logo
الترقب بدل الهلع: حين تجاهلت الأسواق الصواريخ

الترقب بدل الهلع: حين تجاهلت الأسواق الصواريخ

عمونمنذ 5 أيام
رغم ما تحمله الحرب الإسرائيلية الإيرانية من تاريخ طويل من العداء والتصعيد والتهديدات، ورغم التوقعات التقليدية التي تفترض قفزات حادة في أسعار الذهب والنفط، وانهيارات في أسواق المال، جاءت المفاجأة على غير المعتاد: الأسواق لم ترتعد، بل سجلت ارتفاعات في مشهد لا يخلو من الغرابة.
من اللافت مقارنة أداء ثلاث مرجعيات خلال الفترة الممتدة بين قصف إسرائيل لإيران وإعلان الرئيس ترامب وقف إطلاق النار؛ فقد تحرك الدولار وعوائد السندات الأميركية لأجل عشر سنوات ضمن نطاق ضيق، بينما شهدت أسعار النفط تقلبات حادة، إذ قفزت إلى نحو 79 دولارًا للبرميل قبل أن تتراجع بسرعة لقرابة 69 دولارًا وقبل انجلاء المخاوف. أما الأسواق الأميركية، وتحديدًا مؤشر MSCI، فقد بدأت بالصعود من مستويات متدنية بمخاوف معتدلة، واستمرت في تحقيق المكاسب حتى بعد استهداف قاعدة «العديد» وما زالت كذلك؛ ما يعكس تجاهلًا لافتًا للمخاطر الجيوسياسية المحيطة!
وكأن الأسواق تمتلك «مجسات داخلية» أو معلومات داخلية لا يدركها عموم المتابعين؛ تعلم مسبقًا أن التصعيد سيظل محكومًا بسقوف سياسية وعسكرية واضحة، وأن الردود ستكون مدروسة بعناية، وأن آليات الاحتواء ستعمل مبكرًا، وهو ما تحقق فعلاً. ولهذا، لم تشهد الأسواق هلعًا، بل رأت في الأفق فرصًا استثمارية يجدر اغتنامها.
المثير في الأزمة الأخيرة إظهار الطرفين نوعًا من الرغبة في تجنب الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة بدليل عدم استهداف مضيق هرمز أو منشآت حيوية نفطية، ما كان من شأنه أن يشعل فتيل تصعيد واسع النطاق. كما ساهمت التسريبات الإعلامية – بقصد أو بدونه – في احتواء عنصر المفاجأة، ما منح الأسواق نوعًا من الطمأنينة بأن التصعيد محكوم بسقف سياسي لا يتجاوزه.
الأسواق وبمرور السنين، دخلت في حالة من «التشبع في التسعير الجيوسياسي»، نتيجة تراكم سنوات من التوترات الممتدة في أوكرانيا، الصين، تايوان، اليمن، ليبيا، سورية ولبنان... ولم يعد المستثمر يتفاعل مع كل صاروخ أو غارة كما في السابق، بل أرهقته أيضًا التصريحات المتكررة للرئيس الأميركي ترامب، بما حملته من غموض وتناقض وتراجع، ما عزز حالة التبلد تجاه الأخبار السياسية. لذلك لم يعد التركيز ينصب إلا على ما يُحدث أثرًا ملموسًا في الاقتصاد العالمي، خصوصًا في مجالات الطاقة، التجارة، وسلاسل الإمداد.
ويضاف إلى ذلك التحول المتسارع نحو الطاقة النظيفة، وتراجع اعتماد الاقتصادات الكبرى على نفط الشرق الأوسط، إلى جانب بروز الولايات المتحدة كمصدر رئيسي للنفط والغاز. هذه العوامل مجتمعة أسهمت في تقليص حساسية الأسواق تجاه الاضطرابات الإقليمية، فلم نشهد قفزات نفطية حادة بحكم وفرة المعروض واستعداد العديد من اللاعبين الدوليين لتعويض النقص إن حصل.
كما لا يمكن إغفال أثر العقوبات الغربية المفروضة على إيران، والتي أخرجت فعليًا معظم نفطها من السوق العالمي، باستثناء ما تصدره إلى الصين، مما قلل من أهمية التهديدات المرتبطة بإمداداتها. كما ان قلة قليلة كانت تعتقد أن إيران أو حلفاءها يمتلكون القدرة على إلحاق ضرر كبير بإنتاج النفط، أو حتى إغلاق المضيق.
ومع ترجيح التهدئة واستمرار بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، تراجعت جاذبية الذهب كملاذ آمن، كونه أصلًا لا يدر عائداً، مقابل بدائل أكثر جاذبية كالسندات الأميركية ذات العوائد المجزية، وتطور أدوات التحوط — من المشتقات المالية إلى العقود الآجلة — في تقليص إقبال المستثمرين على الذهب، وسط قدرة أكبر على إدارة المخاطر والتقلبات المفاجئة.
كذلك برز تنامي الاستثمار في العملات الرقمية والسلع البديلة، وهو ما ساهم في تشتيت بوصلة الأسواق بعيدًا عن الأصول التقليدية كالذهب والنفط. فقد أصبح اهتمام المستثمرين موزعًا بين العديد من الأدوات الاستثمارية وبين العوامل الجوهرية الأكثر تأثيرًا، مثل السياسات النقدية، وتوازنات الطاقة، والتعريفات الجمركية، التي طغى أثرها في كثير من الأحيان على وقع الحرب نفسها.
في نهاية المطاف، لم يكن الحدث العسكري بحد ذاته هو ما حرك الأسواق، بل غياب الضرر الاقتصادي المباشر. لم تهتز سلاسل الإمداد، ولم يرتفع التضخم، ولم تتعرض أرباح الشركات الكبرى لأي تهديد جوهري. أصبح المستثمرون أكثر انتقائية، فلم يعودوا ينجرفون وراء كل صدمة سياسية، بل صاروا يوزنون الأمور بميزان التأثير الحقيقي على الاقتصاد العالمي. لذلك، اختارت الأسواق «الترقب البارد» بدلًا من «الهلع الحاد»، مدفوعة بحسابات واقعية، ولسان حالها يقول إن الصدمات الجيوسياسية لم تعد كافية لتحريك الأسعار صعودًا كما في السابق.
الغد
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الضغوط الجيوسياسية والضبابية النقدية تدفع اليورو إلى التراجع
الضغوط الجيوسياسية والضبابية النقدية تدفع اليورو إلى التراجع

Amman Xchange

timeمنذ ساعة واحدة

  • Amman Xchange

الضغوط الجيوسياسية والضبابية النقدية تدفع اليورو إلى التراجع

لندن: «الشرق الأوسط» انخفض اليورو في تداولات السوق الأوروبية، يوم الاثنين، أمام سلة من العملات الرئيسية، ليواصل خسائره التي توقفت مؤقتاً يوم الجمعة أمام الدولار الأميركي، مبتعداً عن أعلى مستوياته في أربع سنوات. ويأتي هذا التراجع في ظل موجة تصحيح وجني أرباح، مدفوعة بمزيج من التطورات الجيوسياسية والضغوط الفنية، إلى جانب تزايد القلق بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية الأوروبية. وسجّل اليورو تراجعاً بنسبة 0.5 في المائة، ليستقر عند مستوى 1.1725 دولار، وسط زخم هبوطي متزايد بعد فشله في الاستقرار أعلى المقاومة الفنية البارزة عند 1.1830 دولار، التي تُعد الأعلى منذ أكثر من أربع سنوات. ضغوط سياسية وتجارية تُضعف المعنويات يتزامن تراجع اليورو مع ارتفاع متجدد في مستويات الدولار الأميركي، مدفوعاً بحالة الترقب في الأسواق العالمية مع اقتراب موعد انتهاء مهلة الـ90 يوماً التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الرسوم الجمركية المتبادلة، والمقررة في 9 يوليو (تموز). وحتى الآن، لم تُبرم سوى ثلاث دول -بريطانيا والصين وفيتنام- اتفاقيات تجارية مع واشنطن، ما يزيد من احتمالات فرض تعريفات جمركية أوسع نطاقاً على شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة، ومن ضمنهم الاتحاد الأوروبي. ويلقي هذا التوتر التجاري بظلاله على معنويات المستثمرين في أوروبا، ويزيد من الضغوط على العملة الموحدة، خصوصاً في ظل اعتماد اقتصاد منطقة اليورو على قطاع الصادرات. بيانات تضخم مخيبة وتوقعات غامضة للفائدة الأوروبية على الصعيد الاقتصادي، جاءت بيانات التضخم الأخيرة في منطقة اليورو دون التوقعات، ما زاد من حالة الضبابية بشأن توجهات البنك المركزي الأوروبي خلال اجتماعه المرتقب في يوليو. ورغم أن البعض يستبعد خفضاً وشيكاً للفائدة، فإن ضعف المؤشرات الاقتصادية -وعلى رأسها مبيعات التجزئة والتضخم- يُبقي الباب مفتوحاً أمام خفض محتمل في حال استمرار التباطؤ. ويعزّز هذا الغموض من الحذر في الأسواق ويضغط على اليورو، في ظل غياب إشارات حاسمة من صانعي السياسات النقدية. نظرة فنية على حركة اليورو/الدولار وصل اليورو مقابل الدولار الأميركي إلى 1.1763 دولار، مقارنة بسعر افتتاح بلغ 1.1725 دولار، بعد أن لامس أعلى مستوى له عند 1.1790 دولار. وكان اليورو قد أنهى تعاملات الجمعة بارتفاع طفيف تجاوز 0.1 في المائة، مستأنفاً مساراً صعودياً محدوداً بعد يومَيْن من التراجع نتيجة جني الأرباح. وعلى مدار الأسبوع الماضي، حقّق اليورو مكاسب بنسبة 0.45 في المائة مقابل الدولار، في ثاني مكسب أسبوعي له على التوالي. في المقابل، ارتفع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى له في أكثر من أسبوع، وارتفع في آخر تداولاته بنسبة 0.46 في المائة، ليصل إلى 97.408 مدعوماً بتزايد الطلب على العملة الأميركية بصفتها ملاذاً آمناً، في ظل ترقّب المستثمرين أي تطورات مفصلية على صعيد التوترات التجارية العالمية. وقال كبير متداولي العملات الأجنبية في شركة «كونفيرا»، جيمس كنيفتون: «من المرجح أن نشهد تقلبات كبيرة في الأسواق بمجرد انتهاء مهلة الرسوم وإعلان واشنطن عن مستويات جديدة للتعريفات الجمركية. لكن في الوقت نفسه، قد يكون التأثير أقل حدة هذه المرة، كون المقترحات الحالية متوقعة إلى حد كبير، والأسواق بدأت تأخذ في الحسبان احتمال تمديد جديد للمهلة».

نتنياهو: يمكننا التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين ولكن الأمن سيبقى بأيدينا
نتنياهو: يمكننا التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين ولكن الأمن سيبقى بأيدينا

الغد

timeمنذ 2 ساعات

  • الغد

نتنياهو: يمكننا التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين ولكن الأمن سيبقى بأيدينا

اضافة اعلان وأضاف نتنياهو: "بحثت مع وزير الخارجية الأميركي التحديات المشتركة التي نواجهها على الصعيدين الإقليمي والدولي".وأعرب عن "امتنان جميع الإسرائيليين وإعجابهم بقيادة ترامب للعالم الحر".وتابع نتنياهو: "طواقمنا معا توفر فريقا رائعا والرئيس ترامب يرسم السلام في المنطقة".وأردف: "الرئيس ترامب تحدث عن حرية الاختيار وإذا أراد سكان من قطاع غزة المغادرة لهم ذلك ومن أراد يمكنه البقاء".وقال نتنياهو: "بإمكان الفلسطينيين حكم أنفسهم ولكن ليس تهديدنا"، وكذلك "بإمكاننا تحقيق سلام واسع في الشرق الأوسط يشمل كل جيراننا".وأضاف: "يمكننا التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين الذين لا يريدون تدميرنا ولكن الأمن سيبقى بأيدينا".

ترامب: آمل ألا نضطر إلى شن ضربة أخرى على إيران
ترامب: آمل ألا نضطر إلى شن ضربة أخرى على إيران

الوكيل

timeمنذ 2 ساعات

  • الوكيل

ترامب: آمل ألا نضطر إلى شن ضربة أخرى على إيران

03:05 ص ⏹ ⏵ تم الوكيل الإخباري- قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فجر الثلاثاء، إنه يأمل أن لا يضطر إلى شن ضربة أخرى على إيران. اضافة اعلان جاء ذلك خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض. وقال ترامب: "حددنا موعدا للمحادثات مع إيران". وبشأن الرسوم الجمركية قال ترامب : "مهلة أول أغسطس صارمة لكننا منفتحون على أفكار أخرى".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store