logo
الاتفاق النووي الإيراني في مهبّ آلية الزناد

الاتفاق النووي الإيراني في مهبّ آلية الزناد

القدس العربي ١٨-٠٧-٢٠٢٥
بعدما توقف أزيز الطائرات وسقوط الصواريخ الباليستية خلال حرب ال 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، انتقلت المواجهة عبر الشاشات والمواقع إلى فضاء حرب مشتقة بأسلحة أخرى: الاتفاق النووي الإيراني، الذي بعد عشر سنوات من توقيعه عام 2015، ما زال في قلب لجة الجدل الدولي. إذ بعد اتفاق إطلاق النار الهش بين الأطراف المتحاربة، حان الآن دور الثلاثي الأوروبي (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) ليصعّد من لهجته تجاه طهران، ملوّحاً بتفعيل ما يُعرف بـ» آلية استعادة العقوبات»، وهي الآلية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الصادر عام 2015، وتتيح لأي طرف من أطراف الاتفاق النووي – ومنهم الثلاثي الأوروبي – إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران إذا ما اعتبر أنها انتهكت التزاماتها وفق الاتفاق المعروف رسمياً بـ» خطة العمل الشاملة المشتركة» (JCPOA) .
هذا التهديد الأوروبي الذي جاء على خلفية تحذيرات متكررة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن زيادة تخصيب إيران لليورانيوم إلى مستويات تقترب من الاستخدام العسكري عند مستوى 90 %، وتعليقها تطبيق البروتوكول الإضافي، وتقليص التعاون مع المفتشين الدوليين قابلته إيران، عبر المتحدث باسم وزارة خارجيتها، إسماعيل بقائي، بالتحذير من أن أي تفعيل لهذه الآلية «سيواجه بردّ متناسب»، والذي اعتبر أن الموقف الأوروبي بأنه «مسيس، وعدائي، ولا يقوم على أسس قانونية».
الآلية الخطرة: كيف يقدح زناد «استعادة العقوبات»؟
آلية استعادة العقوبات تمثل سيفاً ذا حدّين. فقد أُدرجت ضمن اتفاق 2015 كنوع من الضمان للغرب، لتُستخدم إذا ما أخلّت إيران بالتزاماتها النووية. وتكمن خطورتها في أن استخدامها لا يتطلب موافقة مجلس الأمن، بل يتم تفعيلها تلقائياً بعد تقديم إشعار للأمم المتحدة من أحد الأطراف الموقعة على الاتفاق، على أن تُعاد جميع العقوبات السابقة خلال 30 يوماً ما لم يصدر قرار مخالف من مجلس الأمن (وهو ما لا يمكن حدوثه بسبب الفيتو الأمريكي المحتّم)، ما يعني فعلياً أن أي طرف من الموقعين يمكنه نسف الاتفاق من أساسه، دون الحاجة لتوافق دولي، مما جعل هذه الآلية تُوصف بأنها «زر التفجير الذاتي» في صلب الاتفاق النووي.
واشنطن تقصف بالقنابل
وأوروبا تقصف بالدبلوماسية
منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عهد دونالد ترامب عام 2018، حاول الأوروبيون لعب دور الوسيط، حفاظاً على الاتفاق كوسيلة لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، ولحماية مصالحهم الاقتصادية في سوقها الضخم (90 مليوناً). لكن التحولات الجيوسياسية، وتصاعد التوتر في الشرق الأوسط، وتزايد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، دفعت الأوروبيين تدريجياً نحو موقف أكثر تشدداً.
فالتهديد الأخير بإطلاق زناد آلية استعادة العقوبات يمثل تحولاً نوعيا في مواقف الثلاثي الأوروبي، انتقل بها من دائرة الوساطة إلى زاوية المواجهة. لكن كل هذا الصخب المنفعل ضد المشروع النووي الإيراني يبدو عجيباً للغاية إذا ما قورن بالصمت التام والمستمر حيال مشروع نووي سريّ في الجوار الإيراني أصبح من شبه اليقين أنّه أنتج بالفعل قنابل ذريّة: إنه المشروع النوويه الإسرائيلي.
أسد على نووي إيران
من المفارقات الكبرى في النظام الدولي أن العالم بأسره، وبالأخص الدول الغربية، يتعامل مع البرنامج النووي الإيراني كتهديد وجودي ويبذل بالتضامن الحثيث جهوداً سوبرمانية لمنع وصوله إلى مستوى العسكرة، بينما يصمت صمت الحملان حيال الترسانة النووية الإسرائيلية. إسرائيل، التي لم توقّع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تمتلك وفق تقديرات الخبراء ما بين 80 إلى 200 رأس نووي، وتحتفظ بسياستها المعروفة بـ» الغموض النووي»، فلا تنفي ولا تؤكد امتلاكها للسلاح الجبار، لكنها ترفض تماماً الخضوع لأي تفتيش دولي، وذلك في وقت يعاقَب فيه الشعب الإيراني اقتصادياً وسياسياً لمجرد امتلاك بلاده تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم على مستويات متدنية.
وبينما اتخمت شاشات التلفزيون وعناوين الصحف بالجدل حول تفاصيل المشروع الإيراني تنطفأ الأضواء، ويبهت الحبر، فلا يطرح أحد السؤال حول منشأة ديمونا، ولا يُناقش دور إسرائيل في تسعير سباق التسلّح الإقليمي، ولا يُلوّح بأي آلية لاستعادة عقوبات أو تجميد التعاون التكنولوجي والعسكري معها.
هذا التفاوت الصارخ في المعايير (الدّولية) يفتح الباب على آخره أمام قراءة سياسية لا تخفى على أحد: المسألة ليست تتعلق بمنع الانتشار النووي، بقدر ما هي مسألة احتكار للسلاح النووي في يد حلفاء الغرب، وتجريم لأي محاولة من خصومه لامتلاك أدوات الردع.
مآلات اتفاق 2015: ثلاث سيناريوهات محتملة
إيران تدرك أن استخدام آلية العقوبات هو بمثابة إعلان حرب دبلوماسي، وربما مقدمة لما هو أكثر. ولهذا فهي تستعد، كما تقول، لردّ «متناسب»، وقد يشمل رفع مستوى التخصيب إلى ما فوق 90٪ – حد السلاح النووي – والانسحاب الرسمي من معاهدة عدم الانتشار النووي وغيرها من الخطوات التي ستكون بمنزلة تحوّل جذري، يجعل المواجهة مع الغرب شاملة، ويقوّض ما تبقى من الهيكل الأمني الإقليمي.
في ظل التّهديدات الأوروبية، وتصلب الموقف الإيراني، تبرز ثلاثة سيناريوهات ممكنة لمصير الاتفاق النووي، أوّلها أن يمضي الثلاثي في تهديداته، ويفعّل آلية الاستعادة، فإن الاتفاق سيلقى عندئذ حتفه رسمياً، وستُعاد العقوبات الدولية على إيران، بما فيها حظر الأسلحة، والتجميد المالي، ما قد يدفع طهران إلى تسريع خطواتها نحو بناء قدرات نووية متقدمة تأخذها إلى العسكرة. وهذا السيناريو قد يفتح الباب لمواجهة إقليمية أوسع، وربما لعودة الولايات المتحدة إلى خيار «الضربات الوقائية»، أما ثانيها فقد يكون أن الثلاثي لجأ إلى استخدام التهديد بتفعيل الآلية كوسيلة ضغط فقط، دون نية حقيقية لتفعيله، على نية استعادة طهران إلى طاولة مفاوضات جديدة، تشمل ملفات أخرى مثل الصواريخ الباليستية والدور الإقليمي لطهران، وملف حقوق الإنسان. وهذا السيناريو يعتمد على مدى تجاوب إيران، وعلى توحيد مواقف الثلاثي المتنافرة أحياناً، أما ثالثها فتجاوز الاتفاق القديم نحو مبادرة دبلوماسية جديدة بقيادة أطراف ثالثة مثل الصين أو روسيا أو حتى بعض دول الخليج دوراً وسطياً لصياغة تفاهم بديل له، يضمن مراقبة البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع تدريجي للعقوبات، وإدماج إيران في ترتيبات أمنية إقليمية.
عن عدالة نووية مفقودة
إن مستقبل الاتفاق النووي الإيراني لم يعد مجرد قضية فنية تخص تخصيب اليورانيوم أو أجهزة الطرد المركزي، بل أصبح مرآة لانهيار منظومة العدالة الدولية في مجال الحدّ من انتشار الأسلحة. فطالما بقيت إسرائيل فوق القانون، وتمّ التساهل مع ترسانتها النووية، ستبقى كلّ اتفاقيات «عدم الانتشار» منقوصة ومزدوجة المعايير وفيها من الحوافز لدفع القوى الفاعلة إلى امتلاك ردعها الخاص ضد ترسانات الدول الكبرى.
إيران، كغيرها من الدول الطامحة إلى لعب دور إقليمي مستقل، ستقرأ هذا الصمت الدولي على النووي الإسرائيلي بوصفه ترخيصاً ضمنياً باحتكار الردع النووي، ما يدفعها دفعاً نحو الخروج من النظام العالمي القائم على الهيمنة لا على العدالة.
وما لم يُعاد النظر في هذه المعايير المزدوجة، فإن ما نشهده اليوم من توترات قد لا يكون إلا مقدّمة لحرب نووية باردة جديدة، تندلع هذه المرة من قلب الشرق الأوسط.
إعلامية وكاتبة لبنانية – لندن
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في مسألة السيادة والاستقلال
في مسألة السيادة والاستقلال

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

في مسألة السيادة والاستقلال

لا يُخفى على أحد أن ما تُعرف باسم "السيادة الويستفالية" مبدأ في أدبيات القانون الدولي، ينصّ على أحقّية كلّ دولة بفرض سيادتها في أراضيها. ظهر هذا المبدأ في أوروبا في أعقاب سلام ويستفاليا عام 1684، استناداً إلى نظرية الدولة عند الفيلسوف السياسي الفرنسي جان بودان (1595-1530)، وفكرة القانون الطبيعي عند القانوني، ورجل الدولة الهولندي هوغو غروتيوس ((1645-1583 ما شكّل لاحقاً الأساس الذي قام عليه ميثاق الأمم المتحدة في ما يخصّ عدم جواز التدخّل في مسائل تخضع للسلطة القانونية لأيّ دولة. هناك توافق عام بين علماء السياسة على أن سلسلة الاتفاقات التي شكلَّت بمجموعها سلام ويستفاليا كانت الأرضية التي بُني عليها النظام الدولي الحديث، وعلى وجه التحديد، عدم التدخّل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى. أي أن ما نعيشه اليوم هو مفهوم الدولة الويستفالية، بغضّ النظر عن النظام السياسي لهذه الدولة أو تلك. بيد أن الإشكالية التي يقدّمها هذا المفهوم تتمثّل في أنه في صميم تكوينه النظري وتطبيقاته العملية يقدّم في حقيقة الواقع تفسيراً مغلوطاً لمفهوم السيادة والاستقلال، التي يراها هذا المقال مجرّد مسمّيات لا وجود لها أصلاً. بالعودة إلى التاريخ، كانت حرب الثلاثين عاماً (1618 - 1648)، التي انتهت بتوقيع سلام ويستفاليا، صراعاً بين الكاثوليك الداعين إلى أن تكون أوروبا محميةً مسيحيةً يحكمها روحياً البابا وسياسياً إمبراطور صالح، مثلما كان الحال في الإمبراطورية الرومانية المقدّسة، من جهة، والإصلاحيين البروتستانت الذين رفضوا سلطة البابا الروحية ومثيلتها السياسية لأسرة هابسبورغ مطالبين بحقّ استقلال الدول جميعها، من جهة أخرى. هذا يدلّ على أن مفهوم ويستفاليا نشأ أصلاً من صراع مذهبي على السلطة في أوروبا ما قبل ظهور الحركات القومية. ولأن الحرب انتهت من دون حسم واضح لمصلحة أيّ من الطرفَين، جاءت معاهدة ويستفاليا تسويةً لا غالب ولا مغلوب فيها. اكتست فكرة السيادة الويستفالية أوائل القرن السابع عشر تحوّلات جوهرية كُبرى مع ازدياد حدّة التوترات السياسية والاقتصادية بين الدول الأوروبية اكتست فكرة السيادة الويستفالية أوائل القرن السابع عشر تحوّلات جوهرية كُبرى مع ازدياد حدّة التوترات السياسية والاقتصادية بين الدول الأوروبية، فقد فتح عصر الاستكشاف الطريق إلى موارد العالم الجديد، وانتشرت نظريات جديدة مثل المركنتلية الاستعمارية بين النُّخب السياسية، بالتزامن مع ظهور بواكير النزعة القومية الأولى التي ترعرعت في كنف الطبقة البرجوازية الأوروبية ورعايتها. أثمرت هذه التحوّلات الجديدة في القرن التاسع عشر افتراقاً تدريجياً للنظام الدولي عن نظيره الويستفالي القديم مع انتشار المكننة الصناعية، ومفهوم موارد الطاقة وديمومتها في اقتصاديات الدول. يلفت أندرياس أوسياندر في مقالته "السيادة، والعلاقات الدولية والأسطورة الويستفالية" (مجلة المنظّمة الدولية، المجلد 55، العدد 2، ربيع 2001)، إلى أن التصنيع هو ما أدّى إلى نشوء دوائر اقتصادية متكاملة ووسائل إدارتها بالتوازي مع ظاهرة القومية الحديثة بصفتها أيديولوجيا جامعة لا غنى عنها لهذا النمط السياسي الجديد، الذي يمكن توصيفه بالدول الكبرى، ليغدو مفهوم السيادة والاستقلال رمزاً للتنافس والصراع بين برجوازيات القوميات الأوروبية التي أنتجت ثقافةً عنصريةً لا تخلو في العديد من أدبياتها السياسية من جذور دينية. وعلى المنوال نفسه، انبرى عديدون من مفكّري القرن العشرين لإحياء المفهوم الويستفالي، ليكون مفتاحاً تأويلياً ومعيارياً يتلاءم مع التطوّر التكنولوجي وانعكاساته على الاقتصاد على نحو يعزّز الإدارة المركزية لوحدات جغرافية كُبرى، ويمنح سلطةً أكبرَ للحكومات المركزية، لتصبح كلّ دولة في حدّ ذاتها دائرةً اقتصاديةً وسياسيةً واجتماعيةً تتحكّم بها علاقات الصراع والتنافس في إطار تركيبة النظام الرأسمالي، وتعيد إنتاج مصطلح لم يقدّم أصلاً أيَّ مضمون عملي للسيادة والاستقلال، بل تحول ذريعةً للهيمنة وإخضاع الآخرين، وقاد أوروبا إلى حربَين مدمّرتَين. في هذه الحيثية تحديداً، أخذت الدولة في صميم تكوينها البنيوي المؤسّساتي دور المراقب الراعي للدورة الاقتصادية التي يتحكّم بها مالكو وسائل الإنتاج، الذين باتوا هم من يعطون مفهوم السيادة والاستقلال "الويستفالي" دلالاته الواقعية، أي أن مفهوم السيادة للدولة ذاته أصبح رهينة الرأسمال. ومن أكثر الأمثلة وضوحاً شركة الهند الشرقية التي وظّفت قدرات الأسطول الحربي البريطاني لتعزيز مصالحها في الهند، وعلى نحوٍ لا يختلف كثيراً عن الدور الجيوسياسي الراهن للأساطيل الأميركية في رعاية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط. كانت الاتفاقات التي شكلَّت سلام ويستفاليا أرضية بُني عليها النظام الدولي الحديث، لا سيما عدم التدخّل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى في هذا الإطار، تتلاعب سوزان سترينغ بكلمة ويستفاليا (Westphalia) لتحوّلها باللغة الإنكليزية إلى " إخفاق الغرب" (Westfailure)، في عنوان مقالتها "نظام إخفاق الغرب" (لندن، مجلة الدراسات الدولية، العدد 25، 1999)، التي أشارت فيها إلى أن تنامي مفهوم السيادة لهذه الدول وتأثيره على المجتمع والاقتصاد كان نتيجةً للتنافس في ما بينها أولاً على الأرض، ومن ثمّ السعي إلى تحقيق التفوق الصناعي والمالي، ومتطلّبات الإنتاج الرأسمالي القائم على آلية السوق. هذا التنافس، كما تقول الباحثة البريطانية، كان سبباً في نشوء ثلاث مشكلات كبرى، لا يستطيع النظام الويستفالي بطبيعته أن يحلّها، وهي الاضطرابات المالية، والكوارث البيئية، واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. أي أن إخفاق النظام الويستفالي ليس سوى إخفاق النظام الرأسمالي نفسه، ودوره في تدمير كلّ ما يتعلّق بالسيادة والاستقلال. لعلّ المشكلة الأساس التي أفرزها المفهوم الويستفالي لسيادة الدولة واستقلالها على رقعتها الجغرافية هي التي تحدّث عنها الفيلسوف الإنكليزي توماس هوبز (1679-1588) في كتابه "الإنسان والمواطن" (نيويورك، دبل داي، 1972) بقوله إن الإنسان كائن ينظر إلى محيطه من باب المصلحة الذاتية، الأمر الذي يستدعي ضرورةً أن تتوافق سيادة الدولة مع مجتمع بشري تتعدّد مصالح أفراده الذاتية التي ترتكز أساساً على قانون الطبيعة، بمعنى استمرارية الحياة. وهذا بدوره يدللّ على أن مشكلة الحكم السياسي تتمثّل في وضع الضوابط التي تنظّم هذه المصالح. أي أن الفرد بالنسبة إلى هوبز "نتاج مجتمع ينظّم حياته"، وكيفية التوفيق بين القانون الطبيعي والعقد الاجتماعي. لهذا السبب سقطت فكرة الاكتفاء الذاتي بصفتها تطبيقاً عملياً لفكرة السيادة والاستقلال التي انتشرت بكثرة في ثلاثينيات القرن الماضي في أوروبا، وتحديداً ألمانيا، التي كانت فيها هذه القضية مسألةً مركزيةً بالنسبة إلى الحزب النازي، وفي مقدمتهم جوزيف غوبلز، الذي كتب قائلاً إن أمّةً لا تستطيع أن تسيطر على فضاء وموارد وقوى طبيعية ضرورية لحياتها المادية، لا بدّ أن تسقط في فخّ الاتكال على دول أجنبية، وتخسر سيادتها واستقلالها. بيد أن المفارقة المثيرة للسخرية أن النازيين وظّفوا مسألة الاكتفاء الذاتي شعاراً لإخضاع الدول الأخرى ومواردها ضمن أيديولوجيا النقاء العرقي. هل يختلف كلام غوبلز عما ردّده الرئيس الأميركي ترامب بشأن الموارد الطبيعية في غرينلاند، والاستيلاء عليها بحجّة أهميتها للولايات المتحدة؟ والسؤال نفسه ينطبق على التدخّل الفرنسي في أفريقيا تحت شعار الفرانكوفونية لتوفير المواد الخام لمصانعها. لا يمكن لأيّ دولة أن تكون مستقلّة تماماً عن دولة أخرى، إلا في الشكل القانوني أو السياسي من هذا المنطلق، تبدو ثنائية السيادة والاستقلال، بوصفها معياراً ثابتاً في العلاقات الدولية، أمراً صعب التحقيق، إن لم يكن مستحيلاً، لعدّة أسباب أولها القوة والمصلحة القومية، كما يقول ألكساندر ويندت في كتابه "النظرية الاجتماعية للسياسة الدولية" (كيمبردج، 1999). يشير الباحث الأميركي إلى أن جميع الدراسات ما بعد الحرب العالمية الثانية فسّرت القوة بأنها مراكمة المقدرات العسكرية لتحقيق المصلحة الوطنية بصفتها رغبةً أنانيةً في امتلاك النفوذ والثروة والأمن. إن كانت هذه الأسباب شكّلت العامل المادي في إعادة رسم العلاقات الدولية كما يقول الباحث الأميركي، إلا أن ثمّة عنصرا جديدا دخل إلى الإرث الويستفالي متجسّداً بالتطوّر الهائل لتكنولوجيا المعلومات التي باتت وسيلةً جديدةً تقوّض السيادة والاستقلال بأدوات ناعمة لزعزعة المجتمعات من الداخل، وإعادة قولبتها ثقافياً بما يخدم غايات جيوسياسية ومراكمة الأرباح الاقتصادية، مع التنويه بأن توظيف تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال هو سلاح ذو حدَّين، ما دامت هذه الوسائل قادرةً على تخطّي الحدود بسرعة البرق. إذا عدنا في جردة حساب تاريخية للمفهوم الويستفالي، يمكن للمراقب أن يلاحظ أولاً أن هذا المفهوم لم يكن يوماً معياراً عملياً للسيادة والاستقلال، وثانياً أن البرجوازيات القومية الأوروبية أسهمت في توظيف السيادة والاستقلال لخدمة الجشع الرأسمالي. بعبارة أخرى، لا يمكن لأيّ دولة (صغيرة أم كبيرة) أن تكون مستقلّة تماماً عن دولة أخرى، إلا في الشكل القانوني أو السياسي. في كتابه "نظرية السياسة الدولية" (كاليفورنيا، أديسون ويزلي، 1979)، يرى الأكاديمي الأميركي كينيث والتس ما يمكن تلخيصه بالقول إن العالم كلّه مكوَّن من وحدات تعتمد على بعضها بعضاً بدرجات مختلفة، تحدّدها ضروريات الحياة نفسها. إذ لا يمكن لأيّ دولة أن تحمي حدودها إلا بالتعاون مع دولة أخرى، كما لا يمكنها توفير ما تحتاجه من موارد لا تمتلكها إلا بالاعتماد على دولة أخرى. بيد أن الفهم الخاطئ لفكرة التعاون والاعتماد على الآخر ينبع، كما يقول والتس، من نقطتين هما، أولاً كيف يؤثّر اختلاف البنية المكوِّنة لدولة ما في معنى ومفهوم التطوّر والتنمية، أي كيف يمكن للتركيبة الاجتماعية والثقافية أن تفسّر هذا التعاون والتبادل المصلحي؟ وتتعلق النقطة الثانية بدرجة التعاون نفسها، قياساً إلى مقدرات دولة ما. بيد أن المشكلة الأساس التي نراها الآن في أمثلة عديدة تكمن في أيديولوجيا فائض القوة لدى دولة ما، تفسّر سيادتها واستقلالها استعباداً للآخرين.

كمبوديا تدعو إلى وقف إطلاق النار مع تايلاند وحل سلمي للخلاف
كمبوديا تدعو إلى وقف إطلاق النار مع تايلاند وحل سلمي للخلاف

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

كمبوديا تدعو إلى وقف إطلاق النار مع تايلاند وحل سلمي للخلاف

أعلن سفير كمبوديا في الأمم المتحدة الجمعة أن بلاده تريد "وقفاً فورياً لإطلاق النار" مع تايلاند، بعد أن تبادلت الدولتان الجارتان ضربات دامية لليوم الثاني على التوالي. وقال السفير الكمبودي تشيا كيو، عقب اجتماع مغلق لمجلس الأمن حضره ممثلو كمبوديا وتايلاند: "طلبت كمبوديا وقفاً فورياً لإطلاق النار - من دون شروط - وندعو أيضاً إلى حل سلمي للخلاف". وأدت المواجهات العنيفة ، التي تجددت اليوم الجمعة في مناطق مختلفة على طول الحدود بين تايلاند وكمبوديا ، إلى إجلاء أكثر من 138 ألف مدني في الجانب التايلاندي، وفق بانكوك، التي حذرت من أن هذه الاشتباكات "قد تتحول إلى حرب"، وقال المتحدث العسكري التايلاندي الأدميرال سوراسانت كونجسيري اليوم إن الاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا جرت في 12 موقعاً على حدودهما المتنازع عليها، ما يشير إلى اتساع نطاق النزاع الذي اندلع أمس الخميس، وأضاف المسؤول العسكري التايلاندي في مؤتمر صحافي أن كمبوديا واصلت استخدام الأسلحة الثقيلة. وأدى الخلاف الحدودي بين البلدين، الواقعين في جنوب شرقي آسيا، في اليومين الأخيرين إلى مستوى عنف غير مسبوق منذ العام 2011 مع مشاركة طائرات مقاتلة ودبابات وجنود على الأرض وقصف مدفعي في مناطق مختلفة متنازع عليها. وأشارت وزارة الصحة التايلاندية إلى سقوط 15 قتيلاً، بينهم عسكري، وأكثر من أربعين جريحاً من الجانب التايلاندي. وقالت كمبوديا من جانبها إن رجلاً في السبعين قتل وأصيب خمسة أشخاص بجروح، وفق ما أفاد ناطق باسم سلطات مقاطعة أودار مينشي الحدودية في شمال غربي البلاد، في أول حصيلة رسمية من الجانب الكمبودي. وحذّر رئيس الوزراء التايلاندي بالوكالة بومتام ويشاياشاي من أن الاشتباكات الحدودية مع كمبوديا "قد تتحوّل إلى حرب"، موضحاً أنه "إذا ما شهد الوضع تصعيداً، فهو قد يتحوّل إلى حرب، حتّى لو كانت الأمور تقتصر الآن على اشتباكات". وقالت وزارة الصحة التايلاندية اليوم إن أكثر من 138 ألف مدني أخلوا مناطق مشمولة بالاشتباكات تقع في شمال شرقي البلاد. وأعلن رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، الذي يتولّى بلده الرئاسة الدورية لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، التي تضمّ تايلاند وكمبوديا، أنه تحادث مع نظيريه في كلا البلدين. وفي منشور على موقع فيسبوك رحب إبراهيم، الذي طالب "بوقف فوري لإطلاق النار" وحلّ سلمي للتوتّرات، بما وصفه بـ"مؤشّرات إيجابية وبعزم بانكوك وبنوم بنه على السير في هذا المسار". وبعد بضع ساعات على هذا المنشور، تجدّدت المعارك في ثلاث مناطق قرابة الرابعة فجراً بالتوقيت المحلي، وفق ما أفاد الجيش التايلاندي. تقارير دولية التحديثات الحية الصين تراقب عن كثب الصراع بين تايلاند وكمبوديا وتحذر من التصعيد وقصفت القوّات الكمبودية بأسلحة ثقيلة ومدفعية ميدان وأنظمة صواريخ "بي ام-21"، وفق ما أعلن الجيش، في حين ردّت القوّات التايلاندية بـ"طلقات دعم مناسبة". ويتبادل البلدان الاتهامات بشأن من بادر أوّلاً بإطلاق النار، مع التشديد على حقّ كلّ منهما في الدفاع عن النفس. واتّهمت بانكوك بنوم بنه باستهداف منشآت مدنية، مثل مستشفى ومحطّة وقود، وهو ما نفته السلطات الكمبودية. واستعانت تايلاند بعدّة طائرات قتالية من طراز "اف-16" لاستهداف ما تصفه بالأهداف العسكرية الكمبودية. ويدور خلاف بين كمبوديا وتايلاند منذ زمن بعيد حول ترسيم الحدود بينهما التي تمتد على أكثر من 800 كيلومتر وحُددت بموجب اتفاقات أثناء الاحتلال الفرنسي للهند الصينية. وبين 2008 و2011 أدت الاشتباكات حول معبد برياه فيهيار، المدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو والذي تطالب به الدولتان، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 شخصاً ونزوح الآلاف. وأيّدت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة كمبوديا مرّتين، الأولى في 1962 والثانية في 2013، بشأن ملكية المعبد والمنطقة المحيطة به. (فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)

لعنة غزّة تطاردهم
لعنة غزّة تطاردهم

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

لعنة غزّة تطاردهم

بينما تزايدت الآمال الحذرة في الأيام القليلة الماضية بقرب التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزّة، بعد أن حسم الرئيس دونالد ترامب أمره، ومارس ضغوطاً على ضيفه بنيامين نتنياهو، جعلت هذا الأخير يغيّر نبرته، ويعلن استعداد حكومته لتوقيع اتفاقٍ قريباً، فإن هذه الآمال المشروعة لم تحجب أصواتاً لشخصيات دولية ناقدة لسلوك كلٍّ من نتنياهو وترامب، الذي أدّى إلى إطالة الحرب، وفق نهج التطهير العرقي، وإزهاق آلاف الأرواح البريئة، مع محاولات محمومة لا تتوقّف من واشنطن وتل أبيب، لمصادرة الاعتراضات وشيطنتها، وإظهار أن من الطبيعي في زماننا وعصرنا أن تنفجر حرب إبادة، بينما من الشذوذ والنشاز أن يندلع السخط على هذه الوحشية. كان نتنياهو قد استغلّ زيارته واشنطن، فأهدى مضيفه الرئيس ترامب رسالة ترشيح إسرائيلية لسيّد البيت الأبيض لنيل جائزة نوبل للسلام، فالترشيح صادر من جهة والغة في سفك الدماء، وغير مؤهّلة لمثل هذه التزكية، غير أن مسؤولاً دولياً غادر منصبه الرفيع قبل أشهر، ممثّلاً أعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وهو جوزيب بوريل، غرّد في المناسبة: "مجرم حرب مطلوب للعدالة الدولية (نتنياهو) يقترح منح جائزة نوبل للسلام لأكبر مورّد أسلحة (ترامب)، والذي يتسبّب من خلالها في أكبر تطهير عرقي في المنطقة". لم يبدر للحقّ أيّ تعليق أو ردّة فعل من ترامب على سخاء نتنياهو، الذي يؤدّي إلى نتيجة معاكسة للادّعاءات بتقليل فرص ترامب (الضئيلة أصلاً) للحصول على هذه الجائزة الرفيعة، علماً أن صحيفة هآرتس كانت كشفت في اليوم نفسه (الثلاثاء الماضي) وثائقَ أميركيةً تفيد بأن واشنطن تُنفق مئات ملايين الدولارات مساعداتٍ عسكريةً لإسرائيل، ما يجعل الرئيسَين، جو بايدن ودونالد ترامب، شريكَين في هذه الحرب الوحشية. ومن المفارقات أن ترامب أخذ، في الآونة الماضية، ينعت الحرب على غزّة بأنها وحشية، من دون أن يمنعه ذلك عن استقبال من يقود هذه الحرب بحرارة. أما السياسي الإسباني جوزيب بوريل، فدأب (حتى قبل أن يغادر منصبه) على توجيه إدانات حازمة إلى نتنياهو وحكومته، ما أحرج القادة الأوروبيين، وجعلهم يتخبّطون في مواقفهم وردّات فعلهم. وقد شهد الأسبوع الماضي، إلى جانب المباحثات الشاقّة في البيت الأبيض، صدور قرار من الخارجية الأميركية بفرض عقوبات ضدّ مقرّرة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الأكاديمية الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز، نتيجة أدائها مهامّها بنزاهة وأمانة، وبخاصّة توثيقها المنتظم لوقائع حرب الإبادة، وفي تقريرها الصادر في يوليو/ تموز الجاري، اتهمت المقرّرة الأممية أكثر من 60 شركة عالمية، بينها شركات أسلحة وتكنولوجيا معروفة، بدعم الأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزّة، والمستوطنات في الضفة الغربية. وورد في تقريرها أن الشركات المعنية، وبينها لوكهيد مارتن وليوناردو وكاتربيلر وإتش دي هيونداي، إلى جانب عمالقة التكنولوجيا، مثل "غوغل" (ألفابت) و"أمازون" و"مايكروسوفت"، ضالعة في تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدّات أو تسهيل أدوات المراقبة، ما يسهم في دمار غزّة وفي انتهاكات حقوق الإنسان فيها. لم يجد وزير الخارجية ماركو روبيو ما يردّ به على التقرير سوى نعت جهودها بأنها "غير شرعية ومخزية"، وأنها تهدف إلى شنّ حرب اقتصادية على الولايات المتحدة وإسرائيل. وهذا من دون أن ينكر الوزير ما ورد في التقرير أو يسعى إلى تفنيده، ومن دون أن يلوّح بالقضاء أو بتحقيق ما، وفحوى ردّه أن ما تفعله شركات بلاده ومديروها غير قابل للنقاش أو الاعتراض عليه من أيّ أحد في العالم، بما في ذلك الأمم المتحدة وكبار مفوَّضيها. أخذ ترامب، في الآونة الماضية، ينعت الحرب على غزّة بأنها وحشية، من دون أن يمنعه ذلك عن استقبال من يقود هذه الحرب بحرارة أمّا الصوت الناقد الثالث، وسط أجواء الآمال الحذرة، فقد صدر مجدّداً من الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الذي كتب مقالاً في "الغارديان"، وردّ فيه أن العالم ظلّ ينظر خلال 600 يوم إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يقود حملة تدمير في غزّة، ويصعّد الصراع الإقليمي، ويقوّض القانون الدولي، من دون اتخاذ أي إجراء. بهذا لخّص قائد كولومبيا المعضلة، فقد صدرت مواقف ناقدة هنا وهناك ضدّ نتنياهو وحكومته وحربه، ولكنّها لم تقترن بأيّ إجراء، الأمر الذي استغلّه مجرم الحرب لإطالة حربه وتوسيعها. وكانت كولومبيا قد قطعت علاقاتها مع تل أبيب في مستهل مايو/ أيار من العام الماضي في إجراء بليغ، ضدّ من يستسهلون شنّ تطهير عرقي، فيما بادرت بوليفيا قبل ذلك في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بقطع علاقاتها مع دولة الاحتلال. وقد ذكّر الرئيس بترو (في مقاله) دول العالم بأنها سبق أن حذّرت من خلال الجمعية العامة باتخاذ إجراءات ضدّ القوة الغاشمة، ولكن هذه الدول لم تفعل شيئاً، ولم تترجم تحذيراتها قراراتٍ، وبطبيعة الحال (وهذا ما لم يرد في مقال الرئيس) فإن بينها العديد من الدول العربية والإسلامية. الحرب الوحشية لم تنته بعد، وتداعياتها مستمرّة، وتفاعلاتها متواصلة تحت السطح وفوقه في الأثناء، وخلال الأيام الماضية من أسبوع الآمال والآلام (سقط مئات الضحايا الإضافيين في غزّة)، سقط خمسة جنود من القوات الغازية في القطاع، فأدّى هذا الحادث وردّات الفعل عليه إلى توقيف صحافي إسرائيلي (الأربعاء الماضي)، كتب في حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يتابعه أكثر من مائة ألف شخص، في اليوم السابق (الثلاثاء)، أن "العالم أصبح أفضل هذا الصباح من دون خمسة شبّان شاركوا في واحدة من أبشع الجرائم ضدّ الإنسانية". ومع أن الشرطة الإسرائيلية لم تكشف هويَّة صاحب المنشور، فقد ذكرت القناة 12 العبرية أنه يسرائيل فري، المعروف بمواقفه المناهضة للحرب على غزّة، ورفضه الخدمة العسكرية، ويعمل لحساب وسيلة إعلام أجنبية. كان فري، وهو متديّن إسرائيلي، قد أضاف في منشوره: "للأسف! بالنسبة للطفل في غزّة الذي يخضع الآن لعملية جراحية من دون تخدير، أو الفتاة التي تموت جوعاً، وللعائلة المتجمّعة في خيمة تحت القنابل، هذا كلّه لا يكفي"، موجّهاً نداءً للأمهات الإسرائيليات بعدم إرسال أبنائهن إلى الحرب. وهكذا، فإن الحرب الوحشية لم تنته بعد، وتداعياتها مستمرّة، وتفاعلاتها متواصلة تحت السطح وفوقه، وفي شوارع الغرب وميادينه وجامعاته ومنتدياته، وفي الفضاءات الشاسعة للمنصّات البصرية والمسموعة، وهذا هو التغيير الذي لم يتوقّعه نتنياهو وبقية مجرمي الحرب في تل أبيب، ومن يشدّ أزرهم في واشنطن وبرلين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store