logo
السعودية.. استثناء عقلاني في مشهد جنوني

السعودية.. استثناء عقلاني في مشهد جنوني

عكاظمنذ 10 ساعات

في عالم يبدو كسفينة تتهاوى في إعصار، تائهة بين صراخ الأيديولوجيات المتطرفة وصخب المصالح المتصارعة، حيث تتلاطم أمواج التطرف والاضطراب، تبرز المملكة العربية السعودية كقارة صلبة.
ليست صخرة جامدة، بل كيان حي، نابض، يقف بشموخ واستقرار يلفت الأنظار ويستدعي التأمل.
إنها استثناء عقلاني مدهش في قلب «مشهد جنوني» يلف الكوكب.
فما سر هذا الاستثناء؟ وكيف ترسو هذه السفينة العظيمة في بحر هائج؟
في زمن يقدس البعض الصوت العالي والموقف المتشنج، تختار السعودية لغة المنطق الهادئ والعمل الدؤوب. ليست هناك حاجة للصراخ لإثبات الوجود، فالوجود فاعل مسكون برؤية واضحة المعالم.
رؤية 2030 ليست مجرد شعارات ترفع في الهواء، بل هي «هندسة حياتية للمستقبل»، ترسم بالعقل خطوطاً ثابتة فوق رمال متحركة.
إنها إيمان عميق بأن بناء الإنسان وتنويع الاقتصاد وتمكين الطاقات هي اللبنات الحقيقية للعظمة، لا خطابات النار والغضب.
في عالم يلهث وراء اللحظة، تخطط السعودية للعقود، أليس هذا وحده استثناءً يبعث على الدهشة؟
تطل المملكة على بحر هائج من الصراعات والتحالفات المتقلبة، ومع ذلك، فهي تمثل «قلعة استقرار» لا تُنكَر. هذا الاستقرار ليس محض صدفة جغرافية أو ثروة طبيعية فحسب، بل هو ثمرة حكمة سياسية فذة.
حكمة تعرف متى تثبت كالجبال الراسية، ومتى تتحرك كالرياح المرسلة، متى تصمت لتسمع صوت العقل، ومتى تتكلم بصوت الحكمة الذي يُسمع فوق الضجيج.
إن الولاء المطلق لقادة هذه المسيرة ليس ولاءً أعمى، بل هو ثقة راسخة في بوصلتهم التي تتلمس طريق العقلانية وسط الضباب.
إنهم قادة يدركون أن القوة الحقيقية ليست في إشعال الحرائق، بل في بناء الحصون التي تحمي شعبها ومكانتها، وتعمل بلا كلل لتحقيق السلام والازدهار.
أليست هذه الحكمة في التعامل مع تعقيدات العالم المعاصر استثناءً يستحق الإعجاب؟
بينما تنهار المجتمعات تحت وطأة الانقسامات الطائفية والعرقية والسياسية، يُشكل المجتمع السعودي نسيجاً وطنياً متماسكاً مذهلاً.
هذا التماسك ليس إنكاراً للتنوع، بل هو رتقاء فوقه لبناء هوية جامعة.
إنه الولاء للوطن ككيان أعلى، كفكرة سامية تتسع للجميع تحت مظلة من القيم والأخلاق والتاريخ المشترك. هنا، في هذه البقعة المقدسة التي تحتضن قبلة المسلمين، يجد العالم نموذجاً فريداً حيث الوحدة الوطنية ليست شعاراً، بل واقعٌ معاشٌ، يقوم على الاحترام المتبادل والانتماء العميق لأرض هذا الوطن وقيادته الحكيمة، في زمن يحترق بالكراهية، يضيء هذا التماسك كمنارة أمل.
أليس هذا الالتحام الاجتماعي في عالم متمزق استثناءً مدهشاً؟
سر آخر لهذا الاستثناء يكمن في التوازن الفريد بين الأصالة و المعاصرة. السعودية ليست متحفاً يقدّس الماضي فحسب، وليست مركبة فضائية منفصلة عن جذورها، إنها شجرة عظيمة، جذورها ضاربة في عمق التاريخ والتقاليد العربية الأصيلة وقيم الإسلام السمحة، بينما تمتد فروعها بثقة نحو آفاق المستقبل.
هذا التجديد ليس تقليداً أعمى للآخر، بل هو «استلهام للعقل» وتبني للإبداع مع الحفاظ على الروح السعودية الأصيلة.
من نيوم المستقبلية إلى تطوير قطاعات السياحة والترفيه، إلى دعم الفنون والابتكار، كلها خطوات واثقة تقول: نحن أبناء حضارة عريقة، ونحن أيضاً مهندسو غد مشرق.
هذا الانسجام بين الهُوية والحداثة هو فن عقلاني نادر في عالم يميل إلى التطرف في أحد الاتجاهين.
في النهاية، تبدو السعودية في هذا المشهد العالمي المضطرب «كسفينة نوح العصر الحديث». سفينة قوية البنيان، واضحة الاتجاه، يقودها ربان حكيم، ويحمل على متنها أبناء وطن موحدين بقلوب عامرة بالولاء والطموح، إنها وعد بأن العقل والحكمة والوحدة يمكن أن تنتصر حتى في أكثر الأوقات اضطراباً.
إن استقرارها ليس سكوناً، بل هو حركة واثقة نحو الأمام، رؤيتها ليست أحلاماً، بل خططاً محكمة تنفذ على الأرض. وحدتها ليست شكلاً، بل جوهراً يتجلى في كل مواطن فخور بانتمائه.
السعودية تستحق أن ننظر إليها ليس فقط بإعجاب، بل بتأمل عميق. فهي تقدم للعالم درساً بليغاً في قلب الجنون، يظل العقل خياراً ممكناً.
في خضم الفوضى، يمكن للاستقرار أن يكون قوة فاعلة، وفي زمن الانقسام، يظل الولاء للوطن والتماسك الاجتماعي درعاً منيعاً.
إنها استثناء عقلاني يبعث على الأمل، ويذكرنا بأن الجنون ليس قدراً محتوماً، وأن المستقبل يمكن أن يُبنى بالحكمة والإرادة والوحدة.
هذا هو إبهارها، وهذه هي دهشة قدرها المشرق في سماء هذا العصر.
أخبار ذات صلة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: نتنياهو بصدد التفاوض على صفقة مع حماس لإعادة الرهائن
ترامب: نتنياهو بصدد التفاوض على صفقة مع حماس لإعادة الرهائن

صحيفة سبق

timeمنذ 39 دقائق

  • صحيفة سبق

ترامب: نتنياهو بصدد التفاوض على صفقة مع حماس لإعادة الرهائن

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصدد التفاوض على صفقة مع "حماس" لإعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة. وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نقلا عن مصدر سياسي بأن الرئيس ترامب، يريد إنهاء الحرب في قطاع غزة بأقرب وقت ممكن. وأضاف المصدر السياسي أنه تم طرح فكرة تقليص الإطار الزمني لخطة مبعوث ترامب ستيف ويتكوف بشأن غزة. وفي سياق متصل، نقلت القناة 13 الإسرائيلية، عن مسؤولين عسكريين قولهم، إنهم سيبلغون المستوى السياسي، اليوم الأحد، بأن العملية البرية في غزة أوشكت على النهاية، وأنه لا يمكن مواصلتها دون تعريض حياة الأسرى إلى الخطر. وتظاهر آلاف الإسرائيليين السبت للمطالبة بأن تعمل الحكومة على إطلاق سراح 49 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس. وكان ترامب قد قال الجمعة، إنه يعتقد أن من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال أسبوع. وصرّح ترامب للصحفيين خلال فعالية في البيت الأبيض احتفالا باتفاق الكونغو الديمقراطية ورواندا على السلام، بأنه يعتقد أن وقف إطلاق النار في غزة وشيك.

إسرائيل تستعد لعملية غير مسبوقة في غزة.. وخطة لتحريك 5 فرق عسكرية كاملة
إسرائيل تستعد لعملية غير مسبوقة في غزة.. وخطة لتحريك 5 فرق عسكرية كاملة

العربية

timeمنذ 40 دقائق

  • العربية

إسرائيل تستعد لعملية غير مسبوقة في غزة.. وخطة لتحريك 5 فرق عسكرية كاملة

يستعد الجيش الإسرائيلي لعملية عسكرية واسعة وغير مسبوقة في قطاع غزة، حيث يدرس تحريك خمس فرق عسكرية كاملة (وليس جزئية كما في المرات السابقة)، إضافة إلى تنفيذ واحدة من أكبر عمليات إجبار السكان الفلسطينيين على الإخلاء منذ بدء الحرب، وفق ما نقله موقع "والا" الإسرائيلي. ويعقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعقد اليوم الأحد جلسة حاسمة مع كبار قادة المؤسسة الأمنية لمناقشة الخطوات القادمة في الحرب على القطاع المحاصر، وذلك في ظل الجمود في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى. وبحسل الموقع الإسرائيلي على الطاولة خياران: إما التوصل إلى صفقة مع حماس للإفراج عن الأسرى، أو العودة إلى عملية برية واسعة النطاق. كما قالت مصادر عسكرية أن الجيش يدرس الآن تنفيذ واحدة من أكبر عمليات إخلاء السكان الفلسطينيين منذ بدء الحرب، كجزء من تهيئة الأرضية لتحرك عسكري جديد. تحريك 5 فرق عسكرية كاملة وترى أطراف في القيادة العسكرية أنه لا بد من العودة إلى التوغل البري الواسع، ما يتطلب تحريك أكبر عدد من السكان الفلسطينيين من أماكن تواجدهم الحالية، سواء في شمال القطاع أو وسطه أو جنوبه. كما أوضحت المصادر أن السيناريو المطروح يتضمن تحريك خمس فرق عسكرية كاملة (وليس جزئية كما في المرات السابقة)، ويستلزم إعلان حالة استدعاء جديدة للاحتياط لتعزيز القوة البشرية المطلوبة للعملية. ووفق مصادر في الجيش، فإن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى "كسر القيادة السياسية والعسكرية لحماس"، بسبب تصاعد الغضب الشعبي تجاه الحركة. لكنهم يحذرون أيضًا من أن القتال في مناطق مكتظة ومليئة بالأنفاق سيؤدي إلى مقتل عدد كبير من الجنود الإسرائيليين. وهناك جدل حاد داخل هيئة الأركان، بين من يرون أن الإنجازات العسكرية كافية لإنهاء الحرب، وبين من يعتقدون أن لا مفر من تصعيد ميداني إضافي. "إخلاء جديد" في غضون ذلك، أصدر الجيش الإسرائيلي، الأحد، إنذارا لإخلاء مناطق في شمال غزة. وقال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، إن هذا تحذير إلى كل المتواجدين في منطقة مدينة غزة وجباليا وفي أحياء الزيتون الشرقي، البلدة القديمة، التركمان، اجديدة، التفاح، الدرج، الصبرة، جباليا البلد، جباليا النزله، معسكر جباليا، الروضة، النهضة، الزهور، النور، السلام وتل الزعتر. تأتي هذه التطورات الميدانية بينما يعمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إنجاز صفقة مع حركة حماس لإعادة المحتجزين في قطاع غزة. وكتب ترامب عبر منصة "تروث سوشيال"، اليوم الأحد: "اعقدوا صفقة غزة.. وأعيدوا المحتجزين". فجوات مع حماس وفي وقت سابق، أعلن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين كبار، أن الفجوات مع حماس لا تزال كبيرة بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة. وقال أحد هؤلاء المسؤولين وهو مُطّلع على المفاوضات: "في هذه المرحلة، ما زلنا عالقين"، وأضاف أن الخلاف مع حماس حول شروط إنهاء الحرب لا يزال قائما، وأن الخلافات لا تزال كبيرة". كما أوضحوا أنه في هذه المرحلة لم يتخذ قرار بعد بإرسال وفد تفاوضي إلى مصر أو قطر بشأن صفقة الأسرى مع حماس، وفق ما نقله موقع "أكسيوس". يذكر أن إسرائيل كانت استأنفت الحرب على غزة منذ انهيار الهدنة الهشة في مارس الماضي. كما توغلت قواتها في العديد من مناطق القطاع لاسيما في الجنوب، ودعت إلى إجلاء مساحات واسعة في الشمال. كذلك توعدت بالبقاء في غزة وعدم الانسحاب من المناطق الجديدة، التي سيطرت عليها منذ مارس الفائت، فارضة حصاراً خانقاً على المساعدات الغذائية والطبية.

خبراء نوويون: أميركا حطمت قدرة طهران على صنع القنبلة النووية
خبراء نوويون: أميركا حطمت قدرة طهران على صنع القنبلة النووية

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

خبراء نوويون: أميركا حطمت قدرة طهران على صنع القنبلة النووية

أوضح خبراء نوويون أن الضربات الأميركية دمرت مصانع التعدين الإيرانية، وبالتالي حطمت قدرة طهران على صنع نواة القنبلة النووية على المدى القريب، مشيرين إلى أن إعادة بناء المواقع الحيوية قد تستغرق سنوات. وأشار محللون إلى أن الضربات الإسرائيلية والأميركية شكّلت عقبة كبيرة أمام تصنيع إيران لقنابل نووية حتى وإن لم يمسّ مخزونها من وقود اليورانيوم، وفق ما نقلته "نيويورك تايمز" الأميركية. وقال ديفيد أولبرايت، رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، وهو مجموعة خاصة في واشنطن تتابع الانتشار النووي: "عليهم إعادة بنائه". والهجمات التي استهدفت أحد المواقع في أصفهان دمّرت معدات كانت إيران تُعِدّها لاستخدامها في تحويل غاز اليورانيوم المخصب إلى معدن كثيف. وتُعرف هذه العملية باسم "التعدين"، وهي من الخطوات الأخيرة في تصنيع النواة المتفجرة للقنبلة النووية. تدمير منشآت التحويل ويوم الأربعاء، أشار وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى تدمير منشآت التحويل - وهو اسم بديل لمواقع التعدين - قد أرجع الإيرانيين سنوات إلى الوراء، وليس مجرد بضعة أشهر كما ورد في تقرير أولي لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية حول تأثير الحرب. وقال روبيو: "لا يمكنك صنع سلاح نووي من دون منشأة تحويل". وأضاف: "لا يمكننا حتى تحديد مكانها على الخريطة، حيث كانت موجودة سابقًا. كل شيء أصبح مظلما. انتهى. تم محوه بالكامل". ويُعتبر هذا الإجماع الظاهري بشأن مسألة التعدين أمرًا غير معتاد، إذ غالبًا ما تختلف آراء الخبراء ووكالات الاستخبارات حول تقييم التهديدات والأضرار. ويشير بعض منتقدي الحرب إلى أن إيران كانت تعمل على عملية التعدين منذ زمن في مواقع أخرى، مثل موقع "ورامين"، وهو مركز أبحاث فككته إيران وقامت بتطهيره في عام 2004. لكن مثل هذه المواقع تُعتبر صغيرة غير مكتملة، أو مهجورة مقارنة بالمجمع الضخم الذي أُنشئ في أصفهان. "أضرار كبيرة" وأعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الخميس، أن الأضرار التي لحقت بمنشآت بلاده النووية بعد 12 يوما من الحرب مع إسرائيل "كبيرة"، في حين أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن البرنامج النووي الإيراني تراجع "عقودا". وعلى مدة 12 يوماً، اندلعت مواجهات متبادلة غير مسبوقة بين الجانبين، فيما أدت الحرب إلى تدخل أميركي في الصراع، إذ شنت الولايات المتحدة غارات وهجمات على 3 منشآت نووية، مساء السبت الماضي، طالت منشأة فوردو ونطنز وأصفهان. لترد طهران مستهدفة قواعد عسكرية في قطر والعراق، من دون تسجيل أية إصابات، قبل أن يعلن ترامب بعد ساعات وبشكل مفاجئ وقف إطلاق النار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store