
حكام الخليج هم ثروة الخليج
ألم يتهم صدام الرئيس حسني مبارك -بشهادة مبارك نفسه- بأنه رخو وليس صلباً، فقد اعتمد صدام على أن كل تلك الضغوطات سوف تنتهي ويتآكل الموقف الدولي من الغزو، وبالتالي يفوز بكعكة الخليج.
يقول الجنرال «نورمان شوارتزكوف» قائد قوات التحالف في حرب تحرير الكويت في كتابه الشهير: إن قوات التحالف التي تدفقت إلى المملكة العربية السعودية بداية الغزو كانت لمنع صدام من التمدد جنوباً باتجاه السعودية، ثم تولى الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- إقناع الأمريكان بتشكيل تحالف سعودي دولي لتحرير الكويت. لقد أخذ الفهد على عاتقه تلك المهمة ونجح فيها.
انتهت الحرب وخرج العراق من الكويت، وعاد الكويتيون وآل الصباح العائلة الحاكمة الكريمة إلى بلادهم، لكن شيئاً واحداً لم ينتهِ، وهو طمع بعض حكومات وشعوب دول الإقليم في ثروات الخليج العربي، وهذه ليست تهمة يتهربون منها، فهي إحدى أولى أولويات المثقف قبل السياسي.
لكن الأهم عندهم هو كيف يفككون العلاقة الوثيقة بين حكام الخليج وشعوبهم، فهم يعلمون يقيناً أنهم لو استطاعوا تفكيك تلك العلاقة فمن السهولة الاستيلاء على الثروات لاحقاً، ولذلك عملوا على مدى عقود على ضرب مصداقية ومكانة العائلات الحاكمة، وتفكيك المجتمعات الخليجية، ثم إضرام النار بين شعوبها بالكراهية والأحقاد والخلافات، بل وصل الأمر لمحاولة تنفيذ انقلابات ضدها، وأخيراً الغزو المباشر، الذي هدف إلى الإتيان بعملاء يحكمون يمكّنونهم من رقاب الخليجيين.
وما كان العداء للأسر الحاكمة الخليجية إلا بسبب عدم القدرة على التحكّم بالقرار السياسي والمالي لدول الخليج، ولو سمحت تلك الدول باستباحة قرارها السيادي والمالي لما جوبهت بكل تلك الحروب الإعلامية والاتهامات، وفي يقيني أن سبب غزو العراق كان فشل صدام في السيطرة على قرار الكويت ومن ثم ثرواتها، ولا أدل من ذلك تشكيل حكومة صورية أول أيام الغزو.
البحرين تعرّضت لمؤامرة كبرى بداية ما يسمى الخريف العربي، وكان المستهدف رمزية الأسرة الحاكمة. الإمارات العربية المتحدة تعرّضت هي الأخرى لخيانة من تنظيم الإخوان المسلمين الذي شكّل تنظيماً عصابياً للاستيلاء على السلطة. السعودية تعرّضت مبكراً لمحاولات المتطرفين زعزعة استقرارها بدءاً من تفجيرات الخبر 1996، وتفجيرات الرياض وينبع والخبر ومكة المكرمة، فضلاً عما تعرّضت له الكويت طوال تاريخها من زعزعة لاستقرارها وأخيراً غزو غاشم.
ومع كل الحملات والتشويه المتعمد، سقطت محاولات الفصل بين الأسر الحاكمة وشعوبها، بسبب نجاح الأسر الحاكمة في توظيف الثروات وتوزيعها على مواطنيها بل وحتى المقيمين، فالتعليم، والتأهيل، والتنمية الاجتماعية، والرعاية الصحية، والبنية التحتية المتطورة، وجودة الحياة، ومنح القروض الميسرة للإسكان، كلها رسّخت ولاءً يصعب كسره.
لم تخشَ الأسر الحاكمة في الخليج من شعوبها، بل ساعدتهم في التعلم، والتحضر، ليكونوا البنية الأساسية للقفز بدولهم إلى ما هي عليه اليوم من مكانة اقتصادية وتعليمية وحضارية دولية.
الكراهية لم تبقِ بين يدي صدام وأمثاله، بل تجاوزتهم إلى عقول ونفوس الكثير، ولعلنا نتذكر كيف أن الكويت في الستينات والسبعينات -انطلاقاً من موقف عروبي- احتضنت المقاومة الفلسطينية، بل وتحوّلت صحافتها إلى منبر مفتوح للسردية الفلسطينية، ومع ذلك اختصر ياسر عرفات علاقاته بإنكار المعروف، وتأييد غزو الكويت، والارتماء خلف صدام، إذ كان عرفات وبقية المتحالفين يتوقعون سقوط بقية دول الخليج واحدة تلو الأخرى في شباك لصوص النفط الجدد.
الحقد وتمني زوال الثروات الخليجية قديم قدم ظهور النفط في بوادي الخليج. وللتذكير فقد ظهر البترول بكل أنواعه ومشتقاته في كثير من الدول في الإقليم، لكن النجاح الخليجي كان في القدرة على توظيف تلك الثروات الناضبة وتحويلها لاقتصاد مستدام، ولذلك فإن ثروة الخليج الحقيقية ليست في النفط فقط، بل في الأسر الحاكمة التي استطاعت إدارة تلك الثروات وتعظيم أثرها.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 12 دقائق
- الاقتصادية
ولي العهد السعودي يبحث مع رئيس مجلس الوزراء الكويتي تعزيز التعاون في مختلف المجالات
بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع رئيس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد الصباح أوجه التعاون الثنائي وسبل تعزيزه وتطويره في مختلف المجالات، وذلك في قصر نيوم اليوم. كما جرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وأوجه التعاون الثنائي وسبل تعزيزه وتطويره في مختلف المجالات، إضافة إلى تبادل الأحاديث حول عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. حضر الاستقبال، صاحب السمو الأمير سلطان بن سعد بن خالد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى دولة الكويت، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، ومعالي مساعد وزير المالية الأستاذ هندي السحيمي، ونائب المحافظ رئيس الإدارة العامة للاستثمار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق الاستثمارات العامة الأستاذ يزيد الحميد. فيما حضر من الجانب الكويتي، سمو الشيخ مشعل جابر الأحمد الصباح المدير العام لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر، وسمو الشيخ سعود بن سالم عبدالعزيز الصباح العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار.


صحيفة سبق
منذ 12 دقائق
- صحيفة سبق
ولي العهد يستقبل رئيس مجلس الوزراء بدولة الكويت ويستعرضان العلاقات التاريخية وأوجه التعاون الثنائي
استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في قصر نيوم اليوم، سمو الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء بدولة الكويت. وجرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وأوجه التعاون الثنائي وسبل تعزيزه وتطويره في مختلف المجالات، إضافة إلى تبادل الأحاديث حول عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. حضر الاستقبال، صاحب السمو الأمير سلطان بن سعد بن خالد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى دولة الكويت، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، ومعالي مساعد وزير المالية الأستاذ هندي السحيمي، ونائب المحافظ رئيس الإدارة العامة للاستثمار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق الاستثمارات العامة الأستاذ يزيد الحميد. فيما حضر من الجانب الكويتي، سمو الشيخ مشعل جابر الأحمد الصباح المدير العام لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر، وسمو الشيخ سعود بن سالم عبدالعزيز الصباح العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار.


العربية
منذ 42 دقائق
- العربية
ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء الكويتي يبحثان التعاون الثنائي
بحث ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مع رئيس مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح، العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وأوجه التعاون الثنائي وسبل تعزيزه وتطويره في مختلف المجالات. #فيديو_واس — واس الأخبار الملكية (@spagov) August 4, 2025 كذلك تبادلا الأحاديث بشأن عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، جاء ذلك في أثناء استقبال ولي العهد السعودي، في قصر نيوم بالشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء بدولة الكويت.