
إستثمار بالثقة قبل رأس المال*د. رعد محمود التل
يقود جلالة الملك مسارًا استراتيجيًا لافتًا من خلال زياراته وخطاباته الخارجية، في سعيه لتعزيز موقع الأردن كوجهة استثمارية تعتمد على الثقة كأصل اقتصادي، يُبنى عليه رأس المال لاحقًا. فالمستثمرون في عالم اليوم لا يبحثون فقط عن الحوافز المالية أو الامتيازات الضريبية، بل يضعون في مقدمة أولوياتهم الاستثمار في بيئات سياسية واقتصادية مستقرة وقابلة للتنبؤ. ومن خلال هذا التوجه الملكي، لا يقدّم الأردن نفسه كمجرد سوق أو ممر عبور، بل كشريك موثوق في قطاعات متنوعة.
بهذا المعنى وضمن هذا الإطار، جاءت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى مقر صندوق تقاعد موظفي القطاع العام في ولاية كاليفورنيا، كجزء من دبلوماسية اقتصادية تستند إلى الثقة كمدخل رئيسي لجذب رأس المال العالمي. حيث يعد هذا الصندوق أكبر صندوق تقاعد في الولايات المتحدة بأصول تتجاوز 500 مليار دولار، يشكل منصة استراتيجية لترويج فرص الاستثمار في الأردن أمام كبار المستثمرين وصنّاع القرار المالي على المستوى الدولي.
هذه الزيارة لا يمكن فصلها عن السياق الأوسع الذي يتحرك فيه الاقتصاد الأردني، إذ تأتي في لحظة إقليمية تتسم بالتحديات الجيوسياسية، وفي ظل تباطؤ اقتصادي عالمي وتغيرات في أنماط سلاسل التوريد والاستثمار. مقابل ذلك، يتحرك الأردن لتثبيت موقعه كمركز جاذب للاستثمار، مستندًا إلى خطاب اقتصادي تقوده القيادة العليا، ويرتكز على مقومات محلية صلبة، وإصلاحات داخلية متسارعة، وانفتاح مدروس على الأسواق العالمية.
خلال الجلسة الرئيسية للملتقى الذي نظمه الصندوق، عرض جلالة الملك تصورًا استراتيجيًا للاقتصاد الأردني قائمًا على التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، في توازن دقيق بين الإصلاح الداخلي والانفتاح الخارجي. هذا الربط المتكامل يشير إلى قناعة بأن البيئة الاستثمارية لا تُبنى فقط بالتشريعات، بل بالاستقرار السياسي، وفعالية المؤسسات، والثقة العامة بالمسار الإصلاحي.
من الناحية الاقتصادية، أبرز جلالة الملك مجموعة من المزايا التنافسية التي تؤهل الأردن ليكون شريكًا جاذبًا في المنطقة، مثل الموقع الجغرافي الوسيط، والقطاع المالي المنظم، واتفاقيات التجارة الحرة التي تفتح الوصول إلى أكثر من مليار مستهلك حول العالم. إلا أن الأهم هو أن الخطاب الملكي تجاوز هذه النقاط التقليدية، وركّز على القطاعات عالية القيمة، مثل الطاقة المتجددة، والغاز، والمعادن، والزراعة الذكية. هذا التحول يعكس توجّهًا واضحًا نحو اقتصاد إنتاجي عالي التقنية، يستهدف القيمة المضافة لا فقط الكلف التنافسية.
في المقابل، لم يُغفل جلالة الملك الحديث عن التحديات، خصوصًا ما يتعلق بالأوضاع الإقليمية المحيطة، والتي تفرض ضغوطًا على الاقتصادات الصغيرة. لكن ما تم تقديمه في اللقاء لم يكن خطاب تبرير، بل تأكيد على أن الأردن، رغم تلك الضغوط، استطاع الحفاظ على استقراره، ومواصلة إصلاحاته، والاحتفاظ بموقعه كشريك آمن في منطقة تعاني من التذبذب.
ركيزة أساسية أخرى في الخطاب الملكي تمثلت في التركيز على رأس المال البشري. إذ شدد جلالته على أن الاستثمار في الشباب وتطوير مهاراتهم يمثل أولوية وطنية، من خلال التعليم المهني والتقني المتخصص في مجالات التكنولوجيا، والهندسة، والطاقة، والصناعة، والصحة. من منظور اقتصادي، فإن هذا التوجه يمثل استثمارًا طويل الأجل في تحسين الإنتاجية ورفع قدرة الاقتصاد على جذب استثمارات نوعية تعتمد على الكفاءات المحلية.
ما يميز هذا التحرك أن جلالة الملك يمارس دورًا مباشرًا في الترويج للاقتصاد الأردني، هذا الحضور القيادي في مشهد الاستثمار العالمي يعزز من مصداقية الأردن في نظر المستثمرين، ويعطي إشارة بأن الدولة بكل مؤسساتها ملتزمة بتوفير بيئة أعمال مستقرة، وعادلة، وشفافة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
برلين: سنتخذ قرار تزويد كييف بمنظومتي باتريوت خلال «أيام أو أسابيع»
برلين - قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بعد محادثات مع نظيره الأميركي بيت هيغسيث، إن برلين وواشنطن ستتخذان قرارا بشأن إرسال منظومتي دفاع جوي أميركيتَي الصنع من طراز باتريوت إلى كييف في غضون أيام أو أسابيع.وعرضت ألمانيا شراء وحدات من منظومة باتريوت الأميركية لتزويد أوكرانيا بها، والتي تعرضت خلال الأسابيع الماضية لبعض من أعنف الهجمات الروسية في الحرب.وقال بيستوريوس في واشنطن إن المحادثات ستستمر على مستوى العمل لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل، مثل عدد القاذفات والصواريخ التي قد يشملها الاتفاق.وأضاف أنه بعد التوصل إلى اتفاق، يمكن إرسال أول وحدة من منظومة باتريوت إلى أوكرانيا في غضون أشهر. وأحجم عن التعليق بشأن ما إذا كانت المحادثات قد تناولت تقديم أسلحة هجومية لكييف.وحظي بيستوريوس باستقبال حار بعد أن أصبحت ألمانيا في الآونة الأخيرة لاعبًا رئيسيًا في أكبر عملية تعزيز عسكري لحلف شمال الأطلسي منذ الحرب الباردة، بعد تخلف في الإنفاق الدفاعي عن باقي الدول على مدى عقود.ومع شعور المسؤولين الأوروبيين بالقلق من احتمال شنّ روسيا هجومًا عليهم في المستقبل، واستعدادهم لتبعات تراجع أعداد القوات الأميركية، خففت ألمانيا من القيود التي يضعها الدستور على الديون حتى يتسنى لها تلبية هدف الإنفاق العسكري الأساسي الجديد لحلف شمال الأطلسي وهو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2029.وستؤدي هذه الخطوة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي في ألمانيا إلى 162 مليار يورو (189 مليار دولار) في 2029، ارتفاعًا من 95 مليار يورو في مشروع الموازنة لعام 2025.ولم يتمكن بيستوريوس من استيضاح ما إذا كانت واشنطن لا تزال ملتزمة بنشر صواريخ بعيدة المدى مؤقتًا في ألمانيا اعتبارًا من 2026، كما تم الاتفاق عليه في عهد الرئيس السابق جو بايدن. وقال: «أثق كثيرًا في أن اتفاق العام الماضي لا يزال ساريًا، لكننا لا نزال ننتظر قرارًا نهائيًا»، مضيفًا أن عملية النشر قيد المراجعة. وانتقدت روسيا هذه الخطط واعتبرتها تهديدًا خطيرًا لأمنها القومي، ورفضت مخاوف حلف شمال الأطلسي من إمكانية مهاجمتها أحد أعضائه.ومن بين القضايا الرئيسية الأخرى التي تناولتها محادثات بيستوريوس في واشنطن، المراجعة الجارية لوضع القوات الأميركية في أنحاء العالم، بما قد يسفر عن خفض عدد القوات في أوروبا، حيث يوجد نحو 80 ألف جندي أميركي، نحو 40 ألفًا منهم في ألمانيا.ويحث الحلفاء الأوروبيون واشنطن على ضمان التنسيق عند أي تخفيض في عدد القوات الأميركية، لمنع حدوث ثغرات قد تجعل أعضاء حلف شمال الأطلسي عرضة لعدوان روسي.وقال بيستوريوس إن هيغسيث وافق على اتباع نهج منسق وشفاف في حال سحبت الولايات المتحدة قواتها بالفعل من القارة. وكالات

عمون
منذ 2 ساعات
- عمون
رئيس الوزراء الفرنسي يقترح تجميد الإنفاق وإلغاء عطلتين لخفض الميزانية
عمون - اقترح رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو إلغاء عطلتين رسميتين وتجميد معظم الإنفاق العام ضمن تدابير كشف عنها الثلاثاء لخفض الميزانية 43.8 مليار يورو (50.88 مليار دولار). وتتضمن خطة بايرو تجميد الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والشرائح الضريبية في 2026 عند مستويات 2025، دون حتى تعديلها في ضوء التضخم، وهو ما سارع ساسة من اليسار ومن اليمين المتطرف بانتقاده. ومع ذلك، سيزداد الإنفاق الدفاعي. وسجلت فرنسا عجزا في الميزانية 5.8%من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، أي ما يقرب من مثلي الحدّ الرسمي للاتحاد الأوروبي البالغ 3% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ أعاقت الأزمة السياسية أربع حكومات متعاقبة عن معالجة الانخفاض غير المتوقع في الدخل الضريبي والزيادة في الإنفاق للعام الثاني. وقال بايرو إن هناك ببساطة الكثير من العطلات الرسمية في شهر أيار، ويجب على الفرنسيين العودة إلى العمل في ذلك الشهر، مضيفا أن هذا سيعني إيرادات إضافية تبلغ عدة مليارات من اليورو للدولة، حيث سيعمل الجميع أكثر وينتجون أكثر. وقالت زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني مارين لوبان عبر منصة إكس "هذه الحكومة تفضل مهاجمة الشعب الفرنسي والعاملين والمتقاعدين على القضاء على الهدر". وأضافت "إذا لم يقم فرانسوا بايرو بمراجعة خططه، سنصوت على اقتراح بحجب الثقة عنه". كما ندّدت الأحزاب اليسارية باقتراح بايرو. وقال زعيم الحزب الاشتراكي أوليفيه فور، الذي ساعد حزبه بايرو على إقرار ميزانية 2025 "هذه ليست خطة إنعاش وإنما خطة هدم للنموذج (الاجتماعي) الفرنسي". (الدولار = 0.8608 يورو)


الوكيل
منذ 3 ساعات
- الوكيل
انخفاض مؤشر داو جونز الأميركي بأكثر من 400 نقطة
الوكيل الإخباري- انخفض اليوم مؤشر "داو جونز" الصناعي، 436 نقطة ليتراجع إلى 44023 نقطة، فيما ارتفع مؤشر نازداك، الذي يركز على التكنولوجيا الثقيلة، 37 ليصل إلى 20677 نقطة. اضافة اعلان وانخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز" (S&P 500) نحو 24 نقطة، ليصل إلى 6243 نقطة. إلى ذلك، انخفض قليلا، سعر النفط الأميركي"وست تكساس"، ليصل إلى 66.65 دولار للبرميل الواحد.