
حكم بيع الأسنان المخلوعة لطلاب كلية الطب بقصد التَّعلُّم.. الإفتاء تجيب
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن السؤال قائلة: إنه لا يجوز خَلْع الأسنان بهدف بيعها والمعاوضة عليها، وكذا لا يجوز للآدمي استئصال جزء من جسده للمعاوضة عليه بالبيع والشراء.
وأضافت: أمَّا الأسنان المخلوعة والمنفصلة، فيجوز بيعها لطلاب كليات الطب والأطباء للحاجة العامة، ما دام ذلك مسموحًا به طِبًّا وقانونًا، مع توافر كافَّة الشروط للبيع الصحيح.
التحذير من التعرُّض لجسد الإنسان وأعضائه بالبيع والشراء
وأوضحت أن الله كرَّم الإنسان ورفع شأنه وعظَّم حرمته؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، واعتبر جسده أمانةً؛ فلا يجوز التصرف فيه بما يسوؤه أو يرديه، ولو كان هذا التصرف من صاحب الجسد نفسه، ولذا حَرَّم اللهُ تعالى إزهاقَ الروح وإتلافَ البدن إلَّا بالحق؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا﴾ [البقرة: 195].
يقول الإمام القرافي في "الفروق" (1/ 141، ط. عالم الكتب): [حرَّم.. القتل والجرح صونًا لمهجته وأعضائه ومنافعها عليه، ولو رضي العبد بإسقاط حقه من ذلك، لم يعتبر رضاه، ولم ينفذ إسقاطه] اهـ.
ومن مقتضيات هذا التكريم: حرمة التعرُّض لجسد الآدمي، أو أجزائه بالبيع والشراء؛ إذ في إيراد العقد على شيءٍ من ذلك بالبيع والشراء امتهانٌ وإذلالٌ له.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (5/ 58، ط. دار الفكر): [الآدمي مكرَّمٌ شرعًا ولو كافرًا (قوله: ذكره المصنف) حيث قال: والآدميُّ مكرَّمٌ شرعًا وإن كان كافرًا، فإيراد العقد عليه وابتذاله به وإلحاقه بالجمادات إذلالٌ له. اهـ. أي: وهو غير جائز، وبعضه في حكمه وصرَّح في فتح القدير ببطلانه] اهـ.
وقال العلامة العدوي المالكي في "حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي" (1/ 83، ط. دار الفكر): [(تنبيه): سُئِلَ مالكٌ عن بيع الشعر الذي يُحلَقُ من رءوس الناس؟ فكرهه] اهـ. والشَّعْر جزء من الإنسان يُلْحَق به غيره بجامع اشتراكهما في أنهما جزء الإنسان.
والكراهة المنقولة هنا عن الإمام مالكٍ حَمَلَهَا بعضُ المالكية على التنزيه، وظاهر كلام الإمام ابن عبد البر يفيد حَمْلَهَا على التحريم. ينظر: "الكافي" لابن عبد البر (ص: 328، ط. دار الكتب العلمية-بيروت).
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 406، ط. دار الكتب العلمية): [والآدمي يحرم الانتفاع به وبسائر أجزائه؛ لكرامته] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 57، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يجوز استعمال شَعْر الآدمي) مع الحكم بطهارته (لحرمته) أي: احترامه؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء:70]، وكذا عظمه وسائر أجزائه] اهـ.
حكم بيع أسنان الإنسان المخلوعة للأطباء وطلاب كليات الطب
وأشارت إلى أن من شروط البيع المتَّفق عليها كون المبيع ملكًا للبائع، أو مأذونًا له بالتَّصرُّف فيه؛ -ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام للكاساني (5/ 147)، و"المجموع" للإمام النووي (9/ 259، ط. دار الفكر)، و"المغني" للعلامة ابن قدامة (4/ 155، ط. مكتبة القاهرة)- فقد روى الإمامان أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن"، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». أي: ما لا تملك.
وأسنان الإنسان وأجزاؤه ليست ملكه، كما أنَّها ليست محلًّا للتعامل بيعًا وشراءً ما دامت متَّصلةًّ به؛ فلا يُؤذَن له في خلعها والمعاوضة عليها، فإن باعها كان بيعه داخلًا في "بيع ما لا يملك" الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ويُفْهَم من نصوص الفقهاء السابقة أنَّه لا يجوز إجراء البيع والشراء على الآدميِّ الحُرِّ، أو أجزائه المتَّصلة به، كما لا يجوز أيضًا ذلك على أجزائه المنفصلة منه عديمة المنفعة؛ لأنَّ ذلك هو المقصود من تكريمه وحُرْمة جسده، وليس المقصود مطلق النهي، وإلَّا لَمَا جوَّزوا بيع العبد والأَمَة بالاتفاق.
أمَّا بالنسبة للأسنان المخلوعة والمنفصلة عن جسد الإنسان التي يتدرَّب عليها طلَّاب كليات الطب فلا يتعارض استعمالها مع تكريم الإنسان وصيانة جسده وأجزائه، ولا يمكن إغفال المصلحة العامة التي تعود على المجتمع من حصول ذلك؛ إذ العبرة من عدم جواز بيع وشراء أجزاء الآدميِّ اتِّصالها به؛ إذ لو جاز ذلك لأصبح مُمْتَهنًا، وهو مُكرَّم كما سبق تقريره.
كما أنَّ العبرة من عدم جواز بيع وشراء أجزائه المنفصلة عنه كونها غير ذي نَفْعٍ، أمَّا الأجزاء المنفصلة ذات النفع العام فجائز بيعها للحاجة؛ وذلك قياسًا على ما جاء في مذهب الشَّافعية، والأصح من مذهب الحنابلة من القول بجواز بيع لبن الآدمية، مع كونه جزءًا منها.
قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (9/ 254): [بيع لبن الآدميَّات جائزٌ عندنا، لا كراهة فيه، هذا المذهب، وقطع به الأصحاب] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (4/ 196): [فأمَّا بيع لبن الآدميَّات، فقال أحمد: أكرهه. واختلف أصحابنا في جوازه. فظاهر كلام الخرقي جوازه؛ لقوله: "وكل ما فيه المنفعة". وهذا قول ابن حامد، ومذهب الشافعي. وذهب جماعة من أصحابنا إلى تحريم بيعه، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك؛ لأنَّه مائع خارج من آدمية، فلم يجز بيعه، كالعَرَق، ولأنَّه من آدمي، فأشبه سائر أجزائه. والأوَّل أصح؛ لأنَّه لبن طاهر منتفع به، فجاز بيعه؛ كلبن الشاة، ولأنَّه يجوز أخذ العوض عنه في إجارة الظئر فأشبه المنافع، ويفارق العرق، فإنَّه لا نفع فيه، ولذلك لا يباع عرق الشاة، ويباع لبنها. وسائر أجزاء الآدمي يجوز بيعها، فإنَّه يجوز بيع العبد، والأمة، وإنَّما حرم بيع الحر؛ لأنَّه ليس بمملوك، وحرم بيع العضو المقطوع؛ لأنَّه لا نفع فيه] اهـ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
الهلال الأحمر: قدمنا خدمات الإسعافات الأولية لـ 32 مصابا في حريق سنترال رمسيس
عادت فرق الهلال الأحمر المصري إلى المركز العام، بعد استجابة دامت قرابة 12 ساعة متواصلة، لحريق سنترال رمسيس، تم خلالها تقديم خدمات الإسعافات الأولية والدعم النفسي وكافة التدخلات اللازمة، كجهاز مساند لسلطات الدولة في أوقات الأزمات والكوارث. وذكر بيان صادر عن الهلال، اليوم الثلاثاء، أن فرقه قدمت خدمات الإسعافات الأولية لنحو 32 مصابا، وقامت بمساندة رجال الإسعاف في نقل بعض المصابين والضحايا إلى المستشفيات، إضافة إلى تقديم خدمات الدعم النفسي، وتوزيع الخدمات اللوجيستية والمساعدات العاجلة من: زجاجات المياه، العصائر، كمامات، وغيرها من المستلزمات الوقائية والإغاثية. ويتوجه الهلال الأحمر المصري، بالشكر لرجال الحماية المدنية والإسعاف، البواسل، على ما قدموه من جهد خالص في السيطرة على الحريق، وإسعاف المصابين. كما يتقدم الهلال الأحمر المصري بخالص العزاء لأسر ضحايا حريق سنترال رمسيس، داعين الله عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
حكم الوضوء بالملابس الداخلية أو القصيرة
ما صحة الوضوء بالملابس الداخلية ؟.. سؤال أجاب عنه الشيخ محمد عبدالسميع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك عقب استقباله لفتوى مسجلة له عبر قناة اليوتيوب. وتابع: فإن كان كشف هذا من بعد السرة إلى الركبتين يكون حراما ولكن هذا لا يؤثر فى صحة الوضوء ولا ينقضه. هل يجوز الوضوء بالشورت القصير؟ سؤال ورد إلى دار الإفتاء، وأجاب الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، بأنالوضوء بالشورت القصير جائز، مؤكدًا أنوضوء الرجل عاريًا يصح ولا شيء فيه. حكم الصلاة بشورت فوق الركبة قال الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن صلاة الرجل بشورت تحت الركبة، جائزة ما دام لم يُظهر شيئًا من عورته في جميع حالات الصلاة، مؤكدًا أن عورة الرجل من سرته إلى ركبتيه. وأضاف الدكتور محمود شلبي، في فيديو البث المباشر لدار الإفتاء على صفحتها الرسمية على "فيس بوك"، ردًا على سؤال: "ما حكم الصلاة بشورت فوق الركبة؟"، أن الركبتين إذا كانتا ظاهرتين من الشورت، فلا تصح الصلاة؛ لأنه سيترتب على ركوعه أو سجوده ظهور شيء من عورته، مؤكدًا أن ستر العورة شرط منشروط صحة الصلاة. هل يجوز الوضوء بدون ستر العورة قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الوضوء لا يشترط فيه ستر العورة لأنه ليس صلاة فهو وضوء وطهارة من أجل الصلاة. وأضاف "عثمان"، خلال فتوى مسجلة له، فى إجابته عن سؤال أحد المتابعين يقول فيه (هل يجوز الوضوء بدون ستر العورة؟)، قائلًا: أنه لا بأس أن يتوضأ الإنسان بعد استحمامه أو اغتساله من الجنابة وهو عارٍ غير مرتدٍ ملابسه وكذلك المرأة، مشيرًا إلى أن كشف العورة فى أثناء الوضوء ليس من نواقض الوضوء. وتابع: يجوز الصلاة بذلك الوضوء بعد خروجه من الحمام. واستشهد بأن النبى صلى الله عليه وسلم، كان يغتسل هو والسيدة عائشة رضى الله عنها من إناء واحد.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
متى يقبل الله الدعاء ؟..اغتنم هذه الأوقات
الدعاء سلاح المؤمن القوي وهو مخ العبادة، وتتعدد صور استجابة الدعاء على 3 صور؛ الأولى إما أن يتحقق الشيء، والثانية أن يدخر الله عز وجل الدعاء لينفعك به في الآخرة، والثالثة أن يبعد الله عنك الأمراض بسبب هذا الدعاء، والاستجابة موجودة، ولكن ليست مقتصرة على تحقيق الشيء نفسه. الله سبحانه وتعالى وعد الداعي بالاستجابة، حيث قال تعالى 'وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ'، وقال سبحانه 'وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ'. يقول مجمع البحوث الإسلامية إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأرشدنا إلى كل ما فيه خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة، ونهانا عن كل ما يعرضنا لغضب الله سبحانه وتعالى. وأضاف المجمع، فى منشور له، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أن من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وليسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة والله سبحانه وتعالى أكرم أن يرد ما بينهما. فيما أشار الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أن الدعاء لا يشترط فيه الصلاة على النبي، ولكن ورد أن الصلاة على النبي في أول الدعاء وفي آخره، أرجى لأن يقبل الله ويستجيب لصاحبه. وقال أمين الفتوى، في البث المباشر لصفحة دار الإفتاء المصرية على فيس بوك، إنه من الممكن أن نقول في بداية الدعاء "بسم الله والصلاة والسلام علىرسول الله، اللهم صل على سيدنا محمد ، ويكمل الدعاء" وفي نهاية الدعاء يقول "وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم". مفاتيح إجابة الدعاء 1. الإخلاص في الدعاء وحضور القلب. 2. الجزم بالدعاء . 3. حسن الظن بالله واليقين بالإجابة. 4. عدم التعجل في إجابة الدعاء. 5. التواضع والتذلل في الإلحاح في الدعاء. 6. اختيار الأوقات الفاضلة. 7. اختيار الأحوال الطاهرة . 8. افتتاح الدعاء بالحمد والثناء على الله -عز وجل-. 9. الصلاة والسلام علي سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم-. 10. الحرص على طيب الطعام والشراب. 11. الدعاء بالخير. 12. اختيار جوامع الدعاء. 13. الحرص على الطاعات. 14. تجديد التوبة.