
أكاديميون ينسحبون من منتدى علمي في الرباط احتجاجا على مشاركة إسرائيليين
'القدس العربي': أعلن عدد من الأكاديميين المغاربة والأجانب مقاطعتهم للمنتدى العالمي الخامس لعلم الاجتماع، المقرر عقده في الرباط خلال يوليو/تموز المقبل، احتجاجا على مشاركة أكاديميين إسرائيليين في فعالياته.
وجاء هذا الموقف من خلال منشورات لعدد من الباحثين والأكاديميين عبر منصة 'فيسبوك'.
وعبّر الأكاديمي المغربي عصام الرجواني، في منشور له الأربعاء، عن رفضه لما وصفه بـ'التطبيع الأكاديمي، وتلميع الإبادة الجماعية الإسرائيلية'.
وأعلن الرجواني، وهو أستاذ علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة (شمال المغرب)، مقاطعته الرسمية للمنتدى، المزمع تنظيمه في جامعة محمد الخامس (حكومية) ما بين 6 و11 يوليو المقبل.
وقال في منشوره: 'في الوقت الذي يخوض فيه الكيان الصهيوني حرب إبادة وحشية ضد الفلسطينيين في غزة، لا يمكن لعلماء الاجتماع المغاربة أن يُسهموا في تلميع صورته أو يتورطوا في هذا العار'.
من جهته، أعلن الباحث في جامعة بلجيكية، ناجي مروة، رفضه المشاركة في المنتدى رغم قبول بحثه سابقا، مؤكّدا عبر 'فيسبوك' يوم الثلاثاء أن انسحابه جاء بعد التأكد من مشاركة ممثلين عن 'الكيان الصهيوني'.
وأضاف مروة أن 'مجموعة من الباحثين والأكاديميين من جامعة غنت في بلجيكا أعلنوا رسميا مقاطعتهم لهذا المؤتمر'، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وفي السياق نفسه، دعت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (وهي هيئة غير حكومية) يوم الأربعاء، الأكاديميين المتضامنين مع الشعب الفلسطيني إلى الضغط على الجمعية الدولية لعلم الاجتماع لإلغاء مشاركة الأكاديميين الإسرائيليين.
وتُعد الجمعية الدولية لعلم الاجتماع، وهي الجهة المنظمة للمنتدى، مؤسسة غير حكومية تضم عدداً من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية حول العالم.
وأهابت الحملة، في بيان لها، بالباحثين إلى 'إلغاء كافة أشكال التعاون الاقتصادي والتجاري والأكاديمي مع إسرائيل، التي تُسهم في ترسيخ وجودها غير القانوني ونظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في الأراضي الفلسطينية المحتلة'.
ومن المرتقب أن يشهد المنتدى العالمي الخامس مشاركة أكثر من 4500 باحث من نحو 100 دولة.
(الأناضول)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 10 ساعات
- العربي الجديد
وفاة المستشار المصري أحمد سليمان .. قاضي حلم الاستقلال والخذلان
رحل اليوم المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق وأحد مؤسسي تيار الاستقلال في القضاء المصري، عن عمر ناهز 75 عاماً، بعد رحلة طويلة قضاها في محراب العدالة، وبين أروقة المحاكم وقاعات المرافعة، مؤمناً بأن الكلمة العادلة لا تموت حتى في وجه العاصفة. شغل أحمد سليمان منصب وزير العدل في حكومة هشام قنديل عام 2013، ليكون القاضي الوحيد من تيار الاستقلال الذي تولّى هذا المنصب الرفيع، لكنه غادره سريعاً عقب أحداث 3 يوليو/تموز 2013، مفضّلاً الانسحاب بصمت، رافضاً ما اعتبره تدخلاً في عمل القضاء، ومتمسكاً بمواقفه الرافضة لتسييس العدالة. لم يتورط الرجل في صراعات شخصية ولم يسعَ للأضواء والشهرة، لكنه ظل حاضراً في ذاكرة القضاة صوتاً نقياً نادراً، لم يساوم يوماً على مبدأ ولم يركن إلى السلطة أو يطلب رضاها. وبعد عزله من منصبه، انسحب في صمت نبيل لكنه لم ينكسر. وعاش السنوات الأخيرة بعيداً عن الأضواء، لكنه ظل حاضراً في ضمائر من آمنوا برسالته، مدافعاً عن مبادئه حتى آخر أيامه، متحملاً كلفة مواقفه بكل شموخ. المستشار أحمد سليمان لم يكن مجرد مسؤول رفيع، بل كان صوتاً للعدالة حين خفتت الأصوات، وظل في ذاكرة من عرفوه مثالاً للقاضي الإنسان، الذي جمع بين الحزم والرحمة، وبين المهنية والضمير. عرفه زملاؤه وتلاميذه قاضياً رفيع الخلق، نزيه اليد، عفيف اللسان، لا يساوم في الحق، ولا يتراجع عن قناعاته مهما ضاقت السبل. تقلد منصب وزير العدل في فترة حرجة من تاريخ البلاد، وترك المنصب رافضاً ما اعتبره مساساً بكرامة القضاة أو تدخلاً في شؤون القضاء. وجاءت وفاة المستشار الراحل مفاجئة، بحسب ما أعلن نجله الذي كتب عبر صفحته الشخصية على موقع فيسبوك نعياً إنسانياً مؤثراً قال فيه: "توفي إلى رحمة الله والدي العزيز، الحر الأبي، المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، عاش مدافعاً عن الحق وأهله، محباً للخير. وتعرض لصنوف من الظلم من زملاء وتلاميذ، إلا أن ذلك لم يثنه عن الوقوف شامخاً، مرفوع الرأس. لم تنكسر هامته ولم يركع إلا لله"، وأضاف "توقف القلب فجأة بعد عودته من صلاة العشاء. وآخر كلماته قبل أن يُغشى عليه: (أنا كنت بتوضى لصلاة الفجر)، رغم أن الساعة كانت الحادية عشرة والنصف مساءً، وكأنه كان في عالم الآخرة، حيث الراحة بلا شقاء، حيث الإحسان بعد الصبر على البلاء". وولد المستشار أحمد سليمان في محافظة المنيا، على بعد 200 كم جنوب العاصمة القاهرة، وتدرج في السلك القضائي حتى وصل إلى منصب رئيس بمحكمة استئناف بني سويف، ثم تولى رئاسة إدارة التفتيش القضائي، واشتهر بنزاهته وحزمه، كما عُرف في الأوساط القضائية بدفاعه المستمر عن استقلال السلطة القضائية، ورفضه المساس بكرامة القضاة أو استخدام القضاء أداةً سياسية. ومنذ كان المستشار أحمد سليمان وكيلاً للنائب العام آمن باستقلال القضاء، حيث مثل أمامه في نهاية سبعينيات القرن الماضي طالبان بكلية هندسة المنيا مكبلين ومعصوبي العينين، ومتهمان بإثارة الشغب والمظاهرات في جامعة المنيا احتجاجاً على اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، وكان مرفقاً بقرار العرض علي النيابة مذكرتي تحريات صادرة عن الأجهزة الأمنية فما كان من سليمان إلا أن أمر بفك قيودهما وسمح لهما بتناول الطعام، وبعد التحقيق معهما أمر بإخلاء سبيلهما ضارباً عرض الحائط بمذكرتي التحريات، حيث كان يؤمن أن التحريات لا تُعبر إلا عن اعتقادات مجريها ما لم تستند إلى أدلة مادية وهي القناعة التي أمدها لاحقاً حكم لمحكمة النقض المصرية. ومن المحطات البارزة في حياة سليمان أثناء توليه وزارة العدل معارضته أي مساس باستقلال القضاء، مهما كان هوية من يرغب في ذلك. ولن ينسى له التاريخ رفضه التعديل في قانون السلطة القضائية والنزول بسن تقاعد القضاة من 70 إلى 60 عاماً انطلاقاً من اعتقاده بأن هذا التعديل يمس استقلال القضاء. كما رفض الوزير الراحل اتهامات وجهها الرئيس الراحل محمد مرسي الصورة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي ولد الرئيس المصري الراحل محمد مرسي في 8 أغسطس عام 1951، حصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة عام 1982، من جامعة جنوب كاليفورنيا الأميركية وعمل أستاذًا مساعدًا فيها، ثم رئيسًا لقسم هندسة المواد بكلية الهندسة، جامعة الزقازيق، بين عامي 1985 و2010، وفاز في انتخابات الرئاسة المصرية 24 يونيو/ حزيران 2012، حتى انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، وتوفي عام 2019. إلى أحد القضاة، خلال خطابه الشهير في الصالة المغطاه باستاد القاهرة، بالتلاعب بنتيجة الانتخابات. معتبراً ذلك إهانة للقضاة والقضاء، بل إنه تدخل وأقنع مؤسسة الرئاسة بإصدار بيان يؤكد احترام الرئيس للقضاة وإيمانه باستقلال القضاء ودوره في ترسيخ العدالة. تبنى سليمان موقفاً قوياً من إحالة أكثر من 100من "قضاة البيان" و"قضاة من أجل مصر" لمجلس الصلاحية حيث تولي بنفسه الذود عن هؤلاء القضاة، معتبراً قرار الإحالة مخالفاً للقانون والدستور ولاستقلال القضاء، خصوصاً أن هؤلاء لم يطالبوا بأكثر من احترام الدستور وإرادة الشعب والحث علي المصالحة الوطنية. بل إنه كان يقف وراء خوض معركة قانونية شاملة ضد قرار الإحالة ومواصلة كل مراحل التقاضي ضد قرار عزل القضاء، وصولاً إلى القضية الأخيرة الخاصة بمخاصمة مجلس التأديب الأعلى، انطلاقاً من قناعته بأن هذه قضية تاريخية يجب خوضها حتى النهاية. حملات تشويه طاولت أحمد سليمان بعد عزله من منصبه عقب أحداث يوليو/تموز 2013، واجه المستشار الراحل حملات تشويه وبلاغات أمنية، وخضع للتحقيقات أكثر من مرة، من دون أن تثبت عليه أي تهمة. ورغم ذلك، لم يغادر البلاد وظل صامداً في بيته وبين أسرته، يعيش حياة بسيطة بعيداً عن الأضواء، متمسكاً بسيرته القضائية النظيفة، وسلوك القاضي الذي لا تنال منه العواصف. سيرة سياسية التحديثات الحية قاضي "تيار الاستقلال" أحمد سليمان... حبسه السيسي لـ"مداخلة تلفزيونية" وكان سليمان خلال سنواته الأخيرة يعاني وضعاً أشبه بالإقامة الجبرية، حيث كان ملتزماً بزيارة مكتب مأمور قسم المنيا الجديد بعد الإفراج عنه، وبعد أكثر من عام أصبحت زيارة أسبوعية يقوم بها أمينا شرطة لمنزله للاطمئنان على عدم مغادرته محافظة المنيا. لكن ظهور سليمان على أحد الفضائيات ناعياً المستشار طارق البشري عند وفاته، أثار استياء الأجهزة الأمنية وعادت المضايقات مجدداً، حيث تم إلزامه لفترة بالقيام بمتابعة بمكتب مأمور قسم المنيا الجديد لمدة ثلاثة أشهر قبل الاكتفاء لاحقاً بمتابعة مرة أسبوعياً من قبل أمناء الشرطة في منزله. في السنوات الأخيرة، التزم المستشار سليمان الصمت، ولم يظهر في وسائل الإعلام، لكنه بقي حاضراً في ذاكرة القضاة والمشتغلين بالشأن العام بوصفه أحد النماذج النادرة لقاضٍ جمع بين الحزم المهني والضمير الأخلاقي، وبين الشجاعة والصبر. وأثار خبر وفاته موجة من التعاطف والحزن على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة بين أعضاء السلطة القضائية، ونشطاء المجال الحقوقي ممن استعادوا مواقف الرجل ووقفاته في ملفات استقلال القضاء.


BBC عربية
منذ 17 ساعات
- BBC عربية
"الله وحده أنقذ إسرائيل من إيران" – مقال في جيروزاليم بوست
نستعرض في عرض الصحف اليوم عدداً من الموضوعات بشأن الوضع في الشرق الأوسط، من بينها مقالات تتناول دور "العناية الإلهية" في المواجهة بين إسرائيل وإيران، ثم السيناريوهات المترتبة على مدى الضرر الذي أصاب البرنامج النووي الإيراني، وأخيراً إذا ما يظل التهديد الإيراني قائماً بالنسبة لدول منطقة الخليج. نبدأ جولتنا بصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية ومقال رأي كتبه مايكل فرويند بعنوان "من أنقذ إسرائيل من إيران؟ إنه الله" ويستهله الكاتب بالإشارة إلى أن خلف كل اعتراض صاروخي من منظومة القبة الحديدية، وكل مهمة نفذتها قاذفة شبحيّة، وكل عملية سريّة نُفَّذت في عمق الأراضي الإيرانية، كانت هناك يد توجّه كل هذا، إنها "يد الله"، وفقا للكاتب. ويقول فرويند إن "نجاح" الهجمات المنسّقة التي شنّتها إسرائيل والولايات المتحدة على البنية التحتية النووية الإيرانية، يُغري بالانبهار والاحتفاء بالقوة العسكرية والتفوق التكنولوجي، بيد أنه ينبغي "ألا يُنسينا أنه لولا الله القدير"، لما تحقق شيء من هذا، بحسب رأي الكاتب. ويرى الكاتب أن "معجزات عصرنا لم تعد تظهر دائماً في هيئة انشقاق البحر أو نزول المنِّ من السماء، بل قد تكون مستترة في مهام طائرات إف-35 المقاتلة، أو في حروب إلكترونية، أو في قنابل خارقة للتحصينات، ولكن، لا مجال للشك أن الله هو الذي يمنح الحكمة لمن يخططون لدينا، ويغرس الشجاعة في جنودنا، ويبث الارتباك في صفوف أعدائنا، إنه هو الذي نجّانا". ويستشهد الكاتب بالكتاب المقدس في تأكيد وجهة نظره، قائلاً إن "الفكرة ليست بجديدة، ففي سفر المزامير، يذكّرنا الملك داود: هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل، أما نحن فاسم الرب إلهنا نذكر (مزمور 20: 8)"، ويضيف أن أحداث التاريخ أظهرت مراراً، أن الخلاص لم يكن بقوة السلاح، بل "برحمة من السماء، فمن حرب الأيام الستة إلى عملية إنقاذ الرهائن في عنتيبي، عاش الشعب اليهودي معجزات ارتدت الزي العسكري... والهجوم الأخير على إيران ليس استثناءً". ويعتبر الكاتب أن قدرة إسرائيل على الوصول إلى عمق الأراضي الإيرانية، وما وصفه بشلّ دفاعاتها الجوية، وإلحاق أضرار بمواقعها النووية الحصينة، دون إشعال صراع إقليمي شامل، يُعد "إنجازاً يتجاوز التفسير الطبيعي". ويرى الكاتب أنَّ ما قاله الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال كلمة ألقاها في 22 يونيو/حزيران، بشأن الهجمات على إيران: "نحن نحبك يا الله"، ثم دعوته الله أن يحمي الجيش الأمريكي ويبارك الشرق الأوسط... لم تكن مجرّد كلمات إنشائية دعائية، بل كانت محمّلة بالعاطفة والصدق، وفقا للمقال. ويقول الكاتب إن التاريخ مليء بالعِبر، معتبراً "أن جيل البرية، الذي شهد معجزات يومياً، تاه حين نسي مصدر تلك البركات، ففي سفر التثنية، يحذر موسى (النبي) قائلاً: ولئلا تقول في قلبك: قوتي وقدرة يدي اصطنعت لي هذه الثروة. بل اذكر الرب إلهك، أنه هو الذي يعطيك قوةً لاصطناع الثروة (سفر التثنية 8: 17-18)، ولو استبدلنا كلمة "الثروة" ووضعنا مكانها كلمة "الأمن"، لبقي المعنى بنفس القوة والرهبة. ويختتم الكاتب مايكل فرويند مقاله داعياً إلى "اغتنام تلك اللحظة لتوجيه شكر للجنود والقادة، وشكر الخالق أيضاً"، مضيفاً أنه "في أعقاب الهجوم على إيران، علينا أن نتذكر أن جيشنا نعمة، لكن درعنا الحقيقي هو الله، وعندما نسير في طُرقه، لن نخاف ظل الموت، فلنحوِّل شكرنا إلى إيمان أعمق، وإلى وحدة أشمل". فحين يأتي التحدي القادم، وهو حتمي، بحسب رأي فرويند، "فلن تنقذنا الطائرات الشبحيّة ولا وحدات الحرب الإلكترونية، بل سيفعل ذلك نفس الإله الذي أنقذ إبراهيم من أتون النار، وأخرج بني إسرائيل من أرض مصر، ذاك الذي لا ينعس ولا ينام، ولا يزال يحرس شعبه... وفي هذه اللحظة المعجزة، علينا أن نتذكّر ذلك"، وفقا لما جاء في مقال جيروزاليم بوست. "هل دُمّر البرنامج النووي الإيراني بالفعل؟" ننتقل إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ومقال رأي لهيئة التحرير بعنوان: "ما أهمية التأكد إذا كان البرنامج النووي الإيراني قد دُمّر بالفعل؟". ويُستهل المقال بطرح سؤال عن الكلمة الأنسب التي يمكن بها وصف حالة البرنامج النووي الإيراني بعد أن استهدفت الولايات المتحدة ثلاث منشآت لتخصيب اليورانيوم، هل هي "مُدمَّر" أم "مُقوَّض" أم "ظل باقياً دون ضرر"؟ وتقول الصحيفة إن الكلمة الأنسب التي تجيب عن هذا السؤال، الذي هزّ الأوساط السياسية في واشنطن على مدار الأسبوع الماضي، ليست مسألة لغوية بحتة، بل إن مآل الصراع مع إيران يتوقف على تلك الإجابة. وتضيف الصحيفة أنه إذا كانت الضربة الأمريكية "قضت تماماً" على البرنامج النووي الإيراني، كما يؤكد الرئيس، دونالد ترامب، فإن ذلك يعني أن الولايات المتحدة أظهرت قدرتها على تدمير قدرة النظام الإيراني على إنتاج أسلحة نووية متى شاءت، وإن كانت الدبلوماسية لا تزال ضرورية لتجنّب شنّ ضربات متكررة على إيران، فإن طهران في هذه الحالة ستضطر إلى العودة إلى طاولة المفاوضات وهي تُقدِّم تنازلات، قد تشمل التخلي عن طموحاتها النووية. ويضيف المقال أنه في حال كانت نتائج الضربة دون "القضاء التام" على البرنامج النووي، فقد تستشعر إيران أنها قادرة على الدفاع عن برنامجها حتى في وجه قوة نارية أمريكية ساحقة، وفي ظل هذا السيناريو، قد تصبح الدبلوماسية ضرورة لا مجرد خيار مفضل، وقد تكون المفاوضات أصعب بالنسبة لترامب. وتلفت صحيفة واشنطن بوست، إلى أن من أبرز التساؤلات المطروحة: هل استطاع الإيرانيون نقل جزء أو حتى غالبية اليورانيوم عالي التخصيب إلى مواقع أخرى آمنة قبل الضربة؟ والسؤال المهم الآخر هو إذا كانت الضربة الأمريكية قد دمّرت أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي تحتاجها إيران لتخصيب ما تبقى من اليورانيوم أو ما قد تحصل عليه لاحقاً، أو إذا كانت هناك منشآت سرّية غير معلنة تحتوي على أجهزة طرد أخرى خارج نطاق التفتيش السابق؟ تقول الصحيفة، إنْ لم تكن الولايات المتحدة قد دمّرت تماماً قدرة إيران النووية، فعلى ترامب أن يُقدِّم حوافز بالتزامن مع احتفاظه بالخيار العسكري، وأن يُبقي الهدف محدداً بإحباط الطموحات النووية الإيرانية، لا بتوسيع الأهداف إلى حد يُعقّد المسار الدبلوماسي، وإذا أصرّت إيران على متابعة برنامجها النووي المدني، وهو ما تعتبره حقاً سيادياً، فيمكن تحقيق ذلك بالشراكة مع المجتمع الدولي، وتحت رقابة صارمة، وبعمليات تفتيش دقيقة، وبقيود واضحة على مستوى التخصيب المسموح به. ويضيف المقال، أنه في حال كانت إيران لا تزال تُخفي مخزوناً نووياً سرّياً، فيجب إرغامها على الإفصاح عنه وتسليمه، وفي المقابل، قد يُعرَض على إيران تخفيف تدريجي للعقوبات التي أنهكت اقتصادها، مع إعادة أصولها المجمّدة في شتى أرجاء العالم، وذلك شريطة التحقق الكامل من التزامها وعدم خوضها برنامجاً سرّياً لصنع قنبلة. وتختتم صحيفة واشنطن بوست، لافتة إلى أنه في ظل غياب حل دبلوماسي، فإن أفضل السيناريوهات الممكنة يتمثل في لجوء الولايات المتحدة وإسرائيل إلى لعبة "ضرب الهدف عند ظهوره"، أي ملاحقة وتدمير المواقع النووية المشتبه بها على نحو دائم، لكن ذلك في المقابل، قد يدفع إيران لتطوير وسائل أكثر دهاءً لإخفاء برنامجها النووي وتأمينه، وفقا للمقال. "التهديد الإيراني يلاحق منطقة الخليج" نختتم جولتنا بصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية ومقال رأي للكاتبة إيميلي هوكايم بعنوان: "التهديد الإيراني سيظل يلاحق منطقة الخليج لسنوات". تلفت الصحيفة إلى ما وصفتها بمفارقة حول حالة التفاؤل التي تسود إسرائيل والولايات والمتحدة على اعتقاد أن تدمير قوة إيران سيحقق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، مقابل حالة من الخوف والذهول تسود منطقة الخليج بعد الهجمات الأخيرة. وتقول الكاتبة إنه بصرف النظر عن حجم الضرر الذي لحق بالمنشآت النووية الإيرانية، فإن السنوات القادمة ستتحدد ملامحها بناء على قرار طهران بالانسحاب من عدمه، من معاهدة عدم الانتشار النووي، وأيضاً إذا ما كانت الولايات المتحدة وإسرائيل ستواصلان القصف، وإذا ما كان الإيرانيون سينجحون في تصنيع سلاح نووي بدائي. وترى الكاتبة أن ما كان يُنظر إليه سابقاً كتهديد يمكن احتواؤه باتفاق، بات اليوم تحدياً مستعصياً سيؤثر على استقرار دول منطقة الخليج لعقود قادمة، وسيُبقي المستثمرين والمقيمين هناك في حالة قلق دائم. وتلفت إيميلي هوكايم إلى أنه على الرغم من أن جميع التشبيهات قد تبدو ناقصة، فإن المشهد اليوم يُشبه إلى حدٍ كبير العراق عام 1991، إذ نجا نظام عسكري، وإن كان في صورة أضعف، ولم يعد بإمكانه فرض نفوذه، لكنه لا يزال قادراً على زعزعة استقرار دول الجوار، أمّا قوى المعارضة الداخلية والمنفية، فهي ضعيفة، ولا يزال القادة الإيرانيون يعتقدون أن تغيير النظام هو الهدف غير المعلن للولايات المتحدة. وتعتقد الكاتبة أنه على الرغم من أن سياسة حافة الهاوية النووية التي انتهجتها إيران ربما انقلبت عليها، إلا أنها لا تزال ورقة تمتلكها طهران، كما سيتعيّن عليها إعادة التفكير في منظومتها الدفاعية، بعد فشل خيار الردع والهجوم على إسرائيل عبر الصواريخ الباليستية متوسطة المدى والميليشيات، كما سيكون بناء منظومة دفاع داخلي، مكلفاً وصعباً للغاية، وفقا للكاتبة. وبحسب المقال فإن روسيا لن تعطي الأولوية لحاجات إيران، وأثبتت أنها ليست الحليف الذي يمكن الاعتماد عليه في كل الظروف، أمّا الصين، التي يُروّج لها الآن كخيار إيران المقبل، فربما استخلصت من هذا الصراع أن تقليل انخراطها في سياسات الشرق الأوسط هو الخيار الأفضل بالنسبة لها، وبالتالي، لم يتبقَ لدى إيران سوى ترسانة من الأنظمة القصيرة المدى، وصواريخ وطائرات مسيّرة، وهي أدوات فعّالة فقط داخل نطاق منطقة الخليج. وتختتم الكاتبة إيميلي هوكايم مقالها مشيرة إلى أن ذلك يعني أنه ينبغي أن تكرّس دول الخليج الآن مزيداً من الوقت والجهد لإدارة العلاقة مع إيران، ومن المرجح أن تسعى لتعزيز دفاعاتها الجوية لتضاهي الدرع الإسرائيلي، وامتلاك صواريخ تمنحها قدرة ردع حقيقية، وهذا بدوره يضمن علاقات دفاعية دائمة مع الدول الغربية، بحسب المقال.


BBC عربية
منذ يوم واحد
- BBC عربية
ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام؟
في خضم تداعيات الضربة العسكرية المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة على إيران، فجّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من الجدل السياسي والقانوني داخل إسرائيل، بعدما دعا علناً إلى إلغاء محاكمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو منحه عفواً فورياً، واصفاً إياه بأنه "بطل حربي" يستحق التكريم لا المحاكمة. وفي سياق متصل، تقدم رئيس الحكومة الإسرائيلي بطلب رسمي للمحكمة المركزية في القدس لتأجيل جلسات محاكمته، التي تُعقد ثلاث مرات أسبوعياً، لمدة أسبوعين، متذرعاً بانشغاله بملفات "سياسية وأمنية حساسة" على رأسها الملف الإيراني والوضع في قطاع غزة. غير أن المحكمة رفضت طلبه مرتين، معتبرة أن المبررات "غير كافية" لتأجيل الجلسات، وأصرت على مواصلة الإجراءات القضائية دون تغيير في الجدول الزمني المحدد مسبقا. العفو الرئاسي في إسرائيل: قواعد صارمة وحدود سياسية دعوة ترامب أثارت تساؤلات قانونية حول إمكانية منح رئيس حكومة على رأس عمله عفواً رئاسياً، فبحسب القانون الإسرائيلي، لا يمكن للرئيس أن يمنح العفو إلا بطلب مباشر من الشخص المعني، وبعد التشاور مع النيابة العامة ووزارة العدل، كما أن العفو لا يُمنح عادة إذا ثبتت في القضية صفة "العار الأخلاقي" التي تمنع صاحبها من تولي المناصب العامة. الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، وفي تصريحات نادرة، أبدى انفتاحاً على فكرة التوصل إلى تسوية شاملة، مشيراً إلى أن أكثر من 90 في المئة من القضايا الجنائية في إسرائيل تنتهي عبر صفقة ادعاء. وقد دعا هرتسوغ إلى "حوار مسؤول" بين السلطات القضائية والسياسية للوصول إلى حل توافقي، ولكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة احترام استقلال القضاء وسيادة القانون. بين الدعم والرفض: انقسام إسرائيلي حاد أحدثت تصريحات ترامب صدمة في الأوساط السياسية، وانقسمت ردود الفعل في إسرائيل بين من رأى فيها تعبيراً عن "شعور شعبي عميق" بضرورة إنهاء المحاكمة، وبين من اتهم ترامب بالتدخل الفج في شؤون دولة ذات سيادة. في أوساط الحكومة، سارع العديد من الوزراء إلى تأييد دعوة ترامب، واعتبر وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار أن "الوقت قد حان لإنهاء الظلم اللاحق بنتنياهو"، واصفاً المحاكمة بأنها "مطاردة شخصية بلا أساس قانوني". أما وزير الخارجية جدعون ساعر، فأشار إلى أن المحاكمة استغرقت أكثر من خمس سنوات، وأن الاستمرار فيها يخدم منطق "الاضطهاد القانوني" أكثر مما يخدم العدالة. كذلك، رأى رئيس لجنة الدستور في الكنيست، سمحا روتمان، أن المحاكمة تعكس صورة مشوهة للقضاء الإسرائيلي، واصفاً الاتهامات بأنها "مفبركة وبعيدة عن الواقع"، ولكنه في الوقت نفسه شدد على أن الرئيس الأمريكي ليس مخولاً بالتدخل في النظام القضائي لدولة أخرى، داعياً إلى حل "يليق بدولة ذات مؤسسات مستقلة". في المقابل، وجدت التصريحات معارضة شديدة من قبل أطراف المعارضة، حيث اعتبر زعيم المعارضة السابق يائير لابيد أن تدخل ترامب "غير مقبول على الإطلاق"، وأنه يشكل مساساً بسيادة القضاء الإسرائيلي. أما النائبة ناعما لازيمي، فرأت في تصريحات ترامب "دليلاً جديداً على أن نتنياهو لم يعد يثق بمؤسسات دولته"، معتبرة أن طلب الدعم من زعيم أجنبي هو بحد ذاته "إدانة سياسية وأخلاقية". اللافت أن رئيس المحكمة العليا المتقاعد، أهارون باراك، دخل على خط النقاش، معلناً دعمه لأي خطوة تفضي إلى إنهاء محاكمة نتنياهو، سواء كانت عفواً أو صفقة ادعاء، وقال إنه لا يفهم سبب تعثر هذه المبادرات. وتشير تقارير صحفية إلى أن باراك عرض الوساطة فعلياً بين الأطراف للوصول إلى تسوية، إلا أن محاميي نتنياهو رفضوا طرحه، بسبب اشتراطه خروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل إسقاط التهم عنه. بين السياسة والقضاء، هل نحن أمام صفقة شاملة؟ تعكس هذه التطورات معركة مزدوجة يخوضها نتنياهو: داخل المحكمة وداخل المؤسسة السياسية. فبينما يواجه اتهامات بالفساد في قضايا الهدايا والرشى، يُنظر إليه أيضاً كمهندس للهجوم على إيران، والشريك الرئيسي في خطة أمريكية واسعة لإنهاء الحرب في غزة وتوسيع دائرة اتفاقيات أبراهام. في هذا السياق، يرى محللون أن تصريحات ترامب لم تكن مجرد دعم عاطفي لصديق، بل جزءاً من محاولة استراتيجية لإزاحة العائق القضائي عن طريق نتنياهو، تمهيداً لدفع خطة سلام إقليمية تشمل إنهاء الحرب مقابل تسوية شاملة مع حماس، وإشراك دول عربية في إدارة غزة، وفتح باب التطبيع مع السعودية. كشفت صحيفة يسرائيل هيوم عن وجود خطة في المقابل لإنهاء الحرب في غزة والإفراج عن المحتجزين وتسوية تطبيع مع دول مختلفة من بينها السعودية وسوريا. ترامب وبحسب مراقبين يعلم جيدا بأن نتنياهو يتمسك بحكومته التي ستمنعه من إيقاف الحرب في غزة أو توقيع اتفاق تطبيع مع السعودية بسبب إمكانية اتخاذ مسار حل الدولتين مع الفلسطينيين، وأن هذا المانع يرتبط كثيرا بخشية نتنياهو من سقوط الحكومة وفقدان حصانته البرلمانية، لذلك يعتقد أن تقديم العفو لنتنياهو سيعطيه مساحة سياسية داخلية أكبر للذهاب في مشروع الرئيس الأمريكي للمنطقة. بيد أن نتنياهو قد يصر على براءته ويستمر في جلسات المحاكمة حتى صدور الحكم النهائي فهو لايزال يعتقد بأنه سيستطيع تفنيد التهم الموجهة ضده بينما يعتبر آخرون بأن ما قُدم ضده من تهم فساد قد يقوده للسجن بشكل شبه حتمي. خلاصة المشهد: عدالة مؤجلة أم تسوية كبرى؟ وسط ضغوط داخلية متزايدة، وأخرى خارجية من حلفاء كبار مثل ترامب، يجد نتنياهو نفسه عند مفترق طرق. فهل يواصل المواجهة القضائية حتى النهاية؟ أم يسلك طريق التسوية السياسية تحت غطاء العفو؟ في الحالتين، يبدو أن ما يجري اليوم يتجاوز مصير رجل واحد، ويمس مستقبل النظام الديمقراطي في إسرائيل ومستقبل اتفاقات تطبيع وحلول سياسية واستراتيجية معقدة.