
ملف أرباح المؤثرين يعود للواجهة.. المعارضة تطالب بآليات ضبط ضريبي عادلة
ورغم التصريحات الحكومية المتكررة التي توعدت بإخضاع هؤلاء لنظام ضريبي عادل، إلا أن تطبيق هذا التوجه ما زال يراوح مكانه، في ظل غياب إطار تنظيمي واضح، يضمن العدالة الجبائية ويحمي المبادرة الفردية في الآن ذاته.
وعاد النقاش حول هذا الموضوع عاد بقوة إلى الواجهة منذ مناقشة قانون المالية برسم السنة الحالية، حيث طالبت عدة أصوات داخل المؤسسة التشريعية بإدماج مداخيل المؤثرين ضمن الوعاء الضريبي، خصوصًا أن هذه الأنشطة الرقمية تحوّلت إلى مصدر دخل قار لفئة واسعة من الشباب المغربي.
وغالبًا ما يتم تحصيل هذه المداخيل من خلال إعلانات ترويجية ممولة، أو شراكات مع علامات تجارية، أو عبر المحتوى المدفوع الذي تقدمه بعض المنصات العالمية، في غياب أي شكل من أشكال التصريح الجبائي الرسمي أو التتبع المؤسساتي.
وفي هذا السياق، يرى عدد من المتتبعين للشأن العمومي أن فرض ضريبة على المؤثرين لا يمثل فقط مطلبًا اقتصاديًا مرتبطًا بتوسيع قاعدة الملزمين، بل يعكس أيضًا حاجة مجتمعية ملحة لضبط نوعية المحتوى الرقمي المنتشر.
فالكثير من صناع المحتوى، بحسب آراء عدد من النشطاء، يحققون مداخيل ضخمة قد تتجاوز أحيانًا 100 مليون سنتيم سنويًا، مقابل تقديم محتوى يوصف في الغالب بالتافه أو غير المفيد، وهو ما أثار ردود فعل متزايدة من قبل شرائح مجتمعية تعتبر أن المشهد الرقمي بحاجة إلى تقنين ومراقبة، ليس فقط على مستوى المداخيل، بل أيضًا على صعيد الرسائل الموجهة إلى فئة الشباب.
من جانب آخر، لم تبق المعارضة البرلمانية بمنأى عن هذا الجدل، حيث وجّه الفريق الحركي بمجلس النواب سؤالًا كتابيًا آنيا إلى وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي تساءل فيه عن الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها من أجل إدماج هذه الفئة ضمن المنظومة الضريبية، دون المساس بحرية المبادرة أو تعقيد الإجراءات أمام الشباب الراغب في الاستفادة من الاقتصاد الرقمي.
واعتبر رئيس الفريق، ضمن سؤاله، أن إخضاع المؤثرين للضريبة يجب أن يتم وفق رؤية شاملة تضمن العدالة وتستند إلى معايير شفافة، مع خلق نظام جبائي مبسط يشجع على التصريح الطوعي.
السؤال البرلماني ذاته طالب بالكشف عن الدراسات المقارنة التي قد تكون الوزارة قامت بها للاطلاع على التجارب الدولية في هذا المجال، خاصة في ظل وجود نماذج أوروبية وآسيوية سبقت إلى تنظيم القطاع وفرض ضرائب على أرباح المؤثرين، من خلال آليات رقمية تتيح تتبع المعاملات وضبط سقف الأرباح بصورة دقيقة.
كما شدد على ضرورة توضيح الأدوات التي ستعتمدها الحكومة لتحديد دخل المؤثرين ومداخيلهم القابلة للضريبة، بما يضمن عدم التهرب من الأداء، وفي الوقت نفسه يشجع الممارسات القانونية والمهنية داخل هذا القطاع.
ومع تزايد حدة النقاش، ترتفع التوقعات بأن يشهد المغرب خلال الأشهر المقبلة تحركًا رسميًا في اتجاه تقنين نشاط المؤثرين رقميا وماليًا، إما من خلال مقتضيات قانونية جديدة، أو عبر مراسيم تنظيمية تُدرج تدريجيًا هذه المداخيل ضمن منظومة الضرائب الوطنية، خصوصًا أن الحكومة سبق أن أعلنت نيتها توسيع قاعدة دافعي الضرائب، في إطار تعزيز موارد الميزانية العامة وضمان العدالة الجبائية بين مختلف فئات المجتمع.
ويظل التحدي الأبرز في هذا السياق هو الموازنة بين مصلحة الدولة في تحصيل الموارد، وحق الشباب في الاستفادة من الفرص الرقمية الجديدة، دون فرض أعباء معقدة قد تُعيق تطور الاقتصاد الرقمي الوطني.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 7 ساعات
- بلبريس
"الجيل الغاضب": 7 من كل 10 شباب مغاربة لا يثقون في المنتخبين
كشف تقرير وطني حديث صادر عن جمعية "المواطنون" عن "أزمة ثقة حادة وخطيرة" بين الشباب المغربي والمؤسسات المنتخبة، مشيرًا إلى أن 7 من كل 10 شباب يصرحون بعدم ثقتهم في المنتخبين أو في الهيئات الرسمية، في ما وصفه التقرير بـ"مؤشر على شك ديمقراطي عميق يهدد مستقبل المشاركة السياسية بالمغرب". ووفقًا للتقرير المعنون بـ"كيف يرى الشباب الالتزام المواطن؟"، فإن هذه الأزمة لا تظهر في شكل احتجاجات صاخبة أو مواجهات، بل تتجلى في انسحاب صامت من الفضاء العام، وعزوف متزايد عن المشاركة، وشعور بعدم الجدوى واللامبالاة. أرجع التقرير هذا التراجع الخطير إلى "غياب نتائج ملموسة" على الأرض، و"صعوبة الوصول إلى المنتخبين"، إضافة إلى إحساس واسع وسط الشباب بأنهم يُعاملون كمجرد فئة تحتاج إلى "تحسيس"، لا كشركاء فاعلين في صناعة القرار. وفي مناطق متعددة، عبّر عدد من الشباب عن "خيبة أملهم" من مشاورات لا تنتج شيئًا، ومشاريع تُطلق دون إشراك فعلي، ما يجعل الديمقراطية، بنظرهم، مجرد قشرة شكلية لا تغيّر شيئًا من واقعهم اليومي. ورغم هذا العزوف الواقعي، يشير التقرير إلى أن الشباب المغربي يُظهر دينامية رقمية عالية، حيث يشارك 68% منهم في النقاشات السياسية و الاجتماعية عبر شبكات التواصل الاجتماعي. لكن المفارقة، وفق الجمعية، أن المؤسسات العمومية "تتجاهل هذا الحضور الرقمي"، ولا تبادر إلى تفاعل حقيقي، ما يكرّس شعورًا بـ"الاحتقار الرقمي". الحملات الحكومية الرقمية، إن وُجدت، توصف بأنها أحادية الاتجاه، بلا تفاعل، وتُخلف تعليقات وأسئلة بلا ردود. هذه الفجوة الرقمية، بحسب التقرير، تعمق الشعور بالإقصاء، وتُبعد الشباب أكثر عن القنوات الرسمية. منصات ميتة وآليات مشلولة أبرز التقرير أن نحو 50% من الشباب لا يشاركون في آليات المشاركة الرقمية الرسمية، رغم توفر منصات مثل أو بوابات المشاورات العمومية. والسبب هو أن هذه المنصات، وفق الجمعية، غير موجهة للشباب أصلاً: تصميمها معقّد، لا تُناسب الهواتف المحمولة، وتفتقر للتفاعل أو التغذية الراجعة. وفي القرى والمناطق النائية، الوضع أسوأ. فقط شاب واحد من كل ثلاثة يشارك رقميًا في آليات تشاركية. لأسباب متعددة وفق التقرير، أبرزها تغطية إنترنت ضعيفة، أجهزة غير متوفرة، وغياب تكوينات في المهارات الرقمية الأساسية. ما يخلق، حسب التقرير، "فجوة مزدوجة": تكنولوجية ومعرفية، تعيد إنتاج التفاوتات الاجتماعية حتى في الفضاء الرقمي. ورغم ذلك، يشير التقرير إلى طاقة شبابية هائلة تُترجم إلى محتوى رقمي مواطن: بودكاستات، قنوات يوتيوب، ومدونات تسلط الضوء على قضايا اجتماعية محلية. لكن هذه المبادرات، يقول التقرير، "مهملة تماماً من طرف المؤسسات"، وتعمل دون دعم، ولا تحظى بأي اعتراف رسمي، ما يُفقدها فرص التأثير الواسع أو التطور. وأخيرًا، طالب 67% من الشباب المستجوبين بالحصول على تكوينات مخصصة، وولوج أفضل للمعلومة العمومية، حتى يتمكنوا من تطوير مشاريع رقمية مواطنة ذات أثر واقعي. إذ يرون في الفضاء الرقمي أملًا وحيدًا لإسماع صوتهم في ظل انسداد باقي القنوات. التقرير الذي استغرق إنجازه أكثر من عام، وشمل 12 جهة من المملكة، استمع إلى أكثر من 1100 شاب وشابة من خلفيات اجتماعية ومجالية متنوعة، عبر "مقاهي المواطنة" ومجموعات تركيز، خلص إلى نتيجة مقلقة مفادها أن "جيلا بأكمله يشعر أنه غير مسموع... ولا مرئي... ولا محسوب في معادلة القرار".


العيون الآن
منذ 7 ساعات
- العيون الآن
فضيحة تهز كلية الحقوق بجامعة ابن زهر: سطو على الممتلكات، تبذير مالي، وتلاعب بنقاط الطلبة
العيون الآن. أكادير –أشرف بونان في فضيحة تهز أركان كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة ابن زهر، تتكشف يومًا بعد يوم تفاصيل مثيرة للقلق حول تصرفات العميد السابق للكلية، التي وُصفت بأنها 'انتهاك صارخ' لأخلاقيات الإدارة الجامعية ومبادئ الحوكمة. اتهامات بالسطو على ممتلكات الكلية، تبذير أموال عامة، والتلاعب بنقاط الطلبة، أثارت موجة غضب عارمة بين الأساتذة والطلبة، وسط مطالبات عاجلة بتحقيق شفاف ومساءلة قضائية. بحسب شهود عيان، شوهدت مساء يوم إعفاء العميد السابق، حوالي الساعة السابعة، شاحنة نقل بضائع تغادر مقر الكلية محمّلة بكراسي فخمة كانت جزءًا من تجهيزات مكتبه. هذا التصرف، الذي تم دون أي إشراف رسمي أو توثيق إداري، أثار استنكارًا واسعًا، حيث اعتبره البعض عملية استيلاء غير قانوني على ممتلكات المؤسسة. 'كيف يمكن لمسؤول أكاديمي، يفترض أن يكون قدوة، أن يتصرف بهذه الطريقة؟'، يتساءل أحد الطلبة الذين تحدثوا إلى الصحافة، معبرًا عن خيبة أمل الجسم الطلابي. تتفاقم الأزمة مع اتهامات بتبذير مبلغ يقارب 200 مليون سنتيم من ميزانية الكلية خلال فترة ولاية العميد السابق. وبحسب مصادر مطلعة، لم يتم تقديم أي تقارير مالية توضح أوجه صرف هذا المبلغ، مما يثير تساؤلات كبيرة حول شفافية التسيير المالي. هذه الواقعة تضع الإدارة السابقة تحت المجهر، وسط مطالبات بتدقيق شامل للحسابات لكشف أي تجاوزات محتملة. الأخطر من ذلك، كشفت مصادر موثوقة عن تورط العميد السابق في عمليات تغيير نقاط طلبة مقربين منه، باستخدام تواريخ سابقة لتضليل النظام الإداري. هذا التصرف، الذي ينتهك مبدأ تكافؤ الفرص ويعرّض مصداقية العملية التعليمية للخطر، أثار استياءً عارمًا بين الطلبة. 'هذا ظلم صارخ، كيف يمكن للجامعة أن تتغاضى عن مثل هذه الممارسات؟'، يقول أحد الطلبة المتضررين، الذي طالب بحماية حقوق زملائه. الفضيحة أشعلت حالة من الغليان داخل الكلية، حيث دعا أساتذة وطلبة إلى فتح تحقيق مستعجل ونزيه للوقوف على حيثيات هذه التجاوزات. كما طالبوا بتفعيل المساءلة القضائية في حال ثبوت التهم، لحماية المال العام وسمعة الجامعة. في يونيو 2025، أُعفي رئيس جامعة ابن زهر السابق، عبد العزيز بنضو، بناءً على تقرير لجنة تفتيش وزارية، وعُين عبد الرحمان أمسيدر رئيسًا جديدًا للجامعة، في خطوة تهدف إلى استعادة الثقة في المؤسسة. كما زارت لجنة تفتيش من وزارة التعليم العالي الكلية للتحقيق في قضايا الفساد الإداري و المالي وغيرها من التجاوزات. لكن، مع غياب بيانات رسمية حول مصير اتهامات العميد السابق، تبقى مخاوف من إمكانية طي الملف دون محاسبة. كلية الحقوق بجامعة ابن زهر تعيش على وقع زلزال إداري وأخلاقي، يضع الجميع أمام اختبار حقيقي للنزاهة والشفافية. الأيام المقبلة ستكون حاسمة لمعرفة ما إذا كانت الجهات المعنية ستتحرك بحزم لمعالجة هذا النزيف، أم أن الفضيحة ستنضم إلى قائمة الملفات المطوية. الجامعة، كمؤسسة للعلم والمعرفة، تستحق إدارة تحترم قيمها وتحمي حقوق طلبتها. فهل يتحقق ذلك؟


مراكش الآن
منذ 15 ساعات
- مراكش الآن
آسفي تختتم المعرض الوطني للكبار بإقبال جماهيري ضخم
شهدت مدينة آسفي اختتام الدورة السابعة للمعرض الوطني للكبار الأربعاء، محققة أرقاماً قياسية تعكس تنامي قطاع الكبار بالمغرب. فقد أعلن محمد الزنايني، رئيس الجمعية الإقليمية لمنتجي الكبار بآسفي، المنظم الرئيسي للحدث، أن عدد الزوار تجاوز 510 آلاف زائر من مختلف الفئات والأعمار، في حين بلغت القيمة الإجمالية للمبيعات حوالي 490 مليون سنتيم. أفاد الزنايني بأن هذا الإقبال الجماهيري يمثل زيادة بنسبة 20% مقارنة بالنسخة السابقة، مما يؤكد تزايد الاهتمام بهذا المنتج. الدورة السابعة، التي انعقدت تحت شعار 'الجيل الأخضر وسلسلة الكبار: دور البحث العلمي في التنمية المستدامة في ظل التغيرات المناخية'، استضافت 154 تعاونية من مختلف أقاليم المملكة. هذه التعاونيات عرضت باقة غنية من المنتجات المحلية، موزعة على 34 منتجاً مجارياً، مما عكس التنوع والجودة والهوية المحلية للمنتجات المعروضة في أروقة المعرض. وأكد الزنايني أن 'الثقة الملكية السامية التي حظيت بها جمعيتنا لتنظيم هذا المعرض تظل وسام فخر ومسؤولية كبرى، نلتزم بمواصلتها بكل صدق وعزم، خدمة للفلاحة التضامنية والتنمية المجالية'، مشدداً على الدور المحوري للمعرض في دعم التعاونيات وتحفيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. من جانبه، أشاد المختار الغنباز، النائب الأول للغرفة الفلاحية لجهة مراكش آسفي، بـ'النجاح الباهر' الذي حققه المعرض على المستويين التنظيمي والإشعاعي. وأشار إلى أن الإقبال الجماهيري كان ملحوظاً بفضل تنوع المنتجات وجودتها المتميزة، مؤكداً أن المعرض، الذي يمتد على مساحة 3200 متر مربع، شكل مناسبة مهمة للتبادل بين مختلف الفاعلين في القطاع الفلاحي، بما في ذلك المهنيون، المنتجون، التعاونيات، شركات الصناعات الفلاحية، الباحثون، والمهتمون بالقطاع. أبرز الغنباز أن هذه الدورة، التي نُظمت تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، بشراكة بين وزارة الفلاحة والجمعية الإقليمية لمنتجي الكبار بآسفي، وبالتعاون مع عمالة إقليم آسفي، والغرفة الفلاحية لجهة مراكش-آسفي، والمجلس الإقليمي والجماعة الترابية لآسفي، تميزت بحفل اختتام احتفالي. وشمل الحفل تقديم شواهد تقدير للجهود الجماعية التي أسهمت في إنجاح هذا الحدث التنموي البارز. كما تميزت الدورة بتنظيم العديد من الندوات العلمية المتعلقة بسلسلة الكبار، التي تُعد من أهم الزراعات الواعدة في القطاع الفلاحي على الصعيد الوطني. يُصنف المغرب ضمن المصدرين الرئيسيين للكبار عالمياً، حيث تبلغ صادراته السنوية حوالي 17 ألف طن تُوجه نحو 15 دولة، منها إيطاليا، إسبانيا، والولايات المتحدة الأمريكية. تغطي زراعة الكبار حالياً مساحة تقدر بـ31 ألف هكتار، بإنتاج سنوي يبلغ 24 ألف طن. وتبرز جهة مراكش-آسفي، وخاصة إقليم آسفي، كمركز رئيسي لهذه الزراعة، حيث تمثل 41% من الإنتاج الوطني. وتشهد هذه الزراعة دينامية متواصلة بفضل الجهود المشتركة للحكومة والمهنيين والشركاء، من خلال زراعة أكثر من 4000 هكتار إضافي، ومواكبة أكثر من 120 تعاونية فلاحية، بالإضافة إلى الاعتراف بعلامة الجودة 'IGP câpres de Safi'. وقد شهدت هذه الزراعة تطوراً كبيراً بجهة مراكش آسفي عبر إنجاز مشاريع الفلاحة التضامنية لفائدة صغار الفلاحين بالمناطق البورية، لتصل المساحة المغروسة اليوم إلى 7500 هكتار، منها 7000 هكتار بإقليم آسفي.