logo
بين التخوين والتكفير.. 'الحزب' والمقايضة المستحيلة

بين التخوين والتكفير.. 'الحزب' والمقايضة المستحيلة

IM Lebanonمنذ 2 أيام
كتب سامر زريق في 'نداء الوطن':
تصريحات توم برّاك حول إلحاق لبنان بـ'بلاد الشام'، كانت بمثابة قنبلة تحمل صاعقًا 'تاريخيًا' ألقاها الموفد الأميركي على الطريقة 'الترامبية'، وشكلت مؤشرًا إلى مدى ارتفاع الضغوط الخارجية على لبنان، كما أنها ترتبط بالخبر الذي ساقه الإعلام الإسرائيلي حول ضم طرابلس وبعض البقاع إلى سوريا، لتمسي عاملًا مكملًا لها يزيد من حدة الضغوط الداخلية على أركان السلطة، وسط تصاعد حملات التكفير والتخوين المتبادلة.
في القلب من هذه الحملات يبرز 'العهد' وكيفية تعامله مع هذه المتغيرات، بمقاربة ترتكز على استراتيجية دفاعية تروم تثبيت دعائم المرحلة الانتقالية عبر خطوات صغيرة يرى أنها أكثر استدامة وموثوقية في ظل حالة عدم اليقين السائدة، من استراتيجية هجومية ترتكز على اندفاعة كبيرة محفوفة بحسابات متضاربة.
بيد أن هذه الاستراتيجية التي تبدو غير مقنعة للقوى الداعمة للتغيير بسبب ما تتسم به من بطء بالمقارنة مع سرعة التحولات في المنطقة، فإنها مرفوضة من قوى متحفزّة للصدامات السياسية والفتن الدينية وحتى الأمنية، والتي أطلقت العنان لحاشيتها الإعلامية كي توغل في ذمّ 'العهد' والحكومة ورجالاتهما، واستخدام فزّاعة التكفيريين و'فوبيا' أحمد الشرع المستجدة لإرساء مناخ مشحون وشديد التوتر.
من المثير أن بعضًا ممّن يقفون خلف ترويج هذا المناخ هم من طالبي المواعيد من المسؤولين السوريين ضمن مساعٍ تروم صياغة علاقة مع أركان النظام الجديد على حساب الدولة، بينما واقع الحال أن ثمة قنوات تواصل مؤسساتية متينة بين بيروت ودمشق تعمل على احتواء الإشكاليات الناشئة ومعالجتها بفعالية، ومنها قضية الموقوفين السوريين، حيث تشير المعلومات إلى زيارة لوزير العدل السوري مظهر الويس إلى لبنان لتسوية هذه القضية وفق الأطر القانونية.
والاستراتيجية نفسها تسري على الداخل، فمع أن 'العهد' يميل إلى تقنين الكلام والمواقف لحساسية اللحظة التي تمرّ بها البلاد، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود تواصل مستدام ومنتج مع القوى الدينية والمجتمعية في لبنان ولا سيما دار الفتوى، التي نسقت مع بعبدا عشية زيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى دمشق، وتحضّر لزيارة قريبة يجريها دريان إلى 'القصر الجمهوري' يتمّ العمل على إنضاج نتائجها.
ورغم سياسة التحفظ، إلا أن الرئيس جوزاف عون لا ينفكّ عن تكرار جملة 'مفتاحية' في لقاءاته حول 'حصرية السلاح' في يد الدولة من أجل ترسيخها في العقل الجماعي. والطريق إلى تحقيق هذه الغاية يكون إما بالقوة، وهذا غير مطروح من قبل أي جهة خارجية أو محلية، وإما بالتفاوض، حيث التباين أو الالتباس حول منهجية هذه المفاوضات.
ذلك أن الإشكالية الجوهرية التي تقوّض مسار التفاوض تكمن في بحث 'حزب الله' عن مقايضة مستحيلة مع أميركا وإسرائيل، يستخدم فيها سلاحه كورقة ابتزاز للحصول على مكاسب ضمن بنية النظام بعد تقاعده الحربي، المعبّر عنها بطروحات مثل 'الحرس الوطني اللبناني' و'المثالثة' وسواها من الأفكار المتداولة، فيما سلاحه صار بضاعة 'مُزجاة' غير صالحة سوى لصفقة واحدة: التقاط اليد الممدودة من قبل الدولة من أجل الانضمام إلى مشروعها كفصيل سياسي فقط.
والحال أن تصعيد 'البروباغندا' الدعائية لـ 'حزب الله' لـ 'كابوس' أحمد الشرع، وتحويله إلى هاجس يخيف به حاضنته، جعلت منه واشنطن سلاحًا تستخدمه بفعالية لزيادة الضغط عليه ودفعه أكثر للقبول بالصفقة المتاحة اليوم. وبينما يواصل 'الحزب' هجومه المتهوّر على السلطة، فإنه لا يسعها سوى اتباع تكتيك الدفاع في مناطق منخفضة، والتعويل على إنهاكه من خلال ترك الضغوط الخارجية تأخذ مداها، مع رفدها بالأدوات المحلية المتاحة لتفكيك بعض عناصر قوته. ومن ثم استغلال نقاط الضعف التي يظهرها لشن هجمة مرتدة 'دولتية' منظمة، تتيح تسجيل هدف الحسم قبل أن يطلق الحكم صافرة نهاية المباراة.
في موازاة العمل على إصلاح علاقات لبنان الخارجية وتجسير الفجوات التي كانت قائمة خصوصاً مع دول الخليج، من أجل إعادة صياغة دور جديد في المعادلة الإقليمية الناشئة يتناسب مع مصالح البلاد وإمكانياتها. ناهيكم عن إطلاق ديناميات إصلاحية داخلية تتمثل بمسارات المحاسبة القضائية، التي رغم ما يطالها من تشكيك إلا أنها تعد أساسًا يمكن الارتكاز عليه لتفكيك شبكة معقدة من مصالح ومراكز قوى سياسية واقتصادية واجتماعية نمت على هامش الدولة، وتنشط في 'مقاومة' أي مسار تغييري في مهده للحفاظ على ديمومتها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لبنان يواصل مناقشة الورقة الأميركية الجديدة وعودة برّاك متوقّعة خلال 10 أيام
لبنان يواصل مناقشة الورقة الأميركية الجديدة وعودة برّاك متوقّعة خلال 10 أيام

ليبانون 24

timeمنذ 19 دقائق

  • ليبانون 24

لبنان يواصل مناقشة الورقة الأميركية الجديدة وعودة برّاك متوقّعة خلال 10 أيام

فيما أنهى مجلس النواب جلسات مساءلة الحكومة على مدى يومين بتجديد الثقة بها، طغت الأحداث السورية على المشهد الداخلي اللبناني وتداعياتها المحتملة على لبنان، إن لجهة توسيع العدو الإسرائيلي عدوانه باتجاه لبنان أو المخاوف من انتقال شرارة المعارك في السويداء الى بعض المناطق اللبنانية. في المقابل، لفتت أوساط رسمية الى أن المباحثات مع الأميركيين لم تنتهِ وستستمر حتى عودة المبعوث الأميركي توم براك الى لبنان، مشددة على أن الموقف اللبناني موحّد وفور الاتفاق الكامل على بنود الورقة ستطرح على مجلس الوزراء لمناقشتها، لكن المصادر أكدت أن لا موعد محدد حتى الساعة لزيارة براك الى لبنان. وجالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت في قطاع جنوب الليطاني واستهلت جولتها من ثكنة صور قبل أن تتوجه نحو البياضة للاطلاع على جهود الجيش في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار. وذكرت «البناء» أن لجنة المستشارين الممثلة للرؤساء الثلاثة اجتمعت أمس الأول، في بعبدا ودرست الرد الأميركي على ورقة الملاحظات الأميركية، ووضعت جملة استيضاحات وشروحات وأطلعت الرؤساء عليها، على أن يصار الى إرسالها للأميركيين. ووفق المعلومات فإن الرد الأميركي يتركز على ملف حصرية سلاح حزب الله لجهة وضع إطار لإنهاء هذا الملف مع مهلة زمنية معينة لا تتعدّى نهاية السنة مع مراحل لتحقيق الهدف ثم وضع آليات تنفيذية لذلك. وبحسب المعلومات فإن الرد الأميركي لحظ تفهماً أميركياً للملاحظات اللبنانية لا سيما مسألة التزام لبنان بكل موجباته في منطقة جنوب الليطاني وفق القرار 1701 وإعلان وقف إطلاق النار، مقابل عدم التزام إسرائيل بشيء واستمرار عدوانها على لبنان، ما يستوجب وفق الموقف اللبناني من الأميركيين الضغط على إسرائيل للانسحاب ووقف الخروقات حتى يبادر لبنان بخطوة على صعيد حصرية السلاح. وكتبت" الاخبار":يتعامل كبار المسؤولين في لبنان مع النقاش الدائر بشأن الورقة الأميركية على أنه طريقة لكسب الوقت. والسلطة تبدو مرتاحة إلى فكرة «التفاوض» ولو حتى من دون أفق، وهو ما تتّسم به طريقة عمل اللجنة المكلّفة من الرؤساء جوزاف عون، نبيه بري ونواف سلام، والتي عاودت اجتماعاتها لبحث الردّ الأميركي على الجواب اللبناني تمهيداً لتحديد الموقف الرسمي منه. علماً أنّ التقديرات السياسية الحالية، بدأت، تقترب من قناعة بأنّ الأميركيين أنفسهم ليسوا جدّيين، وأنّ الهدف هو التفاوض بالنار، وهو ما تريده إسرائيل عبر إطلاق جولة أقسى من المشهد الحالي، لأنها تريد إنجاز ما تطلبه بيدها وليس بيد الآخرين. عملياً، لا يملك لبنان القدرة على تلبية المطالب الأميركية، والتي تشكّل استسلاماً كاملاً أمام العدو الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، لا تملك اللجنة، ولو نظرياً، تصوّراً للردّ يختلف عن الردّ اللبناني الأول. فالردّ الأميركي على الجواب اللبناني، لم يختلف في مضمونه عن الورقة الأولى التي حملها المبعوث الأميركي توماس برّاك في زيارته الأولى إلى بيروت، لا بل إنها جاءت أكثر تشدّداً في شرحها لتفاصيل الشروط، لا سيّما في ما يتعلّق بتحديد مهل زمنية لسحب سلاح حزب الله وتحديد الآليّة على أن يتّخذ قرار في مجلس الوزراء بالإجماع، من دون السماح لأي طرف في الحكومة بتسجيل تحفّظ! وفيما لم يتّضح مضمون الردّ اللبناني الجديد، قالَ مطّلعون على عمل اللجنة، إنّ «الجوّ الأميركي ليس مُطمئناً، ويوجد في لبنان من يشعر بأنّ ما يحصل اليوم، هو محاولة لإلهاء اللبنانيين بصورة الدبلوماسية بينما هناك اتفاق أميركي – إسرائيلي على التصعيد قد يحصل في أي لحظة وبشكل مفاجئ». وأكّد هؤلاء أنّ «الدولة اللبنانية تعترف في مجالسها بأن لا إمكانية للقبول بما يطلبه الأميركيون، خصوصاً أنّ الردّ الأميركي الأخير لم يتطرّق إلى الضمانات الأميركية التي يطالب بها لبنان بإلزام العدو الإسرائيلي الانسحاب من النقاط التي احتلها، ولا بوقف الخروقات ولا حتى الالتزام بمبدأ الخطوة مقابل خطوة». وتقول المصادر إنّ لبنان «آثر عدم الالتزام بجدول زمني واضح لسحب السلاح، مبرّراً ذلك بخصوصية الوضع اللبناني وضرورة الحوار الداخلي حول هذه المسألة»، وتضيف «إنّ الجانب الأميركي، أصرّ في المقابل على تحديد مهلة زمنية واضحة لسحب السلاح الثقيل من يد حزب الله». لذا تتصرّف الدولة على قاعدة «الانتظار لعلّه تأتي تطوّرات ما من شأنها أن تخفّف الضغط الأميركي أو تدفع الجانب الأميركي إلى تغيير مقاربته في لبنان»، علماً أنّ «الأميركيين يزدادون تشدّداً لا سيّما في إجراءاتهم العملية»، فهم «باتوا يحرصون على الكشف على كل الأسلحة التي يتسلّمها الجيش اللبناني من حزب الله، ويرسلون فرقاً للتأكّد من تدميرها جميعها». وفيما يفترض أن تنجز اللجنة ردّها قبل عودة برّاك إلى بيروت المتوقّعة خلال عشرة أيام، قالت المصادر إنّ «اللجنة ستنطلق في ردّها من النقاط التي وضعتها سابقاً على أن تضيف بعض التفاصيل»، لعلمها بأنّ «واشنطن، وكما قال موفد السفارة الأميركية، اعتبرت أنّ الجواب الأول هو مناورة ولا يحمل طابعاً جدّياً، فضلاً عن أنّ حزب الله لا يُظهر أي جدّية أو ميلاً للتعاون وهو ليس مقتنعاً بوجوب تسليم سلاحه»، مع تقديرات بأن يقوم برّاك بتأجيل زيارته بسبب التطورات في سوريا. وفيما يتزايد الحديث في الداخل عن مهلة السماح المعطاة للبنان حتى نهاية العام الجاري، قالت أوساط متابعة إنّ «مَن يتابع الفريق المدافع عن فكرة الاستسلام للأميركي، خصوصاً في الجلسات التي انعقدت في مجلس النواب، والحملة السياسية التي تتزايد يؤكّد أنّ لبنان جزء من اللوحة الإقليمية التي ترسم وأنّ ما يجري في سوريا سينحسب أمنياً وعسكرياً على لبنان وأنّ ما يؤجّل ذلك هو فقط التركيز حالياً على الساحة السورية بينما يجب أن تنتظر في لبنان مفاجأة في أي لحظة». وكتبت" اللواء": بحسب المصادر ذات الصلة، فإن اجتماعات اللجنة الرئاسية لصياغة الردّ اللبناني على الردّ الاميركي الذي بعث به طوم براك عبر سفارة بلاده في عوكر إلى بعبدا، لا يمكنها القفز فوق النار المتصاعدة من غزة إلى البقاع فسوريا التي كانت بالامس تفاوض على الانخراط باتفاقية أمنية مقابل الانسحاب من الجولان السوري المحتل. رأت هذه المصادر انه في حال انتهت ملاحظات اللجنة على الرد الأميركي فإنها قد تحضر في جلسة الحكومة، مع العلم ان الرد الأميركي قد يطرح انطلاقا من استفسارات الوزراء عن حقيقة مضمونه ، كما ان أجواء جلسة مجلس النواب قد تحضر في مجلس الوزراء. اما بالنسبة الى التطورات في سوريا، فان المجلس قد يتطرق اليه انطلاقا من الموقف الذي أصدره رئيس الجمهورية.

تسوية برعاية اميركية: تسليم سلاح الحزب خلال 3 سنوات مقابل مواقع في السلطة
تسوية برعاية اميركية: تسليم سلاح الحزب خلال 3 سنوات مقابل مواقع في السلطة

ليبانون ديبايت

timeمنذ 5 ساعات

  • ليبانون ديبايت

تسوية برعاية اميركية: تسليم سلاح الحزب خلال 3 سنوات مقابل مواقع في السلطة

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح في الكواليس السياسية، تدور نقاشات محاطة بالكتمان، بعضها مباشر مع حزب الله، وأخرى تجري مع رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تحت عنوان رئيسي: البحث عن آلية لتسليم الحزب لسلاحه، ضمن تسوية شاملة. يقود هذا المسار نائب بقاعي صاحب علاقات متينة مع مراكز القرار في واشنطن. ووفق معلومات "ليبانون ديبايت"، يتحرك هذا النائب ضمن مبادرة شخصية غير رسمية، يسعى من خلالها إلى بناء تفاهمات بين الدولة اللبنانية وحزب الله، تتيح دمج الأخير في الدولة مقابل خطوات متدرجة، تبدأ بتسليم سلاحه وتنتهي بضمانات داخلية وخارجية. إلا أن أي اتفاق، بحسب مصادر داعمي المقترح، يحتاج إلى توافر شروط دقيقة، أبرزها وجود ضمانات مكتوبة، لا مجرّد وعود شفهية، من الولايات المتحدة وإسرائيل على السواء وهو ما لم يتوافر بعد لاسيما وأن تل بيب ماضية في مشروعها لــ"تغيير وجه الشرق الأوسط". جولات تمهيدية: من بيروت إلى واشنطن قبل سفره إلى واشنطن، عقد النائب عدة لقاءات تمهيدية، أبرزها مع أحد النواب البارزين في حزب الله، إضافة إلى لقائين مع الرئيسين عون وبري، عرض خلالهما ملامح المقترح. ويُقال إنه نال دعمهما المبدئي، ما شجّعه على نقله إلى الجانب الأميركي. بعد عودته من العاصمة الأميركية، أجرى سلسلة لقاءات جديدة، أطلع فيها الرئيسين عون وبري على نتائج الزيارة. تلقى ضوء أخضر لمتابعة مسعاه، فعاود التواصل مع حزب الله لمناقشة التفاصيل، حيث لمس تجاوباً حذرًاً عبّر عنه انفتاح غير مسبوق على مناقشة المسائل التفصيلية. في واشنطن: تواصل وتفويض زار النائب البيت الأبيض وإلتقى هناك بمسؤولين في ادارة دونالد ترمب، كذلك في وزارة الخارجية، والتقى ايضاً أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، قبل أن يجتمع في نهاية المطاف بالمندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة السابقة في بيروت دوروثي شيا، التي قيل إنها فوّضت من إدارتها التنسيق المباشر معه. لاحقاً، تواصلت شيا مع السفارة الأميركية في بيروت، التي أُبلغت بفحوى المقترح، بوصفه مبادرة فردية قدمها نائب لبناني، حظيت باهتمام أميركي دون أن تتبنّاها واشنطن رسمياً، ما عُدّ فصلاً بين هذه المبادرة وبين المسار الرسمي الذي تتابعه الإدارة الأميركية عبر مبعوثها المؤقت توم باراك. ثلاث سنوات على مبدأ "رقصة التناغو" ينص المقترح على اتفاق لبناني – أميركي يُنفذ على ثلاث سنوات، يتضمّن جدولاً زمنياً لتسليم حزب الله سلاحه على مراحل، مقابل التزام أميركي بوقف الضربات الإسرائيلية والاغتيالات ضد الحزب على كامل الأراضي اللبنانية. تبدأ العملية بتسليم تدريجي لأجزاء من الترسانة التي قال توم باراك أنها تستهدف السلاح الذي يُشكّل تهديداً مباشراً لإسرائيل. المقترح يُقسم إلى ست خطوات، كل منها تمتد لستة أشهر، وفق مبدأ "خطوة مقابل خطوة" أو ما اصطلح تسميته بـ"رقصة التناغو"، يكون فيها حزب الله مبادراً، وتردّ إسرائيل بإجراءات مقابلة - متزامنة، مثل الانسحاب من مواقع تحتلها، إطلاق أسرى، فك قيود على ملف الإعمار، أو فتح باب العودة إلى القرى الحدودية. وتُحدد المراحل الثلاث جغرافياً: 1. المرحلة الأولى وتتم على دفعات: تسليم السلاح في المنطقة الواقعة ما بين شمال الليطاني وجنوب نهر الأولي والتي تعتبر إسرائيل أنها تشمل ترسانة مركزية للحزب. ​2.​المرحلة الثانية على دفعات وتشمل أيضاً الضاحية الجنوبية، حيث تزعم تل أبيب إمتلاك الحزب فيها لمصانع ومنشآت. ​3.​المرحلة الثالثة على دفعات أيضاً، وتشمل البقاع إذ تزعم تل أبيب أن الحزب يخفي فيها ترسانته الصاروخية الاساسية. المهلة الأخيرة من الجدول الزمني تبقى معلّقة إلى حين تنفيذ كافة البنود، والإفساح في المجال لمفاوضات سياسية داخلية حول شكل التسوية النهائية. ضمانات… ومخاوف في المقابل، يزعم من يعمل على الملف أنه لا يتوقع من الحزب أن يسلّم سلاحه مجاناً. تؤكد مصادر أن واشنطن أبدت استعدادها لضمان عدم التعرّض للحزب خلال تنفيذ الاتفاق، لكن حزب الله، رغم انفتاحه النسبي على النقاش، لا يزال يشكّك تقليدياً في صدقية الضمانات الأميركية، مدفوعاً بتجارب سابقة. لكن ما يشجّع المفاوض اللبناني على المتابعة هو ملاحظة تطور نسبي دخل على خطاب الحزب، خصوصاً بعد تولّي الشيخ نعيم قاسم منصب الأمين العام، ما يُظهر –وفق المصادر– مقاربة جديدة أكثر واقعية للمرحلة. من الأمن إلى السياسة: صيغة حكم جديدة؟ يرى أصحاب المقترح أن التفاهم لا يجب أن يقتصر على ضمانة أمنية، بل يجب أن يتوسّع نحو تفاهم سياسي شامل يُعيد توزيع الصلاحيات في النظام اللبناني، بشكل يُعزز موقع الطائفة الشيعية. ويجري تداول فكرة استحداث منصب "نائب رئيس الجمهورية" للطائفة الشيعية، يتمتع بصلاحيات تنفيذية واضحة، مع احتفاظها برئاسة مجلس النواب، وربما بامتيازات إضافية تتجاوز وزارة المالية. ورغم رفض مصادر المبادرة توصيف الطرح بـ"المثالثة"، إلا أنها تعتبره "صيغة شراكة سياسية موسعة"، يُفترض أن تُناقش بهدوء مع باقي المكونات. عوائق متوقعة: السنّة، اتفاق الطائف، والسعودية فتح هذا الباب قد يُطلق نقاشاً عميقاً حول موقع اتفاق الطائف وصلاحيات الطوائف. فإعطاء موقع سياسي تنفيذي جديد للطائفة الشيعية قد يُفسّر كاقتطاع مباشر من صلاحيات رئيس الحكومة السُني، ما يُرجّح اعتراضاً سنّياً قوياً، لا سيّما في ظل ما تعتبره هذه الطائفة أن التطورات في المنطقة تميل إلى مصلحتها. كما أن أي مساس بصيغة الطائف قد يتطلب موافقة سعودية، كون المملكة الراعي التاريخي للاتفاق، ما يضع المقترح في مواجهة تحدٍ إضافي، ويفتح على مطالبة الطوائف الأخرى باستكمال البنود المهملة من الطائف، مثل إنشاء مجلس الشيوخ - وهو مطلب درزي تاريخي. لا قرار بعد… لكن "النقاش بدأ" بحسب مطلعين على المفاوضات، فإن حزب الله لم يُقر بعد بمبدأ تسليم سلاحه، لكنه للمرة الأولى يُبدي انفتاحاً على نقاش جدّي حول الفكرة. ومع أن الأميركيين لا يتوقعون تسليماً فعلياً للسلاح في المدى المنظور، وهو ما يتوافق مع رأي مقرّبين من الحزب. رغم ذلك، ما زال الرهان قائماً على إحداث خرق ما. في الموازاة تعمل واشنطن وفق الأجندة التي عبّر عنها مبعوثها توم باراك، والقائمة على التحذير من الحرب الأهلية، ما يوصف بأنه دفع لخلق جو داخلي يفضي في نهاية المطاف إلى نزع الشرعية التي يتسلّح بها حزب الله لتأمين سلاحه.

أعيدوا أورتاغوس الحاسمة
أعيدوا أورتاغوس الحاسمة

صوت بيروت

timeمنذ 5 ساعات

  • صوت بيروت

أعيدوا أورتاغوس الحاسمة

لو تمّ حَذْف اسم توم بارّاك وقراءة تصريحاته، لكان الظنّ الغالب، أنّ قائلها هو أحد السياسيين المحليين التقليديين. أيّ، كثرة الكلام حتّى فقدان الاتّزان وتدوير الزوايا إلى درجة 'الدَوَخان'. كأنّ ما كان ينقص اللبنانيين وعقلية الحكم التي تربّت على التسويف وركل الفرص، سوى 'رشّة' تناقضات وخلطة مفاهيم عتيقة، أطلقها سفير واشنطن في تركيا والمبعوث الأميركي إلى سوريا. يمثّل الأخير النهج الملتبس للسياسة الناعمة حتى لو كان هدفه نزع سلاح 'حزب الله'، إذ يفتقر إلى قوّة الدفع و'التحريض الإيجابي' نحو التغيير المطلوب. فالمواقف المعلنة والضغوط المباشرة أثبتت فعاليتها، مقارنة بالمبادرات 'المائعة' وذات 'الوجهين'. في هذا الإطار، يُستَحضَر قول المفكّر السياسي والفيلسوف الأميركي الشهير فرنسيس فوكوياما، (بما معناه) إنّه بوجود محفّزات التحرّر، يمكن للتقدّم الذي يحتاج إلى سنة، أن يتحقّق خلال شهرٍ. كما أدّت مواقف باراك، إلى مقاربة رمزية في الشكل والأسلوب، بينه وبين النائبة السابقة للمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي عُرفت بلهجتها الحادة ومواقفها الواضحة، إذ لم تجامل الأنظمة ولا الجهات السياسية، بل مثّلت مدرسة دبلوماسية تقوم على المكاشفة والهيبة والرسائل المباشرة، لا سيما تجاه 'حزب الله'. وترى مصادر مطلعة على أجواء البيت الأبيض، أن التصريحات الملتبسة لباراك، تندرج ضمن هوامش القرار الأميركي ولا تُعبّر عن صرامة إدارة ترامب والورقة الأميركية المتعلّقة بسلاح 'الحزب'. فقوله إنّ ' أميركا لا ترى 'حزب الله' منظمة إرهابية، بل الجماعة المسلحة التابعة له، هي المنظمة الإرهابية التي نواجه معها المشكلات'، تناقض تصنيف واشنطن الذي لا يفصل بين جناحي 'الحزب' العسكري والسياسي. أما موقفه من أن 'الأسلحة التي يراد التخلي عنها هي تلك التي تهدد إسرائيل'، فيتعارض مع اتفاقية وقف إطلاق النار والشروط الأميركية، المشدّدة على نزع سلاح 'حزب الله' من دون تمييز بين ثقيل أم خفيف، مما يعكس ضلالًا لديه. استطرادًا، ولفهم هذا الشطط الشاذ عند باراك، علينا فهم رؤية ترامب لولايته وحكمه، إذ لجأ إلى تحرير عهده من أعباء الدولة العميقة في واشنطن التي يمقتها إلى حدّ كبير جدًّا، إضافة إلى الإعلام التابع لها مثل الـ CNN و'فوكس نيوز' والذي تحوّل في نظره إلى أجسام ثقيلة، وتشكّلت لدى شريحة واسعة من الرأي العام الأميركي، عداوة بارزة ضدّ الدولة البيروقراطية. ومن أجل ترشيد إدارته، أراد ترامب تجسيد روحية قيام الدولة الاتحادية الفدرالية التي اعتمدت النظام الرئاسي، نظرًا إلى خصائصه المتميّزة بسرعة القرارات وقوّة التنفيذ. لذا، عيّن الرئيس الحالي ستيف ويتكوف مبعوثًا خاصًّا إلى الشرق الأوسط، وتوم بارّاك إلى سوريا ومسعد بولس مستشارًا أوّل لشؤون أفريقيا. هذه الإيجابية والمرونة في صياغة قرارات البيت الأبيض، تقابلها سلبيات وهفوات وقع بها السيّد باراك، ومنها: تحذيره اللبنانيين من 'خطر وجودي' إذا لم يتحركوا بـ 'سرعة البرق' لأن مصيرهم سيكون هو العودة إلى خريطة 'بلاد الشام' (والتلميح بكلام غير مباشر، عن وقوع الأردن في خريطة 'سوريا الكبرى'). هذا التصريح، ينمّ عن جهلٍ في تاريخ المنطقة، وما فرضته الأيديولوجيات والعقائد والقوميات البائدة، من مصطلحات تعكس منطق الاستقواء وشطب مفهوم الدولة الوطنية وتعددية الشعوب. في المقابل، يشير التعبير المذكور إلى رومنطيقية رافقت مهاجري القرن الماضي الذين يتحدّر منهم برّاك ولا يزال سجين مفرداتها، من دون أن يعي تأثيرها وعيوبها الثقافية والنفسية والتاريخية. والأمر ذاته ينبطق على مفهومه لاتفاقية 'سايكس بيكو'، حيث وصفها بأنها 'قسّمت سوريا والمنطقة الأوسع لمكاسب إمبريالية، وليس من أجل السلام'، ومعتبرًا أن هذا الخطأ 'كلّف أجيالًا'، كأنه يردّد مع القائلين بأن 'لبنان هو كذبة تاريخية وصنيعة الاستعمار'، علمًا بأن اتفاق 'سايكس بيكو' قسّم المنطقة إلى مناطق نفوذ بين بريطانيا وفرنسا وترك لشعوب المنطقة تقرير مصيرها وحدودها، وأي تلاعب بالحدود يؤدّي إلى مزيد من النزاعات والصراعات ولن يحلّ السلام. فيما التغيير المنشود هو داخل خرائط الدول وليس فوقها. وتختم المصادر، مؤكّدة أنّ تصريحات باراك الصحافية المثيرة للجدل، قد تشكّل اختبارًا لردود الفعل المحلية والدولية، أو تمهيداً لمسار دبلوماسي موازٍ، من دون أن تعني أي تبدّل في السياسة الأميركية، خصوصًا أن وزارتي الخارجية والدفاع ما زالتا تتخذان موقفًا أكثر تشددًا تجاه 'حزب الله'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store