logo
بريطانيا تعيد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد قطيعة 14 عاما

بريطانيا تعيد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد قطيعة 14 عاما

رواتب السعوديةمنذ 12 ساعات
نشر في: 5 يوليو، 2025 - بواسطة: خالد العلي
أعلنت بريطانيا، اليوم السبت، إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية ديفيد لامي للعاصمة السورية دمشق، وذلك بعد قطيعة دامت لـ14 عاما، وقال وزير الخارجية البريطانية، إن هناك أمل متجدد للشعب السوري. تعيد المملكة المتحدة العلاقات الدبلوماسية لأن من مصلحتنا دعم الحكومة الجديدة للوفاء بالتزاماتها ببناء مستقبل مستقر وأكثر أمناً وازدهاراً لجميع السوريين. فيما أعلنت الحكومة البريطانية عن حزمة إضافية بقيمة 94.5 مليون جنيه إسترليني، لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة للسوريين. من جانبها ذكرت وكالة الأنباء السورية ..سانا..، أن وزير الخارجية أسعد الشيباني التقى في العاصمة دمشق نظيره البريطاني، حيث تم بحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيز الحوار والتعاون في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك. الجدير بالذكر أنه منذ سقوط النظام السوري السابق، في ديسمبر الماضي، اتخذت سوريا خطوات لإعادة بناء علاقاتها الدولية، حيق توجت باجتماع في مايو بين الرئيس السوري أحمد الشرع، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض. وخففت الولايات المتحدة وقتها العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كبير، ولاحقاً وقع الرئيس الأمريكي على أمر تنفيذي ينهي العقوبات الأمريكية المفروضة على دمشق، كما أعلنت أوروبا انتهاء نظام العقوبات الاقتصادية على سوريا. جاء ذلك وفقا لما نقلته ..الشرق… الأمم المتحدة من جانبها قالت إن سوريا تحتاج إلى المعاملات مع المؤسسات المالية الغربية لضخ مبالغ ضخمة من أجل إعادة الإعمار، وإنعاش اقتصاد دمرته الحرب، مع معاناة 9 من كل 10 أشخاص في الدولة من الفقر.
المصدر: عاجل
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسؤول: القصيم الأولى بقطاع النخيل بأكثر من 12 مليون نخلة
مسؤول: القصيم الأولى بقطاع النخيل بأكثر من 12 مليون نخلة

رواتب السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • رواتب السعودية

مسؤول: القصيم الأولى بقطاع النخيل بأكثر من 12 مليون نخلة

نشر في: 6 يوليو، 2025 - بواسطة: خالد العلي قال سلمان الصوينع مدير فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالقصيم، إن منطقة القصيم الأولى على مستوى المملكة في قطاع النخيل. وأضاف «الصوينع»، بمداخلة لقناة الإخبارية، أن منطقة القصيم تضم أكثر من 12 مليون نخلة بأكثر من 50 نوعا من التمور. وتابع، أن ذلك يأتي في ظل دعم الحكومة، حيث تشتهر بأفضل أنواع التمور المميزة ويصل معدل إلى الإنتاج إلى 400 ألف طن في 13 ألف مزرعة. مدير فرع وزارة البيئة بالقصيم سلمان الصوينع: القصيم الأولى على مستوى المملكة في قطاع النخيل، حيث إنها تضم أكثر من 12 مليون نخلة بأكثر من 50 نوعا من التمور..التاسعة | ..الإخبارية قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) July 5, 2025 المصدر: عاجل

الحرب في السودان.. تحولها إلى مدن أشباح
الحرب في السودان.. تحولها إلى مدن أشباح

سعورس

timeمنذ 5 ساعات

  • سعورس

الحرب في السودان.. تحولها إلى مدن أشباح

وتقدر السلطات أن هناك حاجة إلى مئات المليارات من الدولارات لإعادة الإعمار غير أن الفرص تتضاءل أمام تحقيق ذلك على المدى القصير نظرا لاستمرار القتال وهجمات الطائرات المسيرة على محطات الطاقة والسدود ومستودعات الوقود. وفي عالم صار أكثر عزوفا عن تقديم المساعدات الخارجية، خفضت الولايات المتحدة ، أكبر المانحين، مساعداتها. يخوض الجيش السوداني حربا مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية منذ أبريل 2023 أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الألوف من الناس ونزوح نحو 13 مليونا في ما وصفته منظمات الإغاثة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويضطر سكان العاصمة الخرطوم إلى تحمل انقطاع الكهرباء والمياه غير النظيفة والمستشفيات المكتظة لأسابيع طويلة. وتعرض مطار الخرطوم أيضا للهجوم وتجثم على مدارجه بقايا طائرات محترقة. تعرضت معظم المباني الرئيسة في وسط الخرطوم لأضرار بالغة وصارت الأحياء، التي كانت ذات يوم راقية، مدن أشباح تنتشر في شوارعها سيارات مدمرة وقذائف لم تنفجر بعد. وقال طارق أحمد (56 عاما) إن الخرطوم لم تعد صالحة للسكن بعد أن دمرتها الحرب، وعبر عن شعوره بأنه مشرد رغم عودة الجيش للسيطرة على الوضع. وعاد أحمد إلى منزله في العاصمة لفترة قصيرة حيث وجده منهوبا ثم غادره مرة أخرى، بعد أن طرد الجيش في الآونة الأخيرة قوات الدعم السريع من الخرطوم. ويمكن رؤية إحدى تداعيات انهيار البنية التحتية في تفشي وباء الكوليرا السريع الذي أودى بحياة 172 من أصل 2729 مصابا خلال الأسبوع الماضي وحده، معظمهم في الخرطوم. ودمرت الحرب أنحاء أخرى من وسط وغرب السودان، ومنها منطقة دارفور، غير أن الأضرار الواسعة التي لحقت بالخرطوم ألقت بظلالها على باقي أنحاء البلاد بعد أن كانت العاصمة ذات يوم مركزا لتقديم الخدمات. وتقدر السلطات السودانية احتياجات إعادة الإعمار بما يصل إلى 300 مليار دولار للخرطوم و700 مليار دولار لبقية السودان. وتعكف الأمم المتحدة حاليا على إعداد تقديراتها الخاصة. وقال وزير الطاقة والنفط محي الدين نعيم لرويترز إن إنتاج السودان من النفط انخفض إلى ما يزيد على النصف ليصل إلى 24 ألف برميل يوميا وتوقفت قدراته التكريرية بعد أن تعرضت مصفاة الجيلي الرئيسة لتكرير النفط لأضرار بقيمة ثلاثة مليارات دولار خلال المعارك. وأضاف أن السودان، بدون قدرة على التكرير، يصدر كل نفطه الخام ويعتمد على الواردات في حين يبذل جهودا مضنية من أجل الحفاظ على خطوط الأنابيب التي يحتاجها جنوب السودان لصادراته. وقال نعيم إن جميع محطات الكهرباء في الخرطوم تعرضت للتدمير. وأعلنت شركة كهرباء السودان في الآونة الأخيرة خطة لزيادة الإمدادات من مصر إلى شمال السودان. وكانت قد ذكرت في وقت سابق من العام أن الهجمات المتكررة بالطائرات المسيرة على المحطات في محيط الخرطوم تستنزف قدرتها على الحفاظ على استمرار عمل الشبكة. نحاس منهوب استعادت القوات الحكومية السيطرة على الخرطوم في وقت سابق من العام الجاري. ومع عودة السكان إلى منازلهم، وجدوا أنها قد تعرضت للنهب. ومن الأمور الملحوظة التي جرى رصدها هي وجود ثقوب عميقة في الجدران والطرق استخرج منها الناهبون الأسلاك النحاسية الثمينة. وفي شارع النيل بالسودان، الذي كان في يوم ما أكثر شوارع البلاد ازدحاما، يوجد شق في الأرض عمقه متر وطوله أربعة كيلومترات خال من الأسلاك الكهربائية فيما تظهر آثار حروق. وذكر الطيب سعد الدين المتحدث باسم ولاية الخرطوم أن محطتي المياه الرئيستين في الخرطوم توقفتا عن العمل في بداية الحرب إذ نهب جنود قوات الدعم السريع الآلات واستخدموا زيت الوقود لتشغيل المركبات. وبات من بقى في الخرطوم يلجأون إلى الشرب من مياه النيل أو الآبار القديمة، مما يعرضهم للأمراض المنقولة عبر المياه. كما أن عدد المستشفيات المجهزة لاستقبال المرضى قليل. وقال هيثم محمد إبراهيم وزير الصحة إن المستشفيات تشهد أعمال تخريب ترتكبها فصائل مسلحة وإن المعدات الطبية تعرضت للنهب والتدمير، مضيفا أن خسائر النظام الصحي تقدر بنحو 11 مليار دولار. وقال لوكا ريندا، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات لتفادي مزيد من حالات الطوارئ الإنسانية مثل تفشي الكوليرا، وذلك في وقت يتطلع فيه حوالي مليونين أو ثلاثة ملايين للعودة إلى الخرطوم. لكن استمرار الحرب ومحدودية الميزانية يعرقلان وضع خطة شاملة لإعادة الإعمار. وذكر ريندا "ما يمكننا فعله... بالقدرات المتاحة لدينا فعليا هو النظر في إعادة تأهيل البنية التحتية على نطاق صغير"، مثل مضخات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية والمستشفيات والمدارس. وأضاف أن بهذه الطريقة، قد تُتيح الحرب فرصة لإلغاء مركزية الخدمات بعيدا عن الخرطوم ، والسعي إلى مصادر طاقة أكثر استدامة. تدمير حقول النفط

حري بأوروبا ألا تقف موقف المتفرج في الشرق الاوسط
حري بأوروبا ألا تقف موقف المتفرج في الشرق الاوسط

Independent عربية

timeمنذ 9 ساعات

  • Independent عربية

حري بأوروبا ألا تقف موقف المتفرج في الشرق الاوسط

نادراً ما لعب الاتحاد الأوروبي أكثر من دور مساعد في الجهود الرامية إلى حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، على رغم وجوده متعدد الوجوه في المنطقة. على مدى العقدين الماضيين، أصبحت الحكومات الأوروبية تعتقد أن تحقيق حل الدولتين بات أمراً شبه مستحيل، ولا يستحق إنفاق مزيد من الوقت والجهد عليه. وبالنسبة إلى عديد من الأوروبيين، بدا دعم الوضع الراهن داخل إسرائيل، خلال وقت يجري فيه إدانة بعض أفعالها بالقول وحده، أمراً ممكناً. لكن الواقع لم يكن كذلك. فمع تجاهل أوروبا وبقية العالم، أصبح الفشل في تأمين سلام دائم يتمتع فيه كل من الإسرائيليين والفلسطينيين بحق تقرير المصير أمراً مكلفاً للغاية. قد تتردد بعض الحكومات الأوروبية في التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهو أمر مبرر، بسبب تاريخها الاستعماري، إلا أن أوروبا لم تعد قادرة على تحمل ثمن المضي في الوقوف موقف المتفرج من صراع بدأت أحدث حلقاته بهجوم "حماس" المروع خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل، واستمر مع حرب الحكومة الإسرائيلية المدمرة على غزة والتصعيد بين إسرائيل وإيران. ليس أمن أوروبا على المحك فحسب، بل الأهم من ذلك أن تاريخ الأوروبيين يفرض عليهم واجب التدخل للرد على انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي. علاوة على ذلك، لدى الاتحاد الأوروبي ما يميزه في مرحلة ما بعد الحرب على غزة، خبرة لا يملكها أي طرف آخر، وهي دروس عملية دفع ثمنها خلال القرن الـ20، حول كيفية كسر دوامة الحروب المستمرة، والتعاون مع خصوم الأمس من أجل تحقيق السلام والازدهار. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وللإنصاف، فإن كثيراً من القادة الأوروبيين دعوا الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى لعب دور أكثر فاعلية في صنع السلام، وقد بدأ بعضهم بالفعل في تكثيف جهوده الفردية. لكن ما يحتاج إليه الاتحاد الأوروبي هو خطة موحدة. ويمكن لمجموعة من المبادئ، ولدت من خمسة أعوام من محاولة قيادة سياسة أوروبية غير متحدة تجاه الشرق الأوسط، أن ترشد هذه الجهود، فعلى الاتحاد الأوروبي أن يتحمل مسؤوليته التاريخية تجاه المنطقة، وأن يستخدم نفوذه المالي، الذي لم يُستغل بعد. عليه أن يقدم دعماً ملموساً على الأرض لمن يسعون إلى السلام، وأن يواجه المعطلين لهذا المسار من جميع الأطراف. عليه أيضاً أن يحمي من يسعون إلى كشف الحقائق على الأرض، وأن يدعم عمل الأمم المتحدة ويثبت التزامه الدائم بالقانون الدولي. لكن، قبل كل ذلك، لا بد أن يتجاوز الاتحاد الأوروبي العقبات الداخلية التي تفرضها مواقف دوله الأعضاء المتباينة تجاه إسرائيل. واجب الرعاية يتحمل الأوروبيون مسؤولية جسيمة عن الصراعات التي تعصف حالياً في الشرق الأوسط. فنحن الجناة الأصليون والشركاء التاريخيون [في الجريمة]، مذنبون ضمنياً في المأساة التي بدأت فصولها تتكشف قبل عقود. فمنذ العصور الوسطى في الأقل، كنا خلقنا صدمة تسهم في تعزيز شعور الشعب اليهودي بالضعف. وفي القرن الـ19، أدت التيارات القوميات الأوروبية المعادية للسامية والشعارات الاستعمارية إلى ظهور الصهيونية كحركة وطنية علمانية. وفي أعقاب سقوط الإمبراطورية العثمانية قسمت القوى الأوروبية المنطقة، وفرضت باستهتار حدوداً بين أجزائها وفاقمت الانقسامات المحلية، واستغلت مواردها الطبيعية. وخلال عام 1917 صدر وعد بلفور الذي نص على حماية "الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية في فلسطين"، لكن القادة الأوروبيين لم يوفوا بهذا الوعد. لقد مهد كل ذلك الطريق أمام ما يعده كثر أبشع جريمة في تاريخ البشرية، الهولوكوست. تلزم هذه الفصول المظلمة الأوروبيين بمنع إبادة إسرائيل، تلك الملاذ الآمن الذي التجأ إليه اليهود في أعقاب المحرقة النازية. ولكن إذا كانت أوروبا تتحمل المسؤولية عن ضحاياها، فإن عليها أن تتحمل أيضاً المسؤولية حيال ضحايا ضحاياها. بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وحرب استقلال إسرائيل عام 1948 ونزوح مئات الآلاف من العرب الفلسطينيين من ديارهم أو طردهم عنها، لم يعارض الأوروبيون فشل الأمم المتحدة في تنفيذ خطة التقسيم التي كانت ستقوم بإنشاء وطن في فلسطين لكل من الشعبين. وعلى رغم أن فتيل حرب الأيام الستة عام 1967 كان أضرم من قبل كل جيران إسرائيل، فإن الأوروبيين أخفقوا بعد الحرب في وقف احتلال الحكومة الإسرائيلية المتمدد خلسة للأراضي الفلسطينية، ومولوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ومع اقتراب القرن الـ20 من نهايته، اكتفى الاتحاد الأوروبي بلعب دور "الوسيط المحايد" –ظاهرياً– تاركاً للولايات المتحدة زمام المبادرة في عملية أوسلو، مكتفياً بتقديم دعم غير كاف للسلطة الفلسطينية، وتحويل نفسه إلى وجهة مفضلة للسياحة والصادرات الإسرائيلية. وأسهم هذا الموقف في تأبيد المشكلة، إذ أدار الأوروبيون ظهورهم لانتهاكات المستوطنين والجنود الإسرائيليين لحقوق الفلسطينيين، وتجاهلوا تطلعات الفلسطينيين المشروعة. لا يمكن لأوروبا أن تظل "الطيب الساذج" في هذه المأساة، توزع الأموال وعيونها مغمضة. لكن لا يمكن للأوروبيين ببساطة أن يعتمدوا على نزعة أخلاقية لكي يملوا على الآخرين ما يجب عليهم فعله. وينبغي بهم التأكيد أن من مصلحتهم أيضاً، ليس فقط المساعدة في بناء مستقبل يتسم بالاستقرار لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن أيضاً الضغط بقوة على كل من الحكومة الإسرائيلية للقيام بدورها، والسلطة الفلسطينية لإدانة العنف وتبني إصلاحات ديمقراطية مستدامة. يلهب الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني المشاعر ويؤجج الاستقطاب داخل الدول الأوروبية، نظراً إلى وجود إرث تاريخي مشترك. وهو يقوض بصورة متزايدة الأسس التي يقوم عليها النظام الدولي الذي يعتز به الأوروبيون ويعتمدون عليه. وإذا لم نتحمل مسؤوليتنا تجاه هذا الصراع، فإنه سيفرض نفسه علينا. لا يوجد صراع خارجي آخر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ الأوروبي. إن الاتحاد الأوروبي ككل، وليس فقط الدول الأعضاء بصورة منفردة، في حاجة إلى أن يصبح أكثر جرأة في التعامل مع هذا الصراع. إفراط في الحذر كثيراً ما اعتمد الأوروبيون على القيادة الأميركية آملين أنها ستحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. إن التمسك بهذا الأمل أمر لا ينم عن موقف مسؤول خصوصاً خلال الوقت الحالي. ويشعر كثر في أوروبا أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب غير قادر ولا يرغب في العمل كوسيط فعال. ولكن بغض النظر عن الدور الذي تسعى الولايات المتحدة إلى أن تلعبه في الشرق الأوسط، فإن للأوروبيين دورهم الفريد، لأنهم تعلموا بصورة مباشرة أنه على رغم الصورة المشوهة "للآخر" التي قد يسعى السياسيون إلى إبرازها، فإن معظم الناس يرغبون في العيش بسلام مع جيرانهم. ومع ذلك، يمكن لظروف خاصة أن تسمح بأن تكون اليد الطولى للمتطرفين. منذ السابع من أكتوبر، استخدم الاتحاد الأوروبي أدواته التقليدية داخل المنطقة التي تراوح من الوسائل الاقتصادية إلى الخطاب المعياري، ولكن على نحو حذر ومن دون اتساق. فقد زاد الاتحاد من مساعداته لغزة بصورة كبيرة، إذ تعهد بتقديم نحو 125 مليون دولار عام 2024، بما في ذلك من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والهلال الأحمر، ولكن دون ضمانات كافية بأن هذه المساعدات ستصل إلى المستهدفين بها. ودعا مرة تلو أخرى إلى وقف إطلاق النار واحترام القانون الدولي. وأصدر أحدنا، بوريل، عدداً من البيانات التي دان فيها هجمات "حماس" القاتلة وردود الفعل الإسرائيلية غير المتناسبة تماماً عليها. تتمتع أوروبا بنفوذ في الشرق الأوسط لكنها لم تجرؤ حتى الآن على استخدامه بفاعلية بيد أن الانقسامات الداخلية بين الدول الأعضاء قوضت فعالية الاتحاد الأوروبي. فقد دعم بعض قادة الاتحاد الأوروبي بصورة حذرة تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، بينما رفض آخرون مثل النمسا وألمانيا تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة ضد المسؤولين الإسرائيليين. كما أن دول الاتحاد بدءاً من ألمانيا وهنغاريا لم تتفق على إعادة النظر في سياسة الاتحاد التجارية مع إسرائيل، مما عنى بقاء الاتحاد الأوروبي كأكبر شريك تجاري لإسرائيل. ونتيجة لذلك، همش الاتحاد الأوروبي ككتلة موحدة، إذ بقي منقسماً داخلياً، وتجاوزته الولايات المتحدة وجهات إقليمية مثل مصر وقطر في جهود الوساطة لوقف إطلاق النار. ألم يكن من المفترض أن يلعب الاتحاد الأوروبي هو الآخر دور الوسيط؟ إن الخبرة التي راكمها الاتحاد الأوروبي على مدار عقود في التوصل إلى تسويات سلمية بين خصوم الأمس، بطريقة تقوم على فلسفة الاعتراف المتبادل ورفض الهيمنة، تضفي على الاتحاد أهمية خاصة. كما أن لديه الأدوات العملية اللازمة لأداء دور أكثر محورية في صنع السلام داخل الشرق الأوسط. وللحصول على فهم كامل لهذا النفوذ، ستحتاج دائرة العمل الخارجي الأوروبية، وهي الوكالة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي، إلى تفعيل عدد من القرارات التي طرحها مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي على مر الأعوام، إضافة إلى المبادئ التوجيهية التي وضعتها مفوضية الاتحاد الأوروبي لاستراتيجية شاملة للشرق الأوسط 2024-2029. وللوفاء بهذه المناشدات، سيتعين على الاتحاد الأوروبي أن يستخدم بصورة كاملة مجموعة الأدوات القانونية والمالية والتجارية والسياسية والتنظيمية المتاحة له، بغية التأثير في وسائل الضغط ونقاطه الحالية. يمتلك الاتحاد الأوروبي نفوذاً هائلاً لكنه لم يجرؤ حتى الآن على استخدامه بفاعلية. وإلى حد ما، فإن لهذا مبرراته التاريخية، بالنظر إلى السجل الطويل للقارة في مجال إساءة استخدام السلطة. ولكن عندما يتعلق الأمر بحماية قيمهم الأساس ومصالحهم الحيوية من التهديدات الخارجية، يجب ألا يتردد الأوروبيون في استخدام نفوذهم بصورة جيدة. تغيير الدولة على الصعيد الدبلوماسي، ينبغي لدول الاتحاد الأوروبي أن تبدأ بتطبيق المبدأ الذي يقوم عليه الاتحاد نفسه، الاعتراف المتبادل وهو المبدأ الجوهري للنظام القائم على الدولة الذي تأسس في أوروبا خلال القرن الـ18، وأسهم خلال الـ80 عاماً الماضية في تحويل القارة إلى مشروع سلام. دعت الجماعة الاقتصادية الأوروبية، التي سبقت الاتحاد الأوروبي، للمرة الأولى إلى منح الفلسطينيين حق تقرير المصير عام 1980. وعلى رغم أن 14 دولة من أصل 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تعترف الآن بدولة فلسطين، فإن الاتحاد الأوروبي سيكون أكثر فاعلية بكثير إذا اعترفت كل دوله الأعضاء بما في ذلك أكبرها، أي فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا، بدولة فلسطين ضمن حدود عام 1967 مع تبادل للأراضي متفق عليه بين الطرفين. وهذه الخطوة ستكون بعيدة كل البعد من كونها مكافأة لـ"حماس"، إذ ستؤدي إلى تمكين المعتدلين من جميع الأطراف الذين يناصرون الحلول الدبلوماسية بدلاً من المتطرفين الذين يدعون إلى العنف. وعوضاً عن انتظار المفاوضات لتمهيد الطريق نحو إقامة الدولة، يجب على الاتحاد الأوروبي التأكيد أن إقامة الدولة هي نفسها السبيل إلى المفاوضات. على الاتحاد الأوروبي أن يساعد في تصميم سلطة انتقالية دولية لغزة وتمويلها ريثما تُنقل السلطة إلى أهل القطاع وإلى جانب الاعتراف، ومن أجل أن يكون مطلب وقف إطلاق النار ذا صدقية، يجب على الاتحاد أن يعزز دعمه لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، بما يشمل الضغط على السلطة الفلسطينية لتصبح أكثر فاعلية ومساءلة وديمقراطية، لا سيما أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر ممول لها. وهذا التزام تجاه الشباب الفلسطيني الذي طالما عبر عن غضبه من فساد قيادته. ويتعين على الأوروبيين بعد ذلك ترجمة التزامهم حل الدولتين إلى قيادة مشتركة مع الدول العربية. ويمكن الاعتماد على التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، الذي أنشئ في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر (أيلول) 2024، بصورة أفضل بهدف تطوير حوافز تدعم معسكر السلام وتشجيع دول أخرى داخل الشرق الأوسط على الاعتراف أخيراً بإسرائيل التي تقوم جنباً إلى جنب دولة فلسطينية. ولن تنجح حوكمة ما بعد الحرب في غزة إلا إذا تمكن الفلسطينيون من تقرير مصيرهم بأنفسهم. وينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يساعد في تصميم سلطة انتقالية دولية لغزة وتمويلها ريثما تُنقل السلطة إلى أهل القطاع، على غرار مبادرات الأمم المتحدة السابقة داخل كمبوديا وتيمور الشرقية. ويجدر بأوروبا أن تتخذ موقفاً أكثر صلابة تجاه الجهات التي تنتهك حقوق ممولي المساعدات الأوروبية لديها ومصالحهم من خلال تدمير أو مصادرة البنية التحتية الممولة من قبل الاتحاد الأوروبي في الضفة الغربية وغزة. وفي المقابل، ينبغي أن تهدف أجندة الاتحاد الأوروبي إلى كسر اعتماد سكان غزة الكامل على المعونات الخارجية، والعمل على تعزيز معايير إعادة الإعمار. ويمكن للاتحاد، بل يجب عليه، أن يكون في صدارة جهود إعادة إعمار غزة، لما لديه من خبرة في تقنيات البناء المستدام والصديق للبيئة. ويجب أن يساعد في حشد المجتمع الدولي ضد أية محاولة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواء عبر التهجير أو الضم أو النقل القسري أو الترحيل الجماعي. ويتعين على أوروبا أن تستثمر بصورة أكبر وأكثر فاعلية في دعم منظمات المجتمع المدني التي تناضل من أجل تحقيق السلام بروح الاحترام المتبادل والتعاطف والاعتراف. ويتعين على الاتحاد الأوروبي ككل، وليس فقط الدول الأعضاء منفردة، أن يسلط الضوء على الجهود اللافتة التي تبذلها منظمات المجتمع المدني الإسرائيلية والفلسطينية –مثل "تحالف السلام في الشرق الأوسط"، و"نساء يصنعن السلام"، و"نساء الشمس"، و"منتدى عائلات دائرة الأهالي"، و"كسر الصمت"، و"بتسيلم"، إضافة إلى العملية التي أفضت إلى إعلان برشلونة لعام 2024 بعنوان "إنسانيتنا المشتركة"– وأن يذيع هذه الجهود داخل إسرائيل والعالم العربي على حد سواء. ويجب على أوروبا أن تعارض بشدة الاقتراح الإسرائيلي بفرض ضريبة بنسبة 80 في المئة على المساعدات الخارجية المقدمة لمنظمات السلام، خلال وقت تواجه فيه أوروبا الضغوط على منظمات المجتمع المدني التي تعارض القيادة الفلسطينية. وعملياً، وحين يصبح الوقت مناسباً، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يدعم عقد "جمعية مواطنين من أجل السلام" تضم مجموعة مختارة عشوائياً من الإسرائيليين والفلسطينيين، يجتمعون على أرض محايدة لأشهر عدة من أجل رسم طريق نحو السلام. وبدأت أوروبا في تنظيم مثل هذه الجمعيات خلال العقد الماضي، وحققت نتائج واعدة. وآن الأوان لإعطاء شعوب الشرق الأوسط دوراً أكبر في رسم مستقبلهم بأنفسهم. تأثير المخربين من أهم الدروس التي تعلمتها أوروبا من حروبها التي استمرت لقرون عدة أن العلاقات الدولية ليست لعبة محصلتها صفر [التي تنتهي بفوز طرف وهزيمة الآخر]. غير أن أوروبا، ولفترة طويلة، فشلت في تطبيق هذا الدرس في مواجهة من يبددون الجهود داخل الشرق الأوسط المصممين على تحويل مسار عملية السلام. لقد صنف الاتحاد الأوروبي، عن حق، "حماس" والجهاد الإسلامي الفلسطيني وجماعات أخرى ككيانات إرهابية قبل أكثر من 20 عاماً. بيد أنه لم يكد يفعل شيئاً لمعاقبة المستوطنين الإسرائيليين الذين يرتكبون أعمال عنف ضد الفلسطينيين. علاوة على ذلك، لم يتخذ الاتحاد الأوروبي أي إجراء حتى الآن في مواجهة جرائم الحرب الإسرائيلية داخل غزة. ويؤدي هذا الضغط غير المتوازن في النهاية إلى تقوية المخربين على جانبي الصراع. فالمتطرفون الذين يفلتون من العقاب يشعرون بالتبرير والتشجيع، أما الذين يتعرضون للضغط، فيستغلونه لكسب تعاطف قواعدهم الشعبية. يمكن للاتحاد الأوروبي توجيه رسالة قوية إلى حكومة إسرائيل ومواطنيها بتعليق الأحكام التجارية لاتفاق الشراكة بين الطرفين يعد الاتساق أمراً بالغ الأهمية في عالم السياسة المليء باتهامات بازدواجية المعايير. ولا يمكن للاتحاد الأوروبي فرض حظر على استيراد المنتجات من المناطق التي تحتلها روسيا داخل أوكرانيا، والتهرب من تطبيقه على منتجات المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية. كما لا يمكن للاتحاد الأوروبي دعوة الدول الأخرى إلى احترام مذكرة توقيف المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والإعلان خلال الوقت نفسه عن عدم تنفيذ مذكرة التوقيف نفسها ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. يمكن للاتحاد الأوروبي تصحيح هذا الوضع، إذ يستطيع، على سبيل المثال، إلغاء إعفاءات التأشيرات لسكان المستوطنات، وتطبيق حظر دخول فردي على نطاق منطقة شينغن. في الواقع، بفرض متطلبات التأشيرة على فلسطينيي الضفة الغربية فحسب، وليس على المستوطنين الذين يعيشون هناك، يصبح الاتحاد الأوروبي متواطئاً في نظام أشبه بنظام الفصل العنصري. والأهم من ذلك، يمكن إعادة النظر في اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهي الإطار القانوني المركزي الذي يحكم العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل منذ عام 2000. وتوفر المادة الثانية من هذه الاتفاق أساساً قانونياً لإعادة النظر في بنود الاتفاق رداً على انتهاكات حقوق الإنسان. وأثبت تحقيق أجراه أخيراً مبعوث الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان حصول هذه الخروق بوضوح. وانضمت 17 دولة عضو إلى إيرلندا وإسبانيا في الدعوة إلى إعادة تقييم الاتفاق. أولاً، وكحد أدنى، يمكن للاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات أولية مثل الشروع في مراجعة رسمية للاتفاق، أو تعليق اجتماعات القمة والاتصالات السياسية رفيعة المستوى بين القادة الأوروبيين والإسرائيليين، أو تجميد مشاركة إسرائيل في بعض برامج الاتحاد الأوروبي مثل برنامج "إيراسموس بلس" الذي يدعم التعليم. والأهم من ذلك، يمكن للاتحاد الأوروبي توجيه رسالة قوية إلى حكومة إسرائيل ومواطنيها بتعليق الأحكام التجارية للاتفاق، وهو ما يعني عملياً إيقاف العمل بالرسوم الجمركية التفضيلية الإسرائيلية. وتماشياً مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 2024 الذي يحذر الدول "من الدخول في معاملات اقتصادية أو تجارية مع إسرائيل" من شأنها "ترسيخ وجودها غير القانوني" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ينبغي على الاتحاد الأوروبي أيضاً حظر الواردات كافة من المستوطنات غير القانونية، أي الواردات التي تقع أصلاً خارج نطاق اتفاق الشراكة. على الاتحاد الأوروبي أن يوضح أنه لن يتسامح مع محاولات ترهيب المحاكم الدولية وعلى رغم أن تعليق الاتفاق برمته يتطلب موافقة بالإجماع من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإن معظم الخبراء في الدائرة القانونية بالمفوضية الأوروبية يؤكدون أن تعليق أحكامها التجارية يتطلب تصويت غالبية مؤهلة فحسب، إذ يمكن اعتماد سياسات تُبُنِّيت من جانب 55 في المئة من الدول التي تمثل 65 في المئة في الأقل من إجمال سكان الاتحاد الأوروبي. ونظراً إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يعلق أحكام التجارة التفضيلية إلا مع ميانمار وكمبوديا، فإن مثل هذه الخطوة ستكون ذات أهمية رمزية بالغة. ولا ينبغي أن يمنع أي شيء مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس من دعم مثل هذه الخطوة داخل مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي المقبل خلال يوليو (تموز). لحظة الحقيقة يجب على الاتحاد الأوروبي أيضاً التمسك بقيمه من خلال دعم التدفق الحر للمعلومات التي تستند إلى الحقائق. لقد حرمت "حماس" وسائل الإعلام من استقلاليتها من خلال مضايقة واحتجاز الصحافيين وفرض الرقابة على الذين ينتقدون منهم أفعالها أو حكمها. وفي غزة، فرضت حكومة نتنياهو أطول فترة تعتيم إعلامي في تاريخ الصحافة الحديثة. وقُتل في القطاع عدد من الصحافيين يفوق ما سجل في أي نزاع مسلح سابق. وتواصل إسرائيل رفض التعاون مع المحققين المكلفين من الأمم المتحدة، متجاهلة الأوامر القضائية الملزمة الصادرة عن محكمة العدل الدولية. إن خطاب الكراهية، والتحريض والخطاب العنصري، علاوة على التضليل الإعلامي والتلاعب بالروايات على الإنترنت تغذي كلها نزعة معاداة السامية، وأيضاً كراهية العرب والمسلمين. يتمتع الاتحاد الأوروبي بالفعل بسلطات تنظيمية قوية على شركات التواصل الاجتماعي، ويمكنه بذل مزيد من الجهود لتفكيك غرف الصدى الرقمية [صفحات على الإنترنت وتحديداً التواصل الاجتماعي يعيش المرء فيها في فقاعة من الآراء التي يتبناها] من خلال إلزام هذه الشركات بالكشف عن خوارزمياتها وتكييفها. كثيراً ما نسمع حجة تقول إنه "لا يمكن وضع دولة ديمقراطية على قدم المساواة مع جماعة إرهابية". من حيث المبدأ، يبدو هذا منطقياً تماماً. لكن عندما يتصل الأمر بسيادة القانون، فإن حجة عدم التكافؤ تنهار. هناك سبب لكون العدالة معصوبة العينين، ولماذا يكون الجانبان متساويين مع بعضهما بعضاً، ولماذا ينبغي أن تكون المحاكم مستقلة عن السياسة. ينبغي على القضاة أن يعاينوا الفعل لا الفاعل. يجب على الاتحاد الأوروبي أن يوضح بصورة أكبر أنه لن يتسامح مع محاولات ترهيب المحاكم الدولية. فالتهديدات والعقوبات الأخيرة ضد مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة تشكل تحدياً مباشراً للنظام القانوني متعدد الأطراف الذي يدعي الاتحاد الأوروبي أنه يدعمه. الأزمة الإسرائيلية-الفلسطينية أظهرت مدى سهولة شل قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات حاسمة في شأن القضايا الخلافية على رغم أن قانون الحظر الصادر عن الاتحاد الأوروبي عام 1996 لا يزال ساري المفعول، فإن طريقة تطبيقه أصبحت قديمة. ولقد صُمم في الأصل من أجل حماية شركات الاتحاد الأوروبي من العقوبات الأميركية المفروضة خارج الحدود الإقليمية، مثل تلك التي تستهدف كوبا أو إيران. ولم يجر تعديله بحيث يصبح قادراً على حماية مؤسسات على شاكلة المحكمة الجنائية الدولية، أو موظفيها الذين يتخذون من الاتحاد الأوروبي مقراً لهم، من تدابير قسرية مماثلة. ويجب أن ينص قانون الحظر المنقح بصورة صريحة على هذه الأحكام، وأن يضمن أن تكون البنية التحتية القانونية والدبلوماسية للاتحاد قادرة على مقاومة الضغوط التي تتجاوز الحدود الإقليمية. ويتعين على الاتحاد الأوروبي أن ينظر في فرض عقوبات محددة من قبيل حظر السفر وتجميد الأصول وذلك ضد الأفراد والكيانات، سواءً كانت حكومية أو غير حكومية، التي تسعى إلى عرقلة أو نزع الشرعية عن آليات العدالة الدولية. ومن شأن هذه الخطوة أن تثبت أن الاتحاد الأوروبي مستعد لكي يقرن خطابه الداعم للنظام القائم على القواعد بالفعل من خلال وضع تدابير رادعة ملموسة. فرق تسد لكن قبل أي شيء آخر، يحتاج الأوروبيون إلى خوض نقاش صريح حول المشكلة الجوهرية التي يتجاهلونها، أي انقسامهم عندما يتعلق الأمر بإدانة إسرائيل أو الاعتراف بدولة فلسطينية. لقد منع هذا الانقسام الاتحاد الأوروبي من استخدام نفوذه الهائل لتحقيق نتائج جيدة. وأبرزت حرب غزة عجز الاتحاد الأوروبي المقلق عن اتخاذ القرارات خلال الوقت المناسب، حتى عندما تتوافر موافقة غالبية كبيرة من الدول الأعضاء. على سبيل المثال، وعلى رغم أن غالبية دول الاتحاد الأوروبي أيدت دعوة لوقف إطلاق النار خلال أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني) 2023، فإن الاتحاد الأوروبي لم يستطع التصرف بصورة حازمة. ولا يمكن لأوروبا أن تدافع عن القيم التي تؤمن بها من دون تحسين آليات اتخاذ القرار فيها. بعض الإصلاحات لا تتطلب تعديلاً في معاهدات الاتحاد. فالسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي حالياً تشترط الإجماع التام لاتخاذ قرارات تتعلق بالشؤون العسكرية أو الدفاعية، أو العقوبات، أو معظم مواقف السياسة الخارجية. لكن الدول الأعضاء بإمكانها أن تقر التحول إلى نظام التصويت بالغالبية المؤهلة في بعض مجالات السياسة الخارجية، على رغم أن اتخاذ هذا القرار نفسه يتطلب الإجماع. وكبديل عن ذلك، ولتجاوز التردد الذي يبدر عن بعض الدول الأعضاء، يمكن لمجموعة أصغر إنشاء ما يسمى السياسة الخارجية والأمنية المشتركة "بلس"، أو ما يمكن أن يكون إضافة إلى السياسة الخارجية والأمنية المشتركة. وتسمح الأحكام الحالية المتعلقة في شأن تعزيز التعاون في المادة 20 من معاهدة الاتحاد الأوروبي لتسع دول أعضاء في الأقل، بأن تتفق مع بعضها بعضاً على استخدام أدوات معينة في السياسة الخارجية لا تتعلق بالدفاع. وباعتبار أن مثل هذا الإجراء لم يتخذ من قبل على الإطلاق، فسيجب على هذه الدول استكشاف ما ستتيح لها السياسة الخارجية والأمنية المشتركة "بلس" أن تفعله عملياً. لكن من المرجح أنها ستكون قادرة على استخدام أدوات الاتحاد الأوروبي في مجالات التجارة والمساعدات والنفوذ السياسي بصورة أكثر حسماً. لقد أظهرت الأزمة الإسرائيلية-الفلسطينية مدى سهولة شل قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات حاسمة في شأن القضايا الخلافية. وفي سبيل تحقيق مصلحة السياسة الأوروبية وكذلك الشرق الأوسط، فقد آن الأوان للتغلب على التأثير المعطل لنظام الفيتو الذي تملكه الدول الـ27. قد يسهل هذا التغيير بدوره على الاتحاد الأوروبي المساعدة في تصميم خطة سلام تضم آراء كل الأطراف المعنية في المنطقة. إذا استطاعت غالبية الدول الأعضاء الالتفاف حول رؤية أكثر فاعلية، فقد تحذو بقية الدول حذوها. لقد سلك الأوروبيون خلال الماضي طريق الحرب ليصلوا لاحقاً إلى التعايش المستقر ثم إلى الازدهار المتبادل. ويجب أن نسمح لأنفسنا بالأمل في أن يلهم تاريخنا الحديث جيراننا للمضي في طريقهم نحو السلام. جوزيب بوريل فونتيليس هو النائب السابق لرئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي والممثل السامي للاتحاد، ووزير الخارجية الإسباني السابق. كاليبسو نيكولايديس تشغل كرسي الأستاذية في الشؤون الدولية بكلية فلورنسا للحوكمة العابرة للحدود في المعهد الجامعي الأوروبي. وعملت سابقاً في جامعات هارفرد وأكسفورد والمدرسة الوطنية للإدارة، وقدمت استشارات لهيئات الاتحاد الأوروبي، وهي مؤلفة مشاركة لكتاب "دليل المواطن لسيادة القانون". مترجم عن "فورين أفيرز" 27 يونيو (حزيران) 2025

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store