logo
ما بعد صهيونية الإبادة: مصيدة اليهودي العاقّ

ما بعد صهيونية الإبادة: مصيدة اليهودي العاقّ

جزايرسمنذ يوم واحد
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بقلم: صبحي حديدي
أن يكون أمثال نورمان فنكلستين أو إيلا شوحات أو آفي شلايم أو إيلان بابيه أصحاب آراء معارضة أو رافضة أو انتقادية إزاء الفكر الصهيوني والسياسات الإسرائيلية أمر يُلقي بهم مباشرة في خانة اليهود كارهي الذات طبقاً للتصنيف الصهيوني الذي تعتمده أيضاً مجموعات الضغط المناصرة لدولة الاحتلال هنا وهناك وفي أوروبا والولايات المتحدة خصوصاً. ولسوف تنتظرهم تصنيفات أخرى أشدّ تأثيماً وإقصاءً إذا ذهب تضامنهم مع حقوق الشعب الفلسطيني إلى مستوى إدانة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بعد 1967 وتثبيت سردية النكبة والتهجير وتدمير مئات القرى والبلدات وبالتالي مراجعة الكثير من عناصر التلفيق في السردية الصهيونية عن اغتصاب فلسطين.الأمر بات مألوفاً وكلاسيكياً ومتكرراً إذن إلى درجة لم تعد تبعث حتى على تثاؤب الملل أو دهشة الحدود الدنيا كلما دخلت ضحية يهودية جديدة إلى صالة التأثيم. ما خلا أنّ التنويعات على رياضة التجريم تلك تأخذ بين الحين والآخر وجهة الإياب إلى تاريخ سابق على تأسيس الرياضة وإلى مناخات وتيارات وأوساط يهودية تعود إلى مئات السنين ولا صلة مباشرة تحيلها إلى صهيونية حرب الإبادة الإسرائيلية الراهنة في قطاع غزّة.المثال الأحدث هو رجوع الكاتب الصهيوني عوديد كوهن فاران (المقيم في تبليسي جورجيا!) إلى الفيلسوف الألماني اليهودي تيودور لسنغ (1872-1933) لإعادة تأطير تهمة كراهية الذات اليهودية وإعادة توزيعها كيفما اتفق على يهود يتخذون هذا القسط الانتقادي أو ذاك من مآلات الصهيونية المعاصرة عموماً وتجلياتها الفعلية في السياسات الإسرائيلية الراهنة خصوصاً.
صحيح بالطبع أن لسنغ أصدر في سنة 1930 كتابه كراهية الذات اليهودية الذي ساجل ضدّ ظاهرة مثقفين يهود حرّضوا على العداء للسامية ضدّ الشعب اليهودي واعتبروا اليهودية مصدر الشرّ في العالم . ولكن الصحيح الآخر الذي يتغافل عنه فاران وسواه هو أنّ ذلك الفيلسوف كان صهيونياً شرساً ومشاكساً وعدوانياً وخصوماته مع الآخرين تجاوزت حدود الخلاف الفكري أو السياسي أو الفلسفي أو الأدبي (كما في نزاعه مع الروائي الألماني الكبير توماس مان أو جمهورية فايمار أو مزالقه الأكاديمية). هذا عدا عن أنه في ربيع 1931 قام برحلة طويلة إلى مصر وفلسطين واليونان حيث اكتشف مسير أبناء إسرائيل إلى أرض الميعاد وتغنى بالمطامع الصهيونية الاستيطانية في أرض فلسطين وكتب سلسلة رسائل سوف توضع لاحقاً في صلب أدبيات صقور الصهيونية.
وما دام المرء في سياقات ألمانيا خلال تلك الحقبة فلعلّ النموذج الأوضح على ضحايا تأثيم اليهود لأبناء جلدتهم وديانتهم يظلّ كريستيان يوهان هنريش هاينه الذي تتلمذ على يد هيغل وصادق ماركس والشاعر الذي لا يكفّ الألمان عن تلاوة قصائده الغنائية البديعة خصوصاً تلك التي تحوّلت إلى مقطوعات موسيقية على يد موسيقيين كبار من أمثال شومان وشوبيرت ومندلسون. وكان الرجل قد صُنّف في خانة اليهودي العاقّ ليس بسبب ارتداده عن الديانة واعتناقه المسيحية فحسب بل لأنه أطلق العبارة الشهيرة: اليهودية ليست ديانة. إنها كارثة . أكثر من ذلك يتابع ناصبو مصائد التأثيم كتب مسرحية بعنوان المنصور يروي فيها تفاصيل اضطهاد المسلمين في إسبانيا أيّام محاكم التفتيش ويسكت عن اضطهاد اليهود في المكان ذاته والفترة ذاتها.
وكما تغافل فاران عن صهيونية لسنغ يتغافل خبراء سبر كراهية اليهودي لذاته عن حقيقة أنّ هاينه اعتنق المسيحية مكرهاً لا راغباً وأنّ السلطات النازية فهمت هذه الحقيقة فوضعت أعماله في عداد 25 ألف كتاب أُحرقت في برلين سنة 1933. وفي جوهر رياضة التأثيم هذه ثمة ذلك الشغف الصهيوني المَرَضي إلى احتكار موقع الضحية حتى في صفوف بعض بناتها وأبنائها بل هؤلاء أوّلاً ربما!

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تأسيس 'الجمعية المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية'
تأسيس 'الجمعية المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية'

حدث كم

timeمنذ 33 دقائق

  • حدث كم

تأسيس 'الجمعية المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية'

تأسست، مؤخرا بالرباط، 'الجمعية المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية'، وذلك بمبادرة من أساتذة باحثين بمختلف كليات العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، وخبراء وأطر إدارية بمجموعة من المؤسسات الوطنية. وتمت خلال الجمع العام للجمعية، الذي انعقد نهاية الأسبوع، مناقشة مشروع القانون الأساسي والمصادقة عليه، وانتخاب رئيس مكتب الجمعية وأعضائه. وجرى انتخاب أحمد أجعون، رئيسا للجمعية، ومحمد المودن نائبا له، وعبد الكريم حيضرة كاتبا عاما، والحسين الرامي نائبا للكاتب العام، وعبد الرحيم أضاوي أمينا للمال، وفاتحة البوشتاوي نائبة لأمين المال، بالإضافة إلى حسن صحيب، والشريف الغيوبي، والحسن الشركيلي، وعبد الغني الشاوي، وهشام زوبير كمستشارين. وأبرز المؤسسون أن الجمعية منظمة غير حكومية تستند إلى مبادئ الكونية والديمقراطية والاستقلالية، وتعمل على تحقيق منفعة عامة في الحقل القانوني والقضائي، ساعية الى تطوير العمل الأكاديمي في المادة الإدارية، والانفتاح على محيطها سواء أشخاص للقانون العام أو القانون الخاص، وتكوين رصيد علمي متميز يشكل قاعدة تضمن الاستدامة المعرفية. وسيعمل هذا الإطار الجمعوي على تنمية الدراسات وتشجيع الأبحاث حول القانون الإداري والعلوم الإدارية، وتشجيع التأليف والنشر في مواضيع تخص القانون الإداري وعلم الإدارة، للنهوض بالأعمال الفقهية والدراسات المتصلة بالاجتهاد القضائي، والمساهمة في دعم وتكريس المكتسبات الإدارية التي شهدها المغرب، وفسح المجال للباحثين في العلوم الاجتماعية لنشر أبحاثهم ودراساتهم الأكاديمية في مجالات تدخل الجمعية. كما تتوخى إغناء المكتبة المغربية بالبحوث الأكاديمية في مجالات تدخلها، مع العمل على تطوير وتقوية كفاءات وقدرات الفاعلين الإداريين والمنتخبين على المستوى الوطني والترابي، واستثمار البحث العلمي والميداني في دعم صناع القرار في مختلف المجالات الإدارية والفعل العمومي، وخلق مدرسة للقانون الإداري المغربي متعددة الرؤى، وذلك بالمساهمة في تطوير الدرس في القانون الإداري والمنازعات الإدارية، من خلال استثمار النماذج المقارنة وملاءمتها مع الخصوصية المغربية. وتشمل أهداف الجمعية تتبع كل المقتضيات التشريعية والتنظيمية الصادرة، وإنشاء قاعدة بيانات تضم قراءات وتقارير تبسط المعلومة القانونية في المجال الإداري، وتعزيز قيم التعاون مع الجمعيات وأي جهة وطنية أو دولية تهتم بالتبادل الثقافي والعلمي المرتبط بالقانون الإداري والعلوم الإدارية، بالإضافة إلى السعي نحو مواكبة التطورات التكنولوجية واستشراف مستقبل نظريات القانون الإداري.

رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري تستقبل وفدا عن منظمة التحرير الفلسطينية
رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري تستقبل وفدا عن منظمة التحرير الفلسطينية

حدث كم

timeمنذ 33 دقائق

  • حدث كم

رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري تستقبل وفدا عن منظمة التحرير الفلسطينية

استقبلت رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لطيفة أخرباش، اليوم الأربعاء بالرباط، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني، أحمد التميمي، وذلك على هامش زيارة العمل التي يقوم بها للمغرب من 14 إلى 18 يوليوز الجاري، على رأس وفد فلسطيني رفيع المستوى. وذكر بلاغ للهيئة أن السيدة أخرباش أعربت، خلال هذا اللقاء الذي حضره كذلك المدير العام للهيئة بنعيسى عسلوان، عن التضامن الراسخ والثابت لسائر مكونات الشعب المغربي مع الشعب الفلسطيني الشقيق، المستلهم والمستمد من الجهود المتبصرة والمبادرات النبيلة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الداعمة للقضية الفلسطينية والساعية إلى التخفيف من معاناة الفلسطينيين. كما ذكرت، يضيف المصدر ذاته، بأن الإعلام، واعتبارا لأثره الجماهيري وسلطته الديداكتيكية، يظل واجهة أساسية ليس فقط لإبراز حقائق مأساة الشعب الفلسطيني الشقيق، بل أيضا لمساءلة المجتمع الدولي والرأي العام العالمي حول المعايير الكونية والإنسانية التي يتم التعامل بها مع هذه المأساة وما يرافقها من انتهاكات جسيمة لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ولكافة مبادئ حقوق الإنسان. وأوضحت رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أن 'تناول وسائل الإعلام العالمية، ولا سيما الغربية، للقضية الفلسطينية يتميز بتقديم سردية إعلامية مجتزأة وغير عادلة عن فلسطين والفلسطينيين'، مشيرة إلى أنه تزداد حدة وأثر المعايير المزدوجة المعتمدة في المعالجة الإعلامية للقضية الفلسطينية، لاسيما في جوانبها الحقوقية، داخل الفضاء العمومي الرقمي الشمولي المتسم بهيمنة المنصات الرقمية العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي. من جهة أخرى، أبرزت السيدة أخرباش الانتداب المؤسسي للهيئة العليا في مجال تعزيز القيم الديموقراطية وإشاعة ثقافة حقوق الانسان في المضامين الإعلامية، لاسيما ضمان التعبير التعددي عن تيارات الفكر والرأي وصون التنوع الثقافي والبشري واللغوي، خدمة للمصلحة العامة ودعما لبناء مجتمع مبني على التماسك الاجتماعي وقيم العيش المشترك. كما أكدت استعداد الهيئة العليا للإسهام في كل مجهود جماعي داخل المنتظم الإعلامي الدولي يروم تعزيز الأخلاقيات والممارسات المهنية الفضلى في معالجة القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية وتفادي أن يكون الإعلام جزءا من المشكل حين يستعمل كأسلحة في حروب هجينة. من جهته، أشاد السيد التميمي بالدعم الدائم والمحوري للمملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، للقضية الفلسطينية. كما ثمن العمل المتفرد الذي تقوم به الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والذي يرتكز على منطلقات وغايات ديموقراطية وحقوقية بحتة، معربا عن رغبته في إرساء علاقات تعاون مثمرة تتيح الاستفادة من التجربة المغربية في مجال تقنين الإعلام. وحضر هذا اللقاء كل من عضو اللجنة التنفيدية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة المغتربين، فيصل كامل العرنكي، ووكيل دائرة حقوق الانسان والمجتمع المدني منسق عام التحالف الدولي للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وحماية حق العودة، قاسم علاء الدين عواد، ووزير العدل السابق محمد فهاد صبري الشلالدة، ومدير عام العلاقات الدولية في دائرة العلاقات الدولية بمنظمة التحرير الفلسطينية، أنيس يونس سليم سويدان. وفي ختام هذه الزيارة، أجرى الوفد الفلسطيني زيارة إلى بعض مصالح وأقسام الهيئة العليا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store