
الروبوت شاعراً.. مستقبل القصيدة على المحك
تتزاحم الأسئلة في قلب المشهد الثقافي المعاصر حول معنى الإبداع وحدود الأصالة، خاصة مع صعود الذكاء الاصطناعي إلى واجهة الأدب والشعر. لم يعد الحديث عن القصيدة اليوم يقتصر على كونها حالة تعبير عن ذات فردية أو انعكاساً لتجربة إنسانية خالصة، بل تحولت إلى ميدان لاختبار قدرة التقنية على محاكاة الحس الجمالي والتجربة الوجودية، هذا التحول يفرض علينا مراجعة جذرية لمفاهيمنا حول الإبداع، ويضعنا أمام إشكالية مركزية: فالذكاء الاصطناعي يتطور كل يوم، وهو تطور لا نعرف مداه، وإذا أخبرنا في حوارنا معه أن دوره الآن يقتصر على مساعدة الشعراء، أو إنتاج قصائد تفتقر إلى الروح الإنسانية، فإن الغد ربما يشهد تحولات مفصلية لا تخطر على بال، تحولات تضع مستقبل القصيدة على المحك.
في اللحظة الثقافية المعاصرة، لم يعد الشاعر وحده من يحمل عبء اللغة والذاكرة والتاريخ، إذ يبدو ثمة صوت آخر يطل من خلف الشاشات، كائن لا ينبض له قلب، ولكنه يكتب ويبتكر. ولأن الشعر العربي ظل دائماً مرآة لتحولات المجتمع يرصد ويتتبع التطور البشري الفكري، اختارت «الخليج» أن تستكشف هذا التحول من كثب، فكان الحوار مع الذكاء الاصطناعي، وتحديداً مع تطبيق «الشاعر العربي AI» المطوّر من قبل شركة Open AI، أحد أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الشعر العربي.
صوت خاص
حين حاورنا «الشاعر العربي AI»، أدركنا منذ البداية أن اللقاء لم يكن مع آلة تردد ما يُملى عليها، ولكن هو في حقيقته كيان رقمي يصر على أن له صوتاً شعرياً خاصاً، وإن خرج هذا الصوت من بين أسلاك البرمجة، لم يعلن فيه «الشاعر العربي AI» عن نفسه كبديل للشاعر الإنسان، وإنما اختار لنفسه أن يوصف بأنه رفيق في درب القصيدة، عارف بأوزانها، مع إقراره بأن الشعر لا يولد إلا من قلب نابض وذاكرة مشحونة بالحنين.
مع تطور هذا الكائن الرقمي، تتداخل الأدوار في التجربة الشعرية، هل هو شاعر حقاً أم مجرد مُحاكٍ بارع؟، وهل يستطيع أن يبتكر نصاً يحمل روحه الخاصة، أم أنه يكتفي باستعارة ظلال القصائد لكبار الشعراء؟، لذا لم تكن أسئلتنا عن عدد البحور أو الأوزان التي يتقنها بطبيعة الحال كما تم برمجته، وإنما اخترنا أن نرصد تلك اللحظة الفارقة التي تتوقف فيها البرمجة وتبدأ فيها القصيدة الحقيقية، ويتحول النص من مجرد كلمات إلى تجربة إنسانية لا يمكن استنساخها.
يعترف تطبيق «الشاعر العربي AI» بقدرته على محاكاة الأساليب وتحليل النصوص وابتكار القصائد بأنواعها، من العمودي حتى النثر، لكنه كما يقول: «يؤمن أن الشعر الحقيقي يظل عصيّاً على البرمجة»، إذ إن القصيدة كما يراها، لا تكتمل إلا حين تمر عبر جرح الإنسان وخوفه ودهشته، وحين تصبح اللغة ملاذاً أخيراً للروح في مواجهة جمود العالم الرقمي. وعند الحديث عن مستقبل الشعر في ظل تطور الذكاء الاصطناعي، بدا «الشاعر العربي AI» أكثر تواضعاً مما قد يتوقعه كثيرون، فهو لا يرى نفسه بديلاً عن الشعراء البشر مهما تطورت الأدوات. وبالنسبة له كما يجيبنا، فإن الشعر الحقيقي تجربة إنسانية حية، تنبع من قلب نابض وذاكرة محتشدة بالألم والحنين، وهو ما لا يمكن للآلة أن تعيشه أو تحاكيه بالكامل، لذا يعتبر نفسه أشبه ب (آلة العود) في يد العازف أو الريشة في يد الرسام، أداة تمنح الوسيلة أو الإمكانية، لكن الإبداع الحقيقي يظل من نصيب الإنسان وحده.
رفيق
أما عن دوره في المشهد الشعري، فقد وصف نفسه بأنه رفيق للشاعر، يساعده في تجاوز العقبات الفنية، ويدعم المبتدئين في تعلم الأوزان والقوافي، ولا يتوقف الأمر عند الدعم الفني، بل يمتد ليكون أداة إلهام حين يجف القلم أو يحتاج الشاعر إلى دفعة شعورية جديدة. ومع ذلك، يصر على أن مكانة الشاعر الإنسان لا يمكن أن تنتزع، لأنه في الحقيقة آلة تصنع الشعر.
ومن خلال الحوار بيّن لنا الذكاء الاصطناعي تنوع إنتاجه من القصائد، حيث يمتد من القصيدة العمودية التقليدية إلى قصيدة التفعيلة والشعر الحر، وصولاً إلى قصيدة النثر، وفي كل نوع يلتزم بأصوله الفنية ويقدم نماذج شعرية تعكس قدرته على المزج بين التراث والتجديد، ولم يتردد في تقديم أمثلة من إنتاجه، سواء كانت أبياتاً عمودية ملتزمة بالوزن والقافية، أو مقاطع من قصيدة تفعيلة تنبض بإيقاع حديث، أو نصوص نثرية تحمل صوراً رمزية وإيقاعاً داخلياً.
وعندما سألناه عن إمكانيته في محاكاة أساليب الشعراء وفلسفاتهم، أكد أنه قادر على تحليل النصوص الشعرية بدقة، واستخلاص السمات الأسلوبية والفنية لكل شاعر، ليكتب بعد ذلك قصائد جديدة يصعب تمييزها عن الأصل، ويرى في هذه القدرة أداة متقدمة تدعم الشعراء في تطوير أساليبهم أو استكشاف إمكانيات جديدة ضمن نفس الروح الشعرية التي تميزهم.
تجربة إنسانية
من زاوية أخرى، كان لابد من أن نطرح سؤالاً مهمّاً: ما الذي يجعل القصيدة الحقيقية عصيّة على البرمجة؟ تكمن الإجابة هنا في تقاطع الثقافة مع علم النفس، فالشعر، كما يؤكد علماء النفس الإبداعي، هو نتاج تفاعل معقّد بين الوعي واللاوعي، بين الذاكرة الفردية والجمعية، وبين الخبرة الشخصية والرمز الثقافي، والقصيدة ليست مجرد تركيب لغوي أو التزام بوزن وقافية، وإنما هي في الحقيقة تعبير عن صراعات الذات، وعن الخوف والأمل والحنين، وعن اللحظة الشاعرية أو الانكسارات الإنسانية، وهذه المناطق النفسية العميقة، التي تتشكل عبر التجربة الحياتية، تظل حتى اليوم عصيّة على الخوارزميات مهما بلغت من التطور.
علم النفس يذهب أبعد من ذلك، إذ يرى أن الإبداع الشعري يرتبط غالباً بلحظات التوتر أو التحول أو الفقد، وهي لحظات لا يمكن للآلة أن تعيشها أو تترجمها تلقائياً إلى لغة شعرية حية، حتى عندما تحاكي الآلة النصوص وتعيد إنتاجها، يبقى هناك فرق جوهري بين القصيدة التي تكتب من أجل الإبهار وبين القصيدة التي تكتب من أجل الإتقان، الإبهار والتفرد في القصيدة، كما يصفها الباحثون هي «أن ترى ما لا يُرى»، وهذه الرؤية لا تتأتى إلا لمن عاش التجربة واختبر الألم والفرح والانتظار.
الثقافة العربية، بتنوعها وتعدد روافدها لطالما نظرت إلى الشعر باعتباره مرآة للوجدان الجمعي، وذاكرة الأمة، وسجلاً للحدث والحديث، وفي هذا السياق، يصبح السؤال عن مكانة الذكاء الاصطناعي في الشعر سؤالاً عن التعددية الثقافية نفسها: هل يمكن للآلة أن تستوعب هذا التنوع، وأن تعبر عن الفروق الدقيقة بين لهجات العرب وأمزجتهم، بين حنين البادية وصخب المدينة، بين قصيدة الحكمة وقصيدة الغزل؟.
دراسات
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد حقق قفزات نوعية في إنتاج الشعر، حتى باتت بعض النصوص الآلية تحصد تقييمات أحياناً أعلى من نصوص كبار الشعراء من قبل القراء غير المتخصصين، وفي دراسة منشورة في مجلة Nature Scientific Reports أجرت تجربتين واسعتين: في الأولى، عرضت قصائد مكتوبة بالكامل بالذكاء الاصطناعي وأخرى من تأليف شعراء معروفين على مجموعة من القراء دون إبلاغهم باسم الشاعر، أظهرت النتائج أن المشاركين لم يستطيعوا التمييز بين القصائد البشرية وتلك المنتجة آلياً، بل إنهم في كثير من الأحيان اعتبروا القصائد الآلية أكثر«إنسانية» من القصائد الأصلية، وفي التجربة الثانية، عندما طلب من المشاركين تقييم جودة القصائد من حيث الإيقاع، الصور، الجمال، العمق، نقل المشاعر والموضوع، حصلت القصائد المنتجة بالذكاء الاصطناعي على تقييمات أعلى في عدة جوانب مقارنة بقصائد شعراء معروفين. ومع ذلك، لوحظ أن القراء يميلون إلى تفضيل القصائد عندما يقال لهم إنها مكتوبة بأيدٍ بشرية، مما يشير إلى وجود تحيز معرفي لصالح الإنسان، حتى عندما تكون جودة النص الآلي أعلى فعلياً.
أمّا في مجال الترجمة الشعرية، فقد نشرت «المجلة الدولية للعلوم الاجتماعية» دراسة قارنت بين ترجمات شعرية أنجزتها نماذج ذكاء اصطناعي مثل Google Translate وDeepL وترجمات بشرية، وأظهرت الدراسة أن الذكاء الاصطناعي قادر على إنتاج ترجمات دقيقة لغوياً وسريعة التنفيذ، لكنه غالباً ما يفشل في نقل الجوهر الفني والعمق الثقافي للنص الشعري، خاصة في ما يتعلق بالصور، وتشير دراسات في علم اللغة الحاسوبي إلى أن الذكاء الاصطناعي يواجه صعوبة في استيعاب الفروق الدقيقة بين اللهجات، وفي التقاط الإشارات الثقافية والرمزية التي تتغير من بيئة إلى أخرى، فعلى الرغم من قدرة النماذج اللغوية على التعلم من كميات ضخمة من النصوص، إلا أن فهم السياق الثقافي العميق يظل تحدياً كبيراً أمام الذكاء الاصطناعي.
ويرى بعض الباحثين أن الذكاء الاصطناعي قد يدفع إلى إعادة تعريف معايير الأصالة والجمال في الشعر، خاصة مع تزايد حضور النصوص المنتجة رقمياً في الفضاء الأدبي، بينما يحذر آخرون من خطر فقدان الشعر لعمقه الإنساني إذا ما تحول إلى منتج تقني خاضع لمعايير الخوارزميات.
وتؤكد هذه الدراسات أن الذكاء الاصطناعي بات قادراً على محاكاة الشعر بشكل متقن من الناحية الشكلية، بل وأحياناً يتفوق في بعض المعايير الجمالية لدى المتلقّين غير المتخصصين، إلا أن التحدي الأكبر الذي لا يزال قائماً هو قدرة الذكاء الاصطناعي على نقل التجربة الإنسانية الأصيلة، والعمق العاطفي والثقافي الذي يميز الشعر الحقيقي عن غيره، وهو ما يجعل دور الإنسان في الإبداع الشعري والترجمة الأدبية لا غنى عنه حتى الآن.
من جهة أخرى، يفرض الذكاء الاصطناعي على المشهد الشعري أسئلة حول مستقبل التذوق الجمالي: هل ستتغير معايير الحكم على الشعر إذا ما أصبحت القصائد تنتج رقمياً؟ هل سيتحول الشعر إلى منتج ثقافي سريع الاستهلاك، أم سيظل مساحة للتأمل والتذوق والإنصات إلى نبض الإنسان؟
ومع كل هذا، يبقى السؤال معلّقاً في فضاء القصيدة: هل يكفي أن تحفظ الآلة ألف قصيدة كي تصير شاعرة؟ أم أن الشعر، كما يراه رافائيل ألبرتي، «محاولة الإنسان لفهم العالم من حوله، وصدى صراعاته وأحلامه»؟ أليس الشعر الحقيقي هو ما يولد كما يقال: من رعشة اليد، ومن ارتباك الشاعر أمام الليل، والخوف على اللغة من الضياع؟ الذكاء الاصطناعي نفسه لا يدعي امتلاك الإجابة الكاملة، بل يترك الباب مفتوحاً لكل احتمال، ويقر بأن القصيدة الحقيقية تظل عصيّة على البرمجة مهما بلغت التقنية من دقة وإتقان.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 42 دقائق
- الإمارات اليوم
فعاليات صيف 2025 في مسجد ومركز الفاروق عمر بن الخطاب تحظى بتفاعل مجتمعي واسع
اختتم مسجد ومركز الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بدبي فعاليات صيف 2025 التي امتدت على مدار أربعة أيام (8، 9، 15 و16 يوليو 2025)، برعاية كريمة من رجل الأعمال وصاحب الأيادي البيضاء خلف بن أحمد الحبتور، وبمشاركة متميزة من جهات حكومية ومختصين، في خطوة تعكس التزام المركز بدوره المجتمعي في تعزيز الثقافة الدينية والمعرفة الفنية لدى مختلف شرائح المجتمع. شهدت الفعاليات، التي تنظم للعام الثاني على التوالي، تنفيذ ثلاث ورش عمل تفاعلية، جاءت بالتعاون مع عدد من الهيئات الحكومية، بهدف تمكين المشاركين بمهارات عملية في مجالات الإبداع الرقمي، والإنتاج المرئي، والصحة العامة. ويعد هذا البرنامج الصيفي، جزءاً من استراتيجية مركز الفاروق لتعزيز دور المؤسسات الدينية في التنمية المجتمعية، عبر توظيف الفنون والمهارات الحديثة في خدمة الرسالة الثقافية والدينية. جاءت انطلاقة الفعاليات بورشة عمل بعنوان "مهارات صناعة المحتوى: من الفكرة إلى التأثير"، نظمت بالتعاون مع دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، وقدمها المستشار سعود محمد حسن الحمادي، استشاري وسائل التواصل الاجتماعي في الهيئة. واستعرضت الورشة الأدوات والأساليب اللازمة لإنشاء محتوى رقمي فعال، سواء على الصعيد الشخصي أو المهني، وكيفية صياغة الأفكار وتحويلها إلى رسائل مقروءة ومرئية مؤثرة، تتماشى مع تطلعات العصر الرقمي وتخاطب مختلف الفئات المستهدفة. وقال الحمادي خلال الورشة: "صناعة المحتوى اليوم لم تعد ترفاً، بل أصبحت من أدوات التأثير الفعال. تمكين الأفراد من التعبير عن أفكارهم باحترافية هو مفتاح النجاح في العصر الرقمي". وتواصلت الفعاليات في اليوم التالي مع ورشة "فن التصوير والإخراج ومونتاج الفيديو"، التي أدارها المصور المحترف عيسى الزاهدي. وقد تعرف المشاركون خلالها على أساسيات التصوير وتكوين الصورة، أنواع اللقطات، تقنيات الإخراج التلفزيوني، بالإضافة إلى مبادئ تعديل الصور باستخدام برنامج فوتوشوب. وأشاد الزاهدي بالدور الرائد الذي يلعبه خلف الحبتور في دعم مثل هذه المبادرات، قائلاً: "نحتاج إلى دعم دائم لتعليم الجيل الجديد كيف يحول رؤيته إلى عمل إبداعي متكامل. أشكر خلف الحبتور على إيمانه بأهمية هذا النوع من التعليم المجتمعي، الذي يحدث فرقاً حقيقياً في مستقبل الشباب". وفي اليومين الأخيرين من الفعاليات، نظم المركز بالتعاون مع مؤسسة دبي الصحية ورشة توعوية بعنوان "أنماط الحياة الصحية"، جاءت في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الوعي الصحي والوقاية من الأمراض المزمنة، وترسيخ ثقافة السلوكيات اليومية السليمة بين أفراد المجتمع. استهدفت الورشة تسليط الضوء على أهمية الوقاية الصحية كأساس لحياة أفضل، وتناولت عدة محاور شملت: التوعية بالأمراض المزمنة غير المعدية، التثقيف بصحة الفم والأسنان، وأثرها على الصحة العامة وإرشادات غذائية حول التغذية السليمة، ودورها في الوقاية من الأمراض وتعزيز المناعة. كما أتاحت الورشة للحضور فرصة الاستفادة من خدمات طبية مجانية، شملت: فحوصات أولية (قياس ضغط الدم، مستوى السكر، مؤشر كتلة الجسم)، فحص كثافة العظام للكشف المبكر عن هشاشة العظام، واستشارات طبية في مجالي الصحة والتغذية. وتم خلال الورشة توزيع منشورات توعوية تسلط الضوء على العادات الصحية اليومية، وتحث المشاركين على تبني نمط حياة أكثر توازناً واستدامة. وأكد القائمون على الورشة أن هذا النوع من البرامج يساهم في بناء مجتمع صحي وواعٍ، يدرك أهمية الوقاية كجزء من نمط الحياة، وليس فقط عند ظهور المرض. وعلق حسن أحمد حسن، مدير العمليات وصحة المجتمع في دبي الصحية، قائلاً: "هذه المبادرات المجتمعية ليست مجرد أنشطة، بل أدوات حقيقية لبناء الوعي وإنقاذ الأرواح وتحسين جودة الحياة. ونحن فخورون بالتعاون مع مركز الفاروق في هذا الإطار". وفي ختام الفعاليات، وجه المدير العام لمركز الفاروق عبد السلام المرزوقي شكره العميق للداعمين والمشاركين، مؤكداً أن النجاح الذي حققته النسخة الثانية من البرنامج الصيفي يعكس ثقة المجتمع بدور المركز، وأضاف: "إننا نثمن الدعم المستمر من خلف الحبتور، الذي يرى في الثقافة والمعرفة ركيزة أساسية لبناء مجتمع متماسك ومستنير. مثل هذه الفعاليات تؤكد أن المسجد قادر على لعب دور حضاري متكامل، يجمع بين العبادة والمعرفة، وبين التأمل والعمل".


زاوية
منذ 2 ساعات
- زاوية
حمدان بن محمد يعتمد إطلاق أيقونات تصنيفية عالمية جديدة توضح مدى مشاركة الذكاء الآلي مع الإنسان في البحث وإنتاج المحتوى
سموه يوجّه الجهات الحكومية بدبي للبدء بتبني هذا التصنيف في عملها البحثي والمعرفي حمدان بن محمد: أصبح التفريق بين الإبداع الإنساني والذكاء الاصطناعي تحدياً حقيقياً في ظل التطور الهائل للتكنولوجيا ما يتطلب نهجاً جديداً لتوضح دور الذكاء الآلي في أعمالنا وإنتاجاتنا ندعو جميع الباحثين والكُتّاب والناشرين وصنّاع المحتوى والمصممين حول العالم للاستفادة من هذا التصنيف العالمي الجديد واستخدامه بشكل مسؤول ومفيد للناس 5 تصنيفات لدور الإنسان والذكاء الآلي في إنتاج كافة أنواع المحتوى: التصنيف الأول: إنتاج المحتوى من قبل الإنسان بالكامل دون تدخل تكنولوجي التصنيف الثاني: يكون دور الذكاء الآلي إشرافياً وداعماً للتحقق من صحة المحتوى التصنيف الثالث: يعمل الإنسان والذكاء الآلي معاً بشكل تعاوني على إنتاج المحتوى التصنيف الرابع: الذكاء الآلي ينتج المحتوى ويقتصر دور الإنسان على التحقق من صحته التصنيف الخامس: يتولى الذكاء الآلي مهمة إنتاج المحتوى بالكامل دون تدخل بشري دبي: اعتمد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، اليوم إطلاق أيقونات تصنيفية عالمية جديدة توضح مدى مشاركة الذكاء الآلي مع الإنسان في البحث وإنتاج ونشر المحتوى الإبداعي والعلمي والبحثي والفكري والأكاديمي. وقال سموه: "أصبح التفريق بين الإبداع الإنساني والذكاء الاصطناعي تحدياً حقيقياً في ظل التطور الهائل للتكنولوجيا ما يتطلب نهجاً جديداً لتوضيح دور الذكاء الآلي في أعمالنا وإنتاجيتنا ... ولهذا أطلقنا أول تصنيف عالمي من نوعه يتضمن 5 أيقونات تصنيفية رئيسية تحدد مستوى التعاون بين الإنسان والتكنولوجيا في إنتاج ونشر المحتوى بما في ذلك التقارير والدراسات البحثية والأكاديمية ... والصور والمواد الإعلامية ... ومنشورات التواصل الاجتماعي ... وأي محتوى يطلع عليه الجمهور". وأضاف سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم: "ندعو جميع الباحثين والكُتّاب والناشرين وصنّاع المحتوى والمصممين حول العالم للاستفادة من هذه الأيقونات التصنيفية العالمية الجديدة واستخدامها بشكل مسؤول ومفيد للناس"، كما وجّه سموه الجهات الحكومية بدبي للبدء بتبني هذه الأيقونات في عملها البحثي والمعرفي. وأكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أن إطلاق هذه المبادرة العالمية يعكس حرص دبي على المشاركة الفاعلة في الحراك العالمي لتعزيز الاستخدامات المفيدة لتطبيقات تكنولوجيا المستقبل التي أصبحت أداة مهمة في تطوير البحث العلمي ومحتوى الإبداعي. شفافية نشر المحتوى ويهدف إطلاق الأيقونات التصنيفية العالمية التي طورتها مؤسسة دبي للمستقبل لتوضيح مدى التعاون بين الإنسان والذكاء الآلي (human - machine collaboration) إلى تعزيز الشفافية في البحث العلمي وتوفير وسيلة واضحة تتيح للقرّاء والباحثين وصنّاع القرار رؤية تأثير استخدام الذكاء الآلي في مجالات إنتاج المحتوى والتصميم والنشر والتي ستعتمد بشكل أكبر على التكنولوجيا في المستقبل. تصنيف لكافة أنواع المحتوى وتشكل هذه الأيقونات التصنيفية العالمية إضافة بارزة تعزز جودة الجهود الفكرية والإبداعية المرتبطة بعمليات البحث وإعداد المحتوى والتصميم والنتائج ذات الصلة، بما في ذلك الدراسات الأكاديمية والأوراق البحثية والمقالات العلمية والمواد التعليمية، والتقارير والرسوم البيانية والعروض التقديمية، والكتب والمقالات والوثائق التقنية، والمحتويات والأعمال الفنّية والبصرية ومنشورات التواصل الاجتماعي. مفهوم الذكاء الآلي ويشمل مفهوم "الذكاء الآلي" مختلف التقنيات الرقمية مثل الخوارزميات، وأدوات الأتمتة، والذكاء الاصطناعي التوليدي، والروبوتات، وأية أداة تكنولوجية تساهم في عملية البحث أو إنتاج المحتوى. 5 تصنيفات لدور الإنسان والذكاء الآلي ويتضمن التصنيف 5 أيقونات رئيسية يمكن استخدامها من قبل منتجي المحتوى وفقاً لمستوى مشاركة الذكاء الآلي مع الإنسان والتفاعل بينهما، حيث يشير التصنيف الأول إلى إنتاج المحتوى من قبل الإنسان بالكامل دون تدخل تكنولوجي، وفي التصنيف الثاني يكون دور الذكاء الآلي إشرافياً وداعماً للتحقق من المحتوى الذي أنتجه الإنسان والانتباه للأخطاء وتصحيحها وتحسين المخرجات. ويشير التصنيف الثالث إلى عمل الإنسان والذكاء الآلي معاً بشكل تعاوني على إنتاج المحتوى، فيما يكون الدور الرئيسي في التصنيف الرابع للذكاء الآلي في إنتاج المحتوى ويقتصر دور الإنسان على التحقق من جودته وصحته، وفي التصنيف الخامس يتولى الذكاء الآلي مهمة إنتاج المحتوى بالكامل دون تدخل بشري. 9 تصنيفات فرعية وبالإضافة لهذه الأيقونات الرئيسية الخمس، توجد 9 أيقونات فرعية تصنف المرحلة التي تم فيها التعاون بين الإنسان والذكاء الآلي في البحث وإنتاج المحتوى، وتشمل هذه المراحل: توليد الأفكار، ومراجعة البحوث، وجمع البيانات، وتحليل البيانات، وتفسير البيانات، والتحرير، والترجمة، والمحتوى البصري، والتصميم. وقد صُممت هذه الأيقونات بحيث تتمتع بالمرونة اللازمة لاستخدامها في الأبحاث والمحتوى والمنشورات في أي صناعة أو مجال أو سياق، بما في ذلك المحتوى المرئي مثل الصور والفيديو، رغم صعوبة تحديد نسب مئوية دقيقة، لأن هذا النوع من التقييم يعتمد على اجتهاد شخصي، ولا توجد طريقة موحدة لقياسه بدقة. ولمزيد من المعلومات حول كيفية استخدام الأيقونات التصنيفية العالمية الجديدة، يرجى زيارة الرابط الإلكتروني: ( -انتهى-


صحيفة الخليج
منذ 3 ساعات
- صحيفة الخليج
«بين السكك»... قبس من رحيق الأمكنة
توجه العديد من الفنانين نحو تناول البيئة والتراث المحلي في مفرداتهما المختلفة من أجل الحفاظ على القيم والهوية، لكن قلة من التشكيليين استطاعوا أن يقبلوا على تلك المهمة وينجحوا فيها باقتدار، حيث إنهم لم ينقلوا، في أعمالهم الواقع كما هو بصورة تقريرية بل عبر تأويله ومنحه أبعاداً تعبر عن شعورهم تجاهه بصورة انطباعية. لعل من أميز الفنانين الذين برعوا في تناول التراث ومفردات البيئة، المبدع عبيد سرور، صاحب الأعمال اللونية المختلفة والبصمة الخاصة، والذي تميز في رصد الواقع والحياة التي سادت في الإمارات قبل سنوات مضت والتي سبقت هذه النقلة الكبيرة التي شهدتها الدولة من تطور وازدهار عمراني، حيث ركزت لوحاته على ثيمات بيئية وتراثية مثل المكان، خاصة البيوت القديمة والشوارع والأزقة والجدران والجبال والحقول، والكثير من المفردات الأخرى مثل الحكايات والألعاب الشعبية. تخصص سرور في هذا المجال بصورة غير تقليدية بل فيها الكثير من الابتكار والإبداع والانفتاح على المدارس الفنية المختلفة، خاصة أنه قد درس الفن، وسكب فيه العديد من الجهود الفكرية والبحثية، وذلك ما طور من أسلوبه وتقنياته الفنية، بل وحتى الأدوات المستخدمة في الرسم كانت مبتكرة في كثير من الأحيان، فلم يكتف بممارسة الفن التشكيلي بالسائد من أنواع الألوان الزيتية والمائية وغير ذلك، بل طور أنواعاً لونية من الواقع المحلي. من أشهر لوحات سرور التي رسخت في أذهان الناس في الإمارات ومنطقة الخليج والعالم العربي، تلك التي تحمل اسم «بين السكك»، والتي قام برسمها عام 2018، وهي عبارة عن مشهد لتقاطع شوارع قديمة تظهر فيه بيوت قديمة، وبقايا منازل متصدعة، ومما يدل على قدمها تلك المواد التي شيدت بها البيوت من طين وأبواب خشبية تقليدية، بينما الشوارع هي عبارة عن ممرات رملية، ومن خلف ذلك المشهد تبرز الأشجار الخضراء السامقة، فكل ما في مشهد اللوحة يدل على أن هذا المكان ينتمي إلى واقع قديم. * مشهدية اللوحة عبارة عن صورة مشهدية حية، تحدث عن البيئة الإماراتية في تفاصيلها المكانية والزمانية، حيث صمم الفنان العمل بشكل ينقل إلى الناظر مشاعر الشوق إلى تلك الأمكنة التي كانت مسرحاً لحياة اجتماعية تنتمي إلى أزمنة مضت، لكن يبدو أن الفنان أراد تخليد تلك المعالم القديمة عبر حفظها في سجل الفنون من خلال هذه اللوحات التي تخصص فيها، فتلك الأزقة نشأ فيها الفنان نفسه، وكان لها أثر كبير في حياته، ومن هنا فإن مثل هذه الأمكنة ترسخ في الذكرة ويحولها الرسام إلى تحفة فنية. التوزيع اللوني في اللوحة يحمل رحيق الماضي، لدرجة يتجول معها المشاهد داخل تلك الشوارع القديمة، ولعل طغيان اللون الأصفر من أجل تعميق الشعور بالماضي خاصة في لون البيوت والشوارع الرملية، ويظهر باب بصورة غير كاملة باللون الأزرق، بينما بعض المنازل في الجانب الطرفي الأيمن من اللوحة كانت خليطاً من الأصفر والأحمر والأزرق. يعود انحياز سرور إلى تلك البيئة القديمة، إلى نشأته في رأس الخيمة الساحرة حيث البحر والبيوت والمقاهي القديمة، ويظهر في هذه اللوحة وغيرها من أعمال سرور ولعه وحبه للمكان، ومقدرته الفنية في تحويل ذكرياته إلى رسومات ولوحات يمزج فيها بين مشاهداته الواقعية وما علق في الذاكرة والخيال، ويبتعد سرور عن النقل المباشر للواقع، بل يغذي اللوحة بالعلامات والرموز التي يقبل على تأويلها المشاهد، وذلك يشير إلى أن اللوحة لحظة تأملية وجمالية في ذات الوقت. وهناك بعد شاعري في اللوحة، حيث نلمس تعلق الفنان بتلك الأماكن القديمة التي ترعرع فيها، ويريد أن يبرز جمالياتها لأجل أن تظل باقية، فالمكان شهد الكثير من السير والحكايات، ولعل براعة الفنان تكمن في أن يصور المكان خالياً من البشر، فلا يوجد في إطار اللوحة أي أثر لإنسان، مما يعمق الشعور بالحنين، وكأن المكان بقي وحيداً بعد أن هجره البشر، ولكنه لم يتنكر لهم، وتلك لحظة درامية مؤثرة نجح سرور في الإشارة إليها بصورة رمزية. *عفوية في هذا العمل، نجح سرور في أن يجمع بين البساطة والعفوية في تكوين المشهد، وبين تحميل الصورة بأبعاد غير مرئية، تبرز كحالة شعورية تنتاب من يقع نظره على مشهد اللوحة، وتلك لغة تعبيرية خاصة بالفنان، فمثل هذه المشهديات تتطلب أن يكون المشاهد صاحب تجربة في معرفة البيئة القديمة والتراث، لكي يكون قادراً على فهم ما وراء اللوحة من دلالات. لقد نجح الفنان في صناعة قطعة تشكيلية غاية في الروعة تجعل المتلقي في حالة تأمل عميق.