
لماذا نستمتع بمشاهدة برامج الجرائم الواقعية؟
لماذا نحب أعمال الجريمة الواقعية؟
تُعد أعمال الجرائم الواقعية من أكثر الأعمال مشاهدة واستهلاكا حول العالم، وقد يكون هوسنا بهذا المحتوى مرتبطا بعدة عوامل، منها مثلا أنها تُثير حاجتنا الفطرية لفهم العالم، خاصة فيما يتعلق بفهم التهديدات المحتملة في بيئاتنا.
كما أنها تمنحنا الفرصة لمعالجة مخاوفنا في بيئة آمنة. وفي النهاية، نحن نريد أن نرى الأشرار يُقدَّمون للعدالة، لذا نهتم بالنتيجة ومشاهدة هذا النوع من الأعمال دون مقاطعة.
وتشير الطبيبة النفسية الأميركية جين كيم إلى أن الناس قد يتابعون محتوى الجرائم الواقعية لأنه يُذكرهم بحظوظهم الجيدة وحياتهم الآمنة مقارنة بالضحايا، الأمر الذي يساعدهم على الشعور بالوعي الكافي لتجنب مواقف الجرائم المماثلة، ويُذكرهم بأخلاقهم وقِيَمهم الذاتية، ويجعلهم يشعرون بالتعاطف مع الضحايا، بل ويجعلهم يستمتعون بالفضول والرغبة في حل اللغز.
وبحسب الإحصائيات، فإن النساء يملن إلى الاهتمام بمحتوى الجرائم الحقيقية أكثر من الرجال. وتُظهر الأبحاث أن الجرائم التي تحظى بأكبر قدر من الاهتمام هي تلك التي تتضمن قاتلا ذكرا لضحايا إناث، وأن النساء ينجذبن أكثر إلى الحالات التي تكون فيها الضحية مشابهة لهن.
الاستنتاج في علم النفس للهوس بمتابعة قصة جريمة حقيقية قد يكون وسيلة للنساء للشعور ب الخوف والقلق المرتبط بهذا التهديد ولكن في بيئة آمنة. فهن عندما يقرأن أو يشاهدن هذه القصص، يشعرن بتدفق الأدرينالين ويتخيلن أنهن في الموقف ذاته.
وعندما تختبر النساء هذا التفاعل الفسيولوجي وهن على يقين أنهن بأمان، تُتاح لهن فرصة معالجة تلك المخاوف العميقة لا شعوريا، ما يعزز من إحساسهن بالسيطرة.
تأثيرات طويلة المدى على رؤيتنا للعالم
من ناحية أخرى، تقول الدكتورة تشيفونا تشايلدز، الأخصائية النفسية الأميركية، إن نظرتنا للعالم يمكن أن تتغير بسهولة إذا كنا نتابع باستمرار قصص جرائم القتل المروعة.
ويرجع ذلك إلى أن الإفراط في مشاهدة هذا المحتوى العنيف قد يؤدي إلى الشعور بالحذر المفرط تجاه الآخرين – وحتى الأشخاص الذين نعرفهم ونثق بهم منذ زمن طويل، ونبدأ في تغيير سلوكياتنا ومفاهيمنا وقناعاتنا عن العالم من حولنا.
ومن خلال تتبع هذه القصص ومشاهدتها باستمرار، يمنحنا هذا التعرُّض المتواصل شعورًا مبالغًا فيه بمدى شيوع الجرائم العنيفة، واحتمالية الوقوع ضحية لها. وبالتالي، قد يصبح خوفنا غير متناسب مع المخاطر التي نتعرض لها.
ويخلص خبراء الصحة النفسية والعقلية إلى أن التعرض المفرط لهذه القصص يمكن أن يسبب التوتر والقلق والكوابيس والارتياب، إذ يتلقى متخصصو حل الجرائم والمحققون تدريبات دورية في الصحة النفسية لتجنب هذه المشكلات، ومع ذلك يواجهونها في كثير من الأحيان بالرغم من خبراتهم.
وتدريجيا، من الممكن ل مشاعر القلق المتزايدة تلك أن تؤدي إلى العزلة والاكتئاب، وهو أمر مضر بصحتنا النفسية بشكل عام وقد يؤثر بصورة طويلة المدى على جودة الحياة.
مدخل للمعاناة من القلق والاكتئاب
في دراسة بعنوان "العلاقة بين الخوف من الجريمة والصحة النفسية والأداء البدني"، وجد باحثون في المعهد الدولي للمجتمع والصحة بقسم علم الأوبئة والصحة العامة في كلية لندن الجامعية أن الخوف من الجريمة يرتبط بتدهور الصحة النفسية، وتراجع الأداء البدني، وتراجع جودة الحياة بشكل عام، وهو ما يمكن ربطه بشكل مباشر بالمتابعة الكثيفة لأعمال تجسيد الجرائم الواقعية.
كما وجدت الدراسة أن الخوف من الجريمة قد يؤدي إلى تغيرات عاطفية وسلوكية، مثل تجنب الأنشطة الاجتماعية والأماكن الخارجية، وانعدام الثقة بالآخرين، والقلق، وجنون الارتياب وغيرها، وصولاً للاكتئاب الحاد.
معايشة التجارب الصادمة
لا تتوقف المؤشرات المقلقة لميل الكثيرين لاستهلاك أعمال الجرائم الواقعية عند هذا الحد، بل يمكنها أن تكون مؤشرا على صدمات نفسية وعقلية عميقة متجذرة في الماضي ولم يتم علاجها بعد.
وحول ذلك، تقول الدكتورة إليزابيث جيجليتش، أستاذة في كلية جون جاي للعدالة الجنائية، عن سبب انجذاب الناجين من الصدمات النفسية إلى قصص الجرائم الحقيقية إلى الرغبة في فهم أنفسهم وشفائها.
وأضافت "قد يستمتع الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الصدمات النفسية" بالجرائم الحقيقية حتى يتمكنوا من "إعادة تجربة تلك المواقف المؤلمة في بيئة آمنة حيث تكون لديهم سيطرة أكبر وقدرة في الحصول على العدالة والنهاية المرجوّة".
وبالرغم من كون هذه المحاولات بمثابة خطوات بسيطة للتعافي ، فإن متابعة الجرائم الواقعية لا يكفي لكي يتم المضي قدما بالحياة بشكل فعال، خاصة إذا كانت التجارب السابقة قاسية ومؤلمة وتتضمن الكثير من العنف أو المعاناة، إذ قد تسبب استحضارا قاسيا للذكريات والخبرات المؤلمة، وتدفع الأشخاص لمزيد من المعاناة.
وختاما، ينصح خبراء الصحة النفسية والعقلية بالاعتدال في كل شيء، والانتباه للمؤشرات التي تدل على أنك بحاجة للاستراحة والانقطاع عن متابعة أعمال العنف والجرائم ، مثل المعاناة من الخوف والقلق المتزايد، أو عدم الإحساس بالأمان وتخيل سيناريوهات التعرض لحوادث مماثلة، حينها قد يكون من الأنسب اختيار أحد الأعمال الكوميدية في أمسيتك الترفيهية المقبلة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 18 دقائق
- الجزيرة
تحقيق للشيوخ الأميركي: انهيار أمني وإخفاقات لا تغتفر وراء محاولة اغتيال ترامب
خلص تحقيق لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إخفاقات "لا تغتفر" في محاولة اغتيال الرئيس دونالد ترامب خلال تجمّع انتخابي قبل عام. وحمل التقرير جهازَ الخدمة السرية المسؤولية عن هذه الإخفاقات، داعيا إلى إجراءات تأديبية أكثر جدية. وأشارت اللجنة في تقريرها -الذي نشرته لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية بمجلس الشيوخ- إلى أن "ما حدث لا يغتفر والتدابير المتّخذة على أثر الإخفاق حتى الآن لا تعكس مدى خطورة الوضع". وقد أعطت الواقعة زخما لحملة ترامب للعودة إلى البيت الأبيض ، إذ استخدمت -لجذب الناخبين- صورة له وهو مصاب رافعا قبضته قبيل إخراجه من الموقع. ولم يعطِ التقرير أي معلومات جديدة حول دافع المسلّح الذي لم يتّضح بعد، لكنه اتّهم جهاز الخدمة السرية بـ"سلسلة إخفاقات كان يمكن تجنّبها كادت أن تكلّف الرئيس ترامب حياته". وقال الجمهوري راند بول رئيس اللجنة إن "جهاز الخدمة السرية أخفق في التحرّك بعد معلومات استخبارية موثوق بها، وأخفق في التنسيق مع سلطات إنفاذ القانون المحلية". انهيار أمني وتابع بول "رغم تلك الإخفاقات، لم يُفصل أي شخص" مضيفا "كان هناك انهيار أمني على كل المستويات" لافتا إلى أن ذلك كان "مدفوعا بلامبالاة بيروقراطية وغياب البروتوكولات الواضحة وبرفض صادم للتحرك ردا على تهديدات مباشرة". وأشار إلى "وجوب محاسبة الأفراد والحرص على تطبيق كامل للإصلاحات لكي لا يتكرر ذلك". وتحدث جهاز الخدمة السرية عن أخطاء على المستويين التواصلي والتقني، مشيرا إلى أخطاء بشرية، وقال إن إصلاحات يجري تطبيقها لا سيما على مستوى التنسيق بين مختلف جهات إنفاذ القانون وإنشاء قسم مخصص للمراقبة الجوية. وقد اتُّخذت إجراءات تأديبية بحق 6 موظفين لم تكشف أسماؤهم، وفقا لهذا الجهاز. واقتصرت التدابير العقابية على الوقف عن العمل بدون أجر بين 10 و42 يوما، ونُقل الأفراد الستة إلى مناصب محدودة المسؤوليات أو غير عملانية. وفي حديثه عن محاولة الاغتيال، في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال ترامب "لقد ارتُكبت أخطاء" لكنه أعرب عن رضاه عن التحقيق. وفي مقابلة -على شاشة قناة فوكس نيوز- قال الرئيس الأميركي إن قنّاص الجهاز الحكومي "تمكّن من إرداء (مطلق النار) من مسافة بعيدة بطلقة واحدة. ولو لم يفعل ذلك لكان الوضع أسوأ". أمر لا ينسى وفي توصيفه للأحداث قال ترامب "إنه أمر لا ينسى". وتابع "لم أكن أعلم بالضبط ما كان يحدث. لقد تعرضت لـ(محاولة) اغتيال. لا شك في ذلك. ولحسن الحظ، انحنيت بسرعة. كان الناس يصرخون". وقدمت مديرة جهاز الخدمة السرية كيمبرلي تشيتل استقالتها من المنصب بعد 10 أيام من محاولة الاغتيال، في ظل تدقيق صارم بشأن دور الجهاز. وقال مدير جهاز الخدمة السرية الحالي شون كوران -في بيان- إن الجهاز تسلم التقرير وسيواصل التعاون مع اللجنة. وأضاف كوران "في أعقاب تلك الأحداث، أجرى الجهاز مراجعة شاملة لعملياته، وبدأ في تنفيذ إصلاحات جوهرية لمعالجة الإخفاقات التي وقعت في ذلك اليوم". يُذكر أنه في 13 يوليو/تموز 2024، أطلق مسلّح النار على المرشح الجمهوري للرئاسة آنذاك ترامب خلال تجمع انتخابي في مدينة باتلر بولاية بنسلفانيا، مما أسفر عن إصابته في أذنه. وقُتل شخص، وأصيب آخران -إضافة إلى ترامب- قبل أن يردي قناص الجهاز الحكومي المسلّح توماس كروكس البالغ 20 عاما.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
إدارة ترامب تدافع عن أساليبها العنيفة في توقيف المهاجرين
دافعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استخدام أساليب عنيفة في توقيف للمهاجرين غير النظاميين على أيدي عناصر فدراليين ملثمين ومسلحين، بعد أيام من حكم لقاضية فدرالية جاء فيه أن التوقيفات تتم "على أساس العرق فقط". وشرح مسؤول الحدود توم هومان، ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم وجهة نظر الإدارة في البرامج الحوارية اليوم الأحد، غداة وفاة عامل مزرعة في كاليفورنيا بعد إصابته في عملية دهم لمزرعة قانونية للقنب. وأمرت القاضية مامي إيووسي مينساه فريمبونغ الجمعة الماضي بوقف "الدوريات المتجولة" التي تستهدف المهاجرين غير المسجلين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، قائلة إن عرق الشخص أو لغته أو مكان عمله لا يشكل مبررا كافيا. وقال هومان في برنامج "حال الاتحاد" على "سي إن إن" إن "الوصف الجسدي لا يمكن أن يكون السبب الوحيد لاحتجاز شخص ما واستجوابه" بل يعتمد الأمر على "مجموعة واسعة من العوامل". بيد أن هومان أقر بأن المظهر كان أحد هذه العوامل، وقال إن هناك في بعض الأحيان "توقيفات جانبية" لأشخاص أبرياء في عمليات دهم مستهدفة. وأكد أن الإدارة ستلتزم بقرار القاضية لكنها ستستأنفه، فيما وصفت نويم قرار القاضية بأنه "سخيف" وانتقدت ما وصفته بطبيعته "السياسية". وأضافت الوزيرة في برنامج "فوكس نيوز صنداي"، "نبني عملياتنا وتحقيقاتنا دائما على أبحاث في القضايا، وعلى معلومات بشأن الأفراد الذين نستهدفهم لأنهم مجرمون". وتعهّد ترامب خلال حملته الانتخابية بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، واتخذ منذ توليه الرئاسة عددا من الإجراءات التي تهدف إلى تسريع عمليات الترحيل والحد من عبور الحدود. وباعتبارها "مدينة ملاذ" تضم مئات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين، أصبحت لوس أنجلوس في مرمى نيران إدارة ترامب منذ عودته إلى السلطة في يناير/كانون الثاني. وبعدما أثارت عمليات الدهم التي شنتها إدارة الهجرة والجمارك (آيس) احتجاجات الشهر الماضي، أرسل ترامب الحرس الوطني ومشاة البحرية لاحتواء الاضطرابات. واعتبر حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم أن تلك القوات ليست ضرورية للتعامل مع الاحتجاجات السلمية في معظمها، لكن جهوده القانونية لسحبها باءت بالفشل حتى الآن. ويوم الخميس الماضي، دهم عناصر من إدارة الهجرة والجمارك مزرعة قنب في مقاطعة فينتورا قرب لوس أنجلوس، وأوقفوا نحو 200 مهاجر، ما أدى إلى صدامات. وسقط أحد العمال أثناء مطاردته من عناصر "آيس" من سطح دفيئة زراعية، وتوفي أمس السبت متأثرا بإصاباته. ووصف هومان وفاته بأنها "محزنة" لكنه أوضح أن الرجل لم يكن رهن الاحتجاز لدى إدارة الهجرة والجمارك وقت وفاته.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
شاهد.. ميسي يسجل هدفا رائعا من ركلة حرة بالدوري الأميركي
سجل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي (قائد إنتر ميامي) هدفا مبهرا خلال مباراة فريقه ضد ناشفل في الدوري الأميركي لكرة القدم، عبر ركلة حرة مباشرة مخادعة. اقرأ المزيد