
"قطر للطاقة" توقّع أول عقد لها في سوق المحروقات الجزائري
وجرت مراسم التوقيع على العقد في مقر شركة النفط الوطنية الجزائرية في العاصمة، بحضور وزير الطاقة محمد عرقاب، والرئيس التنفيذي لسوناطراك رشيد حشيشي، وممثلي الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "ألنفط"، وهي الهيئة الحكومية المسؤولة عن إدارة المجال المنجمي في البلاد، إلى جانب ممثلين عن الشركات الدولية الفائزة بعقود ضمن مناقصة المحروقات الدولية. وقد مثّل شركة "قطر للطاقة" في المراسم علي عبد الله المانع، مدير إدارة الإنتاج والاستكشاف الدولي، بينما حضر فمدي شيخ ممثلًا عن الشركة الفرنسية "توتال إنرجيز".
وبحسب وثيقة وزّعتها وكالة "ألنفط" على الصحافيين، فإن حقل "أهارة" الواقع في حوض بركين الغني بالنفط والغاز، والمجاور للحدود الليبية، تبلغ مساحته الإجمالية نحو 15 ألف كيلومتر مربع، ويحتوي على احتياطات مؤكدة من الغاز تُقدّر بـ58 مليار متر مكعب، مع توقعات بوجود مخزونات إضافية تصل إلى 38 مليار متر مكعب.
وتُقدّر فترة الاستكشاف بأربع سنوات، مع إلزامية حفر ثلاث آبار استكشافية خلال هذه المدة، بالإضافة إلى إعادة معالجة وتوصيف بيانات المسح الزلزالي ثنائي الأبعاد على مساحة 16 ألف كيلومتر مربع، وثلاثي الأبعاد على مساحة 12 ألف كيلومتر مربع. أما المرحلة الثانية من الاستكشاف، فتمتد لثلاث سنوات إضافية، تتضمن حفر بئر استكشافية واحدة. ومن المتوقّع أن تبلغ التكلفة الاستثمارية الأدنى لشركتي "قطر للطاقة" و"توتال إنرجيز" في هذا الحقل الغازي نحو 114 مليون دولار، بحسب وكالة "ألنفط".
600 مليون دولار لتأكيد احتياطات بـ400 مليار متر مكعب
إلى جانب تحالف "قطر للطاقة" و"توتال إنرجيز" الفرنسية، جرى توقيع أربعة عقود أخرى، ضمن إطار مناقصة الجزائر الدولية لعام 2024، وكلها تتعلق بمشاريع غازية. فقد جرى توقيع عقد استكشاف مع شركة "سينوبك" (SINOPEC) الصينية في حقل "قرن القصعة" جنوب غربي البلاد، الذي يمتد على مساحة 36,374 كيلومترًا مربعًا. ويحتوي الحقل على احتياطات مؤكدة تُقدّر بـ26 مليار متر مكعب، مع توقعات باحتياطات إضافية تصل إلى 141 مليار متر مكعب، وتُقدّر الاستثمارات الأدنى بهذا المكمن بنحو 123.5 مليون دولار.
طاقة
التحديثات الحية
قطر للطاقة تفوز بصفقة غاز وتدخل السوق الجزائرية لأول مرة
كما وقّعت شركة صينية ثانية، "زيباك" (ZPEC)، عقدًا لاستكشاف حقل "زرافة 2" في وسط الصحراء الجزائرية، والذي تُقدّر احتياطاته المؤكدة بـ83 مليار متر مكعب، مع توقعات بمخزونات إضافية تبلغ 51 مليار متر مكعب، واستثمار أدنى بقيمة 188 مليون دولار. وكان لعملاق الطاقة الإيطالي "إيني"، الذي يُعد الشريك الأكبر للجزائر في قطاع الطاقة، حضور في هذه الجولة عبر توقيع عقد لحقل "رقان 2"، ضمن تحالف مع الشركة التايلاندية "PTTEP". وتُقدّر الاحتياطات المؤكدة لهذا المكمن بنحو 65.5 مليار متر مكعب، مع إمكانية تحقيق مخزونات إضافية تقارب 143 مليار متر مكعب، واستثمار أدنى بقيمة 32 مليون دولار.
أما العقد الخامس، فقد جرى توقيعه مع تحالف يضم شركتين من النمسا وسويسرا، هما "زانغاس" و"فيلادا" (ZANGAS–FILADA)، لاستكشاف حقل "طوال 2" في جنوب شرقي البلاد، والذي يحتوي على مخزونات مؤكدة من الغاز تُقدّر بـ175 مليار متر مكعب، مع إمكانية تحقيق احتياطات إضافية تصل إلى 15 مليار متر مكعب، باستثمار أدنى يبلغ 149 مليون دولار.
وفي كلمة له قبيل مراسم التوقيع، أكّد رشيد حشيشي، الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك، أن العقود الخمسة الممنوحة للشركات الدولية ضمن مناقصة الجزائر الدولية لعام 2024، تتضمن حفر 32 بئرًا استكشافية، مشيرًا إلى أن حجم
الاستثمارات
الأدنى للعقود الخمسة يصل إلى 600 مليون دولار.
وأوضح حشيشي أن المشاريع الخمسة تهدف إلى استكشاف جميع موارد
النفط
والغاز الحالية، وتأكيد الإمكانيات المكتشفة في هذه المناطق، التي تُقدّر باحتياطات محتملة تبلغ 400 مليار متر مكعب من الغاز، مضيفًا: "بمجرد تأكيد هذه الإمكانيات، سيجري تخصيص استثمارات أكبر لتطوير واستغلال هذه الكميات من الغاز".
واعتبر حشيشي أن قيمة الاستثمارات المقدرة بـ600 مليون دولار المخصصة للاستكشاف، تعكس مستوى الثقة في مناخ الاستثمار في الجزائر، والقدرات الجيولوجية الغنية التي لا تزال تزخر بها الأحواض الرسوبية في البلاد، خاصة مع دخول شركاء دوليين لأول مرة مثل "قطر للطاقة" وشركتين من النمسا وسويسرا. تجدر الإشارة إلى أن الجزائر تُنتج حاليًّا نحو 140 مليار متر مكعب من الغاز، صدّرت منها أكثر من 50 مليار متر مكعب للأسواق الخارجية، بينما استُهلكت الكمية نفسها تقريبًا في السوق المحلية، في حين جرى ضخّ الكميات المتبقية في الآبار لتحسين الاسترجاع وزيادة الإنتاج.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
ماذا تعرف عن أكبر طرح في بورصة لندن لعام 2025؟
في مطلع إبريل/نيسان الماضي، اتّخذ الرئيس التنفيذي لشركة "إم أتش إيه" (MHA Plc) للتدقيق والاستشارات، راكيش شاونك، قراراً جريئاً قلّما أقدم عليه غيره في وقتٍ كانت فيه الأسواق العالمية تعيش حالة من الاضطراب بسبب التصعيد التجاري الأميركي. وبينما كانت شركات كبرى تؤجل خطط طرح أسهمها للإدراج، وفقاً لبلومبيرغ، أصرّ شاونك على المضي قدماً بإتمام أول طرح عام أولي لشركته في بورصة لندن ، بقيمة بلغت 98 مليون جنيه إسترليني (بما يعادل 132 مليون دولار). ومع أن طرح الشركة جاء وسط تصاعد المخاوف من سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية، إلّا أن أسهم الشركة سجلت ارتفاعاً قوياً بنسبة 33% منذ إدراجها في سوق "إيه أي إم" (AIM) التابعة لبورصة لندن، بدعم من موجة تفاؤل حذرة بأن النمو الاقتصادي العالمي قد يصمد أمام رياح الحمائية، ليبرهن قرار "إم أتش إيه" بالمضي في طرح الأسهم رغم التحديات، وما تلاه من مكاسب، على أن الجرأة المدروسة لا تزال تُجدي نفعاً في 2025، في وقت تهيمن فيه الحيطة على كثير من الشركات. كما شكّل طرح الشركة خبراً ساراً لبورصة لندن التي تمرّ بأسوأ نصف أول من العام في ما يتعلق بالاكتتابات الأولية منذ 28 عاماً، وسط سعيها المحموم للحفاظ على جاذبيتها مركزاً مالياً دولياً. وحول هذه النقطة، نقلت بلومبيرغ عن شاونك (69 عاماً) قوله: "كنتُ على يقين بأنّ الأساسيات كانت سليمة"، مضيفاً: "كان قراراً يرتبط بلحظة زمنية محددة، آمنّا بأنفسنا وبأعمالنا وبالسوق. وكان هذا هو القرار الصائب دون شك". وفي مساء 31 مارس/آذار المنصرم، بينما كانت الشركة على وشك إغلاق باب تلقي الطلبات من المستثمرين الأساسيين، جلس شاونك في مكتبه المنزلي يتأمل فيما إذا كان ينبغي تأجيل الطرح. اقتصاد دولي التحديثات الحية انكماش سريع في بورصة لندن.. هذه أبرز التفسيرات وفي صباح اليوم التالي، وبعد تفكير طويل، تحدث إلى المدير المالي ثم إلى مجلس الإدارة الذي يضمّ شركاءه في بناء الشركة على مدى 30 عاماً، وجرى الاتفاق بالإجماع على المضي قُدماً. وبعد ذلك بيوم واحد فقط، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن سلسلة جديدة من الرسوم الجمركية الانتقامية، التي هزّت الأسواق، ودفعَت العديد من الشركات إلى تأجيل خطط الإدراج. لكن "إم أتش إيه" قرّرت ألّا تتراجع، وفي السادس من إبريل، وبعد أسبوع خسر فيه مؤشر "فانيننشال تايمز 350" نحو 7% من قيمته، وافق الشركاء الرئيسيون على التعديلات الهيكلية الضرورية، ليجري الطرح بنجاح وإن بمبلغ أقل من المستهدف (98 مليون جنيه بدلاً من 125 مليوناً). وكون "إم أتش إيه" تعمل في مجال التدقيق والاستشارات، لم تتأثر مباشرةً من الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية. بل على العكس، يقول شاونك إن بعض عملاء الشركة الذين تضرّروا من تلك السياسات لجأوا إليها طلباً للمشورة والمساعدة في التخطيط. وفي 15 إبريل، حين دُعي شاونك لقرع جرس افتتاح جلسة التداول في بورصة لندن، لم يتمالك نفسه من الدعاء بصوت خافت: "يا رب، اجعلها خضراء لا حمراء"، وكان له ما أراد، إذ ارتفعت الأسهم في أول يوم تداول بنسبة 2.5%.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
رغم التحديات العالمية... اقتصاد قطر مرشح لمزيد من النمو في 2025
مدفوعاً بالاستثمار الحكومي والتزام الدولة بسياسات التنويع الاقتصادي، الزخم الاقتصادي في دولة قطر مرشح للاستمرار بوتيرة قوية خلال النصف الثاني من العام، وفقاً لتأكيد بنك ستاندرد تشارترد في تقرير بعنوان "التركيز العالمي – التوقعات الاقتصادية للنصف الثاني من عام 2025"، مشيراً إلى أنه رغم تخفيض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي لعام 2025 بشكل طفيف من 3.2% إلى 3.1%، نتيجة استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية والتوترات الجيوسياسية العالمية، تواصل قطر ومنطقة الشرق الأوسط تميزهما لتكونا نموذجاً للمرونة الاقتصادية والرؤى الاستراتيجية بعيدة المدى. وحافظ التقرير على توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر لعام 2025 عند مستوى 4%، لكنه رفع توقعاته لعام 2026 من 4% إلى 5.5%، في دلالة على تنامي الثقة بالجدول الزمني لتوسعة إنتاج الغاز، وزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال. وتفوق هذه النظرة المحدثة متوسط توقعات السوق البالغ 5.2%، فيما تأتي أقل بقليل من تقديرات صندوق النقد الدولي التي بلغت 5.6%. كما يتوقع أن يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في قطر إلى نحو 110 آلاف دولار بحلول عام 2026. كما أن القطاع غير الهيدروكربوني الذي يُشكل أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي في قطر سيبقى أحد المحركات الرئيسية للنمو خلال النصف الثاني، مدفوعاً بأداء قوي في قطاعات السياحة والخدمات المالية والتجارة. وقد سجّل هذا القطاع نمواً سنوياً ملحوظاً بلغ 6.1% خلال الربع الأخير من عام 2024، وهو المعدل الأعلى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. كما سلط التقرير الضوء على التأثير الإيجابي للتشريعات الجديدة المتعلقة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي من المتوقع أن تُسهم في تعزيز دور القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع البنية التحتية، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة. كما يرى بنك ستاندرد تشارترد أن قطر توفر بيئة استثمارية غنية بالفرص، ترتكز على سيولة مصرفية قوية، ومستويات دين عام تُدار بكفاءة، إلى جانب توجه واضح نحو استثمار استباقي في قطاعات استراتيجية مثل اللوجستيات والسياحة والتكنولوجيا. وفي هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لستاندرد تشارترد قطر، مهند مكحل، إن "تواصل الرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى لدولة قطر ترسيخ مكانتها كاقتصاد متميز في بيئة دولية تتسم بالتقلبات وعدم اليقين. وباعتبارنا مؤسسة مصرفية تملك إرثًا عريقًا في المنطقة، وحضوراً راسخاً في السوق القطري، فنحن نعتز بمواكبة السياسات التنموية الطموحة للدولة. فمن خلال ركائز اقتصادية قوية وتوجه واضح نحو التنويع الاقتصادي في إطار رؤية قطر الوطنية 2030، تبرهن قطر على أن الإصلاحات الهيكلية المدروسة والاستثمارات الاستراتيجية قادرة على تحفيز مصادر جديدة للنمو المستدام، وضمان استمرارية الزخم الاقتصادي خلال عام 2025 وما بعده". اقتصاد عربي التحديثات الحية عجز الموازنة القطرية 219 مليون دولار في 3 أشهر ويُتوقع أن تنمو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان بنسبة 3.4% خلال عام 2025، نتيجة استفادة دول مجلس التعاون الخليجي من التراجع التدريجي في تخفيضات إنتاج "أوبك+"، إلى جانب استمرار الزخم الإصلاحي. كما تواصل دول مثل قطر والإمارات والمملكة تحقيق تقدم ملموس في تنمية قطاعاتها غير النفطية، مستجيبة بفاعلية للمتغيرات المتسارعة في ديناميكيات التجارة العالمية. وفي الوقت الذي تُشير فيه التوقعات إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي خلال النصف الثاني من عام 2025 نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية، وتراجع مستويات الثقة الاقتصادية، وتضاؤل الدعم المالي الموجه لتحفيز النمو، بالإضافة إلى انحسار زخم الصادرات الصينية عقب أداء قوي في النصف الأول من العام، وارتفاع مخاطر الركود في أوروبا في ظل تعثر المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، تبرز قطر كحالة استثنائية على الساحة العالمية، مستفيدة من اعتمادها على سعر تعادل مالي منخفض للنفط، والتزامها المستمر على المدى الطويل بسياسات التنويع الاقتصادي في إطار رؤية قطر الوطنية 2030. كما يشير التقرير إلى أن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مرشحة لتسجيل أداء اقتصادي يفوق التوقعات، مدفوعة بمحدودية ارتباطها بالاقتصاد العالمي، وانخفاض اعتمادها على الصادرات الموجهة إلى السوق الأمريكية. ويُرجّح أن يتعزز هذا الأداء الإيجابي مع تحسن قيمة العملات المحلية، وانخفاض معدلات التضخم، إلى جانب تنفيذ إصلاحات هيكلية جوهرية في عدد من الاقتصادات المحورية في المنطقة، وعلى رأسها نيجيريا وجنوب إفريقيا.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
هل تعيد مصر النظر في سياسة اللجوء مع تراجع التمويل الدولي؟
تُعد أزمة تمويل اللجوء اختباراً مزدوجاً للدولة المصرية التي تُواجه استحقاقات داخلية متراكمة في ظل اقتصاد مأزوم، كما يقترب برنامج الأغذية العالمي من تعليق الدعم النقدي لنحو ربع مليون لاجئ في مصر بسبب فجوة مالية بقيمة 21 مليون دولار. وتضع هذه الأوضاع الحكومة المصرية في موقف معقد. فمن جهة، تستخدم استضافة اللاجئين ورقة ضغط دبلوماسية في علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة، ومن جهة أخرى تتهرب من تقديم الدعم المباشر، وتترك عبء الإغاثة على المنظمات الدولية، بما فيها منظمات الأمم المتحدة التي تواجه أزمة تمويل حادة . وتعرّي الأزمة هشاشة الوضع المعيشي، ليس فقط للاجئين، بل لشرائح واسعة من المصريين أيضاً، ففي بلد يعاني من تضخم جامح وتآكل في القوة الشرائية، لم يعد الفارق بين اللاجئ والمواطن كبيراً حين يتعلق الأمر بتوفير الاحتياجات الأساسية. ومع تراجع الدعم الدولي، يبرز احتمال زيادة التوتر الاجتماعي بين الفقراء المحليين واللاجئين، مع ترويج خطاب يُحمّل اللاجئين مسؤولية تفاقم الأعباء الاقتصادية. وسبق أن استخدم هذا الخطاب خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع اللاجئين السوريين، والذين طاولتهم اتهامات منافسة المواطنين على فرص العمل، أو استحواذهم على الدعم، ما خلّف نزعات كراهية، وأحياناً عنفاً مجتمعياً مستتراً. وتكمن مفارقة كبيرة في وضع اللاجئين السودانيين، الذين يُشكلون غالبية المستفيدين من المساعدات النقدية الأممية، فقد فر هؤلاء من حرب أهلية مستعرة في بلادهم، ودخلوا إلى مصر عبر الحدود الجنوبية التي تُعد الأكثر هشاشة أمنياً، ومع تقليص المساعدات، بدأ بعضهم في العودة الطوعية إلى بلادهم رغم الحرب، وهو ما وصفه برنامج الأغذية العالمي بأنه "قرار يفضي إلى الموت"، وأفادت تقارير بمقتل عائدين. وطرأ تحوّل في الفترة الماضية على سياسات منظمات أممية في تمويل المساعدات والاستجابة للأزمات الإنسانية، شملت اللجوء إلى القطاع الخاص، وهو ما يفعله برنامج الأغذية العالمي حالياً، فبدلاً من الاعتماد على المانحين الحكوميين، باتت المنظمات الدولية تضطر إلى جمع التبرعات. صف دراسي لأطفال لاجئين فلسطينيين بالقاهرة، 19 يوليو 2025 (محمد الشاهد/الأناضول) يقول الباحث في شؤون اللاجئين والهجرة أشرف ميلاد، لـ"العربي الجديد"، إن "تراجع الدعم الدولي للاجئين في مصر أصبح واقعاً لا يمكن إنكاره، ومكتب مفوضية شؤون اللاجئين في القاهرة يعاني من فجوة تمويلية تُقدّر بنحو 79% من ميزانيته السنوية، ما أثر بشكل مباشر على الخدمات المقدمة، وعلى الدعم المالي الذي يحصل عليه اللاجئون، رغم أنه في الأساس لم يكن كافياً، ويغطي نسبة محدودة من المسجلين". ويوضح ميلاد قائلاً: "تراجع التمويل سيؤدي إلى إعادة مراجعة آليات صرف المساعدات، وربما تقليصها بشكل إضافي خلال الفترة المقبلة. حدود مصر الجنوبية لا تزال تشهد تدفقات مستمرة من اللاجئين السودانيين، وفي الوقت نفسه يُسجل عائدون إلى السودان، لكنّ أغلب العائدين ليسوا مسجلين لدى مفوضية اللاجئين، وبالتالي لا يُحسبون في الإحصاءات الرسمية، بينما يستمر عدد اللاجئين المسجلين في الارتفاع". وعبّر الباحث المصري عن مخاوفه من حدوث تغيّر في سياسة القاهرة تجاه اللاجئين، ويؤكد أن "المسؤولية عن اللاجئين ليست تفضلاً من الدولة، وإنما التزام قانوني بموجب اتفاقيات دولية صدّقت عليها مصر، واستقبال اللاجئين ليس خياراً تطوعياً، بل التزام على كل دولة عضو في الأمم المتحدة يقضي بقبول أي لاجئ دخل أراضيها، حتى لو كان دخوله غير قانوني. الكثير من اللاجئين يقررون العودة إلى بلادهم رغم المخاطر بدافع الكرامة، وبعضهم يفضل الموت جوعاً في بلده على العيش منتظراً المساعدة في مصر، والتي قد لا تأتي". لجوء واغتراب التحديثات الحية السودانيون اللاجئون في مصر.. عيش بلا مأوى أو عودة إلى الحرب ويشدد على أن "الغالبية الساحقة من اللاجئين لا يرغبون في الإقامة الدائمة في مصر، بل يطمحون إلى إعادة التوطين في دول أخرى، وبالتالي لا يوجد خطر من سيطرة اللاجئين على فرص العمل، أو تغيير البنية السكانية كما يصوّر البعض. عدد اللاجئين القادرين على العمل فعلياً محدود، ووجودهم في سوق العمل غير الرسمي لا يجب أن يُفهم باعتباره منافسة غير عادلة". بدوره، يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر غيّرت بالفعل سياساتها تجاه استقبال اللاجئين خلال الفترة الماضية في ما يخص لاجئي الغالبية العظمى من الدول المجاورة، باستثناء اللاجئين السودانيين، وهذا الاستثناء يعود إلى أواصر الأخوّة التي تربط بين الشعبين، وطبيعة العلاقات التاريخية العميقة بين البلدين، فمصر لطالما تعاملت مع السودانيين باعتبارهم امتداداً طبيعياً لنسيجها المجتمعي، ما ينعكس في تسهيلات نسبية لا تزال قائمة مقارنة بغيرهم من الجنسيات".