
قوة مصر.. أمرٌ حتمي
أ. د محمد توفيق محمد*
من بين المقررات التي يدرسها طلاب أقسام الجغرافيا في مصر والدول العربية، ومعهم أقسام أخرى كالتاريخ وطلاب التعليم الأساسي وغيرهم، مقرر 'جغرافية الوطن العربي'، وقد يكون مسماه 'جغرافية العالم العربي'. وهو مقرر ينتمي إلى فرع الجغرافيا الإقليمية لتناوله إقليمًا جغرافيًا محددًا وواضح المعالم.
*عميد كلية الآداب حامعة سوهاج مصر
وفيه نتناول الجوانب الطبيعية والبشرية بشكلٍ أصولي، ثم نتعرض بالدراسة لجغرافية بعض الدول؛ منها ما ينتمي إلى الجناح الإفريقي، ومنها ما ينتمي إلى الجناح الآسيوي، للخروج بشخصية كل دولة ووزنها النسبي والاستراتيجي بين دول الإقليم، ومقارنتها بالدول المحيطة.
وحيث إنني أتابع – لطبيعة تخصصي – ما يحدث لهذا الإقليم من تغيّرات، أجد أنها تغيّرات مقصودة ولا مجال للشك في ذلك؛ بعضها يتعلق بانفصال بعض الأجزاء لتصبح دولة مستقلة – كما حدث بالنسبة لجنوب السودان – وبعضها شهد تفتيتًا داخليًا لتصبح الدولة الواحدة مجموعة دول – كما حدث في العراق، وبعضها لم يعد صالحًا لأن نطلق عليه 'دولة' بمفهومها المعروف (أرض، شعب، سلطة). ومثل هذه الأمور تركت آثارًا ملموسة على هذا الإقليم في مختلف جوانبه السياسية والتنموية والاجتماعية.
ومن بين الأمور الأخرى التي عاشها ويعيشها هذا الإقليم حتى الآن، حالات عدم الاستقرار داخل بعض الدول. فنظرة إلى اليمن ولبنان والسودان وليبيا وسوريا، وما يحدث في فلسطين المحتلة، تؤكد لنا تمامًا أن هناك أمرًا متعمدًا ومقصودًا، هدفه واحد لا ثاني له: مصر!
ومما يجعلنا نقول ذلك ونذكره، أن كل مناطق عدم الاستقرار تحيط بمصر وتشاركها حدودها؛ إما بشكل مباشر (فلسطين، ليبيا، السودان)، أو بشكل غير مباشر (اليمن والصومال، وعلاقتهما بباب المندب والملاحة في قناة السويس، أحد أهم أركان الأمن القومي المصري)، وكذلك (لبنان وسوريا، وعلاقتهما القوية بالأمن القومي المصري).
وبنظرة تحليلية لهذه التطورات، وتحديدًا في هذه المناطق دون غيرها من الوطن العربي، يتضح أن الغرض هو أن تقف مصر بمفردها في الميدان، بعد إضعاف محيطها. وحتى بالنسبة للبقية الباقية التي تنتمي إلى هذا الإقليم، كدول الخليج العربي ودول المغرب العربي، فإنهم يبحثون عن مصالحهم الشخصية. ويا ليتهم يكتفون بذلك! بل أصبح بعضهم يسعى إلى إضعاف مصر أكثر من تقوية نفسه، بأن يقف – بشكل مباشر أو غير مباشر – مع عدونا الأزلي والوجودي وشركائه.
ووصل بهم الفجور إلى أن بعضهم يُحمّل مصر مسؤولية ما يحدث في غزة، بدلًا من الاعتراف بفضلها، في الماضي وفي الوقت الراهن، سواء عليهم بشكل عام، أو بالنسبة للقضية الفلسطينية.
وختامًا، لا بد أن نعي ونفهم أن ما يحدث من حولنا، وما يُدبَّر لنا، هو أمرٌ مدبّر ومخطط، ولا بد من استيعابه. ولا مجال لمواجهة كل ذلك سوى بأن نكون أقوياء حتى نسود المنطقة. وإن لم نفعل ونسارع في ذلك – كما ذكر الجغرافي الكبير جمال حمدان – ستتداعى علينا دول المنطقة، كالقصعة: أعداء وأشقاء، أصدقاء وأقربون وأبعدون.
وقوة مصر مفتاحها الأول والأخير هو تماسكنا الداخلي، وأن نكون كما كُتب لنا في رباط، بوقوفنا خلف قيادتنا، وأن نُعدّ لهم ما استطعنا من قوة… لنرهب بها عدوّ الله وعدوّنا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 3 دقائق
- اليمن الآن
كلمة وفاء… لا رثاء لمن علمني الحياة
تستبدل الكلمات حزنها بالوفاء، وتغادر حروف الرثاء صفحاتي، فأنا لا أرى في رحيلك نهاية، بل بداية لحياة جديدة لذكراك العطرة. أنت يا أستاذي ومعلمي، حي في قلوبنا، ووجودك معنا لا ينتهي بمغادرة جسدك. كيف لي ألا أكون وفيًا لمن كان لي نبراسًا، ومنارةً أضاءت لي دروب الطفولة الأولى؟ كيف لا أكون وفيًا لمقامك السامي وأثرك الذي لا يمحى في نفوسنا ووطننا الجنوبي ؟ اقرأ المزيد... القيادة التنفيذية العُليا تناقش إجراءات ضبط الأسعار وتفعيل الرقابة على الأسواق 2 أغسطس، 2025 ( 6:09 مساءً ) آخر تحديث لسعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية. 2 أغسطس، 2025 ( 5:40 مساءً ) لقد كنت في زمنٍ غارقٍ في الظلام، نورًا لا ينطفئ. كنت حاضرًا في كل ميدان، ومشاركًا في كل مشهد. لم تكن مجرد معلم، بل كنت قلبًا نابضًا بالحياة، من عطائك السخي في تربية الأجيال، إلى نشاطك المتواصل في المحولة بخال والشعيب عامة، إلى مواقفك الوطنية والسياسية التي كنت فيها أقرب إلى وطنك وشعبك من حبل الوريد. والدي وأستاذي ناصر يحيى محمد السقلدي، حياتك لم تنتهِ بوفاتك، لأن أثرك فينا أطول من عمرك. كلماتنا لك لا تُكتب بمداد القلم، بل تُخطّ بدموع القلب. عزاؤنا في رحيلك الذي كان كالصاعقة، أن اسمك منقوش على جدار تاريخ وطنك ، وأنك خالد في قلوب أهلك وتلاميذك ومحبيك ، كخلود زيتون الجليل، وعطر نسيم البحر، وسنابل المرج. لقد عشت كريمًا، ورحلت عزيزًا، وسيرتك العطرة ستبقى خالدة فينا. رحمك الله، ولن ننساك. نسأل الله أن يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته


26 سبتمبر نيت
منذ 20 دقائق
- 26 سبتمبر نيت
مفتي عُمان يدعو لحماية المساعدات في غزة وقطع أيدي القراصنة
وجه مفتي سلطنة عُمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، اليوم السبت، مناشدة إنسانية إلى الهيئات والمؤسسات الدولية والإسلامية لحماية المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة والحيلولة دون وصولها إلى أيدي سارقي المساعدات. وجه مفتي سلطنة عُمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، اليوم السبت، مناشدة إنسانية إلى الهيئات والمؤسسات الدولية والإسلامية لحماية المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة والحيلولة دون وصولها إلى أيدي سارقي المساعدات. وقال الشيخ الخليلي، في تدوينة على منصة "إكس": "نناشد الهيئات والمؤسسات التي تحاول إمداد غزة المحاصرة بالغذاء والدواء بأن تتخذ كافة التدابير الوقائية من اختطاف هذه المساعدات لئلا تسلط عليها أيدي القراصنة". وذكر أن القراصنة "يتربصون للابتزاز واستغلال حاجة أهل غزة، فيبيعون المساعدات بأغلى الأثمان مما لا يملك أهل غزة إليه سبيلا، ويكون المستفيد من ذلك هم أولئك القراصنة دون المقصودين بها". وأضاف: 'نناشد المجتمع الدولي أن يتدخل في هذا بكل قوة لأجل حماية أهل غزة وإيصال حق المساعدة إليهم، كما نناشد الجميع بأن يقطعوا أيدي القراصنة حتى لا تمتد إلى هذه المساعدات بالظلم". وأكمل مفتي عُمان تدوينته قائلاً: "ونخص المسلمين بهذه المناشدة، فإن هذه مسؤولية ملقاة على أعناقهم، وهم مسؤلون أمام الله تعالى عن أهالي غزة المنكوبين وتجويعهم، فما كان لهم أن يتوانوا بهذا الأمر، ولا ننسى أصحاب الضمائر الحية في جميع العالم، فهم جديرون بهذا".


اليمن الآن
منذ 33 دقائق
- اليمن الآن
قيادة المؤتمر الشعبي العام بالجوف تدين حكم الإعدام الصادر بحق السفير أحمد علي عبدالله صالح
أخبار وتقارير (الأول)خاص. أدانت قيادة وقواعد المؤتمر الشعبي العام في محافظة الجوف ما وصفته بـ"الممارسات السياسية الممنهجة من قبل مليشيات الحوثي، وذلك على خلفية إصدار ما سمّي بـ"حكم محكمة بالإعدام بحق السفير أحمد علي عبدالله صالح، نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام. وأكدت القيادة في بيان لها أن هذا القرار لا يحمل أي صفة قانونية، بل يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تستهدف قيادات المؤتمر الشعبي العام، والتي لا تزال تحت الإقامة الجبرية لدى المليشيات الحوثية. وأضاف البيان أن هذه الممارسات تهدف للضغط على القيادات المختطفة من أجل فرض قرارات تتماشى مع أجندة الحوثيين، خصوصًا بعد أن أعلنت تلك القيادات فك الشراكة ورفضها المشاركة في ما يُعرف بـ"حكومة الإنقلاب. وأشار البيان إلى أن مثل هذه الأحكام تكشف مزيدًا من العزلة التي تعيشها الجماعة الحوثية، وتفضح سجلها الإجرامي في حق الشعب اليمني واقتصاده. ودعت قيادة المؤتمر في الجوف جميع قيادات الحزب إلى عدم الرضوخ للضغوط أو إعلان الاعتزال السياسي، مؤكدة أن نهاية المليشيات باتت وشيكة بإذن الله وبعزيمة الأبطال اليمنيين الجمهوريين. وختمت القيادة بيانها بالتأكيد على المضي قدمًا نحو استعادة الدولة والجمهورية، داعية إلى وحدة الصف الوطني في هذه المرحلة الفاصلة. دمتم ودام الوطن بخير.