
بين الدبلوماسية والقنبلة.. مستقبل البرنامج النووي الإيراني إلى أين؟
ويتناقض ذلك مع مزاعم سابقة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذين أشاروا إلى أن الهجمات دمرت المنشآت النووية الإيرانية، ومع ذلك، أصبحت الشكوك حول ما تبقى من البرنامج النووي الإيراني نقطة خلاف في السياسة الأمريكية. وفي طهران، صرّح المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بأن الهجمات الأمريكية والإسرائيلية لم تحقق أي إنجازات، وصرح وزير الخارجية عباس عراقجي للتلفزيون الرسمي الإيراني بأن طهران تكبدت أضراراً جسيمة وخطيرة. وفي حين تُقر كل من واشنطن وطهران بتضرر المواقع النووية الإيرانية، إلا أنهما تختلفان في مدى الضرر، وهو تقييم يُنظر إليه على أنه أساسي لفهم الاتجاه المستقبلي للبرنامج النووي الإيراني.
أولاً: خلفية التصعيد فى البرنامج النووى الإيرانى
شكلت الحرب الإسرائيلية الأمريكية تصعيدًا حادًا في نزاعٍ استمر عقودًا حول البرنامج النووي الإيراني. فمنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام ٢٠١٥ في عام ٢٠١٨، يُزعم أن إيران وسّعت برنامجها النووي، منتهكةً بذلك حدود التخصيب والمخزون. مع ذلك، تنفي طهران سعيها لامتلاك أسلحة نووية، مُصرّةً على أن برنامجها مدني وسلمي. وركّزت التقييمات الأولية للضربات الأمريكية والإسرائيلية بشكل أساسي على مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية في فوردو ونطنز، ومنشأة تحويل اليورانيوم في أصفهان. ويبدو أن النتائج تستند إلى صور الأقمار الصناعية وتقارير استخباراتية، حيث خلصت إلى أن هذه المواقع تعرّضت لأضرار جسيمة جراء ضربات عسكرية دقيقة، ما أدى إلى تعطيل عمليات التخصيب والمعالجة بشكل كبير.
ومع ذلك، لا يزال حجم الأضرار الدقيقة داخل هذه المواقع غير واضح في غياب التقييم الإيراني، الذي لم يُقدّم بعد. وصرح مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل روفائيل غروسي، بأن الضربات الأمريكية والإسرائيلية ألحقت أضرارًا جسيمة بالمنشآت النووية الإيرانية، وإن لم تكن كاملة، وأن إيران قد تستأنف تخصيب اليورانيوم في غضون أشهر. وفي الواقع، يُشكّل مصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة ٦٠٪، والبالغ ٤٠٨.٦ كيلوجرام، مع تحديد مستويات قريبة من مستوى الأسلحة عند ٩٠٪، شكوكًا أخرى، وتشير بعض التقارير إلى أن إيران ربما تكون قد نقلت اليورانيوم لحمايته من الهجمات.
وكان آخر مرة تم فيها التحقق من اليورانيوم عالي التخصيب في أصفهان قبل الهجمات الإسرائيلية. أن إيران أرسلت مذكرة إلى الوكالة قبل ثلاثة أسابيع تُفيد بأنها ستنقل اليورانيوم إلى مواقع مُحصّنة في حال تعرضها لهجوم، لكنها لم تكشف عن الموقع الجديد. بغض النظر عما إذا كانت منشآتها قد تضررت بشدة أم لا، فمن غير المرجح أن تتخلى إيران عن برنامجها النووي.
يمكن لإيران إعادة بناء أجهزة الطرد المركزي المدمرة بسرعة نسبية، لكن تعويض أي مخزون يورانيوم مفقود سيستغرق وقتًا أطول بكثير. علاوة على ذلك، وعلى الرغم من اغتيال العلماء والغارات الجوية على المنشآت النووية، فمن المرجح أن إيران لا تزال تحتفظ بالمعرفة والقدرة الصناعية لمواصلة برنامجها النووي.
كانت إحدى الخطوات الأولى التي اتخذتها إيران بعد حرب الـ١٢ يومًا مع إسرائيل والولايات المتحدة هي موافقة مجلس صيانة الدستور على مشروع قانون برلماني لتعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن ليس إنهائه. كما هددت إيران أيضاً خلال الحرب التي استمرت ١٢ يوماً، بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، لكنها لم تتخذ أي إجراء حتى الآن.
ثانياً: توتر العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
لطالما واجهت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة انتقادات داخل إيران، ولا سيما فيما يتعلق بمدير الدولية للطاقة الذرية روفائيل غروسي؛ حيث اعتقدوا أن تقرير الوكالة الصادر في مايو الماضي منح إسرائيل ذريعة لشن هجومها، وخاصة فيما يتعلق بانتهاك التزاماتها بموجب البرنامج النووي، وخاصة فيما يتعلق بالتراكم السريع لليورانيوم عالي التخصيب" لدى إيران باعتبار مصدر قلق.
وبعد بدء الضربات الإسرائيلية، أوضح غروسي أنه لا يوجد دليل على أن إيران تُطوّر سلاحًا نوويًا. وبالنظر إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب ما زال موجوداً، فمن المرجح أن تُجدّد إسرائيل الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لاتخاذ المزيد من الإجراءات العسكرية، وإن لم يكن ذلك فورًا. ولكن حتى في حال تدميره، فمن المرجح أن تُحوّل إسرائيل تركيزها إلى حثّها على توجيه ضربات إلى برنامج الصواريخ الإيراني أو القدرات العسكرية التقليدية الأوسع لإيران. وفي هذا السياق، يتضح أن مساعي إسرائيل لمواصلة العمل العسكري ضد إيران قد لا تتوقف.
ثالثاً: دبلوماسية أم ردع نووى
لقد صدم الهجوم الأمريكي الإسرائيلي القيادة الإيرانية والرأي العام على حد سواء، مما دفع بعض المتشددين إلى الدعوة إلى تعزيز التسلح النووي، الأمر الذي أوجد توجهاً أقوى لدى بعض الإيرانيين للتحرك في هذا الاتجاه. ومن هذا المنطلق من المتوقع أن يراقب الإسرائيليون والأمريكيون عن كثب ما تفعله إيران في الأشهر المقبلة، وربما حتى السنوات المقبلة، لأن رغبة إيران في تطوير رادع نووي تبدو أقوى بكثير مما كانت عليه في الماضي.
وفي هذا السياق، من المرجح أن يتحول النقاش الداخلي لصالح من يدافعون عن بناء أسلحة نووية بدلاً من استخدام البرنامج كأداة للمساومة، ومع ذلك، لا يزال هناك سبيل لمنع هذه النتيجة، لكن ذلك يتطلب اتفاقاً جديداً من المرجح أن يمنح إيران تخفيفًا أكبر بكثير للعقوبات مقارنةً بالاتفاقات السابقة. فالعودة إلى المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة الأمريكية قد تظل صعبة بالنسبة لطهران، مع تزايد الحذر، نظرا لأنها كانت تتفاوض بالفعل مع واشنطن من خلال الوساطة العمانية عندما شنت إسرائيل هجومها بموافقة أمريكية.
لكن الدبلوماسية مع إيران لا تزال ضرورية، لأن الهجمات العسكرية يبدو أنها لم تُحل الضربات العسكرية القضية النووية مع إيران. ومن المرجح أن جهود قطر والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قد تُمهّد الطريق لاستئناف المحادثات، وقد تعود إيران إلى المفاوضات إذا تضمنت شروط ما بعد الحرب ضمانات أمنية، ومساعدات اقتصادية، ودوراً إقليمياً موسّعاً. ومن المرجح أن تتجاوز أي محادثات جديدة الاتفاقات السابقة، وتعمل على موازنة حقوق إيران في تخصيب اليورانيوم مع الرقابة الغربية.
وفي النهاية: يمكن القول إن عدم اليقين بشأن إمكانية العودة إلى المفاوضات، إلى جانب الحرب الكلامية المستمرة، إلى أن كل من واشنطن وطهران يُعيدان تقييم استراتيجياتهما وتحديد مواقفهما بعد حرب الأيام الاثنى عشر، قبل أن تتخذ الدبلوماسية مسارها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- العين الإخبارية
إيران على طاولة ترامب ونتنياهو.. موعد لمحادثات السلام ورفع العقوبات
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنّه يأمل بأن تكون الحرب بين إسرائيل وإيران قد انتهت، مؤكدًا أن واشنطن حددت موعدًا للمحادثات مع إيران. جاءت تصريحات ترامب خلال عشاء خاص جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، مساء الإثنين، في إطار لقاء تناول تطورات غزة والملف الإيراني وملفات إقليمية أخرى. وقال ترامب للصحفيين: «آمل أن تكون الحرب بين إسرائيل وإيران قد انتهت»، مشيرًا إلى استعداده لرفع العقوبات الأمريكية الصارمة عن طهران «في الوقت المناسب». وتابع: «أود أن أتمكن، في الوقت المناسب، من رفع تلك العقوبات ومنحهم فرصة لإعادة البناء، لأنني أود أن أرى إيران تبني نفسها من جديد بطريقة سلمية، لا أن تستمر في ترديد شعارات مثل: الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، مثلما كانوا يفعلون». كما أكد ترامب أن واشنطن حددت موعدًا لمحادثات مع إيران، دون ذكر تفاصيل، لكنه أضاف: «آمل ألا نضطر إلى شن ضربة أخرى على إيران». نتنياهو: سنواصل الدفاع عن أنفسنا من جانبه، علق نتنياهو على احتمالات تغيير النظام الإيراني قائلًا: «هذا الأمر متروك للشعب الإيراني». وأضاف أن إسرائيل ستواصل الدفاع عن نفسها ضد أي تهديدات تأتي من طهران أو من وكلائها في المنطقة. لقاء أمريكي–إيراني مرتقب وفي السياق ذاته، قال مبعوث ترامب الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إن اجتماعًا مرتقبًا بين الولايات المتحدة وإيران سيُعقد «الأسبوع المقبل أو نحو ذلك»، ضمن جهود أمريكية لفتح قنوات تفاوض جديدة بعد التصعيد الأخير. تأتي هذه التصريحات بعد أسابيع من غارات أمريكية على مواقع نووية إيرانية دعمت بها واشنطن إسرائيل في مواجهة استمرت 12 يومًا. وقد ساهم هذا الضغط العسكري في تهدئة الأوضاع مؤقتًا، ما دفع واشنطن إلى استكشاف مسار دبلوماسي موازٍ. وفي وقت تتجه فيه الأنظار إلى ملف غزة، يبقي البيت الأبيض أعينه مفتوحة على إمكانية التهدئة مع طهران، شرط أن تُظهر إيران تغيّرًا في سلوكها الإقليمي، بحسب تصريحات الإدارة. aXA6IDgyLjIzLjIxNy4xNTUg جزيرة ام اند امز CH


العين الإخبارية
منذ 2 ساعات
- العين الإخبارية
«صانع السلام».. نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل
تم تحديثه الثلاثاء 2025/7/8 04:28 ص بتوقيت أبوظبي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الإثنين، أنه رشّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام. وقدم نتنياهو لترامب، خلال عشاء خاص جمعهما في البيت الأبيض، نسخة عن رسالة الترشيح الرسمية التي بعث بها إلى لجنة نوبل، قائلاً: "الرئيس ترامب يصنع السلام في هذه الأثناء، في بلد تلو الآخر، وفي منطقة تلو الأخرى". وعلّق عليها ترامب قائلًا: «لفتة مؤثرة». ويأتي هذا الترشيح في وقت يتوسط فيه ترامب لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، ويسعى أيضًا لإعادة إطلاق مفاوضات دولية متعثرة، من ضمنها الملف النووي الإيراني وأزمات أخرى في المنطقة. وتلقّى ترامب في السابق عدة ترشيحات من مشرعين ومؤيدين له لنيل الجائزة المرموقة، إلا أنه لم يُمنحها قط، وهو ما عبّر مرارًا عن انزعاجه منه، خاصة على خلفية ما يصفه بدوره في: حلّ النزاعات بين الهند وباكستان، وصربيا وكوسوفو. تسهيل اتفاقيات السلام بين إسرائيل وعدة دول عربية ضمن ما عُرف بـ"الاتفاقيات الإبراهيمية". تهدئة التوترات بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة. ورغم عودة ترامب إلى البيت الأبيض قبل أكثر من 5 أشهر، فإن الحرب في أوكرانيا والقتال المستمر في قطاع غزة لا يزالان دون انفراج حقيقي، في وقت تسعى فيه إدارته لإحراز تقدم دبلوماسي يعزز صورته كـ"صانع سلام"، وهي الرسالة التي يعتمد عليها في حملته الانتخابية المقبلة. aXA6IDgyLjI0LjIyNi4xMTYg جزيرة ام اند امز PL


البوابة
منذ 4 ساعات
- البوابة
نتنياهو يريد آلية مع الولايات المتحدة لمنع إيران من إعادة بناء برنامجها النووى
أفادت صحفية "جيرزاليم بوست" الإسرائيلية، بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم طلب موافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على شن غارات جديدة على إيران، حال حاولت الأخيرة نقل يورانيوم مُخصب من المواقع التي ضربتها الولايات المتحدة الشهر الماضي. ونقلت الصحيفة عن مسؤول لم تسمه قوله إن الهدف هو الحصول على تفويض مُماثل للوضع في لبنان، أي أنه في حال اكتشاف أي نشاط مشبوه في المواقع النووية، أو وجود أدلة على نقل اليورانيوم من المناطق التي تعرضت لقصف طائرات حربية أمريكية وإسرائيلية، فستكون هناك موافقة أمريكية مُسبقة على التحرك ضده. وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف الإسرائيلي هو إنشاء آلية بقيادة الولايات المتحدة تهدف إلى منع إيران من إعادة بناء برنامجها النووي.