logo
الأطلسي من أجل الساحل: المغرب يعيد رسم خرائط الجغرافيا الإفريقية والتموقع الاستراتيجي في القارة

الأطلسي من أجل الساحل: المغرب يعيد رسم خرائط الجغرافيا الإفريقية والتموقع الاستراتيجي في القارة

المغرب الآنمنذ 21 ساعات

في لحظة تبدو فيها إفريقيا الغربية على صفيح ساخن من التحولات والانقلابات، يخرج المغرب بمبادرة بحجم القارة، تنقل ملف الهجرة والاندماج الإقليمي من مجرد معالجة أمنية أو إنسانية إلى رؤية إستراتيجية عابرة للحدود والجغرافيا التقليدية:
فتح منفذ بحري لدول الساحل الإفريقي على المحيط الأطلسي عبر التراب المغربي.
لكن ما الذي يعنيه هذا المشروع؟ ولماذا الآن؟ ومن المستفيد؟ وهل نحن أمام تحول دبلوماسي واقتصادي هادئ لكن عميق في معادلات إفريقيا ما بعد 'الإكواس' وما بعد فرنسا؟
مشروع أكبر من طريق: عندما تصبح الجغرافيا أداة دبلوماسية
حين طرح الملك محمد السادس مبادرته في خطاب رسمي عام 2023، لم يكن يتحدث فقط عن بنية تحتية، بل عن
إعادة تموقع مغربي داخل إفريقيا
، يرتكز على تقديم بدائل واقعية وحيوية لدول الساحل، بعد أن فشلت أدوات الهيمنة التقليدية، وتعثرت رهانات الغرب على العسكريين المحليين أو التدخلات المحدودة النجاعة.
يأتي المشروع في وقت حساس، تتراجع فيه فرنسا عن مواقعها الاستعمارية السابقة، بينما تبحث الدول المتضررة من العقوبات (مالي، النيجر، بوركينا فاسو) عن شركاء جدد خارج المنظومة التقليدية. ويبدو أن الرباط قرأت التحولات الجيوسياسية بذكاء، وأدركت أن الفراغ لا يدوم، وأن من يقدم البنية التحتية، يكسب النفوذ طويل الأمد.
الجزائر… الحاضر الغائب في معادلة الأطلسي
من زاوية الجغرافيا، قد تبدو الجزائر أقرب إلى دول الساحل من المغرب، لكن في الواقع، تحوّلت إلى طرف متوتر في هذه المعادلة، بعد أن
فقدت الكثير من أوراقها في مالي والنيجر
، واندلعت معها خلافات حدودية وعسكرية مباشرة، كما في حالة الطائرة المسيّرة التي أسقطت في الشمال المالي.
في المقابل، استقبل الملك محمد السادس وزراء خارجية الدول الثلاث (مالي، النيجر، بوركينا) في الرباط في أبريل 2024، وهي إشارة دبلوماسية قوية إلى من يريد الاستماع: المغرب بات
الفاعل الإفريقي المقبول إقليمياً، والموثوق دولياً.
الرباط ما بعد 'برخان': قراءة في فشل الآخرين
حين تتحدث الباحثة بياتريس ميزا من الجامعة الدولية للرباط عن فشل عملية 'برخان' الفرنسية، فإنها لا تشير فقط إلى انسحاب باريس، بل إلى الفشل البنيوي لمنظومة التدخلات الأوروبية في إفريقيا. من هنا، يبرز المغرب كـ'جسر' ثلاثي: يربط أوروبا بإفريقيا من بوابة الأطلسي، ويمنح دول الساحل بديلاً عن الأبواب الموصدة في وجهها.
فهل تنجح الرباط في
إقناع القوى الكبرى
بتمويل هذا المشروع؟ فرنسا، أمريكا، ودول الخليج أعربت عن دعمها، لكن التمويل لا يكفي دون ضمانات أمنية، في منطقة لا تزال عرضة للتمردات والهجمات المسلحة.
من الداخلة إلى نيامي: ممر اقتصادي أم شريان سيادي؟
الطريق الذي سيربط المغرب بكل من النيجر ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا، سيكلف حوالي مليار دولار. لكنه يتجاوز البعد اللوجستي. فهو يعيد طرح سؤال السيادة الاقتصادية لهذه الدول التي كانت حتى الأمس القريب
رهينة لموانئ 'الإكواس'
، مثل بورتو نوفو والسنغال وساحل العاج.
من هنا، يصبح المشروع أيضا وسيلة لتحرير هذه البلدان من 'الخنق الجيوسياسي'، وربطها بميناء الداخلة الأطلسي الجديد، الذي بلغت نسبة إنجازه 38%، ويفترض أن يكون جاهزًا في 2028، وهو ميناء سيحمل شعار:
مغربٌ إفريقيٌّ في خدمة إفريقيا.
العقبات: من يملك الأرض؟ من يؤمن الطريق؟
حتى الآن، لا تزال بلدان التحالف الثلاثي تعاني من ضعف البنية التحتية، قلة المركبات، وهشاشة شبكات الطرق. كما أن تأمين الطريق وسط جماعات جهادية يتطلب
تعاونًا أمنيًا غير تقليدي
، يدمج الجيوش المحلية، والمبادرات المجتمعية، والدعم الاستخباراتي الإقليمي.
لكن التحدي الحقيقي ليس في الجغرافيا ولا في المال، بل في
استمرارية الرؤية المغربية
وتحصينها ضد التبدلات السياسية المفاجئة في المنطقة. فهل تملك الرباط 'نَفَسًا طويلًا' يؤهلها للعب هذا الدور الجديد؟ وهل ستصمد إستراتيجيتها أمام منافسة قوى دولية وإقليمية بدأت تراقب بحذر؟
خلاصة: ما بعد 'الطريق'… أي مستقبل لإفريقيا؟
المغرب اليوم لا يقترح طريقًا فقط، بل
يضع تصورا جديدًا للعلاقات بين شمال إفريقيا وعمقها الجنوبي
، يقوم على المصالح المتبادلة، والنقل، والتدريب، والتكامل، بدل منطق السيطرة والمعونات. إنها لحظة تاريخية تعيد فيها الرباط صياغة دورها، ليس كوسيط، بل كـ
شريك ذكي وفاعل من داخل البيت الإفريقي.
لكن ما يظل معلقًا هو السؤال المركزي: هل سيكون المشروع رافعة حقيقية لتغيير موازين القوى؟ أم سيتحول بدوره إلى 'حلم إقليمي كبير' اصطدم بالواقع الأمني والبيروقراطي؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

النهضة والفضيلة يدين الهجوم على السمارة ويدعو لتصنيف 'البوليساريو' منظمة إرهابية
النهضة والفضيلة يدين الهجوم على السمارة ويدعو لتصنيف 'البوليساريو' منظمة إرهابية

صوت العدالة

timeمنذ ساعة واحدة

  • صوت العدالة

النهضة والفضيلة يدين الهجوم على السمارة ويدعو لتصنيف 'البوليساريو' منظمة إرهابية

أعرب حزب النهضة والفضيلة عن إدانته الشديدة للهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة السمارة في الأقاليم الجنوبية، والذي نفذته ميليشيا 'البوليساريو' الانفصالية من خلال قصف بمقذوفات قرب ثكنة تابعة لبعثة الأمم المتحدة 'المينورسو'، دون تسجيل أي خسائر في الأرواح. وفي بلاغ توصلت به وسائل الإعلام، وصف الحزب الهجوم بـ'الجبان والغادر'، معتبراً أنه يعكس حالة الارتباك التي تعيشها الجبهة الانفصالية ومن يقف وراءها، في إشارة إلى النظام العسكري الجزائري، وذلك على وقع النجاحات المتتالية التي تحققها المملكة المغربية دبلوماسياً تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأكد حزب النهضة والفضيلة أن هذا الفعل الإجرامي يمثل خرقاً صريحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وانتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي، داعياً الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وكافة المنظمات الدولية، إلى تحمل مسؤولياتهم إزاء هذا التصعيد الخطير، والعمل على إدراج 'البوليساريو' ضمن لوائح الإرهاب الدولي. كما عبّر الحزب عن تقديره الكبير للأدوار البطولية التي تضطلع بها القوات المسلحة الملكية والأجهزة الأمنية في الذود عن وحدة الوطن وتأمين سلامة المواطنين، مشدداً على ضرورة الحفاظ على التعبئة الوطنية وتعزيز الاصطفاف الشعبي خلف جلالة الملك لمواجهة كل محاولات المساس بالوحدة الترابية للمملكة. وفي ختام بلاغه، دعا الحزب المجتمع الدولي إلى تبني المقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره المبادرة الواقعية الوحيدة الكفيلة بإنهاء هذا النزاع المفتعل، كما وجّه نداءً لكافة مكونات الشعب المغربي إلى التحلي باليقظة المستمرة، والانخراط الفاعل في الدفاع عن المصالح العليا للوطن بكافة الوسائل المشروعة.

تقرير دولي: روسيا والصين تتجهان نحو دعم مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية
تقرير دولي: روسيا والصين تتجهان نحو دعم مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية

العيون الآن

timeمنذ ساعة واحدة

  • العيون الآن

تقرير دولي: روسيا والصين تتجهان نحو دعم مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية

العيون الآن. كشف تقرير دولي حديث صادر عن معهد أبحاث الهجرة الدولي بتاريخ 24 يونيو الجاري، أن كلا من روسيا والصين تتجهان، على الأرجح، إلى الإعلان الرسمي عن دعمهما لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل نهائي للنزاع حول الصحراء خلال الأشهر القليلة المقبلة. ويحمل التقرير، المعنون بـ'المغرب على مفترق طرق' دلالات استراتيجية تعكس صعود المغرب كفاعل محوري في التوازنات الجيوسياسية بشمال إفريقيا، بفضل استقراره السياسي والأمني رغم التوترات المتواصلة مع الجزائر. وأوضح التقرير أن أي تحول في موقفي بكين وموسكو من ملف الصحراء، سيعد بمثابة 'القفل الدبلوماسي الأخير' داخل مجلس الأمن الدولي، بما يعزز الطرح المغربي ويضعف الرواية الانفصالية التي تروج لها الجزائر. وأكد أن هذا التطور المرتقب يتوج الدينامية الدولية المتسارعة المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي خاصة بعد التحاق الولايات المتحدة (2020)، وفرنسا (صيف 2024)، ثم بريطانيا (ماي 2025) بركب الداعمين للمقترح المغربي. يعزى هذا التقارب الروسي الصيني مع المغرب، حسب التقرير، إلى تنامي المصالح الاقتصادية الاستراتيجية المشتركة، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة، وصناعة البطاريات، والتقنيات الخضراء. وفي هذا الإطار، أبرز التقرير امتلاك المغرب لـحوالي 70% من الاحتياطي العالمي للفوسفات مما يمنحه موقعا رياديا في سلاسل التوريد العالمية. سلط التقرير الضوء على استثمارات صناعية صينية ضخمة في المملكة، أبرزها إعلان شركة CNGR، بعد جائحة كورونا، عن مشروع لبناء مصنع لإنتاج الكاثودات في المغرب بقيمة 2 مليار دولار، موجه لتلبية الطلب في السوقين الأمريكي والأوروبي. كما أشار إلى مشروع مشترك آخر وقعته مجموعا LG الكورية وHuayou الصينية في شتنبر 2023، لإنشاء مصنع لتكرير الكاثودات، مما يعكس تنامي الثقة الدولية في البنية التحتية المغربية وقدرتها على تجاوز قيود التوريد المعتمدة سابقا على بلدان أمريكا اللاتينية. وفي الشق المالي، أفاد التقرير أن القطاع البنكي المغربي يشهد طفرة نوعية، حيث صنفت ثلاثة بنوك مغربية ضمن قائمة أقوى عشر مؤسسات مالية في إفريقيا، بأصول إجمالية تفوق 90 مليار دولار، وانتشار يمتد إلى أكثر من 22 دولة إفريقية. كما تطرق التقرير إلى البعد الجيو-اقتصادي في المشاريع الكبرى بالأقاليم الجنوبية، مبرزا مشاركة مؤسسة Proparco الفرنسية في تمويل مشروع ربط كهربائي بين الداخلة والدار البيضاء، إضافة إلى مشروع أنبوب الغاز المغربي-الأوروبي، مما يرسخ الأقاليم الجنوبية كمحور استراتيجي في خريطة الطاقة الإفريقية والأوروبية. ك في خاتم التقرير أشار إلى أن المقارنة الإقليمية بين المغرب وكل من الجزائر وتونس، تؤكد أن المملكة المغربية، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، توفر بيئة آمنة ومحفزة للاستثمار، بفضل إصلاحات هيكلية تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، ومقاربة استباقية في تدبير قضايا الهجرة والتنمية. اعتبر معهد أبحاث الهجرة الدولي أن التحولات المنتظرة في المواقف الدولية، خاصة من جانب روسيا والصين، ستكون حاسمة لترسيخ شرعية المبادرة المغربية، وتعزيز موقع المملكة كشريك موثوق عالميا في قضايا الأمن، التنمية، والطاقة.

ترامب يُؤكد أن الولايات المتحدة دمرت تماماً المنشآت النووية في طهران
ترامب يُؤكد أن الولايات المتحدة دمرت تماماً المنشآت النووية في طهران

المغرب اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • المغرب اليوم

ترامب يُؤكد أن الولايات المتحدة دمرت تماماً المنشآت النووية في طهران

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الاثنين إنه لا يتحدث إلى إيران ولا يعرض عليها "أي شيء"، وكرر تأكيده على أن الولايات المتحدة "دمرت تماما" المنشآت النووية في طهران. وقد رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة التقارير الإعلامية التي ذكرت أن إدارته ناقشت إمكانية مساعدة إيران في الحصول على ما يصل إلى 30 مليار دولار لبناء برنامج نووي لإنتاج الطاقة لأغراض مدنية. طالبت إيران الأمم المتحدة بالاعتراف بمسؤولية إسرائيل والولايات المتحدة عن حربهما الأخيرة التي استمرت 12 يومًا، وذلك في رسالة إلى الأمين العام نُشرت يوم الأحد. وكتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في الرسالة الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش: "نطلب رسميًا من مجلس الأمن الاعتراف بالنظام الإسرائيلي والولايات المتحدة كمبادرين بهذا العمل العدواني والاعتراف بمسؤوليتهما اللاحقة، بما في ذلك دفع التعويضات وعمليات الاصلاح والجبر". وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن الأسبوع الماضي انتهاء الصراع بين إسرائيل وإيران بوقف إطلاق النار، بمزيد من الضربات إذا قامت إيران بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات قادرة على تصنيع أسلحة نووية. وقالت إسرائيل إن هدفها هو منع الجمهورية من تطوير سلاح نووي - وهو طموح تنفيه طهران باستمرار، وتصر على أن لها الحق في تطوير الطاقة النووية لأغراض مدنية مثل الطاقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store