
ما الذي عطّل الإعلان عن وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
أقارب قتلى فلسطينيين يتفقدون ما تبقى من أشلاء أقاربهم الذين قُتلوا في غارات إسرائيلية ليلية، في مستشفى ناصر في خان يونس، جنوب قطاع غزة، 12 يوليو/تموز 2025.
تعثرت محادثات وقف إطلاق النار في غزة، بعد أن تبادلت حماس وإسرائيل الاتهامات السبت، بعرقلة محاولات التوصل إلى اتفاق بعد قرابة أسبوع من بدئها.
واستبعد قيادي بارز في حركة حماس، في تصريح لبي بي سي، التوصل إلى وقف لإطلاق نار بين الحركة وإسرائيل خلال ساعات قريبة، نافياً ما رجحته مصادر صحفية حول اقتراب الإعلان عن اتفاق.
فيما قال مسؤول إسرائيلي لوكالة رويترز إن حماس متمسكة بـ"مواقف لا تسمح للوسطاء بالتقدم في الاتفاق"، بينما ألقت حماس باللوم على "المطالب الإسرائيلية" التي تعرقل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً.
وقالت مصادر فلسطينية وإسرائيلية مطلعة على المفاوضات التي جرت في الدوحة السبت، إن التقدم في المحادثات تعثر مع انقسام الجانبين حول نقطة انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع الفلسطيني.
عقدة "خرائط الانسحاب"
وخلال الجولة الخامسة من المحادثات، قيل إن المفاوضين الإسرائيليين سلموا الوسطاء رسالة مكتوبة تفيد بأن إسرائيل ستحافظ على "منطقة عازلة" محدودة داخل غزة يتراوح عمقها بين 1 إلى 1.5 كيلومتر.
وبحسب مسؤول فلسطيني حضر جولتين على الأقل من المحادثات، اعتبرت حماس هذا الاقتراح في البداية نقطة بداية محتملة للتوصل إلى تسوية.
لكن عندما طلبت حماس خريطةً تُحدد مناطق الانسحاب الإسرائيلية المقترحة، ناقضت الخريطة الرسالة السابقة، إذ أشارت إلى مناطق عازلة يصل عمقها إلى 3 كيلومترات في مناطق مُعينة.
وتشمل هذه المناطق، مدينة رفح الجنوبية بالكامل، وقرابة 85 في المئة من قرية خزاعة شرقي خان يونس، وأجزاء كبيرة من بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون الشماليتين، والأحياء الشرقية لمدينة غزة، مثل التفاح والشجاعية والزيتون.
وصرح مصدر فلسطيني لوكالة فرانس برس، بأن حماس رفضت خرائط الانسحاب التي اقترحتها إسرائيل، والتي من شأنها أن تجعل حوالي 40 في المئة من غزة تحت السيطرة الإسرائيلية، بما في ذلك كامل منطقة رفح الجنوبية وأراضٍ أخرى في شمال وشرق غزة.
وقال المصدر إن المقترح سيجبر مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين على التمركز في منطقة صغيرة قرب مدينة رفح، على الحدود مع مصر، مضيفاً أن "وفد حماس لن يقبل بالخرائط الإسرائيلية باعتبار أنها تُشرّع إعادة احتلال ما يقرب من نصف قطاع غزة، وتُحوّل غزة إلى مناطق معزولة بلا معابر أو حرية حركة".
أحد المفاوضين الفلسطينيين قال لبي بي سي، إن إسرائيل " لم تكن جادة بشأن هذه المحادثات. لقد استخدموا هذه الجولات لكسب الوقت وإعطاء صورة مضللة عن التقدم"، مشيراً إلى أن إسرائيل "تنتهج استراتيجية طويلة الأمد للتهجير القسري تحت غطاء التخطيط الإنساني".
في المقابل، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنه سيتم تقديم خرائط جديدة يوم الأحد، حسبما نقلت عن مسؤول أجنبي لم يُكشف عن هويته، ومطّلع على التفاصيل.
بينما قال مصدران إسرائيليان لوسائل إعلام إسرائيلية، إن حماس تريد من إسرائيل الانسحاب إلى الخطوط التي كانت تسيطر عليها في وقف إطلاق النار السابق، قبل أن تجدد إسرائيل هجومها في مارس/ آذار.
عقدة توزيع المساعدات
كما أضاف المصدر الفلسطيني لوكالة فرانس برس، أن قضايا المساعدات وضمانات إنهاء الحرب تُشكل أيضاً تحدياً في المفاوضات، مشيراً إلى الأزمة يمكن حلها بمزيد من التدخل الأمريكي.
وتصرّ حركة حماس على ضرورة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها عبر وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، بينما تدفع إسرائيل نحو توزيع المساعدات عبر "مؤسسة غزة الإنسانية" المثيرة للجدل المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة.
لكن وسطاء مشاركين في المفاوضات الحالية، قالوا لبي بي سي إن هناك "تقدماً محدوداً" في تقريب وجهات النظر حول هذه النقطة، ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بعد.
ولطالما طالبت حماس باتفاق لإنهاء الحرب بشكل كامل قبل إطلاق سراح الرهائن المتبقين، بينما أصرت إسرائيل على أنها لن تنهي القتال إلا بإطلاق سراح جميع الرهائن وتفكيك حماس كقوة مقاتلة تدير غزة.
وكانت كل من حماس وإسرائيل قد أعلنتا أنه سيتم إطلاق سراح 10 رهائن محتجزين في حال التوصل إلى اتفاق.
أما داخل إسرائيل، فخرجت تظاهرات إلى الشوارع في تل أبيب السبت، طالبت الحكومة بإبرام صفقة إطلاق سراح الرهائن.
Reuters
متظاهرون إسرائيليون يحملون لافتات تحمل صور رهائن ما زالوا في الأسر في غزة، احتجاجاً على موقف الحكومة الإسرائيلية 12 يوليو/تموز 2025.
استمرار إطلاق النار قرب مواقع توزيع المساعدات
وعلى الأرض، أعلنت هيئة الدفاع المدني في غزة عن مقتل 38 شخصاً على الأقل في أنحاء القطاع يوم السبت، بما في ذلك في غارة جوية ليلية على منطقة تؤوي النازحين.
وقال بسام حمدان لوكالة فرانس برس بعد الهجوم على منطقة بمدينة غزة: "بينما كنا نائمين، وقع انفجار حيث كان يقيم صبيان وفتاة ووالدتهما".
وأضاف: "وجدناهم ممزقين إرباً، وبقاياهم متناثرة".
كما أعلنت مستشفى ناصر في جنوب غزة مقتل 24 شخصا بالقرب من موقع لتوزيع المساعدات، فيما قال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية فتحت النار على فلسطينيين كانوا يحاولون الحصول على الطعام يوم السبت.
وقال محمود مكرم شاهد العيان، لرويترز: "كنا نجلس هناك، وفجأة بدأ إطلاق نار تجاهنا استمرّ مدة خمس دقائق، كنا محاصرين تحت النيران، وكان إطلاق النار مستَهدِفاً. لم يكن عشوائياً. أصيب بعض الأشخاص برصاصة في الرأس، وبعضهم في الجذع، وأصيب رجل بجواري برصاصة مباشرة في القلب".
وأضاف: "لا رحمة هناك، لا رحمة. يذهب الناس جائعين، لكنهم يموتون ويعودون جثثا في أكياس".
وأظهرت لقطات فيديو أكياس جثث في ساحة مستشفى ناصر محاطة بأطباء وأشخاص يرتدون ملابس ملطخة بالدماء.
وفي فيديو آخر، قال رجل إن الناس كانوا ينتظرون الحصول على مساعدة طبية عندما تعرضوا لإطلاق نار استمر مدة خمس دقائق، فيما اتهم أحد المسعفين القوات الإسرائيلية بـ"قتلهم بدم بارد".
من جهته أعلن الجيش الإسرائيلي يوم السبت أنه هاجم "حوالي 250 هدفاً إرهابياً في جميع أنحاء قطاع غزة" خلال الـ 48 ساعة الماضية.
وأضاف أن طائراته المقاتلة ضربت "أكثر من 35 هدفاً إرهابياً تابعاً لحماس" حول بيت حانون شمال غزة.
وفيما يتعلق باستهداف الفلسطينيين قرب موقع توزيع المساعدات، قال الجيش الإسرائيلي إن "مراجعته للحادث لم تجد أي دليل على إصابة أي شخص بنيران جنوده" بالقرب من الموقع.
بينما أشار مسؤول عسكري إسرائيلي إلى أن طلقات تحذيرية أطلقت لتفريق أشخاص اعتقد الجيش الإسرائيلي أنهم يشكلون مصدر تهديد.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنه سجل حتى الآن 798 حالة قتل مرتبطة بالمساعدات، بما في ذلك 615 حالة في محيط مواقع "مؤسسة غزة الإنسانية" التي تشرف عليها الولايات المتحدة وإسرائيل في مناطق جنوب ووسط غزة.
وكانت إسرائيل قد أطلقت - بعد رفع الحصار جزئياً عن القطاع في أواخر مايو/ أيار - نظاماً جديداً لتوزيع المساعدات، بالاعتماد على مجموعة مدعومة من الولايات المتحدة لتوزيع الغذاء تحت حماية القوات الإسرائيلية.
ورفضت الأمم المتحدة هذا النظام واعتبرته خطيراً بطبيعته، وانتهاكاً لمبادئ الحياد الإنساني، بينما تقول إسرائيل إنه يهدف لمنع المسلحين من تحويل مسار المساعدات.
ومنذ بداية الحرب في القطاع في أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل ما لا يقل عن 57882 فلسطينياً، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عين ليبيا
منذ ساعة واحدة
- عين ليبيا
رسوم ترامب تضرب مزارعي جنوب إفريقيا.. 35 ألف وظيفة مهددة بالضياع
قال مراقبون إن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على جنوب إفريقيا بنسبة 30% من المتوقع أن تلحق ضربة اقتصادية كبيرة بمجتمع المزارعين البيض، الذين رفعوا راية الدفاع عن أنفسهم واعتبروا أنفسهم مضطهدين. واستنادًا إلى مزاعم تقول بأن البيض في جنوب أفريقيا يتعرضون للاضطهاد، أقدم ترامب على قطع المساعدات عن البلاد، وانتقد رئيسها علنًا في المكتب البيضاوي، ودعا 'الأفريكانيين' (أحفاد المستوطنين الأوروبيين الأوائل) إلى الهجرة نحو الولايات المتحدة كلاجئين مرحب بهم. وبالنسبة للمزارعين الذين لا يزالون متجذرين في وطنهم ويسعون لمواصلة كسب رزقهم داخل أرضهم، فإن التعريفات الجمركية المقرر دخولها حيز التنفيذ في بداية أغسطس المقبل تمثل قضاء على أحلامهم. ونظرًا لأن حوالي 75% من الأراضي الزراعية الحرة في جنوب أفريقيا مملوكة للبيض، فإن مزارعيهم سيتكبدون خسائر مباشرة رغم أنهم ليسوا وحدهم المتضررين. وقال بوإيتشوكو نتشابيل، الرئيس التنفيذي لجمعية مزارعي الحمضيات في جنوب أفريقيا، إن الرسوم المفروضة بنسبة 30% ستتسبب في دمار للمجتمعات التي تخصصت لعقود طويلة في الإنتاج والتصدير للسوق الأميركية. وبسبب موقع جنوب أفريقيا في نصف الكرة الجنوبي، فإنها تنتج الحمضيات في أوقات لا تكون فيها متاحة في السوق الأميركية، مما يسمح بتوفير الفاكهة للمستهلك الأميركي على مدار العام. ورغم أن الولايات المتحدة تمثل نحو 6% فقط من صادرات الحمضيات الجنوب أفريقية، فإن بعض المناطق الزراعية تعتمد كليًا على السوق الأميركية، ولا يمكن توجيه تلك المنتجات بسهولة إلى أسواق أخرى بسبب اختلاف متطلبات الحجم والسلامة النباتية من دولة إلى أخرى. ووفقًا لبعض الجمعيات التجارية في جنوب أفريقيا، فإن عدم القدرة على التنافس في مجال تصدير الحمضيات إلى الولايات المتحدة سيؤدي إلى فقدان 35 ألف وظيفة.


عين ليبيا
منذ ساعة واحدة
- عين ليبيا
ليبيا والمملكة المتحدة تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك ودعم جهود الاستقرار
استقبل وزير الخارجية بالإنابة في حكومة الوحدة الوطنية الطاهر الباعور، اليوم الإثنين، بمقر الوزارة في طرابلس، وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية، هيمش فولكنر، والوفد المرافق له. وخُصص اللقاء لبحث العلاقات الثنائية بين ليبيا والمملكة المتحدة، وسبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، لا سيما في ما يتعلق بدعم المسار السياسي الليبي، والمساهمة في جهود ترسيخ الاستقرار، إلى جانب مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وأكّد الباعور على أهمية الشراكة الاستراتيجية مع المملكة المتحدة، مثمّنًا دعمها المتواصل لليبيا، خاصة في برامج التنمية وبناء القدرات. كما أشاد بدور المملكة المتحدة داخل مجلس الأمن الدولي، ولا سيما موقفها الداعم لوقف الحرب على غزة، وضرورة رفع الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية لسكان القطاع المحاصرين. من جانبه، جدّد الوزير فولكنر التزام المملكة المتحدة بدعم ليبيا في مساعيها لتحقيق الاستقرار والتقدم، مؤكدًا حرص الحكومة البريطانية على تعزيز العلاقات الثنائية على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. ويأتي هذا اللقاء في إطار التواصل المستمر بين حكومة الوحدة الوطنية وشركائها الدوليين، في سبيل تعزيز الاستقرار الإقليمي وتوحيد الجهود لدعم السلام والتنمية في المنطقة.


عين ليبيا
منذ ساعة واحدة
- عين ليبيا
الدبيبة يستقبل وزير الدولة البريطاني ويؤكد استمرار الجهود لفرض سيادة القانون
استقبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، صباح اليوم، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هاميش فولكنر، وذلك في إطار تعزيز التعاون الثنائي ومناقشة المستجدات السياسية والأمنية في ليبيا. وخلال اللقاء، أشاد الدبيبة بالمواقف الدولية الداعمة لخطة الحكومة في فرض سلطة الدولة، وعلى رأسها المملكة المتحدة، مثمنًا دعمها لمساعي توحيد القرار الأمني، وإنهاء التشكيلات الخارجة عن إطار المؤسستين الأمنية والعسكرية. كما أشار رئيس الحكومة إلى أن الجهود المبذولة لإعادة الاعتبار للولاية القضائية للدولة بدأت تُؤتي ثمارها، في ظل الإفراج عن عدد من المحتجزين خارج إطار القانون، تحت إشراف مباشر من مكتب النائب العام، ما يعكس الجدية في ترسيخ مبدأ سيادة القانون وإنهاء جميع مظاهر الاحتجاز غير المشروع. وتناول اللقاء أيضًا التطورات السياسية في ليبيا، إلى جانب سُبل تعزيز التنسيق مع الشركاء الدوليين في الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفق رؤية وطنية مستقلة تحترم السيادة الليبية. وعلى صعيد التعاون الثنائي، ناقش الطرفان مشاريع تطوير القطاع التعليمي، وخاصة مبادرة رئيس الوزراء لتجويد تعليم اللغة الإنجليزية في مختلف أنحاء البلاد، باعتبارها خطوة محورية نحو تمكين الشباب وتعزيز الانفتاح الأكاديمي الدولي. كما شدّد رئيس الوزراء على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتعليمي، وتهيئة الظروف المناسبة لتيسير حركة الأفراد وتعزيز الروابط المؤسسية، مشيرًا إلى ما ستوفره إعادة تشغيل مطار طرابلس الدولي من فرص لتفعيل الطيران المباشر وتيسير الخدمات القنصلية بين البلدين. وحضر اللقاء عن الجانب البريطاني سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا، فيما حضره من الجانب الليبي كل من وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، ووزير التربية والتعليم المكلّف علي العابد، وأمين عام ديوان مجلس الوزراء راشد بوغفة.