logo
نتنياهو في ضيافةِ موزِّع الضَّمانات

نتنياهو في ضيافةِ موزِّع الضَّمانات

العرب اليوممنذ 13 ساعات
حين تدخل مكتب السيد الرئيس يستحسن أن يكونَ العناق حاراً. وأنْ تتقدّمَك ابتسامةُ ودٍّ وعرفان. وأنْ تجاهرَ بالشّكر. وتجدّدَ الولاء. وأنَّك متعطشٌ لسماع النصائح والتوجيهات. وأنَّك تحمل رسائلَ امتنانٍ من شعبك. وأنَّ الكبارَ يتقاسمون مع الصغار مشاعرَ الاعتراف بالجميل.
ولا ضير أن تذهبَ أبعدَ. كأنْ تقول إنَّك محظوظٌ لأنَّك وُلدت في أيامه. وأنَّك تبحرُ في القارب نفسِه معه. لأنَّه القبطانُ المتمرّسُ بملاعبةِ الرياح ومفاجآتها. ولأنَّ النجاحَ جزءٌ من يومياته. ولأنَّ الصَّفقات الكبرى ممهورة دائماً ببصماته.
ولا غرابة أن تقولَ إنَّه لا يشبه إلا نفسه. وإنه شديد الافتراق عن أسلافه. وإنَّ بلادَك لم تفُزْ سابقاً بصديق من هذه القماشة. وإنَّها لن تنسى بالتأكيد أنَّه الصخرةُ التي يمكن الاتكاءُ عليها حين تتعاظم الأخطار.
ولا مبالغة في الأمر إن أبديتَ إعجابَك بربطات عنقِه ورقصتِه من دون أن تنسى تغريداته. ويفضل أن تفتتحَ الحوارَ بتهنئة صريحةٍ على تزامن انتصارات الخارج مع انتصارات الداخل.
في الطائرة التي تقله إلى موعدِه الأميركي، يشعر بنيامين نتنياهو بارتياحٍ كبير من دون أن ينسى التَّحسبَ للمفاجآت. يسجل لنفسِه أنَّه نجحَ في التَّسلل إلى عقل دونالد ترمب، وربَّما إلى قلبه. وترمب رجلٌ صعب. وعنيدٌ. ومدمنُ نجاحات وصفقات ومفاجآت. لا يقبل الفشلَ ولا يعترف به. ولا يطيق الخيباتِ. ولا يتراجع. لا يهدأ على الحلبة. يمد يدَه إلى أعدائه ثم لا يتردَّد في توجيه اللكمات. يقرأ العالمَ بنظارتيه لا بعيون الخبراءِ والمحللين. قدرةٌ استثنائية على الذهاب إلى الآخر. وقدرة استثنائية على الانعطاف. قدرة على الطمأنة وقدرة على الإقلاق. كثرة المعارك تضاعف شعوره بأنَّه على حق، وأنَّ القدرَ كلفه بإنقاذ بلاده ومعها العالم.
يمكن أن يستهلَّ اللقاء بحكاية صغيرة. كأن يقول إنَّ دعم السيد الرئيس سهل إجراء جراحة كبرى لقسم من الشرق الأوسط. وإنَّ الجراحة كانت صعبة وحساسة ومكلفة لكنَّها انتهت بتغيير ملامح المنطقة. وقد يروي أنَّه قبل سنتين كانَ باستطاعة صاروخ أن يسافرَ من طهران إلى بيروت ماراً بالعراق وسوريا، وحتى من دون استئذان سلطات البلدان الثلاثة. وكان باستطاعة «مستشار» من «الحرس الثوري» أن يسافرَ مع الصاروخ حاملاً إلى الأذرع ما يرسخ إقامتها في المحور ويعزز ترساناتها. وكان باستطاعة زائر سوريا أن يلتقي بشار الأسد في دمشق، وأن يذهبَ براً إلى الضاحية الجنوبية لبيروت للقاء حسن نصر الله. ويمكن أن يلتقيَ ليلاً هناك زعماء «حماس» و«الجهاد» الذين يقيمون في لبنان من دون موافقة سلطاته.
الدعم الأميركي ضمن التفوقَ العسكري والتكنولوجي وسهّل إجراء الجراحة. اليوم لم يعُد باستطاعة الصاروخ أن يسافر ويصل، والأمر نفسه بالنسبة إلى «المستشار» الذي كان يرافقه. سوريا التي كانت الجسر والممر والحاضنة تغرف الآن من قاموس آخر، ولا تطلب أكثر من العودة إلى اتفاق «فك الاشتباك» في مقابل الخروج من الشق العسكري في النزاع مع إسرائيل.
لبنان الذي كان منطلقاً لـ«جبهة الإسناد» دفع باهظاً ثمن ما فعل. أوقفت إسرائيل إطلاق النار، لكنَّها احتفظت لنفسها بحق مواصلة القتل اليومي على أرضه. من دون العمق السوري لا يستطيع «حزب الله» شنَّ حرب على إسرائيل، فضلاً عن أن تمسك الحزب بترسانته سيحرم لبنان من الاستقرار وإعادة الإعمار، ويعرضه لما هو أدهى.
انكسرتِ التوازنات السابقة والجيش الإسرائيلي يسيطر على أجواء معظم جيرانه، ويتحرك على أراضيهم. تغير المشهد. سوريا تطالب بضمانة أميركية. و«حماس» مثلها. ولبنان أيضاً. إيران نفسها تأمل في ضمانة أميركية. ترمب موزّع الضمانات.
يغمض نتنياهو عينيه ويتابع. يشعر فعلاً بالرغبة في شكر السيد الرئيس. تغيَّر المشهد تماماً. إطاحة نظامِ بشار الأسد قلبت المعادلات. ما يجري حالياً هو إعادة الفصائل إلى خرائطها بعدما حرمت من امتداداتها الإقليمية. إعادة الفصائل تتواكب مع إخراج الخرائط من النزاع، على الأقل في شقه العسكري. إزالة الركام في غزة ستستغرق سنواتٍ، ومثلها إعادة الإعمار. وفي غضون ذلك، ستكون «حماس» خارجَ المعادلة، أو محرومة على الأقل من مجرد التفكير في «طوفان» جديد.
لبنان أيضاً لن يكونَ قادراً على تشكيل مصدر خطر في السنوات القليلة المقبلة. أقصى ما يتمنَّاه هو تطبيق القرار 1701، وانسحاب إسرائيلَ من أراضيه، وتطبيق شعار «حصرية السلاح» بيد الدولة.
الملف الكبير هو إيران. تعهد ترمب بمنعِها من امتلاك قنبلة نووية قاطع. والجولة الأخيرة جعلتها طرفاً مباشراً في الحرب وحرمتها القدرة على خوض الحروب بالواسطة. الغاراتُ على طهران خرقت ما كانت تعدّه حصانتها. نجاح ترسانتها الصاروخية في إحداث دمار في شوارع تل أبيب، لا يعادل خسائرَها على مستوى المحور والأذرع. والسؤال: هل تختار طهران التعايشَ مع ترمب بانتظار انتهاء ولايته؟ وهل تستطيع العثور على خطوط دفاعية إقليمية تشبه ما كان يلعبه «حزب الله»؟
يعرف نتنياهو أن ترمب يحتاج إلى نجاح في غزة بعدما اكتشف صعوبة النجاح في أوكرانيا. فلاديمير بوتين يريد تركيع أوكرانيا قبل وقفِ النار معها، ولا يريد شريكاً أو مساعداً في الانتصار الكاسح عليها. لن يغضبَ نتنياهو موزّع الضمانات. صانع الحرب يمكن أن يساعدَ «صانع السلام». يمكنه القبول بوقف النار ثم البحث عن أساليب الالتفاف عليه. يمكن إبداء قدرٍ من المرونة في غزة بعد الفظاعات التي ارتكبت على أرضها. لم يبقَ شيء من غزة لتكون مصدر أخطار.
ينتظر خصومُ إسرائيلَ ضماناتِ «الشيطان الأكبر». وينتظر نتنياهو تفويضاً جديداً من سيّد البيت الأبيض يساعده في الذهاب إلى انتخابات. وثمة من يأمل في أن يستنتجَ ترمب أنَّ أفضلَ ضمانةٍ يمكن أن يوفرَها للمنطقة هي إبقاء «حل الدولتين» حياً ولو مؤجلاً. موزّع الضماناتِ هو أيضاً موزّع المفاجآت.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المستريحي يعلن استقالته : 'هذا فراق بيني وبينكم ولن أعود
المستريحي يعلن استقالته : 'هذا فراق بيني وبينكم ولن أعود

صراحة نيوز

timeمنذ 8 دقائق

  • صراحة نيوز

المستريحي يعلن استقالته : 'هذا فراق بيني وبينكم ولن أعود

صراحة نيوز- أعلن رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية، محمد عبدالله البستنجي، استقالته من منصبه برسالة صريحة حملت في طياتها عتبًا حادًا وانتقادًا لبعض الأصوات التي وجّهت له اللوم بعد القرار الحكومي الأخير المتعلق بالمركبات. وفي رسالة وجهها إلى مجلس إدارة الهيئة والمستثمرين، قال البستنجي بأنه وبعد دورتين من تمثيل المستثمرين، وتحمله ضغوطًا كبيرة دفاعًا عن مصالحهم، قرر وضع حد لمسيرته في الهيئة بسبب ما وصفه بـ'الجحود والنكران'، خاصة من بعض من اعتبرهم 'صدى للأصوات' التي لا تعي الواقع الحقيقي. وأضاف: 'عملت بضمير وقدّمت كل ما أستطيع، دون أن أطلب شكرًا أو مدحًا، لأنني كنت أؤدي واجبًا أمام الله وأمام ضميري'. وأوضح البستنجي أن القرار الحكومي بشأن المركبات هو قرار سيادي أعلى من صلاحياته، نافياً أن يكون له أي دور فيه، مشيرًا إلى أن الهجوم الذي تعرّض له غير مبرر ولا يستند إلى واقع. وفي لهجة حاسمة، أشار إلى أن البعض أخطأ الحساب حين ظن أن البستنجي يمكن أن يكون 'شماعة' يُعلّق عليها الفشل، مشددًا على أن الكرامة ليست محل مساومة، ولا يقبل بالتجريح الشخصي مهما كانت الظروف. وختم رسالته بالقول: 'أبلغت مجلس الإدارة بانتهاء تمثيلي… وقد طويت الصفحة. هذا فراق بيني وبينكم، ولن أعود'.

الدويري: كمين بيت حانون عملية مدروسة في عمق سيطرة الاحتلال
الدويري: كمين بيت حانون عملية مدروسة في عمق سيطرة الاحتلال

صراحة نيوز

timeمنذ 8 دقائق

  • صراحة نيوز

الدويري: كمين بيت حانون عملية مدروسة في عمق سيطرة الاحتلال

صراحة نيوز- قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن الكمين الذي استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيت حانون شمالي قطاع غزة الليلة الماضية، يُعد عملية نوعية خُطط لها بعناية، ونُفذت في منطقة ظنّ الاحتلال أنه يسيطر عليها بالكامل. وحذر الدويري من الانسياق خلف الرواية الإسرائيلية الرسمية، مشددًا على ضرورة التريث في قراءة التفاصيل الميدانية، خاصة في ظل تعقيدات الوضع العسكري وتضارب المعطيات القادمة من الميدان.

نادي الأسير الفلسطيني: الاحتلال يشنّ حملة اقتحامات في الضفة الغربية
نادي الأسير الفلسطيني: الاحتلال يشنّ حملة اقتحامات في الضفة الغربية

رؤيا

timeمنذ 9 دقائق

  • رؤيا

نادي الأسير الفلسطيني: الاحتلال يشنّ حملة اقتحامات في الضفة الغربية

اقتحامات واعتقالات في الضفة الغربية وهدم منشآت سكنية وتجارية بالقدس الاحتلال يشن حملة اقتحامات في الضفة الغربية.. وهدم بناية تضم محال وشققًا بعناتا شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، حملة اقتحامات ومداهمات واسعة في عدة مناطق بالضفة الغربية المحتلة، أسفرت عن اعتقال 16 مواطنًا فلسطينيًا ، في وقتٍ تواصل فيه سلطات الاحتلال سياساتها التصعيدية ضد الفلسطينيين في القدس المحتلة. و اقتحمت قوات الاحتلال في القدس، بلدة عناتا شمال شرق المدينة، وأقدمت على هدم بناية قيد الإنشاء في ضاحية السلام، تضم 15 محلًا تجاريًا و8 شقق سكنية تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين، بزعم عدم الترخيص. وفق ما أفاد به نادي الأسير الفلسطيني. وأوضحت محافظة القدس أن الاحتلال كان قد أصدر قبل أكثر من عام قرارًا يمنع استكمال البناء في الموقع، معتبرةً أن ما جرى يأتي ضمن سياسة الاحتلال الممنهجة و التي تهدف إلى تقييد التوسع العمراني الفلسطيني في المدينة. ووفق تقرير صادر عن المحافظة، نفذت سلطات الاحتلال 186 عملية هدم وتجريف خلال النصف الأول من العام الجاري، شملت: 54 عملية هدم ذاتي قسري أجبر فيها السكان على هدم منازلهم بأيديهم. 24 عملية تجريف.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store