logo
توماس براك على وشك المغادرة: وساطة انتهت قبل أن تبدأ

توماس براك على وشك المغادرة: وساطة انتهت قبل أن تبدأ

ليبانون ديبايتمنذ يوم واحد
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
قد نكون أمام أسابيع تفصل توماس براك عن مغادرة المسرح اللبناني. فالسفير الأميركي في تركيا، والمبعوث إلى سوريا، والمكلّف مؤقتاً بالملف اللبناني، أطلق رصاصة الرحمة على وساطته بنفسه، بعد تصريحاتٍ فجّة أثارت موجة قلق واسعة في بيروت.
في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونل" الإماراتية، قال براك إن "لبنان بحاجة إلى حلّ مشكلة سلاح حزب الله، وإلا فقد يواجه تهديداً وجودياً"، مضيفاً: "إذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام من جديد".
أثارت هذه التصريحات ضجة كبيرة في لبنان، لما تنطوي عليه من تلميحات تمسّ الكيان اللبناني، وتحديداً فكرة "لبنان الكبير" التي جاهد لأجلها قسم من اللبنانيين، كما خلقت التصريحات التباساً لدى أطراف أخرى، وطرحت مجدداً نظرية تلازم المسارات مع سوريا، وكأن الأمر دعوة إلى تسليم لبنان مجدداً إلى دمشق، لكن هذه المرة بـ"رعاية إسلامية" وبمباركة أميركية ضمنية.
وزارة الخارجية اللبنانية التزمت الصمت، على ما يبدو لأن المتحدث أميركي، لا إيراني. لكن براك خرج بنفسه ليتراجع خطوة إلى الوراء، مدّعياً أن تصريحاته "أُسيء فهمها"، وأنه كان في صدد الإشادة بـ"الخطوات اللافتة" التي تتخذها دمشق، لا تهديد لبنان.
لكن الوقائع قالت العكس. فقد أشارت مصادر أن براك تلقّى "لوماً" من إدارته، خصوصاً بعد دخول الرئاسة الأولى على خط الاعتراض. ويبدو أن واشنطن دفعته إلى إصدار توضيح لاحتواء الموقف.
تكيّف براك السريع مع الواقع اللبناني بدا لافتاً. بدا وكأنه "تلبنن" بشكلٍ أسرع من غيره. البعض ينسب ذلك إلى جذوره اللبنانية التي تحرّكت عليه فجأةً. لكن الواضح أن أداءه أثار ريبة داخل الإدارة الأميركية على الرغم من قربه من الرئيس دونالد ترمب، التي لا تبدو عليها علامات الإرتياح من المسار المتبع من جانب مبعوثها، تحديداً لناحية تفرّده أو تمايزه في بعض الخطب أو المواقف عن الخط الأميركي الرسمي المرسوم، وهو ما لا تتسامح معه واشنطن في العادة، ما يعيد إلى الأذهان تجربة مورغان أورتاغوس، التي شكلت مواقفها "الفجة" جزءاً من أسباب إبعادها عن منصبها.
هذا الاحتمال أصبح أكثر واقعية بعدما صدر توضيح حازم من المتحدثة باسم البيت الأبيض، تامي بروس، بعد ساعات فقط من تصريحات براك، فنّدت فيه ما قاله لناحية التفريق بما يتعلق بـ"الجناحين العسكري والسياسي" في حزب الله، وأكدت أن "واشنطن لا تميّز بين الجناحين السياسي والعسكري للحزب، وتعتبره تنظيماً إرهابياً بالكامل".
في الخلفية، يتصاعد النزاع داخل الإدارة الأميركية حول الجهة التي يجب أن تدير الملف اللبناني. البيت الأبيض، بقيادة فريق ترمب، يسعى إلى إحكام سيطرته المباشرة عليه. أما وزارة الخارجية، التي جُرّدت من ملفات كبرى في الشرق الأوسط كإيران وفلسطين وسوريا وتركيا، فتسعى لاستعادة نفوذها.
براك نفسه ألمح خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت إلى أن مهمته قد تنتهي في أيلول. تحديد هذا التاريخ ليس هامشياً. الوساطة الأميركية وُضعت لها مهلة مؤقتة تمتد بين تموز وآب لمحاولة نيل أجوبة من لبنان حيال مشروعه "حصر السلاح". وقد يكون ذلك مراتبطاً أيضاً بقرب إنتهاء الكونغرس من ورشة منح التفويض إلى جويل رايبورن، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، والذي تقع مسؤولية الملف اللبناني ضمن صلاحياته.
بناءً على ذلك، يُتوقّع أن يعود براك إلى بيروت قبل نهاية تموز الجاري (أو في آخره) حاملاً الرد الأميركي على رسالة الرد اللبنانية على الرسالة التي سلّمها برّاك بنفسه بتاريخ 19 حزيران الماضي. على الأرجح، ستكون هذه زيارته الأخيرة، وستتخللها جولة سياسية وداعية قبل أن يُعلن رسمياً عن نقل الملف إلى وزارة الخارجية أو إلى مندوب آخر.
لكن هذه التحركات تجري على إيقاع تصعيد ميداني يلوح في الأفق. فإسرائيل حددت مهلة تنتهي في أيلول إفساحاً في المجال لتطبيق ما سمّته بيروت "حصر السلاح". وهو التوقيت نفسه الذي حدّدته واشنطن كأقصى مدى للوساطة. وفي هذه الفترة، يتمتع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصلاحيات شبه مطلقة بفضل عطلة الكنيست الصيفية، ما يفتح الباب أمام إعتماد نهج أكثر تشدداً تجاه لبنان معززاً بتحركات أحادية، قد تشمل تصعيدًا عسكرياً لحمل بيروت على إتخاذ مواقف أكثر راديكالية تجاه حزب الله.
في المقابل، تسعى تل أبيب لمحاصرة الحزب ميدانياً عبر توجيه ضربة جديدة له، وقد بات الحزب موضوع في صورته، بينما تراهن واشنطن على الاستفادة من هذا المناخ لدفع وساطة جديدة، عبر شخصية أخرى، معتقدةً بأنها في صدد نيل أوراق ربطاً بالتصعيد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد غارات البقاع.. أدرعي: "أهداف تابعة لقوة الرضوان"!
بعد غارات البقاع.. أدرعي: "أهداف تابعة لقوة الرضوان"!

تيار اورغ

timeمنذ 18 دقائق

  • تيار اورغ

بعد غارات البقاع.. أدرعي: "أهداف تابعة لقوة الرضوان"!

كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفخاي أدرعي عبر منصة إكس: "جيش الدفاع بدأ شن غارات تستهدف أهدافًا تابعة لقوة الرضوان التابعة لحزب الله في منطقة البقاع بدأت طائرات سلاح الجو قبل قليل بتوجيه من هيئة الاستخبارات والقيادة الشمالية بمهاجمة عدة أهداف إرهابية تابعة لحزب الله في منطقة البقاع في لبنان. في اطار الضربات تم استهداف معسكرات تابعة لقوة الرضوان التي تم رصد داخلها عناصر إرهابية ومستودعات استخدمت لتخزين وسائل قتالية كان يستخدمها حزب الله. لقد استخدم حزب الله الارهابي المعسكرات المستهدفة لتنفيذ تدريبات وأعمال تأهيل بهدف تخطيط وتنفيذ مخططات ضد قوات جيش الدفاع ودولة إسرائيل. في اطار أعمال التأهيل كان يخضع لتدريبات باطلاق النار واستخدام وسائل قتالية من أنواع مختلفة. وكانت وحدة قوة الرضوان التابعة لحزب الله تعتبر الوحدة التي خططت ودفعت بخطة احتلال الجليل على مدار سنوات. لقد تم القضاء على قادة الوحدة في شهر ايلول 2024 في بيروت وجنوب لبنان خلال عملية سهام الشمال ومنذ ذلك الحين تعمل الوحدة في محاولة لاعادة اعمار قدراتها. وقد روّجت الوحدة التهديد البري المركزي الذي انشأه حزب الله لتقوم قوات جيش الدفاع بالعمل ضد الوحدة على مدار العامين الماضين لتمنع محاولاتها اعادة بنائها. يشكل تخزين وسائل قتالية وأنشطة لحزب الله داخل هذه المواقع بمثابة خرقًا فاضحًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان وتهديدًا مستقبليًا لدولة إسرائيل. سيواصل الجيش العمل بقوة لإزالة اي تهديد على دولة اسرائيل وسيمنع المحاولات لاعادة اعمار حزب الله."

أزمة تمويل التعليم بأمريكا.. إدارة ترامب تجمّد مليارات الدولارات وسط اتهامات بغياب الشفافية
أزمة تمويل التعليم بأمريكا.. إدارة ترامب تجمّد مليارات الدولارات وسط اتهامات بغياب الشفافية

صدى البلد

timeمنذ ساعة واحدة

  • صدى البلد

أزمة تمويل التعليم بأمريكا.. إدارة ترامب تجمّد مليارات الدولارات وسط اتهامات بغياب الشفافية

يواجه حوالي 300 طالب في منطقة كليفلاند هايتس بولاية أوهايو الأمريكية تغييرات في برامج الدروس الخصوصية بعد المدرسة وبرامج تعليم اللغة الإنجليزية، ما لم تُفرج إدارة الرئيس دونالد ترامب عن منحة اتحادية بقيمة 860 ألف دولار قبل بدء العام الدراسي الجديد. هذه المنحة جزء من أكثر من 6 مليارات دولار من أموال التعليم الفيدرالية التي جُمّدت منذ الأول من يوليو على مستوى الولايات المتحدة، مما ترك إدارات المدارس، ومنها كليفلاند هايتس بقيادة المشرفة إليزابيث كيربي، في مأزق مالي. وقالت كيربي: "لم نتلقَ أي معلومات حول ما إذا كانت هذه الأموال ستصل أم لا". وتأتي هذه الضبابية في ظل نمط أوسع اتبعته إدارة ترامب، حيث قلّت التفاصيل المتاحة حول كيفية توزيع الأموال العامة، وهو ما أثار انتقادات حتى من بعض الجمهوريين في الكونغرس. صرحت السيناتورة الجمهورية سوزان كولينز، رئيسة لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ، بأن تأخر الميزانيات وعدم وضوح تفاصيلها يهدد شفافية الحكومة ومساءلتها أمام الشعب. من جهته، لم يعلق البيت الأبيض ولا مكتب الإدارة والميزانية (OMB) على الاستفسارات الصحفية، لكنهما كانا قد أشارا سابقًا إلى أن تجميد أموال التعليم جزء من "مراجعة برامجية مستمرة"، عقب نتائج أولية تُشير إلى "إساءة استغلال صارخة" لبعض المنح لدعم أجندة يسارية متطرفة، بحسب وصف الإدارة. ويؤكد خبراء الميزانيات أن هذا النمط من عدم الإفصاح عن تفاصيل الإنفاق يشكّل سابقة خطيرة ويعرقل العملية المالية المعمول بها منذ إقرار النظام الحديث للميزانيات الفيدرالية عام 1974. وقال ديفيد تايلور، المسؤول السابق في مكتب الميزانية بالبيت الأبيض في عهد الرئيس جورج بوش الأب: "لم يسبق أن كانت المعلومات المتاحة حول إنفاق الوكالات الحكومية أقل موثوقية مما هي عليه الآن". وعلى الرغم من أن الدستور الأمريكي يمنح الكونغرس سلطة تحديد كيفية إنفاق أموال دافعي الضرائب، إلا أن إدارة ترامب وقّعت في مارس الماضي على مشروع قانون تمويل مؤقت للسنة المالية الكاملة، لكن هذا لم يمنعها من التباطؤ في تقديم الخطط التفصيلية، أو إرسال بيانات غير مكتملة. وقد أعربت شخصيات بارزة من الحزبين، مثل السيناتور باتي موراي والنائب توم كول، عن استيائهم من غياب الشفافية. حتى كبار المسؤولين في الحكومة، مثل وزير الدفاع بيت هيغسيث ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل، أقروا خلال جلسات استماع بأنهم لا يملكون جميع التفاصيل المطلوبة. وتبرز الأزمة بوضوح في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، حيث احتوى مخططها المالي على 530 نجمة بدلاً من أرقام حقيقية تحدد المخصصات المالية. وقالت النائبة الديمقراطية ديبي واسرمان شولتز إن تعامل الإدارة مع الكونغرس في نقل مئات الملايين من الدولارات بين الحسابات "غير مسبوق"، وهو ما أيده رئيس اللجنة الجمهوري النائب جون كارتر، مؤكدًا أن هذه الأعراف المالية الراسخة "لن تتغير الآن"

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store