق العالمية تداعيات حرب تجارية جديدة. خلال كلمة ألقتها اليوم الخميس في العاصمة الإيطالية روما، حيث أكدت أن الهدف هو ضمان استقرار القطاعات التجارية عبر الحفاظ على التعريفات عند 'أدنى مستوى ممكن'. التصريح يأتي ردا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الأخير برفع الرسوم على واردات الصلب والألومنيوم إلى 25% بدءًا من يوم الاثنين الموافق 9 فبراير 2025، دون استثناءات تُذكر. وبرر ترامب هذه الخطوة بأنها تهدف إلى إنعاش الصناعة الأمريكية، لكن محللين حذروا من أنها قد تُشعل موجة من التصعيد التجاري، خاصة بعد إعلانه يوم الجمعة الماضي عن نيته فرض رسوم إضافية على عدد من الدول الأسبوع الجاري، دون الكشف عن أسمائها، مشيرًا إلى أن الهدف هو تحقيق 'معاملة متساوية' للصادرات الأمريكية. يُذكر أن سياسة ترمب التجارية تلتزم بوعوده الانتخابية القائمة على فرض تعريفات تُطابق ما تفرضه الدول الأخرى على المنتجات الأمريكية.


الشرق الأوسط
منذ 10 ساعات
- الشرق الأوسط
فرنسا وبريطانيا تؤكدان استعدادهما لـ«تنسيق» ردعهما النووي
أعلنت فرنسا وبريطانيا الأربعاء استعدادهما لـ«تنسيق» ردعهما النووي وحماية أوروبا من أيّ «تهديدات قصوى»، في خطوة تمثل تطورا كبيرا في عقيدة البلدين في ظلّ تدهور الأمن الأوروبي. وقالت لندن وباريس إنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيوقّع الخميس مع رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر خلال زيارة الدولة التي يجريها إلى المملكة المتحدة «إعلانا جديدا (...) يؤكد للمرة الأولى أنّ وسائل الردع الخاصّة بالبلدَين مستقلّة ولكن يمكن تنسيقها، وأنّ التهديدات القصوى لأوروبا ستثير ردّا من البلدَين». ومرّت ثلاثون عاما منذ صدور إعلان مشترك بين البلدين في العام 1995، ومنذ قامت فرنسا والمملكة المتحدة، القوتان النوويتان الوحيدتان في أوروبا الغربية، بتغيير المبدأ الذي يحكم تعاونهما في مجال الردع.


Independent عربية
منذ 10 ساعات
- Independent عربية
بريطانيا وفرنسا تؤكدان استعدادهما لـ"تنسيق" ردعهما النووي
أعلنت فرنسا وبريطانيا أمس استعدادهما لـ"تنسيق" ردعهما النووي وحماية أوروبا من أي "تهديدات قصوى"، في خطوة تمثل تطوراً كبيراً في عقيدة البلدين في ظل تدهور الأمن الأوروبي. وقالت لندن وباريس إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيوقع اليوم الخميس مع رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر خلال زيارة الدولة التي يجريها إلى المملكة المتحدة "إعلاناً جديداً يؤكد للمرة الأولى أن وسائل الردع الخاصة بالبلدين مستقلة ولكن يمكن تنسيقها، وأن التهديدات القصوى لأوروبا ستثير رداً من البلدين". وأكد البلدان أن السيادة على قرار تفعيل الأسلحة النووية تبقى قائمة بالكامل، لكن "أي خصم يهدد المصالح الحيوية للمملكة المتحدة أو فرنسا يمكن مواجهته بقوات كلا الدولتين". ووفق الرئاسة الفرنسية، فإن "مجموعة للرقابة النووية" يرأسها قصر الإليزيه ومكتب رئيس الحكومة البريطانية، ستكون مسؤولة عن "تنسيق التعاون المتنامي في مجالات السياسية والقدرات والعمليات". ومرت 30 عاماً منذ صدور ما إعلان مشترك بين البلدين في عام 1995، ومنذ قامت فرنسا والمملكة المتحدة، القوتان النوويتان الوحيدتان في أوروبا الغربية، بتغيير المبدأ الذي يحكم تعاونهما في مجال الردع. ونص هذا الإعلان على أن البلدين "لا يتصوران وضعاً يمكن أن تهدد فيه المصالح الحيوية لإحدى الدولتين من دون أن تهدد أيضاً المصالح الحيوية للدولة الأخرى"، ولكن من دون الإشارة إلى الرد في حال حدوث تهديد. ومنذ ذلك الحين، تغير السياق الأمني والعسكري في أوروبا، خصوصاً منذ بدء الحرب الروسية- الأوكرانية في فبراير (شباط) عام 2022. ويدفع عدم اليقين في شأن التزام الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترمب تجاه حلفائها الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي، العديد من الدول إلى طرح تساؤلات حول قوة الضمانات الأمنية الأميركية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويبدو أن تعزيز التعاون في مجال الدفاع سيشكل الإعلان الرئيس للقمة الثنائية الفرنسية- البريطانية التي سيرأسها ستارمر وماكرون اليوم الخميس في داونينغ ستريت. ومن المقرر أيضاً أن يرأس ستارمر وماكرون اجتماعاً لتحالف الدول "المتطوعة" في شأن أوكرانيا عبر الفيديو، والذي سيضم ممثلين عن الولايات المتحدة، حسبما أفاد الإليزيه. ويجمع هذا التحالف الذي أنشأته باريس ولندن في بداية العام الحالي، حوالي ثلاثين دولة ملتزمة تعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا وضمان وقف إطلاق النار في المستقبل بين كييف وموسكو.