
غزّة .. كربلاء العصر
في كل زمانٍ يُولد كربلاء جديد. ليست كربلاء واقعة منتهية في التاريخ بل روح متكررة تختبر ضمير الأمة وتقيس مدى صدقها في مواجهة الطغيان والوقوف مع المظلوم. واليوم تقف غزة في قلب كربلاء المعاصرة والدم الفلسطيني يسيل على درب الحسين متحدياً جبروت يزيد العصر: الكيان الصهيوني.
كربلاء لم تكن معركةً عسكرية فقط بل كانت صرخة في وجه الاستسلام والذل ثورة على الانحراف الثقافي والسياسي والأخلاقي الذي أصاب الأمة بعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). والحسين (عليه السلام) لم يخرج طالباً سلطة بل خرج 'لطلب الإصلاح في أمة جده' وهي ذات الروح التي تحرك المقاوم الفلسطيني اليوم حين يقف وحيداً في الميدان مدركاً أن ميزان القوى لا يرجّح كفته لكنه يؤمن كما آمن الحسين أن الدم إذا سُفك في سبيل الله يُحدث في وعي الأمة ما لا تفعله الجيوش.
غزة منذ شهور تخوض كربلاءها. الأطفال يُذبحون كما ذُبح الرضيع عبد الله في أحضان أبيه والبيوت تُحرق كما أُحرقت خيام آل بيت النبوة والنساء تسبى وتُشرد وتُقتل كما سُبيت زينب وكُنّ في قلب المصيبة. وكل ذلك يجري على مرأى ومسمع «أمة المليار» التي صمت أغلبها كما صمتت الأمة وأهل الكوفة وتخاذلت كما تخلّى أهل الشام وتفرّجت كما تفرّجت القبائل حين عُرض رأس الحسين على رمح في طرقات الدولة الأموية.
بعد أن ذُبحت غزة هل سيبقى العالم كما هو؟ هل تستقر أوضاع الأمة؟ أم تبدأ الأمة تغلي وتبدأ اللعنات تتوالى والنكبات تتساقط عليها جيلًا بعد جيل وحتى نعيش نحن اليوم في زمنٍ تتساقط فيه العروش وتُفضح فيه الشعارات وتُكشف فيه كل وجوه الزيف والتطبيع والعمالة.
لن تسلم للأمة قضيّتها لن تسلم لها كرامتها لن تسلم لها هويتها. وما أسوأ الإنسان حين يسمع صرخات الأبرياء من غزة ثم يجد نفسه يخذل غزة ويبرر للجلاد أو يصمت في وقتٍ تكون الكلمة فيه أشرف من ألف رصاصة. إنه أسوأ من ذلك الذي نشأ في حضن الكيان الصهيوني وتربى على الولاء له. لأنه خذل وهو يعلم ورضي وهو يسمع وسكت وهو يرى الدم ينزف.
وانظروا إلى التاريخ… أليست غزة اليوم مثل الحسين بالأمس .. أليست محاصرة غريبة مستضعفة تواجه طغيان يزيد العصر وحدها.. أليست الأمة تتفرج كما تفرجت الأمة على الحسين آنذاك؟ ثم ستندم كما ندم أهل العراق لكن بعد فوات الدم بعد فوات الأبطال بعد فوات زمن العظماء.
لو كان الموقف في وقته لو كانت الغضبة في أوانها لو كان السيف صادقاً يوم طُلب منه أن ينصر لربما تغير وجه الأمة من جذوره. لربما عادت فلسطين محررة وعادت القدس شامخة ولربما لم نكن نعيش اليوم زمن الذل والتطبيع والانهيار.
لكن العرب يفرّطون كما فرّطوا بآل البيت… ثم لن يبقى لهم سوى الندم. يندبون الحسين وهم خذلوه واليوم يبكون غزة وهم خذلوها.
ويا لها من خسارة… ليست كخسارة أرض أو مدينة. بل هي خسارة أمّة حين تفقد أعظم رجالها حين يتم اغتيالهم وهي تعلم أنهم على الحق حين يقتل عليٌّ ويُذبح الحسين وتُخنق غزة تحت ركام الصمت.
هي نكبة الأمة أن تذبح عظماءها أو تتركهم وحدهم في الميدان. هي النكبة حين لا ندرك القيمة إلا بعد أن تُفقد ولا نفيق إلا بعد أن يسقط الجدار ويدخل العدو .
لكن في غزة كما في كربلاء هناك 'حسين' وهناك 'زينب' وهناك من يقول بملء القلب والدم: «لن نركع»، «لن نساوم»، «لن نبيع القضية». والمقاومة الفلسطينية رغم الألم والحصار والجراح تؤكد بدمها أنها ليست مجرد حركة مقاومة بل نهج كربلائي أصيل يحمل روحية «هيهات منا الذلة».
وإذا كانت كربلاء قد أخرجت للأمة معياراً خالداً للحق والباطل فإن غزة اليوم تعيد ترسيم هذا المعيار. ليس الحياد موقفاً ولا الصمت خياراً. من لم يكن مع الحسين، فهو مع يزيد ومن لم يقف مع غزة فهو شريك في الجريمة حتى بصمته.
غزة تفضح المواقف كما فضحت كربلاء جُبن القاعدين. تفرز الصفوف وتكشف الأقنعة وتحفر في وجدان الأمة سؤالاً لا يسقط بالتقادم: أين كنت حين ذُبح الحسين .. وأين تقف اليوم وغزة تُذبح ويُباد أهلها؟
فغزة اليوم، هي كربلاء العصر… وأطفالها شهداء الطف… ومقاوموها هم آل بيت الكرامة… و'هيهات منا الذلة' شعارهم في زمنٍ غاب فيه الشرف عن كثير من العواصم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد العربي
منذ 31 دقائق
- المشهد العربي
محمد بن راشد: إنجازنا مشروع مليار وجبة بالكامل
أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي اليوم الجمعة، عن إنجاز المشروع الإنساني الذي أطلقه في رمضان 2022؛ لتوفير مليار وجبة للمحتاجين حول العالم، بالكامل. وقال الشيخ محمد بن راشد: "أطلقنا قبل 3 أعوام مشروعنا الإنساني لتوفير مليار وجبة للمحتاجين حول العالم، وبحمدالله تم خلال الشهر الجاري إنجاز المشروع بالكامل، حيث تم توزيع مليار وجبة في 65 دولة حول العالم، وسيتم توزيع 260 مليون وجبة إضافية خلال العام القادم". وأضاف حاكم دبي: "كما أنشأنا أوقافاً عقارية مستدامة أيضا لضمان استمرارية إطعام الطعام للمحتاجين حول العالم في الأعوام القادمة". وتابع: نحمد الله على نعمة العطاء، ونحمد الله على نعمة الوفاء بالوعد، ونحمد الله على نعمة هذا البلد الطيب الذي عم خيره العالم، الإمارات وشعبها وأدامهم للخير عنواناً ومقصداً". وجاءت مبادرة "مليار وجبة" في رمضان عام 2022، استكمالاً للنجاح الذي حققته حملتا "10 ملايين وجبة" و"100 مليون وجبة" اللتان تم إطلاقهما في عامي 2020 و2021. وتعد مبادرة "مليار وجبة"، أكبر مبادرة إطعام من نوعها في المنطقة، وتسعى إلى توفير الدعم الغذائي للفئات الأقل حظاً من الأفراد والأسر والنساء والأطفال، وذلك في إطار نهج شمولية العمل الإنساني الذي تتبعه دولة الإمارات بتقديم المساعدة والعون في المجتمعات كافة من دون تمييز. وفي عام 2023، تم إطلاق مبادرة "وقف المليار وجبة" كأكبر صندوق وقفي لإطعام الطعام، والذي سيوفر عائداً مالياً مستداماً لضمان استمرارية مبادرة "مليار وجبة" وتوفير مئات الملايين من الوجبات حول العالم. وأكد محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء الأمين العام لمؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، أن مؤسسة المبادرات تعمل برؤى وتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على حشد الجهود والموارد لتحسين الأمن الغذائي في المجتمعات الأقل حظاً، مشيراً إلى أن النجاح الذي حققته مبادرة "مليار وجبة" جاء ثمرة للتفاعل المجتمعي الكبير الذي حظيت به المبادرة والمساهمات السخية من قبل الأفراد والمؤسسات في دولة الإمارات لتحقيق مستهدفاتها النبيلة. ونوه بأهمية الدور الذي لعبه الشركاء من منظمات أممية، وجهات إقليمية ومحلية لتنفيذ مبادرة "مليار وجبة"، ما مكنها من توفير مليار وجبة لمستحقيها حتى يوليو الجاري، ووضع الخطط لاستكمال توفير الوجبات وصولاً إلى إجمالي 1.26 مليار وجبة تم التعهد بتوفيرها حتى نهاية 2026. وقال معاليه: "مستمرون في تعزيز شراكاتنا الاستراتيجية محلياً وإقليمياً وعالمياً لمساندة الفئات الأكثر احتياجاً وصياغة حلول مستدامة لمواجهة التحديات الغذائية، ولا شك في التزام مؤسسة (مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية) بالمساهمة في القضاء على الجوع لا يتعلق فقط بتوفير الوجبات الغذائية، بل يتضمن مساعدة المجتمعات على صياغة خطط وبرامج متكاملة لمواجهة الفقر ومخاطر سوء التغذية، وهو ما يعمل عليه طيف واسع من المنظمات الأممية، والجهات الإقليمية والمحلية بما يتماشى مع رؤية مؤسسة المبادرات للتنمية المستدامة". وتنقسم خطة تنفيذ مبادرة "مليار وجبة" لمسارين رئيسيين مع شركائها، هما الدعم الغذائي المباشر، حيث يتم توزيع الطرود الغذائية، والوجبات، والمكملات الغذائية، والقسائم الذكية وغيرها من الوسائل التي تتيح للمستفيد الوصول للدعم الغذائي بشكل مباشر، أما المسار الرئيسي الثاني فهو المشاريع المستدامة، ويتمثل في دعم مشاريع مستدامة تمكن الأفراد والأسر من إيجاد مصادر للغذاء دون الحاجة إلى دعم غذائي مباشر، مثل مبادرات تمكين المزارعين وخلق الوظائف في مجالات إنتاج الغذاء وغيرها.


الدستور
منذ 41 دقائق
- الدستور
الباز: الأديان لم تأتِ لعذاب البشر والمغالاة الدينية تسىء لصورتها (فيديو)
تحدث د. محمد الباز، رئيس مجلسي إدارة وتحرير "الدستور"، عن كتابه "أفكار منحرفة"، لا سيما الفصل المتعلق بعنوان: "هل الأديان سبب شقاء البشرية؟"، موضحًا أن الإجابة لا تكمن في الأديان نفسها، بل في طريقة تعامل رجال الدين معها. وأوضح الباز، خلال استضافته في برنامج "مساء الياسمين" الذي تقدمه الإعلامية ياسمين الخطيب عبر قناة "الشمس": "الأديان لم تأتِ لشقاء الناس، بل لسعادتهم، فالله الرحيم لم يخلق البشر ليعذبهم، بل منحهم طريقًا للسكينة والرحمة". وأشار إلى مظاهر الشقاء المرتبطة بالأديان إلى سلوكيات بعض رجال الدين، الذين حملوا النصوص ما لا تحتمل، قائلًا: "الأزمة ليست في الأديان، بل في تفاعل بعض المتدينين معها، نحن نحمل الإسلام مسئولية أكثر مما ينبغي، بينما التجاوزات الدينية موجودة في كل الأديان". وتابع: "حتى المفاهيم الدينية التي تُفهم باعتبارها عذابًا دنيويًا، مثل بعض العبادات المغالى فيها، لا تُقصد بها المشقة أصلًا، فالإسلام، في جوهره، لا يحمّل الإنسان فوق طاقته، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: يسّروا ولا تعسّروا".

مصرس
منذ 43 دقائق
- مصرس
مطالب برلمانية بتغليظ عقوبة عقوق الوالدين
أكدت النائبة شادية خضير، عضو مجلس النواب، أنها تطالب بإصدار قانون لتجريم عقوق الوالدين، موضحة أن قانون الإجراءات الجنائية به عقوبة للسب والضرب، من شخص ضد الأخر، ولكن لا توجد عقوبة مشددة إذا تمت من الابن تجاه الأب أو الأم. وأضافت عضو مجلس النواب، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "علامة استفهام" تقديم الإعلامي مصعب العباسي، يجب إعطاء فرصة للمشرع بتغليظ العقوبة إذا كانت تتم من الأبناء ضد الأب والأم.اقرأ أيضا|بعد وفاة أحمد عامر.. «أزهري» يوجه رسالة مؤثرة ل «حمو بيكا»ولفتت إلى أنه في فترة ما كانت هناك جرائم كثيرة تتم من الأبناء ضد الأباء، ولذلك نطالب بتغليظ العقوبة، لمنع هذه القضية، مؤكدة أنها تتلقى شكاوى كثيرة من سيدات كبار يتعرضن لمشكلات من الأبناء، ولذلك تغليظ العقوبة على من يسب والديه أو يتركهم أو يضربهم سيحميهم.وأوضحت أنها طالبت بأن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد على 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه، ولا تزيد على 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بعقوق والديه، سواء بالسب أو القذف أو الإهانة أو الترك، وتضاعف العقوبة إذا ترتب على الفعل إحداث أضرار صحية بأى من الوالدين".وأشارت إلى أن الله أوصى بالمعاملة الحسنة للوالدين، والله قال في كتابه الكريم "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا"، فالآية الكريمة تأمرنا بالإحسان للوالدين وطاعتهما وعدم عقوقهما وتدعونا السنة النبوية إلى ذات المعنى.اقرأ أيضا|لماذا الإسلام دين السلام؟| عالم بالأوقاف يُجيب