
ماجد الثبيتي: لا يزعجني أن يُقال عني قاص أو شاعر والكتابة لا تبشّر بالكاتب
شعرتُ أثناء تنسيق هذا الحوار مع الشاعر اللافت للانتباه ماجد الثبيتي، أنني أقرأ قصيدة لم أقرأ مثلها من قبل، ففي كل إجابة لقطات شاعرية فاتنة، تأخذُ بتلابيب القلب والذائقة إلى فضاء لا حدود لجماله، ولعلّ أوّل ما لفتني لتجربة ضيف هذه المساحة، ما قاله لي في حوار الشاعر الكبير قاسم حداد، بأن ماجد الثبيتي من أهم الأسماء التي يراهن عليها، إضافةً لاستشعاري قدراته وهو يعلّق على ومضة كتبتُها، بإيراد اسم الشاعر الراحل «سركون بولص»، وسيجد القارئ الموضوعي هنا، تأكيداً لصدق الانطباع عن تجربة تستحق أن نشيد بها ونفاخر.. فإلى نصّ الحوار:
• هل للبيئة المكانية والحاضنة الاجتماعية أثر في رسم مسار حياتك؟
•• بلا شك، كانت العائلة هي الينبوع الأول، الذي تدفقت منه علاقتي بالكلمة. نشأت في بيئة تحتفي بالقصص الشعبية والمحاورات الشعرية والمرويات الشفهية، وكانت المجالس تمثل ما يشبه المنصة الثقافية الحقيقية التي يُتداول فيها الكلام بوعيٍ جمالي. ربما لم أكن أدرك وقتها أن هذا التعرّض المبكر سيؤسس لحساسيتي تجاه اللغة، لكنه تراكم ببطء في الذاكرة والوجدان، وصار جزءاً من البنية الداخلية لتجربتي. والحق أن المحاورات الشعرية و«ملاعب الشعراء» التي تقام في الطائف كانت فضاءً ثقافياً مذهلاً وذات أثر، سواءً تلك التي كانت تقام بحفلات الزواج، أو المسجلة على أشرطة الفيديو مثل حفلات «المغترة» بالثمانينيات وسواها من حفلات الزواج المسجلة. لقد أعطتني اعتباراً عميقاً للشعر والفن. وهي في الحقيقة لا تزال مادة ثقافية أصيلة لم تأخذ حقها من الدراسة والبحث المعرفي الذي تستحق.
• متى كانت الكتابة الأولى المبشّرة بك؟
•• ربما كان ذلك في المرحلة الثانوية حين كتبت أول قصة طويلة بعنوان «أرجوحة الذكرى بين مساءين»؛ كانت محاولة قصصية، لكنّ نزعة التجريب فيها بدت لي لاحقاً وكأنها بصمة واضحة للأسلوب الأدبي الذي انطلق منه. ثم جاءت مجموعتي القصصية الأولى «الفهرست وقصص أخرى»، التي فازت بالمركز الأول في جائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2009، لتمنحني دفعة قوية نحو الاستمرار، وتدشين الإعلان الرسمي عن اسمي في الأوساط الأدبية. لكن بالعموم أعتقد أن الكتابة دوماً لا تبشّر بالكاتب فقط، بل تخلقه من جديد في كل تجربة.
• بمن تأثرتَ في البدايات؟
•• لم أكن ممن ينشأون على مشروع شعري أو أدبي محدد، وهذا أنقذني -بشكل ما- من فخ الاستلاب. كنت قارئاً مزاجياً، أتصفح أكثر مما أقرأ بعمق، وألتقط ما يشبه الشذرات من كتب متفرقة. تأثرت بطريقة غير مباشرة ببعض الأساليب الشعرية والأدبية المختلفة لا بأسلوب محدد على وجه التحديد. أما التحول الحقيقي فكان مع الأدب المترجم، خصوصاً في فترة لاحقة عبر قصيدة النثر الأمريكية والأوروبية، التي كشفت لي جماليات متنوعة وتجريبية لا علاقة لها بالقوالب الموروثة.
• الاختزال، فطرة لديك أم موهبة طوّرتها؟
•• أعتقد أنه مزيج بين الفطرة والممارسة. بطبيعتي أميل إلى التكثيف، إلى ترك البياض يقول ما لا تقوله الجملة. التجريب في قصيدة النثر، واشتباكي مع الفن المعاصر، دفعاني إلى الإيمان بأن الفراغ جزء من التكوين، وأن الصمت أحياناً أبلغ من الامتلاء.
• بماذا يمكننا الفصل بين قصة قصيرة جداً، وقصيدة نثر؟
•• القصة القصيرة جداً تعتمد على حدث أو مفارقة أو حبكة وإن كانت مضمرة، بينما قصيدة النثر لا تبحث عن ذروة، بل تتكئ على الإيقاع الداخلي والصورة والدهشة. القصة القصيرة جداً في الغالب تقودك إلى نهاية، أما قصيدة النثر فهي اقتراح مفتوح، يقودك إلى احتمالات. لكن المنطقة بينهما ملتبسة، وغالباً ما تكون هناك نصوص هجينة يصعب تصنيفها.
• هل يزعجك وصفك بالقاص الشاعر؟
•• لا يزعجني أن يُقال عني قاص أو شاعر، لكنه توصيف يعود إلى مرحلة كانت الهوية الإبداعية تُعرَّف من خلال جنس أدبي محدد (قاص- شاعر- روائي- ناقد). اليوم، مع التحولات التي يشهدها الفن والأدب، وانفتاح الأنواع الفنية والأدبية على بعضها البعض، لم تعد هذه التصنيفات كافية لفهم طبيعة الممارسة، بل ظهرت تصنيفات جديدة، مثل: كاتب متعدد التخصصات (Interdisciplinary writer)، فنان مفاهيمي (Conceptual artist)، ممارس سردي (Narrative practitioner)، شاعر وسائط جديدة (New media poet)، كاتب تجريبي (Experimental writer)، وأنا أعرّف نفسي أحياناً كمبدع متعدد التخصصات، أشتغل على تقاطع الشعر والسرد والفنون المعاصرة، وأهتم بتجريب الأشكال وتوسيع حدود اللغة والوسيط. ما أكتبه قد يأخذ شكل قصيدة، أو قصة، أو بيان شعري/ فني، لكنه في جوهره محاولة لفهم العالم عبر أدوات متداخلة. لذلك، لا أرفض التصنيف التقليدي، بل أضعه ضمن سياقه، وأترك النصوص تنطق بهويتها، دون فرض تصنيف مسبق، أو تأطير لاحق، الأمر متروك للنقاد والقراء كذلك، ولا يشغلني أو يزعجني هذا الأمر إطلاقاً.
• ما رأيك في تسامح البعض مع تداخل الأجناس الأدبية؟
•• أراه موقفاً صحياً ومنتجاً. في زمن تتكسر فيه الحدود بين الفنون والأنواع، يصبح من الطبيعي أن نرى نصوصاً مشوشة للمنظومات النقدية التقليدية. لا عيب في أن يستعير النص تقنيات من السرد أو من الشعر أو حتى من البيان الفني، المهم هو ما يقوله النص، لا ما يُقال عنه.
• أين يقف نصك من التحولات الكبرى؟
•• أحاول أن يظل نصي واقفاً على الحافة. لا أطمح إلى تمثيل لحظة ما، أو تسجيل موقف مباشر، لكنّني أؤمن بأن الكتابة الجيدة لا تنفصل عن الزمن، وإن لم تكتب عنه صراحة. نصي يقف في المسافة بين الفردي والعام، بين سؤال الداخل وتحوّلات الخارج، وغالباً ما أستخدم المفارقة والصدمة والطرافة، كأدوات لقول ما لا يُقال بطرق مباشرة تخصني لوحدي.
• ما الذي يمكن أن يعبّر عنه شاعر بين ثنائية الوجود والعدم؟
•• الشاعر هو أكثر الكائنات عُرضة لملامسة هذه الثنائية. لا أكتب الشعر بحثاً عن إجابات، بل لأنه يمنحني فرصة لطرح الأسئلة التي لا يجرؤ عليها الكلام العادي. قصيدة النثر تحديداً هي المساحة التي يمكن للذات أن تقيم فيها بين الحضور والغياب، بين أن تكون تماماً أو لا تكون.
• النص يأتيك أم تأتيه؟
•• نلتقي أنا والنص في منطقة محايدة دوماً، اسمها الانتباه الجديد. الانتباه المختلف جذرياً للمعتاد واليومي والشائع من وجهة نظر حديثة ومعالجتها عبر الكتابة والفن بما يخالف التوقعات أو بما يعطي لها معاني لم تخطر على بال من قبل. لا أؤمن بملاحقة النصوص، بل باستقبالها. والكتابة الجيدة لا تحدث دائماً عندما تريد، بل عندما تكون حاضراً لما لا تعرف.
• كيف اتخذت من قصيدة النثر خياراً أبدياً؟
•• لم أخترها بقصدية مصطنعة. يمكنني القول إنها هي من اختارتني. كل ما أكتبه كان ينسجم معها بشكل طبيعي، دون أن أقرر ذلك مسبقاً. مرونتها، وتنوعها، وقدرتها على احتواء القصة والتأمل والشذرة والصرخة، جعلتني أجد نفسي فيها. قصيدة النثر لم تطلب مني أن أكون غيري، بل منحتني ما يكفي لأكون نفسي.
• أيّ مدارس الفنّ الحديث تتقاطع مع تجربتك وتتقاطع معها؟
•• تجربتي تتقاطع بشكل واضح مع الفن المفاهيمي، وفي فترة مبكرة بالسوريالية غير اللغوية. وكل اتجاه يعطي الأولوية للفكرة على الوسيط. أكثر ما يشدّني هو الفن الذي يزعزع المألوف ويعيد مساءلته. أحياناً أكتب نصاً بعد أن أرى مشهداً بصرياً، أو أُنجز عملاً فنياً بعد قراءة نص شعري. بين القصيدة والعمل الفني هناك ملامح متشابهة.. ربما هو الإحساس بأن الفكرة هي التي تقود، لا الوسيط. ولعل أبرز مثال على ذلك هي البيانات الفنية للفن المعاصر.
• هل ينحصر دور النص النثري في التكثيف؟
•• التكثيف إحدى أدواته، لكنه ليس غايته. قصيدة النثر قادرة على أن تكون مشهداً، فكرةً، مونولوجاً، أو حتى خيالاً تجريبياً. أحياناً تتمدد وتتراخى، ثم تعود لتقبض على القارئ في لحظة غير متوقعة. والأنماط التي تندرج تحت قصيدة النثر الحديثة مفتوحة ومذهلة في تنوعها ومرونتها على تحويل كل شيء إلى قصيدة النثر.
• ما أقوى سلاح تمتلكه قصيدة النثر؟
•• الحرية. لا تخضع لقافية، ولا تلتزم بتقاليد جاهزة. قصيدة النثر لا تخجل من التناقض، ولا تطلب الإذن. فيها فسحة لكل شيء: التأمل، السخرية، الصدمة، التلاعب اللفظي، الحكمة والمأثور وحتى العبث.
• ماذا عن العلاقة مع الآباء المؤسسين؟
•• علاقتي بهم نقدية أكثر منها عاطفية. تعثرت مع كثير من كتاباتهم، خصوصاً حين تتضخم اللغة وتتحول إلى متاهة. ربما لأنني أبحث في النص عن أثر إنساني أكثر من حذلقة لغوية. لست قادراً على تحديد اسم واحد يمكنني تسميته أباً مؤسساً لما أكتب في الحقيقة.
• هل أثقلك إطراء قاسم حداد عندما أشاد بتجربتك؟
•• بالعكس، كان ذلك الإطراء دافعاً داخلياً مهماً. حين قال، في لقاء صحفي أعقاب فوز محمد الثبيتي بجائزة عكاظ، إنه اكتشف «ثبيتياً جديداً»، شعرت أن ما أكتبه في عزلتي وصل إلى ضفة أخرى. لم يُثقلني ذلك، لكنه جعلني أكثر حرصاً على أن أكتب بصدق، لا استجابة لأي إشادة أو تصنيف. كما كان له فضل في نشر نصوصي الشعرية بموقع جهة الشعر قبل الجميع.
• أين ومتى تشعر بالطمأنينة على نصك؟
•• حين لا أضطر للدفاع عنه. عندما يُراودني بعد كتابته، أو يدهشني بعد قراءته من جديد. حين أشعر أن فيه طبقة لم أكن أقصدها، لكنه حملها دون وعي. هذه هي الطمأنينة: أن يكون النص أذكى مني. وأكثر حيوية رغم مرور وقت على كتابته.
• ما مدى أهمية الغنائية في قصيدتك؟
•• الغنائية إن كنت تقصد النزعة العاطفية والذاتية في القصيدة، وفي عموم الكتابة الأدبية التي أشتغل عليها لها أهمية رغم أنها ترد بشكل غير مقصود في بعض الأحيان والنصوص. ما يعنيني هو أن تكون النبرة صادقة ومتناغمة مع ما يقوله النص، سواء كانت غنائية أو لا.
• من هم أبرز الشعراء الذين أثروا وأثّروا في قصيدة النثر محلياً وعربياً؟•• محلياً: إبراهيم الحسين، عبدالرحمن الشهري، محمد خضر، وكذلك محمد السعدي.. وأيضاً ضيف فهد لو تم الانتباه للعديد من نصوصه أنها تمثل قصيدة نثر حديثة جداً وغير مسبوقة. عربياً: عماد أبو صالح، سركون بولص، عباس بيضون، وديع سعادة، ميثم راضي، سكينة حبيب الله. جميعهم ساهموا في توسيع حدود قصيدة النثر العربية، كل بطريقته.
• كيف تقيّم تجربتك في مسابقة المعلّقة؟
•• تجربتي في «المعلّقة» كانت مغامرة. أتاح لي البرنامج تقديم اسمي عبر قصيدة النثر لجمهور عريض، لم يكن معتاداً عليها. ولم أكن أتخيل الوصول له حتى على المستوى الاجتماعي الذي يخصني، صحيح أن الإطار تنافسي ومسرحي، لكنه فتح حواراً ضرورياً حول هذا النوع الشعري، وأضاء أصواتاً جديدة كانت تستحق أن تُسمع. والحق أنها على مستوى شخصي كانت أشبه بتجربة اختبار لي وللجنة التحكيم، وباعتقادي لم ينجح أحد منا.
• ممّ تخشى على الفن والإبداع؟
•• أخشى من التنميط، من الذائقة المعلّبة، من جثث تجلس في الصفوف الأمامية محلياً. ومن تحوّل الإبداع إلى أداء وظيفي. أخشى أن نخاف من الصدمة، أو نخجل من الطرافة. الإبداع يجب أن يبقى فعلاً حيوياً وحديثاً وجريئاً، لا أداءً مكرراً.
• ما الذي تحرص على الاحتفاظ به وسط هذه التجارب المتعددة بين الشعر والفن؟
•• أحرص على أن أبقى في منطقة مثيرة إبداعياً، حتى لو كانت بعيدة عن الضوء. لا تعنيني التصنيفات، ولا أجد لذة في التماهي مع تيار بعينه. أكتب بمزاجية وعلى مهل، وأعرض أعمالي كيفما اتفقت اللحظة، لا لأن لدي موعداً للنشر أو العرض.
• ما الذي يميّز صوتك داخل نصك أو أعمالك الفنية؟
•• ثلاثة ملامح أعتقد أنها تميّز تجربتي: المفارقة، الصدمة، والطرافة. هذه ليست تقنيات فقط، بل مواقف ذاتية. أحب للنص أن يربك القارئ، يضحكه في لحظة، ويترك فيه وخزة في اللحظة التالية. هذه المساحة الهجينة هي، كما أظن، أكثر ما يعبر عني.
• ما الجديد الذي تُعدّ له؟
•• أعمل حالياً على مجموعتي الشعرية الجديدة، التي أرجو أن تكون إضافة نوعية إلى القصيدة التي أحب، قصيدة النثر، ولكن من زاوية جديدة ومعاصرة، تواكب تحولات العالم الحديث، وسرعته، ووعي قرائه المتطورين. كما أنجز في الوقت نفسه أعمالاً فنية جديدة، لا تزال في طور الإعداد والنشر.
أخبار ذات صلة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 31 دقائق
- صحيفة سبق
مُجسّمات فنية عالمية تُزيّن بحيرة الأربعين وتجسد الهوية البصرية في جدة التاريخية
تزيّنت بحيرة الأربعين في جدة التاريخية بمجسّمات فنية عالمية، أضفت بعدًا جماليًا وإبداعيًا يُبرز التقاء الفن المعاصر بعراقة المكان، وأسهمت في تعزيز حضور المدينة على خارطة الثقافة العالمية، ضمن رؤية تسعى إلى إعادة اكتشاف الهوية البصرية للمنطقة من خلال الفنون. وتضم جدة التاريخية 14 مجسمًا فنيًا عالميًا، أُدرجت ضمن المشهد البصري في إطار جهود وزارة الثقافة بالتعاون مع أمانة جدة لإحياء المنطقة، وإبراز هويتها الثقافية, وتمثّل هذه المجسمات نتاجًا تفاعليًّا حيًّا بين الماضي والحاضر، وتجسيدًا لمشهد بصري متكامل يُجسد روح المدينة وتاريخها العريق. ومن أبرز المجسمات التي تحتضنها بحيرة الأربعين، عمل الفنان فيكتور فاساريلي بعنوان "وهم المكعب الثاني"، ومجسم "رووج" و"مرونة التوازن" للفنان ألكسندر كالدر، ومجسم "كتلة دائرية" للفنان أرنالدو بومودورو، إلى جانب مجسم "الطائر" لخوان ميرو، ومجسم "إعطاء وتلقي الحب" للفنان لورينزو كوين، الذي يعبّر عن القيم الإنسانية من خلال تكوينات نحتية بصرية مؤثرة. وجاءت هذه الأعمال ضمن مسعى فني لتوظيف المساحات العامة كونها مراكز مفتوحة للفنون، وتتيح للزائر تجربة حسية تتفاعل فيها العراقة المعمارية مع الحداثة الفنية، في مشهد يرسّخ جدة التاريخية بصفتها وجهة نابضة بالثقافة. وأسهمت هذه المجسمات في تشكيل ملامح الهوية البصرية الحديثة لجدة، عبر إدخال عناصر فنية على البيئة الحضرية تعزز من جاذبيتها، وتربطها بثقافة المكان, كما تُعدُّ جزءًا من تحولات كبرى شهدتها المدينة خلال العقود الماضية، كان للفنون فيها دور محوري في الانتقال من الطابع التقليدي إلى مشهد بصري عالمي. ويُظهر انتشار المجسمات حول ميدان الثقافة المجاور للبحيرة؛ رؤيةً ترتكز على دمج الفنون في المشهد اليومي للمدينة، وتحويل المناطق التراثية إلى منصات نابضة بالحياة الثقافية والإبداعية. ويشكّل هذا المشروع الفني أحد أوجه التعاون المؤسسي؛ الهادفة إلى جعل جدة التاريخية مركزًا للتجارب الثقافية، ووجهة تستقبل الإبداع من مختلف أنحاء العالم, ويعزز من حضور الفنون في تشكيل الهوية الحضرية، ويُسهم في رفع مستوى الوعي العام بقيمة الجماليات البصرية ضمن البيئة الحضرية. وتُجسّد المجسمات الفنية المنتشرة في جدة التاريخية روح المكان، وتفتح آفاقًا جديدة للتعبير الثقافي، وتؤكد أهمية الفنون في إعادة تشكيل المدن على نحو يعكس خصوصيتها التاريخية وتطلعاتها المستقبلية، ضمن رؤية تسهم في تحفيز الحراك الثقافي، وتكريس جدة كونها مدينة ذات بعد إنساني عالمي.


مجلة هي
منذ ساعة واحدة
- مجلة هي
دليل السياحة في فالنسيا إسبانيا 2025
تقع مدينة فالنسيا على الساحل الجنوبي الشرقي لإسبانيا وتتميز بأجوائها الدافئة وتاريخها المعماري المتنوع وسواحلها المشرقة، إضافة إلى مشهدها الثقافي والفني المتجدد والعصري، ومع كونها ثالث أكبر مدينة إسبانية فهي تجمع بانسجام بين سحر المدينة القديمة وتوجهات الحاضر المستقبلية، وهو ما يجعلها إحدى أبرز وجهات السفر في عام 2025. ونستعرض اليوم مجموعة من أبرز وجهات السياحة في فالنسيا للاستمتاع بتجربة التنقل بين أزقتها التاريخية ومعالمها العصرية، وإستكشاف تفاصيل تروي حكايات قرون من الحضارة، في تجربة فريدة من نوعها تلائم العطلات العائلية الصيفية أو الشتوية. سوق فالنسيا المركزي سوق فالنسيا المركزي بواسطة Diego Delso في قلب المدينة يقف السوق المركزي كواحد من أقدم وأوسع أسواق الأغذية في أوروبا محاطًا بروح محلية نابضة بالحياة، ويتميز المبنى بتفاصيله المعمارية المستوحاة من الطراز الحداثي مطلع القرن العشرين، حيث تزينه القباب الزجاجية والنقوش الحديدية والزجاج الملون في مشهد بصري يخطف الأنظار، ويمتزج في أرجائه صوت الباعة وضجيج الأكياس مع رائحة التوابل والمأكولات الطازجة ليقدم تجربة حسية متكاملة تتيح التعرّف عن قرب على تفاصيل الحياة اليومية في فالنسيا. ويحتوي السوق على أكثر من ألف كشك يعرض مختلف المنتجات المحلية من أسماك ومأكولات بحرية وأجبان تقليدية وحلويات معروفة في الإقليم، وما يميز هذا المكان هو تنوع المعروضات والعلاقة الشخصية التي تجمع بين الباعة والزبائن حيث تنتقل مهنة البيع من جيل إلى آخر، ويمكن خلال زيارة السوق الاستمتاع بفنجان قهوة في أحد الأركان. أوشنغرافيك فالنسيا أوشنغرافيك من أبرز وجهات السياحة في فالنسيا بواسطة Felipe Gabaldón ضمن مجمع مدينة الفنون والعلوم يشكّل أوشنغرافيك محطة لا يمكن تجاوزها لعشّاق الحياة البحرية والتصاميم المستقبلية، ويُعد الأكبر من نوعه في أوروبا حيث يعرض بيئات بحرية متنوعة من القطب الشمالي إلى الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، ويضم أكثر من 45 ألف كائن بحري تتوزع في أحواض صممت بعناية لتقليد مواطنها الأصلية، ويمثّل النفق الزجاجي أبرز محطات الزيارة حيث تمر الأسماك والراي اللاسع فوق رؤوس الزوار في مشهد ساحر. ويُركّز المركز على الجانب التعليمي والتوعوي إلى جانب الإبهار البصري إذ تُعرض شروحات تفاعلية وتُقام عروض حيّة تسلط الضوء على أهمية حماية الحياة البحرية، وتقّدم أنشطة إضافية مثل الجولات البيئية والزيارات الخاصة خلف الكواليس، مما يتيح فرصة فريدة للتعرف على أسرار العناية بالحيوانات البحرية والعمل البيئي. حديقة نهر توريا حديقة نهر توريا في فالنسيا بواسطة Joanbanjo في مشهد عمراني نادر تمتد حديقة توريا كمساحة خضراء واسعة في المجرى السابق لنهر توريا بعد أن تم تحويل مجراه عقب فيضانات عام 1957، وتم استغلال هذه الأرض الممتدة على طول تسعة كيلومترات لإنشاء واحدة من أروع الحدائق الحضرية في إسبانيا، حيث تتوزع مسارات المشي والدراجات وسط بساتين الحمضيات والنوافير والمناطق المخصصة للرياضة والترفيه. وتمر هذه الحديقة بجانب معالم بارزة مثل مدينة الفنون والعلوم من جهة والمركز التاريخي من الجهة الأخرى، مما يجعلها صلة وصل نابضة بين الماضي والحاضر، ويمكن استكشاف زواياها المختلفة سيرًا أو بالدراجة حيث تتنوّع المشاهد بين جسور حجرية وحدائق للتأمل ومساحات للعروض والموسيقى الحية. أبراج سيرانوس أبراج سيرانوس من أهم وجهات السياحة في فالنسيا بواسطة pxhere عند حدود المدينة القديمة ترتفع أبراج سيرّانوس بشموخ يروي فصولاً من التاريخ الدفاعي لفالنسيا، وأُنشئت في القرن الرابع عشر لتكون بوابة المدينة الشمالية ضمن جدارها الدفاعي وقد استخدمت لاحقًا كمكان لاحتجاز النبلاء، وتتميّز هذه الأبراج بطرازها القوطي المهيب وبأسوارها المزودة بشرفات مراقبة كانت تستخدم لمراقبة قدوم الأعداء. ويمكن تسلّق الأدراج الحجرية المؤدية إلى أعلى البرجين حيث تنتظر الزائر إطلالات بانورامية على المدينة القديمة وحدائق توريا الممتدة، وتُقام في الموقع فعاليات ثقافية ومعارض دورية مما يمنحه بعدًا ثقافيًا ليغدو جزءًا من الحاضر الثقافي المتجدد للمدينة. أبراج كوات أبراج كوات من أبرز معالم السياحة في فالنسيا بواسطة Arne Hückelheim على الجانب الغربي من المدينة القديمة تقع أبراج كوات التي تتشابه في طابعها الدفاعي مع أبراج سيرّانوس لكنها تروي حكاية مختلفة تتعلق بالمقاومة، وقد تعرّضت هذه الأبراج في القرن التاسع عشر لهجوم مدفعي أثناء الغزو النابليوني، ولا تزال آثار القذائف مرئية على واجهتها الحجرية شاهدة على صمود المدينة عبر الزمن. ويُتاح للزوار الدخول إلى الأبراج عبر سلالمها الحلزونية الضيقة والوصول إلى منصاتها العليا التي توفر رؤية بانورامية للمدينة القديمة، وتُعرض في الموقع لوحات توضيحية وجولات مصحوبة بمرشدين تتناول تاريخ الدفاعات الحضرية وأساليب التحصين، إلى جانب استخدام تقنيات الواقع المعزز لتقديم تجربة غامرة تستعرض القصص التاريخية المثيرة للمكان. بورصة الحرير بورصة الحرير في فالنسيا بواسطة Juan Mayordomo يُعد مبنى بورصة الحرير من أبرز التحف المعمارية في فالنسيا ويعود تاريخه إلى نهاية القرن الخامس عشر حين كانت المدينة مركزًا للتجارة الدولية لا سيما في صناعة الحرير، وقد أُدرج ضمن قائمة التراث العالمي لما يعكسه من تطوّر اقتصادي وثقافي، وأبرز أجزاء المبنى هي القاعة الكبرى التي ترتفع أعمدتها الملتوية كأنها أشجار حجرية تحمل سقفًا مقببًا. ويحتفظ المبنى حتى اليوم بملامحه الأصلية مما يتيح للزوار استكشاف تفاصيل فن العمارة القوطية من الداخل والخارج، وتشمل الجولة ساحة مزروعة بأشجار البرتقال توفر لحظة هدوء إضافة إلى عروض تفاعلية تشرح تطورات تجارة الحرير وتأثيرها العالمي. سوق كولون سوق كولون في فالنسيا بواسطة Diego Delso يقدّم سوق كولون مثالًا آخر على فنون العمارة الحداثية في فالنسيا وقد شُيد عام 1916 وأعيد ترميمه في العصر الحديث ليغدو مركزًا ذوقيًا راقيًا، ويقع السوق في حي إيكسامبل الأنيق ويجمع بين الطراز المعماري التقليدي والأجواء العصرية، حيث تملأه المقاهي ومحلات المنتجات الفاخرة والمخابز الراقية. ويُعد السوق محطة مفضلة لعشّاق الأجواء الهادئة والمأكولات الراقية، حيث يمكن الاستمتاع بوجبة إفطار تقليدية أو احتساء مشروب في فترة ما بعد الظهر وسط ديكور أنيق وموسيقى حية في المناسبات. كاتدرائية فالنسيا كاتدرائية فالنسيا بواسطة Fernando Pascullo في ساحة بلازا دي لا راينا تقف كاتدرائية فالنسيا كتحفة معمارية تجمع بين عدة طرز من الروماني والقوطي إلى الباروكي وعصر النهضة، وقد بُنيت على موقع كان يضم معبدًا رومانيًا ثم مسجدًا مما يعكس تعدد المراحل التاريخية التي مرت بها المدينة، ويعتقد أن الكاتدرائية تضم الكأس المقدسة المستخدمة في العشاء الأخير وهو ما يضفي عليها أهمية دينية وتاريخية مضاعفة. ويمكن خلال الزيارة الصعود إلى برج الجرس المعروف باسم إل ميكاليت حيث توفر القمة إطلالات بانورامية مذهلة، كما تحتضن الكاتدرائية أعمالًا فنية لرسامين مثل غويا وتقدّم جولات صوتية بعدة لغات، بالإضافة إلى عروض رقمية تبرز مراحل تطورها المعماري. كنيسة سان نيكولاس كنيسة سان نيكولاس في فالنسيا بواسطة Enric تُعرف هذه الكنيسة بأنها كنيسة سيستين الخاصة بفالنسيا وهي من الجواهر المخبأة في المدينة القديمة، وتجمع بين الهيكل القوطي الداخلي والزخرفة الباروكية التي تغطي السقف بلوحات جدارية تروي حياة القديسَين نيكولاس وبيتر مارتير، ومنذ انتهاء الترميم في السنوات الأخيرة أضحت الكنيسة واحدة من أهم وجهات الفن الديني في المدينة. وتوفّر الإضاءة الحديثة والجولات الصوتية تجربة غامرة توضح رمزية الرسومات وتاريخ البناء، ويمكن خلال الزيارة الانغماس في تفاصيل العمل الفني وتأمل الزخارف البديعة التي تعكس تفاني الفنانين في تصوير القصص الدينية.


مجلة هي
منذ ساعة واحدة
- مجلة هي
صيف مليء بالمفاجآت.. هل يعود نجوم الأغنية العربية إلى شراكاتهم الذهبية وتقديم أعمال لا تنسى؟
ينتظر الجمهور خلال صيف 2025 مجموعة من الحفلات والألبومات الغنائية من قِبل نجوم الطرب في العالم العربي، لكن يبدو أن هناك مجموعة من المفاجآت المختلفة، تظهر من خلال عودة التحالفات الفنية التي غابت خلال السنوات الأخيرة، لتزيد فرص إعادة التوهج من جديد للساحة الغنائية، ومن أبرز مفاجآت الصيف، الديو المنتظر الذي يجمع شيرين عبدالوهاب وفضل شاكر بعد غياب، واجتماع عمرو دياب في ألبومه الجديد مع شريك نجاحه عمرو مصطفى، وصولا إلى مشاريع غنائية تلوح في الأفق بين تامر حسني ورابح صقر. عودة التناغم بين عمرو دياب وعمرو مصطفى بعد رحلة طويلة من النجاحات التي شارك فيها عمرو مصطفى مع عمرو دياب، وقدم خلالها مجموعة كبيرة من الأغاني من ألحانه، مثل "خليك فاكرني"، "وأكتر واحد"، "أنا عايش"، و"صدقني"، ابتعد الثنائي عن التعاون الفني، وبدأت ملامح الخلافات تظهر، ورغم تصالحهما أكثر من مرة، إلا أن الأمر يبدو هذه المرة وكأنه نقطة انطلاق جديدة في علاقتهما الفنية، بالإعلان عن مشاركة جديدة في ألبوم عمرو دياب الجديد الذي يحمل عنوان "ابتدينا"، والذي يتضمن أغنية جديدة من ألحان عمرو مصطفى وكلمات تامر حسين. عودة التناغم بين عمرو دياب وعمرو مصطفى عودة ثنائية عمرو دياب وعمرو مصطفى سوف تعيد للأذهان المعادلة الناجحة التي تعتمد على التكامل بين صوت الهضبة وموهبة ملحن أغنية "قصاد عيني"، وهو ما يزيد من حماس الجمهور لتلك العودة، ويجعل أي تعاون بين الثنائي مصدر اهتمام وترقب من قِبل قطاع واسع من الجمهور، وهذا ما يضيف في النهاية لشعبية كل منهما، ويمنح فرصة لاستعادة نفس حالة الوهج الفني التي عاشها أكثر من جيل مع أغاني هذا الثنائي. تامر حسني ورابح صقر يعيدان وهج الشراكات يتعاون تامر حسني والفنان السعودي رابح صقر في خطوة فنية فاجأت الكثير من المتابعين، وأثارت العديد من التساؤلات حول المشروع الذي يستعد كل منهما لتقديمه في صيف 2025، فبينما يتميز رابح صقر بخط موسيقي خاص يجمع بين الطرب والتجريب، يمتلك تامر حسني القدرة على المزج بين الحداثة والشعبية، ولكل منهما تجربته الخاصة، لكن الإعلان عن تعاونهما قد يكون فرصة جديدة للَم شمل قطاعات من الجمهور الواسع، الذي يحب دائما ظهور رابح صقر وتامر حسني في أعمال مشتركة. تامر حسني ورابح صقر يعيدان وهج الشراكات الغنائية فالنجم السعودي يمتلك سجلا حافلا من الديوهات الغنائية مع أبرز نجوم الغناء في العالم العربي، يتصدرها ديو "كل ما في الأمر" مع الفنانة نوال الكويتية، وكذلك ديو "أصعب جرح" مع الفنانة أنغام، كما أن تامر حسني يحتفظ أيضا بسجل من النجاحات طوال مسيرته مع العديد من النجوم، لكنه في الفترة الأخيرة استطاع أن يصنع تعاونا أكثر اختلافًا في أكثر من ديو متنوع بين الشعبي والرومانسي، كما في "ملكة جمال الكون" مع الشامي، وديو "حبيبي تقلان" مع علي فتح الله، وغيرها من الأغاني. ديو جديد لشيرين عبدالوهاب وفضل شاكر يعد اجتماع شيرين من جديد مع فضل شاكر مفاجأة فنية ستقلب موازين الموسم الصيفي، وذلك بعدما كشفت الشاعرة جمانة جمال عن ملامح الديو المنتظر بين الثنائي، حيث إن الأغنية الجديدة من كلماتها وألحانها، وتوزيع حسام صعبي، ومن المتوقع أيضا أن يتم تصويرها كفيديو كليب في الفترة المقبلة، في لقاء هو الأول لهما بعد ديو "العام الجديد" الذي تم إنتاجه في 2004، وحققت الأغنية نجاحا كبيرا وقتها وحتى اليوم. ديو جديد لشيرين عبدالوهاب وفضل شاكر وقد كان مجرد الإعلان عن عودة شيرين وفضل بديو جديد حدثا فنيا ومفاجأة كبيرة، خصوصا مع وجود خطوات عملية وتحضيرية جدية لتلك الخطوة، أغنية "العام الجديد" تعد من أهم الأغاني التي قُدّمت في الألفية الجديدة كديو غنائي، أحدث ضجة كبيرة، وبقي حاضرا في ذاكرة الجمهور، وهذا ما يبدو أن شيرين عبدالوهاب تسعى لاستعادته من خلال إعادة الزخم والاهتمام بالديوهات الغنائية، خصوصا مع شركاء النجاح السابقين الذين يمكن أن يتكرر النجاح معهم، بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه العودة تُرصد باهتمام إعلامي وجماهيري كبير. هل تعود الشراكات الغنائية إلى الواجهة؟ تبدو الشراكات الغنائية اليوم وكأنها ضرورة حتمية مع التغيرات الكبيرة في الذائقة الموسيقية لدى قطاعات واسعة من الجمهور، خصوصا مع السيطرة الواضحة للأغاني المنفردة وابتعاد كثير من الفنانين عن إصدار ألبومات كاملة، في وقت بات فيه الجمهور أكثر حنينا للأعمال التي تتسم بالجودة والتكامل الإبداعي، والتي تجمع شركاء نجاح سابقين لهم تجارب مشتركة أثبتت نجاحها. كما تظهر التعاونات بين نجوم الصف الأول كخيار مع المتغيرات السريعة في سوق الموسيقى، كما أن تلك الشراكات التي تشكلت في بدايات الألفية، باتت تمثل امتدادا لذاكرة الجمهور الموسيقية، وتحقق باستمرار أرقاما قياسية من حيث المشاهدات والاهتمام الجماهيري الواسع، والدليل على ذلك أن هناك قائمة طويلة من الديوهات الغنائية التي بقيت محفورة في وجدان الجمهور، مثل ديو "أنا كتير" بين إليسا ومروان خوري، وديو "بتغيب بتروح" بين راغب علامة وإليسا، وديو "المحكمة" بين كاظم الساهر وأسما لمنور، وغيرها من الأعمال التي يصعب نسيانها. الصور من حسابات النجوم على انستجرام.