logo
مقتل 5 في باكستان وخلاف بين الحكومة والقبائل بشأن "مطلق النار"

مقتل 5 في باكستان وخلاف بين الحكومة والقبائل بشأن "مطلق النار"

العربي الجديدمنذ 5 أيام
قُتل على الأقل خمسة من
رجال القبائل
وأصيب 17 آخرون في منطقة وادي تيراه بمقاطعة خيبر القبلية في شمال غرب باكستان جراء إطلاق النار على متظاهرين، أمس الأحد. وبينما تقول الحكومة الباكستانية والجيش إن عناصر من
حركة
"طالبان باكستان" هم من أطلقوا النار على المتظاهرين، تؤكد الزعامة القبلية لـ"العربي الجديد" أن قوات
الجيش
هي التي أطلقت النيران بشكل مباشر على المتظاهرين بعد أن وصلوا إلى أمام مقر رئيسي للجيش في المنطقة.
وانفجرت التظاهرات الشعبية في منطقة وادي تيراه، والتي شارك فيها مئات من ابناء قبائل خيبر (شينواري وآفريدي)، بعد مقتل شاب على يد قوات الجيش الباكستاني أول أمس السبت. وعلى إثره، قررت القبائل الخروج ونقل الجثمان إلى أمام أحد مقرات الجيش في المنطقة، وحين وصل المتظاهرون إلى أمام المقر، في وداي تيراه، تعرضوا لإطلاق نار كثيف، ما أدى إلى مقتل خمسة وإصابة 17 آخرين بجروح، بينما تفرق باقي المتظاهرين.
وأعلن الجيش الباكستاني، وكذلك الحكومة، أن المتظاهرين قتلوا بنيران حركة "طالبان باكستان" ومن وصفوهم بـ"الخوارج"، وأعربا عن أسفهما الشديد حيال قتل المدنيين. وقالت الحكومة إن "أعداء البلاد يسفكون دماء أبناء شعبنا بلا هوادة، وذلك من أجل إثارة الذعر والخوف في أوساطه، ولكنه رغم ذلك يقف إلى جانب القوات المسلحة التي تواصل عملها من أجل القضاء على كل من يخل بأمن بلادنا". كما أصدر مكتب رئيس الوزراء، شهبازشريف، بياناً دان فيه "مقتل المدنيين العزل بيد مسلحي طالبان باكستان"، مؤكداً أن "العدو يقتل كل من يقف إلى جانب الحكومة ويدافع عن أراضيه"، وفق وصفه، مطالباً الشعب بـ"التحلي بالصبر".
لكن مصادر قبلية نفت رواية الحكومة، وشددت على أن "قوات الجيش هي من أطلقت النيران بشكل مباشر وعن بعد أمتار على المتظاهرين، وكانت النية القتل وليس التخويف". ويقول قدرت الله شينواري لـ"العربي الجديد"، وهو أحد المشاركين في التظاهرات، إنه كان "على بعد حوالي 30 متراً من مقر الجيش أمام الباب الرئيسي، وكان معي عدد كبير من الشبان، كنا نرفع الهتافات نطلب فيها مقاضاة من قتل الشاب. وفجأة خرج من البوابة الرئيسية عناصر الجيش وبدؤوا يطلقون علينا النار بشكل مباشر، كانوا يطلقون على رؤوس الشباب وصدورهم، خمسة أشخاص سقطوا بعد أن أصيبوا في الرؤوس والصدور".
ويتساءل قدرت الله: "كيف وصل عناصر طالبان إلى داخل مقر الجيش ليطلقوا علينا الرصاص، ومن السخرية بمكان أن يأتي رئيس الوزراء ويقول إن المسلحين هم من قتلوا الشبان، ما أعجب ما يقولون! نحن لن نخدع بهذه الأمور". ويضيف المتحدث أن "الجيش نقل على الفور المصابين إلى المستشفى العسكري ليثبت أن المسلحين هم أطلقوا النيران، ثم جاء قادة الجيش ليزوروا المصابين داخل المستشفى، قبل أن يدلوا بتصريحات مغايرة تماماً لما حصل على الأرض".
أخبار
التحديثات الحية
باكستان تعلن قتل 30 مسلحاً حاولوا التسلل من أفغانستان
وعُقد اجتماع بين الزعامة القبلية وقادة الجيش في المنطقة عقب الحادث، حيث وجهت الزعامة القبلية "كلاماً شديداً" إلى الجيش وأصرت على أنه المتسبّب في مقتل أبناء القبائل، وأنه "لم يكن يوجد أي مسلح في المنطقة"، قبل أن تطالب بمحاكمة الضالعين في قضية المتظاهرين العزل. وبحسب قدرت الله، فإن قيادة الجيش "اعترفت بشكل غير مباشر (ألمحت) بأن قوات الجيش قتلت أبناء القبائل، وشددت على أنه لم يكن من المفترض أن يقترب المتظاهرون من مقر الجيش". كما أوضح المتحدث أن الجيش "أعلن مساعدة مالية للقتلى والجرحى"، معتبراً أن "ذلك اعتراف بقتل المدنيين على يد الجيش". وأكدت الزعامة القبلية أن "هذه ليست نهاية القصة، فالقبائل عليها أن تقول كلمتها إزاء ما حدث بعد التنسيق مع القبائل الأخرى".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل
سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل

العربي الجديد

timeمنذ 34 دقائق

  • العربي الجديد

سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل

ورثت القيادة السورية الجديدة وطناً منهكاً، جريحاً، تغمره الخرائب، ويثقل صدره دخان عقودٍ من الاستبداد و الفساد . لم يكن الاستبداد مجرّد نظام حكم، بل علّةً مزمنة نخرت في عظام الدولة، وأتت على أعصاب المجتمع ، حتى بات الجسد السوري يتآكل في صمت موجِع. واليوم، مع بزوغ فجر جديد، تجد الدولة السورية الناشئة نفسها أمام تحديات جسيمة، داخلية وخارجية، تتطلب وعياً جماعياً، وحكمة في القيادة، وصبراً في البناء. فعلى الصعيد الداخلي، تبرز الحاجة الماسّة إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة، وترميم الثقة بين المواطن والحكم، وإنعاش الاقتصاد الوطني المنهك من جراء سنوات عجاف من الحرب والعقوبات، وتحريك عجلة الإنتاج باتجاه الاكتفاء والاستقرار. ولم تكن هذه التحديات داخلية فقط، بل تطوق الدولة كذلك قوى خارجة عن القانون، متصلة بأجندات خارجية، لا هدف لها سوى زعزعة الأمن، وضرب وحدة البلاد، وإفشال المرحلة الانتقالية، في محاولة يائسة لبعث الفوضى من جديد. من رحم المعاناة يولد الأمل ورغم كل ما سبق، فإنّ سورية الجديدة تقف على أعتاب مستقبل واعد. فالأرض التي صبرت طويلاً، واحتملت ما لا يُحتمل، باتت اليوم مهيّأة للنهوض من جديد، وفتح أبواب الاستثمار والإعمار، وبناء جسور التنمية والازدهار. ولأنّ الرفاه لا يتحقّق دون أمن، فإن الأمن يظل الركيزة الأولى لبناء الغد. وقد قال الله تعالى: "الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف". فحين يسود الأمان، تزدهر الحياة، ويطمئن الإنسان إلى يومه وغده، ويجد الوطن متسعاً لأحلامه وطموحاته. بين الأمن والحزم: مقولة من التاريخ كما قال الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش، في لحظة كان يؤسس فيها لدولة الأندلس بعد أن فر من القتل وشق طريقه في المنفى: "لا رفاه بغير أمن. ولا أمن بغير حزم. هو السيف لبناء الدولة، وفصل الدم لدواء العلل". لا تعليم، ولا صحة، ولا استثمار، بلا أمن. ولا أمن بلا حزم وعدالة. ليس المقصود بالقوة هنا القسوة، بل الصرامة في محاسبة من يعبث بالأمن تختصر هذه المقولة فلسفة قيام الدول: فلا تعليم، ولا صحة، ولا استثمار، بلا أمن. ولا أمن بلا حزم وعدالة. ليس المقصود بالقوة هنا القسوة، بل الصرامة في محاسبة من يعبث بالأمن، وردع من يعتاش على آلام الشعب أو يتسلّق على أكتافه. فبناء الدولة لا يتم بالشعارات، بل بالأفعال، وبالقرارات التي قد تكون قاسية أحياناً، لكنها ضرورية للشفاء من علل الماضي وبدء عهد جديد. جناحان لطائر واحد: الأمن والازدهار لا يطير طائر بجناحٍ واحد، كذلك لا تنهض دولة بالأمن وحده دون ازدهار، أو بالازدهار دون أمن. السوريون اليوم لا يريدون فقط أن "يبقوا على قيد الحياة"، بل يتطلعون إلى أن "يعيشوا بكرامة". أن يتعلم أبناؤهم، ويتعالج مرضاهم، ويجد شبابهم عملاً يحفظ كرامتهم ويصون مستقبلهم. وهذا لا يتحقق إلا في ظل بيئة مستقرة، ونظام قانوني عادل، وإدارة كفؤة نزيهة. وهنا يبرز دور الشعب: في المشاركة لا الانسحاب، في النقد البناء لا التحريض، في الرقابة لا الفوضى. فالدولة التي يسندها وعي مواطنيها لا تسقط. فرصة لا تُقدر بثمن الفرص التاريخية لا تأتي كثيراً، وإن جاءت، لا تنتظر طويلًا. وسورية اليوم، في عام 2025، تمر بمرحلة انتقالية دقيقة، تحمل في طياتها إمكانيات عظيمة لبناء مستقبل أكثر استقراراً وعدلاً. إنها لحظة نادرة، تتطلب من الجميع أن يكونوا على قدر المرحلة. ما عاشه السوريون من معاناة، وما قدّموه من تضحيات، يجب أن يكون منطلقاً للبناء والتكافل، لا محطة للتنازع أو التراخي. فنجاح هذه المرحلة لا يتوقف على مؤسسة أو جهة بعينها، بل هو ثمرة تفاعل وطني شامل، تتكامل فيه الأدوار، وتتوحد فيه النيات والجهود. إن الوقوف خلف الدولة السورية الجديدة اليوم هو وقوف مع مصلحة الوطن بأسره، وهو ما يضمن عبور المرحلة الانتقالية بسلام، ويُمهّد الطريق نحو دولة مستقرة، قوية، وراعية لكل أبنائها. الدولة التي نحلم بها تُبنى إنّ الدولة التي ننتظرها لن تهبط من السماء، ولن تُمنح كجائزة، بل تُبنى على أكتاف شعبها، بالحكمة والإرادة، وبالإيمان بأن ما مضى من الألم يجب أن يتحول إلى درس، لا إلى لعنة. في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ سورية، لا مجال للتردد، ولا وقت للتشكيك. كل تراجع عن دعم الدولة الناشئة هو خطوة نحو المجهول، وكل يد تُمدّ للبناء هي لبنة في جدار وطن يليق بتضحيات أبنائه. فلنُغلق أبواب العبث، ونفتح نوافذ الأمل. ولنجعل من هذه المرحلة بداية حقيقية لسورية التي نحلم بها: حرة، عادلة، آمنة، وعزيزة.

الوصفة السحرية للحالة السودانية
الوصفة السحرية للحالة السودانية

العربي الجديد

timeمنذ 10 ساعات

  • العربي الجديد

الوصفة السحرية للحالة السودانية

أوشكَت لقاءاتي مع الدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين والأفارقة أن تصبح مملةً من كثرة ما ردّدتُ مطلباً غاية في البساطة، في إطار حواراتنا المتكرّرة في الحالة السودانية، ولما لقيته من إجاباتٍ غير مفيدة، إن لم تكن مخجلة. هذا إن لقيتُ إجابةً. في حال كان الدبلوماسي من المستوى العادي، فإنه يكتفي بهزّ رأسه وتسجيل النقاط في دفتره، أو طرح بعض الأسئلة. أمّا إذا كان من المستوى الرفيع، فإنه يعطي إجاباتٍ أخجل من تردادها (غالباً ما تتصل بدولة معينة من منطقتنا، وحاجتهم إلى مداراتها لأنها تعينهم في حرب غزّة). لا تحتاج النقطة البسيطة التي ظللت أكرّرها إلى اجتراح معجزة أو مخالفة المعهود، بل تتوافق تماماً مع السياسات المُعلَنة لتلك الدول. وتتلخّص في طلب بسيط بالضغط على مليشيا الدعم السريع لوقف ما ترتكبه من انتهاكات وكبائر لا تتوقّف في حقّ المدنيين، وما يتبع ذلك من تخريب للممتلكات العامّة والخاصّة، وإعاقة للإغاثة، وتدمير لأسس الحياة في البلاد. أقول لجليسي (أو جلسائي)، الذي غالباً ما يزورني في المكتب، أو ألتقيه في الفندق الذي يقيم فيه، أو في منزل السفير، يا سعادة كذا وكذا، ألا ترى أن من الخطل طلب الحوار مع منظّمةٍ لا تملك التوقّف عن ارتكاب الانتهاكات التي هي في الحدّ الأدنى جرائم حرب؟ فهي تقتل بلا سبب، وتختطف الأطفال والفتيات والنساء وتمارس في حقّهن أقبح أشكال الاغتصاب وهتك الأعراض. وتشمل انتهاكاتها تدمير محطّات المياه ومصادرها، وتجريف المزارع، وأيضاً ما يمكن تسميته تجريفاً في حقّ الجامعات والمدارس والمستشفيات، ونهب الصيدليات والأسواق وتخريبهما، وتدمير محطّات توليد الكهرباء، وتخريب ونهب وسائط توصيلها من أسلاك وأعمدة ومحوّلات. يهزّ صاحبي (أو صاحبتي) الرأس في صبر، وقد يصرّح (أو تصرّح) بالعلم بهذه المنكرات، فيأتي دوري للتساؤل: أليست مثل هذه الجرائم من الكبائر المحرمات في قوانينكم والقانون الدولي؟ وأليس ارتكابها بصورة روتينية، وعلى مدار الساعة، وفي كلّ مكان وطئته أقدام هذه الجماعة المارقة من الموبقات؟... هزّة رأس أخرى وتصريح بأن حكومته/ ها قد أدانتها، وربّما فرضت عقوبات بشأنها. لا يزال هناك وقت للخروج من المهلكة بإدراك استحالة إدخال مليشيا الدعم السريع في العملية السياسية عندها أضيف نقطتي الأساس، أن الإدانة وحتى العقوبات لا تكفي. وما أرى أنه الأنجع أن توجّه الدولة المعنية رسالةً مباشرةً إلى هذه الفئة الباغية بأن عليها وقف هذه الجرائم فوراً، وبصورة كلّية، وأنه الشرط لقبولها في أيّ مكان في العالم، فضلاً عن أن يسمح لها بأن تكون جزءاً من الحكم في أي بلد. هل تقبلون في بلادكم أو محيطكم التعامل مع عصابات من هذا النوع (في المكسيك أو كولمبيا، أو هايتي مثلاً)؟... هنا نصل إلى نقطة صمت، تأتي بعدها وعود بعمل شيء. وينصرف معظم هؤلاء غير راشدين. ولكن بعض دولهم سرعان ما ترسل شخصاً آخر، خصوصاً إذا وقعت كارثة جديدة، أو لاحت بادرة تغير في الأوضاع، لتطرح الأسئلة نفسها أسئلة أخرى. ولكن السودانيين هم الأوْلى باتخاذ المواقف الحازمة في مثل هذه الأمور، فلم يضلل المليشيا ويجعلها تمضي في غيّها إلا فئة من السودانيين زوّدتها بشعاراتٍ لا معنى لها، مثل "دولة 56" وغيرها من الترّهات، وأماني مثل أنها تقاتل في سبيل الديمقراطية. ولا أريد هنا إضاعة وقتٍ في الحديث عن "الحكومة" الجديدة التي أعلنها "الجنجويد"، إذ إنها جهاز علاقات عامّة فاشل مسبقاً. وقد أنشأوا قبل ذلك "إدارةً مدنيةً" من شخصٍ واحد في منطقة الجزيرة، فلم تفلح حتى في دور علاقات عامّة، ولم يفتح الله عليه حتى بتصريحاتٍ تبرّئ "الجنجويد" من فظائعهم. وكنتُ قد نشرت قبل أيّام تغريدة في "إكس" حول من يُنكر وجود الإبادة في غزّة، جاء فيها أن من يعتقد أنه لا توجد إبادة ومجاعة في غزّة عاطل عن الفهم، وبالتالي، لا يستحقّ أن يتولى أدنى مسؤولية عامّة، خاصّةً في الجامعات. أمّا من يعلم بالإبادة والمجاعة، ولكنّه يدلّس ويخادع، فهو عاطل أخلاقياً، وأقلّ جدارةً بأيّ مسؤولية. وهذه المقولة تنطبق على مناصري "الجنجويد" بحجّة أن الفئة المارقة منخرطة في مشروع إصلاحي في السودان، وأن مجرميها هم أحقّ من يدعم الديمقراطية في البلاد. فمن كان صادقاً فهو أجهل الجهلاء، ومن كان كاذباً فهو أخبث الخبثاء. وبينهم من جمع السوأتَين. يبدو أنه استحالة أن تطهّر المليشيا الإجرامية في السودان نفسها من آثامها، فإننا نشهد توجّهاً أفريقياً ودولياً (وعربياً؟) موحّداً باتجاه التخلّص منها مهما يكن، لا يزال هناك وقت للخروج من هذه المهلكة لمن لديه أدنى حدٍّ من الخُلق، ليدرك استحالة إدخال هذه المليشيا في أيّ جانبٍ من العملية السياسية، بل في أيّ جانبٍ من الحياة في السودان، بقيادتها الحالية وجنودها الملوّثين بهذه الفظائع. فلن يكون هذا الخيار مقبولاً من الغالبية الساحقة من السودانيين، الذين اكتووا بنار انتهاكاتها، وشهدوا تدمير بلادهم وكلّ ما ألفوه، وكلّ ما له قيمة في حياتهم من دراسة وعمل ومسكن وبيئة اجتماعية. هذا طبعاً يتعلّق بالحدّ الأدنى من قبول هذه المليشيا في المجتمع، أمّا مقترح المليشيا وداعميها المتحمّسين (أو المُكرَهين) بأن تكون هي الحاكمة في السودان، أو حتى أيّ جزءٍ منه، فهو أول المستحيلات، وليس ثالثها. يكفي أن أماكن سيطرتها في دارفور لا تزال تشهد أسوأ فظاعاتها من إبادة جماعية وتدمير للحياة، وحصار إجرامي للفاشر ينذر بكبائر أدهى. وأي شخص يصفّق للمليشيا في جريمتها المعتزمة هذه، ويتمنّى نجاحها جدير بأن يبوء بإثمها، ويتحمّل المسؤولية عمّا مضى من جرائم وانتهاكات، وما سيأتي، وأدناها ممّا يلقي كاسبه في سقر. نعود إلى نقطة البداية، وهي المتعلّقة بردع المليشيا عن جرائمها وضلالاتها، عبر مواجهتها بصوتٍ واحدٍ باستنكار جرائمها التي تشبّهها بالطاعون، لم تدخل قريةً إلا وكانت أداة خرابها. وما اجترحته لم تشهده نواحي الأرض حتى في عصر المغول، وكلّ عصور الاستعمار. فكلّ جهة غازية، أو حكومة غاشمة، تسمح للناس بالاستمرار في معاشهم لتستفيد منه. أمّا هذه الجائحة الطاعونية الجنجويدية، فإنها عطّلت الطرقات، ودمّرت المكاتب وأماكن العمل، وأعاقت التجارة والصناعة والزراعة، وفرضت على من بقي الإقامة الجبرية في البيوت. ولم يؤمنهم هذا من الانتهاكات، حتى اضطرّ كلّ من استطاع إلى الفرار. في الجزيرة مثلاً نهبتْ مخزون الطعام في البيوت، بل كانت من جهلها وخطلها، تدخل المنازل في نهار رمضان، فتأخذ ما أعدّته الأسر للإفطار في الشهر الكريم، بدعوى أنهم أولى بالإفطار، كأنّ الصوم عن الطعام أولى بالصوم عن القتل والنهب وانتهاك حرمات المؤمنين. زادوا فنهبوا ما أعدّه الناس من بذور وأدوات للزراعة، كما نهبوا كلّ الدواب والأنعام والسيارات والجرّارات، فاستحال البقاء لانعدام الطعام والعجز عن الزراعة، وقد وجد من عادوا إلى قراهم بعد أن حرّرها الجيش أن الحشائش قد غطّت المنازل بسبب غياب الحيوانات التي كانت تتغذّى منها، والناس الذين كانوا يعالجونها بالقطع. توجّه أفريقي ودولي (وعربي؟) موحّد باتجاه التخلّص من "الدعم السريع" باعتباره مفتاح الحلّ في السودان وقد كتبت في مقال سابق في "العربي الجديد" عن دهشتي لاستمرار هذه العدوانية، حتى في مناطق دارفور التي يعتبرونها "حاضنتهم" وديارهم (استمعتُ إلى أحد القيادات القَبلية يستنكر قيام هؤلاء (في تسجيل مصوّر جادّاً غير هازل) بممارسة النهب والاقتتال فيما بينهم، ممّا قد يوردهم قاع جهنم، داعياً إياهم بدلاً من ذلك إلى النهب في مناطق أخرى، مثل الخرطوم وغيرها، ولكنّهم، بخلاف حسن الظنّ مارسوا في نيالا (وغيرها) ما اعتادوا من النهب وهتك الأعراض وحرق الأسواق، وزادوا بحرق وتدمير المباني التي نهبوها، خاصّة الجامعات، ممّا يعني أنه لا يوجد في هذه الفئة رجل رشيد، أو قائد له ذرّة عقل، ينهاهم على الأقلّ عن تدمير ما نهبوا. ونحن نتمنّى (ولا نتوقّع) أن يكون في أولياء هذه الفئة المارقة من "سياسيين" و"مثقّفين" عقلاء يذكّرونهم بأن مثل هذه العقلية التدميرية هادمة للعمران، وغير مؤهّلة لهم للقبول في أيّ مجتمع قديم ولا حديث، فضلاً عن أن تكون هي الطريق للديمقراطية المزعومة في السودان، ولا غيره. ونرجو أن تكون فيهم بعض الشجاعة (وهم في المنافي البعيدة التي لا تطاولها يد البريرية هذه) لينبّهوا قيادات هذه العصابات إلى أن مثل هذا السلوك مهلك لهم قبل غيرهم. فهم كالجراد، ما حلّ بزرع إلا أهلكه، ممّا يضطرهم باستمرار إلى التحرّك إلى حقل آخر يتركونه خراباً يباباً. ولكني غير متفائل (للأسف!) بعودة الوعي إلى غالب هؤلاء، فقد قرأت لأحد قادتهم إشادةً بالمليشيا، زاعماً أنها منحت "الثوار" الحماية. وهو يعلم (كما نعلم ويعلم العالم كلّه) أن المليشيا هي مَن فضّ الاعتصام، وكان هو ورهطه يتفاوضون مع قادتها على الحصانة من الملاحقة في هذا الأمر، إذا انحازت إلى صفّهم ضدّ الجيش. ولكن التفاؤل يأتي من أن هذا الكيان الوحشي هو ذاتي التدمير، وسينقرض ومَن راهن عليه رهاناً سياسياً خاسراً. كفى أننا نرى أن الكيانات السياسية المفلسة سياسياً وأخلاقياً قد بدّدت كلّ ما كان لها من دريهمات الرصيد في الانحياز لها، وهو انحياز كانت تنكره عندما كان لا يزال لها قليل من الحياء، ونزر من الميكيافيلية. وما نراه اليوم من مجاهرة بهذا الإثم/ الفضيحة ما هو إلا عملية انتحارية لمن يئس من كلّ خير. ومع ما يبدو أنه استحالة أن تطهّر المليشيا الإجرامية نفسها من آثامها، فإننا نشهد توجّهاً أفريقياً ودولياً (وعربياً؟) موحّداً باتجاه التخلّص منها، باعتباره مفتاح الحلّ في السودان. ما أرجوه هو أن يتحقّق ما ظللنا ندعو أليه من إرسال رسالة جماعية للمليشيا (وخدّامها) بالتخلّي عن النهج الانتحاري المضرّ بهم وبالبلاد، وإن كان انتحارهم لا يسوؤني إطلاقاً.

المغرب: احتجاجات في 58 مدينة تنديداً بتجويع غزة
المغرب: احتجاجات في 58 مدينة تنديداً بتجويع غزة

العربي الجديد

timeمنذ 19 ساعات

  • العربي الجديد

المغرب: احتجاجات في 58 مدينة تنديداً بتجويع غزة

للأسبوع الـ87 على التوالي، تظاهر آلاف المغاربة أمام المساجد، عقب صلاة الجمعة، تنديداً بسياسة التجويع والحصار المفروض على قطاع غزة وبحرب الإبادة التي يقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي وسط تواطؤ وصمت عالمي، ودعماً لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته. وينتظر أن تنظم وقفات مماثلة بعد صلاتي المغرب والعشاء، ووقفة مركزية أمام مقر البرلمان في العاصمة الرباط مساء الجمعة، فضلاً عن اعتصام أمام القنصلية الأميركية في الدار البيضاء مع دعوات للإضراب عن الطعام، يوم غد السبت. وشهدت مدن كبرى وصغرى في المغرب من بينها فاس ومراكش وطنجة والدار البيضاء والرباط وتطوان وبركان والجديدة وأكادير وجرسيف وصفرو وخريبكة ووادي زم وبني ملال ومكناس وإنزكان وتازة وزايو والناظور وتارودانت والمحمدية والمضيق، وقفات، عقب صلاة الجمعة، بدعوة من الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة (غير حكومية). وبحسب مصادر مسؤولة في الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن 58 مدينة مغربية أعلنت خروجها في 90 تظاهرة في جمعة طوفان الأقصى رقم 87. وردّد المشاركون في الوقفات الاحتجاجية التي نظمت بعد صلاة الجمعة، شعارات تندد بالتجويع وحرب الإبادة وبالمجازر التي يقترفها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة، مطالِبين بوقف الإبادة والتجويع والحصار المضروب على القطاع. وعبّر المحتجون عن غضبهم من صمت الأنظمة والشعوب العربية على الإبادة، في الوقت الذي يستمر فيه دعم الولايات المتحدة لدولة الاحتلال عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، معلنين عن تأييدهم للمقاومة الفلسطينية ولرموزها. كذلك عبّر المشاركون في الوقفات عن رفضهم القاطع لكل أشكال التطبيع المغربي مع دولة الاحتلال. إلى ذلك، قال عضو المكتب المركزي للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، ومسؤول ملف مناهضة التطبيع، سعيد مولاي التاج، إن جمعة الغضب 87 "تكتسي أهمية خاصة جداً، فهي تأتي في سياق الذكرى الأولى لاستشهاد القائد إسماعيل هنية وقادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية رحمهم الله جميعاً، وتزامناً مع وصول سفينة أميركية محمّلة بالسلاح إلى ميناء طنجة المغربي، متوجهة إلى الكيان الصهيوني في جريمة تطبيعية أخرى، في وقت يتصاعد العدوان الصهيوني الممنهج على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حصاراً وقتلاً وتجويعاً". وأضاف مولاي التاج، في حديث مع "العربي الجديد": "إذ نؤكد على دعمنا الكامل لصمود وثبات المقاومة الفلسطينية في مواجهة آلة الاحتلال الغاشمة، التي لا تزال ترتكب مجازر مروعة بحق المدنيين الأبرياء، وتعتمد سياسة تجويع ممنهجة، واعتداءات وحشية على عمليات توزيع المساعدات الإنسانية التي باتت تعرف بمصائد الموت، نعرب في الهيئة عن استنكارنا الشديد للصمت المطبق من قبل الحكومات العربية والإسلامية الرسمية تجاه هذه الجرائم النكراء، ونؤكد رفضنا القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي يشكّل خيانة للقضية الفلسطينية وتهديداً مباشراً لأمن واستقرار المغرب والمنطقة". وقال إنه في هذا السياق دعت الهيئة كافة أبناء الشعب المغربي إلى المشاركة الواسعة والقوية في فعاليات جمعة طوفان الأقصى 87، المقررة اليوم الجمعة، كما ناشدت القوى الحية الانخراط الفاعل في فعاليات اليوم الوطني الاحتجاجي 26، الذي تنظمه الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع التي تعد الهيئة من مكوناتها، يوم غد السبت. وتابع: "نسعى من خلال التصعيد الاحتجاجي بالإضراب عن الطعام والصيام الجماعي والاعتصامات السلمية، التي عرفتها مجموعة من المدن المغربية، أمام السفارات والقنصليات إلى إيصال رسالة تضامن قوية مع الشعب الفلسطيني، ورفض مطلق لكل أشكال التطبيع، وإحراج الأنظمة في إطار حراك دولي عام لرفع حصار التجويع على أطفال غزة، والذي تحاول بعض الأنظمة العربية بضوء وتنسيق مع الكيان الصهيوني الالتفاف عليه بإسقاط المساعدات جواً أو إدخال شحنات محدودة براً". وقال إن الهيئة "تجدد توجيه نداء عاجل إلى المجتمع الدولي، خاصة المنظمات الحقوقية والإنسانية، لإدانة هذه الجرائم ضد المدنيين، والضغط على الكيان الصهيوني لوقف عدوانه، ورفع الحصار الجائر عن قطاع غزة، والعمل على ضمان حماية المدنيين الفلسطينيين". اعتصام أمام القنصلية الأميركية احتجاجاً على حرب غزة ويأتي ذلك، في وقت يستعد فيه نشطاء مغاربة للاعتصام أمام القنصلية الأميركية في الدار البيضاء مع إضراب عن الطعام، يوم غد السبت، احتجاجاً على دعم الولايات المتحدة لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة، وتنديداً بسياسة تجويع الشعب الفلسطيني داخل القطاع المحاصر منذ أكثر من 18 سنة. ودعت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، في بيان لها، إلى الاعتصام أمام القنصلية الأميركية يوم غد السبت، ابتداء من الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، بالتزامن مع تنفيذ إضراب عن الطعام طيلة اليوم في مختلف مدن المغرب. من جهة أخرى، ينتظر أن تنظم مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين (غير حكومية)، وقفة مركزية أمام مقرّ البرلمان في الرباط، مساء الجمعة، في سياق مواصلة فعاليات الحراك الشعبي المغربي تنديداً بالاحتلال وحرب الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج للشعب الفلسطيني، وإحياء للذكرى السنوية الأولى لاستشهاد رئيس حركة حماس إسماعيل هنية. كذلك، دعت مجموعة العمل الوطنية كل المكونات المدنية الشعبية المغربية إلى تنظيم اعتصامات وفعاليات ميدانية تحت شعار: "وصية الشهيد: لن نعترف بإسرائيل، والمقاومة مستمرة حتى التحرير وإسقاط التطبيع". وتتواصل منذ 18 مارس/ آذار الماضي احتجاجات المغاربة تنديداً باستئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي حربه على قطاع غزة المحاصر، إذ شهدت عشرات المدن في مختلف أنحاء البلاد وقفات ومسيرات غاضبة ومنددة بالعدوان. ومنذ اليوم الأول لحرب الإبادة، شهد المغرب العديد من مظاهر التضامن والتأييد للشعب الفلسطيني، من خلال وقفات ومسيرات نظمت على نحوٍ شبه يومي في مختلف أنحاء البلاد، كان عنوانها الرئيس دعم الفلسطينيين والمقاومة ومساندتهم ورفض التطبيع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store