
كيف يؤثر خفض سعر صرف الدينار على الحياة المعيشية للمواطن الليبي؟
وجاء هذا القرار في وقت حساس، حيث يواجه الاقتصاد الليبي ضغوطاً مالية كبيرة نتيجة للانقسام السياسي المستمر بين حكومتين متنافستين، مما أدى إلى انفلات الإنفاق العام بشكل غير منضبط.
وسجل الإنفاق العام في 2024 نحو 224 مليار دينار، وهو ما خلق تحديات إضافية في مواجهة السياسات المالية والنقدية، وهو ما أسفر عن زيادة كبيرة في عرض النقود وارتفاع الطلب على النقد الأجنبي، ما أسهم في تفاقم الضغط على سعر صرف الدينار وارتفاع معدلات التضخم، في ظل محدودية الأدوات المتاحة أمام المصرف المركزي.
وتعود الأسباب الرئيسية وراء هذا القرار إلى غياب التنسيق والتوحيد بين الحكومة في الشرق والغرب، ما أدى إلى انقسام مالي حاد.
في غياب آفاق لحل هذا الانقسام، أصبح من المستحيل على مصرف ليبيا المركزي اعتماد سياسات نقدية فعالة تستطيع استعادة الاستقرار في السوق المالية، وهذا ما دفع المصرف إلى اتخاذ هذا الإجراء الحاسم رغم مخاطره المحتملة.
كما أن هذا التحدي السياسي أسهم في إضعاف دور السياسة النقدية، حيث كان هناك تباين في القرارات المالية بين الحكومتين، مما عزز من حالة الفوضى الاقتصادية.
يضاف إلى ذلك أن مصرف ليبيا المركزي اضطر لاستخدام احتياطياته من النقد الأجنبي لدعم سعر صرف الدينار في مواجهة هذا العجز المالي المستمر.
في هذا السياق، أظهرت البيانات المالية لعام 2024 وجود فجوة ضخمة بين الإيرادات من النفط والمصروفات الحكومية، حيث لم تتجاوز إيرادات النفط 18.6 مليار دولار بينما بلغ إجمالي المصروفات 27 مليار دولار، ما يعكس عجزًا ماليًا كبيرًا، وهو يستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة لتقليص العجز المالي وضبط الإنفاق العام، وهو ما دفع المصرف إلى اتخاذ قرار التخفيض الأخير.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه السوق الليبي أزمة سيولة حادة ويعاني من استنزاف للنقد الأجنبي بسبب تهريب السلع والمحروقات والعمالة الوافدة غير الرسمية، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع المالي، وتجعل من الصعب الحفاظ على استقرار الدينار الليبي.
وبحسب تقارير صحفية، تعتبر هذه الخطوة أيضاً جزءً من استراتيجية ضغط على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس لقبول فكرة الميزانية الموحدة التي تضمن إقرار موازنة مالية واحدة تتناسب مع احتياجات البلاد الاقتصادية.
ورفضت حكومة الوحدة في طرابلس، عدة مناسبات فكرة الميزانية الموحدة، تجد نفسها الآن أمام تحدي اقتصادي لا يمكن تجاوزه دون توحيد السياسات المالية، وبالتالي فإن استمرار الرفض من جانب الحكومة سيؤدي إلى مزيد من العجز المالي وارتفاع التضخم، مما سيضر بالاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل، لذا يبقى الحل في إقرار ميزانية موحدة تتناسب مع الواقع الاقتصادي الليبي، بما يضمن استقرار الدينار ويقلل من حجم العجز المالي.
ويعكس قرار مصرف ليبيا المركزي بتخفيض سعر الدينار حالة من الإحباط تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية، ويعكس الضغط المتزايد على المصرف لإيجاد حلول وسط لتجنب المزيد من التدهور الاقتصادي.
ويرى مراقبون، أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار الاقتصادي في ليبيا إلا بتنسيق وتعاون بين جميع الأطراف السياسية والاقتصادية، وتوحيد السياسات المالية في إطار ميزانية موحدة تضمن استدامة الاقتصاد وتحافظ على قيمة الدينار الليبي.
وفي سياق متصل، قال عضو المجلس الاستشاري، أبو القاسم قزيط، إن الضريبة على بيع العملة الصعبة جريمة في حق الشعب، مضيفاً أن الضريبة على بيع العملة الصعبة التي يخطط المصرف لرفعها هي جريمة في حق الشعب، جريمة في حق الأمل.
وأردف أن المركزي يفتح خزائنه على مصراعيها دون أي كوابح للحكومات، مضيفاً أن 'المركزي يحمل الشعب نتائج عدم قدرته على قول لا، لا للإنفاق المنفلت من عقاله، لا لإنفاق يتجاوز الدخل'.
وسيؤدي تخفيض سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية بشكل مباشر إلى زيادة أسعار السلع المستوردة، بما في ذلك المواد الغذائية والأدوية والوقود، مما سيؤثر بشكل سلبي على القدرة الشرائية للمواطنين.
وتعتمد معظم السلع الأساسية في السوق الليبي على الواردات، لذا فإن ارتفاع تكاليف هذه السلع سيجعلها أقل قدرة على التكيف مع الدخل المحلي، الذي يعاني في الأصل من محدودية بسبب التضخم وزيادة معدلات البطالة، وبالتالي فإن هذا الارتفاع في الأسعار سيضع ضغوطاً إضافية على الأسر الليبية، خاصة الفئات ذات الدخل الثابت أو المنخفض، مما يزيد من حالة الفقر ويؤثر على نوعية الحياة.
من جانب آخر، سيؤدي تخفيض الدينار إلى زيادة تكاليف السفر والتعليم والخدمات الطبية التي تعتمد على العملات الأجنبية، فالمواطنون الذين يحتاجون إلى السفر للخارج أو الذين يرسلون أبناءهم إلى الجامعات في الخارج سيواجهون تكاليف أعلى نتيجة لانخفاض قيمة الدينار.
كما أن الأسر التي تعتمد على التحويلات المالية من خارج البلاد ستجد أن قيمة هذه التحويلات قد تراجعت بشكل ملحوظ، مما يزيد من صعوبة تدبير احتياجاتها الأساسية، وبالتالي، فإن هذه التغيرات في سعر الصرف ستؤدي إلى تضييق الخيارات الاقتصادية للمواطنين، مما يعمق الأزمة المعيشية.
وقرر مصرف ليبيا المركزي خفض مخصصات بيع النقد الأجنبي للأغراض الشخصية من 4000 دولار سنويا إلى 2000 دولار، بالإضافة إلى أنه يحق للأشخاص، بغرض الدراسة في الخارج الحصول على 7500 دولار كحد أقصى، كما يحق للأشخاص بغرض العلاج في الخارج الحصول على 10 آلاف دولار كحد أقصى.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ 2 ساعات
- أخبار ليبيا
أسعار الدولار واليورو والباوند والذهب في ختام السوق الموازي 2 أغسطس 2025
سجل سعر الدولار الامريكي مقابل الدينار الليبي في خـتام تعاملات السوق الموازية، يوم السبت 02 أغسطس 2025 صعود طفيف إلى 7.53 دينار في تداولات مدينة طرابلس، و7.870 دينار لفئة 5 وفئة 20 دينار. وبلغ سعر الدولار الامريكي في مدينة زليتن في ختام التعاملات 7.55 دينار، كما سجل سعر الدولار في مدينة بنغازي واجدابيا 7.57 دينار. وسجل سعر اليورو في ختام التعاملات المسائية تراجعه بشكل طفيف إلى 8.520 دينار، فيما سجل الجنيه الإسترليني صعوده َإلى 9.70 دينار، حسب متداولين وصفحات معنية بالسوق على مواقع التواصل الاجتماعي. في حين سجل سعر جرام كسر الذهب عيار 18 صعوده إلى 589 دينار، وسجل دولار الحوالات تركيا 7.55 دينار، وسجل دولار الحوالات دبي 7.53 دينار عند الاغلاق.


أخبار ليبيا
منذ 3 ساعات
- أخبار ليبيا
تراجع مستمر.. اسعار الدولار بالصكوك في البنوك الليبية السبت 2 أغسطس 2025
سجلت اسعار دولار الصكوك في البنوك الليبية صعودا طفيفا مع استمرار حالة التراجع في ختـام تداولات يوم السبت 02 أغسطس 2025 مقارنة بالاسعار التي سجلتها في وقت سابق. وفيما يلي ننشر اسعار الدولار الامريكي مقابل الدينار الليبي بالصكوك (الشيك) في عدد من البنوك الليبية في ختام التداولات لهذا اليوم برصد المشهد الليبي: ــ دولار صكوك مصرف الجمهورية: البيع 7.9800 دينار، الشراء 7.9775 دينار. ــ دولار صكوك التجارة والتنمية/طرابلس: البيع 8.000 دينار، الشراء 7.9975 دينار. ــ دولار صكوك التجاري الوطني : البيع 7.9800 دينار، الشراء 7.9775 دينار ــ دولار صكوك الأمان: البيع 7.9800 دينار، الشراء 7.9775 دينار. ــ دولار صكوك الوحدة/طرابلس : البيع 7.9800 دينار، الشراء 7.9775 دينار. ــ دولار صكوك التنمية/بنغازي: البيع 8.010 دينار، الشراء 8.0075 دينار. ــ دولار صكوك الوحدة/ بنغازي: البيع 8.000 دينار، الشراء 7.9975 دينار. ــ دولار صكوك شمال افريقيا: البيع 7.9700 دينار، الشراء 7.9675 دينار. ــ دولار صكوك الصحاري: البيع 7.9600 دينار، الشراء 7.9850 دينار. ــ دولار صكوك الواحة: البيع 7.9700 دينار، الشراء 7.9675 دينار. ــ دولار صكوك الإسلامي: البيع 7.960 دينار، الشراء 7.9575 دينار. ــ دولار صكوك المتحد: البيع 7.950 دينار، الشراء 7.9475 دينار. ــ دولار صكوك النوران: البيع 7.950 ، الشراء 7.9475 دينار. وأصدر مصرف ليبيا المركزي قرارًا رسميًا يحمل رقم (18) لسنة 2025، يقضي بـتخفيض سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية بنسبة 13.3%، وبموجب القرار، تم تعديل قيمة الدينار الليبي من 0.1555 وحدة سحب خاصة إلى 0.1349 وحدة سحب خاصة لكل دينار.


أخبار ليبيا
منذ 4 ساعات
- أخبار ليبيا
تراجع للدولار واليورو والاسترليني وصعود الذهب أمام الدينار بالسوق الموازية (السبت 02 أغسطس 2025)
سجل سعر صرف الدولار مقابل الدينار الليبي في منتـصـف تعاملات السوق الموازية هبوطا مستمرا اليوم السبت مسجلا 7.49 دينار مقابل 7.56 دينار عند الاغلاق يوم امس. وسجل سعر اليورو انخفاضا نسبيا إلى 8.48 دينار مقابل 8.53 عند الاغلاق ليوم امس، فيما سجل سعر الجنيه الإسترليني تراجعه إلى 9.70 دينار، مقابل 9.75 دينار عند الاغلاق ليوم امس. واستقرت الليرة التركية عند 0.190 دينار، فيما استقر الدينار التونسي عند 2.43 دينار ليبي، وصعد سعر عيار كسر الذهب (عيار 18) إلى 589 دينارا للغرام مقابل 583 دينار عند الاغلاق ليوم امس. وفي السوق الرسمية، سجل سعر صرف الدولار صعودا جديدا إلى 5.46 دينار في نشرة اسعار المركزي يوم الخميس. فيما تراجع سعر صرف اليورو إلى 6.25 دينار، وتراجع سعر الجنيه الإسترليني إلى 7.25 دينار.