
اليوم التالي للحرب بين إسرائيل وإيران
ويرى دبلوماسي أوروبي سابق أن الوضع بين أمريكا و"إسرائيل" من جهة وإيران من جهة أخرى شديد الخطورة، حيث لا يمكن منع ذهاب إيران إلى مشاريع الظل بعيدًا عن عيون الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا بتنازلات مغرية تقدم لها أقلها قبول تخصيب اليورانيوم بصورة شرعية، وإنهاء حرب غزة ولبنان بما يريح حلفاء إيران، والتأقلم مع برنامج إيران الصاروخي.
وترى المصادر الدبلوماسية الغربية أن السبب لضرورة تقديم إغراءات لطهران هو أن الحرب فشلت، ولم يعد ممكنًا تكرارها، حيث لا قدرة على ذلك بقياس الأوضاع الداخلية، والقدرات العسكرية اللازمة لكل من أمريكا و"إسرائيل" بعدما استُخدِمت كل الطاقة المتاحة عسكريًا واستخباراتيًا، واستُنفِدت.
وتقول المصادر إن المشكلة هي اللاعقلانية الأمريكية الإسرائيلية، والتمسك بسقوف عالية، وخطاب عالي النبرة، ما يعني أن الأمور ذاهبة بإيران إلى مزيد من بناء القوة، والتحالفات الإقليمية والدولية بدأت تظهر معالمها مع موقف الصين وروسيا من تقديم السلاح بسخاء لإيران.
ومن ناحية أخرى، تقيم دول المنطقة بدقة ما جرى بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، وتضع مصالح المنطقة ككل نصب أعينها، ويشمل ذلك، قبل كل شيء، استقرارها، الذي يرتكز بالأساس على الحفاظ على علاقة متوازنة مع إيران، وهو ما أثبتت الحرب أنه "الخيار السليم"، لأنه جنب الدول العربية، وخاصة دول الخليج ويلات الحرب.
ويرى بعض الخبراء الغربيين أن دول الخليج لاحظت بوضوح أن إيران فقدت جزءًا كبيرًا من قدرتها على التهديد، وذلك بعد ضعف الميليشيات الموالية لها مثل حزب الله وحماس والجماعات الموالية لإيران في العراق. واختفاء سوريا من قائمة حلفاء إيران.
ويذهب هؤلاء للقول إنه "في ظل هذه الخلفية، يبدو من المنطقي، بطبيعة الحال، من وجهة نظر دول الخليج، مقاربة هذا الطرف الضعيف، وإن كان لا يزال بالغ الأهمية، في المنطقة. ومع ذلك، ليس لديهم أي مصلحة في إضعاف النظام هناك بشكل سريع، ناهيك عن الإطاحة به وما ينتج عنه من فوضى".
وعلى الأرجح أن الدول العربية في اللحظة الراهنة لا تريد بأي صورة من الصور أن تغرق إيران في الفوضى، وترغب في تسوية خلافاتها مع طهران، وأن تقوم العلاقات الطبيعية بين الطرفين على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.
ولقد توصلت دول المنطقة بعد سلسلة طويلة من الحروب المدمرة في المنطقة أنها أول من يدفع الثمن، وأن ثمن الفوضى وعدم الاستقرار والحروب الأهلية والإرهاب "باهظ الثمن"، ويدركون في عواصم الخليج أن اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران مرة أخرى، وتورط أمريكا سيكون كارثيًا، وربما سوف تتعرض لآثار عنيفة من تداعيات الحرب، وذلك لأنهم غير محميين مثل إسرائيل بنظام دفاعي فعال.
ومنذ وقت طويل، يخشون من ذلك، ولهذا السبب فقد سعوا دائمًا عبر الولايات المتحدة الأمريكية إلى منع إسرائيل من التصعيد.
وفي الوقت نفسه، تركز دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، على عدم التصعيد مع جميع جيرانها، والمملكة العربية السعودية تقوم بعملية توازن منذ 7 أكتوبر 2023، كما يقول سيباستيان زونس، الخبير في شئون دول الخليج في مركز كاربو للأبحاث في بون. وبهذا المعنى فقد سعت إلى العمل كمنصة للحوار في مختلف النزاعات، وعقدت العديد من القمم الكبيرة حول قضايا منها حرب غزة، وشارك فيها بانتظام ممثلون إيرانيون أيضًا. وهذه النشاطات الدبلوماسية تعتبر إلى حد ما جزءًا من نموذج العمل السعودي، الذي يركز على التقارب بدلًا من النزاع.
ولهذا السبب فإن التصعيد بين إيران وإسرائيل يمثل أسوأ سيناريو بالنسبة للسعودية، كما يقول زونس: "لأن السعودية ستجد نفسها حينئذ نوعًا ما في عين العاصفة، وهي تخشى من احتمال وقوع هجمات على أراضيها". وبحسب زونس، تخشى السعودية من إمكانية استئناف هجمات ميليشيات الحوثيين اليمنية والموالية لإيران. إذ إن الرياض لا تزال تتذكر هجوم هذه الميليشيات على منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو السعودية في سبتمبر 2019؛ ولهذا فقد زاد تصميم السعودية على تطوير علاقاتها مع إيران.
ويقول زونس إن "الهدف من ذلك هو الانتقال من تقارب يُعتبر على الأرجح تكتيكيًا إلى تقارب إستراتيجي، وتوسيع التعاون في مجالات عدة، مثلًا في مجال الأمن. والسعودية لا تزال في الوقت نفسه لا تثق بإيران. ولديها تحفظات تجاه جارتها، وهذا يزيد من صعوبة تقييم الوضع الحالي بالنسبة للرياض.
ومن جانبها تدرك إيران حجم وميراث سوء الفهم والقضايا الخلافية مع دول المنطقة، وحرص الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على تعزيز التقارب مع دول الجوار، وأكد في اتصال هاتفي مع سلطان عمان مؤخرًا أن بلاده تعتبر جميع دول الجوار والمنطقة أشقاء، وليس لديها أي نية لمواجهتهم.
وفي تصريحات أخرى، أوضح بزشكيان حرص حكومته على تحسين العلاقات مع دول الجوار، وأن أولويتنا توفير الأرضية المناسبة للاستثمار في إيران، وتحسين علاقاتنا.
وأعلن بزشكيان ترحيبه بكل تقارب مع السعودية، وأكد أنه يجب أن نتبادل الزيارات مع السعودية، وأضاف الرئيس بزشكيان أن بلاده سوف تسعى لتحسين العلاقات مع السعودية ومصر والأردن. كما اعتبر تركيا دولة شقيقة وقريبة، مؤكدًا أنه يجب أن تكون العلاقة ممتازة معها ويجب تعزيز العلاقات الاقتصادية معها. وقال يمكن لتركيا أن تصل عبر إيران إلى باكستان وأفغانستان.
ويبقى أن الإرث ثقيل، والمخاوف لم تتبدد كلها، ولذلك لا بد من الحوار الصريح، وإجراءات بناء الثقة بين إيران والدول العربية. اليوم وليس غدًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 20 دقائق
- نافذة على العالم
ترامب يستقبل نتنياهو ويؤكد: لا عراقيل أمام الهدنة في غزة
الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على مأدبة عشاء خاصة في البيت الأبيض. وقبل بداية المأدبة، قال ترامب للصحفيين إن حركة حماس "تريد وقف إطلاق النار" في غزة، ولا أعتقد أن هناك عراقيل أمام وقف إطلاق بين حماس وإسرائيل والأمور تسير بشكل جيد. وقبل ذلك، عقد نتنياهو اجتماعين مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو والمبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف، وفقاً لمكتب رئيس الوزراء. وعقدت المحادثات في "بلير هاوس"، بيت الضيافة الرئاسي القريب من البيت الأبيض ومن المقرر أن يزور ترامب مبنى الكونجرس يوم للثلاثاء للقاء زعماء مجلس النواب والشيوخ.


الدستور
منذ 24 دقائق
- الدستور
ترامب: سوف يجنح الطرفان الإسرائيلى والفلسطينى لوقف لإطلاق النار بغزة
استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في البيت الأبيض، وذلك وفقًا لما أفادت به قناة القاهرة الإخبارية. ترامب: نعمل على إحلال السلام وإنهاء الكوارث بالعالم وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إننا نعمل عن كثب لإحلال السلام وإنهاء الكوارث التي يشهدها العالم، وسوف ننجز تهدئة بالشرق الأوسط. ترامب: توجد فرصة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط وأضاف ترامب، أنه توجد فرصة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وسوف يجنح الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني لوقف لإطلاق النار بغزة. وتابع ترامب: "عرضنا الحالي لإنهاء الحرب في قطاع غزة قد يكون الأخير".


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
أخبار العالم : جيش الاحتلال: صافرات إنذار تدوى فى مناطق إسرائيلية قرب غزة
الثلاثاء 08/يوليو/2025 - 01:31 ص 7/8/2025 1:31:15 AM كشف الجيش الإسرائيلي، عن دوي صفارات الإنذار في مناطق إسرائيلية قرب غزة - حسب وسائل إعلام. وتجرى مشاورات لوقف حرب غزة، إذ أعلن البيت الأبيض أن "الأولوية القصوى" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب هي إنهاء الحرب في غزة وتحرير الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، قبل اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الاثنين. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت للصحفيين إن المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف سيتوجه في وقت لاحق من هذا الأسبوع إلى قطر حيث تجري مباحثات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس.